الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ مِنْ الْفِدَاءِ لِأَنَّ الْعَبْدَ كُلَّهُ مَضْمُونٌ وَجِنَايَةُ الْمَضْمُونِ كَجِنَايَةِ الضَّامِنِ فَلَوْ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَيْهِ وَلَا يُفِيدُ (فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْفِدَاءِ (دَفَعَهُ الرَّهْنَ) إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ (أَوْ فَدَاهُ) أَيْ يُقَالُ لِلرَّاهِنِ افْعَلْ وَاحِدًا مِنْ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ إنْ شَاءَ يَدْفَعُهُ وَإِنْ شَاءَ يَفْدِي عَنْهُ (وَسَقَطَ الدَّيْنُ) تَامًّا بِفِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الرَّاهِنِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ أَوْ مُسَاوِيًا وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا يَسْقُطُ الْبَاقِي كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَهُ كَمَا قَيَّدْنَاهُ لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ وَفِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ إذَا وَلَدَتْ الْمَرْهُونَةُ وَلَدًا فَقَتَلَ إنْسَانًا خَطَأً أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ فَلَا ضَمَان عَلَى الْمُرْتَهِنِ بَلْ يُخَاطَبُ الرَّاهِنُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ فِي الِابْتِدَاءِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ دَفَعَ خَرَجَ مِنْ الرَّهْنِ وَلَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ هَلَكَ فِي الِابْتِدَاءِ وَإِنْ فَدَى فَهُوَ رَهْنٌ مَعَ أُمِّهِ عَلَى حَالِهِمَا وَلَوْ اسْتَهْلَكَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ مَالًا يَسْتَغْرِقُ رَقَبَتَهُ فَإِنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ الَّذِي لَزِمَ الْعَبْدَ فَدَيْنُهُ عَلَى حَالِهِ كَمَا فِي الْفِدَاءِ وَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلرَّاهِنِ بِعْهُ فِي الدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ فَإِنْ أَدَّى بَطَلَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْفِدَاءِ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ وَبِيعَ الْعَبْدُ فِي الدَّيْنِ يَأْخُذُ صَاحِبُ دَيْنِ الْعَبْدِ دَيْنَهُ وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي فَلْيُطَالِعْهُمَا وَفِي الْمِنَحِ لَوْ رَهَنَ حَيَوَانًا مِنْ غَيْرِ بَنِي آدَمَ فَجَنَى الْبَعْضُ عَلَى الْبَعْضِ كَانَ هَدَرًا وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَلَوْ رَهَنَ عَبْدَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُسَاوِي أَلْفًا بِأَلْفَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَلَّ الْأَرْشُ أَوْ كَثُرَ لَا تُعْتَبَرُ الْجِنَايَةُ وَيَسْقُطُ دَيْنُ الْمَجْنِيِّ عَنْهُ بِقَدْرِهِ وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا رَهْنًا بِأَلْفٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَا دَفْعَ وَلَا فِدَاءَ وَيَبْقَى الْقَاتِلُ رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً فَجِنَايَةُ الدَّابَّةِ عَلَى الْعَبْدِ هَدَرٌ وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ عَلَى الدَّابَّةِ مُعْتَبَرَةٌ حَسْبَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَبْدٍ آخَرَ.
(وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ بَاعَ وَصِيُّهُ الرَّهْنَ وَقَضَى الدَّيْنَ) لِأَنَّ الْوَصِيَّ قَائِمٌ مَقَامَهُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ نَصَبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا وَأَمَرَهُ) أَيْ الْوَصِيُّ (بِذَلِكَ) أَيْ بِالْبَيْعِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ نَاظِرًا لِحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إذَا عَجَزُوا عَنْ النَّظَرِ لِأَنْفُسِهِمْ وَقَدْ تَعَيَّنَ النَّظَرُ فِي نَصْبِ الْوَصِيِّ لِيُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَيَسْتَوْفِي حُقُوقَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمَيِّتِ فَرَهَنَ الْوَصِيُّ بَعْضَ التَّرِكَةِ عِنْدَ غَرِيمٍ لَهُ مِنْ غُرَمَائِهِ لَمْ يَجُزْ وَلِلْآخَرَيْنِ أَنْ يَرُدُّوهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ غَرِيمٌ آخَرُ جَازَ الرَّهْنُ.
[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]
فَصَلِّ هَذَا الْفَصْلُ كَالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ الَّتِي تُذْكَرُ فِي أَوَاخِرِ الْكُتُبِ (رَهَنَ) رَجُلٌ (عَصِيرًا) أَيْ عَصِيرَ عِنَبٍ عِنْدَ رَجُلٍ (قِيمَتُهُ عَشَرَةُ) دَرَاهِمَ (بِعَشَرَةِ) دَرَاهِمَ
فَتَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَيْ صَارَ خَمْرًا (ثُمَّ تَخَلَّلَ) أَيْ صَارَ خَلًّا (وَهُوَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ (يُسَاوِيهَا) أَيْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ (فَهُوَ) أَيْ الْعَصِيرُ الْمَذْكُورُ الَّذِي صَارَ خَلًّا بَعْدَ أَنْ صَارَ خَمْرًا (رُهِنَ بِهَا) أَيْ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ لَمْ يَبْطُلْ بِالْخَمْرِ لِأَنَّ مَا صَلُحَ مَحِلًّا لِلْبَيْعِ صَلُحَ مَحِلًّا لِلرَّهْنِ لِأَنَّ الْمَحَلِّيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ بِالْمَالِيَّةِ فِيهِمَا وَالْخَمْرُ لَا يَصْلُحُ مَحِلًّا لِابْتِدَاءِ الْبَيْعِ وَيَصْلُحُ لِبَقَائِهِ فَإِنَّ مَنْ بَاعَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَقِيَ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْبَيْعِ لِتَغَيُّرِ وَصْفِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ فَإِذَا صَارَ خَلًّا فَقَدْ زَالَ الْعَرَضُ قَبْلَ تَقَرُّرِ حُكْمِهِ فَجُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
(وَإِنْ رَهَنْت شَاةً قِيمَتُهَا عَشَرَةٌ فَمَاتَتْ فَدُبِغَ جِلْدُهَا وَهُوَ يُسَاوِي دِرْهَمًا فَهُوَ رَهْنٌ بِهِ) أَيْ بِدِرْهَمٍ لِأَنَّ الرَّهْنَ يَتَقَرَّرُ بِالْهَلَاكِ فَإِذَا بَقِيَ بَعْضُ الْمَحِلِّ يَعُودُ الْحُكْمُ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ الشَّاةُ الْمَبِيعَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَدُبِغَ جِلْدُهَا حَيْثُ لَا يَعُودُ الْبَيْعُ بِقَدْرِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَعُودُ الْبَيْعُ هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْجِلْدِ يَوْمَ الرَّهْنِ دِرْهَمًا وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَئِذٍ دِرْهَمَيْنِ كَانَ الْجِلْدُ رَهْنًا بِدِرْهَمَيْنِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَى خَلًّا بِدِرْهَمٍ أَوْ شَاةً عَلَى أَنَّهَا مَذْبُوحَةٌ بِدِرْهَمٍ رَهَنَ بِهِ شَيْئًا هَلَكَ الرَّهْنُ فَظَهَرَ أَنَّ الْخَلَّ خَمْرٌ وَالشَّاةُ مَيْتَةٌ يَهْلِكُ مَضْمُونًا بِخِلَافِ مَاذَا اشْتَرَى خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً أَوْ حُرًّا وَرَهَنَ بِالثَّمَنِ شَيْئًا وَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ وَإِنْ انْتَقَصَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ قَدْرًا أَوْ وَصْفًا يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِهِ بِخِلَافِ النُّقْصَانِ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ عَلَى مَا عُرِفَ فَلَوْ رَهَنَ فَرْوًا قِيمَتُهُ أَرْبَعُونَ بِعَشَرَةٍ فَأَفْسَدَهُ السُّوسُ حَتَّى صَارَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةً يَفْتَكُّهُ الرَّاهِنُ بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَسْقُطُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدَّيْنِ لِأَنَّ كُلَّ رُبْعٍ مِنْ الْفَرْوِ مَرْهُونٌ بِرُبْعِ الدَّيْنِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْفَرْوِ رُبْعُهُ فَيَبْقَى مِنْ الدَّيْنِ أَيْضًا رُبْعُهُ.
(وَنَمَاءُ الرَّهْنِ كَوَلَدِهِ وَلَبَنِهِ وَصُوفِهِ وَثَمَرِهِ لِلرَّاهِنِ) لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مِلْكِهِ فَلَا يَدْخُلُ الْكَسْبُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ مِنْ الْأَصْلِ فَيَأْخُذُ الرَّاهِنُ فِي الْحَالِ (وَيَكُونُ رَهْنًا مَعَ الْأَصْلِ) لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَالرَّهْنُ حَقٌّ مُتَأَكِّدٌ لَازِمٌ فَيَسْرِي إلَى الْوَلَدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِخِلَافِ وَلَدِ الْجَارِيَةِ الْجَانِيَةِ حَيْثُ لَا يَسْرِي حُكْمُ الْجِنَايَةِ إلَى الْوَلَدِ وَلَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِيهِ (فَإِنْ هَلَكَ) النَّمَاءُ (هَلَكَ بِلَا شَيْءٍ) لِعَدَمِ دُخُولِهِ تَحْتَ الْعَقْدِ مَقْصُودًا.
(وَإِنْ بَقِيَ) النَّمَاءُ (وَهَلَكَ الْأَصْلُ يَفْتَكُّ) الرَّاهِنُ (بِحِصَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُقْسَمُ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَقِيمَةِ النَّمَاءِ يَوْمَ الْفِكَاكِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ يَصِيرُ مَضْمُونًا بِالْقَبْضِ وَالزِّيَادَةُ تَصِيرُ مَقْصُودَةً بِالْفِكَاكِ إذَا بَقِيَ إلَى وَقْتِهِ وَالتَّبَعُ يُقَابِلُهُ شَيْءٌ إذَا صَارَ مَقْصُودًا كَوَلَدِ الْمَبِيعِ (فَمَا أَصَابَ الْأَصْلَ سَقَطَ) مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ يُقَابِلُهُ الْأَصْلُ مَقْصُودًا (وَمَا أَصَابَ النَّمَاءَ افْتَكَّ بِهِ) صُورَتُهُ رَجُلٌ رَهَنَ شَاةً بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ وَقِيمَتُهَا
عَشَرَةٌ يَوْمَ الْقَبْضِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا قِيمَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ يَوْمَ الْفَكِّ فَصَارَتْ قِيمَتُهُمَا خَمْسَةَ عَشَرَةَ وَالدَّيْنُ يُقْسَمُ عَلَى قِيمَتِهِمَا أَثْلَاثًا يُصِيبُ ثُلُثَا الدَّيْنِ لِلْأُمِّ وَهُوَ سِتَّةٌ فَتَسْقُطُ وَيُصِيبُ ثُلُثَهُ لِلْوَلَدِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّ قِيمَتَهُمَا أَثْلَاثٌ فَيَلْزَمُ الرَّاهِنَ أَنْ يَدْفَعَ الثُّلُثَ ثُمَّ يَأْخُذَ الْوَلَدَ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَكْلِ زَوَائِدِ الرَّهْنِ فَأَكَلَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَفْتَكَّ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ حَتَّى هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ قُسِمَ الدَّيْنُ عَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ الَّتِي أَكَلَهَا الْمُرْتَهِنُ وَعَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ فَمَا أَصَابَ الْأَصْلَ سَقَطَ وَمَا أَصَابَ الزِّيَادَةَ أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ كَمَا مَرَّ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَهَنَ جَارِيَةً فَأَرْضَعَتْ صَبِيَّا الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَهَنَ شَاةً فَشَرِبَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ لَبَنِهَا فَإِنَّهُ مَحْسُوبٌ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ.
(وَتَصِحُّ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ) مِثْلُ أَنْ يَرْهَنَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ يُسَاوِي عَشَرَةً ثُمَّ زَادَ الرَّاهِنُ ثَوْبًا آخَرَ فَيَكُونُ مَعَ الْأَوَّلِ رَهْنًا بِالْعَشَرَةِ (وَلَا تَصِحُّ) الزِّيَادَةُ (فِي الدَّيْنِ) مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ أَقْرِضْنِي خَمْسَمِائَةٍ أُخْرَى عَلَى أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الَّذِي عِنْدَك رَهْنًا بِأَلْفٍ (فَلَا يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا بِهَا) أَيْ بِالزِّيَادَةِ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الدَّيْنِ تَرْكُ الِاسْتِيثَاقِ وَهُوَ يَكُونُ مُنَافِيًا لِعَقْدِ الرَّهْنِ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الدَّيْنِ تُوجِبُ الشُّيُوعَ فِي الرَّهْنِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا يَصِيرُ الرَّهْنُ الْأَوَّلُ رَهْنًا بِالدَّيْنِ الْحَادِثِ بَلْ يَصِيرُ كُلُّ الرَّهْنِ بِمُقَابَلَةِ الدَّيْنِ السَّابِقِ فَإِنْ هَلَكَ الْعَبْدُ يَسْقُطُ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ الثَّانِي بِلَا رَهْنٍ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ فَيَسْقُطُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ الرَّهْنِ الدَّيْنَانِ قِيَاسًا عَلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ فِي بَابِ الرَّهْنِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَالرَّهْنُ كَالثَّمَنِ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِيهِمَا كَمَا فِي الْبَيْعِ.
وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ وَلَا فِي الدَّيْنِ لِعَدَمِ جَوَازِهَا فِي الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الدَّيْنِ لَا تَصِحُّ أَنْ لَا يَكُونَ رَهْنًا بِالزِّيَادَةِ كَمَا أَنَّهُ رَهْنٌ بِأَصْلِ الدَّيْنِ وَأَمَّا نَفْسُ زِيَادَةِ الدَّيْنِ عَلَى الدَّيْنِ فَصَحِيحَةٌ لِأَنَّ الِاسْتِدَانَةَ بَعْدَ الِاسْتِدَانَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ الْأَوَّلِ جَائِزٌ إجْمَاعًا.
(وَإِنْ رَهَنَ عَبْدًا يَعْدِلُ أَلْفًا بِأَلْفٍ فَدَفَعَ مَكَانَهُ عَبْدًا يَعْدِلُهَا) أَيْ الْأَلْفَ (فَالْأَوَّلُ رَهْنٌ) فَمَاتَ قَبْلَ الرَّدِّ يَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ فَالْعَبْدُ الْأَوَّلُ رَهْنٌ كَمَا كَانَ (حَتَّى يَرُدَّ) الْمُرْتَهِنُ (إلَى رَاهِنِهِ وَالْمُرْتَهِنُ أَمِينٌ فِي) الْعَبْدِ (الثَّانِي حَتَّى يَجْعَلَهُ مَكَانَ الْأَوَّلِ بِرَدِّ الْأَوَّلِ) عَلَى الرَّاهِنِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الثَّانِي مَضْمُونًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ وَالدَّيْنُ وَهُمَا بَاقِيَانِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الضَّمَانِ إلَّا بِنَقْضِ الْقَبْضِ مَا دَامَ الدَّيْنُ بَاقِيًا وَإِذَا بَقِيَ الْأَوَّلُ فِي ضَمَانِهِ لَا يَدْخُلُ الثَّانِي فِي ضَمَانِهِ لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِدُخُولِ أَحَدِهِمَا فِيهِ لَا بِدُخُولِهِمَا فَإِذَا رَدَّ الْأَوَّلُ دَخَلَ الثَّانِي فِي ضَمَانِهِ ثُمَّ قِيلَ يُشْتَرَطُ
تَجْدِيدُ الْقَبْضِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ رَهَنَ عِنْدَ إنْسَانٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ جَاءَ الرَّاهِنُ بِجَارِيَةٍ وَقَالَ خُذْهَا مَكَانَ الْعَبْدِ يَصِحُّ ذَلِكَ إذَا قَبَضَ انْتَهَى يُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا قَبَضَ الرَّهْنَ الثَّانِيَ خَرَجَ الْأَوَّلُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَهْنًا رَدَّ الْأَوَّلَ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ لَمْ يَرُدَّ.
(وَلَوْ أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الرَّاهِنَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَهُ) أَيْ الدَّيْنَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّاهِنِ (فَهَلَكَ الرَّهْنُ) فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ (هَلَكَ بِلَا شَيْءٍ) اسْتِحْسَانًا.
وَقَالَ زُفَرُ يَضْمَنُ قِيمَةَ الرَّهْنِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْقَبْضَ وَقَعَ مَضْمُونًا فَيَبْقَى الضَّمَانُ مَا بَقِيَ الْقَبْضُ وَلَنَا أَنَّ ضَمَانَ الرَّهْنِ بِاعْتِبَارِ الْقَبْضِ وَالدَّيْنِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ اسْتِيفَاءٍ وَذَا لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ وَبِالْإِبْرَاءِ لَمْ يَبْقَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الدَّيْنُ وَالْحُكْمُ الثَّابِتُ بِعِلَّةٍ ذَاتِ وَصْفَيْنِ يَزُولُ بِزَوَالِ أَحَدِهِمَا وَلِهَذَا لَوْ رَدَّ الرَّهْنَ يَسْقُطُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الْقَبْضِ وَلَوْ بَقِيَ الدَّيْنُ وَكَذَا إذَا أَبْرَأهُ عَنْ الدَّيْنِ يَسْقُطُ الضَّمَانُ لِعَدَمِ الدَّيْنِ وَإِنْ بَقِيَ الْقَبْضُ فَأَمَّا إذَا أَحْدَثَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مَنْعًا ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِأَنَّ حَقَّ الْمَنْعِ لَمْ يَبْقَ فَصَارَ فِيمَا يَمْنَعُ غَاصِبًا فَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَكَذَا لَوْ ارْتَهَنَتْ الْمَرْأَةُ رَهْنًا بِالصَّدَاقِ وَأَبْرَأَتْهُ أَوْ وَهَبْته أَوْ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى صَدَاقِهَا ثُمَّ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِهَا يَهْلِكُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فِي هَذَا كُلِّهِ وَلَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا لِسُقُوطِ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْإِبْرَاءِ.
(وَلَوْ قَبَضَ) الْمُرْتَهِنُ (دَيْنَهُ أَوْ بَعْضَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) كَالْمُتَطَوِّعِ (أَوْ شَرَى بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ (عَيْنًا) مِنْهُ (أَوْ صَالَحَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ (عَلَى شَيْءٍ أَوْ احْتَالَ بِهِ) أَيْ أَحَالَ الرَّاهِنُ مُرْتَهِنَهُ بِدَيْنِهِ (عَلَى آخَرَ ثُمَّ هَلَكَ) الرَّهْنُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ (قَبْلَ رَدِّهِ) أَيْ إلَى الرَّاهِنِ (هَلَكَ بِالدِّينِ) لِأَنَّ نَفْسَ الدَّيْنِ بِالِاسْتِيفَاءِ وَنَحْوِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا لَا بِأَنْفُسِهَا لَكِنَّ الِاسْتِيفَاءَ يَتَعَذَّرُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ لَا يُعْقِبُ مُطَالَبَةَ مِثْلِهِ فَيَقْضِي إلَى الدُّورِ فَإِذَا هَلَكَ الرَّهْنُ تَقَرَّرَ الِاسْتِيفَاءُ الْأَوَّلُ فَانْتَقَضَ الِاسْتِيفَاءُ الثَّانِي لِئَلَّا يَتَكَرَّرُ الِاسْتِيفَاءُ (وَيَرُدُّ مَا قَبَضَ إلَى مَنْ قَبَضَ مِنْهُ) هَذَا فِي صُورَةِ إيفَاءِ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُتَطَوِّعِ أَوْ الشِّرَاعِ أَوْ الصُّلْحِ.
(وَتَبْطُلُ الْحَوَالَةُ) وَيَهْلِكُ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ إذْ بِالْحَوَالَةِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ وَلَكِنَّ ذِمَّةَ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ تَقُومُ مَقَامَ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ وَلِذَا يَعُودُ إلَى ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إذَا مَاتَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مُفْلِسًا.
(وَكَذَا) أَيْ كَمَا يَهْلِكُ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يَهْلِكُ بِهِ أَيْضًا (لَوْ تَصَادَقَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ ثُمَّ هَلَكَ) الرَّهْنُ (هَلَكَ بِالدَّيْنِ) لِأَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ أَوْ بِجِهَتِهِ عِنْدَ تَوَهُّمِ الْوُجُودِ كَمَا فِي الدَّيْنِ الْمَوْجُودِ وَقَدْ بَقِيَتْ الْجِهَةُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَصَادَقَا عَلَى قِيَامِ الدَّيْنِ بَعْدَ تَصَادُقِهِمَا عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْإِبْرَاءِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ يُسْقِطُ الدَّيْنَ أَصْلًا وَبِالِاسْتِيفَاءِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بَلْ يَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَيَتَعَذَّرُ الِاسْتِيفَاءُ لِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْفَائِدَةِ.