الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلو تركه عمداً أو سهواً لا تبطلُ صلاته، ولا يأثمُ، ولا يسجد للسهو. وذهب الإِمام أحمد بن حنبل وجماعة إلى أنه واجبٌ، فينبغي للمصلي المحافظة عليه للأحاديث الصريحة الصحيحة في الأمر به، كحديث ابن عباس رضي الله عنهما:"أما الركوع فعظموا فيه الرب"[مسلم، رقم: 479] وغيره مما سبق [في هذا الفصل] ، وليخرج عن خلاف العلماء رحمهم الله؛ والله أعلم.
82-
فصل [في حكم القراءة في الركوع] :
307-
تكره قراءةُ القرآن في الركوع والسجود، فإن قرأ غير الفاتحة لم تبطل صلاتُه، وكذا لو قرأ الفاتحة لا تبطل صلاته على الأصحّ؛ وقال بعض أصحابنا: تبطلُ.
308-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 480] ، عن علي رضي الله عنه، قال: نهاني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ راكعاً أو ساجداً.
309-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 479] أيضاً، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"ألا وَإني نهيتُ أنْ أقْرأ القُرآنَ رَاكِعاً أوْ ساجدًا".
باب ما يقوله في [حال] رفعِ رأسِه من الركوع، وفي اعتدالِه:
310-
والسنَّة أن يقول حال رفع رأسه: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حمدهُ؛ ولو قال: من حمدَ الله سمع لهُ؛ جاز، نصَّ عليه الشافعي في "الأمّ"[112/1] ؛ فإذا استوى قائماً، قالَ: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَمِلْءَ الأرْضِ، وَمِلْءَ ما بَيْنَهُما، وَمِلْءَ ما شئت من شيء بعدُ،
أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العَبْدُ، وكلنا لَكَ عَبْدٌ، لا مانِعَ لما أعطيت، ولا مُعْطِيَ لِمَا منعتَ، ولا ينفعُ ذا الجد منك الجد.
311-
وروينا في صحيحي البخاري [رقم: 874]، ومسلم [رقم: 392] ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سَمِعَ اللََّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ" حين يرفع صلبه من الركوع، ثم يقول وهو قائم:"رَبَّنا لَكَ الحَمْدُ".
وفي روايات: "ولَكَ الحَمْدُ" بالواو، وكلاهما حسن.
وروينا مثله في "الصحيحين" عن جماعة من الصحابة.
312-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 476]، عن عليٍّ وابن أبي أوفى رضي الله عنهم؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه قال:"سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنا لك الحمد، ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد".
313-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 477]، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال:"اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ، وَمِلْءَ ما شئت من شيء بَعْدُ، أهْلَ الثَّناءِ والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لَكَ عَبْدٌ؛ اللَّهُمَّ لا مانِعَ لِمَا أعطيت، ولا معطي لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ".
314-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 478] أيضاً، من رواية ابن عباس رضي الله عنهما:"ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيءٍ بعد".
315-
وروينا في "صحيح البخاري"[رقم: 779] ، عن رفاعة بن رافع الزرقي رضي الله عنه، قال: كنا يوماً نصلي وراء النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة، قال:"سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حمدهُ"، فقال رجل وراءه: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبارَكاً فِيهِ، فلما انصرف، قال:"مَن المُتَكَلِّمُ"؟ قال: أنا، قال:"رأيتُ بضعة وثلاثين ملكًا يَبْتَدِرُونَها، أيُّهُمْ يَكْتُبُها أول".
84-
فصل [في الجمع بين الأذكار الواردة] :
316-
اعلم أنه يُستحبّ أن يجمع بين هذه الأذكار كلها على ما قدّمناه في أذكار الركوع [رقم: 305] ، فإن اقتصر على بعضها، فليقتصرْ على: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد. فإن بالغَ في الاقتصار اقتصر على: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد. فلا أقلّ من ذلك.
317-
واعلم أن هذه الأذكار كلها مستحبة للإِمام والمأموم والمنفرد، إلا أن الإِمام لا يأتي بجميعها، إلا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يُؤثرون التطويل.
318-
واعلم أن هذا الذكر سنّة ليس بواجب، فلو تركه كُرِهَ له كراهةَ تنزيه، ولا يسجدُ للسهو، ويُكره قراءةُ القرآن في هذا الاعتدال، كما يُكره في الركوع والسجود؛ والله أعلم.