الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
399-
باب عرض الرجل بنتهُ وغيرها ممن إليه تزويجها على أهلِ الفضلِ والخير ليتزوجُوها:
1445-
رَوَيْنَا في "صحيح البخاري"[رقم: 5122] ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لما تُوفي زوجُ بنتهِ حفصةَ رضي الله عنهما، قال: لقيتُ عُثمانَ، فعرضتُ عليهِ حفصةَ، فقلتُ: إن شئتَ أنكحتكَ حفصة بنتَ عُمرَ، فقالَ: سأنظرُ في أمري؛ فلبثتُ ليالي، ثم لقيني، فقالَ: قد بدا لي ألا أتزوّج يومي هذا؛ قال عمرُ، فلقيتُ أبا بكرٍ الصديقَ رضي الله عنه، فقلتُ: إن شئتَ أنكحتك حفصة بنت عُمرَ؛ فصمتَ أبو بكرٍ رضي الله عنه؛ وذكرَ تمامَ الحديث.
400-
بابُ ما يقولهُ عندَ عقدِ النِّكَاح:
1446-
يُستحب أن يخطبَ بينَ يدي العقدِ خطبةً تشتملُ على ما ذكرناهُ في الباب الذي قبلَ هذا، وتكونُ أطولَ من تلك، وسواءٌ خطبَ العاقدُ أو غيرُه، وأفضلُها ما رَوَيْنَاهُ في "سنن أبي داود" [رقم: 2118] ، والترمذي [رقم: 1105] ، والنسائي [رقم: 3277] ، وابن ماجه [رقم: 1892] ، وغيرها؛ بالأسانيد الصحيحة، عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه، قال: علمنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خطبةَ الحاجةِ: "الحمدُ لِلَّهِ نستعينهُ ونستغفرهُ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا، وسيئات أعمالنا1، مَنْ يهدِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لهُ، ومن يضلل
1 في بعض النسخ بإسقاط: "وسيئات أعمالنا".
فَلا هادِيَ لَهُ؛ وأشْهَدُ أنْ لا إلاه إِلَاّ اللَّهُ، وأشهدُ أَنَّ مُحَمَّداً عبدهُ وَرَسُولُهُ: يا أيُّها الَّذين آمنوا اتقوا اللَّهَ {الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71] ، هذا لفظ إحدى روايات أبي داود.
وفي رواية لهُ أخرى [عند أبي داود، رقم: 2119] بعد قوله و"روسوله": "أرسلهُ بالحَقّ بَشِيراً وَنَذِيراً بَيْنَ يَدَيِ الساعةِ، مَنْ يُطع اللَّه ورسولهُ فَقَدْ رشدَ، وَمَنْ يَعْصِهِما فإنَّهُ لا يضرُ إِلَاّ نفسهُ، وَلا يضرُ اللَّهَ شَيْئاً"، قال الترمذي: حديثٌ حسنٌ.
1447-
قال أصحابُنا: ويُستحبُّ أن يقول مع هذا: أُزوِّجك على ما أمر الله عزوجل ورسوله به من إمساكٍ بمعروفٍ، أو تسريح بإحسان. وأقلّ هذه الخطبة: الحمدُ لِلَّهِ، والصلاةُ على رسُول الله صلى الله عليه وسلم، أُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ؛ والله أعلمُ.
1448-
واعلم أن هذه الخطبة سنّة، لو لم يأتِ بشيء منها صحَّ النكاح باتفاق العلماء. وحُكي عن داود الظاهري رحمه الله، أنهُ قالَ: لا يصحُ، ولكن العلماءَ المحققينَ لا يعدّون خلافَ داودَ خلافاً مُعتبرًا، ولا ينخرقُ الإجماعُ بمُخالفتهِ، والله أعلمُ.
1449-
وأما الزوجُ، فالمذهب المختارُ أنه لا يخطبُ بشيءٍ، بل إذا قال له الوليّ: زوّجتك فلانة، يقولُ متصلاً به: قبلتُ تزويجها؛ وإن شاءَ قال: قبلتُ نكاحَها؛ فلو قال: الحمد لله والصلاةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قبلتُ؛ صحَّ النكاحُ، ولم يضرّ هذا الكلام بين الإِيجاب والقبُولِ؛ لأنه فصلٌ يسيرٌ له تعلقٌ بالعقد. وقال بعضُ أصحابنا: يبطلُ بعد النكاحُ، وقال بعضهُم: لا يبطلُ، بل يُستحبّ أن يأتيَ بهِ، والصوابُ ما قدمناهُ أنهُ لا يأتي به، ولو خالفَ فأتى بهِ لا يبطلُ النكاحُ؛ والله أعلمُ.