الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِسْمَةُ لَتَضَرَّرَ الْمُسْتَحِقُّ بِتَفَرُّقِ نَصِيبِهِ.
(وَلَوْ ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ مُحِيطٌ) بِمَالِهِ (نُقِضَتْ) الْقِسْمَةُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ.
(وَكَذَا) تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ (لَوْ) ظَهَرَ دَيْنٌ لَكِنَّهُ (غَيْرُ مُحِيطٍ) بِمَالِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ (إلَّا إذَا بَقِيَ بِلَا قِسْمَةٍ مَا يَفِي بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ فَحِينَئِذٍ لَا تُفْسَخُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى نَقْضِ الْقِسْمَةِ فِي إيفَاءِ حَقِّهِمْ.
(وَلَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ) بَعْدَ الْقِسْمَةِ ذِمَمَ الْوَرَثَةِ مِنْ دُيُونِهِمْ (أَوْ أَدَّاهُ) أَيْ الدِّينَ (الْوَرَثَةُ مِنْ مَالِهِمْ لَا تُنْقَضُ) الْقِسْمَةُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ مُحِيطًا أَوْ غَيْرَ مُحِيطٍ لِزَوَالِ الْمَانِعِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ صَحَّ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَا تَنَاقُضَ إذْ الدَّيْنُ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى وَالْقِسْمَةُ تُصَادِفُ الصُّورَةَ وَلَوْ ادَّعَى عَيْنًا بِأَيِّ سَبَبٍ كَانَ لَمْ يُسْمَعْ لِلتَّنَاقُضِ إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقِسْمَةِ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِكَوْنِ الْمَقْسُومِ مُشْتَرَكًا.
[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]
ِ (وَتَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ) عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الِانْتِفَاعِ وَهِيَ لُغَةً مُفَاعَلَةٌ مِنْ التَّهْيِئَةِ وَهِيَ الْحَالَةُ الظَّاهِرَةُ لِلْمُتَهَيِّئِ لِلشَّيْءِ وَالتَّهَايُؤُ تَفَاعُلٌ مِنْهَا وَهُوَ أَنْ يَتَوَاضَعُوا عَلَى أَمْرٍ فَيَتَرَاضَوْا بِهِ وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ رَضِيَ بِهَيْئَةٍ وَاحِدَةٍ وَيَخْتَارُهَا وَقِيلَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ التَّهَايُؤِ فَكَأَنَّهُ يَتَهَايَأُ بِالِانْتِفَاعِ بِهِ عِنْدَ فَرَاغِ صَاحِبِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالتَّهَايُؤِ أَنَّ الْأَوَّلَ يَجْمَعُ الْمَنَافِعَ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ وَالثَّانِي يَجْمَعُ عَلَى التَّعَاقُبِ وَيَجْرِي فِيهِ جَبْرُ الْقَاضِي كَمَا فِي الْقِسْمَةِ فِيمَا يَحْتَمِلُهَا وَشَرْعًا قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا لَكِنَّهَا جَازَتْ اسْتِحْسَانًا بِالْإِجْمَاعِ.
(وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمُهَايَأَةِ إذَا طَلَبَهَا بَعْضُ الشُّرَكَاءِ (فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَتَجُوزُ وَتُجْبَرُ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ بِأَنْ (يَسْكُنَ هَذَا) الشَّرِيكُ (بَعْضًا) أَيْ بَعْضَ الدَّارِ (وَهَذَا) الشَّرِيكُ (بَعْضًا) آخَرَ مِنْ الدَّارِ (أَوْ هَذَا) يَسْكُنُ فِي (عُلْوِهَا وَهَذَا) فِي (سُفْلِهَا) ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ فَكَذَا الْمُهَايَأَةُ وَالتَّهَايُؤُ فِي هَذَا الْوَجْهِ إفْرَازٌ بِجَمِيعِ الْأَنْصِبَاءِ لَا مُبَادَلَةٌ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْقِيتِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَسْتَقِلَّ مَا أَصَابَهُ بِالْمُهَايَأَةِ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ لِحُدُوثِ الْمَنَافِعِ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَ) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي بَيْتٍ صَغِيرٍ يَسْكُنُ هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا وَلَهُ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (الْإِجَارَةُ) أَيْ إجَارَةُ مَا أَصَابَهُ (وَأَخْذُ الْغَلَّةِ فِي نَوْبَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّهَا قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَقَدْ مَلَكَهَا فَلَهُ اسْتِغْلَالُهَا.
(وَ) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي عَبْدٍ) وَاحِدٍ (يَخْدُمُ) الْعَبْدُ (هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا) ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ قَدْ تَكُونُ فِي الزَّمَانِ وَقَدْ تَكُونُ مِنْ حَيْثُ الْمَكَانُ وَالْأَوَّلُ مُتَعَيِّنٌ هَهُنَا وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّهَايُؤِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ
وَالْمَكَانُ فِي مَحَلٍّ يَحْتَمِلُهَا يَأْمُرُهُمَا الْقَاضِي أَنْ يَتَّفِقَا لِأَنَّ التَّهَايُؤَ فِي الْمَكَانِ أَعْدَلُ وَفِي الزَّمَانِ أَكْمَلُ فَلَمَّا اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ فَإِنْ اخْتَارَاهُ حَيْثُ الزَّمَانُ يُقْرِعُ فِي الْبِدَايَةِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ.
(وَ) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي عَبْدَيْنِ يَخْدُمُ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ (أَحَدَهُمَا) أَيْ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ (وَ) يَخْدُمُ الْعَبْدُ (الْآخَرُ) الشَّرِيكَ الْآخَرَ لَا إشْكَالَ عَلَى أَصْلِهِمَا؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الرَّقِيقِ جَبْرًا وَاخْتِيَارًا فَكَذَا مَنْفَعَتُهُمْ وَأَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْقِيَاسُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ يَمْنَعُ الْجَوَازُ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْجَوَازُ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الْخِدْمَةِ بِخِلَافِ أَعْيَانِ الرَّقِيقِ لِأَنَّهَا تَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ.
(وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ كُلِّ عَبْدٍ عَلَى مَنْ يَخْدُمُهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا بِخِلَافِ الْكِسْوَةِ) ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الطَّعَامِ دُونَ الْكِسْوَةِ وَلِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الطَّعَامِ وَكَثْرَتِهَا فِي الْكِسْوَةِ فَإِنَّ وَقَّتَ شَيْئًا مِنْ الْكِسْوَةِ مَعْرُوفًا جَازَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الْوَصْفِ يَنْعَدِمُ التَّفَاوُتُ أَوْ يَقِلُّ.
(وَ) جُوِّزَ (فِي دَارَيْنِ يَسْكُنُ هَذَا) الشَّرِيكُ (هَذِهِ) الدَّارَ (وَ) يَسْكُنُ (هَذَا) الشَّرِيكُ الْآخَرُ الدَّارَ (الْأُخْرَى) وَيُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ إذَا طَلَبَهُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الدَّارَيْنِ عِنْدَهُمَا كَدَارٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يَجْرِيَ الْجَبْرُ عَلَى قِسْمَتِهِمَا وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ فِيهَا لَا تَتَفَاوَتُ فَيَجُوزُ وَيُجْبَرُ مِنْهُمَا وَيُعْتَبَرُ إفْرَازًا كَالْأَعْيَانِ الْمُتَقَارِبَةِ بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ وَقَدْ قِيلَ لَا يُجْبَرُ اعْتِبَارًا بِالْقِسْمَةِ وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ التَّهَايُؤُ فِيهِ أَصْلًا لَا بِالْجَبْرِ وَلَا بِالتَّرَاضِي.
(وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ) أَيْ التَّهَايُؤُ (فِي دَابَّةٍ) يَرْكَبُ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا (أَوْ دَابَّتَيْنِ) هَذَا هَذِهِ وَهَذَا الْأُخْرَى (إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ يَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِ الرَّاكِبَيْنِ فَإِنَّهُمْ بَيْنَ حَاذِقٍ وَأَحْذَقَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَخْدُمُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُ الزِّيَادَةَ عَلَى طَاقَتِهِ وَالدَّابَّةُ تَتَحَمَّلُهَا (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ اعْتِبَارًا بِقِسْمَةِ الْأَعْيَانِ.
(وَيَجُوزُ) التَّهَايُؤُ (فِي اسْتِغْلَالِ دَارٍ) يَسْتَغِلُّهَا هَذَا الشَّهْرَ أَوْ يَأْخُذُ غَلَّتَهَا وَهَذَا شَهْرًا وَيَأْخُذُ غَلَّتَهَا (أَوْ دَارَيْنِ هَذَا هَذِهِ) يَعْنِي هَذَا الشَّرِيكُ يَسْتَغِلُّهَا هَذِهِ الدَّارَ وَيَأْخُذُ غَلَّتَهَا (وَهَذَا) الشَّرِيكُ الْآخَرُ يَسْتَغِلُّ الدَّارَ (الْأُخْرَى) وَيَأْخُذُ غَلَّتَهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ التَّغَيُّرِ (لَا فِي اسْتِغْلَالِ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ التَّهَايُؤُ فِي اسْتِغْلَالِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّصِيبَيْنِ يَتَعَاقَبَانِ فِي الِاسْتِيفَاءِ فَالظَّاهِرُ التَّغَيُّرُ فِي الْحَيَوَانِ فَتَفُوتُ الْمُعَادَلَةُ (وَمَا زَادَ فِي نَوْبَةِ أَحَدِهِمَا فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ) مِنْ الْغَلَّةِ عَلَى الْغَلَّةِ فِي نَوْبَةِ الْآخَرِ (مُشْتَرَكٌ) لِتَحَقُّقِ التَّعْدِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّهَايُؤُ عَلَى الْمَنَافِعِ فَاسْتَغَلَّ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَتِهِ زِيَادَةً؛ لِأَنَّ التَّعْدِيلَ فِيمَا وَقَعَ عَلَى التَّهَايُؤِ حَاصِلٌ وَهُوَ الْمَنَافِعُ فَلَا تَضُرُّهُ زِيَادَةُ الِاسْتِغْلَالِ مِنْ بَعْدُ (لَا فِي الدَّارَيْنِ) .
وَفِي الْهِدَايَةِ وَالتَّهَايُؤُ عَلَى الِاسْتِغْلَالِ فِي الدَّارَيْنِ جَائِزٌ أَيْضًا فِي