الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِمَنْزِلَةِ الْغَاصِبِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: الْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبَّاغِ.
(وَإِنْ قَالَ رَبُّ الثَّوْبِ: عَمِلْتَ لِي بِلَا أَجْرٍ، وَقَالَ الصَّانِعُ: بِأَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الثَّوْبِ) ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ تَقَوُّمَ عَمَلِ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ وَلَا يُنْكِرُ الضَّمَانَ، وَالصَّانِعُ يَدَّعِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي الْقِيَاسِ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ وَاحِدٍ: الْقَوْلُ لِلصَّانِعِ
(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) الْقَوْلُ (لِلصَّانِعِ إنْ كَانَ حَرِيفًا) أَيْ مُعَامِلًا (لَهُ) بِأَنْ سَبَقَ بَيْنَهُمَا أَخْذٌ وَإِعْطَاءٌ يَلْزَمُ لَهُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ الْمُعَامَلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَعْمَلُ بِأَجْرٍ فَقَامَ ذَلِكَ مَقَامَ الِاشْتِرَاطِ فِي الِاسْتِحْسَانِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) الْقَوْلُ (لِلصَّانِعِ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِعَمَلِهِ بِالْأَجْرِ) ؛ لِأَنَّهُ فَتَحَ الْحَانُوتَ لِأَجْلِ الْأَجْرِ جَرَى ذَلِكَ مَجْرَى التَّنْصِيصِ عَلَى اعْتِبَارِ الظَّاهِرِ فِي الِاسْتِحْسَانِ فَجَوَابُ الْإِمَامِ عَنْ اسْتِحْسَانِهِمَا أَنَّ الظَّاهِرَ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ، وَهُنَا تَحْتَاجُ إلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ.
[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]
ِ) وَجْهُ التَّأْخِيرِ عَمَّا قَبْلَهُ ظَاهِرٌ إذَا الْفَسْخُ يَعْقُبُ الْعَقْدَ لَا مَحَالَةَ (تُفْسَخُ) الْإِجَارَةُ (بِعَيْبٍ فَوَّتَ) صِفَةِ عَيْبٍ (النَّفْعَ كَخَرَابِ الدَّارِ وَانْقِطَاعِ مَاءِ الْأَرْضِ أَوْ) مَاءِ (الرَّحَى) ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهَا يُفَوِّتُ النَّفْعَ فَيَثْبُتُ خِيَارُ الْفَسْخِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ فَاتَتْ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ عَوْدُهَا فَأَشْبَهَ الْإِبَاقَ فِي الْعَبْدِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْآجِرَ لَوْ بَنَاهَا أَيْ بَعْدَ الْخَرَابِ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَمْتَنِعَ وَلَا لِلْآجِرِ، وَهَذَا تَنْصِيصٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ لَكِنَّهُ أَيْ الْعَقْدَ يُفْسَخُ، وَالْأَصَحُّ
وَلَوْ انْقَطَعَ مَاءُ الرَّحَى، وَالْبَيْتُ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ لِغَيْرِ الطَّحْنِ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأَجْرِ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
وَفِي التَّبْيِينِ: فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ لَزِمَتْهُ حِصَّتُهُ.
وَفِي الْوَلْوَالِجِيِّ: رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا فَزَرَعَهَا، وَلَمْ يَجِدْ الْمَاءَ لِيَسْقِيَهَا فَهَلَكُ الزَّرْعُ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا بِشِرْبِهَا أَوْ بِغَيْرِ شِرْبِهَا فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ سَقَطَ عَنْهُ الْأَجْرُ لِفَوَاتِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ.
وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي: إنْ انْقَطَعَ مَاءُ الزَّرْعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُرْجَى فَلَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ انْقَطَعَ قَلِيلًا قَلِيلًا وَيُرْجَى مِنْهُ السَّقْيُ فَالْأَجْرُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ، وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ الْمَاءُ لَكِنْ سَالَ الْمَاءُ عَلَيْهَا حَتَّى لَا تَتَهَيَّأَ بِهِ الزِّرَاعَةُ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَجَزَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَصَارَ كَمَا إذَا غَصَبَهُ غَاصِبٌ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فَانْقَطَعَ الْمَاءُ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُسْقَى مِنْ مَاءِ الْأَنْهَارِ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ بِمَاءِ السَّمَاءِ فَانْقَطَعَ الْمَطَرُ (أَوْ أَخَلَّ) عَطْفٌ عَلَى فَوَّتَ (بِهِ) أَيْ بِالنَّفْعِ يَعْنِي الْعَيْبَ لَا يُفَوِّتُ النَّفْعَ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُخِلُّ بِهِ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ (كَمَرَضِ الْعَبْدِ وَدَبَرِ الدَّابَّةِ) الدَّبَرَةُ وَاحِدَةُ الدَّبَرِ
بِالْفَتْحِ جِرَاحَةٌ تَحْدُثُ فِي ظَهْرِهَا مِنْ ثِقَلِ الرَّجُلِ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تُفْسَخُ بِهِ أَيْضًا.
وَفِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الشَّيْخِ: وَلَا حَاجَةَ إلَى الْقَضَاءِ وَلَا إلَى الرِّضَى فِي الْفَسْخِ بِعَيْبٍ لِفَوَاتِ النَّفْعِ بِتَمَامِهِ وَيَحْتَاجُ إلَى الْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَى بِالْعَيْبِ الَّذِي يُخِلُّ بِهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ لِفَوَاتِ النَّفْعِ عَلَى وَجْهٍ يُتَصَوَّرُ عَوْدُهُ (فَلَوْ انْتَفَعَ) الْمُسْتَأْجِرُ (بِهِ) أَيْ بِالْمُسْتَأْجَرِ (مَعِيبًا) وَرَضِيَ بِالْعَيْبِ (أَوْ أَزَالَ الْمُؤَجِّرُ عَيْبَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ) أَيْ خِيَارُ الْمُسْتَأْجِرِ لِحُصُولِ الرِّضَى، وَالتَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُهُ كَامِلًا.
وَفِي الْمِنَحِ: وَعِمَارَةُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرِ وَتَطْيِينُهَا وَإِصْلَاحُ الْمِيزَابِ وَمَا كَانَ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ، فَإِنْ أَبَى صَاحِبُهَا كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الدَّارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ اسْتَأْجَرَهَا، وَهِيَ كَذَلِكَ، وَقَدْ رَآهَا لِرِضَاهُ بِالْعَيْبِ، وَإِصْلَاحُ بِئْرِ الْمَاءِ، وَالْبَالُوعَةِ، وَالْمَخْرَجِ عَلَى صَاحِبِ الدَّارِ بِلَا جَبْرٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ مِلْكِهِ، فَإِنْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ إصْلَاحِ الْمُسْتَأْجَرِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَكَذَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَالرُّؤْيَةِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَتُفْسَخُ) الْإِجَارَةُ (بِالْعُذْرِ) عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ النَّفْعُ وَهُوَ غَيْرُ مَقْبُوضٍ فَيَكُونُ الْعُذْرُ فِيهَا كَالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي الْإِجَارَةِ وَاقِعٌ عَلَى الْأَعْيَانِ لِكَوْنِ الْمَنَافِعِ بِمَنْزِلَتِهَا عِنْدَهُ فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ فَلَا تُفْسَخُ بِالْعُذْرِ بَلْ تُفْسَخُ بِالْعَيْبِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ (وَهُوَ) أَيْ الْعُذْرُ (الْعَجْزُ عَنْ الْمُضِيِّ عَلَى مُوجِبِ الْعَقْدِ إلَّا بِتَحَمُّلِ ضَرَرٍ غَيْرِ مُسْتَحَقٍّ بِهِ) أَيْ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ (كَقَلْعِ سِنٍّ سَكَنَ وَجَعُهُ) أَيْ السِّنِّ (بَعْدَمَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ) أَيْ لِقَلْعِ السِّنِّ، فَإِنَّ الْعَقْدَ إنْ بَقِيَ لَزِمَ قَلْعُ سِنٍّ صُحِّحَ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِالْعَقْدِ (وَطَبْخٍ لِوَلِيمَةٍ مَاتَتْ عَرُوسُهَا بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ لِلطَّبْخِ لَهَا) أَيْ لِوَلِيمَتِهَا (أَوْ) طَبْخٍ لِوَلِيمَةٍ (اخْتَلَعَتْ) عَرُوسُهَا بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ لِلطَّبْخِ لَهَا، فَإِنَّ الْعَقْدَ إنْ بَقِيَ تَضَرَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ بِإِتْلَافِ مَالِهِ فِي غَيْرِ الْوَلِيمَةِ (وَكَذَا) تُفْسَخُ (لَوْ اسْتَأْجَرَ دُكَّانًا لِيَتَّجِرَ) فِيهِ (فَذَهَبَ مَالُهُ) أَيْ مَالُ
الْمُسْتَأْجِرِ وَأَفْلَسَ (أَوْ آجَرَ شَيْئًا فَلَزِمَهُ) أَيْ الْمُؤَجِّرَ (دَيْنٌ لَا يَجِدُ قَضَاءَهُ) أَيْ قَضَاءَ دَيْنِهِ (إلَّا مِنْ ثَمَنِ مَا آجَرَهُ) مِنْ دَارٍ أَوْ دُكَّانٍ (وَلَوْ) وَصَلْيَةٌ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الْعَقْدُ يَلْزَمُهُ الْحَبْسُ لِأَجْلِهِ حَيْثُ لَا يُقَدِّرُ مَالًا سِوَاهُ وَهُوَ ضَرَرٌ زَائِدٌ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ بِالْعَقْدِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ لَا تُفْسَخُ.
(أَوْ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ فِي الْمِصْرِ أَوْ مُطْلَقًا) أَيْ بِلَا تَقْيِيدٍ بِالْمِصْرِ (فَسَافَرَ) الْمُسْتَأْجِرُ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَثْبُتُ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّ خِدْمَةَ السَّفَرِ أَشَقُّ فَلَا يَنْتَظِمُهَا الْخِدْمَةُ الْمُطْلَقَةُ فَضْلًا عَنْ الْمُقَيَّدَةِ بِالْمِصْرِ، وَفِي مَنْعِ الْمُسْتَأْجِرِ عَنْ السَّفَرِ ضَرَرٌ لَمْ يُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ اكْتَفَى بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَشَمَلَ لِلْمِصْرِ وَغَيْرِهِ تَدَبَّرْ (أَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِلسَّفَرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ مِنْهُ) أَيْ ظَهَرَ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَا يُوجِبُ الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ قَصْدِهِ سَفَرَ الْحَجِّ فَذَهَبَ وَقْتُهُ أَوْ طَلَبَ غَرِيمٍ لَهُ فَحَضَرَ أَوْ التِّجَارَةَ فَافْتَقَرَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَضَى عَلَى مُوجِبِ الْعَقْدِ لَزِمَهُ ضَرَرٌ زَائِدٌ.
(وَلَوْ بَدَا لِلْمُكَارِي مِنْهُ) أَيْ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَا يُوجِبُ الْمَنْعَ مِنْ السَّفَرِ (فَلَيْسَ بِعُذْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْقِدَ وَيَبْعَثَ تِلْمِيذًا أَوْ أَجِيرًا.
(وَلَوْ مَرِضَ) الْمُكَارِي (فَهُوَ عُذْرٌ فِي رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ ضَرَرٍ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يُشْفِقُ عَلَى دَابَّتِهِ مِثْلَهُ وَهُوَ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمْرَضْ (دُونَ رِوَايَةِ الْأَصْلِ) لِمَا ذَكَرْنَا.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ الْفَتْوَى عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَلِهَذَا اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ فَقَدَّمَهَا.
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ خَيَّاطٌ يَعْمَلُ لِنَفْسِهِ) لَا لِغَيْرِهِ (عَبْدًا يَخِيطُ لَهُ) أَيْ لِلْخَيَّاطِ (فَأَفْلَسَ) الْخَيَّاطُ (فَهُوَ عُذْرٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الضَّرَرُ عَلَى مُوجِبِ الْعَقْدِ لِفَوَاتِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ رَأْسُ مَالِهِ (بِخِلَافِ خَيَّاطٍ يَخِيطُ بِالْأَجْرِ) ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ؛ لِأَنَّ رَأْسَ مَالِهِ الْخَيْطُ، وَالْمِخْيَطُ، وَالْمِقْرَاضُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْإِفْلَاسُ فِيهِ (وَبِخِلَافِ تَرْكِهِ) أَيْ الْخَيَّاطِ (الْخِيَاطَةَ لِيَعْمَلَ فِي الصَّرْفِ) حَيْثُ لَا يَكُونُ عُذْرًا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَعْقِدَ الْغُلَامَ لِلْخِيَاطَةِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ الدُّكَّانِ وَهُوَ يَعْمَلُ فِي الصَّرْفِ فِي نَاحِيَةٍ (وَبِخِلَافِ بَيْعِ مَا آجَرَهُ) ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِعُذْرٍ لِلْفَسْخِ بِدُونِ لُحُوقِ دَيْنٍ لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْعَيْنُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي كَمَا يَسْتَوْفِيهَا وَالْعَيْنُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ.
وَقَالَ أَبُو الْمَكَارِمِ: وَهَلْ يَجُوزُ
الْبَيْعُ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِيهِ فِي الْكِفَايَةِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ عَلَى سُقُوطِ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ وَهُوَ اخْتِيَارُ صَدْرِ الشَّهِيدِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ هُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ كُلُّ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ عُذْرٌ، فَإِنَّ الْإِجَارَةَ فِيهِ تَنْتَقِضُ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَضَاءِ الْقَاضِي.
وَفِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْأَمْرَ يُرْفَعُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي كَالرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ: هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ فَقَالَ: إنْ كَانَ الْعُذْرُ ظَاهِرًا انْفَسَخَتْ وَإِلَّا يَفْسَخُهَا الْحَاكِمُ قَالَ قَاضِي خَانْ وَالْمَحْبُوبِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ دُكَّانًا لِيَعْمَلَ الْخِيَاطَةَ فَتَرَكَهُ) أَيْ عَمَلَ الْخِيَاطَةِ (لِعَمَلٍ آخَرَ فَعُذْرٌ) تَفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَمَلَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ الْخَيَّاطُ عَبْدًا لِيَخِيطَهُ فَتَرَكَ الْخِيَاطَةَ لِعَمَلِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ ثَمَّةَ شَخْصَانِ فَأَمْكَنَهُمَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْفَرَائِدِ: وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ الْآخَرَ فِيهِ مَكَانَ عَمَلِ الْخِيَاطَةِ فَلَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْعَمَلَيْنِ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي تُعْمَلُ فِيهِ الْخِيَاطَةُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ عَمَلٌ آخَرُ فِي أَكْثَرِ الْبِلَادِ عَادَةً فَيَلْزَمُ الْعُذْرُ.
(وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عَقَارًا ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ) فَهُوَ عُذْرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْعِ عَنْ السَّفَرِ، وَفِيهِ ضَرَرُ تَعْطِيلِ مَصَالِحِ السَّفَرِ أَوْ إلْزَامُ الْأَجْرِ بِدُونِ الِانْتِفَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ عَقَارًا ثُمَّ سَافَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ إذَا الْمُسْتَأْجِرُ يُمْكِنُهُ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ غَيْبَةِ الْمُؤَجِّرِ.
(وَتَنْفَسِخُ) الْإِجَارَةُ بِلَا حَاجَةٍ إلَى الْفَسْخِ (بِمَوْتِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ) أَيْ أَحَدٍ مِنْ الْآجِرِ، وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ: لَا يَبْطُلُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا كَالْبَيْعِ وَلَنَا أَنَّ الْمَنَافِعَ، وَالْإِجَارَاتِ صَارَتْ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ، وَالْعَقْدُ السَّابِقُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ فَيَنْتَقِضُ (عَقْدُهَا لِنَفْسِهِ) فَالْجُمْلَةُ حَالٌ عَنْ أَحَدٍ أَيْ حَالُ كَوْنِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ قَدْ عَقَدَهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ صِفَةٌ لِعَدَمِ تَعَرُّفِهِ بِالْإِضَافَةِ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ
وَلَقَدْ أَمُرُّ عَلَى اللَّئِيمِ يَسُبُّنِي
؛ لِأَنَّ الْمُعَرَّفَ فَاللَّامُ الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَمَا أُضِيفَ إلَيْهِ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ (فَإِنْ عَقَدَهَا) أَيْ الْإِجَارَةَ (لِغَيْرِهِ فَلَا) تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ لِمَوْتِهِ (كَالْوَكِيلِ) يَعْقِدُهَا لِمُوَكِّلِهِ (وَالْوَصِيِّ) ، وَكَذَا الْأَبُ، وَالْقَاضِي يَعْقِدُهَا لِمَحْجُورِهِ (وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ) يَعْقِدُهَا لِلْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَجِّرَ