الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ بَاعَ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَخَذَهُ) أَيْ الثَّوْبَ (الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةِ) دَرَاهِمَ (لَوْ) كَانَ الثَّوْبُ (عَشَرَةً وَنِصْفًا بِلَا خِيَارٍ) لِحُصُولِ النَّفْعِ الْخَالِصِ.
(وَ) يَأْخُذُ الثَّوْبَ الْمُشْتَرِي (بِتِسْعَةِ) دَرَاهِمَ (لَوْ) كَانَ الثَّوْبُ (تِسْعَةً وَنِصْفًا بِخِيَارٍ) لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا أَخَذَ حُكْمَ الْمِقْدَارِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالذِّرَاعِ فَعِنْدَ عَدَمِهِ عَادَ الْحُكْمُ إلَى الْأَصْلِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُخَيَّرُ) الْمُشْتَرِي (فِي أَخْذِهِ بِأَحَدَ عَشَرَ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ عَشَرَةً وَنِصْفًا.
(وَ) يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بِأَخْذِهِ (بِعَشَرَةٍ فِي الثَّانِي) أَيْ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ تِسْعَةً وَنِصْفًا لِأَنَّهُ لَمَّا أَفْرَدَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِبَدَلِهِ نَزَلَ كُلُّ ذِرَاعٍ مَنْزِلَةَ ثَوْبٍ عَلَى حِدَةٍ وَقَدْ انْتَقَصَ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهِ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِيمَا وَجَدَهُ عَشَرَةً وَنِصْفًا (بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ وَفِي الثَّانِي) أَيْ فِيمَا وَجَدَهُ تِسْعَةً وَنِصْفًا (بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ) لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ مُقَابَلَةِ الذِّرَاعِ بِالدَّرَاهِمِ مُقَابَلَةَ نِصْفِهِ بِنِصْفِهِ قِيلَ هَذَا فِي ثَوْبٍ يَضُرُّهُ الْقَطْعُ وَأَمَّا الْكِرْبَاسُ الَّذِي لَا يَضُرُّهُ الْقَطْعُ وَلَا يَتَفَاوَتُ جَوَانِبُهُ فَلَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي مَا زَادَ عَلَى الْمَشْرُوطِ.
[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]
ُ وَالْأَصْلُ إنَّ كُلَّ مَا هُوَ مُتَنَاوِلٌ اسْمَ الْمَبِيعِ عُرْفًا أَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْمَبِيعِ اتِّصَالَ قَرَارٍ أَوْ كَانَ مِنْ حُقُوقِ الْمَبِيعِ وَمَرَافِقِهِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ صَرِيحٍ وَنَعْنِي بِالْقَرَارِ الْحَالَ الثَّانِيَ عَلَى مَعْنَى أَنَّ مَا وُضِعَ لَأَنْ يَفْصِلَهُ الْبَشَرُ بِالْآخِرَةِ لَيْسَ بِاتِّصَالِ قَرَارٍ وَمَا وُضِعَ لَا لَأَنْ يَفْصِلَهُ مِنْهُ فَهُوَ اتِّصَالُ قَرَارٍ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ فَقَالَ (يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ بِلَا ذِكْرٍ) لِأَنَّ الْبِنَاءَ مُتَّصِلٌ بِالْأَرْضِ اتِّصَالَ قَرَارٍ فَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَكَذَا مِفْتَاحُ غَلْقٍ مُتَّصِلٍ بِبَابِ الدَّارِ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ وَهُوَ الْقُفْلُ فَإِنَّهُ وَمِفْتَاحُهُ
لَا يَدْخُلَانِ وَالْبِنَاءُ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى الْمَبْنِيِّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَابُ وَالسُّلَّمُ وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ إنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلِ وَالسَّرِيرُ كَالسُّلَّمِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَفِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ السُّلَّمُ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا لِأَنَّ بُيُوتَهُمْ طَبَقَاتٌ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا بِدُونِهِ.
وَفِي الْمِنَحِ وَيَدْخُلُ الْحَجَرُ الْأَسْفَلُ مِنْ الرَّحَى وَكَذَا الْأَعْلَى اسْتِحْسَانًا إذَا كَانَتْ مُرَكَّبَةً فِي الدَّارِ لَا الْمَنْقُولَةُ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى بَيْتَ الرَّحَى بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الشُّرُوطِ أَنَّ لَهُ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلَ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِيهِ قَدْرُ نُحَاسٍ مَوْصُولًا بِالْأَرْضِ وَقِيلَ الْحَجَرُ الْأَعْلَى لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا يَدْخُلُ الْأَشْجَارَ فِي صَحْنِهَا وَالْبُسْتَانُ فِيهَا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الدَّارِ لَا يَدْخُلُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَابٌ فِي الدَّارِ وَقِيلَ إنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْ الدَّارِ وَمِفْتَحُهُ فِيهَا يَدْخُلُ وَإِنْ أَكْبَرَ أَوْ مِثْلَهَا لَا وَكَذَا تَدْخُلُ الْبِئْرُ الْكَائِنَةُ فِي الدَّارِ وَالْبَكَرَةُ عَلَى الْبِئْرِ وَلَا يَدْخُلُ الدَّلْوُ وَالْحَبْلُ الْمُعَلَّقَاتُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا قَالَ بِمَرَافِقِهَا.
وَفِي التَّبْيِينِ وَثِيَابُ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثِيَابًا مُرْتَفِعَةً إذَا الْعُرْفُ فِيهِمَا جَارٍ عَلَى ثِيَابِ الْبِذْلَةِ ثُمَّ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَى الَّذِي عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى غَيْرَهُ وَخِطَامُ الْبَعِيرِ وَالْحَبْلُ الْمَشْدُودُ فِي عُنُقِ الْحِمَارِ وَالْحِزَامُ وَالْبَرْدَعَةُ وَالْإِكَافُ يَدْخُلُ لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ سَرْجِ الدَّابَّةِ وَلِجَامِهَا وَالْحَبْلِ الْمَشْدُودِ عَلَى قَرْنِ الْبَقَرِ وَالْجُلِّ وَفَصِيلِ النَّاقَةِ وَفَلْوِ الرَّمَكَةِ وَجَحْشِ الْأَتَانِ وَالْعُجُولِ وَالْحُمْلَانِ إنْ ذَهَبَ بِهِ مَعَ الْأُمِّ إلَّا مَوْضِعَ الْبَيْعِ دَخَلَ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَإِلَّا فَلَا.
(وَكَذَا) يَدْخُلُ (الشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ) بِلَا ذِكْرِ مُثْمِرَةٍ كَانَتْ الْأَشْجَارُ أَوْ لَا عَلَى الْأَصَحِّ إذَا كَانَتْ مَوْضُوعَةً فِي الْأَرْضِ لِلْقَرَارِ فَتَدْخُلُ تَبَعًا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً إلَّا الْيَابِسَةَ فَإِنَّهَا عَلَى شَرَفِ الْقَلْعِ فَهِيَ كَالْحَطَبِ الْمَوْضُوعِ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهَا مَوْضُوعَةً فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ فِيهَا أَشْجَارٌ صِغَارٌ تُحَوَّلُ فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ وَتُبَاعُ فَإِنَّهَا إنْ كَانَتْ تُقْلَعُ مِنْ أَصْلِهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَتْ تُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَهِيَ لِلْبَائِعِ إلَّا بِالشَّرْطِ.
وَفِي الْبَحْرِ بَاعَ أَرْضًا فِيهَا قُطْنٌ لَمْ يَدْخُلْ الثَّمَرُ وَأَمَّا أَصْلُهُ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَدْخُلُ عَلَى الصَّحِيحِ وَأَمَّا الْكُرَّاثُ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فَمَا كَانَ عَلَى ظَاهِرِ الْأَرْضِ لَا يَدْخُلُ وَمَا كَانَ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ مِنْ أُصُولِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَدْخُلُ.
وَفِي الْكَرْخِيِّ وَالْأَصْلُ إنَّ مَا كَانَ لِقَطْعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَهُوَ كَالثَّمَرِ فَلَا يَدْخُلُ وَمَا لَيْسَ بِقَطْعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَدْخُلُ كَالشَّجَرِ وَشَجَرَةُ الْخِلَافِ لِلْمُشْتَرِي وَكَذَا كُلُّ مَا كَانَ لَهُ سَاقٌ وَلَا يُقْطَعُ أَصْلُهُ حَتَّى كَانَ شَجَرًا وَأَصْلُ الْآسِ وَالزَّعْفَرَان لِلْبَائِعِ وَالْقَصَبُ فِي الْأَرْضِ كَالثَّمَرِ وَأَمَّا عُرُوقُهَا فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَقَوَائِمُ الْخِلَافِ وَالْبَاذِنْجَانِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ وَالْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ جَعَلَ قَوَائِمَ الْخِلَافِ كَالثَّمَرِ بَلَغَ أَوْ لَا انْقَطَعَ أَوْ لَا وَبِهِ يُفْتَى.
(وَلَوْ أَطْلَقَ شِرَاءَ شَجَرَةٍ) أَيْ لَمْ يُعَيِّنْ بِأَنَّ شِرَاءَهَا لِلْقَطْعِ أَوْ لِلْقَرَارِ (دَخَلَ مَكَانَهَا) أَيْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ مِنْ الْأَرْضِ بِمِقْدَارِ غِلَظِهَا فِي الْبَيْعِ
(عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) لِتَضَمُّنِهِ الْقَرَارَ إذْ الشَّجَرُ اسْمٌ لِلْمُسْتَقَرِّ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا قَرَارَ بِدُونِهَا فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالشَّجَرَةِ لِفُلَانٍ تَدْخُلُ أَرْضُهَا وَكَمَا لَوْ اقْتَسَمَهَا وَقِيلَ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ سَاقِهَا وَقِيلَ بِقَدْرِ ظِلِّهَا عِنْدَ الزَّوَالِ وَقِيلَ بِقَدْرِ عُرُوقِهَا الْعِظَامِ هَذَا إذَا لَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا فَإِنْ عَيَّنَ يَدْخُلُ الْمُعَيَّنُ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّهُ قَالَ دَخَلَ عَيْنُهَا وَلَا غَيْرُ كَمَا فِي الشِّرَاءِ لِلْقَطْعِ إذْ الْأَرْضُ الْأَصْلُ وَالشَّجَرُ تَبَعٌ فَلَوْ دَخَلَتْ الْأَرْضُ يَصِيرُ الْأَصْلُ تَبَعًا قَيَّدَ بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا لِلْقَطْعِ لَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ اتِّفَاقًا وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْقَرَارِ دَخَلَتْ مَا تَحْتَ الشَّجَرَةِ مِنْ الْأَرْضِ بِقَدْرِ غِلَظِهَا دُونَ مَا تَنْتَهِي إلَيْهِ الْعُرُوقُ اتِّفَاقًا.
(وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ) بِلَا ذِكْرٍ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهِ لِلْفَصْلِ فَأَشْبَهَ الْمَتَاعَ الْمَوْضُوعَ فِي الْبَيْتِ.
(وَلَا) يَدْخُلُ (الثَّمَرُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ إلَّا بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ بِاشْتِرَاطِ دُخُولِ الزَّرْعِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَدُخُولِ الثَّمَرِ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ بَاعَ نَخْلًا أَوْ شَجَرًا فِيهِ ثَمَرٌ فَثَمَرَتُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ» أَيْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مَعَ زَرْعِهِ أَوْ مَعَ ثَمَرِهِ فَتَدْخُلُ وَإِلَّا فَلَا مُطْلَقًا وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَوْ كَانَتْ مُؤَبَّدَةً تَدْخُلُ وَإِلَّا لَا.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (ذَكَرَ الْحُقُوقَ وَالْمَرَافِقَ) لِأَنَّهُمَا تَرْجِعُ إلَى مِثْلِ الْمَسِيلِ وَالشُّرْبِ وَالطَّرِيقِ لَا إلَى الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ فَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهُ فِيهَا أَوْ مِنْهَا مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ مِنْ مَرَافِقِهَا لَا يَدْخُلُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ حُقُوقِهَا وَمَرَافِقِهَا دَخَلَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِنْ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ الثَّمَرِ الْمَجْذُوذِ أَوْ الزَّرْعِ الْمَحْصُودِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ (وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ) عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الدُّخُولِ (اقْلَعْهُ) أَيْ الزَّرْعَ (وَاقْطَعْهَا) أَيْ الثَّمَرَ وَتَأْنِيثُ الضَّمِيرِ لِمَا أَنَّ الِاسْمَ الَّذِي يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ (وَسَلَّمَ الْمَبِيعُ) فَإِنَّ التَّسْلِيمَ لَازِمٌ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّخْلِيَةِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِلْبَائِعِ تَرْكُهَا حَتَّى يَظْهَرَ صَلَاحُ الثَّمَرِ وَيُسْتَحْصَدَ
الزَّرْعُ.
(وَكَذَا لَا يَدْخُلُ) فِي بَيْعِ الْأَرْضِ (حَبٌّ بُذِرَ) مَاضٍ مَجْهُولٌ صِفَةُ حَبٍّ (وَلَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ) أَوْ نَبَتَ وَصَارَ لَهُ قِيمَةٌ وَتُعْرَفُ قِيمَتُهُ بِتَقَوُّمِ الْأَرْضِ مَبْذُورَةً وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مَبْذُورَةً أَكْثَرَ عُلِمَ أَنَّهُ صَارَ مُتَقَوِّمًا.
(وَإِنْ نَبَتَ) الْبَذْرُ (وَلَمْ تَصِرْ لَهُ قِيمَةٌ) بَعْدُ (دَخَلَ) فِي الْبَيْعِ (وَقِيلَ لَا) يَدْخُلُ وَصَرَّحَ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّ الصَّوَابَ الدُّخُولُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقُدُورِيُّ وَالْإِسْبِيجَابِيّ وَفَصَّلَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي غَيْرِ الثَّابِتِ بَيْنَ مَا إذَا لَمْ يَعْفَنْ أَوْ لَا فَإِنْ عَفِنَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْعَفَنَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ فَصَارَ كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَصَحَّحَ فِي السِّرَاجِ عَدَمَ الدُّخُولِ إلَّا بِالذِّكْرِ وَصَحَّحَ فِي الْمُحِيطِ دُخُولَ الزَّرْعِ قَبْلَ النَّبَاتِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَحَّحَ عَدَمُ الدُّخُولِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ إلَّا قَبْلَ النَّبَاتِ فَالصَّوَابُ دُخُولُ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ فَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ فِيمَا لَا قِيمَةَ لَهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الثَّمَرُ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ.
(وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ لَمْ يَبْدُ) مِنْ الْبُدُوِّ بِالضَّمَّتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ الظُّهُورُ (صَحَّ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ إمَّا لِكَوْنِهِ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَآلِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِبَدَا صَلَاحُهَا لِأَنَّ بَيْعَهَا قَبْلَ الْبُدُوِّ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا، وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِي الْمُنْتَفَعِ بِهِ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا، وَبَعْدَمَا تَنَاهَتْ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا إذَا أُطْلِقَ، وَأَمَّا بِشَرْطِ التَّرْكِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ سَيَأْتِي فَصَارَ مَحَلَّ الْخِلَافِ الْبَيْعُ بَعْدَ الظُّهُورِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مُطْلَقًا أَيْ بِلَا شَرْطِ الْقَطْعِ، وَلَا بِشَرْطِ التَّرْكِ، فَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ وَعِنْدَنَا يَجُوزُ وَلَكِنْ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُنْتَفَعٍ بِهِ الْآنَ أَكْلًا وَعَلَفًا لِلدَّوَابِّ فَقِيلَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ وَنَسَبَهُ قَاضِي خَانْ لِعَامَّةِ مَشَايِخِنَا وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَالْحِيلَةِ فِي جَوَازِهِ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ أَنْ يَبِيعَ الْكُمَّثْرَى أَوَّلَ مَا تَخْرُجُ مَعَ الْأَوْرَاقِ فَيَجُوزُ فِيهَا تَبَعًا لِلْأَوْرَاقِ كَأَنَّهُ وَرَقٌ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ عَلَفًا لِلدَّوَابِّ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ لَوْ مُطْلَقًا.
وَفِي الشُّمُنِّيِّ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَفْسِيرِ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَعِنْدَنَا عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ هُوَ أَنْ يَأْمَنَ الْعَاهَةَ وَالْفَسَادَ وَعَلَى مَا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ التَّجْرِيدِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ ظُهُورُ النُّضْجِ وَمُبَادِئِ الْحَلَاوَةِ (وَيَقْطَعُهَا الْمُشْتَرِي لِلْحَالِ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ الْبَائِعِ، وَأُجْرَةُ الْقَلْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا) أَيْ الثَّمَرَةِ (عَلَى الشَّجَرَةِ) حَتَّى تُدْرَكَ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ شُغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ لِأَنَّهُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فِي الْبَيْعِ إنْ كَانَتْ لِلْمَنْفَعَةِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ إعَارَةٌ فِي بَيْعٍ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَتَعَقَّبَهُمْ فِي الْغَايَةِ بِأَنَّكُمْ قُلْتُمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَيْفَ يُقَالُ أَنَّهُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ
وَجَوَابُهُ أَنَّهُ صَفْقَةٌ فَاسِدَةٌ فِي صَفْقَةٍ صَحِيحَةٍ فَفَسَدَتَا جَمِيعًا انْتَهَى هَذَا مُسَلَّمٌ إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً وَإِنْ بَاطِلَةً فَلَا لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ إجَارَةَ النَّخِيلِ بَاطِلَةٌ وَالْبَاطِلُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَعْدُومِ الْمُضْمَحِلِّ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصْلُحُ مُتَضَمِّنًا فَيَلْزَمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنْ لَا تُوجَدَ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ فَلَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ تَأَمَّلْ.
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةً أَيْ وَلَوْ كَانَ (بَعْدَ تَنَاهِي عِظَمِهَا) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ مَا زَادَ وَحَدَثَ مِنْ التَّرْكِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ مَضْمُونٌ عِنْدَ الْبَيْعِ وَهُوَ مَجْهُولٌ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ قَالَ يَفْسُدُ فِي الْمُتَنَاهِيَةِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.
وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْأَسْرَارِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى ضَمَّ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ.
وَفِي التُّحْفَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا لِأَنَّ التَّعَامُلَ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطِ التَّرْكِ وَإِنَّمَا كَانَ بِالْإِذْنِ بِالتَّرْكِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (وَكَذَا) يَفْسُدُ (شِرَاءُ الزَّرْعِ) بِشَرْطِ التَّرْكِ لِمَا قَرَرْنَا.
(وَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ الْغَيْرَ الْمُتَنَاهِيَةَ عَلَى الشَّجَرِ (بِإِذْنِ الْبَائِعِ بِلَا اشْتِرَاطِ) تَرْكِهَا حَالَةَ الْعَقْدِ (طَابَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الزِّيَادَةُ) الْحَاصِلَةُ فِي ذَاتِ الثَّمَرَةِ بِالتَّرْكِ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ.
(وَإِنْ تَرَكَهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهَا) لِحُصُولِهِ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ وَيُعْرَفُ مِقْدَارُ الزَّائِدِ بِالتَّقْوِيمِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَيَوْمَ الْإِدْرَاكِ وَمَا تَفَاوَتَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ زَائِدًا.
(وَإِنْ) تَرَكَهَا أَيْ الثَّمَرَةَ (بَعْدَمَا تَنَاهَتْ) بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَى أَنْ تُدْرَكَ (لَا يَتَصَدَّقُ) الْمُشْتَرِي (بِشَيْءٍ) لِأَنَّ الثَّمَرَةَ إذَا صَارَتْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَا يَتَحَقَّقُ زِيَادَةٌ فِيهَا وَإِنَّمَا هُوَ تَغَيُّرُ وَصْفٍ وَهُوَ مِنْ أَثَرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ) الْمُشْتَرِي (الشَّجَرَ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ لَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا عَنْ التَّرْكِ وَالْقَطْعِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ إلَى وَقْتِ إدْرَاكِ الثَّمَرِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ (وَطَابَتْ الزِّيَادَةُ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ وَالْحَاجَةِ فَبَقِيَ الْإِذْنُ مُعْتَبَرًا فَتَطِيبُ.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ) الْمُشْتَرِي (الْأَرْضَ لِتَرْكِ الزَّرْعِ) إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ (فَسَدَتْ) الْإِجَارَةُ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ فَقَدْ يَتَقَدَّمُ الْإِدْرَاكُ إذَا تَعَجَّلَ الْحَرُّ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ إذَا طَالَ الْبَرْدُ (وَلَا تَطِيبُ الزِّيَادَةُ) الْحَاصِلَةُ فِيهَا لِلْخُبْثِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ
الْإِذْنَ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ صَارَ أَصْلًا إذْ الْبَاطِلُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَعْدُومِ الْمُضْمَحِلِّ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصْلُحُ مُتَضَمِّنًا فَصَارَ الْإِذْنُ مَقْصُودًا وَلَا كَذَلِكَ فِي الْفَاسِدِ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مَا كَانَ مَوْجُودًا بِأَصْلِهِ فَائِتًا بِوَصْفِهِ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ مُتَضَمِّنًا لِلْإِذْنِ وَفَسَادُ الْمُتَضَمِّنِ يَقْتَضِي فَسَادَ مَا فِي الضِّمْنِ فَيَفْسُدُ الْإِذْنُ فَيَتَمَكَّنُ الْخُبْثُ.
وَفِي الْعِنَايَةِ كَلَامٌ فَلْيُطَالَعْ.
(وَلَوْ أَثْمَرَتْ) الشَّجَرَةُ (ثَمَرًا آخَرَ) بَعْدَ شِرَاءِ الْمَوْجُودِ (قَبْلَ الْقَبْضِ) بِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ الثَّمَرَةِ (فَسَدَ الْبَيْعُ) إنْ لَمْ يُحَلِّلْ لَهُ الْبَائِعُ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ بِسَبَبِ الِاخْتِلَاطِ وَعَدَمِ التَّمْيِيزِ هَذَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ الْحَادِثُ بِالْمَوْجُودِ فَإِنْ عُرِفَ فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ عَلَى حَالِهِ وَكَذَا إذَا حَلَّلَ لَهُ الْبَائِعُ كَمَا فِي الْكَافِي.
(وَلَوْ) أَثْمَرَتْ الشَّجَرَةُ ثَمَرًا آخَرَ (بَعْدَ الْقَبْضِ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالتَّخْلِيَةِ فَلَا يَفْسُدُ بِالِاخْتِلَاطِ وَلَكِنَّهُمَا (يَشْتَرِكَانِ) فِيهِ لِاخْتِلَاطِ مِلْكِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ (وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِ الْحَادِثِ لِلْمُشْتَرِي) مَعَ يَمِينِهِ لِكَوْنِهِ فِي يَدِهِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَكَذَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْبِطِّيخُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ
أَحَدُهَا إذَا خَرَجَ الثِّمَارُ كُلُّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَحُكْمُهُ مَا مَضَى
وَثَانِيهَا أَنْ لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا
وَثَالِثُهَا أَنْ يَخْرُجَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يَجُوزُ إذَا كَانَ الْخَارِجُ أَكْثَرَ وَيُجْعَلُ الْمَعْدُومُ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَلِلضَّرُورَةِ وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنِ الْفَضْلِ يُفْتِيَانِ بِهِ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ.
وَفِي الْبَحْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ فَإِنَّ النَّاسَ تَعَامَلُوا بَيْعَ ثِمَارِ الْكَرْمِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ عَادَةٌ ظَاهِرَةٌ وَفِي نَزْعِ النَّاسِ عَنْ عَادَتِهِمْ حَرَجٌ وَقَدْ رَأَيْت فِي هَذَا رِوَايَةً عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ فِي بَيْعِ الْوَرْدِ عَلَى الْأَشْجَارِ فَإِنَّ الْوَرْدَ لَا يَخْرُجُ جُمْلَةً وَلَكِنْ يَتَلَاحَقُ الْبَعْضُ الْبَعْضَ ثُمَّ جَوَّزَ الْبَيْعَ فِي الْكُلِّ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْمَخْلَصُ أَنْ يَشْتَرِيَ أُصُولَ الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَالرُّطَبَةِ لِيَكُونَ مَا يَحْدُثُ عَلَى مِلْكِهِ.
وَفِي الزَّرْعِ وَالْحَشِيشِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَيَسْتَأْجِرُ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَعْلَمُ غَايَةَ الْإِدْرَاكِ وَانْقِضَاءَ الْغِرَاسِ فِيهَا لِبَاقِي الثَّمَرِ وَفِي ثِمَارِ الْأَشْجَارِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَيَحِلُّ لَهُ الْبَائِعُ مَا يُوجَدُ فَإِنْ خَافَ أَنْ يَرْجِعَ يَفْعَلُ كَمَا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي الْإِذْنِ فِي تَرْكِ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى رَجَعَ عَنْ الْإِذْنِ كَانَ مَأْذُونًا فِي التَّرْكِ بِإِذْنٍ جَدِيدٍ فَيَحِلُّ لَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ انْتَهَى.
(وَلَوْ بَاعَ ثَمَرَةً) عَلَى شَجَرَةٍ (وَاسْتَثْنَى مِنْهَا) أَيْ مِنْ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ الْمَجْذُوذَةَ أَوْ غَيْرَهَا (أَرْطَالًا مَعْلُومَةً صَحَّ) أَيْ الْبَيْعُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مَعْلُومٌ بِالْعِبَارَةِ وَالْمَبِيعُ مَعْلُومٌ بِالْإِشَارَةِ وَجَهَالَةُ قَدْرِهِ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَهُ مُجَازَفَةً جَائِزٌ وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا جَازَ
بَيْعُهُ ابْتِدَاءً يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ كَبَيْعِ صُبْرَةٍ إلَّا قَفِيزًا، وَقَفِيزٌ مِنْ صُبْرَةٍ بِخِلَافِ الْحَمْلِ وَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ ابْتِدَاءً (وَقِيلَ لَا) يَصِحُّ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَالطَّحَاوِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدُ لِجَهَالَةِ الْبَاقِي وَهُوَ أَقْيَسُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ صُبْرَةِ طَعَامٍ، كُلِّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ أَفْسَدَ الْبَيْعَ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ لَازِمٌ فِي اسْتِثْنَاءِ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يُفْضِ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ جَهَالَةٍ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ مُبْطِلَةٌ فَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنَّ مَا لَا يُفْضِي إلَيْهَا يَصِحُّ مَعَهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْإِفْضَاءِ إلَيْهَا فِي الصِّحَّةِ مِنْ كَوْنِ الْمَبِيعِ عَلَى حُدُودِ الشَّرْعِ أَلَا يَرَى أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَدْ تَرَاضَيَا عَلَى شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَعَلَى الْبَيْعِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مُصَحَّحًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَفِي الْمِنَحِ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ رِوَايَةَ عَدَمِ الْجَوَازِ هِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ رِوَايَةُ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا عَنْ الْإِمَامِ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُطَالَعْ. ثُمَّ مَحَلُّ الِاخْتِلَافِ مَا إذَا اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا فَإِنْ اسْتَثْنَى جُزْءًا كَرُبْعٍ وَثُلُثٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّمَرُ مَجْذُوذًا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ أَرْطَالًا جَازَ وَقَيَّدَ بِالْأَرْطَالِ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى رِطْلًا وَاحِدًا جَازَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ بِخِلَافِ الْأَرْطَالِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ.
(وَيَجُوزُ بَيْعُ الْبُرِّ) وَالشَّعِيرِ وَالْعَدَسِ حَالَ كَوْنِهِ (فِي سُنْبُلِهِ إنْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ) وَإِنْ بِيعَ بِجِنْسِهِ لَا يَجُوزُ لِشُبْهَةِ الرِّبَا.
(وَكَذَا) يَجُوزُ بَيْعُ (الْبَاقِلَاءِ) هُوَ بِالْقَصْرِ وَالتَّشْدِيدِ، أَوْ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ الْحَبُّ الْمَعْرُوفُ (فِي قِشْرِهِ وَالْأُرْزُ وَالسِّمْسِم وَكَذَا) يَجُوزُ بَيْعُ (اللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَالتَّاءِ وَسُكُونِ السِّينِ (وَالْجَوْزِ فِي قِشْرِهَا الْأَوَّلِ) قَيْدٌ لِلْجَمِيعِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْأَعْلَى تَنْصِيصًا عَلَى مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ لَا يُجَوِّزُ بَيْعِ ذَلِكَ كُلِّهِ وَلَهُ فِي بَيْعِ السُّنْبُلَةِ قَوْلَانِ وَعِنْدَنَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ وَعَلَى الْبَائِعِ تَخْلِيصُهَا وَتَسْلِيمُهَا إلَى الْمُشْتَرِي هُوَ الْمُخْتَارُ.
وَفِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ وَلِلشَّافِعِيِّ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَسْتُورًا بِشَيْءٍ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فَصَارَ كَتُرَابِ الصَّاغَةِ أَيْ كَبَيْعِ تُرَابِ الْفِضَّةِ بِتُرَابِ الْفِضَّةِ أَوْ بِالْفِضَّةِ وَلَنَا أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُزْهِي وَعَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنَ الْعَاهَةَ» وَحُكْمُ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي الْجَوَازَ بَعْدَ وُجُودِ الْغَايَةِ وَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ قِشْرِهِ الْأَوَّلِ انْتَهَى لَكِنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِمَفْهُومِ الْغَايَةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى إلْزَامِ الشَّافِعِيِّ بِمَذْهَبِهِ فِي الْمَفْهُومِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا عِنْدَنَا فَيَكُونُ جَوَابًا إلْزَامِيًّا عَلَى مَذْهَبِهِ وَيُسَمَّى جَدَلًا فَعَلَى هَذَا يَنْدَفِعُ بِهِ اعْتِرَاضُ صَاحِبِ الْعِنَايَةِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ تَأَمَّلْ.
(وَأُجْرَةُ الْكَيْلِ) فِي مِثْلِ الْبُرِّ لِلْكَيَّالِ (وَعَدُّ الْمَبِيعِ)
أَيْ أُجْرَةُ الْعَدِّ فِي مِثْلِ الْغَنَمِ لِلْعَدَّادِ (وَوَزْنُهُ) أَيْ أُجْرَةُ الْوَزْنِ فِي مِثْلِ الْعَسَلِ لِلْوَزَّانِ (وَزَرْعُهُ) أَيْ أُجْرَةُ الذَّرْعِ فِي مِثْلِ الْكِرْبَاسِ وَالْكَتَّانِ لِلذِّرَاعِ (عَلَى الْبَائِعِ) فِيمَا بِيعَ بِشَرْطِ الْكَيْلِ وَالْعَدِّ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ وَكَذَا مَا كَانَ مِنْ تَمَامِهِ قُيِّدَ بِالْكَيْلِ لِأَنَّ صَبَّ الْحِنْطَةِ فِي الْوِعَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَذَا إخْرَاجُ الطَّعَامِ مِنْ السَّفِينَةِ وَكَذَا قَطْعُ الْعِنَبِ الْمُشْتَرَى جُزَافًا عَلَيْهِ وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ بَاعَهُ جُزَافًا كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ إذَا خَلَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَكَذَا قَطْعُ الثَّمَرَةِ إذَا خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ وَصَبُّهَا فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا هُوَ الْمُخْتَارُ.
(وَأُجْرَةُ نَقْدِ الثَّمَنِ) أَيْ تَمَيُّزُ جَيِّدِهِ عَنْ رَدِيئِهِ (وَوَزْنُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ فِي تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَى تَعْيِينِ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ فَتَكُونُ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ وَكَذَا مُؤْنَةُ تَمْيِيزِ الْجَيِّدِ عَنْ غَيْرِهِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الزَّاهِدِي وَغَيْرِهِ إلَّا إذَا قَبَضَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ثُمَّ جَاءَ يَرُدُّهُ بِعَيْبِ الزِّيَافَةِ فَإِنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَأَمَّا أُجْرَةُ نَقْدِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ عَلَى الْمَدْيُونِ إلَّا إذَا قَبَضَ رَبُّ الدَّيْنِ الدَّيْنَ ثُمَّ ادَّعَى عَدَمَ النَّقْدِ فَالْأُجْرَةُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَفِي بَيْعِ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ) أَيْ بِدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ (سَلَّمَ هُوَ أَوْ لَا) أَيْ سَلَّمَ الثَّمَنَ قَبْلَ الْمَبِيعِ إذَا وَقَعَ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي ادْفَعْ الثَّمَنَ أَوَّلًا لِأَنَّ حَقَّ الْمُشْتَرِي تَعَيَّنَ فِي الْمَبِيعِ فَيُقَدَّمُ دَفْعُ الثَّمَنِ لِيَتَعَيَّنَ حَقُّ الْبَائِعِ بِالْقَبْضِ لِمَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ فِي تَعْيِينِ حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ. هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا وَإِنْ غَائِبًا فَلَا يُسَلِّمُ حَتَّى يُحْضِرَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ عَلَى مِثَالِ الرَّاهِنِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ بَاعَ بِشَرْطِ أَنْ يَدْفَعَ الْمَبِيعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَصِحُّ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْبَيْعُ (مُؤَجَّلًا) فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ أَوَّلًا بَلْ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَإِنْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ حَقَّهُ بِالتَّأْجِيلِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمُشْتَرِي فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ.
(وَفِي بَيْعِ سِلْعَةٍ بِسِلْعَةٍ) هَذَا بَيْعُ الْمُقَايَضَةِ عَلَى مَا مَرَّ (أَوْ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ) وَيُسَمَّى هَذَا بَيْعُ الصَّرْفِ (سَلَّمَا مَعًا) تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا فِي الْعَيْنِيَّةِ وَالدَّيْنِيَّةِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا بِالدَّفْعِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ الْمُوجِبِ لِلْبَرَاءَةِ.
وَفِي التَّجْرِيدِ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ أَنْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ عَلَى وَجْهٍ يَتَمَكَّنُ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ وَكَذَا تَسْلِيمُ الثَّمَنِ وَفِي الْأَجْنَاسِ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ التَّسْلِيمِ ثَلَاثَةُ مَعَانٍ أَنْ يَقُولَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى صِفَةٍ يَتَأَتَّى فِيهِ النَّقْلُ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ وَأَنْ يَكُونَ مُفْرِزًا، غَيْرَ مَشْغُولٍ بِحَقِّ غَيْرِهِ وَعَنْ الْوَبَرِيِّ الْمَتَاعُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ لَا يُمْنَعُ، فَلَوْ أَذِنَ لَهُ بِقَبْضِ الْمَتَاعِ وَالْبَيْتِ صَحَّ
وَصَارَ الْمَتَاعُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَكَانَ الْإِمَامُ يَقُولُ الْقَبْضُ أَنْ يَقُولَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَ الْمَبِيعِ فَاقْبِضْهُ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ عِنْدَ الْبَائِعِ قَبَضْته فَلَوْ أَخَذَهُ بِرَأْسِهِ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ فَقَادَهُ فَهُوَ قَبَضَ دَابَّةً أَوْ بَعِيرًا وَإِنْ كَانَ غُلَامًا أَوْ جَارِيَةً فَقَالَ الْمُشْتَرِي تَعَالَ مَعِي أَوْ امْشِ فَخَطَى مَعَهُ فَهُوَ قَبْضٌ وَكَذَا لَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ وَفِي الثَّوْبِ إنْ أَخَذَهُ بِيَدِهِ أَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَهُوَ مَوْضُوعٌ عَلَى الْأَرْضِ فَقَالَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهُ فَاقْبِضْهُ فَقَالَ قَبَضْته فَهُوَ قَبْضٌ وَكَذَا الْقَبْضُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِالتَّخْلِيَةِ وَلَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً فِي بَيْتٍ وَدَفَعَ الْبَائِعُ الْمِفْتَاحَ لَهُ وَقَالَ خَلَّيْت بَيْنَك وَبَيْنَهَا فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ شَيْئًا لَا يَكُونُ قَبْضًا وَلَوْ بَاعَ دَارًا غَائِبَةً فَقَالَ سَلَّمْتهَا إلَيْك فَقَالَ قَبَضْتهَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً كَانَ قَبْضًا وَهِيَ أَنْ تَكُونَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى إغْلَاقِهَا وَإِلَّا فَهِيَ بَعِيدَةٌ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ