الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَعْوَاهُ، فَصَالَحَهُ الْمُنْكِرُ لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ جَازَ الصُّلْحُ، وَطَابَ لَهُ لَوْ صَادَقَا، وَقِيلَ لَا.
كُلُّ صُلْحٍ بَعْدَ صُلْحٍ فَالثَّانِي بَاطِلٌ، وَكَذَا الصُّلْحُ بَعْدَ الشِّرَاءِ.
أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بَعْدَ الصُّلْحِ - عَنْ إنْكَارٍ - أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ قَبْلَ الصُّلْحِ: لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ حَقٌّ، فَالصُّلْحُ مَاضٍ عَلَى الصِّحَّةِ، وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعِي بَعْدَهُ: مَا كَانَ لِي قِبَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقٌّ بَطَلَ الصُّلْحُ، وَالصُّلْحُ عَنْ الدَّعْوَى الْفَاسِدَةِ يَصِحُّ، وَعَنْ الْبَاطِلَةِ لَا، وَقِيلَ: اشْتِرَاطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِصِحَّةِ الصُّلْحِ غَيْرُ صَحِيحٍ مُطْلَقًا وَيَصِحُّ الصُّلْحُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ دَفْعًا لِلنِّزَاعِ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَقِيلَ لَا.
طَلَبُ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الدَّعْوَى لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِخِلَافِ طَلَبِ الصُّلْحِ وَالْإِبْرَاءِ عَنْ الْمَالِ.
صَالَحَ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَنْ عَيْبٍ وَظَهَرَ عَدَمُ ذَلِكَ الْعَيْبِ، أَوْ زَالَ الْعَيْبُ بَطَلَ الصُّلْحُ.
[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]
ِ وَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ (الصُّلْحُ عَمَّا اُسْتُحِقَّ بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ) مِثْلُ الْبَيْعِ نَسِيئَةً وَمِثْلُ الْإِقْرَاضِ (عَلَى بَعْضِ جِنْسِهِ) كَمَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَصَالَحَهُ عَلَى خَمْسِمِائَةٍ (أَخْذٌ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ (لِبَعْضِ حَقِّهِ، وَإِسْقَاطٌ لِبَاقِيهِ) لِأَنَّ تَصْحِيحَ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ، وَقَدْ أَمْكَنَ ذَلِكَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ (لَا مُعَاوَضَةٌ) لِإِفْضَائِهِ إلَى الرِّبَا ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ صَالَحَ) الْمَدْيُونُ دَائِنَهُ (عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ) فِي ذِمَّتِهِ (عَلَى مِائَةٍ حَالَّةٍ) بِإِسْقَاطِ مَا فَضَلَ هُوَ تِسْعُمِائَةٍ (أَوْ) عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ (عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ) بِإِسْقَاطِ وَصْفِ الْحُلُولِ فَقَطْ هُوَ حَقٌّ لَهُ كَالْفَضْلِ (صَحَّ) الصُّلْحُ.
(وَكَذَا) صَحَّ لَوْ صَالَحَ (عَنْ أَلْفٍ جِيَادٍ عَلَى مِائَةٍ زُيُوفٍ) بِإِسْقَاطِ مَا فَضَلَ، وَإِسْقَاطِ وَصْفِ الْجَوْدَةِ مَعًا، وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمُبْدَلِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ لِكَوْنِهِ مُدَايَنَةً لَا مُعَاوَضَةً.
(وَلَا يَصِحُّ) لَوْ صَالَحَ (عَنْ دَرَاهِمَ) حَالَّةٍ (عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ) إلَى شَهْرٍ، سَوَاءٌ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ، فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى التَّأْخِيرِ فَتَعَيَّنَتْ الْمُعَاوَضَةُ وَبَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ لِكَوْنِهِ صَرْفًا.
(أَوْ) صَالَحَهُ (عَنْ أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى نِصْفِهِ حَالًّا) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤَجَّلِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ بِالْعَقْدِ، فَيَكُونُ بِإِزَاءِ مَا حُطَّ عَنْهُ، وَذَلِكَ اعْتِيَاضٌ عَنْ الْأَجَلِ، وَهُوَ حَرَامٌ.
(أَوْ) صَالَحَهُ (عَنْ أَلْفٍ سُودٍ) جَمْعُ أَسْوَدَ أَيْ دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةٍ مِنْ نُقْرَةٍ سَوْدَاءَ مَغْلُوبَةِ الْغِشِّ (عَلَى نِصْفِهِ بِيضًا) لِأَنَّهُ مِنْ دَرَاهِمَ سُودٍ لَا يَسْتَحِقُّ الْبِيضَ فَقَدْ صَالَحَ عَلَى مَا لَا يَسْتَحِقُّ بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ، وَكَانَ مُعَاوَضَةَ الْأَلْفِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِيَادَةِ وَصْفٍ، وَهُوَ رِبًا بِخِلَافِ مَا لَوْ صَالَحَ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ، وَهُوَ أَجْوَدُ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ حَالٍّ عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ
أَوْ صَالَحَهُ عَنْ أَلْفٍ بِيضٍ عَلَى أَلْفٍ سُودٍ جَازَ بِشَرْطِ قَبْضِهِ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الَّذِي يَسْتَوْفِيهِ أَوْ أَدْوَنَ مِنْ حَقِّهِ قَدْرًا وَوَصْفًا وَوَقْتًا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا فَهُوَ إسْقَاطٌ، وَإِذَا كَانَ أَزْيَدَ مِنْهُ فَمُعَاوَضَةٌ.
(وَلَوْ صَالَحَ عَنْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ صَحَّ) لِأَنَّهُ يُجْعَلُ إسْقَاطًا لِلدَّنَانِيرِ كُلِّهَا وَلِلدَّرَاهِمِ إلَّا مِائَةً، وَتَأْجِيلًا لِلْمِائَةِ الَّتِي بَقِيَتْ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ لِأَنَّ فِيهِ فَسَادًا.
(وَإِنْ قَالَ مَنْ لَهُ عَلَى آخَرَ أَلْفٌ: أَدِّ غَدًا نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الْأَلْفِ (عَلَى أَنَّك بَرِيءٌ مِنْ بَاقِيهِ فَفَعَلَ) مَنْ عَلَيْهِ الْأَلْفُ ذَلِكَ بِأَنْ قَبِلَ، وَأَدَّى إلَيْهِ فِي الْغَدِ النِّصْفَ (بَرِئَ) عَنْ النِّصْفِ الْبَاقِي بِالِاتِّفَاقِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ غَدًا بِالنِّصْفِ (فَلَا يَبْرَأُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّهُ قَالَ يَبْرَأُ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ وَلَا يَعُودُ إلَيْهِ النِّصْفُ السَّاقِطُ أَبَدًا، لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مُطْلَقٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَدَاءَ عِوَضًا عَنْ الْإِبْرَاءِ نَظَرًا إلَى كَلِمَةِ عَلَى، وَالْأَدَاءُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ فَصَارَ ذِكْرُهُ كَعَدَمِهِ وَلَهُمَا أَنَّهُ إبْرَاءٌ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ الْأَدَاءِ، وَأَنَّهُ غَرَضٌ صَالِحٌ حَذَرًا مِنْ إفْلَاسِهِ أَوْ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى مَا هُوَ الْأَنْفَعُ مِنْ تِجَارَةٍ رَابِحَةٍ أَوْ قَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ دَفْعِ حَبْسٍ، فَإِذَا عُدِمَ الشَّرْطُ بَطَلَ الْإِبْرَاءُ، وَكَلِمَةُ عَلَى تَحْتَمِلُ الشَّرْطَ فَتُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْمُعَاوَضَةِ، تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ، وَعَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ.
الْأَوَّلُ مَا ذُكِرَ.
وَالثَّانِي قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ صَالَحْتُك عَلَى نِصْفِهِ عَلَى أَنَّك إنْ لَمْ تَدْفَعْ غَدًا النِّصْفَ فَالْأَلْفُ عَلَيْك لَا يَبْرَأُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ إجْمَاعًا) يَعْنِي إنْ قَبِلَ، وَأَدَّى إلَيْهِ النِّصْفَ فِي الْغَدِ بَرِئَ عَنْ الْبَاقِي، وَإِلَّا فَالْكُلُّ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ أَتَى بِتَصْرِيحِ التَّقْيِيدِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ بَطَلَ.
وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (فَإِنْ قَالَ: أَبْرَأْتُك مِنْ نِصْفِهِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي نِصْفَهُ غَدًا بَرِئَ) جَوَابُ إنْ (مِنْ نِصْفِهِ أَعْطَى) النِّصْفَ فِي الْغَدِ (أَوْ لَمْ يُعْطِ) لِأَنَّ الدَّائِنَ أَطْلَقَ الْبَرَاءَةَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ ثُمَّ ذَكَرَ الْأَدَاءَ الَّذِي لَا يَصْلُحُ عِوَضًا فَبَقِيَ احْتِمَالُ كَوْنِ الْأَدَاءِ شَرْطًا، وَهُوَ مَشْكُوكٌ هُنَا لِكَوْنِهِ مَذْكُورًا مُؤَخَّرًا عَنْ الْبَرَاءَةِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ شَرْطًا فَبَقِيَ الْبَرَاءَةُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، فَيَصِيرُ الْأَدَاءُ وَعَدَمُهُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ فِي حَقِّ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الْأَدَاءِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِكَوْنِهِ مُقَيَّدًا فِي الْبَرَاءَةِ لِذِكْرِهِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ اتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ.
وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ (وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَدِّ إلَيَّ نِصْفَهُ عَلَى أَنَّك بَرِيءٌ مِنْ بَاقِيهِ وَلَمْ يُوَقِّتْ) لِلْأَدَاءِ وَقْتًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ فَإِنَّهُ إبْرَاءٌ مُطْلَقٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُوَقِّتْ لِلْأَدَاءِ وَقْتًا لَا يَكُونُ الْأَدَاءُ غَرَضًا صَحِيحًا لِأَنَّ الْأَدَاءَ وَاجِبٌ عَلَى الْمَدْيُونِ فِي مُطْلَقِ الْأَزْمَانِ فَلَمْ يَتَقَيَّدْ الْإِبْرَاءُ، فَحُمِلَ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ، وَلَا يَصْلُحُ عِوَضًا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْأَدَاءَ فِي الْغَدِ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَالْخَامِسُ قَوْلُهُ (وَلَوْ قَالَ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ نِصْفَهُ فَأَنْتَ بَرِيءٌ أَوْ إذَا أَدَّيْت أَوْ مَتَى أَدَّيْت) إلَيَّ نِصْفَهُ