الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ الْبَدَلِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَقِيلَ يُعْتَقُ إذَا أَعْتَقَهُ الْبَاقُونَ مَا لَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُ.
(وَإِنْ أَعْتَقُوهُ) أَيْ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ (كُلُّهُمْ عَتَقَ) الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ (مَجَّانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْتَقَ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ
وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ يُجْعَلُ إبْرَاءً عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِلْعِتْقِ كَمَا إذَا أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى عَنْ كُلِّ بَدَلِ الْكِتَابَةِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ مُكَاتَبٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فَمَلَكَهَا لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ. كَاتَبَا عَبْدًا كِتَابَةً وَاحِدَةً وَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ لَا يُعَجِّزُهُ الْقَاضِي حَتَّى يَجْتَمِعَا.
[كِتَابُ الْوَلَاءِ]
ِ أَوْرَدَ كِتَابَ الْوَلَاءِ عَقِيبَ الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ زَوَالِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ وَهُوَ لُغَةً الْقَرَابَةُ وَشَرْعًا قَرَابَةٌ حُكْمِيَّةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعِتْقِ أَوْ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَهِيَ الْمُتَابَعَةُ؛ لِأَنَّ فِي وَلَاءِ الْعَتَاقَةِ إرْثًا يُوَالِي وُجُودَ الشَّرْطِ وَكَذَا فِي وَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَقِيلَ الْوَلَاءُ وَالْوَلَايَةُ بِالْفَتْحِ النُّصْرَةُ وَالْحُجَّةُ بِالْعِتْقِ وَلَوْ بِمَالٍ أَوْ بِالْعَقْدِ وَالْوَعْدِ وَلَوْ كَافِرًا فَالْوَلَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ النُّصْرَةِ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْفِعْلِ فَيَرِثُهُ شَرْعًا عِنْدَ عَدَمِ الْمَانِعِ مِنْ الْإِرْثِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ التَّنَاصُرِ بِوَلَاءِ الْعَتَاقَةِ أَوْ بِوَلَاءِ الْمُوَالَاةِ وَمِنْ آثَارِهِ الْإِرْثُ وَالْعَقْلُ «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» وَهُوَ لَفْظُ الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - عَنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» يَعْنِي أَعْتَقَ مَمْلُوكَهُ ذَكَرًا كَانَ السَّيِّدُ أَوْ أُنْثَى فَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلِذَا قَالَ الْجُمْهُورُ سَبَبُ هَذَا الْوَلَاءِ الْإِعْتَاقُ وَالْأَصَحُّ أَنْ سَبَبَهُ الْعِتْقُ عَلَى مِلْكِهِ؛ لِأَنَّهُ يُضَافُ إلَيْهِ يُقَالُ وَلَاءُ الْعَتَاقَةِ وَلَا يُقَالُ وَلَاءُ الْإِعْتَاقِ وَالْإِضَافَةُ دَلِيلُ الِاخْتِصَاصِ وَهُوَ بِالسَّبَبِيَّةِ وَلِأَنَّ مَنْ وَرِثَ قَرِيبَهُ فَعَتَقَ عَلَيْهِ كَانَ مَوْلًى لَهُ وَلَا إعْتَاقَ مِنْ جِهَتِهِ وَالْحَدِيثُ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ عَلَى الْمِلْكِ هُوَ السَّبَبُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يُوجَدُ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ لَا مَحَالَةَ وَتَخْصِيصُهُ بِهِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بِتَدْبِيرٍ) بِأَنْ دَبَّرَ عَبْدَهُ فَمَاتَ وَعَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ (أَوْ اسْتِيلَادٍ) بِأَنْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً وَمَاتَ عَتَقَتْ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ (أَوْ كِتَابَةٍ) بِأَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَأَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ فَعَتَقَ (أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِلْكِ قَرِيبٍ) بِأَنْ يَمْلِكَ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَعَتَقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْوَلَاءُ فِي التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ لِلسَّيِّدِ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ إنَّمَا تُعْتَقَانِ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ قُلْنَا صُورَتُهُ أَنْ يَرْتَدَّ السَّيِّدُ وَيَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ حَتَّى يُحْكَمَ بِعِتْقِ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ ثُمَّ جَاءَ مُسْلِمًا فَمَاتَ مُدَبَّرُهُ أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ فَالْوَلَاءُ لَهُ انْتَهَى وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ إثْبَاتُ الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ فِي جَمِيعِ الْمَوَادِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلْمَوْلَى ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى وَرَثَتِهِ فَيَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ فِي الْمُكَاتَبِ الَّذِي أَدَّى الْبَدَلَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ إلَى الْوَرَثَةِ وَكَذَا فِي الْعَبْدِ الْمُوصِي بِشِرَائِهِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَغَيْرِهِمَا تَدَبَّرْ (وَلَغَا شَرْطُهُ لِغَيْرِهِ
أَوْ سَائِبَةٍ) يَعْنِي لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ وَشَرَطَ الْوَلَاءَ لِغَيْرِهِ أَوْ شَرَطَ أَنْ يَكُونَ مُعْتَقًا وَلَا وَلَاءَ بَيْنَهُمَا وَيَرِثُهُ غَيْرُهُ كَانَ الشَّرْطُ لَغْوًا؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ فَيَرِثُهُ كَمَا فِي النَّسَبِ إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يَرِثَهُ وَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِصَدْرِ الشَّرِيعَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ مَقَامَ النَّصِّ سَهْوٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ تَتَبَّعْ.
(وَمَنْ أَعْتَقَ) أَمَةً (حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ قِنٍّ) لِلْغَيْرِ (فَوَلَدَتْ) الْأَمَةُ الْحَامِلُ وَلَدًا بَعْدَ عِتْقِهَا (لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لَهُ) أَيْ لِمَوْلَى الْأُمِّ (لَا يَنْتَقِلُ) وَلَاءُ الْحَمْلِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ مَوْلَى الْأُمِّ إلَى مَوْلَى الْأَبِ إنْ أَعْتَقَهُ أَبُوهُ (أَبَدًا) ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا أُعْتِقَتْ وَتَيَقَّنَ وُجُودَ الْحَمْلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَتَقَ حَمْلُهَا مَقْصُودًا؛ لِأَنَّهُ جُزْؤُهَا فَلَا يَنْتَقِلُ مِنْ مَوَالِيهَا الْوَلَاءُ عَلَى التَّأْبِيدِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» .
(وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ) الْأَمَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَدَيْنِ (تَوْأَمَيْنِ أَحَدُهُمَا) أَيْ وِلَادَةُ أَحَدِهِمَا (لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِهَا) أَيْ مِنْ نِصْفِ السَّنَةِ مِنْ وَقْتِ الْإِعْتَاقِ وَالْآخَرُ لِأَكْثَرَ مِنْهُ وَبَيْنَ الْوَلَدَيْنِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَوَلَاؤُهُمَا لِمَوْلَى الْأُمِّ أَبَدًا بِلَا نَقْلٍ عَنْهُ إلَى مَوْلَى الْأَبِ إنْ أَعْتَقَ الْأَبُ؛ لِأَنَّ التَّوْأَمَيْنِ مَخْلُوقَانِ مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَيُعْتِقَانِ مَعًا بِالْإِعْتَاقِ الْمَزْبُورِ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ.
(وَإِنْ وَلَدَتْ) الْأَمَةُ الْمَزْبُورَةُ وَلَدًا بَعْدَ عِتْقِهَا (لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ (فَوَلَاؤُهُ) أَيْ الْوَلَدُ (لَهُ) أَيْ لِمَوْلَى الْأُمِّ (أَيْضًا) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ جُزْؤُهَا فَيَتْبَعُهَا فِي الصِّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ يَتْبَعُهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ فَكَذَا فِي الْوَلَاءِ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَعْلِهِ تَبَعًا لِلْأَبِ لِرِقِّهِ (لَكِنْ إنْ أَعْتَقَ الْأَبُ) وَالْوَلَدُ حَيٌّ (جَرَّهُ) أَيْ جَرَّ الْإِعْتَاقُ الْوَلَاءَ (إلَى مَوَالِيهِ) أَيْ يَجُرُّ الْأَبُ وَلَاءَ ابْنِهِ مِنْ مَوْلَى الْأُمِّ إلَى قَوْمِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ ثُمَّ النَّسَبُ مِنْ الْآبَاءِ وَكَذَا الْوَلَاءُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْأُمَّهَاتِ لِلضَّرُورَةِ وَقَدْ زَالَتْ بِالْعِتْقِ فَيَنْتَقِلُ إلَى مَوْلَى الْأَبِ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ يُنْسَبُ إلَى قَوْمِ الْأُمِّ ثُمَّ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْأَبِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ فَإِنْ مَاتَ مَوْلَى الْأَبِ قَبْلَ الْوَلَدِ بَعْدَ إعْتَاقِ الْأَبِ لَا يَكُونُ مَوْلَى الْأُمِّ وَارِثًا بِذَلِكَ الْوَلَاءِ كَمَا قَالَ ابْنُ كَمَالٍ الْوَزِيرُ فِي شَرْحِ الْفَرَائِضِ.
وَفِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُعْتَدَّةً فَإِنْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعِتْقِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ لَا يَنْتَقِلُ وَلَاؤُهُ إلَى مَوَالِي الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ عِتْقِ الْأُمِّ وَلِهَذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ الزَّوْجِ (وَلَا يَرْجِعُ الْأَوَّلُونَ عَلَيْهِمْ بِمَا عَقَلُوا عَنْهُ قَبْلَ الْجَرِّ) أَيْ لَوْ تَزَوَّجَتْ مُعْتَقَةٌ بِعَبْدٍ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا فَجَنَى الْأَوْلَادُ فَعَقْلُهُمْ عَلَى مَوْلَى الْأُمِّ لَا يَرْجِعُونَ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ بِمَا عَقَلُوا؛ لِأَنَّهُ حِينَ عَقَلَ عَنْهُ قَوْمُ الْأُمِّ كَانَ النَّسَبُ ثَابِتًا لَهُمْ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِقَوْمِ
الْأَبِ مُقْصَرًا عَلَى زَمَانِ الْإِعْتَاقِ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ هُوَ الْعِتْقُ فَلَا يَرْجِعُونَ بِهِ.
(وَلَوْ تَزَوَّجَ عَجَمِيٌّ) حُرُّ الْأَصْلِ (لَهُ مَوْلَى مُوَالَاةٍ أَوْ لَا مُعْتَقَةً) سَوَاءٌ كَانَتْ مُعْتَقَةَ الْعَرَبِ أَوْ الْعَجَمِ وَمَا وَقَعَ فِي الْقُدُورِيِّ وَهُوَ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْعَجَمِ بِمُعْتَقَةِ الْعَرَبِ. اتِّفَاقِيٌّ (فَوَلَدَتْ) وَلَدًا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَجَمِ (فَوَلَاءُ الْوَلَدِ لِمَوَالِيهَا) أَيْ مَوَالِي الْأُمِّ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْوَلَدِ (حُكْمُ أَبِيهِ) فَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِمَوَالِي أَبِيهِ لَا مَوَالِيهَا؛ لِأَنَّهُ كَالنَّسَبِ وَالنَّسَبُ إلَى الْأَبِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ أَشْرَفَ لِكَوْنِهِ أَقْوَى وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَلَهُمَا أَنْ وَلَاءَ الْعَتَاقَةِ قَوِيٌّ مُعْتَبَرٌ وَالنَّسَبُ بَيْنَ الْعَجَمِيِّينَ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُمْ ضَيَّعُوا أَنْسَابَهُمْ وَلَا تَفَاخُرَ لَهُمْ بِهِ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ ضَعِيفٌ وَالضَّعِيفُ لَا يُعَارِضُ الْقَوِيَّ قُيِّدَ بِعَجَمِيٍّ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ إنْ كَانَ عَرَبِيًّا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ اتِّفَاقًا لِشَرَفِ نَسَبِهِ وَقَيَّدْنَا بِحُرِّ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَبَوَيْنِ لَوْ كَانَا مُعْتَقَيْنِ فَالنِّسْبَةُ إلَى قَوْمِ الْأَبِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا وَالتَّرْجِيحُ لِجَانِبِ الْأَبِ
وَقُيِّدَ بِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْلَى عَتَاقَةٍ فَوَلَاؤُهُ لِمَوَالِي أَبِيهِ اتِّفَاقًا وَفَصَّلَ صَاحِبُ الدُّرَرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ حُرَّةَ الْأَصْلِ بِمَعْنَى عَدَمِ الرِّقِّ فِي أَصْلِهَا فَلَا وَلَاءَ عَلَى وَلَدِهَا؛ لِأَنَّهُ كَمَا لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ وَمَنْ أَعْتَقَ حَامِلًا إلَى آخِرِهِ فَلَأَنْ لَا يَنْتَقِلَ عِنْدَ كَوْنِهَا حُرَّةَ الْأَصْلِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى وَيُوَافِقُ مَا ذُكِرَ فِي الْبَدَائِعِ وَالتَّكْمِلَةِ وَمُخْتَصَرِ الْمُحِيطِ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدَمِ كَوْنِ الْأُمِّ حُرَّةً أَصْلِيَّةً فِي ثُبُوتِ الْوَلَاءِ وَأَمَّا مَا فِي الْمُنْيَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْمُخَالَفَةَ لَكِنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى مَا حُقِّقَ فِي الدُّرَرِ وَذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى ثُبُوتِهِ عِنْدَ كَوْنِ الْأُمِّ حُرَّةً أَصْلِيَّةً
وَمِنْ عُلَمَاءِ هَذِهِ الدَّوْلَةِ مِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى عَلَى الثُّبُوتِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَى خِلَافِهِ وَالْمَوْلَى أَبُو السُّعُودِ أَفْتَى أَوَّلًا عَلَى الثُّبُوتِ ثُمَّ رَجَعَ وَأَفْتَى عَلَى خِلَافِهِ وَثَبَتَ عَلَيْهِ كَمَا فَصَّلَ فِي حَاشِيَةِ عَزْمِي زَادَهْ عَلَى الدُّرَرِ وَمُوجِبُ مَا يَقْتَضِيهِ الْأُصُولُ عَدَمُ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ يَتَفَرَّعُ عَلَى زَوَالِ الْمِلْكِ وَهُوَ عَلَى ثُبُوتِهِ وَثُبُوتُهُ فِي الْوَلَدِ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ أَلْبَتَّةَ وَإِذَا كَانَتْ حُرَّةً أَصْلِيَّةً كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْمِلْكُ عَلَى الْوَلَدِ
وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَنَبَّهَ أَنَّ لَفْظَ حُرِّ الْأَصْلِ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَيَيْنِ عَدَمِ جَرْيِ الرِّقِّ عَلَى النَّفْسِ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ مَعَ جَرْيِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَعَدَمِ جَرْيِهِ عَلَى الْأَصْلِ أَبَدًا وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا نِزَاعَ فِي الثُّبُوتِ وَمَرْجِعُ مَسَائِلِ الْوَلَاءِ إلَى هَذِهِ الصُّوَرِ وَهِيَ أَنَّ الْوَلَدَ إمَّا أَنْ تَكُونَ أُمُّهُ حُرَّةً أَصْلِيَّةً بِهَذَا الْمَعْنَى أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُعْتَقَةً حَالَ الْحَمْلِ مِنْ قِنٍّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ أَبُوهُ رَقِيقًا أَوْ لَا وَحِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ حُرَّ الْأَصْلِ بِهَذَا الْمَعْنَى أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَرَبِيًّا أَوْ لَا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ فَفِي الْأُولَى وَالْخَامِسَةِ لَا وَلَاءَ أَصْلًا وَفِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ الْوَلَاءُ لِقَوْمِ الْأُمِّ وَفِي الرَّابِعَةِ لِقَوْمِ الْأَبِ وَفِي السَّادِسَةِ لِقَوْمِ الْأُمِّ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنَّفِ مَنْ
أَعْتَقَ حَامِلًا إلَى آخِرِهِ دَلَالَةٌ إلَى الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ إلَى آخِرِهِ إلَى الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَفِي قَوْلِهِ لَوْ تَزَوَّجَ أَعْجَمِيٌّ إلَى الْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ تَتَبَّعْ.
(وَالْمُعْتَقُ) عَصَبَةٌ سَبَبِيَّةٌ (مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ) وَهُوَ مَنْ لَا فَرَضَ لَهُ وَيَدْخُلُ فِي نِسْبَتِهِ إلَى الْمَيِّتِ أُنْثَى (مُؤَخَّرٌ عَنْ الْعَصَبَةِ النَّسَبِيَّةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ عَصَبَةً بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَكَذَا مُقَدَّمٌ عَلَى الرَّدِّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَهُوَ آخِرُ الْعَصَبَاتِ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ وَسَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ ثُمَّ) مَاتَ (الْمُعْتَقُ) وَلَا وَارِثَ لَهُ مِنْ النَّسَبِ (فَإِرْثُهُ) أَيْ إرْثُ الْمُعْتَقِ (لِأَقْرَبِ عَصَبَةِ سَيِّدِهِ) عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَعْرُوفِ فِي عِلْمِ الْفَرَائِضِ (فَيَكُونُ) إرْثُهُ (لِابْنِهِ) أَيْ ابْنِ السَّيِّدِ (دُونَ أَبِيهِ لَوْ اجْتَمَعَا) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ أَقْرَبُ وَهُوَ اخْتِيَارُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِأَبِي يُوسُفَ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَبِيهِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ) وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَبِهِ.
وَقَالَ شُرَيْحٌ وَالنَّخَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ كُلَّهُ أَثَرُ الْمِلْكِ فَيُلْحَقُ بِحَقِيقَةِ الْمِلْكِ وَلَوْ تَرَكَ الْمُعْتَقُ مَالًا وَتَرَكَ أَبًا وَابْنًا كَانَ لِأَبِيهِ سُدُسُ مَالِهِ وَالْبَاقِي لِابْنِهِ فَكَذَا إذَا تَرَكَ وَلَاءً وَالْجَوَابُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أَثَرَ الْمِلْكِ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ كَالْقِصَاصِ الَّذِي يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِالْمَالِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ سِهَامُ الْوَرَثَةِ بِالْفَرْضِيَّةِ كَمَا فِي الْمَالِ بَلْ هُوَ سَبَبٌ يُورَثُ بِهِ بِطَرِيقِ الْعُصُوبَةِ فَيُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَوْ تَرَكَ الْمُعْتَقُ ابْنَ الْمُعْتِقِ وَحْدَهُ فَالْوَلَاءُ كُلُّهُ لِلِابْنِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ تَرَكَ جَدَّ الْمُعْتِقِ وَأَخَاهُ فَالْوَلَاءُ لِلْجَدِّ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا الْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.
(وَعِنْدَ اسْتِوَاءِ الْقُرْبِ) كَمَا إذَا تَرَكَ الْمُعْتَقُ ابْنَيْ أَخَوَيْ مُعْتِقِهِ (تَسْتَوِي الْقِسْمَةُ) لِاسْتِوَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ أَوْ كَاتَبْنَ أَوْ كَاتَبَ مَنْ كَاتَبْنَ الْحَدِيثَ) أَيْ اقْرَأْ الْحَدِيثَ إلَى آخِرِهِ وَآخِرُهُ أَوْ دَبَّرْنَ أَوْ دَبَّرَ مَنْ دَبَّرْنَ أَوْ جَرَّ وَلَاءَ مُعْتِقِهِنَّ أَوْ مُعْتِقِ مُعْتِقِهِنَّ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْفَرَائِضِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَفِي شَرْح الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَإِنَّمَا الْمَرْوِيُّ عَنْ جَمَاعَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مَا خَرَّجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ لَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاءَ مِنْ الْوَلَاءِ إلَّا مَا أَعْتَقْنَ أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقْنَ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُطَالَعْ ثَمَّةَ.
وَفِي الشُّمُنِّيِّ لَوْ مَاتَ الْمُعْتَقُ وَلَمْ يَتْرُكْ إلَّا ابْنَةَ مُعْتِقِهِ وَلَا شَيْءَ لَهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَتُوضَعُ تَرِكَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَفْتَى بَعْضُ الْمَشَايِخِ بِدَفْعِ الْمَالِ إلَيْهَا لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ بَلْ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ النَّاسِ إلَى الْمَيِّتِ فَكَانَتْ أَوْلَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ فِي زَمَانِنَا بَيْتُ الْمَالِ انْتَهَى.
وَفِي التَّنْوِيرِ إذَا مَلَكَ الذِّمِّيُّ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ فَوَلَاؤُهُ لَهُ كَالنَّسَبِ وَلَوْ أُعْتِقَ حَرْبِيٌّ فِي دَارِ