المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل في بيان أنواع ما يتحمله الشاهد] - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[فصل في بيان أنواع ما يتحمله الشاهد]

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

فَصَلِّ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ مَرَاتِبِ الشَّهَادَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ وَهُوَ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ مَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ بِلَا إشْهَادٍ وَالثَّانِي مَا لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ فَشَرَعَ فِي الْأَوَّلِ وَقَالَ (يَشْهَدُ بِكُلِّ مَا سَمِعَهُ) مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ (أَوْ رَآهُ) مِنْ الْمُبْصِرَاتِ (كَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ وَحُكْمِ الْحَاكِمِ) مِثَالُ مَا كَانَ مِنْ الْمَسْمُوعَاتِ كَمَا فِي الْفَرَائِدِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لَهُمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ) مِثَالُ مَا كَانَ مِنْ الْمُبْصِرَاتِ.

(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يُشْهَدْ) مِنْ الْأَفْعَالِ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ جَانِبِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتُ الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ (وَيَقُولُ اشْهَدْ) أَنَّهُ بَاعَ، أَوْ أَقَرَّ؛ لِأَنَّهُ عَايَنَ السَّبَبَ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ بِهِ كَمَا عَايَنَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِالْعَقْدِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ بِالتَّعَاطِي فَكَذَا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْعِ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَقَدْ وُجِدَ وَقِيلَ لَا يَشْهَدُونَ عَلَى الْبَيْعِ بَلْ عَلَى الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ حُكْمِيٌّ وَلَيْسَ بِبَيْعٍ حَقِيقِيٍّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلَوْ شَهِدُوا بِالْبَيْعِ جَازَ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الثَّمَنِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ لَا يَصِحُّ (لَا) يَقُولُ (اشْهَدْنِي) فِيمَا لَا إشْهَادَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاقِعٍ فَيَكُونُ كَذِبًا.

وَفِي التَّبْيِينِ وَلَوْ سَمِعَ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ لَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ إذَا النَّغْمَةُ تُشْبِهُ النَّغْمَةَ إلَّا إذَا كَانَ فِي الدَّاخِلِ وَحْدَهُ وَعَلِمَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى الْمَسْلَكِ وَلَيْسَ لَهُ مَسْلَكٌ غَيْرُهُ فَسَمِعَ إقْرَارَ الدَّاخِلِ وَلَا يَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ وَيَنْبَغِي لِلْقَاضِي إذَا فَسَّرَ لَهُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ؛ لِأَنَّ النَّغْمَةَ تُشْبِهُ النَّغْمَةَ وَقَالُوا إذَا سَمِعَ صَوْتَ امْرَأَةٍ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا إلَّا إذَا كَانَ يَرَى شَخْصًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إذَا أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَشَهِدَ عِنْدَهُ اثْنَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ بْنِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ إقْرَارَهَا أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا إلَّا إذَا رَأَى شَخْصَهَا حَالَ مَا أَقَرَّتْ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهَا بِرُؤْيَةِ شَخْصِهَا لَا رُؤْيَةِ وَجْهِهَا.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ الْمَرْأَةُ إذَا حَسَرَتْ عَنْ وَجْهِهَا فَقَالَتْ أَنَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَقَدْ وَهَبْتُ لِزَوْجِي مَهْرِي فَإِنَّ الشُّهُودَ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ إنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مَا دَامَتْ حَيَّةً إذْ يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهَا فَإِنْ مَاتَتْ فَحِينَئِذٍ يَحْتَاجُ الشُّهُودُ إلَى شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَمَا فِي الدُّرَرِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي فَقَالَ (وَلَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ إذَا سَمِعَ أَدَاءَهَا) أَيْ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ مَعَ مَنْ سَمِعَ الشَّهَادَةَ سَوَاءٌ سَمِعَ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي، أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ غَيْرُ ثَابِتٍ الْحُكْمُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالْقَاضِي فَيَسْتَلْزِمُ التَّحْمِيلَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْهُ حَيْثُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ (أَوْ إشْهَادِ الْغَيْرِ عَلَيْهَا) أَيْ لَا يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ مَنْ سَمِعَ إشْهَادَهُ عَلَى الشَّهَادَةِ (مَا لَمْ يَشْهَدْ هُوَ) أَيْ شَاهِدُ الْأَصْلِ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الشَّهَادَةِ تَوْضِيحُهُ قَالَ شَاهِدٌ لِشَخْصٍ

ص: 191

اشْهَدْ مِنِّي أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ عِنْدِي بِكَذَا فَسَمِعَ آخَرُ هَذَا الْقَوْلَ لَا يَجُوزُ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْإِشْهَادِ غَيْرُ ثَابِتِ الْحُكْمِ بِنَفْسِهِ بَلْ بِالنَّقْلِ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَذَا يَسْتَلْزِمُ التَّحْمِيلَ وَالْإِنَابَةَ وَهُوَ لَمْ يُوجَدْ؛ لِأَنَّهُ مَا حَمَلَهُ بِالْإِشْهَادِ وَإِنَّمَا حَمَلَ غَيْرَهُ قَبْلَ أَنْ سَمِعَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الشَّاهِدَ يَشْهَدُ بِشَهَادَةٍ حَلَّ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْهَدَ.

(وَلَا يَعْمَلُ شَاهِدٌ وَلَا قَاضٍ وَلَا رَاوٍ بِخَطِّهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ) أَيْ لَا يَحِلُّ لِلشَّاهِدِ إذَا رَأَى خَطَّهُ أَنْ يَشْهَدَ إلَّا أَنْ يَتَذَكَّرَ وَلَا لِلْقَاضِي إذَا وَجَدَ دِيوَانَهُ مَكْتُوبًا بِشَهَادَةِ شُهُودٍ وَلَا يُحْفَظُ أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِذَلِكَ، أَوْ قَضِيَّةً قَضَاهَا أَنْ يَحْكُمَ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَلَا أَنْ يُمْضِيَ تِلْكَ الْقَضِيَّةِ وَلَا لِلرَّاوِي إذَا وَجَدَ مَكْتُوبًا بِخَطِّهِ، أَوْ بِخَطِّ غَيْرِهِ وَهُوَ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى فُلَانٍ وَنَحْوُهُ أَنْ يَرْوِيَ حَتَّى يَتَذَكَّرَ الشَّهَادَةَ، أَوْ الْقَضِيَّةَ، أَوْ الرِّوَايَةَ قِيلَ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ وَالْقَضَاءَ وَالرِّوَايَةَ لَا يَحِلُّ إلَّا عَنْ عِلْمٍ وَلَا عِلْمَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ (وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ) كُلٌّ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ وَالرِّوَايَةِ (إنْ كَانَ) الْخَطُّ (مَحْفُوظًا فِي يَدِهِ) وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ الْحَادِثَةَ لِوُقُوعِ الْأَمْنِ حِينَئِذٍ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَيَكُونُ الْخِلَافُ حِينَئِذٍ فِيمَا إذَا كَانَ مَحْفُوظًا فِي يَدِهِ فَعِنْدَهُ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الْخَطُّ مَحْفُوظًا فِي يَدِهِ، أَوْ لَا وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إنْ كَانَ مَحْفُوظًا فِي يَدِهِ وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْخِلَافُ مُطْلَقٌ فَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ خَطُّهُ وَالْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ وَاجِبٌ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَجَوَّزَ مُحَمَّدٌ فِي الْكُلِّ وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ لِلرَّاوِي وَالْقَاضِي دُونَ الشَّاهِدِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَجَزَمَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ بِأَنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ.

وَفِي السِّرَاجِ وَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

وَفِي الْمِنَحِ وَقَوْلُهُمَا هُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ التَّفْصِيلُ.

(وَلَا يَشْهَدُ) أَحَدٌ (بِمَا لَمْ يُعَايِنْهُ) بِالْإِجْمَاعِ لِمَا تَلَوْنَاهُ آنِفًا (إلَّا النَّسَبَ) بِأَنَّ فُلَانًا بْنَ فُلَانٍ، أَوْ أَخُوهُ (وَالْمَوْتَ) بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ مَاتَ (وَالنِّكَاحَ) بِأَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ (وَالدُّخُولَ) بِأَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ دَخَلَ بِهَا (وَوِلَايَةَ الْقَاضِي) بِأَنَّ فُلَانًا قَدْ تَوَلَّى الْقَضَاءَ مِنْ جِهَةِ فُلَانٍ الْإِمَامِ (وَأَصْلَ الْوَقْفِ) بِأَنَّ فُلَانًا وَقَفَ هَذِهِ الضَّيْعَةَ مَثَلًا هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى الْمِلْكِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي آخَرِ الْوَقْفِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ أَيْضًا وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ تَخْتَصُّ لِمُعَايَنَةِ أَصْحَابِهَا وَهُمْ خَوَاصُّ النَّاسِ وَتَتَعَلَّقُ بِهَا الْأَحْكَامُ فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ الشَّهَادَةُ فِيهِمَا بِالتَّسَامُعِ لَتَعَطَّلَتْ أَحْكَامُهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ قَوْلُهُ أَصْلُ الْوَقْفِ

ص: 192

احْتِرَازٌ عَنْ شَرَائِطِهِ لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِي الْوَقْفِ أَنَّهَا تُقْبَلُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى أَصْلِهِ لَا عَلَى شَرَائِطِهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَتَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَصْلِهِ وَمَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الصِّحَّةُ فَهُوَ مِنْ الشَّرَائِطِ وَفِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ الْمُخْتَارُ أَنْ لَا تُقْبَلَ الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ عَلَى شَرَائِطِ الْوَقْفِ وَفِي الْمُجْتَبَى الْمُخْتَارُ أَنْ تُقْبَلَ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي آخِرِ الْوَقْفِ وَظَاهِرُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ قَبُولِهَا بِهِ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْوَلَاءِ وَالْعِتْقِ وَاخْتَلَفَ الْفَحْلَانِ فِي نَقْلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْعِتْقِ فَنَقَلَ السَّرَخْسِيُّ عَدَمَ قَبُولِهَا فِيهِ إجْمَاعًا وَنَقَلَ أُسْتَاذُهُ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَنْقُولِ فِي الْوَلَاءِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ الْجَوَازُ فِيهِمَا وَمِنْ ذَلِكَ الْمَهْرُ فَظَاهِرُ التَّقْيِيدِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ فِيهِ بِهِ وَلَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ وَالْخِزَانَةِ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ فَلْيُطَالَعْ (إذَا أَخْبَرَهُ بِهَا) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذَا أَخْبَرَهُ (مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عَدْلَيْنِ، أَوْ عَدْلٍ وَعَدْلَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ نِصَابٍ يُفِيدُ نَوْعَ الْعِلْمِ الَّذِي يُبْتَنَى عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْمُعَامَلَاتِ قَوْلُهُ إذَا أَخْبَرَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي الْكُلِّ وَأَمَّا الَّذِي يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ لَفْظِهَا وَشُرِطَتْ فِي الْعِنَايَةِ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا قَالُوا وَالِاكْتِفَاءُ بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ قَوْلُهُمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ مَا لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ الْعَامَّةِ بِحَيْثُ يَقَعُ فِي قَلْبِهِ صِدْقُ الْخَبَرِ (وَفِي الْمَوْتِ يَكْفِي الْعَدْلُ وَلَوْ) كَانَتْ (أُنْثَى هُوَ الْمُخْتَارُ) كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ تِلْكَ الْحَالَةَ فَلَا يَحْضُرُهُ غَالِبًا إلَّا وَاحِدٌ عَدْلٌ، أَوْ وَاحِدَةٌ عَدْلَةٌ وَفِي التَّبْيِينِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خَبَرِ عَدْلَيْنِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْمَوْتِ وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْمَوْتَ كَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ فِي الْمُخْبِرِ فِي غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا لَفْظُ الشَّهَادَةِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

وَفِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَفِي الْمَوْتِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ هِيَ إذَا لَمْ يُعَايِنْ الْمَوْتَ إلَّا وَاحِدٌ وَلَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي لَا يَقْضِي بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ مَاذَا يَصْنَعُ قَالُوا يُخْبِرُ بِذَلِكَ عَدْلًا مِثْلَهُ وَإِذَا سَمِعَ مِنْهُ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مَوْتِهِ فَيَشْهَدُ هُوَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ فَيَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا (وَيَشْهَدُ مَنْ رَأَى جَالِسًا مَجْلِسَ الْقَضَاءِ) حَالَ كَوْنِ الْجَالِسِ (يَدْخُلُ عَلَيْهِ الْخُصُومُ أَنَّهُ قَاضٍ) أَيْ يَحِلُّ أَنْ يَشْهَدَ الرَّاعِي عَلَى أَنَّ الْجَالِسَ قَاضٍ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ تَقْلِيدَ الْإِمَامِ إيَّاهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَامَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُ (وَ) يَشْهَدُ (مَنْ رَأَى رَجُلًا وَامْرَأَةً يَسْكُنَانِ مَعًا) فِي بَيْتٍ (وَبَيْنَهُمَا انْبِسَاطُ الْأَزْوَاجِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ) أَيْ حَلَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ عَقْدَ النِّكَاحِ وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِالرُّؤْيَةِ لَكِنْ ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَ) يَشْهَدُ (مَنْ رَأَى شَيْئًا سِوَى الْآدَمِيِّ فِي يَدِ مُتَصَرِّفٍ) عُرِفَ بِوَجْهِهِ وَاسْمِهِ وَنَسَبِهِ (فِيهِ تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ أَنَّهُ) أَيْ ذَلِكَ الشَّيْءَ (لَهُ) أَيْ لِلْمُتَصَرِّفِ (إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ)

ص: 193

أَيْ قَلْبِ الرَّائِي (ذَلِكَ) أَيْ كَوْنَهُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ أَسْبَابَ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَقْصَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى الْمَلِكِ إذْ هِيَ مَرْجِعُ الدَّلَالَةِ فِي الْأَسْبَابِ كُلِّهَا فَيَكْتَفِي بِهَا.

وَفِي الْبَحْرِ قَوْلُهُ إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ ذَلِكَ رِوَايَةً عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالُوا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا تَفْسِيرًا لِإِطْلَاقِ مُحَمَّدٍ فِي الرِّوَايَةِ.

وَفِي الْفَتْحِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْكُلِّ وَبِهِ نَأْخُذُ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ هَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا انْتَهَى.

وَمِنْ ثَمَّةَ قَيَّدَهُ بِوُقُوعِهِ فِي الْقَلْبِ فَلَوْ رَأَى دُرَّةً فِي يَدِ كَنَّاسٍ، أَوْ كِتَابًا فِي يَدِ جَاهِلٍ لَا يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ لَهُ بِمُجَرَّدِ يَدِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (وَالْآدَمِيَّ) أَيْ لَوْ رَأَى شَيْئًا وَهُوَ آدَمِيٌّ (إنْ عَلِمَ رِقَّهُ، أَوْ كَانَ صَغِيرًا لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ لَا يَكُونُ مُمَيِّزًا (فَكَذَلِكَ) يَعْنِي يَحِلُّ لِلرَّائِيَّ فِي يَدِ مُتَصَرِّفٍ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَكُونُ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرُ الَّذِي لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَدَ لَهُ فَثَبَتَ يَدُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ حَقِيقَةً فَصَارَ كَالْمَتَاعِ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ رِقَّهُ لَا يَحِلُّ لِلرَّائِي أَنْ يَشْهَدَ بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ؛ لِأَنَّ لَهُمَا يَدًا عَلَى نَفْسِهِمَا تَدْفَعُ يَدَ الْغَيْرِ عَنْهُمَا فَانْعَدَمَ دَلِيلُ الْمِلْكِ وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِيهِمَا أَيْضًا اعْتِبَارًا بِالثَّبَاتِ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ بِالْمِلْكِ لِذِي الْيَدِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخْبِرَهُ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَلَوْ أَخْبَرَاهُ لَمْ تَجُزْ لَهُ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لَهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا رَأَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْقَضَاءُ بِالْمِلْكِ لَهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الزَّيْلَعِيِّ فِي تَقْرِيرِ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ عَنْ سَمَاعٍ، أَوْ مُعَايَنَةِ يَدٍ لَمْ يَقْبَلْهُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِسَمَاعِ نَفْسِهِ وَلَوْ تَوَاتَرَ عِنْدَهُ وَلَا بِرُؤْيَةِ نَفْسِهِ فِي يَدِ إنْسَانٍ سَهْو انْتَهَى وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ مُرَادَ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِهِ قَضَاءً مُحْكَمًا مُبْرَمًا بِحَيْثُ لَوْ ادَّعَى الْخَصْمُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ صَرَّحَ قُبَيْلَ هَذَا بِأَنَّهُ يَقْضِي بِهِ قَضَاءَ تَرْكٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُتْرَكُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ مَا دَامَ خَصْمُهُ لَا حُجَّةَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيُّ تَدَبَّرْ.

(وَلَوْ فَسَّرَ) الشَّاهِدُ (لِلْقَاضِي أَنَّهُ شَهِدَ بِالتَّسَامُعِ) فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ فِيهِ أَنْ يَشْهَدَ بِالتَّسَامُعِ بِأَنْ يَقُولَ إنِّي أَشْهَدُ عَلَى هَذَا بِالِاسْتِمَاعِ (أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ) بِأَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ لِأَنِّي رَأَيْتُهُ فِي يَدِهِ (لَا يَقْبَلُهَا) أَيْ لَا يَقْبَلُ الْقَاضِي شَهَادَتَهُ إلَّا فِي الْوَقْفِ وَالْمَوْتِ فَتُقْبَلُ لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مَنْ يَثِقُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ يَعْقُوبُ بَاشَا وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الْوَقْفِ تُقْبَلُ وَإِنْ فَسَّرَهَا وَفِي النَّسَبِ وَالنِّكَاحِ أَيْضًا وَإِنْ فَسَّرَهَا فِي الْأَصَحِّ وَفِي الْمَوْتِ إنْ كَانَ مَشْهُورًا وَإِنْ فَسَّرَهَا بِأَنَّهُ سَمِعَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْ انْتَهَى.

لَكِنْ إذَا أُسْنِدَ إلَى مَنْ يُوثَقُ بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي الزَّاهِدِيِّ شَهِدَا فِيمَا يَصِحُّ بِالشُّهْرَةِ وَقَالَا لَمْ نُعَايِنْ وَلَكِنْ اُشْتُهِرَ عِنْدَنَا تُقْبَلُ (وَمَنْ شَهِدَ أَنَّهُ حَضَرَ دَفْنَ زَيْدٍ، أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ بِالِاتِّفَاقِ (وَهُوَ) أَيْ حُضُورُ دَفْنِ زَيْدٍ، أَوْ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ (عِيَانٌ) لِلْمَوْتِ حُكْمًا حَتَّى لَوْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ إلَّا بِمَا عَلِمَ فَوَجَبَ قَبُولُهَا.

ص: 194