الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِأَنَّ الثَّمَرَ بِالْمُثَلَّثَةِ حَمْلُ الشَّجَرِ رُطَبًا كَانَ أَوْ بُسْرًا أَوْ غَيْرَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ رُطَبًا جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بَيْعُ الرُّطَبِ بِتَمْرٍ.
[بَيْع الْمُحَاقَلَة]
(وَ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (الْمُحَاقَلَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ بِبُرٍّ مِثْلَ كَيْلِهِ خَرْصًا) لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْهَا أَيْضًا وَلِأَنَّهُ بَاعَ مَكِيلًا بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ فَلَا يَجُوزُ بِطَرِيقِ الْخَرْصِ كَمَا لَوْ كَانَا مَوْضُوعَيْنِ عَلَى الْأَرْضِ.
[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]
(وَلَا) يَجُوزُ (الْبَيْعُ بِالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ بِأَنْ يَتَسَاوَمَا سِلْعَةً فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ لَوْ لَمَسَهَا) أَيْ السِّلْعَةَ (الْمُشْتَرِي) وَهَذَا بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ (أَوْ وَضَعَ) الْمُشْتَرِي (عَلَيْهَا حَجَرًا) وَهُوَ الْبَيْعُ بِإِلْقَاءِ الْحَجَرِ (أَوْ نَبَذَهَا) أَيْ السِّلْعَةَ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُشْتَرِي (الْبَائِعُ) وَهَذَا الْبَيْعُ بِالنَّابِذَةِ هَذِهِ بُيُوعٌ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَنُهِيَ عَنْهَا.
وَقَالَ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ لَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ أَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا حَجَرًا عَنْ قَوْلِهِ أَوْ نَبَذَهَا لَكَانَ النَّشْرُ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ لَكِنَّهُ جَعَلَهُ مُشَوَّشًا وَلَا بُدَّ مِنْ نُكْتَةٍ انْتَهَى. الْمُنَاسَبَةُ بِأَنَّ اللَّمْسَ وَالْوَضْعَ مِنْ قِبَلِ الْمُشْتَرِي وَالْمُنَابَذَةَ مِنْ قِبَلِ الْبَائِعِ وَلَوْ أَخَّرَهُ لَلَزِمَ الْخَلْطُ وَالتَّفْصِيلُ تَدَبَّرْ.
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ) لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ (إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ) الْمُشْتَرِي (أَيَّهمَا شَاءَ) فَيَجُوزُ لِاشْتِرَاطِهِ خِيَارَ التَّعْيِينِ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَرَاعِي) جَمْعُ الْمَرْعَى وَلَوْ أُفْرِدَ كَمَا أَفْرَدَ الْبَعْضُ لَكَانَ أَخْصَرَ وَالْمُرَادُ بِالْمَرْعَى الْكَلَأُ النَّابِتُ فِي أَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ أَوْ فِي أَرْضِ الْبَائِعِ بِدُونِ تَسَبُّبٍ مِنْهُ قَيَّدْنَا بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ تَسَبَّبَ فِي ذَلِكَ بِأَنْ سَقَى الْأَرْضَ أَوْ هَيَّأَهَا لِلْإِنْبَاتِ جَازَ لَهُ بَيْعُ كَلَئِهَا لِأَنَّهُ مَلَكَهُ حَتَّى لَوْ احْتَشَّهُ إنْسَانٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ اسْتِرْدَادُهُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكِهِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِيهِ ثَابِتَةٌ بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ» (وَلَا إجَارَتُهَا) أَيْ لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْمَرْعَى الَّتِي هِيَ الْكَلَأُ لِأَنَّ إجَارَتَهَا تَقَعُ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ وَلَوْ عُقِدَتْ عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ مَمْلُوكٍ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ بَقَرَةً لِيَشْرَبَ لَبَنَهَا لَا تَجُوزُ وَهَذَا أَوْلَى وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا الْمَرْعَى بِالْكَلَأِ وَجَعَلْنَاهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِ لِأَنَّ بَيْعَ رَقَبَةِ الْأَرْضِ وَإِجَارَتَهَا جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ الْمَرَاعِي بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ الْمَرْعَى بِفَتْحِهَا وَهُوَ الرِّعْيُ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْكَلَأُ رَطْبًا وَيَابِسًا كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهِ فَمِنْ الظَّنِّ أَنَّهُ مِنْ ذِكْرِ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةِ الْحَالِ تَتَبَّعْ.
(وَلَا) يَجُوزُ بَيْعُ (النَّحْلِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ حَيَوَانٌ يَحْدُثُ مِنْهُ الْعَسَلُ (بِلَا كُوَّارَاتٍ) جَمْعُ كُوَّارَةٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَعْسَلُ النَّحْلِ إذَا سَوَّى مِنْ طِينٍ أَوْ خَشَبٍ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْهَوَامِّ فَلَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ بَلْ بِمَا يَخْرُجُ عَنْهُ فَلَا يَكُونُ نَفْسُهُ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَالشَّيْءُ إنَّمَا يَصِيرُ مَالًا لِكَوْنِهِ مُنْتَفَعًا بِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ كُوَّارَةً فِيهَا عَسَلٌ بِمَا فِيهَا مِنْ النَّحْلِ يَجُوزُ تَبَعًا لَهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي التَّبْيِينِ لَوْ بَاعَهُ مَعَ الْكُوَّارَةِ صَحَّ تَبَعًا لَهَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ
لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ الْعَسَلِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَتْنِ جَوَازُ بَيْعِ النَّحْلِ إذَا انْضَمَّ مَعَ الْكُوَّارَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا عَسَلٌ مَعَ أَنَّ جَوَازَهُ إذَا كَانَ فِيهَا ذَلِكَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ عَلَى مَا فِي التَّبْيِينِ بِمَا ذَكَرَهُ الْقُدُورِيُّ تَدَبَّرْ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَيَجُوزُ بَيْعُ نَفْسِهِ بِلَا كُوَّارَةٍ إذَا كَانَ مُحَرَّزًا أَيْ مَجْمُوعًا وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ حَقِيقَةً وَشَرْعًا.
(وَلَا) يَجُوزُ بَيْعُ (دُودِ الْقَزِّ وَبَيْضِهِ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مِنْ الْهَوَامِّ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ) الْبَيْعُ (فِي الدُّودِ إذَا كَانَ مَعَ الْقَزِّ) يَعْنِي إذَا ظَهَرَ مِنْهُ الْقَزُّ يَجُوزُ الْبَيْعُ تَبَعًا لَهُ (وَفِي الْبَيْضِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (قَوْلَانِ) فِي قَوْلٍ يَجُوزُ بَيْعُ بَيْضِهِ مُطْلَقًا لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَهُوَ مَعَ مُحَمَّدٍ وَفِي قَوْلٍ لَا يَجُوزُ وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فِيهِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (يَجُوزُ بَيْعُهُمَا) لِكَوْنِهِمَا مُنْتَفَعًا بِهِ (وَهُوَ الْمُخْتَارُ) لِلْفَتْوَى.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي بَيْعِ النَّحْلِ أَيْضًا كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمَا فَلِمَ اخْتَارَ فِي قَوْلِهِ فِي الدُّودِ دُونَ النَّحْلِ بِلَا تَرْجِيحٍ تَدَبَّرْ.
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ الْآبِقِ) لِوُرُودِ النَّهْيِ وَلِعَجْزِهِ عَنْ التَّسْلِيمِ (إلَّا مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ) أَيْ الْآبِقَ (عِنْدَهُ) فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ بَيْعُ آبِقٍ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ آبِقٍ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّهُ انْتَفَى الْعَجْزُ لِكَوْنِهِ مَقْبُوضًا وَصُرِّحَ بِفَسَادِ هَذَا الْبَيْعِ فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ صَرَّحَ بِبُطْلَانِهِ لِانْعِدَامِ الْمَحَلِّيَّةِ وَلَوْ بَاعَهُ ثُمَّ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ لَا يَتِمُّ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَعَنْ هَذَا قَالَ (فَإِنْ عَادَ قَبْلَ الْفَسْخِ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا) وَهُوَ ظَاهِرُ الرَّاوِيَةِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَلْخِيُّ لِكَوْنِهِ وَقَعَ بَاطِلًا (وَقِيلَ يَنْقَلِبُ) صَحِيحًا وَيَتِمُّ الْعَقْدُ الْمَزْبُورُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ عَنْ التَّسْلِيمِ كَمَا إذَا أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ هَكَذَا يُرْوَى عَنْ مُحَمَّدٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَرَجَّحَ فِي الْفَتْحِ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ.
(وَلَا) يَجُوزُ بَيْعُ (لَبَنِ امْرَأَةٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً (وَلَوْ) لِلْوَصْلِ (بَعْدَ الْحَلْبِ) لِأَنَّهُ جُزْءُ الْآدَمِيِّ وَهُوَ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ مُكَرَّمٌ مَصُونٌ عَنْ الِابْتِذَالِ بِالْبَيْعِ وَأَمَّا بَيْعُ نَفْسِ الْأَمَةِ فَحَلَالٌ لِاخْتِصَاصِهِ لِلْحَيِّ وَلَا حَيَاةَ فِي لَبَنِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكُونُ اللَّبَنُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ لِكَوْنِهِ مَشْرُوبًا ظَاهِرًا (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ فِي ابْنِ الْأَمَةِ) اعْتِبَارًا لِبَيْعِهَا.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا فَرْقَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ لَبَنِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ لَبَنِ الْأَمَةِ انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ قَوْلَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْتَضِي الظَّاهِرَ تَأَمَّلْ.
وَفِي التَّسْهِيلِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي حَالِ الْأَمَةِ لَوْ شَرَاهَا بِأَنَّهَا حُبْلَى صَحَّ عِنْدَ الْبَعْضِ لَا عِنْدَ الْبَعْضِ وَصَحَّ بِأَنَّ الْمَبِيعَةَ حَلُوبٌ.
(وَلَا) يَجُوزُ بَيْعُ (شَعْرِ الْخِنْزِيرِ)
لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ فَيَبْطُلُ لِنَجَاسَتِهِ (وَلَكِنْ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) أَيْ بِشَعْرِ الْخِنْزِيرِ (لِلْخَرْزِ) وَنَحْوِهِ (ضَرُورَةً) الْخَرْزُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا زَايٌ مُعْجَمَةٌ مَصْدَرُ خَرَزَ الْخُفَّ وَغَيْرَهُ فَيَسْتَعْمِلُهُ الْخَفَّافُ فِي زَمَانِهِمْ وَكَذَا تَسْتَعْمِلُهُ النِّسْوَانُ لِتَسْوِيَةِ الْكَتَّانِ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَا يَعْمَلُ عَمَلَهُ وَعَلَى هَذَا قِيلَ إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَّا بِالْبَيْعِ جَازَ بَيْعُهُ لَكِنَّ الثَّمَنَ لَا يَطِيبُ لِلْبَائِعِ وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ مَنْتُوفًا فَالْمَقْطُوعُ يَكُونُ طَاهِرًا (وَيُفْسِدُ) شَعْرُ الْخِنْزِيرِ (الْمَاءَ الْقَلِيلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) وَهُوَ الْمُخْتَارُ (لَا) يُفْسِدُهُ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِأَنَّ إطْلَاقَ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِدَلِيلِ طَهَارَتِهِ وَلَأَبَى يُوسُفَ أَنَّ الْإِطْلَاقَ لِلضَّرُورَةِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا فِي حَالَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَحَالَةُ الْوُقُوعِ تُغَايِرُهَا.
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ شَعْرِ الْآدَمِيِّ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ) لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مُكَرَّمٌ غَيْرُ مُبْتَذَلٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ مُهَانًا مُبْتَذَلًا وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَة» الْحَدِيثَ وَإِنَّمَا يُرَخَّصُ فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ الْوَبَرِ فَيَزِيدُ فِي قُرُونِ النِّسَاءِ وَذَوَائِبِهِنَّ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام حِينَ حَلَقَ رَأْسَهُ قَسَمَ شَعْرَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَكَانُوا يَتَبَرَّكُونَ بِهِ» وَلَوْ لَمْ يَجُزْ الِانْتِفَاعُ بِهِ لَمَا فَعَلَ لَكِنَّ فِيهِ مَا فِيهِ. تَتَبَّعْ.
(لَا) يَجُوزُ (بَيْعُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدِّبَاغِ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهَا وَلَيْسَتْ بِمَالٍ لِنَجَاسَتِهَا فَيَبْطُلُ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَالدُّهْنِ الْمُتَنَجِّسِ فَإِنَّهَا عَارِضَةٌ (وَيَجُوزُ) بَيْعُهَا (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدِّبَاغِ (وَيُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ بِالْجِلْدِ الْمَدْبُوغِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الْجُلُودُ فَلَا يُرَدُّ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ مُؤَنَّثًا وَإِنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِكَوْنِهِ طَاهِرًا بَعْدَهُ (وَيُبَاعُ عَظْمُهَا) أَيْ الْمَيْتَةِ (وَيُنْتَفَعُ بِهِ) أَيْ بِعَظْمِهَا.
(وَكَذَا عَصَبُهَا وَقَرْنُهَا وَصُوفُهَا وَشَعْرُهَا وَوَبَرُهَا) لِطَهَارَةِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إذْ لَا حَيَاةَ فِيهَا حَتَّى يَحِلَّ الْمَوْتُ بِهَا الْقَرْنُ مِنْ الْوَبَرِ وَلَوْ قُدِّمَ عَلَى الصُّوفِ لَكَانَ أَقْرَبَ وَكَذَا لَوْ قُدِّمَ الشَّعْرُ عَلَى الصُّوفِ لَكَانَ أَنْسَبَ.
(وَكَذَا) يُبَاعُ (عَظْمُ الْفِيلِ) عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فَإِنَّ الْفِيلَ عِنْدَهُمَا بِمَنْزِلَةِ السِّبَاعِ حَتَّى يُبَاعَ عَظْمُهُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ قَالُوا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ الْعَظْمِ وَأَشْبَاهِهِ دُسُومَةٌ أَمَّا إذَا كَانَتْ فَهُوَ نَجِسٌ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ نَجَّسَ الْعَيْنَ عِنْدَهُ كَالْخِنْزِيرِ حُرْمَةً وَصُورَةً وَالْمُخْتَارُ قَوْلُهُمَا.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ عُلُوٍّ سَقَطَ) أَيْ يَبْطُلُ بَيْعُ مَوْضِعِ الْعُلُوِّ بَعْدَ سُقُوطِهِ سَوَاءٌ سَقَطَ بَيْتُ السُّفْلِ أَوْ لَا إذْ بَعْدَ انْهِدَامِهِ لَا يَبْقَى لَهُ حَقُّ التَّعَلِّي وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ لِأَنَّ الْمَالَ مَا يُمْكِنُ إحْرَازُهُ فَالْبَيْعُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ فَيَكُونُ لَغْوًا بِخِلَافِ الشُّرْبِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَمُفْرَدًا فِي رِوَايَةٍ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِبَعْدِ سُقُوطِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَبْلَهُ يَجُوزُ نَظَرًا إلَى الْبِنَاءِ الْقَائِمِ فِيهِ وَإِنْ سَقَطَ الْعُلُوُّ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ لِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ.
(وَلَا) يَجُوزُ بَيْعُ
(الْمَسِيلِ وَلَا هِبَتُهُ) لِأَنَّ رَقَبَةَ الْمَسِيلِ مَجْهُولٌ لِأَنَّ مِقْدَارَ مَا يَشْغَلُهُ الْمَاءُ مِنْ الْأَرْضِ يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَاءِ وَكَثْرَتِهِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ حُدُودَهُ وَمَوْضِعَهُ جَازَ وَإِنْ أُرِيدَ بِالْمَسِيلِ التَّسْيِيلَ فَإِنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ كَانَ حَقَّ التَّعَلِّي وَقَدْ مَرَّ بُطْلَانُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ كَانَ مَجْهُولًا بِجَهَالَةِ مَحَلِّهِ (وَصَحَّا) أَيْ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ (فِي الطَّرِيقِ) لِأَنَّ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ مَعْلُومٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَمُقَدَّرٌ بِعَرْضِ بَابِ الدَّارِ فَيَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ فَفِي بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ رِوَايَتَانِ وَجْهُ الْبُطْلَانِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ الِاحْتِيَاجُ إلَيْهِ وَهُوَ حَقٌّ مَعْلُومٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنٍ بَاقٍ وَصَحَّ بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَوَحْدَهُ فِي رِوَايَةٍ.
(وَلَا) يَجُوزُ (بَيْعُ شَخْصٍ عَلَى أَنَّهُ أَمَةٌ فَإِذَا هُوَ عَبْدٌ) وَكَذَا عَكْسُهُ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ اخْتِلَافٌ بِالْوَصْفِ لِأَنَّهُمَا وَصْفَانِ فِي الْحَيَوَانِ وَاخْتِلَافُ الْوَصْفِ يُوجِبُ الْخِيَارَ إلَّا الْفَسَادَ كَمَا فِي الْبَهَائِمِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ لِتَفَاحُشِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَقَاصِدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَبْدِ الِاسْتِخْدَامُ خَارِجَ الدَّارِ وَمِنْ الْأَمَةِ الِاسْتِخْدَامُ دَاخِلَ الدَّارِ كَالِاسْتِفْرَاشِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَغَيْرِهِمَا فَبِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ صَارَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ.
(وَلَوْ بَاعَ كَبْشًا فَإِذَا هُوَ نَعْجَةٌ صَحَّ وَيُخَيَّرُ) وَجْهُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فِي الْمَقْصُودِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ اللَّحْمُ وَالْحَمْلُ وَالرُّكُوبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَالْأُنْثَى وَالذَّكَرُ يَصْلُحَانِ لِذَلِكَ فَكَانَ جِنْسًا وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ اعْلَمْ أَنَّ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ فِي الْمُسَمَّى إذَا اخْتَلَفَ الْمُسَمَّى وَالْمُشَارُ إلَيْهِ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ الْإِشَارَةِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لِتَعْرِيفِ الذَّاتِ وَالتَّسْمِيَةَ لِإِعْلَامِ الْمَاهِيَّةِ وَهُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الذَّاتِ فَكَانَ أَبْلَغَ فِي التَّعْرِيفِ وَيَحْتَاجُ فِي مَقَامِ التَّعْرِيفِ إلَى مَا هُوَ أَبْلَغُ فِيهِ فَكَانَتْ الْإِشَارَةُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ فِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ ذَاتًا وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَجْعَلَ الْإِشَارَةَ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّسْمِيَةَ لِلتَّرْغِيبِ فَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ بِخِلَافِ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فِيهِ مِثْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَعْرَفُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا كَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَلَا) يَجُوزُ (شِرَاءُ مَا بَاعَ) الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ مِنْ سِلْعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ) مِنْ الثَّمَنِ (قَبْلَ نَقْدِ) كُلِّ (الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ أَوْ بَعْضِهِ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ دِرْهَمٌ كَمَا فِي السِّرَاجِ صُورَتُهَا بَاعَ جَارِيَةً مَثَلًا بِأَلْفٍ حَالَّةً أَوْ نَسِيئَةً فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اشْتَرَاهَا الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِالْأَقَلِّ فَالْبَيْعُ الثَّانِي فَاسِدٌ عِنْدَنَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ قَدْ تَمَّ بِالْقَبْضِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَيِّ قَدْرٍ كَانَ مِنْ الثَّمَنِ
كَمَا إذَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ أَوْ مِنْهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِبَعْضٍ أَوْ بِأَقَلَّ بَعْدَ النَّقْدِ وَإِنَّمَا مَنَعْنَا جَوَازَهُ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لِتِلْكَ الْمَرْأَةِ وَقَدْ بَاعَتْ بِسِتِّمِائَةٍ بَعْدَمَا اشْتَرَتْ بِثَمَانِمِائَةٍ: بِئْسَ مَا شَرَيْت وَاشْتَرَيْت أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبْطَلَ حَجَّهُ وَجِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ لَمْ يَتُبْ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْهُ فِي ضَمَانِهِ فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ بَقِيَ لَهُ فَضْلٌ بِلَا عِوَضٍ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ بِعَرَضٍ لِأَنَّ الْفَضْلَ إنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمُجَانَسَةِ وَإِنَّمَا تَرَكَ فَاعِلَ الشِّرَاءِ لِيَشْمَلَ شِرَاءَ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِلْبَائِعِ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَمُكَاتَبِهِ فَهُوَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ شِرَاءِ الْبَائِعِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا فِي غَيْرِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ بَاعَهُ وَكَالَةً عَنْ غَيْرِهِ أَوْ اشْتَرَاهُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ لِغَيْرِهِ إذَا كَانَ هُوَ الْبَائِعُ وَمَحَلُّ كَلَامِهِ شِرَاءُ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ وَخَرَجَ شِرَاءُ وَارِثِ الْبَائِعِ وَوَكِيلِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا وَأَمَّا شِرَاءُ الْبَائِعِ مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْ مُشْتَرِيه أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُوصِي فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا وَقُيِّدَ بِمَا بَاعَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا انْتَقَضَ وَتَغَيَّرَ بِعَيْبٍ جَازَ وَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ مِنْ اتِّحَادِ جِنْسِ الثَّمَنِ فَإِنْ اخْتَلَفَ جَازَ مُطْلَقًا وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسٌ وَاحِدٌ هُنَا.
(وَكَذَا شِرَاؤُهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَا بَاعَ الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ حَالَ كَوْنِ مَا بَاعَ (مَعَ غَيْرِهِ بِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ قَبْلَ نَقْدِهِ وَيَصِحُّ فِي الْغَيْرِ بِحِصَّتِهِ) صُورَتُهَا بَاعَ جَارِيَةً بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَجَارِيَةً أُخْرَى مَعَهَا قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّ الشِّرَاءَ فِي الَّتِي لَمْ يَبِعْهَا مِنْهُ صَحِيحٌ وَفِي الْأُخْرَى وَهِيَ الَّتِي بَاعَهَا مِنْهُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَ بَعْضَ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الَّتِي لَمْ يَبِعْهَا مِنْهُ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْأُخْرَى بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ ضَرُورَةً وَلَا يَسْرِي الْفَسَادُ لِضَعْفِهِ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ فِيهِ وَيُقْصَرُ عَلَى مَحَلِّهِ فَلَا يَتَعَدَّاهُ كَمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ.
(وَلَا) يَجُوزُ (شِرَاءُ زَيْتِ) أَيْ دُهْنِ الزَّيْتُونِ (عَلَى أَنْ يَزِنَهُ بِظَرْفِهِ) أَيْ بِشَرْطِ وَزْنِهِ مَعَهُ (، وَ) أَنْ (يَطْرَحَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الزَّيْتِ (لِكُلِّ ظَرْفٍ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ) كَخَمْسِينَ رِطْلًا لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَطْرَحَ عَنْهُ وَزْنَ الظَّرْفِ فَإِذَا طَرَحَ مِقْدَارَ خَمْسِينَ رِطْلًا مَثَلًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الظَّرْفِ أَوْ أَقَلَّ إلَّا إذَا عُرِفَ وَزْنُهُ خَمْسُونَ رِطْلًا فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ (وَإِنْ شَرَطَ طَرْحَ مِثْلِ وَزْنِ الظَّرْفِ يَصِحُّ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ يَقْتَضِيه الْعَقْدُ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي (فِي الظَّرْفِ وَقَدْرِهِ) فَقَالَ الْمُشْتَرِي الظَّرْفُ هَذَا وَهُوَ عَشْرَةُ أَرْطَالٍ وَقَالَ الْبَائِعُ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ (فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي) مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ اخْتِلَافًا فِي تَعْيِينِ الظَّرْفِ الْمَقْبُوضِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَقَدْرِ الزَّيْتِ فَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهُ قَابِضٌ وَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ أَمِينًا كَانَ أَوْ ضَمِينًا وَإِنْ اُعْتُبِرَ اخْتِلَافًا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَكَذَا لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ وَلَا يَتَحَالَفَانِ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي الثَّمَنِ
ثَبَتَ تَبَعًا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الزِّقِّ، وَالِاخْتِلَافُ فِي الزِّقِّ لَا يُوجِبُ التَّحَالُفَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَعْقُودٍ بِهِ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ فَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا ثَبَتَ تَبَعًا لِأَنَّ حُكْمَ التَّبَعِ لَا يُخَالِفُ حُكْمَ الْأَصْلِ.
(وَلَوْ أَمَرَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ خَمْرٍ أَوْ شِرَائِهَا صَحَّ) أَيْ يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ ذِمِّيًّا بِبَيْعِ الْخَمْرِ وَبِشِرَائِهِمَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِيمَا وُكِّلَ بِهِ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْأَصْلِ لِأَهْلِيَّتِهِ لَا لِنِيَابَتِهِ وَانْتِقَالُ الْمِلْكِ إلَى الْآمِرِ حُكْمِيٌّ فَلَا يَمْتَنِعُ بِسَبَبِ الْإِسْلَامِ كَمَا إذَا وَرِثَهُمَا (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ إذْ الْوَكِيلُ نَائِبٌ عَنْ مُوَكِّلِهِ فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ عَائِدٌ إلَيْهِ فَمُبَاشَرَتُهُ كَمُبَاشَرَتِهِ وَذَا لَا يَجُوزُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْمُسْلِمِ فِي بَيْعِهَا وَلَا شِرَائِهَا وَالتَّوْكِيلُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْوِلَايَةِ فِيمَا وَكَّلَ بِهِ غَيْرَهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْخِنْزِيرُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْأُمِّ يُكْرَهُ أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنْ الْكَرَاهَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ خَمْرًا يُخَلِّلُهَا وَإِنْ خِنْزِيرًا يُسَيِّبُهُ.
(وَكَذَا) أَيْ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ (لَوْ أَمَرَ الْمُحْرِمُ غَيْرَهُ بِبَيْعِ صَيْدِهِ) الَّذِي اصْطَادَهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا.
(وَلَوْ شَرَى كَافِرٌ عَبْدًا مُسْلِمًا وَمُصْحَفًا صَحَّ وَيُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِمَا مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ مِنْ مِلْكِ الْكَافِرِ دَفْعًا لِلذُّلِّ مِنْ جِهَةٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ إذْلَالًا مِنْ جِهَةِ مَمْلُوكِيَّتِهَا لِلْكَافِرِ قُيِّدَ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَوْ اسْتَأْجَرَ مُسْلِمًا لِلْخِدْمَةِ جَازَ اتِّفَاقًا وَلَكِنْ يُكْرَهُ.
(وَالْبَيْعُ بِشَرْطٍ يَقْتَضِيه الْعَقْدُ صَحِيحٌ كَشَرْطِ) كَوْنِ (الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي) وَشَرْطِ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَشَرْطِ تَسْلِيمِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا الشَّرْطِ لَا يَزِيدُ شَيْئًا بَلْ يُؤَكِّدُ مُوجَبَ الْعَقْدِ.
(وَكَذَا) يَصِحُّ (بِشَرْطٍ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ وَلَا نَفْعَ فِيهِ لِأَحَدٍ) مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْمَبِيعُ الْمُسْتَحَقُّ لِلنَّفْعِ بِأَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا (كَشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَ الدَّابَّةَ الْمَبِيعَةَ) بِأَنْ قَالَ بِعْتُ هَذِهِ الدَّابَّةَ مِنْك عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَهَا أَوْ تُسَيِّبَهَا فِي الْمَرْعَى لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَلَا يَحْتَمِلُ الرِّبَا لِعَدَمِ النَّفْعِ الزَّائِدِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ قِيلَ: هَذَا مِثَالٌ لِعَدَمِ النَّفْعِ لِلْعَاقِدَيْنِ مَعَ مَنْفَعَتِهِ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهَا لَكِنْ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَكَذَا يَصِحُّ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ لِلْعَقْدِ كَشَرْطِ أَنْ يَرْهَنَهُ الْمُشْتَرِي شَيْئًا مُعَيَّنًا أَوْ يُعْطِيَهُ كَفِيلًا مُعَيَّنًا لِأَنَّ هَذَا لَا يُفْسِدُ بَلْ يُؤَكِّدُ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ يَفْسُدَانِ لِلْمُنَازَعَةِ وَكَذَا يَصِحُّ بِشَرْطٍ يُلَائِمُ الْعَقْدَ لِوُرُودِ النَّصِّ عَلَى جَوَازِهِ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ رُخْصَةً وَتَيْسِيرًا.
(وَلَوْ) كَانَ الْبَيْعُ (بِشَرْطٍ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ وَفِي نَفْعٍ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي (أَوْ لِمَبِيعٍ يَسْتَحِقُّ) النَّفْعَ بِأَنْ يَكُونَ آدَمِيًّا (فَهُوَ) أَيْ هَذَا الْبَيْعُ (فَاسِدٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةٍ عَرِيَّةٍ عَنْ الْعِوَضِ فَيَكُونُ رِبًا وَكُلُّ عَقْدٍ شُرِطَ فِيهِ الرِّبَا يَكُونُ فَاسِدًا.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ إنَّمَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِشَرْطٍ؛ إذَا ذَكَرَهُ بِكَلِمَةِ عَلَى، وَأَمَّا إذَا ذَكَرَهُ بِحَرْفِ الشَّرْطِ كَمَا إذَا قَالَ بِعْت إنْ كُنْت تُعْطِينِي كَذَا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ (كَبَيْعِ عَبْدٍ
عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ يُدَبِّرَهُ أَوْ يُكَاتِبَهُ أَوْ)
كَبَيْعِ (أَمَةٍ عَلَى أَنْ يَسْتَوْلِدَهَا) الْمُشْتَرِي لِأَنَّ هَذِهِ شُرُوطٌ لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَيَفْسُدُ بِهِ (فَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الْمُشْتَرِي) بَعْدَمَا اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ (عَادَ الْبَيْعُ صَحِيحًا) اسْتِحْسَانًا (فَتَلْزَمُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (الثَّمَنُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا لَا يَعُودُ) صَحِيحًا (فَتَلْزَمُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (الْقِيمَةُ) وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْعَقْدَ فَسَدَ بِالشَّرْطِ أَعَتَقَ أَوْ لَمْ يُعْتِقْ فَلَا يَعُودُ صَحِيحًا كَمَا إذَا تَلِفَ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الشَّرْطَ وَإِنْ لَمْ يُلَائِمْ الْعَقْدَ لِذَاتِهِ لَكِنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ يُلَائِمُهُ لِأَنَّهُ مِنْهُ لِلْمِلْكِ وَالشَّيْءُ بِانْتِهَائِهِ يَتَقَرَّرُ وَلِهَذَا لَا يَمْنَعُ الْعِتْقُ الرُّجُوعَ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فَإِذَا تَلِفَ بِوَجْهٍ آخَرَ لَمْ تَتَحَقَّقْ الْمُلَاءَمَةُ فَيَتَقَرَّرُ الْفَسَادُ وَإِذَا وُجِدَ الْعِتْقُ تَحَقَّقَتْ الْمُلَاءَمَةُ فَيُرَجَّحُ جَانِبُ الْجَوَازِ فَيَعُودُ صَحِيحًا.
وَفِي الْحَقَائِقِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَصِحُّ الْإِعْتَاقُ (وَكَشَرْطِ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الْبَائِعُ شَهْرًا أَوْ يَسْكُنَهَا) أَيْ الدَّارَ الْمَبِيعَةَ (أَوْ لَا يُسَلِّمَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَسْكُنُهَا وَلَا يُسَلِّمُهُ عَلَى طَرِيقِ التَّنَازُعِ (أَوْ يُقْرِضَهُ الْمُشْتَرِي دِرْهَمًا أَوْ يُهْدِيَ لَهُ) الْمُشْتَرِي (هَدِيَّةً) هَذِهِ أَمْثِلَةُ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعُ الْبَائِعِ (أَوْ) كَشَرْطِ أَنْ (يَقْطَعَ الْبَائِعُ الثَّوْبَ وَيَخِيطَهُ قَبَاءً أَوْ قَمِيصًا أَوْ يَحْذُوَ النَّعْلَ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى جِلْدًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ الْبَائِعُ نَعْلًا لِلْمُشْتَرِي يُقَالُ حَذَا لِي نَعْلًا أَيْ عَمِلَهَا (أَوْ يُشْرِكَهُ) أَيْ النَّعْلَ مِنْ التَّشْرِيكِ وَهُوَ وَضْعُ الشِّرَاكِ عَلَى النَّعْلِ وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي عَنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ هَذِهِ أَمْثِلَةُ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمُشْتَرِي فَيَفْسُدُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ فَهُوَ إجَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِي بَيْعٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ فَهُوَ إعَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِيهِ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ (وَيَصِحُّ فِي النَّعْلِ اسْتِحْسَانًا) لِلتَّعَامُلِ لِأَنَّ التَّعَامُلَ يُرَجَّحُ عَلَى الْقِيَاسِ لِكَوْنِهِ إجْمَاعًا عَمَلِيًّا وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْجَوَازِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ.
(وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا) لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَالْحَمْلُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَتَمَامُهُ فِي الْهِدَايَةِ.
(وَلَا) يَجُوزُ (الْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ) وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ نُزُولِ الشَّمْسِ فِي بُرْجِ الْحَمَلِ وَابْتِدَاءُ رَبِيعٍ (وَالْمِهْرَجَانِ) وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ نُزُولِ الشَّمْسِ فِي الْمِيزَانِ وَابْتِدَاءُ خَرِيفٍ (وَصَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِ الْيَهُودِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَاقِدَانِ) مِقْدَارَ (ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَصَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِ الْيَهُودِ لِأَنَّ النَّيْرُوزَ وَالْمِهْرَجَانَ لَا يَتَعَيَّنَانِ إلَّا بِظَنٍّ وَمُمَارَسَةٍ بِعِلْمِ النُّجُومِ فَرُبَّمَا يَقَعُ الْخَطَأُ فَيَكُونُ مَجْهُولًا فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَكَذَا صَوْمُ النَّصَارَى وَفِطْرُ الْيَهُودِ يَكُونَانِ مَجْهُولَيْنِ لِأَنَّ النَّصَارَى يَبْتَدِئُونَ وَيَصُومُونَ خَمْسِينَ يَوْمًا
فَيُفْطِرُونَ فَيَوْمُ صَوْمِهِمْ مَجْهُولٌ وَأَمَّا فِطْرُهُمْ بَعْدَ مَا شَرَعُوا فِي صَوْمِهِمْ فَمَعْلُومٌ فَلَا جَهَالَةَ فِيهِ وَلَا فَسَادَ وَالْيَهُودُ يَصُومُونَ مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ إلَى تَمَامِ عِشْرِينَ مِنْ شَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ يُفْطِرُونَ فَيَوْمُ صَوْمِهِمْ وَفِطْرِهِمْ مَجْهُولٌ لِاخْتِلَافِهِمَا بِاخْتِلَافِ عِدَّةِ شَهْرِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْعَاقِدَانِ هَذِهِ الْآجَالَ وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ أَحَدُهُمَا أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمَا فَيَجُوزُ الْبَيْعُ لِعَدَمِ النِّزَاعِ.
(وَلَا) يَجُوزُ (الْبَيْعُ إلَى الْحَصَادِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِهَا وَقْتَ قَطْعِ الزَّرْعِ (وَالدِّيَاسِ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَقْتَ وَطْءِ الدَّوَابِّ الْحِنْطَةَ وَغَيْرَهَا (وَالْقِطَافِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالْفَتْحُ لُغَةٌ فِيهِ وَقْتَ قَطْعِ الْعِنَبِ مِنْ الْكَرْمِ (وَالْجِزَازِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا وَقْتَ جَزِّ الصُّوفِ مِنْ ظَهْرِ الْغَنَمِ وَقِيلَ جِزَازُ النَّخْلِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ بِالزَّايِ وَذَكَرَهَا الزَّيْلَعِيُّ أَنَّهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَامٌّ فِي قَطْعِ الثِّمَارِ وَبِالْمُهْمَلَةِ خَاصٌّ فِي النَّخْلِ (وَقُدُومِ الْحَاجِّ) أَيْ وَقْتَ مَجِيءِ الْحَاجِّ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ أَوْقَاتِهَا لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ (وَتَصِحُّ الْكَفَالَةُ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ) لِكَوْنِ الْجَهَالَةِ يَسِيرَةً لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تَتَحَمَّلُ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ فِي أَصْلِ الدَّيْنِ إذْ تَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِمَالٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَفِي الْوَصْفِ أَوْلَى.
وَفِي التَّسْهِيلِ وَفِي النَّذْرِ تُتَحَمَّلُ الْجَهَالَةُ وَلَوْ فَاحِشَةً بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَمَّلُهَا فِي أَصْلِ الثَّمَنِ فَكَذَا فِي وَصْفِهِ، قُيِّدَ بِهَذِهِ الْأَوْقَاتِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَلَ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا مُتَفَاحِشَةٌ (فَإِنْ أَسْقَطَ) مِمَّنْ لَهُ الْأَجَلُ (الْأَجَلَ) الْمُفْسِدَ لِلْبَيْعِ (قَبْلَ حُلُولِهِ) أَيْ قَبْلَ مَجِيءِ الْأَجَلِ الْمُفْسِدِ وَقَبْلَ التَّفَرُّقِ (صَحَّ) الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ وَهُوَ النِّزَاعُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ مَعَ أَنَّ الْجَهَالَةَ لَيْسَتْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ فِي شَرْطٍ زَائِدٍ فَيُمْكِنُ إسْقَاطُهُ خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ إذْ الْعَقْدُ عِنْدَهُمَا بَعْدَ فَسَادِهِ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا أَصْلًا وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ لِأَنَّهُ لَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْإِبْطَالِ تَأَكَّدَ الْفَسَادُ وَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(وَكَذَا لَوْ بَاعَ مُطْلَقًا) عَنْ هَذِهِ الْآجَالِ (ثُمَّ أَجَّلَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ هَذَا تَأْجِيلُ الدَّيْنِ لَا الثَّمَنِ، فَالدَّيْنُ هُنَا فِي التَّحَمُّلِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ بَاعَ بِأَلْفٍ نِصْفَهُ نَقْدًا وَنِصْفَهُ إلَى رُجُوعِهِ مِنْ زَمَسْتَانَ وَهُوَ فَاسِدٌ وَالْفَتْوَى عَلَى انْصِرَافِهِ إلَى شَهْرٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَمَنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ يَجُوزُ) الْبَيْعُ (إنْ عَلِمَهُ) أَيْ النَّصِيبَ مِنْهَا (الْمُتَعَاقِدَانِ) عِلْمُ مِقْدَارِ نَصِيبِهِ شَرْطٌ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فَلَا يَجُوزُ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ عَلِمَا أَوْ لَا لِأَنَّهُمَا رَضِيَا بِالْجَهَالَةِ فَلَا تُفْضِي الْمُنَازَعَةَ (وَيَكْفِي عِلْمُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمَبِيعِ تَضُرُّهُ لَا الْبَائِعَ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ وَكَذَا شِرَاءُ الدَّارِ بِفِنَائِهَا فَاسِدٌ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِجَهَالَةِ الْمِقْدَارِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -