المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ما يوجب القصاص وما لا يوجبه] - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[باب ما يوجب القصاص وما لا يوجبه]

بِسَبَبٍ) أَيْ بِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْقَتْلِ (وَهُوَ) أَيْ الْقَتْلُ بِسَبَبٍ (نَحْوُ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا أَوْ يَضَعَ حَجَرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِلَا إذْنِ) مَنْ لَهُ الْإِذْنُ وَهُوَ قَيْدٌ لِلْمُتَعَاطِفِينَ (فَيَهْلِكُ بِهِ إنْسَانٌ) نَبَّهَ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ فِي مِلْكِهِ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي فِعْلِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا فِيهِ وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ إذَا مَشَى الْهَالِكُ عَلَيْهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْحَفْرِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَلَى الْحَافِرِ شَيْءٌ (وَمُوجِبُهُ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَفْرِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ (الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) لِأَنَّهُ سَبَبُ التَّلَفِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ بِالْحَفْرِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ فَجُعِلَ كَالْمُبَاشِرِ لِلْقَتْلِ فَتَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ صِيَانَةً لِلْأَنْفُسِ فَتَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِهَذَا الطَّرِيقِ دُونَ الْقَتْلِ بِالْخَطَأِ فَيَكُونُ مَعْذُورًا فَتَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ تَخْفِيفًا عَنْهُ لَا فِي الْخَطَأِ بَلْ أَوْلَى لِعَدَمِ الْقَتْلِ مِنْهُ مُبَاشَرَةً وَلِهَذَا قَالَ (لَا) تَجِبُ (الْكَفَّارَةُ) فِيهِ وَفِي الْمُجْتَبَى وَفِيهِ ذَنْبُ الْحَفْرِ وَالْوَضْعُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ دُونَ ذَنْبِ الْقَتْلِ قَالُوا وَلَا إثْمَ فِيهِ مَعْنَاهُ لَا إثْمَ فِيهِ إثْمُ الْقَتْلِ دُونَ إثْمِ الْحَفْرِ وَالْوَضْعِ (وَكُلُّهَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنْوَاعِ الْقَتْلِ كَالْعَمْدِ وَشِبْهِهِ وَالْخَطَأِ (تُوجِبُ حِرْمَانَ الْإِرْثِ إلَّا هَذَا) أَيْ إلَّا الْقَتْلَ بِسَبَبٍ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ حِرْمَانَ الْإِرْثِ كَمَا لَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ مُلْحَقٌ بِالْخَطَأِ فِي الْأَحْكَامِ.

[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

ُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَقْسَامِ الْقَتْلِ وَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهَا الْعَمْدُ وَهُوَ قَدْ يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَقَدْ لَا يُوجِبُهُ احْتَاجَ إلَى تَفْصِيلِ ذَلِكَ فِي بَابٍ عَلَى حِدَةٍ فَقَالَ (يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلٍ مِنْ مَحْقُونِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ) قَوْلُهُ عَلَى التَّأْبِيدِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ حَقُّنَا وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُسْتَأْمَنِ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِ شُبْهَةَ الْإِبَاحَةِ بِالْعَوْدِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ فَلَا يَكُونُ مَحْقُونَ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَقَوْلُهُ (عَمْدًا) قَيْدٌ لِلْقَتْلِ أَيْ قَتْلَ عَمْدٍ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِبَيَانِ النَّوْعِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْقَتْلِ غَيْرِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ (فَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ) لِكَمَالِ الْمُمَاثَلَةِ (وَ) يُقْتَلُ (بِالْعَبْدِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45] وقَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: 178] الْآيَةَ «وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام الْعَمْدُ قَوَدٌ» وَلِأَنَّ الْقَوَدَ يَعْتَمِدُ عَلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْعِصْمَةِ وَهِيَ إمَّا فِي الدَّيْنِ أَوْ فِي الدَّارِ وَلِأَنَّ التَّخْصِيصَ بِالذَّكَرِ فِي قَوْله تَعَالَى {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ مَعَ أَنَّ اللَّامَ لِتَعْرِيفِ الْعَهْدِ لَا لِتَعْرِيفِ الْجِنْسِ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ حَمْلَ اللَّامِ فِي قَوْله تَعَالَى {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: 178] عَلَى الْعَهْدِ كَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - فِي سَبَبِ النُّزُولِ يَحْسِمُ مَادَّةَ.

ص: 618

الِاسْتِدْلَالِ بِهَا رَأْسًا لِأَنَّ مَبْنَى اسْتِدْلَالِ الشَّافِعِيِّ عَلَى حَمْلِ اللَّامِ لِلْجِنْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

(الْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ) لِعُمُومَاتِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَتَلَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ» وَإِنَّمَا أَعْطَوْا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ أَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَدِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» وَلِأَنَّهُ لَا مُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا وَقْتَ الْجِنَايَةِ وَكَذَا الْكُفْرُ مُبِيحٌ فَيُورِثُ الشُّبْهَةَ وَلَنَا أَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْعِصْمَةِ ثَابِتَةٌ نَظَرًا إلَى التَّكْلِيفِ أَوْ الدَّارِ وَالْمُبِيحُ كُفْرُ الْمُحَارِبِ دُونَ الْمُسَالِمِ وَالْقَتْلُ بِمِثْلِهِ يُؤْذِنُ بِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ وَالْمُرَادُ بِمَا رَوَاهُ الْحَرْبِيُّ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (وَلَا يُقْتَلَانِ) أَيْ الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ (بِمُسْتَأْمَنٍ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ كَمَا مَرَّ (بَلْ) يُقْتَلُ (الْمُسْتَأْمَنُ بِمِثْلِهِ) لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ أَنْ لَا يُقْتَلُ لِقِيَامِ مُبِيحِ الْقَتْلِ فِيهِ.

وَفِي الْمِنَحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي مَسَائِلَ مَضْبُوطَةٍ يُعْمَلُ فِيهَا بِالْقِيَاسِ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْهَا وَقَدْ اقْتَصَرَ مُلَّا خُسْرو فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى الْقِيَاسِ انْتَهَى.

(وَ) يُقْتَلُ (الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى) .

وَفِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى {وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى} [البقرة: 178] قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا يُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى لَكِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِعَامَّةِ كُتُبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ (وَ) يُقْتَلُ (الْعَاقِلُ بِالْمَجْنُونِ) لَا بِعَكْسِهِ (وَ) يُقْتَلُ (الْبَالِغُ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْبَالِغِ لَا بِعَكْسِهِ أَيْضًا (وَ) يُقْتَلُ (الصَّحِيحُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الصَّحِيحِ كَالْأَعْمَى وَالزَّمِنِ (وَ) يُقْتَلُ (كَامِلُ الْأَطْرَافِ بِنَاقِصِهَا) أَيْ بِنَاقِصِ الْأَطْرَافِ لِلْعُمُومَاتِ الْمَذْكُورَةِ.

(وَ) يُقْتَلُ (الْفَرْعُ بِأَصْلِهِ) وَإِنْ عَلَا لِعَدَمِ الْمَسْقَطِ (لَا) يُقْتَلُ (الْأَصْلُ بِفَرْعِهِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ» فَالْوَالِدُ يَتَنَاوَلُ الْجَدَّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ عَلَا وَالْوَالِدَةَ وَالْجَدَّةَ مِنْ طَرَفِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَإِنْ عَلَتْ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ يُقَادُ إذَا ذَبَحَهُ ذَبْحًا وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ لِإِحْيَائِهِ فَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُسْتَحَقَّ لَهُ إفْنَاؤُهُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُ وَإِنْ وَجَدَهُ فِي صَفِّ الْأَعْدَاءِ مُقَاتِلًا أَوْ زَانِيًا وَهُوَ مُحْصَنٌ وَالْقِصَاصُ يَسْتَحِقُّهُ الْمَقْتُولُ ثُمَّ يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ) الْأَبِ (الْقَاتِلِ) لِأَنَّهُ قَتَلَ ابْنَهُ عَمْدًا وَالْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ الْعَمْدَ (فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَجِبُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ كَانَ لِلتَّخْفِيفِ فِي حَقِّ الْخَاطِئِ وَهَذَا عَامِدٌ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَنَا أَنَّ الْمَالَ لَيْسَ بِمُمَاثِلٍ لِلنَّفْسِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ بَدَلًا عَنْهَا إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِهِ مُؤَجَّلًا فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ.

(وَلَا) يُقْتَلُ (السَّيِّدُ بِعَبْدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ الْقِصَاصُ لَوَجَبَ لَهُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ قِصَاصٌ (وَعَبْدِ وَلَدِهِ) أَيْ لَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِقَتْلِ عَبْدِ وَلَدِهِ لِأَنَّ الْوَالِدَ لَا يَسْتَوْجِبُ الْقِصَاصَ عَلَى الْأَبِ (وَعَبْدُ بَعْضِهِ لَهُ) أَيْ وَلَا يُقْتَلُ الْمَوْلَى بِقَتْلِ عَبْدٍ بَعْضُهُ لَهُ وَبَعْضُهُ.

ص: 619

لِآخَرَ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَجَزَّأُ فَإِذَا سَقَطَ فِي الْبَعْضِ يَسْقُطُ فِي الْكُلِّ (وَإِنْ وَرِثَ قِصَاصًا عَلَى أَبِيهِ) بِأَنْ قَتَلَ الْأَبُ أُمَّ ابْنِهِ أَوْ قَتَلَ الْأَبُ أَخَا لِامْرَأَتِهِ ثُمَّ مَاتَتْ امْرَأَتُهُ قَبْلَ أَنْ تَقْتَصَّ مِنْهُ فَإِنَّ ابْنَهَا مِنْهُ يَرِثُ الْقِصَاصَ الَّذِي لَهَا عَلَى أَبِيهِ (سَقَطَ) الْقِصَاصُ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ.

(وَلَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكِ الْأَبِ أَوْ الْمَوْلَى أَوْ) شَرِيكِ (الْمُخْطِئِ أَوْ) شَرِيكِ (الصَّبِيِّ أَوْ) شَرِيكِ (الْمَجْنُونِ وَ) شَرِيكِ (كُلِّ مَنْ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ) كَشَرِيكِ الْجَدِّ وَالْأُمِّ وَغَيْرِهِمَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَقَطَ فِي الْبَعْضِ لِأَجْلِ أَنَّهُ مَلَكَ الْبَعْضَ سَقَطَ فِي الْكُلِّ لِعَدَمِ التَّجَزُّؤِ فِي الْقِصَاصِ.

(وَإِنْ قُتِلَ عَبْدُ الرَّهْنِ لَا يُقْتَصُّ حَتَّى يَحْضُرَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ) لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا مِلْكَ لَهُ فَلَا يَلِي الْقِصَاصَ وَالرَّاهِنُ لَوْ تَوَلَّاهُ يَبْطُلُ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ فَشَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا لِيَسْقُطَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِرِضَاهُ وَقِيلَ لَا يَثْبُتُ الْقِصَاصُ لَهُمَا وَإِنْ اجْتَمَعَا وَقَيَّدَ بِاجْتِمَاعِهِمَا حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَا فَلَهُمَا الْقِيمَةُ يَكُونُ رَهْنًا مَكَانَهُ.

(وَإِنْ قُتِلَ مُكَاتَبٌ عَنْ وَفَاءٍ وَلَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ (وَارِثٌ مَعَ سَيِّدِهِ فَلَا قِصَاصَ) لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - اخْتَلَفُوا فِي مَوْتِهِ حُرًّا وَرِقًّا فَعَلَى الْأَوَّلِ الْوَلِيُّ هُوَ الْوَارِثُ وَعَلَى الثَّانِي الْمَوْلَى فَاشْتَبَهَ مَنْ لَهُ حَقُّ الْقِصَاصِ فَارْتَفَعَ.

(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) لَهُ (وَفَاءٌ يَقْتَصُّ سَيِّدُهُ) بِالْإِجْمَاعِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ السَّيِّدِ وَارِثٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ مَاتَ عَبْدًا بِلَا رَيْبٍ لِانْفِسَاخِ الْكِتَابَةِ بِمَوْتِهِ عَاجِزًا فَيَقْتَصُّ الْمَوْلَى.

(وَكَذَا) يَقْتَصُّ الْمَوْلَى (إنْ كَانَ) لَهُ (وَفَاءٌ وَلَا وَارِثَ) لَهُ (غَيْرُ سَيِّدِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِأَنَّ حَقَّ الِاسْتِيفَاءِ لِلْمَوْلَى يَتَعَيَّنُ لِانْعِدَامِ الْوَارِثِ وَتَعَدُّدِ السَّبَبِ لَا يَقْتَضِي تَعَدُّدَ الْحُكْمِ وَلَا يُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ لِلْمَوْلَى (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَقْتَصُّ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْفِي لِاشْتِبَاهِ سَبَبِ الِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ الْوَلَاءُ إنْ مَاتَ حُرًّا أَوْ الْمِلْكُ إنْ مَاتَ عَبْدًا.

(وَلَا قِصَاصَ إلَّا بِالسَّيْفِ) سَوَاءٌ قَتَلَهُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا قَوَدَ إلَّا بِالسَّيْفِ» وَالْمُرَادُ بِهِ السِّلَاحُ وَقَوْلُهُ «عليه الصلاة والسلام لَا تُعَذِّبُوا عِبَادَ اللَّهِ» .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُفْعَلُ بِالْقَاتِلِ مِثْلُ مَا فَعَلَ إنْ كَانَ فِعْلًا مَشْرُوعًا فَإِنْ مَاتَ فَبِهَا وَإِلَّا تُحَزُّ رَقَبَتُهُ لِأَنَّ مَبْنَى الْقِصَاصِ عَلَى الْمُسَاوَاةِ وَالْفِعْلُ الْمَشْرُوعُ كَالرَّجْمِ وَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ مَشْرُوعٌ وَغَيْرُ الْمَشْرُوعِ كَوَطْءِ الصَّغِيرَةِ وَاللُّوَاطَةِ بِالصَّغِيرِ لَوْ أَجْرَعَ أَحَدًا خَمْرًا حَتَّى قَتَلَهُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ تُحَزُّ رَقَبَتُهُ وَلَا يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُهُ وَأَمَّا الْقَتْلُ بِحَجَرٍ مَشْرُوعٌ فِي الرَّجْمِ فَجَازَ أَنْ يُقْتَلَ بِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُتَّخَذُ لَهُ مِثْلُ آلَتِهِ مِنْ الْخَشَبِ وَيُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ مَا فَعَلَ وَفِي الْخَمْرِ يُجَرَّعُ الْمَاءَ حَتَّى يَمُوتَ.

(وَلِأَبِي الْمَعْتُوهِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ قَاطِعِ يَدِهِ) أَيْ الْمَعْتُوهِ (وَقَاتِلِ قَرِيبِهِ) يَعْنِي إذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ الْمَعْتُوهِ عَمْدًا أَوْ قَتَلَ قَرِيبَهُ كَوَلَدِهِ فَوَلِيُّ الْمَعْتُوهِ يَعْنِي أَبَاهُ يَقْتَصُّ مِنْ جَانِبِ الْمَعْتُوهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْوِلَايَةِ

ص: 620

عَلَى النَّفْسِ شُرِعَ لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إلَى النَّفْسِ وَهِيَ تَشْفِي الصَّدْرَ فَيَلِيهِ كَالْإِنْكَاحِ (وَإِنْ يُصَالِحْ) أَيْ لِأَبِ الْمَعْتُوهِ أَنْ يُصَالِحَ الْقَاطِعَ عَلَى مَالٍ قَدْرَ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ لِأَنَّهُ أَنَظَرُ فِي حَقِّ الْمَعْتُوهِ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ لَا يَجُوزُ فَتَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ (لَا أَنْ يَعْفُوَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ لِحَقِّهِ بِلَا عِوَضٍ (وَالصَّبِيُّ كَالْمَعْتُوهِ) لِأَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ لِأَبِ الْمَعْتُوهِ يَثْبُتُ لِأَبِ الصَّبِيِّ (وَالْقَاضِي كَالْأَبِ هُوَ الصَّحِيحُ) عِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ فِي الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهُ نَائِبٌ مِنْ السُّلْطَانِ وَالسُّلْطَانُ يَقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِ الْقَتِيلِ الَّذِي لَا وَلِيَّ لَهُ كَذَا يَقْتَصُّهُ النَّائِبُ وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَمَّا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَسْتَوْفِي الْقِصَاصَ لِلصَّغِيرِ لَا فِي النَّفْسِ وَلَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ وَلَا أَنْ يُصَالِحَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ.

وَفِي النِّهَايَةِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْتَصَّ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ كَاللَّقِيطِ كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ بِغَيْرِ مَالٍ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ وَقُلْنَا لِلسُّلْطَانِ وَلِنَائِبِهِ وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَلِي الِاسْتِيفَاءَ.

(وَكَذَا الْوَصِيُّ) أَيْ هُوَ كَالْأَبِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ (إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْتَصُّ فِي النَّفْسِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ وِلَايَةً عَلَى نَفْسِهِ حَتَّى لَا يَتَمَلَّكَ تَزْوِيجَهُ وَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذَا الْإِطْلَاقِ الصُّلْحُ عَنْ النَّفْسِ وَاسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فِي الطَّرَفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ إلَّا الْقَوَدَ فِي النَّفْسِ وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحَ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي النَّفْسِ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِاسْتِيفَاءِ وَوَجْهُ الْمَذْكُورِ هُنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الصُّلْحِ الْمَالُ وَأَنَّهُ يَجِبُ بِعَقْدِهِ كَمَا يَجِبُ بِعَقْدِ الْأَبِ بِخِلَافِ الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّشَفِّي وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْأَبِ وَلَا يَمْلِكُ الْعَفْوَ لِأَنَّ الْأَبَ لَا يَمْلِكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِبْطَالِ فَهُوَ أَوْلَى قَالُوا الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَمْلِكَ الْوَصِيُّ الِاسْتِيفَاءَ فِي الطَّرَفِ كَمَا لَا يَمْلِكُهُ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُتَّحِدٌ وَهُوَ التَّشَفِّي وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَمْلِكُهُ لِأَنَّ الْأَطْرَافَ يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهَا خُلِقَتْ وِقَايَةً لِلْأَنْفُسِ كَالْمَالِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَمَنْ قُتِلَ وَلَهُ أَوْلِيَاءُ كِبَارٌ وَصِغَارٌ) بِأَنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ صِغَارٌ وَكِبَارٌ أَوْ إخْوَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ (فَلِلْكِبَارِ الِاقْتِصَاصُ مِنْ قَاتِلِهِ قَبْلَ كِبَرِ الصِّغَارِ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لِكُلٍّ مِنْهُمْ عَلَى الْكَمَالِ فَيَجُوزُ عَلَى الِانْفِرَادِ وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ مِنْ الصَّغِيرِ مُنْقَطِعٌ كَمَا فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْعَفْوِ مِنْ الْغَائِبِ ثَابِتٌ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ فَلَا يَنْفَرِدُ بَعْضُهُمْ بِاسْتِيفَائِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ.

(وَلَوْ غَابَ أَحَدُ الْكِبَارِ يُنْتَظَرُ) حُضُورُهُ (إجْمَاعًا) لِمَا بَيَّنَّا مِنْ احْتِمَالِ الْعَفْوِ مِنْ الْكَبِيرِ الْغَائِبِ.

(وَمَنْ قَتَلَ بِحَدِيدَةِ الْمَرِّ اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ جَرَحَهُ) لِأَنَّهُ سَبَبٌ ظَاهِرٌ لِلْجُرْحِ.

(وَإِنْ) قَتَلَ (بِظَهْرِهِ) أَيْ بِظَهْرِ الْمَرِّ (أَوْ عَصَاهُ فَلَا) يُقْتَصُّ لِكَوْنِهِ غَيْرَ جَارِحٍ (وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا يُقْتَصُّ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ.

ص: 621

اعْتِبَارًا مِنْهُ لِآلَةٍ وَهُوَ الْحَدِيدُ وَعَنْهُ إنَّمَا يَجِبُ إذَا جَرَحَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَى هَذَا الضَّرْبِ بِسَنَجَاتِ الْمِيزَانِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَكَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ مُثْقِلٍ) إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُطِيقُهُ الْإِنْسَانُ (وَفِي التَّغْرِيقِ وَالْخَنْقِ) يَعْنِي لَا يُقْتَصُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا لِوُجُودِ الْقَتْلِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَهُ أَنَّ الْقِصَاصَ يَتَعَلَّقُ بِالْعَمْدِ الْمَحْضِ وَهُوَ أَنْ تَقْتُلَ بِآلَةٍ جَارِحَةٍ تَعْمَلُ فِي نَقْضِ الْبِنْيَةِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَمْ يُوجَدْ وَالْقَوَدُ يُسْتَوْفَى بِالسَّيْفِ وَفِيهِ جَرْحُ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فَلَا يَتَمَاثَلَانِ وَكَذَا لَا يُقْتَصُّ فِي الْقَتْلِ بِتَغْرِيقٍ إنْ كَانَ الْمَاءُ كَثِيرًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ النَّجَاةُ بِالسِّبَاحَةِ كَالْبَحْرِ خِلَافًا لَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَعِنْدَهُ يُغَرَّقُ أَمَّا إنْ كَانَ كَثِيرًا يُمْكِنُهُ النَّجَاةُ بِالسِّبَاحَةِ فَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِبًا فَلَا يُقْتَصُّ فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الشَّيْخِ.

وَفِي الْمِنَحِ وَإِنْ سَبَحَ سَاعَةً فَلَا دِيَةَ فِيهِ وَإِنْ أَلْقَاهُ مِنْ سَطْحٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ بِئْرٍ وَيُرْجَى نَجَاتُهُ غَالِبًا فَهُوَ خَطَأُ الْعَمْدِ وَإِلَّا فَعَلَى الْخِلَافِ وَلَوْ أَجْرَعَهُ سُمًّا كَرْهًا أَوْ نَاوَلَهُ وَأَكْرَهَهُ عَلَى شُرْبِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقِيلَ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ إذَا كَانَ السُّمُّ مِقْدَارَ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَإِنَّ نَاوَلَهُ فَشَرِبَ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ عَلِمَ الشَّارِبُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ أَدْخَلَهُ بَيْتًا فَمَاتَ فِيهِ جُوعًا لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ الدِّيَةُ وَلَوْ دَفَنَهُ حَيًّا فَمَاتَ يُقَادُ بِهِ.

(وَإِنْ تَكَرَّرَ) أَيْ الْقَتْلُ بِالْمُثْفِلِ وَالتَّغْرِيقِ وَالْخَنْقِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقَاتِلِ (قُتِلَ بِهِ) أَيْ بِالْقَتْلِ الْمُكَرَّرِ (إجْمَاعًا) لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ الِاخْتِيَارِ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ سِيَاسَةً لِأَنَّهُ سَعَى فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ (وَلَا قِصَاصَ فِي الْقَتْلِ بِمُوَالَاةِ ضَرْبِ السَّوْطِ) .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّ الْمُوَالَاةَ فِي ضَرْبِ السَّوْطِ إلَى أَنْ مَاتَ دَلِيلُ الْعَمْدِيَّةِ فَيَتَحَقَّقُ مُوجَبُ الْعَمْدِ وَهُوَ الْقِصَاصُ وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَلَا إنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا وَفِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» وَلِأَنَّ هَذِهِ الْآلَةَ غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لِلْقَتْلِ.

(وَمَنْ جُرِحَ) أَيْ عَمْدًا (فَلَمْ يَزَلْ ذَا فِرَاشٍ حَتَّى مَاتَ اقْتَصَّ مِنْ جَارِحِهِ) لِوُجُوبِ السَّبَبِ وَعَدَمِ مَا يُبْطِلُ حُكْمَهُ فِي الظَّاهِرِ فَأُضِيفَ إلَيْهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

(وَإِذَا الْتَقَى الصَّفَّانِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ فَقَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا ظَنَّهُ حَرْبِيًّا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ لَا الْقِصَاصُ) لِأَنَّ هَذَا أَحَدُ نَوْعَيْ الْخَطَأِ وَالْخَطَأُ بِنَوْعَيْهِ لَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَكَذَا الدِّيَةُ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ نَصُّ الْكِتَابِ «وَلَمَّا اخْتَلَفَتْ سُيُوفُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إيمَانِ أَبِي حُذَيْفَةَ قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدِّيَةِ» قَالُوا إنَّمَا تَجِبُ إذَا كَانُوا مُخْتَلِطِينَ فَإِنْ كَانَ فِي صَفِّ الْمُشْرِكِينَ لَا تَجِبُ لِسُقُوطِ عِصْمَتِهِ بِتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» .

(وَمَنْ مَاتَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَزَيْدٍ وَحَيَّةٍ وَأَسَدٍ) يَعْنِي مِنْ شَجَّ نَفْسَهُ وَشَجَّهُ رَجُلٌ وَعَقَرَهُ أَسَدٌ وَأَصَابَتْهُ.

ص: 622

حَيَّةٌ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ (فَعَلَى زَيْدٍ ثُلُثُ دِيَتِهِ) لِأَنَّ فِعْلَ الْأَسَدِ وَالْحَيَّةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِكَوْنِهِ هَدَرًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَفِعْلُهُ بِنَفْسِهِ جِنْسٌ آخَرُ لِكَوْنِهِ هَدَرًا فِي الدُّنْيَا مُعْتَبَرًا فِي الْآخِرَةِ حَتَّى يَأْثَمَ بِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَيُغَسَّلُ فَقَطْ وَفِعْلُ زَيْدٍ مُعْتَبَرٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَصَارَتْ ثَلَاثَةَ أَجْنَاسٍ وَيُوَزِّعُ دِيَةَ النَّفْسِ أَثْلَاثًا فَيَكُونُ التَّلَفُ زَيْدٌ ثُلُثُهَا فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَعْقِلُ فِيهِ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ عَاقِلًا بَالِغًا وَإِلَّا يَلْحَقُ فِعْلُهُ بِفِعْلِ الْأَسَدِ وَالْحَيَّةِ فَيَكُونُ فِعْلُهُ هَدَرًا كَفِعْلِهِمَا وَكَذَا يُفْهَمُ أَنْ لَا يَتَفَاوَتَ فِي جَانِبِ الْأَسَدِ وَالْحَيَّةِ زِيَادَةُ مِنْ وَطِئَ فَرَسَهُ حَيْثُ يَكُونُ فِعْلُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جِنْسًا وَاحِدًا لِكَوْنِهِ هَدَرًا مُطْلَقًا أَيْضًا حَتَّى لَا يَنْقُصَ بِانْضِمَامِ الْفَرَسِ إلَيْهِمَا عَنْ الثُّلُثِ الْوَاجِبِ عَلَى زَيْدٍ.

(وَمَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا وَجَبَ قَتْلُهُ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ شَهَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَيْفًا فَقَدْ أَحَلَّ دَمَهُ» أَيْ أَهْدَرَهُ وَلِأَنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ وَاجِبٌ فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ قَتْلُهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُهُ إلَّا بِهِ وَلَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ بَاغٍ سَقَطَتْ عِصْمَتُهُ بِبَيِّنَةٍ فَلَمْ يَلْزَمُ عَلَى الْقَاتِلِ قِصَاصٌ وَلَا دِيَةٌ وَلَا كَفَّارَةٌ وَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِاللَّيْلِ أَوْ بِالنَّهَارِ فِي مِصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَلَا شَيْءَ فِي قَتْلِ مَنْ شَهَرَ عَلَى آخَرَ سِلَاحًا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِي مِصْرٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ شَهَرَ عَلَيْهِ عَصًا لَيْلًا فِي مِصْرٍ أَوْ نَهَارًا فِي غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ) لِأَنَّ السِّلَاحَ لَا يَلْبَثُ فَيَحْتَاجُ إلَى دَفْعِهِ بِالْقَتْلِ فَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ بِالنَّهَارِ أَوْ اللَّيْلِ أَوْ الْمِصْرِ أَوْ غَيْرِهِ هَذَا فِي السِّلَاحِ وَأَمَّا الْعَصَا فَكَالسِّلَاحِ إنْ كَانَتْ خَارِجَ الْمِصْرِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ الْغَوْثُ حِينَئِذٍ فَكَانَ لَهُ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْمِصْرِ فَجَوَازُ الدَّفْعِ بِالْقَتْلِ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَكُونَ بِاللَّيْلِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَصَا فِي الْمِصْرِ نَهَارًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الدَّفْعُ بِالْقَتْلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ.

(وَلَا) شَيْءَ (عَلَى مَنْ) أَيْ شَخْصٍ (قَتَلَ) أَيْ ذَلِكَ الشَّخْصَ (مَنْ) أَيْ شَخْصًا آخَرَ (سَرَقَ مَتَاعَهُ لَيْلًا وَأَخْرَجَهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِرْدَادُ بِدُونِ الْقَتْلِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «قَاتِلْ دُونَ مَالِكِ» وَلِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْقَتْلُ دَفْعًا فِي الِابْتِدَاءِ فَكَذَا الِاسْتِرْدَادُ فِي الِانْتِهَاءِ وَهَذَا إذَا كَانَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ إلَّا بِالْقَتْلِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا أَمَّا إذَا أَمْكَنَ الِاسْتِرْدَادُ بِدُونِ الْقَتْلِ كَالتَّهْدِيدِ وَالصِّيَاحِ وَقَتَلَهُ مَعَ ذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إذَا قَتَلَ الْغَاصِبَ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ بِالِاسْتِغَاثَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْحَاكِمِ فَلَا تَسْقُطُ عِصْمَتُهُ بِخِلَافِ السَّارِقِ الَّذِي لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ كَذَا فِي الزَّيْلَعِيِّ وَشَرْطُ الْإِخْرَاجِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يُخْرِجْ الْمَتَاعَ لَمْ يَكُنْ سَارِقًا وَاَلَّذِي فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ الْأَخْذَ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ دَفْعِهِ إلَّا بِالْقَتْلِ فَلَا شَيْءَ بِقَتْلِهِ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَتْلِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ أَوْ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ حَيْثُ إنَّهُ فِي الصُّورَتَيْنِ.

ص: 623