الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
373-
فصل [حُكم تقبيلِ يد الْغَيْرِ وَخَدِّه] :
1327-
إذا أرادَ تقبيلَ يد غيرهِ، إن كان ذلك لزهدهِ وصلاحه، أو علمه، أو شرفه وصيانته، أو نحو ذلك من الأمور الدينية لم يُكره، بل يُستحبّ، وإن كان لغناهُ ودنياهُ وثروته وشوكته، ووجاهته عند أهل الدنيا، ونحو ذلك، فهو مكروهٌ شديدُ الكراهةِ. وقال أبو سعد المتولّي من أصحابنا: لا يجوزُ؛ فأشار إلى أنه حرامٌ.
1328-
رَوَيْنَا في "سنن أبي داود"[رقم: 5225] ، عن زارع رضي الله عنه، وكان في وفد عبد القيس؛ قال: فجعلْنا نتبادرُ من رواحلنا، فنقبِّلُ يدَ النبيّ صلى الله عليه وسلم ورِجلهُ.
قلتُ: زارع، بزايٍ في أوَّلهِ وراءٍ بعد الألفِ، على لفظِ زارعِ الحنطةِ وغيرها.
1329-
وَرَوَيْنَا في "سنن أبي داود" أيضاً [رقم: 5223]، عن ابن عمر رضي الله عنهما قصةً قال فيها: فدنونا -يعني: من النبيّ صلى الله عليه وسلم فقَبَّلنا يده.
1330-
وأما تقبيل الرجُل خدَّ ولده الصغير، وأخيه، وقبلةُ غير خدهِ من أطرافه ونحوها على وجه الشفقة والرحمة واللطف ومحبة القرابة، فسُنّةٌ.
1331-
والأحاديث فيه كثيرةٌ صحيحةٌ مشهورةٌ، وسواءٌ الولد الذكر والأنثى، وكذلك قبلته ولد صديقه، وغيره من صغار الأطفال على الوجه. وأما التقبيلُ بالشهوة فحرام بالاتفاق. وسواءٌ في ذلك الولد وغيرهُ، بل النظر إليه بالشهوة حرامٌ بالاتفاق على القريب والأجنبي.
1332-
وروينا في صحيحي البخاري [رقم: 5997]، ومسلم [رقم: 2319] ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قَبَّلَ النبيّ صلى الله عليه وسلم الحسنَ بن عليّ رضي الله عنهما، وعنده الأقرعُ بن حابس التميمي، فقال الأقرعُ: إن لي عشرةً من الولد ما قبلتُ منهم أحداً؛ فنظرَ إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرحمُ".
وروينا في صحيحيهما [البخاري، رقم: 5998؛ ومسلم، رقم: 5317] ، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قدم ناسٌ من الأعرابِ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: تُقبلُونَ صبيانَكم؟ فقالوا: نعم، قالوا: لكنَّا والله ما نُقبلُ؛ فقالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "أَوَأَمْلك أنْ كانَ اللَّهُ تَعالى نَزَعَ مِنْكُمُ الرَّحْمَةَ"؟، هذا لفظ إحدى الروايات، وهو مروي بألفاظ.
1334-
وَرَوَيْنَا في "صحيح البخاري"[تعليقًا في 78 كتاب الأدب، 18 باب رحمة الولد وتقبيله] وغيره، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: أخذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ابنهُ إبراهيم فَقَبَّلَهُ وشَمَّهُ. [وإبراهيم ابنه صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية] .
1335-
وَرَوَيْنَا في "سنن أبي داود"[رقم: 5222] ، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: دخلتُ مع أبي بكر رضي الله عنه أوّلَ ما قَدِمَ المدينةَ، فإذا عائشةُ ابنته رضي الله عنها مضطجعةٌ قد أصابتها حُمَّى، فأتاها أبو بكر، فقال: كيف أنتِ يا بنيّة؟ وقبَّل خدَّها.
1336-
وروينا في كُتُب الترمذي [رقم: 2733] ، والنسائي [في "السنن الكبرى" كما في "تحفة الأشراف"، رقم: 4951]، وابن ماجه [رقم: 3705] ؛ بالأسانيد الصحيحة؛ عن صفوان بن عسالٍ الصحابيّ رضي الله عنه -وعَسَّال بفتح العين وتشديد السين المهملتين- قال: قال يهوديّ لصاحبه: اذهب بنا إلى هذا النبيّ، فأتيا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فسألاهُ عن تسعِ آياتٍ بيناتٍ، فذكرَ الحديثَ إلى قوله: فقبَّلوا يدهُ ورجلهُ، وقالا: نشهدُ أنك نبيٌّ.
1337-
وَرَوَيْنَا في "سنن أبي داود"[رقم: 5221]-بالإِسناد الصحيح المليح- عن إِياس بن دغفلٍ، قال: رأيتُ أبا نضرةَ قبّلَ خدّ الحسنِ بن عليّ رضي الله عنهما.