الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُقِرِّ كَذَا هَذَا وَلَوْ قَالَ: إنَّ هَذَا اللَّبَنَ، أَوْ هَذَا السَّمْنَ، أَوْ، هَذَا الْجُبْنَ مِنْ بَقَرَةِ فُلَانٍ، أَوْ هَذَا الصُّوفَ مِنْ غَنَمِهِ، أَوْ هَذَا التَّمْرَ مِنْ نَخْلَتِهِ، وَادَّعَى فُلَانٌ أَنَّهُ لَهُ أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِمِلْكِ الشَّيْءِ إقْرَارٌ بِمَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ، لِأَنَّهُ يُمْلَكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]
ِ أَقَرَّهُ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِأَحْكَامٍ لَيْسَتْ لِلصَّحِيحِ، وَأَخَّرَهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ بَعْدَ الصِّحَّةِ (دَيْنُ صِحَّتِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (وَمَا لَزِمَهُ) أَيْ الْمَرِيضَ (فِي مَرَضِهِ) أَيْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ (بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ) كَبَدَلِ مَا مَلَكَهُ بِالِاسْتِقْرَاضِ أَوْ بِالشِّرَاءِ، وَعَايَنَهُمَا الشُّهُودُ أَوْ أَهْلَكَ مَالًا أَوْ تَزَوَّجَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَعَايَنَهُمَا النَّاسُ (سَوَاءٌ) لِأَنَّهُ لَمَّا عُلِمَ سَبَبُهُ انْتَفَى التُّهْمَةُ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ فَصَارَ كَالدَّيْنِ الثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ فِي مَرَضِهِ (وَيُقَدَّمَانِ) أَيْ دَيْنُ الصِّحَّةِ وَمَا لَزِمَهُ فِي مَرَضِهِ بِسَبَبٍ مَعْرُوفٍ (عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ فِي مَرَضِهِ) وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ وَدِيعَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ هَذَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ الدَّيْنَانِ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ لَا تُهْمَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ صَادِرٌ عَنْ عَقْلٍ، وَالذِّمَّةُ قَابِلَةٌ لِلْحُقُوقِ فِي الْحَالَيْنِ وَلَنَا أَنَّ حَقَّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ تَعَلَّقَ بِمَالِ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ فِي أَوَّلِ مَرَضِهِ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ قَضَائِهِ عَنْ مَالٍ آخَرَ، فَالْإِقْرَارُ فِيهِ صَادَفَ حَقَّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ فَكَانَ مَحْجُورًا عَنْهُ وَمَدْفُوعًا بِهِ (وَالْكُلُّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِ الصِّحَّةِ وَدَيْنِ الْمَرَضِ بِسَبَبٍ مَعْلُومٍ، وَدَيْنِ الْمَرَضِ الثَّابِتِ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ، فَالْكُلُّ إفْرَادِيٌّ فَإِنَّهُ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ) ، وَإِنْ أَحَاطَ الدُّيُونُ الْمَذْكُورَةُ جَمِيعَ مَالِهِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَنْفُذَ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ لَكِنْ تُرِكَ بِالْأَثَرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - إذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ جَازَ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ، وَالْأَثَرُ فِي مِثْلِهِ كَالْخَبَرِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ فَلَا يُتْرَكُ بِالْقِيَاسِ، فَصَارَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى مِنْ الْوَرَثَةِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ بِشَرْطِ الْفَرَاغِ عَنْ حَاجَتِهِ، وَقَضَاءُ دَيْنِهِ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ كَتَكْفِينِهِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَخْصِيصُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (غَرِيمًا) مِنْ الْغُرَمَاءِ (بِقَضَاءِ دَيْنِهِ) أَيْ لَيْسَ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَقْضِيَ دَيْنَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ دُونَ بَعْضٍ وَلَوْ إعْطَاءَ مَهْرٍ وَإِيفَاءَ أَجْرِهِ، لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْبَاقِينَ إلَّا إذَا قَضَى مَا اسْتَقْرَضَ فِي مَرَضِهِ أَوْ نَقَدَ ثَمَنَ مَا اشْتَرَى فِيهِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّ الْبَائِعَ أُسْوَةٌ لِلْغُرَمَاءِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ بِدَيْنٍ تَحَاصَّا وَصَلَ أَوْ فَصَلَ.
وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ بِوَدِيعَةٍ تَحَاصَّا، وَعَلَى الْقَلْبِ الْوَدِيعَةُ أَوْلَى.
، وَإِقْرَارُهُ بِبَيْعِ عَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ، وَقَبْضِ الثَّمَنِ مَعَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ صَحِيحٌ فِي الْبَيْعِ دُونَ قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا بِقَدْرِ الثُّلُثِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِأَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ كَالدَّيْنِ وَلَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَيْنِهِ إنْ كَانَ دَيْنَ الصِّحَّةِ يَصِحُّ
مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ دَيْنَ الْمَرَضِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنُ الصِّحَّةِ لَا يَصِحُّ وَإِلَّا نَفَذَ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا فِي إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَنَافِذٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَإِبْرَاؤُهُ مَدْيُونَهُ - وَهُوَ مَدْيُونٌ - غَيْرُ جَائِزٍ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ كَانَ وَارِثًا فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا، وَقَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ شَيْءٌ صَحِيحٌ قَضَاءً لَا دِيَانَةً كَمَا فِي التَّنْوِيرِ.
وَفِي الْمِنَحِ قَالَتْ فِيهِ: لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي مَهْرٌ، أَوْ قَالَ فِيهِ: لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى فُلَانٍ شَيْءٌ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَنْ يَدَّعُوا عَلَيْهِ شَيْئًا فِي الْقَضَاءِ، وَفِي الدِّيَانَةِ لَا يَجُوزُ هَذَا الْإِقْرَارُ وَلَوْ أَقَرَّ الِابْنُ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى وَالِدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَةِ أُمِّهِ صَحَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَهُ أَوْ وَهَبَهُ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ مَالِهِ مِنْهُ وَتَمَامُهُ فِيهِ، فَلْيُطَالَعْ.
(وَلَا) يَصِحُّ (إقْرَارُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ (لِوَارِثِهِ) عِنْدَهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَوْلِ الْأَصَحِّ: يَصِحُّ لِأَنَّهُ إظْهَارُ حَقٍّ ثَابِتٍ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الصِّدْقِ فِيهِ فَصَارَ كَالْإِقْرَارِ لِأَجْنَبِيٍّ وَبِوَارِثٍ آخَرَ وَبِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ لِلْوَارِثِ.
وَلَنَا قَوْلُهُ عليه السلام «لَا وَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ» وَلَا إقْرَارَ لَهُ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ) أَيْ الْمَرِيضَ (بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ) لِأَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ كَانَ لِحَقِّهِمْ فَإِذَا صَدَّقُوهُ فَقَدْ أَقَرُّوا بِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِمْ فَيَلْزَمُهُمْ.
وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى وَارِثِهِ فَأَقَرَّ بِقَبْضِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْبَقِيَّةُ، وَكَذَا لَوْ رَجَعَ فِيمَا وُهِبَهُ مِنْهُ فِي مَرَضِهِ، أَوْ قَبَضَ مَا غَصَبَهُ مِنْهُ وَرَهَنَهُ عِنْدَهُ، أَوْ اسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
وَكَذَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِعَبْدِ وَارِثِهِ، وَلَا مُكَاتَبِهِ لِأَنَّهُ يَقَعُ لِمَوْلَاهُ مِلْكًا أَوْ حَقًّا، وَلَوْ صَدَرَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْهُ لِلْوَارِثِ، وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ بَرِئَ ثُمَّ مَاتَ جَازَ ذَلِكَ كُلُّهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَرَضَ الْمَوْتِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْوَرَثَةِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ أَقَرَّ فِيهِ لِوَارِثِهِ يُؤْمَرُ فِي الْحَالِ بِتَسْلِيمِهِ إلَى الْوَارِثِ فَإِذَا مَاتَ يَرُدُّهُ.
وَفِي الْقُنْيَةِ: تَصَرُّفَاتُ الْمَرِيضِ نَافِذَةٌ، وَإِنَّمَا تُنْقَضُ بَعْدَ الْمَوْتِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) الْمَرِيضُ (لِأَجْنَبِيٍّ صَحَّ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ (وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (أَحَاطَ) إقْرَارُهُ أَيْ اسْتَغْرَقَ (بِمَالِهِ) لِمَا بَيَّنَّا.
(وَإِنْ أَقَرَّ) الْمَرِيضُ (لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ) لِأَنَّ النَّسَبَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ، وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ (وَبَطَلَ إقْرَارُهُ) لِأَنَّ دَعْوَةَ النَّسَبِ تَسْتَنِدُ إلَى زَمَانِ الْعُلُوقِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْبُنُوَّةَ ثَابِتَةٌ زَمَانَ الْإِقْرَارِ فَبَطَلَ
إلَّا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - فِي الْأَصَحِّ - وَمَالِكٍ لَا يَبْطُلُ إذَا لَمْ يُتَّهَمْ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) الْمَرِيضُ (لِأَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يَبْطُلُ إقْرَارُهُ) لَهَا.
وَقَالَ زُفَرُ: يَبْطُلُ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ عِنْدَ الْمَوْتِ فَتَحْصُلُ التُّهْمَةُ وَلَنَا أَنَّهُ أَقَرَّ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا سَبَبُ التُّهْمَةِ فَلَا يَبْطُلُ بِسَبَبٍ يَحْدُثُ بَعْدَهُ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ: وَالْعِبْرَةُ لِكَوْنِهِ وَارِثًا وَقْتَ الْمَوْتِ لَا وَقْتَ الْإِقْرَارِ، إلَّا إذَا صَارَ وَارِثًا بِسَبَبٍ جَدِيدٍ كَالتَّزْوِيجِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُوَالَاة.
وَفِي التَّنْوِيرِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ لِأَخِيهِ الْمَحْجُوبِ إذَا زَالَ حَجْبُهُ وَصَارَ غَيْرَ مَحْجُوبٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ.
أَقَرَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى ابْنَتِهِ الْمَيِّتَةِ عَشَرَةٌ قَدْ اسْتَوْفَيْتهَا وَلِلْمُقِرِّ ابْنٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ صَحَّ إقْرَارُهُ كَمَا لَوْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَهُ وَتَرَكَ وَارِثًا، وَقِيلَ لَا يَصِحُّ.
(وَلَوْ أَوْصَى لَهَا) أَيْ لِأَجْنَبِيَّةٍ شَيْئًا (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَهِيَ وَارِثَةٌ فِي هَذَا الْوَقْتِ فَتَبْطُلُ.
(وَلَوْ وَهَبَهَا) أَيْ لِأَجْنَبِيَّةٍ شَيْئًا (ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَا رُجُوعَ) هَذَا مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ قَالُوا فِي هَذَا الْمَحَلِّ: إنَّ الْهِبَةَ الْمَذْكُورَةَ بَاطِلَةٌ كَالْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْهِبَةَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى لَهَا أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَطَلَتْ، لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى، وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُصَنِّفِ قَدْ نَطَقَ بِالْحَقِّ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا حَيْثُ قَالَ: وَتَبْطُلُ هِبَةُ الْمَرِيضِ وَوَصِيَّتُهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ نَكَحَهَا بَعْدَهَا، وَغَفَلَ هَهُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ طَرَفِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ " فَلَا رُجُوعَ " لِبُطْلَانِهِ إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ بَاطِلَةً لَا يَجْرِي عَلَيْهَا الرُّجُوعُ فَذَكَرَ عَدَمَ الرُّجُوعِ، وَأَرَادَ الْبُطْلَانَ.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ أَقَرَّ لِمَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِيهِ أَيْ فِي الْمَرَضِ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ وَالدَّيْنِ، هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا بِلَا سُؤَالِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهَا.
(وَإِنْ أَقَرَّ) رَجُلٌ (بِغُلَامٍ) أَيْ وَلَدٍ فَيَشْمَلُ الْبِنْتَ (مَجْهُولِ النَّسَبِ) فِي بَلَدٍ هُوَ فِيهَا، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ " مَجْهُولِ النَّسَبِ " فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى مَا فِي الْقُنْيَةِ، لَكِنْ فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنْ يُجْهَلَ نَسَبُهُ فِي مَوْلِدِهِ فَإِنْ عُرِفَ نَسَبُهُ فِيهِ فَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ (يُولَدُ) صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ لِغُلَامٍ أَوْ حَالٌ مِنْهُ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ هَذَا الْغُلَامِ (لِمِثْلِهِ) أَيْ لِمِثْلِ هَذَا الْمَرِيضِ بِأَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَكْبَرَ مِنْهُ بِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَنِصْفٍ، وَالْمَرْأَةُ أَكْبَرَ مِنْهُ بِتِسْعِ سِنِينَ وَنِصْفٍ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ (أَنَّهُ) أَيْ أَنَّ هَذَا الْغُلَامَ (ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ (الْغُلَامُ) إنْ كَانَ الْغُلَامُ مُعَبِّرًا، لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَهِيمَةِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ هَذَا الشَّرْطُ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بِلَا تَصْدِيقِهِ أَيْضًا يُعْتَبَرُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (يَثْبُتُ نَسَبُهُ) أَيْ الْغُلَامِ (مِنْهُ) أَيْ الْمُقِرِّ لِأَنَّ النَّسَبَ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ.
(وَلَوْ) كَانَ الْمُقِرُّ فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ (مَرِيضًا وَشَارَكَ) الْغُلَامُ (الْوَرَثَةَ) الْمَعْرُوفَةَ فِي الْمِيرَاثِ
لِأَنَّهُ صَارَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ (وَصَحَّ إقْرَارُ الرَّجُلِ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ) بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الِابْنِ، لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ فِيهِ حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ (وَالزَّوْجَةِ) أَيْ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالزَّوْجَةِ بِشَرْطِ خُلُوِّهَا عَنْ زَوْجٍ، وَعِدَّتِهِ، وَبِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ تَحْتَ الْمُقِرِّ أُخْتُهَا وَلَا أَرْبَعٌ سِوَاهَا (وَالْمَوْلَى) أَيْ صَحَّ إقْرَارُهُ بِالْمَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْعَتَاقَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَاؤُهُ ثَابِتًا مِنْ جِهَةِ غَيْرِ الْمُقِرِّ (وَشُرِطَ تَصْدِيقُ هَؤُلَاءِ) لِأَنَّ إقْرَارَ غَيْرِهِمْ لَا يَلْزَمُهُمْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ فِي يَدِ نَفْسِهِ لَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ صَغِيرًا فِي يَدِ الْمُقِرِّ - وَهُوَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ - أَوْ عَبْدًا لَهُ فَثَبَتَ نَسَبُهُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ مَوْلَاهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ.
(وَكَذَا) يَصِحُّ (إقْرَارُ الْمَرْأَةِ) بِالْوَالِدَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى لِمَا ذَكَرْنَا (لَكِنْ شُرِطَ فِي إقْرَارِهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ (بِالْوَلَدِ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا) كَمَا أَنَّ تَصْدِيقَ الْوَلَدِ شَرْطٌ، لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ، وَالْحَقَّ لَهُ فَإِذَا صَدَّقَهَا فَقَدْ أَقَرَّ بِهِ هَذَا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ، وَادَّعَتْ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ تَحْمِيلَ النَّسَبِ عَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُهُ بِقَوْلِهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا هِيَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ، وَادَّعَتْ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ غَيْرِهِ صَحَّ إقْرَارُهَا لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامًا عَلَى نَفْسِهَا دُونَ غَيْرِهَا فَيَنْفُذُ عَلَيْهَا (أَوْ شَهَادَةُ قَابِلَةٍ) بِوِلَادَتِهِ مِنْهَا لِأَنَّ قَوْلَ الْقَابِلَةِ حُجَّةٌ فِي تَعْيِينِ الْوَلَدِ (وَصَحَّ تَصْدِيقُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ) لِبَقَاءِ النَّسَبِ بَعْدَ الْمَوْتِ (إلَّا تَصْدِيقَ الزَّوْجِ بَعْدَ مَوْتِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ، لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا بَاطِلٌ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَاتَتْ زَالَ النِّكَاحُ بِعَلَائِقِهِ فِي جَانِبِهِ، إذْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُغَسِّلَهَا عِنْدَنَا، فَالتَّصْدِيقُ مِنْهُ لَا يُفِيدُ شَيْئًا وَلَوْ بِاعْتِبَارِ إرْثٍ، لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ وَقْتَ الْإِقْرَارِ، لِأَنَّ التَّصْدِيقَ إذَا صَحَّ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْإِقْرَارِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ التَّصْدِيقِ بِاعْتِبَارِ إرْثٍ سَيَحْدُثُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ وَمَاتَ فَصَدَّقَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّ عَلَائِقَ النِّكَاحِ بَاقِيَةٌ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي جَانِبِهَا وَلِذَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ لِكَوْنِهِ مَالِكًا لَهَا حَتَّى يَبْقَى مِلْكُهُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَهَا الْمَهْرُ وَالْإِرْثُ مِنْهُ وِفَاقًا.
(وَعِنْدَهُمَا) وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (يَصِحُّ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَصِحُّ تَصْدِيقُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ لِبَقَاءِ النِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي حَقِّ الْإِرْثِ، وَالْإِقْرَارُ قَائِمٌ، وَالتَّكْذِيبُ مِنْهُ لَمْ يُوجَدْ فَصَحَّ التَّصْدِيقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ بِتَصَادُقِهِمَا فَيَرِثُ مِنْهَا وَلِهَذَا لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِهَا تُقْبَلُ.
(وَإِنْ أَقَرَّ) رَجُلٌ (بِنَسَبٍ غَيْرِ الْوِلَادِ كَأَخٍ وَعَمٍّ لَا يَثْبُتُ) النَّسَبُ مِنْهُ لِأَنَّ فِيهِ حَمْلَ النَّسَبِ
عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ إلَّا فِي حَقِّ نَفْسِ الْمُقِرِّ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْأَحْكَامُ مِنْ النَّفَقَةِ، وَالْحَضَانَةِ، وَالْإِرْثِ إذَا تَصَادَقَا عَلَى ذَلِكَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ إقْرَارَهُمَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمَا (وَيَرِثُهُ) أَيْ يَرِثُ هَذَا الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمُقِرِّ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْمُقِرِّ (وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَوْ) كَانَ (بَعِيدًا) لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِشَيْئَيْنِ: بِالنَّسَبِ فَفِيهِ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ، وَبِاسْتِحْقَاقِ مَالِهِ فَفِيهِ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ فَيُقْبَلُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُزَاحِمِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ قَرِيبٌ أَوْ بَعِيدٌ لَا يَرِثُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْمُقِرِّ.
(وَمَنْ مَاتَ أَبُوهُ فَأَقَرَّ بِأَخٍ) وَهُوَ يُصَدِّقُهُ (شَارَكَهُ فِي الْإِرْثِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ) لِأَنَّ الْمِيرَاثَ حَقُّهُ فَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَفِي ثُبُوتِهِ تَحْمِيلُهُ عَلَى الْغَيْرِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ.
(وَلَوْ كَانَ لِأَبِيهِمَا الْمَيِّتِ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِقَبْضِ أَبِيهِ نِصْفَهُ، فَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلْآخَرِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ، وَلَهُ عَلَى رَجُلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَثَلًا، فَأَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَنَّ أَبَاهُ قَبَضَ مِنْهُ نِصْفَهُ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَلَا شَيْءَ لِلْمُقِرِّ وَلِلْمُكَذِّبِ نِصْفُهُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَكَذَّبَهُ أَخُوهُ فَيَنْفُذُ فِي حَقِّهِ خَاصَّةً فَوَجَبَ عَلَى الْمَيِّتِ خَمْسُونَ عَلَى زَعْمِهِ، وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ فَاسْتَغْرَقَ نَصِيبَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ أَخَاهُ فِي الْخَمْسِينَ، وَإِنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ