الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ مُتَّهَمًا بِالسَّرِقَةِ مَعْرُوفًا بِهَا وَبِالْقَتْلِ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاضِي اسْتِحْسَانًا لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ
صَادَرَهُ السُّلْطَانُ وَلَمْ يُعَيِّنْ بَيْعَ مَالِهِ فَبَاعَهُ صَحَّ وَالْحِيلَةُ لَهُ فِيهِ مِنْ أَيْنَ أُعْطِي وَلَا مَالَ لِي فَإِذَا قَالَ الظَّالِمُ بِعْ جَارِيَتَك وَقَدْ صَارَ مُكْرَهًا عَلَى بَيْعِ الْجَارِيَةِ فَلَا يَنْفُذُ بَيْعُهَا
الْمُكْرَهُ بِأَخْذِ الْمَالِ لَا يَضْمَنُ بِأَخْذِهِ إذَا نَوَى وَقْتَ الْأَخْذِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِلَّا يَضْمَنْ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ فَالْقَوْلُ لِلْمُكْرَهِ مَعَ يَمِينِهِ.
[كِتَابُ الْحَجْرِ]
ِ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْعَوَارِضِ الَّتِي تُزِيلُ سَبَبَ الْوِلَايَةِ وَالرِّضَى وَسَبَبُ تَأْخِيرِ هَذَا الْكِتَابِ عَنْ الْإِكْرَاهِ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ (هُوَ) فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا أَيُّ مَنْعٍ كَانَ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْحَطِيمُ حَجْرًا؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ الْكَعْبَةِ وَمِنْهُ سُمِّيَ الْعَقْلُ حَجْرًا؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنْ الْقَبَائِحِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ} [الفجر: 5] أَيْ لِذِي عَقْلٍ وَفِي الْعُرْفِ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعٍ حُكْمِيٍّ كَالنَّهْيِ إلَّا أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْحَجْرِ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِحَالٍ فِي الْبَيْعِ وَفِي النَّهْيِ يُفِيدُهُ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الْحَجْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَكَذَا يُفَرَّقُ مِنْ حَيْثُ الْمَاهِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ هُوَ الْمَنْعُ لِحَقِّ الْغَيْرِ، وَالنَّهْيَ هُوَ الْمَنْعُ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَفِي الشَّرْعِ (مَنْعُ نَفَاذِ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ) ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ فِي الْحُكْمِيَّاتِ دُونَ الْحِسِّيَّاتِ، وَنُفُوذُ الْقَوْلِ حُكْمِيٌّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُرَدُّ وَلَا يُقْبَلُ وَالْفِعْلُ حِسِّيٌّ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ إذَا وَقَعَ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْحَجْرُ عَنْهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ هُوَ مَنْعُ نَفَاذِ تَصَرُّفٍ قَوْلِيٍّ (وَأَسْبَابُهُ) أَيْ الْحَجْرِ (الصِّغَرُ) بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ بَالِغٍ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُمَيِّزٍ كَأَنْ يَكُونَ عَدِيمَ الْعَقْلِ وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَعَقْلُهُ نَاقِصٌ فَالضَّرَرُ مُحْتَمَلٌ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ الْوَلِيُّ صَحَّ تَصَرُّفُهُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْمَصْلَحَةِ (وَالْجُنُونُ) .
وَفِي الدُّرَرِ فَإِنْ عَدِمَ الْإِفَاقَةَ كَانَ عَدِيمَ الْعَقْلِ كَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَإِنْ وُجِدَتْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ كَانَ نَاقِصَ الْعَقْلِ كَصَبِيٍّ عَاقِلٍ فِي تَصَرُّفَاتِهِ وَأَمَّا الْمَعْتُوهُ فَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِيهِ هُوَ مَنْ كَانَ قَلِيلَ الْفَهْمِ مُخْتَلَطَ الْكَلَامِ فَاسِدَ التَّدْبِيرِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَضْرِبُ وَلَا يَشْتُمُ كَمَا يَفْعَلُ الْمَجْنُونُ (وَالرِّقُّ) لَيْسَ بِسَبَبٍ لِلْحَجْرِ فِي الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ كَامِلُ الرَّأْيِ كَالْحُرِّ غَيْرُ أَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكٌ لِلْمَوْلَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ لِأَجْلِ حَقِّهِ فَإِنْ أَذِنَ الْمَوْلَى رَضِيَ بِفَوَاتِ حَقِّهِ
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى شَرَّفَ الْبَشَرَ بِالْإِنْعَامِ بِالْعَقْلِ وَرَكَّبَ فِيهِمْ الْهَوَى وَالْعَقْلَ وَجَعَلَ فِي الْمَلَائِكَةِ الْعَقْلَ دُونَ الْهَوَى وَفِي الْبَهَائِمِ الْهَوَى دُونَ الْعَقْلِ فَمَنْ غَلَبَ عَقْلُهُ عَلَى هَوَاهُ كَانَ أَفْضَلَ خَلْقِهِ لِمَا يُقَاسِي مِنْ مُخَالَفَةِ الْهَوَى وَمَنْ غَلَبَ هَوَاهُ عَلَى عَقْلِهِ كَانَ أَرْدَى مِنْ الْبَهَائِمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179] فَجَعَلَ بَعْضَهُمْ ذَوِي النُّهَى حَتَّى كَانَ بَعْضُهُمْ أَئِمَّةَ
الْهُدَى وَمَصَابِيحَ الدُّجَى وَابْتَلَى بَعْضَهُمْ بِالرَّدَى كَالْجُنُونِ وَالْعَتَهِ وَالصِّغَرِ وَجَعَلَ تَصَرُّفَ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ غَيْرَ نَافِذٍ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِمَا كَيْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِمْ الضَّرَرُ بِاحْتِيَالِ بَعْضِ مَنْ يُعَامِلُهَا وَجَعَلَ الصِّبَا وَالْجُنُونَ سَبَبًا لِلْحَجْرِ عَلَيْهِمَا كُلُّ ذَلِكَ رَحْمَةٌ مِنْهُ وَلُطْفًا كَمَا فِي التَّبْيِينِ ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ صَبِيٍّ أَوْ عَبْدٍ بِلَا إذْنِ وَلِيٍّ أَوْ سَيِّدٍ) لِمَا قَرَّرَنَا قُبَيْلَهُ
هَذَا لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَلَوْ قَالَ وَسَيِّدٍ بِالْوَاوِ لَكَانَ أَوْلَى.
(وَلَا) يَصِحُّ (تَصَرُّفُ الْمَجْنُونِ الْمَغْلُوبِ بِحَالٍ) وَلَوْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ لِعَدَمِ عَقْلِهِ قَيَّدَ بِالْمَغْلُوبِ أَيْ الْمُسْتَغْرِقِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يُجَنُّ تَارَةً وَيُفِيقُ أُخْرَى فَهُوَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ كَالْعَاقِلِ (وَمَنْ عَقَدَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَحْجُورِينَ (وَهُوَ يَعْقِلُهُ) أَيْ يَعْقِلُ الْعَقْدَ (فَوَلِيُّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَهُ) أَيْ الْعَقْدَ (أَوْ يَفْسَخَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي عَقْدِهِ مَصْلَحَةٌ فَيُجِيزُهُ الْوَلِيُّ أَوْ الْمَوْلَى إنْ رَأَى فِيهِ ذَلِكَ كَعَقْدِ الْأَجْنَبِيِّ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا تَصِحُّ إجَازَتُهُ (وَمَنْ أَتْلَفَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْمَحْجُورِينَ (شَيْئًا فَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَتْلَفَ (ضَمَانُهُ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَحْجُورِينَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَفْعَالِ.
(وَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ) وَلَوْ قَالَ وَالْمَجْنُونِ بِالْوَاوِ لَكَانَ أَوْلَى (وَلَا) يَصِحُّ (إعْتَاقُهُمَا) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ الْمَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ» وَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِأَقْوَالِهِمَا حُكْمٌ وَكَذَلِكَ لَا يَقَعُ طَلَاقُهُمَا وَلَا إعْتَاقُهُمَا (وَلَا إقْرَارُهُمَا) لِنُقْصَانِ عَقْلِهِمَا أَوْ عَدَمِهِ.
(وَصَحَّ طَلَاقُ الْعَبْدِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ وَالْمُكَاتَبُ إلَّا الطَّلَاقَ» .
(وَ) صَحَّ (إقْرَارُهُ) أَيْ إقْرَارُ الْعَبْدِ (فِي حَقِّ نَفْسِهِ) لِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا وَأَهْلًا (لَا فِي حَقِّ سَيِّدِهِ) لِعَدَمِ وِلَايَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ أَقَرَّ) أَيْ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ (بِمَالٍ لَزِمَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَوْلَى لِمَا أَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْمَوْلَى فَإِذَا أَعْتَقَ زَالَ الْمَانِعُ هَذَا إذَا أَقَرَّ الْمَوْلَى وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَنَّ صَبِيًّا سَفِيهًا مَحْجُورًا اسْتَقْرَضَ مَالًا فَيُعْطِي صَدَاقَ الْمَرْأَةِ صَحَّ اسْتِقْرَاضُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ الْمَرْأَةَ وَصَرَفَ الْمَالَ فِي بَعْضِ حَوَائِجِهِ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الْبُلُوغِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِالْتِزَامِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ فَإِنَّهُ يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ أَهْلُ الِالْتِزَامِ.
(وَإِنْ) أَقَرَّ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ (بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ لَزِمَهُ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ مُبْقٍ عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ وَالْآدَمِيَّةِ فِي إيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَفِي حَقِّ الدَّمِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ.
(وَلَا يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ) أَيْ لَا يُحْجَرُ حُرٌّ عَاقِلٌ بَالِغٌ عَنْ التَّصَرُّفِ بِسَبَبِ سَفَهٍ هُوَ إتْلَافُ مَالٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ لِخِفَّةِ عَقْلِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ بِسَبَبِ السَّفَهِ وَالدَّيْنِ وَالْغَفْلَةِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (كَانَ مُبَذِّرًا) لِأَنَّهُ
مُخَاطَبٌ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فَإِبْطَالُ قُدْرَتِهِ يُؤَدِّي إلَى إهْدَارِ آدَمِيَّتِهِ وَهَذَا أَضَرُّ مِنْ ضَرَرِ الْإِتْلَافِ (وَمَنْ بَلَغَ غَيْرَ رَشِيدٍ) وَهُوَ لَا يُنْفِقُ مَالَهُ فِيمَا يَحِلُّ وَلَا يُمْسِكُ عَمَّا يَحْرُمُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالتَّبْذِيرِ وَالْإِسْرَافِ (لَا يُسْلَمُ إلَيْهِ مَالُهُ) بِالْإِجْمَاعِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الصِّبَا فَلَوْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ صَارَ سَفِيهًا لَا يُمْنَعُ الْمَالُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَثَرِ الصِّبَا (مَا لَمْ يَبْلُغْ سِنُّهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ) سَنَةً (فَإِذَا بَلَغَهَا دُفِعَ إلَيْهِ) مَالُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يُؤْنَسْ رُشْدُهُ) ؛ لِأَنَّ هَذَا السِّنَّ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ الرُّشْدُ إلَّا نَادِرًا وَالْحُكْمُ فِي الشَّرْعِ لِلْغَلَبَةِ (وَإِنْ تَصَرَّفَ) السَّفِيهُ (فِيهِ) أَيْ فِي مَالِهِ (قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ الْبُلُوغِ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ (نَفَذَ) تَصَرُّفُهُ لِعَدَمِ الْحَجْرِ عِنْدَهُ كَمَا ذَكَرَ (وَعِنْدَهُمَا) وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (يُحْجَرُ عَلَى السَّفِيهِ وَلَا يُدْفَعُ إلَيْهِ مَالُهُ مَا لَمْ يُؤْنَسْ رُشْدُهُ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ) أَيْ تَصَرُّفُ السَّفِيهِ (فِيهِ) أَيْ فِي مَالِهِ بِسَبَبِ سَفَهٍ فِي تَصَرُّفَاتٍ لَا تَصِحُّ مَعَ الْهَزْلِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ وَالصَّدَقَةِ وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَلَا عَنْ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ إذْ لَا يَجْرِي الْحَجْرُ فِيهَا بِالْإِجْمَاعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5] إلَى قَوْلِهِ {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] إذْ الْأَمْرُ بِالدَّفْعِ عِنْدَ إينَاسِ الرُّشْدِ فَلَا يَجُوزُ الدَّفْعُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّشْدِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ هِيَ السَّفَهُ فَبَقِيَ الْمَنْعُ مَا دَامَتْ الْعِلَّةُ بَاقِيَةً فَلَا يَكُونُ لِلزَّمَانِ دَخْلٌ هُنَا وَفِي التَّنْوِيرِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ بَاعَ) الْمَحْجُورُ (لَا يَنْفُذُ) بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عِنْدَهُمَا وَفَائِدَةُ الْحَجْرِ عَدَمُ النَّفَاذِ.
(وَإِنْ) كَانَ (فِيهِ) أَيْ فِي بَيْعِهِ (مَصْلَحَةٌ) بِأَنْ كَانَ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ أَوْ كَانَ رَابِحًا وَكَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا فِي بَدْءٍ (أَجَازَهُ الْحَاكِمُ) وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ خَاسِرًا أَوْ لَمْ يَبْقَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ لَمْ يُجِزْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَصَرُّفَهُ مَوْقُوفٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فَإِذَا رَأَى الْحَاكِمُ فِيهِ مَصْلَحَةً أَجَازَهُ وَإِلَّا رَدَّهُ وَإِنْ بَاعَ قَبْلَ حَجْرِ الْقَاضِي جَازَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ) عَبْدًا (نَفَذَ) عِتْقُهُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ السَّفَهُ وَالْعِتْقُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ فَيَنْفُذُ مِنْ السَّفِيهِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَنْفُذُ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْحَجْرَ بِسَبَبِ السَّفَهِ بِمَنْزِلَةِ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الرِّقِّ حَتَّى لَا يَنْفُذَ بَعْدَهُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ إلَّا الطَّلَاقُ كَالْمَرْقُوقِ، وَالْإِعْتَاقُ لَا يَصِحُّ مِنْ الرَّقِيقِ فَكَذَا مِنْ السَّفِيهِ (وَسَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ) أَيْ إذَا نَفَذَ عِنْدَهُمَا فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِمَعْنَى النَّظَرِ وَذَلِكَ فِي رَدِّ الْعِتْقِ إلَّا أَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ فَيَجِبُ رَدُّهُ بِرَدِّ الْقِيمَةِ كَمَا فِي الْحَجْرِ عَلَى الْمَرِيضِ وَفِي قَوْلِهِ الْأَخِيرِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ سِعَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ
إنَّمَا يَجِبُ حَقًّا لِمُعْتِقِهِ وَالسِّعَايَةُ مَا عُهِدَ وُجُوبُهَا فِي الشَّرْعِ إلَّا لِحَقِّ غَيْرِ الْمُعْتِقِ.
(وَإِنْ دَبَّرَ) عَبْدَهُ (صَحَّ) تَدْبِيرُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ حَقَّ الْعِتْقِ لِلْمُدَبَّرِ فَيَعْتَبِرُ بِحَقِيقَةِ الْعِتْقِ إلَّا أَنَّهُ لَا تَجِبُ السِّعَايَةُ مَا دَامَ الْمَوْلَى حَيًّا؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ (فَإِنْ مَاتَ) الْمَوْلَى (قَبْلَ رُشْدِهِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُؤْنِسَ مِنْهُ الرُّشْدَ (سَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا) ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى عَتَقَ وَلِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي حَيَاتِهِ فَعَلَيْهِ السِّعَايَةُ فِي قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَاقَاهُ مُدَبَّرًا كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ التَّدْبِيرِ.
وَفِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ وَإِنْ جَاءَتْ جَارِيَتُهُ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَكَانَ الْوَلَدُ حُرًّا وَالْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا تَسْعَى هِيَ وَلَا وَلَدُهَا فِي شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْتَقَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَلَدَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَدٌ فَقَالَ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِهَا فَإِنْ مَاتَ سَعَتْ فِي كُلِّ قِيمَتِهَا كَالْمَرِيضِ إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ وَلَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ فَقَالَ هَذِهِ أُمُّ وَلَدِي.
(وَيَصِحُّ تَزَوُّجُهُ) أَيْ تَزَوُّجُ السَّفِيهِ مُلَابِسًا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَإِنَّمَا صَحَّ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ السَّفَهُ مَعَ أَنَّ التَّزَوُّجَ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَمِنْ ضَرُورَةِ صِحَّةِ النِّكَاحِ وُجُوبُ الْمَهْرِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ صِحَّتِهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ أَنَّ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَاتِ صِحَّةِ النِّكَاحِ مِقْدَارُ النِّصَابِ مِنْ الْمَهْرِ لَا قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ تَدَبَّرْ (وَإِنْ سَمَّى أَكْثَرَ) أَيْ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ) ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْتِزَامِ الْمَالِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَجَبَ لَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ أَرْبَعًا أَوْ تَزَوَّجَ كُلَّ يَوْمٍ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَتُخْرَجُ) عَلَى صِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ مِنْ الْأَفْعَالِ (زَكَاةُ مَالِ السَّفِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى (وَيُنْفَقُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَالِهِ (عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) مِنْ أَوْلَادِهِ وَزَوْجَتِهِ وَسَائِرِ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّ إحْيَاءَ هَؤُلَاءِ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ حَقًّا لِقَرِيبِهِ وَالسَّفَهُ لَا يَبْطُلُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا حَقَّ النَّاسِ (وَيَدْفَعُ الْقَاضِي قَدْرَ الزَّكَاةِ) مِنْ مَالِهِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى السَّفِيهِ (لِيُؤَدِّيَ بِنَفْسِهِ) لِيَصْرِفَهَا إلَى مَصْرِفِهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْإِيتَاءُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلٍ يَفْعَلُهُ هُوَ عِبَادَةٌ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِنِيَّةٍ (وَيُوَكَّلُ) أَيْ الْقَاضِي (أَمِينًا إلَى أَنْ يُؤَدِّيَهَا) كَيْ لَا يَصْرِفَهَا إلَى غَيْرِ الْمَصْرِفِ وَيُسَلِّمَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ إلَى أَمِينِهِ لِيَصْرِفَهُ إلَى مُسْتَحِقِّهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى النِّيَّةِ فَاكْتَفَى فِيهَا بِفِعْلِ الْأَمِينِ (فَإِنْ أَرَادَ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ لَا يُمْنَعُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْحَجَّةِ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ.
وَفِي الْفَرَائِضِ هُوَ مُلْحَقٌ بِالْمُصْلِحِ وَغَيْرِ السَّفِيهِ إذْ لَا تُهْمَةَ فِيهِ (وَلَا) يُمْنَعُ (مِنْ عُمْرَةٍ وَاحِدَةٍ) وَالْقِيَاسُ أَنْ يُمْنَعَ؛ لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ كَالْحَجِّ تَطَوُّعًا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فَيُمَكَّنُ
مِنْهَا احْتِيَاطًا وَكَذَا لَا يُمْنَعُ مِنْ أَنْ يَسُوقَ الْبَدَنَةَ تَحَرُّزًا عَنْ مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْقِرَانِ
وَإِنْ جَنَى فِي إحْرَامِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ جِنَايَةً تَجُوزُ فِيهَا الصَّوْمُ كَقَتْلِ الصَّيْدِ وَالْحَلْقِ عَنْ أَذًى وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ بَلْ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَإِنْ كَانَتْ جِنَايَةً لَا يَجْرِي فِيهِ الصَّوْمُ كَالْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَالتَّطَيُّبِ وَتَرْكِ الْوَاجِبَاتِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّمُ لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّكْفِيرِ فِي الْحَالِ بَلْ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْلِحًا بِمَنْزِلَةِ الْفَقِيرِ الَّذِي لَا يَجِدُ مَالًا وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ وَكَذَا لَوْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ تَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ إلَى أَنْ يَصِيرَ مُصْلِحًا (وَتُدْفَعُ نَفَقَتُهُ) أَيْ نَفَقَةُ السَّفِيهِ فِي طَرِيقِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ (إلَى ثِقَةٍ) مِنْ الْحُجَّاجِ (يُنْفِقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّفِيهِ (فِي الطَّرِيقِ) بِالْمَعْرُوفِ (لَا) تُدْفَعُ (إلَيْهِ) كَيْ لَا يُبَذِّرَ وَلَا يُسْرِفَ.
(وَتَصِحُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السَّفِيهِ (الْوَصِيَّةُ بِالْقُرَبِ) جَمْعُ قُرْبَةٍ (وَأَبْوَابُ الْخَيْرِ) مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ
وَالْقِيَاسُ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ لَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِثْلَ وَصَايَا النَّاسِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ يَتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَفِي إشَارَةٍ إلَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِمَا يَسْتَقْبِحُهُ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَنْفُذُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَيُحْجَرُ عَلَى الْمُفْتِي الْمَاجِنِ) هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُ النَّاسَ الْحِيَلَ الْبَاطِلَةَ بِأَنْ عَلَّمَ الْمَرْأَةَ الِارْتِدَادَ لِتَبِينَ مِنْ زَوْجِهَا وَبِأَنْ عَلَّمَ الرَّجُلَ أَنْ يَرْتَدَّ لِتَسْقُطَ عَنْهُ الزَّكَاةُ ثُمَّ يُسْلِمُ وَلَا يُبَالِي أَنْ يُحَرِّمَ حَلَالًا وَيُحِلَّ حَرَامًا (وَالطَّبِيبِ الْجَاهِلِ) وَهُوَ الَّذِي يَسْقِي النَّاسَ فِي أَمْرَاضِهِمْ دَوَاءً مُخَالِفًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ فَيُفْسِدُ أَبْدَانَ الْمُسْلِمِينَ (وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسِ) ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْكِرَاءَ أَوَّلًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ الْجِمَالَ وَالظَّهْرَ وَيَدْفَعَ إلَى بَعْضِ دُيُونِهِ فَيَعُوقَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ نَحْوِ الْحَجِّ وَالْغَزْوِ (اتِّفَاقًا) قَيْدٌ لِلثَّلَاثَةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ مَنْعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا دَفْعُ ضَرَرِ الْعَامَّةِ إذْ الْمُفْتِي الْمَاجِنُ يُفْسِدُ عَلَى النَّاسِ دِينَهُمْ وَالطَّبِيبُ الْجَاهِلُ يُهْلِكُ أَبْدَانَهُمْ وَالْمُكَارِي الْمُفْلِسُ يُتْلِفُ أَمْوَالَهُمْ فَيُحْجَرُ هَؤُلَاءِ عَنْ عَمَلِهِمْ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ عَنْ ذَلِكَ مِنْ بَابِ أَمْرٍ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ (وَلَا يُحْجَرُ عَلَى فَاسِقٍ) سَوَاءٌ كَانَ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا (وَمُغَفَّلٍ إذَا كَانَ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (مُصْلِحًا لِمَالِهِ) ؛ لِأَنَّ حَجْرَ السَّفِيهِ عِنْدَهُمَا كَانَ لِلنَّظَرِ لَهُ صِيَانَةً وَالْفَاسِقُ يُصْلِحُ مَالَهُ فَيَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] لِأَنَّهُ تَعَالَى عَلَّقَ الدَّفْعَ بِعِلْمِ رُشْدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ فَيَكُونُ أَقَلُّهُ كَافِيًا فَالْمُرَادُ هُوَ الرُّشْدُ فِي الْمَالِ لَا فِي الدِّينِ بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِلَّا يَلْزَمْ الرُّشْدُ وَلَوْ كَانَ الْفِسْقُ مُوجِبًا لِلْحَجْرِ لَكَانَ حَجْرُ الْكَافِرِ أَوْلَى بِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ إلَيْهِ أَحَدٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُمْنَعُ زَجْرًا لَهُ وَعُقُوبَةً عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُصْلِحًا لِمَالِهِ وَلِذَا لَا يَكُونُ الْفَاسِقُ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ وَالشَّهَادَةِ عِنْدَهُ.
وَفِي الْمَنْحِ وَلَوْ أَنَّ قَاضِيًا حَجَرَ عَلَى مُفْسِدٍ يَسْتَحِقُّ الْحَجْرَ ثُمَّ رُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَطْلَقَهُ وَرَفَعَ عَنْهُ الْحَجْرَ
فَأَجَازَ مَا صَنَعَ جَازَ إطْلَاقُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْأَوَّلِ كَانَ فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ وَلِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ قَضَاءً لِعَدَمِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ فَيَنْفُذُ قَضَاءُ الثَّانِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَضَى وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَإِذَا أَطْلَقَهُ الثَّانِي صَحَّ إطْلَاقُهُ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي الثَّالِثِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُنَفِّذَ قَضَاءَ الْأَوَّلِ بِالْحَجْرِ وَكَذَا لَا يُحْجَرُ مَنْ لَهُ غَفْلَةٌ شَدِيدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ مَالَهُ وَلَا يَقْصِدُهُ لَكِنَّهُ لَا يَهْتَدِي إلَى التَّصَرُّفَاتِ الرَّابِحَةِ فَيَغْبِنُ فِي الْبِيَاعَاتِ لِسَلَامَةِ قَلْبِهِ وَعِنْدَهُمَا يَمْنَعُ الْقَاضِي عَنْ التَّصَرُّفِ شَفَقَةً لَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَتْنِ بَلْ أَتَى بِصُورَةِ الِاتِّفَاقِ اكْتِفَاءً بِذِكْرِ الْخِلَافِ فِي حُكْمِ السَّفِيهِ لِلْمُشَارَكَةِ فِي إتْلَافِ الْمَالِ أَوْ لِعَدَمِ اعْتِنَاءِ قَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَتَبَّعْ.
(وَلَا) يُحْجَرُ (عَلَى مَدْيُونٍ) وَإِنْ طَلَبَ الْحَجْرَ غُرَمَاؤُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ عَنْ التَّصَرُّفِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ يُبْطِلُ أَهْلِيَّتَهُ وَإِلْحَاقَهُ بِالْبَهَائِمِ وَهُوَ شَنِيعٌ لَا يُرْتَكَبُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ خَاصٍّ (وَلَا بِبَيْعِ الْقَاضِي مَالَهُ) أَيْ مَالَ الْمَدْيُونِ (فِيهِ) أَيْ فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِيهِ حَجْرٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّرَاضِي بِالنَّصِّ فَيَكُونُ بَاطِلًا (بَلْ يَحْبِسُهُ) أَيْ الْقَاضِي لِبَيْعِ مَالِهِ (أَبَدًا حَتَّى يَبِيعَهُ) أَيْ الْمَالَ (هُوَ) أَيْ الْمَدْيُونُ (بِنَفْسِهِ) فَيَكُونَ الْجِنْسُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا لِأَجْلِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ بِالْبَيْعِ لَيْسَ بِطَرِيقٍ مُتَعَيَّنٍ بَلْ يَكُونُ بِالِاسْتِيهَابِ وَالِاسْتِقْرَاضِ وَالصَّدَقَةِ مِنْ النَّاسِ إلَّا أَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى الْقَضَاءِ بِبَيْعِ مَالِهِ الْمَوْجُودِ أَظْهَرُ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَغَيْرِهِ وَسَبَبُ الْحَبْسِ الْمُمَاطَلَةُ وَالظُّلْمُ بِتَأْخِيرِ الْقَضَاءِ الْوَاجِبِ وَامْتِنَاعُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ) وَالْأَوْلَى بِالْوَاوِ (مَالُهُ) أَيْ مَالُ الْمَدْيُونِ (مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ) كَالدَّرَاهِمِ (أَدَّاهُ) أَيْ الدَّيْنَ (الْحَاكِمُ مِنْهُ) مِنْ جِنْسِ الدَّرَاهِمِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ لِلدَّائِنِ الْأَخْذَ بِلَا رِضَى الْمَدْيُونِ عِنْدَ الْمُجَانَسَةِ فَالْقَاضِي إذَا قَضَى دَيْنَهُ لَا يَلْزَمُهُ حَجْرُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ مِنْ الْقَاضِي إعَانَةٌ (وَيَبِيعُ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ اسْتِحْسَانًا) بِالْإِجْمَاعِ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَبِيعُ الدَّرَاهِمَ لِلدَّنَانِيرِ وَلَا الدَّنَانِيرَ لِلدَّرَاهِمِ لِلِاخْتِلَافِ فِي الصُّورَةِ وَلَا يُؤْخَذُ رَبُّ الدَّيْنِ جَبْرًا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ الِاتِّحَادُ فِي الثَّمَنِيَّةِ وَلِذَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ (وَعِنْدَهُمَا) وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (يُحْجَرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَدْيُونِ (إنْ طَلَبَ غُرَمَاؤُهُ) الْحَجْرَ عَلَيْهِ (وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ) الَّذِي يَضُرُّ بِالْغُرَمَاءِ.
(وَ) يُمْنَعُ مِنْ (الْإِقْرَارِ) أَيْ إقْرَارِ الدَّيْنِ بِغَيْرِهِمْ حَتَّى لَا يَضُرَّ بِالْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ إنَّمَا جَوَّزَاهُ نَظَرًا لَهُ وَفِي هَذَا الْحَجْرِ نَظَرٌ لِلْغُرَمَاءِ لِأَنَّهُ عَسَاهُ يُلْجِئُ مَالَهُ فَيَفُوتُ حَقُّهُمْ وَمَعْنَى قَوْلِهِمَا وَمَنْعُهُ مِنْ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ أَمَّا الْبَيْعُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ لَا يُبْطِلُ حَقَّ الْغُرَمَاءِ وَالْمَنْعُ لِحَقِّهِمْ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (وَيَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ) أَيْ مَالَ الْمَدْيُونِ
الْحَاضِرِ لِيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا لَا يَبِيعُ مَالَهُ اتِّفَاقًا (إنْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ وَيَقْسِمُهُ) أَيْ يَقْسِمُ ثَمَنَهُ (بَيْنَ غُرَمَائِهِ بِالْحِصَصِ) إذْ الْإِيفَاءُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَبِإِبَائِهِ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمُ كَجُبٍّ فَإِنَّ الْمَجْبُوبَ إذَا امْتَنَعَ عَنْ الْمُفَارَقَةِ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ إيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ النِّيَابَةُ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ كَذِمِّيٍّ أَسْلَمَ عَبْدُهُ فَأَبَى أَنْ يَبِيعَهُ بَاعَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ حَالَ حَجْرِهِ) بِمَالٍ (لَزِمَهُ) ذَلِكَ الْمَالُ (بَعْدَ قَضَاءِ دُيُونِهِ لَا فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ الْمَدْيُونَ لَمَّا حَجَر لِلْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِمَا فِي يَدِهِ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِالْإِقْرَارِ لِغَيْرِهِمْ مَعَ أَنَّ الْإِقْرَارَ أَمْرٌ مُشَاهَدٌ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا فَلَا يُزَاحِمُ لَكِنْ يَنْفُذُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَفَادَ مَالًا آخَرَ بَعْدَ الْحَجْرِ نَفَذَ إقْرَارُهُ وَتَبَرُّعَاتُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِالْمَالِ الْقَائِمِ لَا بِالْمُسْتَفَادِ
وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا لِغَيْرِهِمْ فَلَهُ أَنْ يُشَارِكَهُمْ فِيمَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مُشَاهَدٌ
وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَكَذَا لَوْ كَانَ سَبَبُ وُجُوبِ الدَّيْنِ ثَابِتًا عِنْدَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ فَلَهُ أَنْ يُشَارِكَهُمْ فِيهِ (وَيُنْفِقُ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) كَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَزَوْجَتِهِ وَذَوِي أَرْحَامِهِ لِأَنَّ حَاجَتَهُ الْأَصْلِيَّةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْغُرَمَاءِ (وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي بَيْعِ مَالِهِ لِامْتِنَاعِهِ) عَنْ الْبَيْعِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (وَيُبَاعُ النُّقُودُ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ إذَا كَانَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي بَيْعِ مَالِهِ فَأَيٌّ يُبَاعُ أَوَّلًا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَيُبَاعُ النُّقُودُ أَوَّلًا (ثُمَّ) يُبَاعُ (الْعُرُوض ثُمَّ الْعَقَارُ) وَقِيلَ يَبْدَأُ الْقَاضِي بِبَيْعِ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّوَى مِنْ عُرُوضِهِ ثُمَّ مَا لَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفَ مِنْهُ ثُمَّ بَيْعِ الْعَقَارِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ نُصِّبَ نَاظِرًا فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْظُرَ لِلْمَدِينِ كَمَا يَنْظُرُ لِلْمُدَايِنِ فَيَبِيعُ مَا كَانَ أَنْظَرَ إلَيْهِ وَبَيْعُ مَا يَخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفَ أَنْظَرُ لَهُ (وَيُتْرَكُ لَهُ) أَيْ لِلْمَدْيُونِ (دَسْتٌ مِنْ ثِيَابِ بَدَنِهِ) وَيُبَاعُ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ بِهِ كِفَايَةً (وَقِيلَ) يُتْرَكُ لَهُ (دَسْتَانِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَسَلَ ثِيَابَهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَلْبَسٍ وَقَالُوا إذَا كَانَ لِلْمَدِينِ ثِيَابٌ يَلْبَسُهَا وَيَكْتَفِي بِدُونِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَبِيعُ ثِيَابَهُ فَيَقْضِي الدَّيْنَ بِبَعْضِ ثَمَنِهَا وَيَشْتَرِي بِمَا بَقِيَ ثَوْبًا يَلْبَسُهُ لِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ فَرْضٌ عَلَيْهِ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ التَّجَمُّلِ وَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَا دُونَ ذَلِكَ يَبِيعُ ذَلِكَ الْمَسْكَنَ وَيَقْضِي بِبَعْضِ الثَّمَنِ الدَّيْنَ وَيَشْتَرِي بِالْبَاقِي مَسْكَنًا يَكْفِيهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَمَنْ أَفْلَسَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ رَجُلٍ شَرَاهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّجُلِ فَقَبَضَهُ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِإِذْنِهِ وَالْمَتَاعُ قَائِمٌ بِيَدِهِ (فَرَبُّ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَتَاعِ فَيَبِيعُ وَيَقْسِمُ ثَمَنَهُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ حَالًّا وَأَمَّا إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَعْضُهُ حَالًّا فَيَقْسِمُ بَيْنَ غُرَمَاءِ الْحَالِ ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ شَارَكَهُمْ فِيمَا قَبَضُوهُ بِالْحِصَصِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ
قَيَّدْنَا الْقَبْضَ بَعْدَ الشِّرَاءِ