الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
72-
فصل [في حكم قراءة السورة بعد الفاتحة] :
268-
ثم بعد الفاتحة يقرأ سورة، أو بعض سورة، وذلك سنّة، لو تركه صحَّتْ صلاتُه، ولا يسجد للسهو، وسواءٌ كانت الصلاة فريضة أو نافلة، ولا يستحبّ قراءة السورة في صلاة الجنازة على أصحّ الوجهين، لأنها مبنية على التخفيف، ثم هو بالخيار؛ إن شاء قرأ سورة، وإن شاء قرأ بعض سورة، والسورة القصيرة أفضلُ من قدرها من الطويلةِ. ويستحبّ أن يقرأ السورة على ترتيبِ المصحفِ، فيقرأ في الثانية سورة بعد السورة الأولى، وتكون تليها، فلو خالف هذا جاز؛ والسنّة أن تكون السورة بعد الفاتحة، فلو قرأها قبل الفاتحة لم تحسب له قراءةُ السورة ["التبيان في آداب حملة القرآن"، رقم: 306] .
269-
وَاعْلَمْ أنَّ ما ذكرناهُ من استحباب السورة هو للإِمام والمنفرد وللمأموم فيما يسرّ به الإِمام، أما ما يجهر به الإِمام فلا يزيد المأموم فيه على الفاتحة إن سمع قراءة الإِمام، فإن لم يسمعها، أو سمع همهمة لا يفهمها، استحبّت له السورة على الأصحّ، بحيث لا يشوِّشُ على غيره ["التبيان في آدب حملة القرآن"، رقم: 310] .
272-
والسنّة أن يقرأ في صلاة العيد والاستسقاء في الركعة الأولى بعد الفاتحة: [سورة]{ق} ، [سورة ق] وفي الثانية:[سورة]{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [سورة القمر]، [بكمالهما] وإن شاء قرأ في الأولى:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [سورة الأعلى]، وفي الثانية:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [سورة الغاشية] ، فكلاهما سنّة ["التبيان في آداب حملة القرآن"، رقم: 454] .
273-
والسنّة أن يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الجمعة [62] سورة الجمعة [بكمالها]، وفي الثانية:[63 سورة] المنافقون [بكمالها]، وإن شاء في الأولى:[سورة]{سَبِّحِ} وفي الثانية: [سورة] : {هَلْ أَتَاكَ} ، فكلاهما سنة ["التبيان في آداب حملة القرآن"، رقم: 453] .
274-
وليحذر الاقتصار على بعض السورة في هذه المواضع، فإن أراد التخفيف أدرج قراءتهُ من غير هذرمة1 ["التبيان في آداب حملة القرآن"، رقم: 453] .
275-
والسنّة أن يقرأ في ركعتي سنّة الفجر في الأولى بعد الفاتحة: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآية [سورة البقرة: 136]، وفي الثانية:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا} الآية [سورة آل عمران: 64]، وإن شاء في الأولى [109 سورة] :{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثانية:[112 سورة]{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فكلاهما صحّ في "صحيح مسلم" [رقم: 727 و726] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله ["التبيان في آداب حملة القرآن"، رقم: 455] .
276-
ويقرأ في ركعتي سنّة المغرب وركعتي الطواف والاستخارة في الأولى: [109 سورة] : {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثانية:[114 سورة]
1 "الهذرمة": سرعة الكلام الخفي.
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} 1 ["التبيان في آداب حملة القرآن"، رقم: 456] .
277-
وأما الوترُ، فإذا أوتر بثلاث ركعات قرأ في الأولى بعد الفاتحة:[87 سورة]{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، وفي الثانية:[109 سورة]{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ، وفي الثالثة:[112 سورة]{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، مع المعوّذتين؛ وكل هذا الذي ذكرناه جاءت به أحاديث في الصحيح [أبو داود، رقم: 1423 و1424] وغيره مشهورةٌ، استغنينا بشُهرتها عن ذكرها، ["التبيان في آداب حملة القرآن"، رقم: 457] والله أعلمُ.
1 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار" 495/1: وأما القراءة في ركعتي الاستخارة فلم أقف عليها في شيء من الأحاديث. وقد ذكر شيخنا [زين الدين عبد الرحيم بن حسين العراقي] في "شرح الترمذي" كلام النووي، وقال: سيفه إليه الغزالي في "الإِحياء"[272/1] ولم أجد لذلك أصلًا، ولكنه حسن؛ لأن المقام يناسب الإخلاص، قال: ولو قرأ فيهما بمثل قوله تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} [القصص: 86] وبمثل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} ، [الأحزاب: 36] لكان مناسبًا.
قلت [والقائل ابن حجر] : قرأتُ في كتاب جمعه الحافظ أبو المحاسن عبد الرزاق الطبسي -بفتح الطاء المهملة والباء الموحدة بعدها سين مهملة، ثم بالنسب- فيما يقرأ في الصلوات، أن الإمام أبا عثمان الصابوني ذكر في أماليه عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه زين العابدين أنه كان يقرأ في ركعتي الاستخارة بسورة الرحمن، وسورة الحشر.
قال الصابوني: وأنا أقرأ فيهما: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى:1] لأن فيها {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} [الأعلى:8] ؛ وفي الثانية: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} [الليل: 1] لأن فيها {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل: 7] .
قال الطبسي: وحكى شيخنا طريف بن محمد الحيري، عن بعض السلف أنه كان يقرأ في الأولى:{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ} إلى قوله: {وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 36، 37] والثانية فيها: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً} [الأحزاب: 36، 37] ولم يذكر الصابوني ولا الطبسي لما كان يقرأه زين العابدين مناسبة، ويحتمل أن يكون لَحَظَ قوله تعالى في أوله:{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] وفي الثانية الأسماء الحسنى التي في آخرها ليدعو بها في الأمر الذي يريده، والعلم عند الله تعالى. اهـ.