المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[فصل في الأكل]

وَإِلَّا فَوَضْعِيٌّ وَقَدْ عُلِمَ بِذَلِكَ حُدُودُهَا

وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى قِسْمَيْنِ: كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَكَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ فَمَشَايِخُنَا تَارَةً يُقَيِّدُونَهَا وَتَارَةً يُطْلِقُونَهَا فَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَلَا كَلَامَ فِيهَا وَالْمُطْلَقَةُ فَتُجْعَلُ عَلَى التَّحْرِيمِ.

[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

ِ أَيْ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ الْأَكْلِ (مِنْهُ) أَيْ بَعْضِ الْأَكْلِ وَكَذَا الشُّرْبُ (فَرْضٌ وَهُوَ بِقَدْرِ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ) وَفِي تَرْكِهِ إلْقَاءُ النَّفْسِ فِي التَّهْلُكَةِ فَإِنْ هَلَكَ فَقَدْ عَصَى وَبِهِ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَاءِ الْفَرَائِضِ وَيُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَيُؤْجِرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى اللُّقْمَةُ يَرْفَعُهَا الْعَبْدُ إلَى فِيهِ» .

(وَ) بَعْضُهُ (مَنْدُوبٌ وَهُوَ مَا زَادَ) عَلَى مَا يَنْدَفِعُ بِهِ الْهَلَاكُ (لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَيَسْهُلُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ) لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِمَا يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الطَّاعَةِ طَاعَةٌ وَسُئِلَ أَبُو ذَرٍّ عَنْ أَفْضَلَ الْأَعْمَالِ فَقَالَ الصَّلَاةُ وَأَكْلُ الْخَبْزِ.

(وَ) بَعْضُهُ (مُبَاحٌ) أَيْ لَا أَجْرَ فِيهِ وَلَا وِزْرَ (وَهُوَ مَا زَادَ) مُنْتَهِيًا (إلَى الشِّبَعِ لِزِيَادَةِ قُوَّةِ الْبَدَنِ) .

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَوْ أَكَلَ لِلسَّمْنِ كُرِهَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ مُقَاتِلٍ وَعَنْ أَبِي مُطِيعٍ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهَا خُبْزًا مَكْسُورًا فِي الْمَاءِ الْبَارِدِ لِلسِّمَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ رُزِقَ بَطْنًا عَظِيمًا خِلْقَةً لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَعَمَّدَ السِّمَنَ وَلَوْ أَكَلَ أَلْوَانَ الطَّعَامِ ثُمَّ تَقَيَّأَ فَوَجَدَ نَافِعًا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ عِلَاجٌ.

(وَ) بَعْضُهُ (حَرَامٌ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشِّبَعِ؛ لِأَنَّهُ إضَاعَةٌ لِلْمَالِ وَأَمْرَاضٌ لِلنَّفْسِ وَلِأَنَّهُ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ قَالَ عليه الصلاة والسلام «لَا خَيْرَ فِي الشِّبَعِ وَلَا فِي الْجُوعِ خَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا» (إلَّا لِقَصْدِ التَّقْوَى عَلَى صَوْمِ الْغَدِ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً (أَوْ لِئَلَّا يَسْتَحِيَ الضَّيْفُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْسَكَ وَالضَّيْفُ لَمْ يَشْبَعْ رُبَّمَا يَسْتَحْيِ فَلَا يَأْكُلُ حَيَاءً أَوْ خَجَلًا فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ مَعَهُ فَوْقَ الشِّبَعِ لِئَلَّا يَكُونَ مِمَّنْ أَسَاءَ الْقِرَى وَهُوَ مَذْمُومٌ عَقْلًا وَشَرْعًا (وَلَا تَجُوزُ الرِّيَاضَةُ بِتَقْلِيلِ الْأَكْلِ حَتَّى يَضْعُفَ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَةِ) قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ نَفْسَك مَطِيَّتُك فَارْفُقْ بِهَا» وَلَيْسَ مِنْ الرِّفْقِ أَنْ تُجِيعَهَا وَتُذِيبَهَا وَلِأَنَّ تَرْكَ الْعِبَادَةِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا مَا يُفْضِي إلَيْهِ وَأَمَّا تَجْوِيعُ النَّفْسِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَعْجِزُ عَنْ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ فَهُوَ مُبَاحٌ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ أَكْلِ الْمَيْتَةِ حَالَ

ص: 524

الْمَخْمَصَةِ أَوْ صَامَ وَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ أَثِمَ) ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ نَفْسَهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا بَقَاءَ إلَّا بِالْأَكْلِ وَالْمَيْتَةُ حَالَ الْمَخْمَصَةِ إمَّا حَلَالٌ أَوْ مَرْفُوعُ الْإِثْمِ فَلَا يَجُوزُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ إذَا تَعَيَّنَ لِإِحْيَاءِ النَّفْسِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَسْرُوقٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالتَّابِعِينَ وَإِذَا كَانَ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الْمَيْتَةِ فَمَا ظَنُّك لِتَرْكِ الذَّبِيحَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَلَالَاتِ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ خَافَ الْمَوْتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا وَمَعَ رَفِيقِهِ طَعَامٌ أَوْ مَاءٌ أَخَذَ بِالْقِيمَةِ مِنْهُ قَدْرَ مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ أَوْ عَطَشَهُ فَإِنْ امْتَنَعَ قَاتَلَ بِلَا سِلَاحٍ وَإِنَّ الرَّفِيقَ يَخَافُ الْمَوْتَ جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَيْضًا تَرَكَ لَهُ الْبَعْضَ (بِخِلَافِ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّدَاوِي حَتَّى مَاتَ) فَإِنَّهُ لَا يَأْثَمُ لِأَنَّهُ لَا يَقِينَ أَنَّ هَذَا الدَّوَاءَ يَشْفِيهِ وَلَعَلَّهُ يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ عِلَاجٍ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(وَلَا بَأْسَ بِالتَّفَكُّهِ بِأَنْوَاعِ الْفَوَاكِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 57](وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ) لِئَلَّا تَنْقُصَ دَرَجَتُهُ.

(وَاِتِّخَاذُ) أَلْوَانِ (الْأَطْعِمَةِ سَرَفٌ) دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: 20] .

(وَكَذَا) سَرَفٌ (وَضْعُ الْخُبْزِ عَلَى الْمَائِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ) .

وَفِي الْمُحِيطِ مِنْ الْإِسْرَافِ الْإِكْثَارُ فِي أَلْوَانِ الطَّعَامِ فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ إلَّا إذَا قَصَدَ قُوَّةَ الطَّاعَةِ أَوْ دَعْوَةَ الْأَضْيَافِ قَوْمًا بَعْدَ قَوْمٍ حَتَّى يَأْتُوا عَلَى آخِرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً

وَمِنْ السَّرَفِ أَنْ يَأْكُلَ وَسَطَ الْخُبْزِ وَيَدَعَ جَوَانِبَهُ وَتَرْكُ اللُّقْمَةِ السَّاقِطَةِ مِنْ الْمَائِدَةِ بَلْ يَرْفَعُهَا وَيَأْكُلُهَا قَبْلَ غَيْرِهَا وَلَا يَأْكُلُ طَعَامًا حَارًّا وَلَا يَشُمُّ وَيُكْرَهُ أَكْلُ التِّرْيَاقَ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ لُحُومِ الْحَيَّاتِ وَكَذَا مُعَالَجَةُ الْجِرَاحَةِ بِعَظْمِ إنْسَانٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لِأَنَّهَا مُحَرَّمٌ الِانْتِفَاعُ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَضْعُ الْعَجِينِ عَلَى الْجُرْحِ إنْ عُلِمَ فِيهِ شِفَاءٌ لَا بَأْسَ بِهِ وَلِلَّذِي يَرْعُفُ وَلَا يَرْقَأُ أَنْ يَكْتُبَ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ عَلَى جَبْهَتِهِ وَلَوْ بِالْبَوْلِ أَوْ عَلَى جِلْدِ مَيْتَةِ أَنَّ فِيهِ شِفَاءً. (وَمَسْحُ الْأَصَابِعِ وَالسِّكِّينِ بِالْخُبْزِ وَوَضْعُ الْمَمْلَحَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْخُبْزِ (مَكْرُوهٌ) لَا الْمِلْحُ وَكَذَا وَضْعُ الْخُبْزِ تَحْتَ الْقَصْعَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةَ الْخُبْزِ وَقَدْ أَمِرْنَا بِإِكْرَامِهِ وَفِي الزَّاهِدِيِّ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ وَضْعِ الْقَصْعَةِ عَلَى الْخُبْزِ وَمَسْحِ الْيَدِ بِالْخُبْزِ وَأَكْلِهِ بَعْدَهُ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَا يُعَلَّقُ الْخُبْزُ بِالْخُوَانِ بَلْ يُوضَعُ بِحَيْثُ لَا يُعَلَّقُ وَلَا يُكْرَهُ قَطْعُ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ بِالسِّكِّينِ.

(وَسُنَّةُ الْأَكْلِ الْبَسْمَلَةُ فِي أَوَّلِهِ وَالْحَمْدَلَةُ فِي آخِرِهِ) فَإِنْ نَسِيَ الْبَسْمَلَةَ فَلْيَقُلْ إذَا ذَكَرَ بِاسْمِ اللَّهِ عَلَى أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ وَرَدَ الْأَثَرُ وَهُوَ شُكْرُ الْمُؤْمِنِ إذَا رُزِقَ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ اللَّهَ يَرْضَى عَنْ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ إذَا قُدِّمَ إلَيْهِ طَعَامٌ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ فِي أَوَّلِهِ وَيَحْمَدَ اللَّهَ فِي آخِرِهِ» .

(وَغَسْلُ الْيَدِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الطَّعَامِ (وَبَعْدَهُ) قَالَ النَّبِيُّ

ص: 525

- عليه الصلاة والسلام «الْوُضُوءُ قَبْلَ الطَّعَامِ يَنْفِي الْفَقْرَ وَبَعْدَهُ يَنْفِي اللَّمَمَ» وَالْوُضُوءُ هُنَا غَسْلُ الْيَدِ (وَيَبْدَأُ بِالشُّبَّانِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْأَكْلِ لِئَلَّا يَنْظُرَ إلَيْهِمْ الشُّيُوخُ (وَبِالشُّيُوخِ بَعْدَهُ) وَهُوَ أَدَبٌ لِمَا فِيهِ إكْرَامٌ لَهُمْ فَلَا يُمْسَحُ يَدٌ قَبْلَ الطَّعَامِ بِالْكُلِّيَّةِ.

(وَلَا يَحِلُّ شُرْبُ لَبَنِ الْأَتَانِ) بِالْفَتْحِ هِيَ أُنْثَى الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِكَوْنِ اللَّبَنِ مُتَوَلِّدًا مِنْ لَحْمٍ فَيَأْخُذُ حُكْمَهُ وَلَا يَأْكُلُ الْجَلَّالَةَ وَلَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ أَكْلِهَا وَشُرْبِ لَبَنِهَا» .

وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ سَقَى مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ خَمْرًا فَذُبِحَ مِنْ سَاعَةٍ حَلَّ أَكْلُهُ وَيُكْرَهُ.

(وَلَا) يَحِلُّ (بَوْلُ إبِلٍ) لِلِاخْتِلَافِ إذْ عِنْدَ الْإِمَامِ حَرَامٌ لِكَوْنِ الْأَصْلِ فِي الْبَوْلِ حُرْمَةٌ وَقَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام شِفَاءَ الْعُرَنِيِّينَ بِالْوَحْيِ فَالشِّفَاءُ فِي غَيْرِهِمْ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَحِلُّ التَّدَاوِي بِشُرْبِهِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّ قَوْمًا مِنْ عُرَنَةَ مَرِضُوا فِي الْمَدِينَةِ فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام بِأَنْ يَلْحَقُوا الْمَرْعَى وَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِ الْإِبِلِ وَأَلْبَانِهَا» وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحِلُّ مُطْلَقًا إذْ لَوْ كَانَ حَرَامًا لَا يَحِلُّ بِهِ التَّدَاوِي لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَا وُضِعَ شِفَاؤُكُمْ فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْكُمْ» .

(وَ) لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُ (إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ)«لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِيمَنْ شَرِبَ مِنْهُ إنَّمَا تُجَرْجَرُ فِي بَطْنِهِ نَارُ جَهَنَّمَ» قِيلَ يُجَرْجَرُ بِمَعْنَى يُلْقَى فَيَكُونُ نَارَ جَهَنَّمَ مَفْعُولًا وَقِيلَ بِمَعْنَى يُصَوِّتُ مِنْ جَرْجَرَ الْجَمَلُ إذَا ازْدَادَ صَوْتُهُ فِي حَنْجَرَتِهِ فَيَكُونُ نَارٌ فَاعِلًا فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَكَذَا فِي التَّطَيُّبِ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَيَسْتَوِي الرَّجُلُ وَالنِّسَاءُ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَكَذَا الْأَكْلُ بِمِلْعَقَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالِاكْتِحَالِ بِمِيلِهِمَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ الْإِدْهَانُ الْمُحَرَّمُ أَنْ يَأْخُذَ آنِيَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيَصُبَّ الدُّهْنَ عَلَى الرَّأْسِ أَمَّا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ وَأَخَذَ الدُّهْنَ ثُمَّ صَبَّهُ عَلَى الرَّأْسِ مِنْ الْيَدِ لَا يُكْرَهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.

وَفِي التَّسْهِيلِ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَخَذَ الطَّعَامَ مِنْ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِمِلْعَقَةٍ ثُمَّ أَكَلَهُ مِنْ الْمِلْعَقَةِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُكْرَهَ وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ بِيَدِهِ وَأَكَلَهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُفْتَى بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ لِئَلَّا يَنْفَتِحَ بَابُ اسْتِعْمَالِهَا لَكِنْ فِي الدُّرَرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُطَالَعْ.

(وَحَلَّ اسْتِعْمَالُ إنَاءِ عَقِيقٍ وَبِلَّوْرٍ وَزُجَاجٍ وَرَصَاصٍ) عِنْدَنَا لِعَدَمِ التَّفَاخُرِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْآنِيَةِ عَادَةً لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأَثْمَانِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُكْرَهُ لِحُصُولِ التَّفَاخُرِ كَالْحَجَرَيْنِ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ وَلَئِنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ جَارِيَةً بِالتَّفَاخُرِ فِي غَيْرِهَا فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأُشْنَانُ فِي مَعْنَاهُمَا فَامْتَنَعَ الْإِلْحَاقُ بِهِمَا وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْأَوَانِي مِنْ الصُّفْرِ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى إبَاحَةِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ بَلْ عَيْنُهُ.

ص: 526