الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]
(وَيَنْبَغِي لِلْقَاسِمِ أَنْ يُصَوِّرَ) عَلَى قِرْطَاسٍ أَوْ نَحْوِهِ (مَا يَقْسِمُهُ) لِيُمْكِنَهُ حِفْظُهُ وَإِصَابَتُهُ (وَيُعَدِّلُهُ) أَيْ يُسَوِّي مَا قَسَمَهُ عَلَى سِهَامِ الْقِسْمَةِ (وَيُذَرِّعُهُ) أَيْ يُذَرِّعُ مَا قَسَمَهُ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ بِأَنْ يُصَوِّرَ الذُّرْعَانَ عَلَى ذَلِكَ الْقِرْطَاسِ بِقَلَمِ الْجَدْوَلِ فَيَكُونُ كُلُّ ذِرَاعٍ فِي ذِرَاعٍ بِشَكْلِ لَبِنَةٍ (وَيُقَوِّمُ بِنَاءَهُ) إذْ التَّقْوِيمُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ بِالْآخِرَةِ (وَيَفْرِزُ كُلَّ نَصِيبٍ بِطَرِيقِهِ وَشِرْبِهِ) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَبِهِ يَكْمُلُ وَلِارْتِفَاعِ النِّزَاعِ هَذَا مَا هُوَ الْأَفْضَلُ إنْ أَمْكَنَ وَلِذَا يَجُوزُ تَرْكُهُ (وَيُلَقِّبُ الْأَنْصِبَاءَ) جَمْعُ نَصِيبٍ (بِالْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ) وَالرَّابِعِ وَالْخَامِسِ وَهَلُمَّ جَرًّا (وَيَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ) أَيْ أَسَامِي الشُّرَكَاءِ وَيَجْعَلُهَا بِطَاقَاتٍ وَيَطْوِي كُلَّ بِطَاقَةٍ وَيَجْعَلُهَا شِبْهَ الْبُنْدُقَةِ وَيُدْخِلُهَا فِي طُنَّيْنِ ثُمَّ يُخْرِجُهَا ثُمَّ يَدْلُكُهَا ثُمَّ يَجْعَلُهَا فِي وِعَاءٍ أَوْ فِي كُمِّهِ ثُمَّ يُخْرِجُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ (وَيُقْرِعُ) لِتَطْيِيبِ الْمَقْلُوبِ (فَالْأَوَّلُ لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوَّلًا وَالثَّانِي لِمَنْ خَرَجَ ثَانِيًا وَالثَّالِثُ لِمَنْ خَرَجَ ثَالِثًا) إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْأَخِيرِ قَالَ ابْنُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَيَكْتُبُ أَسْمَاءَهُمْ عَلَى الْقُرْعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَيَبْدَأُ الْقِسْمَةَ مِنْ أَيِّ طَرَفٍ كَانَ فَإِنْ جَعَلَ الطَّرَفَ الشَّرْقِيَّ أَوَّلًا يَجْعَلُ مَا يَلِيه ثَانِيًا ثُمَّ مَا يَلِيه ثَالِثًا فَيُخْرِجُ الْقُرْعَةَ الْمَكْتُوبَةَ فَيُعْطِي السَّهْمَ لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ فِيهَا أَوَّلًا وَالثَّانِي لِمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ ثَانِيًا وَالثَّالِثُ ثَالِثًا بِلَا حَاجَةٍ إلَى إخْرَاجِ قُرْعَةٍ إذْ بَقِيَ لَهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ بِلَا مُنَازِعٍ هَذَا فِي السِّهَامِ الْمُتَسَاوِيَةِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ مُتَفَاوِتَةً بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمْ مَثَلًا نِصْفٌ وَلِلثَّانِي سُدُسٌ وَلِلثَّالِثِ ثُلُثٌ فَيَجْعَلُ السِّهَامَ سِتَّةً فَإِنْ خَرَجَ فِي الْقُرْعَةِ الْأُولَى اسْمُ مَنْ لَهُ الثُّلُثُ اتِّفَاقًا فَلَهُ السَّهْمَانِ أَحَدُهُمَا هُوَ الْمُلَقَّبُ بِالْأَوَّلِ فِي طَرَفٍ شَرْقِيٍّ وَالْآخَرُ مَا يَلِيه تَتْمِيمًا لِحَقِّهِ ثُمَّ إنْ خَرَجَ فِي الدَّفْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْمُ مَنْ لَهُ النِّصْفُ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ عَلَى الِاتِّصَالِ فَيَبْقَى سَهْمٌ وَاحِدٌ لِمَنْ لَهُ السُّدُسُ بِلَا إخْرَاجِ قُرْعَةٍ وَالْقُرْعَةُ هُنَا لِإِزَالَةِ تُهْمَةِ الْمَيْلِ عَنْ الْقَسَّامِ أَوْ الْقَاضِي فِي إعْطَاءِ كُلٍّ سِهَامَهُ لَا فِي أَصْلِ الِاقْتِسَامِ فَمَعْنَى الْقِمَارِ يَسْقُطُ عَنْ الِاعْتِبَارِ.
(وَلَا تَدْخُلُ الدَّرَاهِمُ فِي الْقِسْمَةِ إلَّا بِرِضَاهُمْ) صُورَتُهُ دَارٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ فَأَرَادُوا قِسْمَتَهَا وَفِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَضْلُ بِنَاءٍ فَأَرَادَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَكُونَ عِوَضُ الْبِنَاءِ دَرَاهِمَ وَأَرَادَ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ عِوَضُهُ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ عِوَضَ الْبِنَاءِ مِنْ الْأَرْضِ وَلَا يُكَلَّفُ الَّذِي وَقَعَ الْبِنَاءُ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَرُدَّ بِإِزَاءِ الْبِنَاءِ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ فَحِينَئِذٍ لِلْقَاضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ وَالشَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ فِي الدَّارِ لَا فِي الدَّرَاهِمِ فَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ مَا لَيْسَ بِمُشْتَرَكٍ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَقْسِمُ الْكُلَّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ إذَا كَانَ أَرْضًا وَبِنَاءً لِتَعَذُّرِ التَّعْدِيلِ إلَّا بِالْقِيمَةِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَقْسِمُ الْأَرْضَ بِالْمِسَاحَةِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْمَسْمُوحَاتِ فَمَنْ كَانَ نَصِيبُهُ
أَجْوَدَ أَوْ وَقَعَ لَهُ الْبِنَاءُ يَرُدُّ عَلَى الْآخَرِ دَرَاهِمَ حَتَّى يُسَاوِيهِ فَيُدْخِلُ الدَّرَاهِمَ فِي الْقِسْمَةِ ضَرُورَةً كَالْأَخِ لَا وِلَايَةَ لَهُ فِي الْمَالِ ثُمَّ يَمْلِكُ تَسْمِيَةَ الصَّدَاقِ ضَرُورَةَ التَّزْوِيجِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى شَرِيكِهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي مُقَابَلَةِ الْبِنَاءِ فَإِذَا بَقِيَ فَضْلٌ وَلَا يُمْكِنُ التَّسْوِيَةُ بِأَنْ لَا تَفِيَ الْأَرْضُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فَحِينَئِذٍ يَرُدُّ فِي مُقَابَلَةِ الْفَضْلِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ فِي هَذَا الْقَدْرِ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَحْسَنُ وَأَوْفَقُ لِلْأُصُولِ.
(فَإِنْ وَقَعَ مَسِيلُ) مَاءٍ (أَوْ طَرِيقُ) الْمُرُورِ (لِأَحَدِهِمْ فِي نَصِيبِ آخَرَ وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَشْتَرِطْ) ذَلِكَ (فِي الْقِسْمَةِ صُرِفَ) الْمَسِيلُ أَوْ الطَّرِيقُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْآخَرِ (إنْ أَمْكَنَ) صَرْفُهُ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الْقِسْمَةِ وَهُوَ قَطْعُ الِاشْتِرَاكِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَرْفُهُ عَنْهُ (فُسِخَتْ) الْقِسْمَةُ بِالْإِجْمَاعِ لِاخْتِلَالِهَا وَتُسْتَأْنَفُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِالطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ.
(وَيَقْسِمُ) الْقَاضِي (سَهْمَيْنِ مِنْ الْعُلْوِ بِسَهْمٍ مِنْ السُّفْلِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) يَقْسِمُ (سَهْمًا بِسَهْمٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقْسِمُ بِالْقِيمَةِ) كَمَا إذَا كَانَ عُلْوٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَسُفْلُهُ لِرَجُلٍ أَوْ سُفْلٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَعُلْوُهُ لِآخَرَ وَطَلَبَا الْقِسْمَةَ أَوْ أَحَدُهُمَا قَالَ الْإِمَامُ يُحْسَبُ ذِرَاعٌ مِنْ السُّفْلِ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ الْعُلْوِ؛ لِأَنَّ السُّفْلَ يَبْقَى بَعْدَ فَوَاتِ الْعُلْوِ وَالْعُلْوَ لَا يَبْقَى بَعْدَ فَنَاءِ السُّفْلِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُحْسَبُ ذِرَاعٌ مِنْ السُّفْلِ بِذِرَاعٍ مِنْ الْعُلْوِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ السُّكْنَى وَقَدْ اسْتَوَيَا فِيهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُقَوَّمُ كُلٌّ عَلَى حِدَةٍ وَيَقْسِمُ بِالْقِيمَةِ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْعُلْوِ وَالسُّفْلِ مُتَفَاوِتَةٌ بِحَسَبِ الْأَوْقَاتِ فَفِي الصَّيْفِ يَخْتَارُ الْعُلْوَ وَفِي الشِّتَاءِ السُّفْلَ فَلَا يُمْكِنُ التَّعْدِيلُ إلَّا بِالْقِيمَةِ قِيلَ هَذَا اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ أَجَابَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا شَاهَدَهُ فِي زَمَانِهِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الِاخْتِلَافُ فِي السَّاحَةِ وَأَمَّا الْبِنَاءُ فَيُقَسَّمُ بِالْقِيمَةِ اتِّفَاقًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ (الْفَتْوَى) كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
(فَإِنْ أَقَرَّ) وَالْأَوْلَى بِالْوَاوِ (أَحَدُ الْمُتَقَاسِمِينَ بِالِاسْتِيفَاءِ) أَيْ بِأَخْذِ تَمَامِ حِصَّتِهِ مِنْ الْمَقْسُومِ (ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَ نَصِيبِهِ مِنْهُ) وَقَعَ (فِي يَدِ صَاحِبِهِ) غَلَطًا بَعْدَمَا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ (لَا يُصَدَّقُ) قَوْلُهُ (إلَّا بِحُجَّةٍ) مِنْهُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى تُخَالِفُ إقْرَارَهُ السَّابِقَ بِالِاسْتِيفَاءِ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ حَتَّى قَالُوا يُحْمَلُ دَعْوَى الْغَلَطِ عَلَى فَسْخِ الْقِسْمَةِ لِيَكُونَ وَجْهًا لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَجْهُ رِوَايَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى فِعْلِ الْقَاسِمِ فِي إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ ثُمَّ لَمَّا تَأَمَّلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ ظَهَرَ الْغَلَطُ فِي فِعْلِهِ فَلَا يُؤَاخَذُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَقِّ انْتَهَى وَهَذَا عَلَى رِوَايَةِ الْهِدَايَةِ فِي ثُبُوتِ هَذِهِ الدَّعْوَى بِالْبَيِّنَةِ حَيْثُ قَالَ إنْ لَمْ يُقِمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً اسْتَخْلَفَ الشُّرَكَاءُ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ هَذِهِ الدَّعْوَى بِالنُّكُولِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ أَيْضًا إذْ لَا نِزَاعَ فِيهِ بَلْ يُمْنَعُ قَوْلُ مَنْ نَازَعَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْحُجَّةِ إقْرَارُ الْخَصْمِ أَوْ نُكُولُهُ لَا غَيْرُ لِكَوْنِ الدَّعْوَى عَلَى التَّنَاقُصِ وَقَالَ صَاحِبُ
الْإِصْلَاحِ إلَّا بِحُجَّةٍ مِنْ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي وَإِقْرَارِ الْخَصْمِ وَنُكُولِهِ عَلَى التَّعْمِيمِ.
(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاسِمَيْنِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُتَقَاسِمِينَ (فِيهَا) أَيْ فِي الْقِسْمَةِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِمَا بِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِمَا (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِمَا فَأَوْرَثَتْ التُّهْمَةَ وَهَذَا إذَا تَقَاسَمَا مَجَّانًا وَلَا يَجُرَّانِ لَهُمَا نَفْعًا قَالَ الطَّحَاوِيُّ إذَا اقْتَسَمَا بِأَجْرٍ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي الْكُلِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلِذَا أَطْلَقَ فِي الْكِتَابِ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ.
(وَإِنْ قَالَ) أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بَعْدَمَا أَقَرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ (قَبَضْته) أَيْ حَقِّي (ثُمَّ أَخَذَ) صَاحِبِي (بَعْضَهُ) مِنِّي بَعْدَمَا قَبَضْته وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ ذَلِكَ (حَلَفَ خَصْمُهُ) ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ الْغَصْبَ وَهُوَ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ.
وَفِي التَّسْهِيلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي أَنَّ الْخَصْمَ يَحْلِفُ فِيهَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأُولَى يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ دَعْوَاهُ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ.
(وَإِنْ قَالَ قَبْلَ أَنْ يُقِرَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَصَابَنِي) مِنْ ذَلِكَ (كَذَا) إلَى كَذَا (وَلَمْ يُسَلِّمْ) مَا أَصَابَنِي مِنْ حَقِّي (إلَيَّ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ) الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي مِقْدَارِ مَا حَصَلَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ فَصَارَ نَظِيرَ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الْمَبِيعِ.
وَفِي الْفَرَائِدِ نَقْلًا عَنْ التَّسْهِيلِ هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ بِعَيْنِهَا وَأَجَابَ هُنَا أَنَّهُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُقْبَلَ لِلتَّنَاقُضِ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ رِوَايَتَيْنِ.
(وَلَوْ ادَّعَى) أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ (غَبْنًا) فِي الْقِسْمَةِ (لَا يُعْتَبَرُ كَالْبَيْعِ) أَيْ كَمَا لَا اعْتِبَارَ بِدَعْوَى الْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ لِوُجُودِ التَّرَاضِي (إلَّا إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقَضَاءِ) الْقَاضِي (وَالْغَبْنُ فَاحِشٌ فَتُفْسَخُ) الْقِسْمَةُ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَلَوْ ظَهَرَ غَبْنٌ فَاحِشٌ فِي الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بَطَلَتْ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْقَاضِي مُقَيَّدٌ بِالْعَدْلِ وَلَمْ يُوجَدْ وَلَوْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ بِالتَّرَاضِي تَبْطُلُ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ مَنْ يَدَّعِيهِ؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى الْغَبْنِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي الْقِسْمَةِ لِوُجُودِ التَّرَاضِي وَقِيلَ تُفْسَخُ هُوَ الصَّحِيحُ ذَكَرَهُ الْكَافِي وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُطَالَعْ.
(وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ مُعَيَّنٍ مِنْ نَصِيبِ الْبَعْضِ لَا تَنْفَسِخُ) الْقِسْمَةُ اتِّفَاقًا عَلَى الصَّحِيحِ (وَيَرْجِعُ) الْبَعْضُ (بِقِسْطِهِ فِي حَظِّ شَرِيكِهِ) كَمَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَقُسِمَتْ فَاسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمَا بَيْتٌ هُوَ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ رَجَعَ بِنِصْفِ مَا اسْتَحَقَّ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ.
(وَكَذَا) لَا تَنْفَسِخُ (فِي الشَّائِعِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَنْفَسِخُ) الْقِسْمَةُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْإِفْرَازِ بِاسْتِحْقَاقِ النَّصِيبِ الشَّائِعِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ أَنَّهُ مَعَ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ (وَفِي بَعْضٍ مُشَاعٍ فِي الْكُلِّ تُفْسَخُ إجْمَاعًا) لِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ