المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل غير الغاصب ما غصبه بالتصرف فيه] - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[فصل غير الغاصب ما غصبه بالتصرف فيه]

أَيْ بِالْبَاقِي؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَصَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَمِلْكِهِ؛ لِأَنَّ مَا ضَمِنَ مِنْ الْفَائِتِ يَمْلِكُهُ بِالضَّمَانِ وَلَهُمَا أَنَّهُ صَارَ مِلْكًا لَهُ مِلْكًا خَبِيثًا وَحَرَامًا لِخُبْثِ السَّبَبِ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ فَيَكُونُ سَبِيلُهُ التَّصَدُّقَ.

(وَكَذَا لَوْ اسْتَغَلَّ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ) أَيْ لَوْ آجَرَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ وَأَخَذَ غَلَّتَهُ (فَنَقَصَهُ الِاسْتِغْلَالُ أَوْ آجَرَ) الْمُسْتَعِيرُ (الْمُسْتَعَارَ وَنَقَصَ يَضْمَنُ النُّقْصَانَ) ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ جَمِيعُ أَجْزَائِهِ فِي ضَمَانِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَةِ مَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ مِنْ أَجْزَائِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (وَمَا فَضَلَ مِنْ الْغَلَّةِ وَالْأُجْرَةِ تَصَدَّقَ بِهِ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ لِأَبِي يُوسُفَ لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا.

(وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ فَرَبِحَ وَهُمَا يَتَعَيَّنَانِ بِالتَّعْيِينِ) كَالْعُرُوضِ وَنَحْوِهَا (تَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ) وَلَا يَطِيبُ لَهُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لَهُ) أَيْ لِأَبِي يُوسُفَ (أَيْضًا) أَيْ كَخِلَافِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا.

(وَإِنْ كَانَا) أَيْ الْمَغْصُوبُ أَوْ الْوَدِيعَةُ (لَا يَتَعَيَّنَانِ) كَالنَّقْدَيْنِ فَقَدْ قَالَ الْكَرْخِيُّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ أَشَارَ) الْمُتَصَرِّفُ (إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى دَرَاهِمِ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ (وَنَقَدَهُمَا فَكَذَلِكَ) لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ وَيَتَصَدَّقُ بِهِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ.

(وَإِنْ أَشَارَ إلَى غَيْرِهِمَا وَنَقَدَهُمَا) أَيْ دَرَاهِمَ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ (أَوْ أَشَارَ إلَيْهِمَا وَنَقَدَ غَيْرَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ) إطْلَاقًا وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِمَا وَلَا إلَى غَيْرِهِمَا بَلْ قَالَ اشْتَرَيْت بِدِرْهَمٍ.

(وَ) لَكِنْ (نَقَدَهُمَا) أَيْ دَرَاهِمَ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ (طَابَ لَهُ الرِّبْحُ اتِّفَاقًا قِيلَ وَبِهِ) أَيْ بِعَدَمِ الطِّيبِ فِي الْأُولَى وَبِالطِّيبِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ (يُفْتَى) قَائِلُهُ صَاحِبُ الْوِقَايَةِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُحِيطِ حَيْثُ قَالَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لِكَثْرَةِ الْحَرَامِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْ النَّاسِ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَهَذَا قَوْلُ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ.

وَفِي الدُّرَرِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ (وَالْمُخْتَارُ) عِنْدَ مَشَايِخِنَا (أَنَّهُ لَا طِيبَ مُطْلَقًا) يَعْنِي فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا لِإِطْلَاقِ الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعَيْنِ

(وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْغَصْبِ أَوْ الْوَدِيعَةِ جَارِيَةً تَعْدِلُ أَلْفَيْنِ فَوَهَبَهَا أَوْ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَا يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ) وَهَذَا قَوْلُهُمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَتَبَيَّنُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

فَصَلِّ (وَإِنْ غَيَّرَ مَا غَصَبَهُ) بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا تَغَيَّرَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ بِأَنْ صَارَ الْعِنَبُ مَثَلًا زَبِيبًا بِنَفْسِهِ أَوْ الرُّطَبُ تَمْرًا فَالْمَالِكُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ يَأْخُذُهُ وَإِنْ شَاءَ يَتْرُكُهُ وَيُضْمَنُهُ (فَزَالَ) بِذَلِكَ التَّغْيِيرُ (اسْمُهُ) أَيْ اسْمُ الْمَغْصُوبِ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا غَصَبَ شَاةً فَذَبَحَهَا

ص: 459

فَقَطْ فَإِنَّ مِلْكَ مَالِكِهَا لَمْ يَزُلْ بِالذَّبْحِ الْمُجَرَّدِ إذَا لَمْ يَزُلْ اسْمُهَا بِهِ حَيْثُ يُقَالُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ لَكِنْ أَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ شَاةٌ مَشْوِيَّةٌ مَعَ أَنَّهَا تَخْلُفُ الْمَذْبُوحَةَ فِي الْحُكْمِ (وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهِ) أَيْ أَكْثَرُ مَقَاصِدِهِ احْتِرَازٌ عَنْ دَرَاهِمَ فَسَبَكَهَا بِلَا ضَرْبٍ فَإِنَّهُ وَإِنْ زَالَ اسْمُهُ لَكِنْ يَبْقَى أَعْظَمُ مَنَافِعِهِ وَلِذَا لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ عَنْهُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ زَوَالُ الِاسْمِ مُغْنِيًا عَنْ اسْمِ الْمَنَافِعِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَا قَالَ صَاحِبُ الدُّرَرِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَأَعْظَمُ مَنَافِعِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَهُ قَصَدَ تَنَاوُلَهُ الْحِنْطَةَ إذَا غَصَبَهَا وَطَحَنَهَا فَإِنَّ الْمَقَاصِدَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِعَيْنِ الْحِنْطَةِ كَجَعْلِهَا هَرِيسَةً وَنَحْوَهَا يَزُولُ بِالطَّحْنِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَ زَالَ اسْمُهُ مُغْنٍ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ لَيْسَ بِسَدِيدٍ بَلْ هُوَ عَدَمُ اطِّلَاعٍ عَلَى مَا قَرَّرْنَا نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ تَدَبَّرْ (ضَمِنَهُ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ (وَمَلَكَهُ) بِتَقَرُّرِ الضَّمَانِ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَقَدِّمِينَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ الْغَصْبُ عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ فَلَوْ أَبَى الْمَالِكُ عَنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ وَأَرَادَ أَخْذَ الْمُغَيَّرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَكِنْ حَكَى عَنْ الْإِمَامِ مُفْتِي الثَّقَلَيْنِ أَنَّ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَمَشَايِخِنَا عَلَى قَضِيَّةِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا عِنْدَ تَرَاضِي الْخَصْمَيْنِ بِالضَّمَانِ أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي بِهِ أَوْ أَدَاءِ الْبَدَلِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَوْلِ الْأَظْهَرِ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ غَيْرَ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَخْذَ الْعَيْنِ لَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ عِنْدَهُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَضْمَنُهُ.

(وَلَا يَحِلُّ انْتِفَاعُهُ) أَيْ انْتِفَاعُ الْغَاصِبِ (بِهِ) أَيْ بِالْمَغْصُوبِ الْمُغَيَّرِ (قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ) اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ الْحِلُّ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَقَوْلُ الْحَسَنِ قَوْلُ زُفَرَ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَبَتَ بِكَسْبِهِ وَالْمِلْكُ مُبِيحٌ لِلتَّصَرُّفِ وَلِهَذَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ صَحَّ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فِي إبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِهِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَتْحًا لِبَابِ الْغَصْبِ فَيَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ لَكِنْ جَازَ لِلْغَاصِبِ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ كَالْمَقْبُوضِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (كَشَاةٍ ذَبَحَهَا وَطَحَنَهَا أَوْ شَوَاهَا أَوْ قَطَّعَهَا وَبُرٍّ طَحَنَهُ أَوْ زَرَعَهُ وَدَقِيقٍ خَبَزَهُ وَعِنَبٍ أَوْ زَيْتُونٍ عَصَرَهُ) قَيْدٌ لِلْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ (وَقُطْنٍ غَزَلَهُ وَغَزْلٍ نَسَجَهُ وَحَدِيدٍ جَعَلَهُ سَيْفًا وَصُفْرٍ جَعَلَهُ آنِيَةً وَسَاجَةٍ)

ص: 460

بِالْجِيمِ وَهُوَ مُفْرَدُ سَاجٍ وَهُوَ شَجَرٌ عَظِيمٌ صُلْبٌ قَوِيٌّ يَنْبُتُ بِبِلَادِ الْهِنْدِ وَهِيَ مِنْ أَعَزِّ الْأَشْجَارِ وَيُسْتَعْمَلُ فِي بِنَاءِ الدُّورِ وَأَبْوَابِهَا وَأَسَاسِهَا وَأَمَّا إذَا بَنَى عَلَيْهَا فَلَا يَنْقَطِعُ حَقُّ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَالسَّاجَةُ مِنْ وَجْهٍ كَالْأَصْلِ لِهَذَا الْبِنَاءِ فَيُهْدَمُ لِلرَّدِّ كَمَا إذَا بَنَى فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ (أَوْ لَبِنَةً بَنَى عَلَيْهَا) وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ تَمْثِيلَاتٌ لِلْأَعْيَانِ الْمَغْصُوبَةِ الْمُتَغَيِّرَةِ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ تَغَيُّرُهَا ظَاهِرٌ فِيمَا عَدَا السَّاجَةَ وَأَمَّا لِغَيْرِهَا فِيهَا فَلِأَنَّهَا كَانَتْ نَقْلِيَّةٌ وَالْآنَ صَارَتْ مِنْ الْعَقَارِ وَلِذَا اُسْتُحِقَّ بِالشُّفْعَةِ فَيَكُونُ هَالِكًا مِنْ وَجْهٍ وَمُتَغَيِّرًا مِنْ وَجْهٍ وَالتَّغَيُّرُ يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الْمَالِكِ وَهُوَ يَمْلِكُهَا بِهَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَهُوَ يُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ إنَّمَا يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ السَّاجَةِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا تَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.

(وَإِنْ جَعَلَ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ) جَعَلَ الْفِضَّةَ أَوْ الذَّهَبَ (آنِيَةً لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ الْمَجْعُولَ (وَهُوَ لِمَالِكِهِ بِلَا شَيْءٍ) فِي مُقَابَلَةِ الْجَعْلِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ وَالصَّنْعَةَ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ عِنْدَ مُقَابَلَتِهَا بِجِنْسِهَا لَا قِيمَةَ لَهَا وَلِهَذَا لَوْ غَصَبَ حُلِيًّا فَكَسَرَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ لَا يَضْمَنُ (وَعِنْدَهُمَا يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِتَبَدُّلِ الِاسْمِ بِالصَّنْعَةِ.

(فَإِنْ ذَبَحَ) الْغَاصِبُ (الشَّاةَ) بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَالْمَالِكُ) يُخَيَّرُ (إنْ شَاءَ طَرَحَهَا) أَيْ الشَّاةَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا) أَيْ الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ (أَوْ أَخَذَهَا) أَيْ الشَّاةَ (وَضَمَّنَهُ نُقْصَانَهَا) أَيْ الشَّاةِ بِذَبْحِهَا لِوُجُودِ نُقْصَانِ بَعْضِ مَنَافِعِهَا كَالدَّرِّ وَالنَّسْلِ دُونَ بَعْضٍ إذْ لَحْمُهَا مُنْتَفَعٌ بِهِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ إذَا أَخَذَ اللَّحْمَ؛ لِأَنَّ الذَّبْحَ وَالسَّلْخَ زِيَادَةٌ فِيهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ.

(وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهَا) أَيْ الشَّاةِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ كَالذَّبْحِ فِي الْحُكْمِ فَلَهُ الْخِيَارُ الْمَذْكُورُ فِي الذَّبْحِ (أَوْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِيهِ أَيْضًا بَيْنَ تَضْمِينِ جَمِيعِ قِيمَتِهَا وَتَرْكِهَا لَهُ وَبَيْنَ تَضْمِينِ نُقْصَانِهَا لَكِنْ مَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ الْمُعْتَبَرَاتِ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ غَيْرَ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ يَضْمَنُ قَاطِعُ الطَّرَفِ جَمِيعَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ طَرَفِ الْعَبْدِ حَيْثُ يُضَمِّنُهُ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَعَ أَخْذِهِ انْتَهَى.

وَفِي الْفَرَائِدِ تَفْصِيلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ وَغَيْرِ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَمُخْتَارِ الْفَتَاوَى وَشُرُوحِ الْكَنْزِ وَالدُّرَرِ وَغَيْرِهَا وَبَعْضُهُمْ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَالْمُصَنِّفُ اخْتَارَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فَلِهَذَا قَالَ أَوْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ انْتَهَى لَكِنَّ التَّسْوِيَةَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَقَطْ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ وَلَكِنْ يُضَمِّنُهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ ذَبَحَ حِمَارَ غَيْرِهِ

ص: 461

فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُمْسِكَ الْحِمَارَ وَيُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ كُلَّ الْقِيمَةِ فَلَا يُمْسِكُ الْمَذْبُوحَ وَإِنْ قَتَلَهُ قَتْلًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ فَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ الدَّابَّةَ وَيُضَمَّنُ النُّقْصَانَ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْفَرَائِدِ لَيْسَ بِشَيْءٍ بَلْ الصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَطْعِ طَرَفِ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ الدَّابَّةُ الَّتِي يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِمَا بَقِيَ قِيمَةً لِمَا فِي النِّهَايَةِ نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ إذَا قَطَعَ أُذُنَ الدَّابَّةِ أَوْ ذَنَبَهَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ فَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَطَعَ طَرَفَ دَابَّةٍ غَيْرِ مَأْكُولَةٍ وَلَمْ يَقُلْ يَدَ دَابَّةٍ أَوْ رِجْلَهَا وَكَذَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ لَوْ قَالَ صَاحِبُ الدَّابَّةِ إنِّي أُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ وَلَوْ سَلَّمَ الْجِلْدَ إلَيْهِ إنْ كَانَ لِجِلْدِهَا ثَمَنٌ تَتَبَّعْ.

(أَوْ خَرَقَ الثَّوْبَ) أَيْ يُخَيَّرُ أَيْضًا لَوْ خَرَقَ ثَوْبَ الْغَيْرِ (خَرْقًا فَاحِشًا يُفَوِّتُ) الْجُمْلَةُ صِفَةُ خَرْقًا (بَعْضَ الْعَيْنِ وَبَعْضَ نَفْعِهِ) لَا كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فَوَّتَ كُلَّ النَّفْعِ ضَمَّنَهُ الْقِيمَةَ هَذَا تَفْسِيرُ الْخَرْقِ الْفَاحِشِ عَنْ الصَّحِيحِ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْفَاحِشَ مَا يَفُوتُ بِهِ بَعْضُ الْعَيْنِ وَجِنْسُ الْمَنْفَعَةِ وَيَبْقَى بَعْضُ الْعَيْنِ وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ وَالْيَسِيرُ مَا لَا يَفُوتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ نُقْصَانٌ فِي الْمَنْفَعَةِ.

وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْفَاحِشَ هُوَ الْمُسْتَأْصِلُ لِلثَّوْبِ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ الثَّوْبَ لَا يَصْلُحُ إلَّا لِلْخَرْقِ وَلَا يَرْغَبُ فِي شِرَائِهِ وَعَزَاهُ إلَى الْحَلْوَانِيِّ قُلْت.

وَفِي الْمُجْتَبَى وَالصَّحِيحِ مَا حَدَّهُ مُحَمَّدٌ لَهُ وَهُوَ أَنْ يَفُوتَ بَعْضُ الْعَيْنِ وَجِنْسٌ مِنْ مَنَافِعِهِ وَيَبْقَى بَعْضُ الْعَيْنِ وَبَعْضُ الْمَنْفَعَةِ وَقِيلَ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى الْخَيَّاطِينَ وَقِيلَ إنْ كَانَ طُولًا فَفَاحِشٌ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا فَيَسِيرٌ وَالْكُلُّ فِي الْمِنَحِ (وَفِي) خَرْقٍ (يَسِيرٍ نَقَصَهُ) أَيْ نَقَصَ الْخَرْقُ الثَّوْبَ وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ يَسِيرٍ (وَلَمْ يُفَوِّتْ شَيْئًا مِنْ النَّفْعِ يُضَمِّنُ) الْخَارِقَ (نُقْصَانَهُ) يَعْنِي مَعَ أَخْذِ عَيْنِهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ قَائِمَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا دَخَلَهُ عَيْبٌ فَنَقَصَ لِذَلِكَ فَكَانَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ.

(وَمَنْ بَنَى فِي أَرْضِ غَيْرِهِ) أَوْ غَرَسَ فِيهَا شَجَرًا (أُمِرَ) الْبَانِي وَالْغَارِسُ (بِالْقَلْعِ) فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (وَالرَّدِّ) أَيْ رَدِّ الْأَرْضِ إلَى الْمَالِكِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ» أَيْ لِذِي عِرْقٍ ظَالِمٍ وَصَفَ الْعِرْقَ بِصِفَةِ صَاحِبِهِ وَهُوَ الظُّلْمُ مَجَازًا كَمَا يُقَالُ صَامَ نَهَارُهُ وَقَامَ لَيْلُهُ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لَا تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ.

(وَإِنْ كَانَتْ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يُضَمِّنَ لَهُ) أَيْ لِلْغَاصِبِ (قِيمَتَهُمَا) أَيْ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ (مَأْمُورًا بِقَلْعِهِمَا) ؛ لِأَنَّ فِيهِ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنْهُمَا وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ ثُمَّ بَيَّنَ طَرِيقَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِمَا بِقَوْلِهِ (فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِلَا شَجَرٍ أَوْ بِنَاءٍ) بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَتُقَوَّمُ مَعَ أَحَدِهِمَا) بِمِائَةٍ وَعَشْرَةٍ حَالَ كَوْنِهِ (مُسْتَحِقَّ الْقَلْعِ) فَحِينَئِذٍ يُنْقِصُ أُجْرَةَ الْقَلْعِ هِيَ دِرْهَمٌ فَيَبْقَى مِائَةٌ وَتِسْعَةُ دَرَاهِمَ (فَيَضْمَنُ) الْمَالِكُ (الْفَضْلَ)

ص: 462

هُوَ التِّسْعَةُ قَالَ الْمَشَايِخُ هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ فَلَا يُقَالُ لِلْغَاصِبِ اقْلَعْ الْبِنَاءَ أَوْ الْغَرْسَ وَرُدَّ الْأَرْضَ بَلْ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْأَرْضِ فَيَمْلِكُهَا بِالضَّمَانِ وَبِهِ يُفْتِي بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ وَبِهِ يُفْتِي الْبَعْضُ فِي زَمَانِنَا سَدًّا لِبَابِ الظُّلْمِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِلْكًا أَمَّا إذَا كَانَتْ وَقْفًا فَيُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَالرَّدِّ مُطْلَقًا.

وَفِي التَّبْيِينِ وَعَلَى هَذَا لَوْ ابْتَلَعَتْ دَجَاجَةٌ لُؤْلُؤَةً يُنْظَرُ أَيُّهُمَا أَكْثَرُ قِيمَةً فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَ وَيَضْمَنَ قِيمَةَ الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ لَوْ أَدْخَلَ فَصِيلَ غَيْرِهِ فِي دَارِهِ وَكَبِرَ فِيهَا وَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ إلَّا بِهَدْمِ الْجِدَارِ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ لَوْ أَدْخَلَ الْبَقَرُ رَأْسَهُ فِي قَدْرٍ مِنْ النُّحَاسِ فَتَعَذَّرَ إخْرَاجُهُ.

(وَإِنْ صَبَغَ) الْغَاصِبُ (الثَّوْبَ) الَّذِي غَصَبَهُ (أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ) الَّذِي غَصَبَهُ (بِسَمْنٍ فَالْمَالِكُ) بِالْخِيَارِ (إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ) أَيْ الْغَاصِبَ (قِيمَةَ ثَوْبِهِ) حَالَ كَوْنِهِ (أَبْيَضَ) أَيْ أَخَذَ قِيمَةَ ثَوْبٍ أَبْيَضَ؛ لِأَنَّهُ مُتْلَفٌ مِنْ وَجْهٍ.

(وَ) ضَمَّنَهُ (مِثْلَ سَوِيقِهِ) لِكَوْنِهِ مِثْلِيًّا وَتَرَكَ مَا غَصَبَهُ الْغَاصِبُ لَهُ (أَوْ أَخَذَهُمَا) أَيْ إنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّوْبَ وَالسَّوِيقَ (وَضَمِنَ مَا زَادَ الصَّبْغُ وَالسَّمْنُ) فِي الثَّوْبِ وَالسَّوِيقِ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ كَالثَّوْبِ وَبِغَصْبِهِ وَصَبْغِهِ لَا يَسْقُطُ حُرْمَةُ مَالِهِ وَيَجِبُ صِيَانَتُهُمَا مَا أَمْكَنَ وَذَا فِي إيصَالِ مَعْنَى مَالِ أَحَدِهِمَا إلَيْهِ وَإِيفَاءِ حَقِّ الْآخَرِ فِي عَيْنِ مَالِهِ وَهُوَ فِيمَا قُلْنَا مِنْ التَّخْيِيرِ إلَّا أَنَّا أَثْبَتْنَا الْخِيَارَ لِرَبِّ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ أَصْلٍ وَالْغَاصِبُ صَاحِبُ وَصْفٍ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُؤْمَرُ الْغَاصِبُ بِقَلْعِ الصَّبْغِ بِالْغَسْلِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَيُسَلِّمُهُ وَإِنْ انْتَقَصَ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ.

(وَإِنْ صَبَغَهُ) أَيْ الثَّوْبَ (أَسْوَدَ ضَمَّنَهُ) أَيْ الْمَالِكُ (قِيمَتَهُ أَبْيَضَ أَوْ أَخَذَهُ بِلَا رَدِّ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الصَّبْغَ بِالسَّوَادِ (نَقْصٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا الْأَسْوَدُ كَغَيْرِهِ وَهُوَ) أَيْ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَبَيْنَهُمَا (اخْتِلَافُ زَمَانٍ) فَإِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فِي زَمَانِهِ كَانُوا يَمْتَنِعُونَ عَنْ لُبْسِ السَّوَادِ وَفِي زَمَانِهِمَا بَنُو الْعَبَّاسِ كَانُوا يَلْبَسُونَ السَّوَادَ فَأَجَابَ كُلٌّ عَلَى مَا شَاهَدَهُ

وَفِي التَّنْوِيرِ رَدَّ غَاصِبُ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ عَلَى الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ يُبَرَّأُ عَنْ ضَمَانِهِ كَمَا لَوْ هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ غَاصِبِ الْغَاصِبِ فَأَدَّى الْقِيمَةَ إلَى الْغَاصِبِ إذَا كَانَ قَبْضُهُ الْقِيمَةَ مَعْرُوفًا

غَصَبَ شَيْئًا ثُمَّ غَصَبَهُ آخَرُ مِنْهُ فَأَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الضَّمَانِ مِنْ الْأَوَّلِ وَبَعْضَهُ مِنْ الثَّانِي لَهُ ذَلِكَ

الْإِجَازَةُ لَا تَلْحَقُ الْإِتْلَافَ فَلَوْ أَتْلَفَ مَالَ غَيْرِهِ تَعَدِّيًا فَقَالَ الْمَالِكُ أَجَزْت أَوْ رَضِيت لَمْ يُبَرَّأْ مِنْ الضَّمَانِ

كَسَرَ الْغَاصِبُ الْخَشَبَ فَاحِشًا لَا يَمْلِكُهُ وَلَوْ كَسَرَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَمْ يَنْقَطِعْ الرُّجُوعُ.

ص: 463