الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ليس بالقائم إسناده1، ولكن اعتضد بشواهد، وبعمل أهل الشام به قديماً.
قال: وأما تلقين الطفل الرضيع فما له مُستند يعتمدُ، ولا نراهُ، والله أعلمُ.
قلتُ: الصوابُ أنه لا يلقنُ الصغيرُ مُطلقًا، سواءٌ كانَ رضيعاً، أو أكبر منه ما لم يبلغ ويَصِر مكلفاً؛ والله أعلم.
1 أخرجه الطبراني في "الكبير" 8/ 298 وفي الدعاء "1214"، وإسناده ضعيف جداً، فيه محمد بن إبراهيم بن العلاء، وهو منكر الحديث، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 45: في إسناده جماعة لم أعرفهم، وقال ابن القيم في "زاد المعاد": فهذا حديث لا يصح رفعه. ولفظ الحديث: عن أبي أمامة، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات أحد من إخوانكم، فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يستوي قاعدًا، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يقول: أرشد رحمك الله، ولكن لا تشعرون فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربًا وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا، وبالقرآن إمامًا؛ فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول: انطلق، ما نقعد عند من قد لقن حجته؛ فيكون الله عز وجل حجيجه دونهما؛ فقال رجل: يا رسول الله! فإن لم يعرف أمه؟ قال: "ينسبه إلى حواء عليها السلام، يا فلان ابن حواء".
بابُ وصيّةِ الميّتِ أنّ يُصلِّيَ عليه إنسانٌ بعينه أو أن يُدفن على صفة مخصوصية وفي مَوْضعٍ مَخصوص، وكذلك الكفنُ وغيرُه من أمورِه التي تُفعل والتي لا تفعل
…
بابُ وصيّةِ الميّتِ أنّ يُصلي عليه إنسانٌ بعينه أو أن يُدفن على صفةٍ مخصوصةٍ وفي مَوْضعٍ مَخصوص، وكذلك الكفنُ وغيرُه من أمورِه التي تُفعل والتي لا تُفعل:
849-
روينا في "صحيح البخاري"[رقم: 1387] ، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخلت على أبي بكر رضي الله عنه -يعني: وهو مريض- فقال: في كم كفّنتم النبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: في ثلاثة أثوابٍ، قال: في أيّ يوم تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين، قال: فأيّ يوم هذا؟ قالت: يوم الاثنين، قال: أرجو فيما بيني وبين الليل، فنظر إلى ثوب عليه كان يمرّض فيه،
به رَدْع من زعفران، فقال: اغسلوا ثوبي هذا، وزيدوا عليه ثوبين، فكفِّنوني فيها، قلتُ: إن هذا خلقٌ، قال: إن الحيّ أحقُ بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة؛ فلم يتوفّ حتى أمسى من ليلة الثلاثاء، ودُفن قَبْلَ أنْ يُصبحَ.
قلت: قولها: "رَدْع"، بفتح الراء، وإسكان الدال، وبالعين المهملات؛ وهو: الأثر. وقوله: "للمهلة"، روي بضم الميم وفتحها وكسرها، ثلاث لغات، والهاء ساكنةٌ؛ وهو: الصديد الذي يتحلل من من بدن الميت.
850-
وروينا في "صحيح البخاري"[رقم: 1392] ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال لما جُرح: إذا أنا قُبِضتُ فاحملوني، ثم سلموا، وقولوا: يستأذنُ عمرُ، فإن أذنتْ لي -يعني عائشةَ- فأدخلوني، وإن ردّتني فردّوني إلى مقابر المُسْلِمِينَ.
851-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 966] ، عن عامر بن سعد ابن أبي وقاص، قال: قال سعد: الحدوا لي لحداً، وانصبوا عليَّ اللبنَ نصباً كما صُنع برسول الله صلى الله عليه وسلم.
852-
وروينا في "صحيح مسلم"[رقم: 121] ، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنه قال، وهو في سياقة الموت: إذا أنا متّ فلا تصحبني نائحةٌ، ولا نارٌ، فإذا دفنتموني فشنّوا عليَّ التراب شناً، ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى أستأنسَ بكم، وأنظر ماذا أراجع به رُسُل ربي.
قلت: قوله: "شنوا"، روي بالسين المهملة وبالمعجمة، ومعناهُ: صبوهُ قليلاً قليلاً. وروينا في هذا المعنى حديث حذيفة المتقدم [رقم: 807] في باب جاوز إعلام أصحاب الميت بموته، وغير ذلك من الأحاديث، وفيما ذكرناه كفايةٌ، وبالله التوفيق.
853-
قلتُ: وينبغي ألا يقلد الميتُ، ويتابع في كلّ ما وصَّى به، بل يعرضُ ذلك على أهل العلم، فما أباحوهُ فُعل، وما لا فلا. وأنا أذكرُ من ذلك أمثلة:
854-
فإذا أوصى بأن يدفن في موضع من مقابر بلدته، وذلك الموضع معدنُ الأخيار، فينبغي أن يُحافظ على وصيته.
855-
وإذا أوصى بأن يصلِّي عليه أجنبي، فهل يُقَدَّم في الصلاة على أقارب الميت؟ فيه خلافٌ للعلماء، والصحيح في مذهبنا أن القريب أولى، لكن إذا كان الموصَى له ممّن يُنسب إلى الصلاح، أو البراعة في العلم مع الصيانة والذكر الحسن، استحبّ للقريب الذي ليس هو في مثل حاله إيثاره رعاية لحقّ الميت.
856-
وإذا أوصى بأن يُدفن في تابوت لم تنقذ وصيته إلا أن تكون الأرض رخوة، أو نديّة يحتاجُ فيها إليه، فتُنفذ وصيّته فيه، ويكون من رأس المال، كالكفن.
857-
وإذا أوصى بأن يُنقل إلى بلد آخر لا تنفّذ وصيّته، فإن النقلّ حرامٌ على المذهب الصحيح المختار الذي قاله الأكثرون، وصرّح به المحققون، وقيل: مكروه. قال الشافعي رحمه الله: إلا أن يكون بقرب مكة، أو المدينة، أو بيت المقدس، فيُنقل إليها لبركتها.
858-
وإذا أوصى بأن يُدفَن تحته مِضربة أو مخدة تحتَ رأسه، أو نحو ذلك لم تُنفذ وصيّته.
859-
وكذا إذا أوصى بأن يُكفن في حرير، فإن تكفينَ الرجال في الحرير حرامٌ، وتكفينُ النساء فيه مكروهٌ وليس بحرامٍ، والخنثى في هذا كالرجل.
860-
ولو أوصى بأن يُكفن فيما زاد على عدد الكفن المشروع، أو في ثوب لا يَستر البدن لا تنفذ وصيّته.
861-
ولو أوصى بأن يُقرأ عند قبره، أو يُتصدّق عنه، وغير ذلك من أنواع القرب، نفذت وصيته إلا أن يقترن بها ما يمنع الشرع منها بسببه.
862-
ولو أوصى بأن تُؤَخَّرَ جنازته زائداً على المشروع لم تنفذ.
863-
ولو أوصى بأن يُبنى عليه في مقبرة مسبلةٍ للمسلمين لم تنفّذ وصيته، بل ذلك حرامٌ؛ والله أعلم.