الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ الْكِتَابَ (لِمَوْتِهِ) أَيْ زَيْدٍ أَوْ غَيْبَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَهُ أَجْرُ ذَهَابِهِ هُنَا) أَيْ لَهُ الْأَجْرُ لِلذَّهَابِ فِي نَقْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْفَى بَعْضَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ مُقَابِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ دُونَ حَمْلِ الْكِتَابِ لِخِفَّةِ مُؤْنَتِهِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ نَقْلُ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ أَوْ وَسِيلَةٌ إلَيْهِ، وَهُوَ الْعِلْمُ بِمَا فِي الْكِتَابِ لَكِنَّ الْحُكْمَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، وَقَدْ نَقَضَهُ فَسَقَطَ الْأَجْرُ هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَشُرُوحِهَا وَمُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ حَيْثُ صَرَّحَ بِأَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ لَا مَعَ الْإِمَامِ لَكِنْ يُمْكِنُ الْحَمْلُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ.
(وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ الْكِتَابَ (هُنَاكَ لِلْوَرَثَةِ) ، وَكَذَا إذَا دَفَعَ إلَى وَصِيِّهِ (فَلَهُ أَجْرُ الذَّهَابِ إجْمَاعًا) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِأَقْصَى مَا فِي وُسْعِهِ، وَهَذَا إذَا شَرَطَ الْمَجِيءَ وَإِلَّا وَجَبَ كُلُّ الْأُجْرَةِ لَوْ تَرَكَ الْكِتَابَ ثَمَّةَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يُوَصِّلْهُ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ لِانْتِفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْإِيصَالُ.
[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]
ُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْإِجَارَةِ وَشُرُوطِهَا وَوَقْتِ اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ ذَكَرَ هُنَا مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ (وَصَحَّ اسْتِئْجَارُ الدَّارِ وَالْحَانُوتِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يَذْكُرْ مَا يَعْمَلُ فِيهِ) أَيْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْمُتَعَارَفَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّكْنَى فَيَنْصَرِفُ الْعَقْدُ الْمُطْلَقُ إلَيْهِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِلْجَهَالَةِ كَالْأَرْضِ، وَالثِّيَابِ، فَإِنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ، وَالْعَمَلِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (أَنْ يَعْمَلَ كُلَّ شَيْءٍ) مِنْ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ فَلَهُ الْوُضُوءُ، وَالِاغْتِسَالُ وَغَسْلُ الثِّيَابِ وَكَسْرُ الْحَطَبِ الْمُعْتَادِ، وَالِاسْتِئْجَارُ بِحَائِطِهِ، وَالدَّقُّ الْمُعْتَادُ الْيَسِيرُ وَأَنْ يَدُقَّ فِيهِ وَتَدًا وَيَرْبِطَ الدَّوَابَّ فِي مَوْضِعٍ مُعْتَادٍ لَهُ وَيُسْكِنَهَا مَنْ أَحَبَّ سَوَاءٌ كَانَ بِإِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يُدْخِلَ دَابَّتَهُ الدَّارَ الْمُسْتَأْجَرَةَ بَعْدَمَا سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ عِنْدَ الْعَقْدِ: اسْتَأْجَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ لِلسُّكْنَى لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا غَيْرَ السُّكْنَى كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (سِوَى مَا يُوهِنُ الْبِنَاءَ كَالْحِدَادَةِ، وَالْقِصَارَةِ، وَالطَّحْنِ) مِنْ غَيْرِ رِضَى الْمَالِكِ أَوْ اشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُوهِنُ الْبِنَاءَ، وَالْمُرَادُ رَحَى الثَّوْرِ وَالْمَاءِ لَا رَحَى الْيَدِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ النَّصْبِ فِيهِ وَلَوْ انْهَدَمَ الْبِنَاءُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ، وَالْأَجْرَ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَإِنْ لَمْ يَنْهَدِمْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَجْرُ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْإِجَارَةَ كَانَ
الْقَوْلُ لَهُ فَكَذَا إذَا أَنْكَرَ نَوْعًا مِنْ الِانْتِفَاعِ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الزِّيَادَةَ.
(وَ) صَحَّ (اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ إنْ بَيَّنَ) الْمُسْتَأْجِرُ (مَا يَزْرَعُ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِاسْتِئْجَارِهَا لِلزِّرَاعَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَيْهَا غَيْرَ أَنَّ مَا يُزْرَعُ فِيهَا يَتَفَاوَتُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ (أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ) فِيهَا (مَا شَاءَ) كَيْ لَا يُفْضِيَ إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يَزْرَعُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا يَشَاءُ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِلْجَهَالَةِ، وَلَوْ زَرَعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا تَعُودُ صَحِيحَةً فِي الْقِيَاسِ كَمَا إذَا اشْتَرَى بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ.
وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ الْمُسَمَّى وَيَنْقَلِبُ الْعَقْدُ صَحِيحًا وَلِلْمُسْتَأْجِرِ الشِّرْبُ، وَالطَّرِيقُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا سَنَةً عَلَى أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا مَا شَاءَ فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ زَرْعَيْنِ رَبِيعِيًّا وَخَرِيفِيًّا.
وَفِي التَّنْوِيرِ آجَرَهَا وَهِيَ مَشْغُولَةٌ بِزَرْعِ غَيْرِهِ إنْ كَانَ الزَّرْعُ بِحَقٍّ لَا تَجُوزُ مَا لَمْ يُسْتَحْصَدُ إلَّا أَنْ يُؤَجِّرَهَا مُضَافَةً إلَى الْمُسْتَقْبَلِ، وَإِنْ بِغَيْرِ حَقٍّ صَحَّتْ.
(وَ) صَحَّ اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ (لِلْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ) أَيْ غَرْسِ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفْعٌ مَقْصُودٌ بِالْإِجَارَةِ (وَإِذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ طَوِيلَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ طَوِيلَةٍ (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرَ (أَنْ يَقْلَعَهُمَا) أَيْ الْبِنَاءَ، وَالْغَرْسَ (وَيُسْلِمَهَا) أَيْ الْأَرْضَ حَالَ كَوْنِهَا (فَارِغَةً) عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ حَتَّى يَتْرُكَا إلَيْهَا، وَفِي تَرْكِهَا عَلَى الدَّوَامِ ضَرَرٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَوَجَبَ الْقَلْعُ.
وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَقْفًا وَغَرَسَ فِيهَا وَبَنَى ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَبْقِيَهَا بِأَجْرِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ، وَلَوْ أَبَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ الْقَلْعَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَفِي الْبَحْرِ، وَبِهَذَا تُعْلَمُ مَسْأَلَةُ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ (إلَّا أَنْ يَغْرَمَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ (الْمُؤَجِّرُ) وَهُوَ صَاحِبُ الْأَرْضِ (قِيمَةَ ذَلِكَ) أَيْ الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ (مَقْلُوعًا) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ نَظَرًا لَهُمَا (بِرِضَى صَاحِبِهِ) أَيْ صَاحِبِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ إنْ لَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ بِالْقَلْعِ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِقَلْعِهِ) أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ (فَبِدُونِ رِضَاهُ) أَيْ يَغْرَمُ الْمُؤَجِّرُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيَتَمَلَّكُهُ بِدُونِ رِضَى صَاحِبِهِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَغْرَمُ بِرِضَاهُ إنْ كَانَتْ تَنْقُصُ بِقَلْعِهِ وَمَعْرِفَةُ قِيمَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَوِّمَ الْأَرْضَ بِدُونِ الْبِنَاءِ، وَالشَّجَرِ وَيُقَوِّمَ، وَفِيهَا بِنَاءٌ وَشَجَرٌ وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَهُ فَيَضْمَنُ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا (أَوْ يَرْضَيَا) عَطْفٌ عَلَى أَنْ يَغْرَمَ أَيْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُؤَجِّرُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ لَكِنَّ رِضَى الْمُؤَجِّرِ يَكْفِي فَلَا حَاجَةَ إلَى رِضَى الْمُسْتَأْجِرِ لِمَا قَالُوا فِي تَعْلِيلِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَإِذَا رَضِيَ بِاسْتِمْرَارِهِ عَلَى مَا كَانَ بِأَجْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ تَأَمَّلْ (بِتَرْكِهِ) أَيْ بِتَرْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ عَلَى الْأَرْضِ (فَيَكُونُ الْبِنَاءُ
وَالْغَرْسُ لِهَذَا) أَيْ لِلْمُؤَجَّرِ (وَالْأَرْضُ لِهَذَا) أَيْ لِلْمُؤَجِّرِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْأَرْضِ (وَالرَّطْبَةُ) فِي الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَكَذَا الْكُرَّاثُ وَنَحْوُهُمَا (كَالشَّجَرِ) فِي الْقَطْعِ إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ إذْ لَيْسَ لِانْتِهَائِهِمَا مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ (وَالزَّرْعُ يُتْرَكُ) عَلَى الْأَرْضِ (بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُدْرَكَ) ؛ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَيُوجَدُ فِي التَّأْخِيرِ مُرَاعَاةً لِلْحَقَّيْنِ بِخِلَافِ مَوْتِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ إدْرَاكِهِ، فَإِنَّهُ يُتْرَكُ بِالْمُسَمَّى عَلَى حَالِهِ إلَى الْحَصَادِ، وَإِنْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّ إبْقَاءَهُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَوْلَى مَا دَامَتْ الْمُدَّةُ بَاقِيَةً وَيَلْحَقُ بِالْمُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَعِيرُ فَيُتْرَكُ إلَى إدْرَاكِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَأَمَّا الْغَاصِبُ فَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ مُطْلَقًا.
(وَ) صَحَّ (اسْتِئْجَارُ الدَّابَّةِ لِلرُّكُوبِ، وَالْحَمْلِ وَ) اسْتِئْجَارُ (الثَّوْبِ لِلُّبْسِ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ (فَإِنْ أَطْلَقَ) الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّكُوبَ أَوْ اللُّبْسَ بِمَعْنَى أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ يُرْكِبَهَا مَنْ شَاءَ وَيُلْبِسَ الثَّوْبَ مَنْ شَاءَ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (أَنْ يُرْكِبَ مَنْ شَاءَ وَيُلْبِسَ مَنْ شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّاكِبِ، وَاللَّابِسِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّعْيِينِ أَوْ بِأَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَفْعَلَ مَا شَاءَ.
وَفِي التَّبْيِينِ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يَقُلْ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا شَاءَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ لِلْحَاجَةِ (فَإِذَا رَكِبَ) الدَّابَّةَ (أَوْ لَبِسَ) الثَّوْبَ (هُوَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ نَفْسُهُ (أَوْ أَرْكَبَ) الْمُسْتَأْجِرُ الدَّابَّةَ (أَوْ أَلْبَسَ) الثَّوْبَ (غَيْرَهُ تَعَيَّنَ) مُرَادًا مِنْ الْأَصْلِ (فَلَا يَسْتَعْمِلُهُ غَيْرُهُ) فَصَارَ كَالنَّصِّ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً.
وَفِي الْبَحْرِ وَإِذَا تَكَارَى قَوْمٌ مُشَاةٌ إبِلًا عَلَى أَنَّ الْمُكَارِيَ يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَنْ مَرِضَ مِنْهُمْ أَوْ مَنْ عَيَّ مِنْهُمْ فَهُوَ فَاسِدٌ
(وَإِنْ قَيَّدَ) الْمُؤَجِّرُ (بِرَاكِبٍ) مُعَيَّنٍ (أَوْ لَابِسٍ) مُعَيَّنٍ (فَخَالَفَ ضَمِنَ) الْمُسْتَأْجِرُ إذَا هَلَكَتْ الدَّابَّةُ أَوْ الثَّوْبُ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْعِلْمِ بِالرُّكُوبِ، وَاللُّبْسِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَلَّمَ؛ لِأَنَّهُ مَعَ الضَّمَانِ مُمْتَنِعٌ.
(وَكَذَا كُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ) فِي كَوْنِهِ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَ مَعَ الْمُخَالَفَةِ، وَالتَّقْيِيدِ (وَمَا لَا يُخْتَلَفُ بِهِ) أَيْ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ (فَتَقْيِيدُهُ) أَيْ تَقْيِيدُ الْمُؤَجِّرِ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ (هَدْرٌ فَلَوْ شَرَطَ) الْمُؤَجِّرُ (سُكْنَى وَاحِدٍ) بِعَيْنِهِ فِي إجَارَةِ الدَّارِ (جَازَ) لِلْمُسْتَأْجِرِ (أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَيْسَ بِمُفِيدٍ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ فِي السُّكْنَى وَمَا يَضُرُّ بِالْبِنَاءِ كَالْحِدَادَةِ
وَالْقِصَارَةِ فَهُوَ خَارِجٌ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ، وَالْفُسْطَاطُ كَالدَّارِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هُوَ كَاللُّبْسِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ضَرْبِهِ وَنَصْبِ أَوْتَادِهِ وَاخْتِيَارِ مَكَانِهِ.
(وَإِنْ سَمَّى مَا يَحْمِلُ عَلَى الدَّابَّةِ نَوْعًا وَقَدْرًا كَكُرِّ بُرٍّ) يَحْمِلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (حَمْلُ مِثْلِهِ أَوْ) مَا (أَخَفُّ) مِنْهُ فِي الضَّرَرِ (كَالشَّعِيرِ، وَالسِّمْسِمِ لَا) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا (مَا هُوَ أَضَرُّ) مِنْهُ (كَالْمِلْحِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةً مُقَدَّرَةً بِالْعَقْدِ فَاسْتَوْفَى أَكْثَرَ مِنْهَا لَمْ يَجُزْ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ كُرَّ حِنْطَةٍ لِغَيْرِهِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا بِحَمْلِ كُرِّ حِنْطَةٍ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُهُ وَلَهُ حَمْلُ كُرِّ شَعِيرٍ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُضَمِّنَهُ بِالْحَمْلِ عَلَيْهَا خِلَافَ الْجِنْسِ كَيْفَ مَا كَانَ لِلْمُخَالَفَةِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ التَّقَيُّدَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا كَانَ مُفِيدًا وَلَا فَائِدَةَ هُنَا، وَفِيهِ إشَارَةٌ بِأَنْ سَمَّى مِقْدَارًا مِنْ الْحِنْطَةِ وَزْنًا فَحَمَلَ مِثْلَ ذَلِكَ الْوَزْنِ مِنْ الشَّعِيرِ أَوْ الْقُطْنِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِنْ الْبُرِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي هَذَا أَيْضًا عَدَمَ الضَّمَانِ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ الشَّعِيرِ أَوْ الْقُطْنِ مِثْلُ ضَرَرِ الْحِنْطَةِ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ عِنْدَ اسْتِوَائِهِمَا وَزْنًا وَبِهِ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
(وَإِنْ سَمَّى قَدْرًا مِنْ الْقُطْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا) ؛ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي مَكَان وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِهَا فَيَضُرُّهَا أَكْثَرَ.
(وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا سَمَّى فَعَطِبَتْ) الدَّابَّةُ (ضَمِنَ قَدْرَ الزِّيَادَةِ إنْ كَانَتْ تُطِيقُ مَا حَمَّلَهَا) ؛ لِأَنَّهَا عَطِبَتْ بِمَا هُوَ مَأْذُونٌ فِيهِ وَغَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ، وَالسَّبَبُ الثِّقَلُ فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَأْذُونُ مِائَةَ مَنٍّ، وَزَادَ عَلَيْهِ عِشْرِينَ مَنًّا يَضْمَنُ سُدُسَ الدَّابَّةِ وَأَشَارَ بِالزِّيَادَةِ إلَى أَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَلَوْ حَمَلَ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ الْمُسَمَّى وَجَبَ جَمِيعُ الْقِيمَةِ وَإِلَى أَنَّهُ حَمَلَ الزِّيَادَةَ مَعَ الْمُسَمَّى مَعًا فَلَوْ حَمَلَ الْمُسَمَّى وَحْدَهُ ثُمَّ حَمَلَ الزِّيَادَةَ وَحْدَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ جَمِيعَ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُطِقْ مَا حَمَّلَهَا (فَكُلَّ الْقِيمَةِ) لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِ هَذَا إذَا حَمَّلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ أَمَّا إذَا حَمَّلَهَا صَاحِبُهَا بِيَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ حَمَّلَا مَعًا وَجَبَ النِّصْفُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ حَمَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ جُوَالِقًا وَحْدَهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَيَجْعَلُ حَمْلَ الْمُسْتَأْجِرِ مَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِلْأَجْرِ إذَا هَلَكَ.
وَفِي الْعِنَايَةِ إنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ لَا يُقَالُ: كَيْفَ اجْتَمَعَ الْأَجْرُ، وَالضَّمَانُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْأَجْرُ فِي مُقَابَلَةِ الْحَمْلِ الْمُسَمَّى، وَالضَّمَانُ فِي مُقَابَلَةِ الزَّائِدِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْأَجْرِ إذَا سَلِمَتْ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي أَنْ يَجِبَ الْمُسَمَّى فَقَطْ أَمَّا إذَا حَمَّلَهُ الْحَمَّالُ بِنَفْسِهِ وَحْدَهُ فَلَا كَلَامَ، وَأَمَّا إذَا حَمَّلَهُ الْمُسْتَأْجِرُ زَائِدًا عَلَى الْمُسَمَّى فَمَنَافِعُ الْغَصْبِ لَا تَضْمَنُ عِنْدَنَا، وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْمُكَارِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحَمِّلُ الْمُسْتَأْجِرُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْمُسَمَّى إلَّا بِرِضَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ وَلِهَذَا قَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَرَى الْمُكَارِي
جَمِيعَ مَا يُحَمِّلُهُ انْتَهَى (وَفِي الْإِرْدَافِ يَضْمَنُ النِّصْفَ) أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ لِيَرْكَبَهَا فَأَرْدَفَ مَعَهُ رَجُلًا فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ نِصْفَ قِيمَتِهَا (وَلَا عِبْرَةَ بِالثِّقَلِ) ؛ لِأَنَّ رُكُوبَ الْعَالِمِ بِالْفُرُوسِيَّةِ لَا يَضُرُّ، وَإِنْ ثَقُلَ وَرُكُوبُ غَيْرِ الْعَالِمِ أَضَرُّ، وَإِنْ خَفَّ هَذَا إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ تُطِيقُ حَمْلَ الِاثْنَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تُطِقْ حَمْلَهُمَا يَضْمَنْ كُلَّ الْقِيمَةِ، وَقَالُوا هَذَا إذَا كَانَ الرَّدِيفُ يَسْتَمْسِكُ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَسْتَمْسِكُ يَضْمَنُ بِقَدْرِ ثِقَلِهِ وَقَيَّدَ بِالْإِرْدَافِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَمَلَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ ثُمَّ لِلْمَالِكِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّدِيفَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الرَّاكِبَ فَالرَّاكِبُ لَا يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَ، وَالرَّدِيفُ يَرْجِعُ إنْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ.
(وَإِنْ كَبَحَهَا) أَيْ الدَّابَّةَ مِنْ كَبَحْت الدَّابَّةَ بِلِجَامِهَا إذَا رَدَّهَا، وَهُوَ أَنْ يَجْذِبَهَا إلَى نَفْسِهِ لِتَقِفَ وَلَا تَجْرِيَ (أَوْ ضَرَبَهَا فَعَطِبَتْ) أَيْ هَلَكَتْ (ضَمِنَ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (فِيمَا هُوَ مُعْتَادٌ) ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ فِي السَّيْرِ مُعْتَادٌ فَكَانَ مَأْذُونًا فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ إنْ ضَرْبَهُ لِلدَّابَّةِ يَكُونُ تَعَدِّيًا مُوجِبًا لِلضَّمَانِ قَيَّدَ بِالْكَبْحِ؛ لِأَنَّ بِالسَّوْقِ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا.
(وَإِنْ تَجَاوَزَ بِهَا) أَيْ بِالدَّابَّةِ (مَكَانًا سَمَّاهُ) فَعَطِبَتْ (ضَمِنَ) قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا (وَلَا يَبْرَأُ) عَنْ الضَّمَانِ (بِرَدِّهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (إلَى مَا سَمَّاهُ) أَيْ إلَى مَكَان سَمَّاهُ.
(وَإِنْ) وَصَلْيَةٌ (اسْتَأْجَرَهَا ذَهَابًا وَإِيَابًا فِي الْأَصَحِّ) .
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَادَ إلَى الْوِفَاقِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ كَالْمُودِعِ، وَلَنَا أَنَّ يَدَ الْمُسْتَأْجِرِ لَيْسَتْ يَدَ الْمَالِكِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرَّدِّ إلَيْهِ بَعْدَ التَّعَدِّي، وَبِالْعَوْدِ لَا يَكُونُ رَادًّا لَهَا إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُودِعِ، فَإِنَّ يَدَهُ يَدُ الْمَالِكِ فِي الْحِفْظِ، فَإِذَا عَادَ الْمُودِعُ إلَى الْوِفَاقِ عَادَ إلَى يَدِ الْمَالِكِ حُكْمًا فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ احْتِرَازٌ عَمَّا قِيلَ إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا اسْتَأْجَرَ ذَاهِبًا فَقَطْ لَا جَائِيًا؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ انْتَهَتْ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَيَضْمَنُ بِالتَّجَاوُزِ عَنْهُ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: الْإِطْلَاقُ أَصَحُّ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَافِي: التَّقْيِيدُ أَصَحُّ.
(وَإِنْ نَزَعَ سَرْجَ الْحِمَارِ) الَّذِي اكْتَرَاهُ بِسَرْجٍ (وَأَسْرَجَهُ بِمَا يُسْرَجُ بِهِ مِثْلُهُ) فَهَلَكَتْ (لَا يَضْمَنُ) اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُمَاثِلُ الْأَوَّلَ تَنَاوَلَهُ إذْنُ الْمَالِكِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّقْيِيدِ بِغَيْرِهِ إلَّا إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَيْهِ فِي الْوَزْنِ فَحِينَئِذٍ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَإِنْ أَسْرَجَهُ أَوْ أَوْكَفَهُ بِمَا لَا يُسْرَجُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَسْرَجَهُ (أَوْ بِمَا لَا يُوكَفُ بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْكَفَهُ (مِثْلُهُ) فَهَلَكَتْ (ضَمِنَ) جَمِيعَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْإِذْنُ مِنْ جِهَتِهِ فَصَارَ مُخَالِفًا.
(وَكَذَا إنْ أَوْكَفَهُ بِمَا يُوكَفُ بِهِ مِثْلُهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْإِكَافَ يُسْتَعْمَلُ بِغَيْرِ مَا يُسْتَعْمَلُ لَهُ السَّرْجُ وَهُوَ الْحَمْلُ وَأَثَرُهُ يُخَالِفُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَسِطُ انْبِسَاطَ السَّرْجِ فَكَانَ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ خِلَافًا إلَى جِنْسِ غَيْرِ الْمُسَمَّى فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْفِيًا شَيْئًا مِنْ الْمُسَمَّى فَيَضْمَنُ الْكُلَّ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ
لَا يُسْرَجُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا بِإِكَافٍ فَأَوْكَفَهَا بِإِكَافٍ مِثْلِهِ أَوْ أَسْرَجَهَا مَكَانَ الْإِكَافِ لَا يَضْمَنُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا عُرْيَانَةً فَأَسْرَجَهَا وَرَكِبَهَا ضَمِنَ قَالَ مَشَايِخُنَا: إذَا اسْتَأْجَرَهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فِي الْمِصْرِ إنْ كَانَ الْمُسْتَكْرِي مِنْ الْأَشْرَافِ لَا يَضْمَنُ ثُمَّ قَالَ.
وَفِي الْكَافِي الضَّمَانُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ الْمَشَايِخِ، وَكَانَ هُوَ الْمَذْهَبَ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى (وَقَالَا: يَضْمَنُ قَدْرَ مَا زَادَ وَزْنُهُ عَلَى السَّرْجِ فَقَطْ) حَتَّى لَوْ كَانَ وَزْنُ الْإِكَافِ ضِعْفَ وَزْنِ السَّرْجِ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِانْعِدَامِ الْإِذْنِ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَالْجَوَابُ قَدْ مَرَّ آنِفًا.
وَفِي الْعِنَايَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الْمَضْمُونِ اتِّبَاعًا لِرِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَنَّهُ ضَامِنٌ بِجَمِيعِ الْقِيمَةِ وَلَكِنَّهُ قَالَ: هُوَ ضَامِنٌ وَذَكَرَ فِي الْإِجَارَاتِ يَضْمَنُ بِقَدْرِ مَا زَادَ فَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، وَإِنَّمَا الْمُطْلَقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُفَسَّرِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: فِيهَا رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الْإِجَارَاتِ يَضْمَنُ مَا زَادَ، وَفِي رِوَايَةِ الْجَامِعِ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهَذَا أَصَحُّ وَتَكَلَّمُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِمَا يَضْمَنُ بِحِسَابِهِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ حَتَّى إذَا كَانَ السَّرْجُ يَأْخُذُ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ قَدْرَ شِبْرَيْنِ، وَالْإِكَافُ قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَشْبَارٍ يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَتِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ بِحِسَابِهِ فِي الثِّقَلِ، وَالْخِفَّةِ حَتَّى إذَا كَانَ وَزْنُ السَّرْجِ مَنَوَيْنِ، وَالْإِكَافُ سِتَّةَ أَمْنَاءٍ يَضْمَنُ ثُلُثَيْ قِيمَتِهَا.
(وَإِنْ سَلَكَ الْحَمَّالُ طَرِيقًا غَيْرَ مَا عَيَّنَهُ الْمَالِكُ مِمَّا يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَمَّالِ (إنْ لَمْ يَتَفَاوَتْ الطَّرِيقَانِ) ؛ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ غَيْرُ مُفِيدٍ عِنْدَ عَدَمِ التَّفَاوُتِ.
(وَإِنْ تَفَاوَتَا) أَيْ الطَّرِيقَانِ بِأَنْ كَانَ الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكُ أَعْسَرَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ أَخْوَفَ مِنْ الطَّرِيقِ الْآخَرِ (أَوْ كَانَ) الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكُ (مِمَّا لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ)، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ تَفَاوُتٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا ظَهَرَ لَك عَدَمُ فَهْمِ مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَفَاوُتَ الطَّرِيقَيْنِ يُغْنِي عَنْهُ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالتَّكَلُّفِ انْتَهَى؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَقِلَّةٌ تَبَعٌ قَيَّدَ بِالتَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ لَا ضَمَانَ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْحَمَّالُ إذَا نَزَلَ فِي مَفَازَةٍ وَتَهَيَّأَ لَهُ الِانْتِقَالُ فَلَمْ يَنْتَقِلْ حَتَّى فَسَدَ الْمَتَاعُ بِمَطَرٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا كَانَتْ السَّرِقَةُ، وَالْمَطَرُ غَالِبًا (أَوْ حَمَلَهُ) أَيْ حَمَلَ الْحَمَّالُ الْمَتَاعَ (فِي الْبَحْرِ) إذَا قَيَّدَنَا بِالْبَرِّ (فَتَلِفَ) الْمَتَاعُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ (ضَمِنَ) الْحَمَّالُ لِصِحَّةِ التَّقْيِيدِ أَمَّا إذَا تَفَاوَتَا أَوْ لَا يَسْلُكُهُ النَّاسُ فَظَاهِرٌ، وَإِذَا حَمَلَهُ فِي الْبَحْرِ فَلِخَطَرِ الْبَحْرِ، وَنُدْرَةِ السَّلَامَةِ أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ مِمَّا يَسْلُكُ النَّاسُ أَوْ لَا وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ قَيَّدَ بِالْبَرِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ لَا ضَمَانَ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَإِنْ بَلَّغَ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ: السَّمَاعُ بَلَّغَ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ إنْ بَلَّغَ الْحَمَّالُ الْمَتَاعَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ الَّذِي اشْتَرَطَ وَيَجُوزُ بِالتَّخْفِيفِ عَلَى إسْنَادِ الْفِعْلِ إلَى الْمَتَاعِ أَيْ إذَا بَلَغَ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَلَهُ الْأَجْرُ) أَيْ لِلْحَمَّالِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ