الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْلِمِ عِنْدَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ كَمَا ذُكِرَ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ خُمْسُ ثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَعِنْدَ مَالِكٍ دِيَةُ الْكِتَابِيِّ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ إذْ دِيَةُ الْمُسْلِمِ عِنْدَهُ أَيْضًا اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]
فَصَلِّ فِي النَّفْس الدِّيَة إنَّمَا ذَكَرَ دِيَةَ النَّفْسِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْفَصْلِ مَعَ أَنَّهُ مَعْقُودٌ لِبَيَانِ أَحْكَامِ الدِّيَةِ فِيمَا هُوَ تَبَعٌ لَهَا وَهُوَ الْأَطْرَافُ تَمْهِيدًا لِذِكْرِ مَا بَعْدَهُ وَتَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «فِي النَّفْسِ الدِّيَةُ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ» فَلِهَذَا قَالَ.
(وَكَذَا فِي الْمَارِنِ) وَهُوَ مَارِنُ الْأَنْفِ الدِّيَةُ.
(وَ) كَذَا (فِي اللِّسَانِ) الدِّيَةُ (إنْ مَنَعَ النُّطْقَ) لِفَوَاتِ مَنْفَعَةٍ مَقْصُودَةٍ وَهُوَ النُّطْقُ وَكَذَا فِي قَطْعِ بَعْضِهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْكَلَامِ وَلَوْ قَدِرَ عَلَى التَّكَلُّمِ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ دُونَ الْبَعْضِ تُقَسَّمُ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ وَقِيلَ عَلَى عَدَدِ حُرُوفٍ تَتَعَلَّقُ بِاللِّسَانِ وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ حَرْفًا التَّاءُ وَالثَّاءُ وَالْجِيمُ وَالدَّالُ وَالذَّالُ وَالرَّاءُ وَالزَّايُ وَالسِّينُ وَالشِّينُ وَالصَّادُ وَالضَّادُ وَالطَّاءُ وَالظَّاءُ وَاللَّامُ وَالنُّونُ وَالْيَاءُ فَمَا أَصَابَ الْفَائِتَ يَلْزَمُهُ وَقِيلَ إنْ قَدِرَ عَلَى أَدَاءِ أَكْثَرِ الْحُرُوفِ تَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ لِحُصُولِ الْإِفْهَامِ مَعَ الْإِخْلَالِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ الْأَكْثَرِ يَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْإِفْهَامُ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَلِهَذَا قَالَ (أَوْ) مَنَعَ (أَدَاءَ أَكْثَرِ الْحُرُوفِ) لِتَفْوِيتِ مَنْفَعَةِ الْإِفْهَامِ.
(وَفِي الصُّلْبِ) الدِّيَةُ (إنْ مَنَعَ الْجِمَاعَ) وَقَطَعَ الْمَاءَ (وَفِي الْإِفْضَاءِ) الدِّيَةُ (إذَا مَنَعَ اسْتِمْسَاكَ الْبَوْلِ) لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْمَنَافِعِ (وَفِي الذَّكَرِ) الدِّيَةُ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ الْوَطْءُ وَالْإِيلَادُ وَاسْتِمْسَاكُ الْبَوْلِ وَالرَّمْيُ بِهِ وَدَفْقُ الْمَاءِ وَالْإِيلَاجُ الَّذِي هُوَ طَرِيقُ الْإِعْلَاقِ عَادَةً.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَإِنْ قَطَعَ الذَّكَرَ مِنْ أَصْلِهِ إنْ خَطَأً فِدْيَةٌ وَإِنْ عَمْدًا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا.
وَفِي الْمُنْتَقَى لَا قِصَاصَ فِيهِ قَالُوا: وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ فِي الْحَشَفَةِ الْقِصَاصَ وَإِذَا قَطَعَ بَعْضَهَا فَلَا قِصَاصَ (وَفِي حَشَفَتِهِ) أَيْ حَشَفَةِ الذَّكَرِ الدِّيَةُ لِأَنَّهَا أَصْلٌ فِي مَنْفَعَةِ الْإِيلَاجِ وَالدَّفْقِ وَالْقَصَبَةُ كَالتَّابِعِ لَهَا.
(وَفِي الْعَقْلِ) الدِّيَةُ إذَا ذَهَبَ بِالضَّرْبِ لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْإِدْرَاكِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ بِالْعَقْلِ يَمْتَازُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ وَبِهِ يَنْتَفِعُ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ.
(وَفِي السَّمْعِ وَفِي الْبَصَرِ وَفِي الشَّمِّ وَفِي الذَّوْقِ) يَعْنِي فِي كُلٍّ مِنْهَا الدِّيَةُ كَامِلَةٌ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَنْفَعَةً مَقْصُودَةً وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَضَى لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِهِ فَذَهَبَ عَقْلُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَكَلَامُهُ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ الذَّهَابُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ أَوْ نَكَلَ
عَنْ الْيَمِينِ وَقِيلَ: ذَهَابُ الْبَصَرِ يَعْرِفُهُ الْأَطِبَّاءُ فَيَكُونُ قَوْلُ رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ عَدْلَيْنِ حُجَّةً فِيهِ وَقِيلَ: يَسْتَقْبِلُ بِهِ الشَّمْسَ مَفْتُوحَ الْعَيْنِ فَإِذَا دَمَعَتْ عَيْنُهُ عُلِمَ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ: يُلْقَى بَيْنَ يَدَيْهِ حَيَّةٌ فَإِنْ هَرَبَ مِنْهَا عُلِمَ أَنَّهَا لَمْ تَذْهَبْ وَإِنْ لَمْ يَهْرُبْ فَهِيَ ذَاهِبَةٌ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَهَابِ السَّمْعِ أَنْ يُغَافَلَ ثُمَّ يُنَادَى فَإِنْ أَجَابَ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ وَإِنْ لَمْ يُجِبْ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَرُوِيَ عَنْ إسْمَاعِيلِ بْنِ حَمَّادٍ أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ أَنَّهَا لَا تَسْمَعُ وَتَطَارَشَتْ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فَاشْتَغَلَ بِالْقَضَاءِ عَنْ النَّظَرِ إلَيْهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا فَجْأَةً غَطِّي عَوْرَتَك فَاضْطَرَبَتْ وَتَسَارَعَتْ إلَى جَمِيعِ ثِيَابِهَا فَظَهَرَ كَذِبُهَا.
(وَفِي اللِّحْيَةِ إنْ لَمْ تَنْبُتْ) الدِّيَةُ.
(وَ) كَذَلِكَ (فِي شَعْرِ الرَّأْسِ) الدِّيَةُ إنْ لَمْ يَنْبُتْ لِأَنَّهُ أَزَالَ جَمَالًا عَلَى الْكَمَالِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا تَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ وَتَجِبُ حُكُومَةُ عَدْلٍ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الْآدَمِيِّ وَلِهَذَا يَنْمُو بَعْدَ كَمَالِ الْخَلْقِ وَلِهَذَا يَحْلِقُ الرَّأْسَ وَاللِّحْيَةَ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِمَا الدِّيَةُ كَشَعْرِ الصَّدْرِ وَالسَّاقِ إذْ لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْفَعَةٌ وَلَنَا قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الرَّأْسِ إذَا حُلِقَ وَلَمْ يَنْبُتْ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَالْمَوْقُوفُ فِي مِثْلِ هَذَا كَالْمَرْفُوعِ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَقَادِيرِ فَلَا يُهْتَدَى إلَيْهِ بِالرَّأْيِ وَأَمَّا لِحْيَةُ الْعَبْدِ وَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ كَمَالُ الْقِيمَةِ فَلَا يَلْزَمُنَا وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَبْدِ الِاسْتِخْدَامُ دُونَ الْجَمَالِ وَهُوَ لَا يَفُوتُ بِالْحَلْقِ بِخِلَافِ الْحُرِّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ فِي حَقِّهِ الْجَمَالُ فَيَجِبُ بِفَوَاتِهِ كَمَالُ الدِّيَةِ وَفِي الشَّارِبِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَإِنَّمَا وَجَبَ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلِّحْيَةِ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي بَعْضِ اللِّحْيَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ إذَا كَانَ دُونَ النِّصْفِ أَمَّا إذَا كَانَ النِّصْفُ فَالْوَاجِبُ بِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَذَكَرَ الْفَضْلِيُّ نَتْفُ لِحْيَتِهِ يُنْظَرُ إلَى الذَّاهِبِ وَإِلَى الْبَاقِي فَيَجِبُ بِحِسَابِهِ وَإِذَا نَبَتَ بَعْضُ اللِّحْيَةِ فَحُكُومَةُ عَدْلٍ انْتَهَى.
(وَكَذَا الْحَاجِبَانِ) يَجِبُ فِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُ الدِّيَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عِنْدُهُمَا حُكُومَةُ عَدْلٍ.
(وَ) كَذَا (الْأَهْدَابُ) لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِهَا الْجَمَالُ عَلَى الْكَمَالِ وَجِنْسُ الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ دَفْعُ الْقَذَى عَنْ الْعَيْنَيْنِ.
(وَفِي الْعَيْنَيْنِ) الدِّيَةُ لِأَنَّ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِمَا (وَفِي الْأُذُنَيْنِ وَفِي الشَّفَتَيْنِ وَفِي ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتَ مَنْفَعَةِ الْإِرْضَاعِ بِخِلَافِ ثَدْيَيْ الرَّجُلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَفْوِيتَ مَنْفَعَةٍ وَلَا الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ فَتَجِبُ فِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ وَفِي حَلَمَتَيْ الْمَرْأَةِ كَمَالُ الدِّيَةِ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ.
(وَفِي الْيَدَيْنِ وَفِي الرِّجْلَيْنِ وَفِي أَشْفَارِ الْعَيْنَيْنِ) جَمْعُ شَفْرٍ وَهُوَ مَنْبِتُ الْأَهْدَابِ مِنْ طَرَفِ الْجَفْنِ أُخِذَ مِنْ شَفِيرِ الْوَادِي وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِيمَا ذَكَرَ لِفَوَاتِ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ.
(وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا هُوَ اثْنَانِ فِي الْبَدَنِ) كَالْأُذُنِ وَالشَّفَةِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مَثَلًا