الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ استنصات العالم والواعظِ حاضري مجلسِه ليتوَفَّروا على استماعِه:
1651-
رَوَيْنَا في صحيحي البخاري [رقم: 4405]، ومسلم [رقم: 65] ؛ عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال لي النبيّ صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: "اسْتَنْصِتِ الناسَ"، ثم قال:"لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بعض".
بابُ ما يقولهُ الرجلُ المُقتدى به إذا فعل شيئاً في ظاهرهِ مخالفةٌ للصوابِ مع أنهُ صوابٌ:
1652-
اعلم أنهُ يستحبُ للعالم والمعلّم والقاضي والمفتي والشيخ المربّي، وغيرهم ممّن يقتدى به ويؤخذ عنه؛ أن يجتنب الأفعالَ والأقوالَ والتصرّفات التي ظاهرها خلافُ الصوابِ، وإن كان محقّاً فيها؛ لأنهُ إذا فعلَ ذلكَ ترتَّبَ عليهِ مفاسدُ، من جملتها: توهم كثيرٍ ممّن يعلمُ ذلك منه أن هذا جائزٌ على ظاهرهِ بكُل حالٍ، وأن يبقى ذلك شرعاً، وأمراً معمولاً به أبداً، ومنها وقوعُ الناسِ فيهِ بالتنقصِ، واعتقادُهم نقصهُ، وإطلاقُ ألسنتهم بذلك؛ ومنها: أن الناس يُسيئون الظنّ به، فينفرون عنهُ، ويُنَفِّرون غيرهم عن أخذ العلم عنهُ، وتَسقط رواياتهُ وشهادتهُ، ويبطُل العملُ بفتواهُ، ويذهبُ ركونُ النفس إلى ما يقولهُ من العلوم، وهذه مفاسد ظاهرةٌ؛ فينبغي له اجتناب أفرادها،
فكيف بمجموعها؟ فإن احتاج إلى شيءٍ من ذلك، وكان محقّاً في نفس الأمر لم يظهرهُ، فإن أظهرهُ أو ظهرَ أو رأى المصلحةَ في إظهاره ليعلم جوازهُ، وحكمُ الشرع فيهِ، فينبغي أن يقولَ: هذا الذي فعلتُه ليس بحرامٍ، أو إنما1 فعلتهُ لتعلموا أنه ليس بحرامٍ إذا كان على هذا الوجهِ الذي فعلتهُ، وهو كذا وكذا، ودليلهُ كذا وكذا.
1653-
رَوَيْنَا في صحيحي البخاري [رقم: 917]، ومسلم [رقم: 544] ؛ عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه، قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قامَ على المنبرِ، فكبَّرَ وكبر الناسُ وراءهُ، فقرأ وركع، وركع الناس خلفه، ثم رفع، ثم رجع القهقرى، فسجد على الأرض، ثم عادَ إلى المنبر حتى فرغَ من صلاتِه، ثم أقبلَ على الناس، فقال:"أيُّها النَّاسُ! إنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلاتي".
1654-
والأحاديثُ في هذا البابِ كثيرةٌ، كحديثِ:"إنَّهَا صَفِيَّةُ"[البخاري، رقم: 2038؛ مسلم، رقم: 2175] .
1655-
وفي البخاري [رقم: 1615] : أن عليّاً رضي الله عنه شربَ قائماً، وقال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فعلَ كما رأيتموني فعلتُ2.
والأحاديثُ والآثارُ في هذا المعنى في الصحيح مشهورةٌ.
1 في نسخة: "وإنما".
2 في نسخة: "كما رأيتموني أفعل".