الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما يقولُ عند إرادته القيامَ إلى الصَّلاة:
229-
روينا في "كتاب ابن السني"[رقم: 105]، عن أُمّ رافعٍ رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله! دُلَّني على عملٍ يأجرُني الله عز وجل عليه، قال:"يا أم رافع! إذَا قُمْتِ إلى الصَّلاةِ فَسَبِّحِي اللَّهَ تَعَالى عَشْراً، وَهَلِّلِيهِ عَشْراً، واحْمَدِيهِ عَشْراً، وكَبِّرِيهِ عَشْراً، وَاسْتَغْفِرِيهِ عَشْراً؛ فإنَّكِ إذَا سَبَّحْتِ قالَ: هَذَا لي، وَإذَا هَلَّلْتِ قالَ: هَذَا لِي، وَإذَا حَمِدْتِ قالَ: هَذَا لي، وَإذَا كَبَّرْتِ قالَ: هَذَا لي، وَإذَا اسْتَغْفَرْتِ قالَ: قَدْ فَعَلْتُ"1.
1 قال الحافظ في أماليه: أطلق في الحديث موضع القول، والشيخ حملهُ على الإرادة. ووقع لنا من وجه آخر ما يدل على أنه داخل الصلاة، فأخرجه ابنُ منده في "المعرفة" عن أُمّ رافعٍ؛ أنها قالت: يا رسول الله! أخبرني بشيء أفتتح به صلاتي، فذلك الحديث نحوه.
وأخرجه الترمذي [رقم: 481] ، وصححه، عن أنس؛ أن أم سليم، قالت: يا رسول الله! علمني كلماتٍ أقولُهُنَّ في صلاتي. فذكر نحوه.
وأخرجه أبو يعلى من وجهٍ آخر عن أنسٍ بلفظ: "إذا صليت المكتوبة". ["نتائج الأفكار" 381/1] .
رسالة الحافظ ابن حجر العسقلاني في حديث أم رافع:
وقال الحافظ أيضًا في رسالة له:
الحمدُ لله وكفى، وسلامٌ على عبادهِ الذين اصطفى.
أما بعد؛
فقد سئلتُ عن ما أحدثهُ بعضُ المشايخ في مسجده من الاجتماع على ذكر الباقيات الصالحات، وهي: سبحان الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا الله والله أكبر؛ عشرًا عشرًا.
عند إرادة إقامة الصلاة، بحيث يشرع المؤذن في الإقامة عند انتهائه.
فهل لهذا الذي أحدثه الشيخ أصل من السنة في هذا المحل أم لا؟.
وهل يعد ذلك من البدع الحسنة التي يثابُ فاعلها أم لا؟. =
..............................................
= فأجبت وبالله التوفيق:
بلغني أنه تمسك بما وقع في كتاب "الأذكار" لشيخ الإسلام النووي -نفع الله تعالى به- فإنه قال ما نصه: باب ما يقول عند إرادته القيام إلى الصلاة.
روينا في كتاب ابن السني [رقم: 105] ، عن أم رافع رضي الله عنها، قالت: يا رسول الله! دُلّني على عمل يأجرني الله عليه. قال: "يا أم رافع! إذا قمت إلى الصلاة، فسبحي الله تعالى عشرًا، وهلليه عشرًا، وأحمديه عشرًا، وكبريه عشرًا، واستغفريه عشرًا؛ فإنك إذا سبحت قال: هذا لي، وإذا هللت قال: هذا لي، وإذا كبرت قال: هذا لي، وإذا استغفرت قال: قد فعلت". انتهى كلامه.
فكأنه فهم من قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا قمت للصلاة" إذا أردت القيام إلى الصلاة، وهو محتمل.
ويحتمل أيضًا أن المراد أن يقال ذلك بعد الدخول في الصلاة.
وقد عينه بعض أهل العلم في دعاء الافتتاح، وعينه آخر في صلاة مخصوصة، وهي صلاة التسبيح؛ فقد جاء التصريح بقول نحو ذلك في الأذكار كلها إلا التشهد.
وعينه آخر في التشهد؛ إذا انتهى التشهد أتى بالذكر المأثور وبما شاء، ثم سلم.
فاقتضى اختلافهم النظر في الأقوى من ذلك، وذلك يحصل إن شاء الله تعالى بجمع طرق هذا الحديث، وبيان اختلاف ألفاظه، فإنها ترشدُ الناظر إلى أقوى الاحتمالات التي تنشأ عن الفكر قبل النظر فيها، وذلك يستدعِي ذكر ثلاثة فصول، تشتمل على مقدمة، ونتيجة، وخاتمة.
فالمقدمة في الكلام على حال الحديث فيما يرجعُ إلى الصحةِ وغيرها، والنتيجة فيما يستفاد منه للعمل، وهو المقصودُ بالسؤال، والخاتمة في التنبيه على الراجح من ذلك.
الفصل الأول: المقدمة
هذا الحديث أخرجه الحافظ أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، المعروف بابن السني، في كتاب "عمل اليوم والليلة" له، [رقم: 105] فقال: باب ما يقول إذا قام إلى الصلاة. فلم يتصرف في لفظ الخبر كما تصرف الشيخ محيي الدين، ثم ساق من طريق علي بن عياش، عن عطاف بن خالد، عن زيد بن أسلم، عن أم رافع؛ أنها قالت
…
فذكره، وقال في آخره:"قد غفرت لك" بدل: "قد فعلت". فلعل النسخ اختلفت.
وفي هذا السند علتان:
إحداهما: أن بَيْنَ زيد بن أسلم وأم رافع واسطة؛ كما سأبينه، فهو منقطع.
والثانية: أن عطاف بن خالد مختلف في توثيقه وتجريحه. وأما سائر رواته فهم من =
.......................
= رجال الصحيح. وعطاف: بفتح العين المهملة، وتشديد الطاء المهملة أيضًا، وآخره فاء، هو مخزومي مدني. قال فيه مالك -وهو ممن عاصره- لما بلغه أنه يحدث: ليس هو من أهل الثقة.
وهذه العبارة يؤخذ منها؛ أنه يروى حديثه ولا يحتاج به؛ لما لا يخفى من الكتابة المذكورة. وحاصل نظر أهل النقد فيه؛ أنه يكتب حديثه، ولا يحتج بما ينفرد به.
وقد خولف في سند هذا الحديث، وفي سياق متنه.
أما السند، فأخرجه أبو عبد الله ابن مَنْدَه في كتاب "معرفة الصحابة" من طريق هاشم بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عبيد الله -بالتصغير- بن وهب، عن أم رافع. فزاد فيه رجلًا، ولا بد منه.
وأما المتن؛ فوقع في رواية هشام أيضًا أن أم رافع قالت: يا رسول الله! أخبرني بشيء أفتتح به صلاتي. قال: "إذا قمت إلى الصلاة فقولي: الله أكبر عشرًا، فإنك كلما قلت قال الله عز وجل: هذا لي. ثم قولي: سبحان الله وبحمده عشرًا، فإنك إذا قلت، قال الله: هذا لي. واحمدي الله عشرًا، فإنك إذا قلت، قال الله: هذا لي. واستغفري الله عشرًا، فإنك إذا قلت ذلك، قال الله: قد غفرت لك": فزاد في المتن ألفاظًا: منها مطابقة الجواب لسؤالها، ومنها الترتيب في الكلمات المذكورة، ومنها زيادة "وبحمده".
وقد وجدناه من رواية راوٍ ثالث، وهو بكير بن مسمار، فأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"[ج24، رقم: 766] من طريقه، عن زيد بن أسلم، فوافق عطافًا في حذف الواسطة، واختصر المتن، ولفظه: أنها قالت: يا رسول الله! أخبرني بكلمات ولا تكثر علي، فقال:"قولي: الله أكبر عشر مرار، يقول الله: هذا لي. وقولي: سبحان الله عشر مرار، يقول الله: هذا لي. وقولي: اللهم اغفر لي، يقول: قد فعلت، فتقولين عشر مرار، ويقول: قد فعلت". هكذا اقتصر فيه على التكبير والتسبيح فقط، وأطلق محل القول.
وبكير وهشام من رجال مسلم.
والذي يقتضيه النظر ترجيح رواية هاشم؛ لما اشتملت عليه روايته من تحرير سياق في السند والمتن معًا.
وقد جاء نحو هذه القصة، عن أم سليم الأنصارية، وهي والدةُ أنس بن مالك: أخرجه الترمذي [رقم: 481] من رواية عبد الله بن المبارك، عن عكرمة بن عمار، حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك؛ أن أم سليم عدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! علمني كلمات أقولهن في صلاتي. فقال: "كبري الله عشرًا، وسبحي الله عشرًا، واحمديه عشرًا، ثم سلي الله حاجتك، يقول: نعم، نعم". =
.......................
وأخرجه النسائي [رقم: 1299] ، من طريق وكيع، عن عكرمة بن عمار، ولفظه: علمني كلمات أدعو بهن في صلاتي. قال: "سبحي الله عشرًا، واحمديه عشرًا، وكبريه عشرًا، ثم سلي حاجتك، يقول: نعم نعم".
وقد أخرجه الحاكم [317/1] في صحيحه "المستدرك"، من طريق عبد الله بن المبارك، وقال: على شرط مسلم.
وقد عين ابن خزيمة محل هذا الذكر المصخصوص في افتتاح الصلاة، لكن بغير هذا العدد، فأخرج في دعاء الافتتاح حديث جبير بن مطعم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال:"الله أكبر كبيرًا؛ ثلاث مرات، والحمد لله كثيرًا، ثلاث مرات، وسبحان الله بكرة وأصيلاً؛ ثلاث مرات".
قلت: وأخرجه أبو داود [رقم: 764] وابن حبان في "صحيحه"، ولفظ ابن حبان؛ أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة، فقال: "الله أكبر كبيرًا؛ ثلاثًا، الحمد لله كثيرًا؛ ثلاثًا، سبحان الله بكرة وأصيلاً؛ ثلاثًا، أعوذ بالله
…
" الحديث. (ولفظ ابي داود: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الصلاة قال: "الله أكبر كبيرًا، ثلاثًا
…
" الحديث) .
وقد جاء نحو ذلك في هذا المحل من غير تقييد بعدد، وذلك فيماأخرجه مسلم في "صحيحه" [رقم: 601] ، والنسائي [رقم: 885] والطبراني، من طريق عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عمر، قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من القائل كلمة كذا وكذا"؟، فقال الرجل: أنا. فقال: "لقد رأيت أبواب السماء فتحت لها".
وفي الباب عن عبد الله ابن أبي أوفى عند أحمد [4/ 355] والطبراني بسند حسن، ولفظه نحو حديث ابن عمر، لكن في آخره، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من هذا العالي الصوت؟ "، فقالوا: هو هذا. فقال: "لقد رأيت كلامه يصعد في السماء حتى فتح له باب، فدخل فيه".
وعن وائل بن حجر، أخرجه مسدد في "مسنده"، والطبراني نحو حديث ابن عمر، لكن قال في آخره: فقال: "من صاحب الكلمات؟ "، قال الرجل: أنا، وما أردت إلا خيرًا. قال:"لقد رأيت أبواب السماء فتحت لما تناهت دون العرش".
ويؤيد مشروعية هذا الذكر في دعاء الافتتاح حديث عائشة؛ فإنه ورد مقيدًا بالعدد الذي ورد في حديثي أم رافع وأم سليم.
وذلك فيما أخرجه أبو داود [رقم: 766] والنسائي [رقم: 1617] وابن ماجه [رقم: 1356] ، وجعفر الفريابي، من طريق معاوية بن صالح، عن أزهر بن سعيد، عن عاصم بن حميد، قال: سألت عائشة: بم كان يستفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ =
.......................
= قالت: كان إذا قام من الليل استفتح الصلاة، وكبر عشرًا، وسبح عشرًا، وحمد عشرًا، وقال:"اللهم اغفر لي واهدني" عشرًا، ثم يتعوذ. هذا لفظ جعفر. وفي رواية أبي داود: إذا قام كبر عشرًا، وحمد عشرًا، وهلل واستغفر عشرًا، وقال:"اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني" ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة.
وفي رواية ابن حبان في "صحيحه"، أن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة، فقالت: كان يستفتح إذا قام من الليل يصلي، يكبر عشرًا، ثم يسبح عشرًا، ثم يحمدُ عشرًا، ويهلل عشرًا، ويستغفر عشرًا
…
الحديث.
قال أبو داود [رقم: 766] بعد تخريجه: رواه خالد بن معدان، عن ربيعة الجرشي، قلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام يُصلي من الليل؟ أو بم كان يستفتح؟ فقال: كان يُكبر عشرًا
…
الحديث.
وأخرجه أبو داود [رقم: 767] والنسائي [رقم: 1625] ، من وجه آخر، عن عائشة، وأوله: سألتها: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الصلاة إذا قام من الليل
…
؟ الحديث. فهذه الأحاديث عمدة من جعل محل الذكر المذكور عند دعاء الافتتاح وقبل القراءة.
وأما ما ذهب إليه الترمذي [رقم: 481] ، حيث أدخل حديث أنس في قصة أم سليم، في باب صلاة التسبيح، فقد تعقبه شيخنا [عبد الرحيم بن الحسين العراقي]، في "شرح الترمذي" فقال: فيه نظرٌ، فإن المعروف أنه ورد في الذكر في الدعاء، كلاهما من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، عن حسين بن أبي سفيان، عن أنس بن مالك، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيتنا تطوعًا، فقال:"يا أم سليم! إذا صَلَّيتِ المكتوبة، فقولي: سبحان الله عشرًا، والحمدُ لله عشرًا، ولا إله إلا الله والله أكبر عشرًا؛ ثم سلي ما شئت، فإنه يقول لك: نعم". هذا لفظ الطبراني.
وفي رواية أبي يعلى ["المسند"، رقم: 4292؛ "مجمع الزوائد" 101/10] : "قولي: سبحان الله عشرًا، والحمد لله عشرًا، والله أكبر عشرًا؛ فإنه يقول لك: نعم، نعم".
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه أصحاب السنن الأربعة [الترمذي، رقم: 3410 و3411؛ النسائي، رقم: 1348؛ أبو داود، رقم: 1502 و5065؛ ابن ماجه، رقم: 926] ، وصححه ابن حبان؛ من رواية عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل، يسبح الله أحدكم في دبر كل صلاة عشرًا، ويحمدُ عشرًا، ويكبر عشرًا، فهن خمسون ومائة باللسان، وألف وخمس مائة في الميزان"، قال: فأنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدهن بيده.
وعن علي رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولفاطمة كلماتٍ علمهن له جبريل =
......................................................
= عليه السلام: "تسبحان في دُبُرِ كُلّ صلاة عشرًا، وتحمدان عشرًا، وتكبران عشرًا" أخرجه أحمد [106/1] بسند حسن.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، في قصة فقراء المهاجرين مع أهل الدثور، ففي بعض طرقه عند البخاري [رقم: 6329] ، فقال:"تسبحون عشرًا وتحمدون عشرًا، وتكبرون عشرًا بعد كل صلاة" أورده في كتاب الدعوات من الصحيح.
وفي الباب عن أم سلمة؛ أخرجه البزار، وعن أم مالكٍ؛ أخرجه الطبراني؛ وفي كل منهما أن الذكر المذكور عقب الصلاة عشرًا عشرًا.
الفصل الثاني: النتيجة
في بيان الراجح في محل الذكر، وإنما يُصارُ إلى الترجيح عند تعذر الجمع، والجمع في هذا ممكن؛ بأن يقال: يشرع هذا الذكر في كل محل عينه فيه إمام من الأئمة، ويؤيد ذلك اختلاف الألفاظ الواردة فيه مع الاختلاف في العدد، وكذا اختلاف الصلاة التي يقالُ فيها؛ هل يعم جميع الصوات؟ أو يخص كل صلاةٍ بخصوص؟ والثاني أولى في طريق الجمع، فنقول:
- يشرعُ قول الباقياتُ الصالحات عشرًا عشرًا عند إرادة الصلاةِ في الليل، ويُضافُ إليها سؤال المغفرة، ويشرعُ أيضًا في دُعاء الافتتاح. وقد تنزلُ على حالين؛ فمن يذكرها قبل الدخول في الصلاة قالها خارجها، ومن نسيها استدركها بين دُعاء الافتتاح والقراءة، وهذا ينطبق على قوله:"إذا قمت إلى الصلاة" فإنه يفهم منه ما قبل الدخول على تقدير الإرادة، ويفهمُ منه ما بعد الدخول فيها.
- ويشرع أيضًا في صلاة التسابيح، التي لها هيئة مخصوصة؛ وإليه جنح الترمذي.
- ويشرع أيضًا عند الفراغ من التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيذكر الذكر المذكور، فإذا فرغ منه دعا بما ورد مأثورًا، وما كان له من طلب، ثم يسلم، وإلى هذا جنح النسائي، فإنه ترجم: باب الذكر بعد التشهد؛ وأورد حديث أنس في سؤال أم سليم المذكور، ولعله أخذه من قوله في الحديث الآخر، عن عبد الله بن عمرو وغيره في دبر كل صلاة، فإن دبر الشيء حقيقة حيثية، هو جزءٌ منهُ مؤخرٌ، ويطلقُ أيضًا على ما يلحقه ولا تخلل بينهما، فعلى الأول أليق المواضع به ما بين التشهد والسلام؛ فإنه الجزء الأخيرُ من الصلاة اتفاقًا؛ إن كان المرادُ بدُبُر الصلاة الحقيقة. وعلى الثاني فهو موافق لما ورد به الحديث الآخر، عن أبي ذر في الصحيحين، في قصة فقراء المهاجرين، وقولهم: ذهب أهل الدثور بالأجور، وفيه:"تسبحون دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين" فقد وقع الاتفاق على أن المراد بدبر الصلاة هنا ما بعد السلام، بخلاف =