الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَلْفٌ مُضَافًا إلَيْهِ وَأَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ دَيْنٍ إذَا قُرِئَ مُنَكَّرًا وَعَلَى وَجْهِ الْإِضَافَةِ فَهِيَ بَيَانِيَّةٌ (عَلَى مَيِّتٍ، وَ) شَهِدَ (الْآخَرَانِ لَهُمَا) أَيْ لِلشَّاهِدَيْنِ أَوَّلَيْنِ (بِمِثْلِهِ) أَيْ بِمِثْلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَهُوَ أَلْفٌ (صَحَّتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عِنْدَهُمَا (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِنْدَهُ لِلتُّهْمَةِ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُثْبِتَةً حَقَّ الشَّرِكَةِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي أَثْبَتَاهُ عَلَى الْمَيِّتِ.
وَلَهُمَا أَنَّ الدَّيْنَ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ وَهِيَ قَابِلَةٌ لِحُقُوقٍ شَتَّى فَلَا شَرِكَةَ وَلِهَذَا لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِقَضَاءِ دَيْنِ أَحَدِهِمَا لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُمْ إذَا جَاءُوا مَعًا وَشَهِدُوا فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَأَمَّا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ لِاثْنَيْنِ فَقُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ادَّعَى ائْتَزَرْتُ الشَّاهِدَانِ دَيْنًا آخَرَ عَلَى الْمَيِّتِ فَشَهِدَ لَهُمَا الْغَرِيمَانِ الْأَوَّلَانِ تُقْبَلُ
وَوَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُمَا إذَا جَاءُوا مَعًا كَانَ شَهَادَةُ كُلِّ فَرِيقٍ مُعَاوَضَةً لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ فَتَحَقَّقَتْ التُّهْمَةُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ دَعْوَى الْفَرِيقِ الْآخَرِ فِي وَقْتٍ آخَرَ فَإِنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الْحَقُّ لِلْفَرِيقِ الْأَوَّلِ بِلَا تُهْمَةٍ وَالثَّانِي لَا يُزَاحِمُهُ فَصَارَ كَالْأَوَّلِ فِي انْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.
(وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ فَرِيقٍ لِلْآخَرِ بِوَصِيَّةٍ أَلْفٍ لَا تَصِحُّ) الشَّهَادَةُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَا بَيَّنَّا مِنْ التُّهْمَةِ فِي شَهَادَةِ الْأَلْفِ الدَّيْنِ.
(وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ لِلْآخَرِ بِوَصِيَّةٍ جَارِيَةٍ وَالْآخَرُ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْفَرِيقِ (بِوَصِيَّةِ عَبْدٍ صَحَّتْ) شَهَادَةُ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَرِكَةَ فَلَا تُهْمَةَ كَذَا قَالُوا لَكِنَّ احْتِمَالَ الْمُعَاوَضَةِ فِي الشَّهَادَةِ بَاقٍ كَمَا فِي صُورَةِ الشَّهَادَةِ بِالدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ بِالْأَلْفِ تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ شَهِدَ) الْفَرِيقُ (الْآخَرُ لَهُ) أَيْ لِلْفَرِيقِ الْأَوَّلِ (بِوَصِيَّةِ ثُلُثٍ لَا تَصِحُّ) يَعْنِي إذَا شَهِدَ الْفَرِيقُ الْأَوَّلُ بِوَصِيَّةِ عَبْدٍ لِلْفَرِيقِ الْآخَرِ، وَشَهِدَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ بِوَصِيَّةِ ثُلُثٍ لَا تَصِحُّ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ لِمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ فِي الصُّورَةِ الْأُخْرَى أَيْضًا أَثْبَتَ الْمُشَارَكَةَ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ بِخِلَافِ وَصِيَّةِ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَاب الْخُنْثَى]
وَهُوَ عَلَى وَزْنِ فُعْلَى بِالضَّمِّ أَوْرَدَهُ عَقِيبَ الْوَصَايَا؛ لِأَنَّ الْمَسَائِلَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْوَصِيَّةِ مِنْ أَحْوَالِ مَنْ هُوَ نَاقِصُ الْقُوَّةِ لِإِشْرَافِهِ عَلَى الْمَوْتِ، وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ أَحْوَالِ مَنْ هُوَ نَاقِصُ الْخِلْقَةِ (هُوَ) أَيْ الْخُنْثَى مِنْ الْخَنْثِ بِالْفَتْحِ وَالسُّكُونِ وَهُوَ اللِّينُ وَالتَّكَسُّرُ وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ، وَلِذَا لَا يَلْحَقُهَا أَلْفٌ وَلَا نُونٌ وَكُلُّ الْقِيَاسِ أَنْ يُوصَفَ بِالْمُؤَنَّثِ، وَيُؤَنَّثَ الضَّمِيرُ الرَّاجِعُ كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الْفُصَحَاءِ إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ نَظَرُوا إلَى عَدَمِ تَحْقِيقِ التَّأْنِيثِ فِي ذَاتِهِ فَلَمْ يُلْحِقُوا عَلَامَةَ التَّأْنِيثِ فِي وَصْفِهِ وَتَذْكِيرُهُ تَغْلِيبًا لِلذُّكُورَةِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَنَّثْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ عِنْدَنَا فَذُكِرَ نَظَرًا إلَى الْأَصْلِ
كَالْجُزْءِ وَالشَّكْلِ (مَنْ لَهُ ذَكَرٌ وَفَرْجٌ) أَيْ مَا لَهُ آلَةُ الرِّجَالِ وَآلَةُ النِّسَاءِ، وَيَلْحَقُ بِهِ مَنْ عَرِيَ عَنْ الْأَلْيَتَيْنِ جَمِيعًا.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ خِلَافُهُ قَالَ وَفِيمَا ذَكَرَهُ إشْعَارٌ بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا، وَخَرَجَ بَوْلُهُ مِنْ سُرَّتِهِ لَيْسَ بِخُنْثَى وَلِذَا قَالَ الْإِمَامُ وَأَبُو يُوسُفَ إنَّا لَا نَدْرِي اسْمَهُ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنَّهُ فِي حُكْمِ الْأُنْثَى.
(وَإِنْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا اُعْتُبِرَ بِهِ) أَيْ إنْ بَالَ مِنْ ذَكَرِهِ فَذَكَرٌ وَأَنْ بَالَ مِنْ فَرْجِهِ فَأُنْثَى؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ كَيْفَ يُورَثُ فَقَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» وَلِأَنَّ التَّبَوُّلَ مِنْ أَيْ عُضْوٍ كَانَ فَهُوَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْعُضْوُ الْأَصْلِيُّ الصَّحِيحُ وَالْآخَرُ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ.
(وَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الذَّكَرِ وَالْفَرْجِ (اُعْتُبِرَ الْأَسْبَقُ) ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ سَبْقُ خُرُوجِهِ عَلَى أَنَّهُ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ.
(وَإِنْ اسْتَوَيَا) فِي الْخُرُوجِ (فَهُوَ مُشْكِلٌ) أَيْ غَيْرُ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَ لَا عِلْمَ لِي بِهِ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا تَوَقَّفَ فِيهِ مِنْ كَمَالِ وَرَعِهِ (وَلَا اعْتِبَارَ بِالْكَثْرَةِ) أَيْ كَثْرَةِ الْبَوْلِ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عِنْدَهُ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُمَا قَالَا يُنْسَبُ إلَى أَكْثَرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةُ قُوَّةِ ذَلِكَ الْعُضْوِ وَلِكَوْنِهِ عُضْوًا أَصْلِيًّا، وَلِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فِي أُصُولِ الشَّرْعِ فَيَتَرَجَّحُ الْكَثْرَةُ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.
وَلَهُ أَنَّ كَثْرَةَ الْخُرُوجِ لَا تَدُلُّ عَلَى الْقُوَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَكُونُ لِاتِّسَاعٍ فِي أَحَدِهِمَا وَضِيقٍ فِي الْآخَرِ.
(فَإِذَا بَلَغَ) الْخُنْثَى بِالسِّنِّ (فَإِنْ ظَهَرَتْ بَعْضُ عَلَامَاتِ الرِّجَالِ مِنْ نَبَاتِ لِحْيَةٍ أَوْ قُدْرَةٍ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ احْتِلَامٍ كَالرَّجُلِ) أَوْ كَانَ لَهُ ثَدْيٌ مُسْتَوٍ (فَرَجُلٌ) أَيْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرِّجَالِ (فَإِنْ ظَهَرَ بَعْضُ عَلَامَاتِ النِّسَاءِ مِنْ حَيْضٍ وَحَبَلٍ وَانْكِسَارِ ثَدْيٍ وَنُزُولِ لَبَنٍ فِيهِ وَتَمْكِينٍ مِنْ الْوَطْءِ فَامْرَأَةٌ) أَيْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ النِّسَاءِ.
(وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ) مِنْ عَلَامَاتِ الذُّكُورَةِ وَلَا مِنْ عَلَامَاتِ الْأُنُوثَةِ (أَوْ تَعَارَضَتْ هَذِهِ الْمَعَالِمُ) مِثْلُ مَا إذَا حَاضَ وَخَرَجَتْ لَهُ لِحْيَةٌ، أَوْ يَأْتِي وَيُؤْتَى (فَمُشْكِلٌ) أَيْ فَهُوَ خُنْثَى مُشْكِلٌ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ.
وَعَنْ الْحَسَنِ يُعَدُّ أَضْلَاعُهُ فَإِنَّ ضِلْعَ الرَّجُلِ يَزِيدُ عَلَى ضِلْعِ الْمَرْأَةِ بِوَاحِدٍ (قَالَ مُحَمَّدٌ الْإِشْكَالُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَإِذَا بَلَغَ فَلَا إشْكَالَ) .
وَفِي الْمَبْسُوطِ إذَا بَلَغَ صَاحِبُ الْأَلْيَتَيْنِ لَا بُدَّ أَنْ يَزُولَ الْإِشْكَالُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَامَعَ بِذَكَرِهِ أَوْ نَبَتَ لَهُ لِحْيَةٌ أَوْ احْتَلَمَ كَاحْتِلَامِ الرِّجَالِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَإِنْ نَبَتَ لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ رَأَى حَيْضًا أَوْ جُومِعَ كَمَا يُجَامَعْنَ أَوْ ظَهَرَ بِهِ حَبَلٌ أَوْ نَزَلَ فِي ثَدْيِهِ لَبَنٌ فَهِيَ امْرَأَةٌ كَمَا مَرَّ فِي الْمَتْنِ.
(وَإِذَا ثَبَتَ الْإِشْكَالُ أُخِذَ فِيهِ) أَيْ فِي الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (بِالْأَحْوَطِ فَيُصَلِّي بِقِنَاعٍ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ امْرَأَةً حَتَّى لَوْ صَلَّى بِغَيْرِ قِنَاعٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُعِيدَهَا إذَا كَانَ حُرًّا، وَكَذَلِكَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ فِي صَلَاتِهِ جُلُوسَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ رَجُلًا فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً فَقَدْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّ السَّتْرَ عَلَى النِّسَاءِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ (وَيَقِفُ بَيْنَ صَفَّيْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) فَيُقَدَّمُ عَلَى النِّسَاءِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا (فَلَوْ وَقَفَ فِي صَفِّهِمْ) أَيْ فِي صَفِّ الرِّجَالِ
فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ لَكِنْ (يُعِيدُ) صَلَاتَهُ (مَنْ لَاصَقَهُ مِنْ جَانِبَيْهِ وَمَنْ بِحِذَائِهِ مِنْ خَلْفِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُمْ، وَهَذَا إذَا نَوَى الْإِمَامُ إمَامَةَ النِّسَاءِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ الْإِمَامَةَ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُعِيدَ هَؤُلَاءِ صَلَاتَهُمْ بَلْ يُعِيدُ هُوَ احْتِيَاطًا.
(وَإِنْ) وَقَفَ (فِي صَفِّهِنَّ) أَيْ صَفِّ النِّسَاءِ (أَعَادَ) صَلَاتَهُ (هُوَ) أَيْ الْخُنْثَى فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ احْتِيَاطًا (فَلَا يَلْبَسُ) الْخُنْثَى (حَرِيرًا وَلَا حُلِيًّا) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ ذَكَرًا وَالتَّرْجِيحُ لِلْحَظْرِ فِيمَا يَتَرَدَّدُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِبَاحَةِ (وَيَلْبَسُ الْمِخْيَطَ فِي إحْرَامِهِ وَلَا يَكْشِفُ) نَفْسَهُ (عِنْدَ رَجُلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُرَاهِقَةً لَمْ يَنْظُرْ إلَى مَا سِوَى الْوَجْهِ وَالْكَفِّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ مُرَاهِقًا لَمْ يَنْظُرْ إلَى مَا تَحْتَ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ (وَلَا) عِنْدَ (امْرَأَةٍ) لِأَنَّهَا لَا تَنْظُرُ إلَى مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ مُرَاهِقًا كَانَ أَوْ مُرَاهِقَةً كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَلَا يَخْلُو بِهِ) أَيْ بِالْبَالِغِ وَمَا فِي حُكْمِهِ (غَيْرُ مَحْرَمٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) تَحَرُّزًا عَنْ احْتِمَالِ الْحَرَامِ (وَلَا يُسَافِرُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ) مِنْ الرِّجَالِ وَلَا مَعَ امْرَأَةٍ مِنْ مَحَارِمِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ فَيَكُونُ سَفَرَ امْرَأَتَيْنِ بِلَا مَحْرَمٍ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ (وَلَا يَخْتِنُهُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ) تَحَرُّزًا عَنْ النَّظَرِ إلَى الْفَرْجِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ وَلَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلطَّبِيبِ وَالْجَرَّاحِ النَّظَرُ إلَى مَوْضِعِ النَّظَرِ لِلضَّرُورَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّظَرَ إلَى مَوْضِعِ الْخِتَانِ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ لَكِنَّ النَّظَرَ لَيْسَ بِمَحَلِّهِ لِأَنَّ الْخِتَانَ عِنْدَنَا سَنَةٌ تَدَبَّرْ وَهَذَا إذَا كَانَ مُرَاهِقًا، وَإِلَّا فَلِلرَّجُلِ أَنْ يَخْتِنَ (بَلْ تَبْتَاعُ لَهُ أَمَةٌ) عَالِمَةٌ بِالْخَتْنِ (تَخْتِنُهُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْخُنْثَى (مَالٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَمْلُوكَتِهِ النَّظَرُ إلَيْهِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً فِي حَالِ الْعُذْرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ (فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ) يُقْرَضُ ثَمَنُهَا وَيَشْتَرِيهَا؛ لِأَنَّهُ أُعِدَّ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا إذَا كَانَ أَبُوهُ مُعْسِرًا وَإِلَّا فَمِنْ مَالِ أَبِيهِ (ثُمَّ) أَيْ بَعْدَ الْخَتْنِ (تُبَاعُ) الْأَمَةُ وُجُوبًا، وَيُرَدُّ ثَمَنُهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِوُقُوعِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا.
وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ عَالِمَةً بِخَتْنِهِ عَلَى مَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَذَهَبَ الْحَلْوَانِيُّ إلَى أَنَّهُ يَتَزَوَّجُهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ امْرَأَةً يَنْظُرُ الْجِنْسُ إلَى الْجِنْسِ وَالنِّكَاحُ لَغْوٌ وَإِلَّا فَكَنَظَرِ الْمَنْكُوحَةِ إلَى النَّاكِحِ.
(فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ظُهُورِ حَالِهِ) مِنْ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ (لَا يُغَسَّلُ) لِلِاحْتِمَالَيْنِ (بَلْ يَتَيَمَّمُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمَسُّ شَيْءٌ فِيهِ إلَّا الْوَجْهُ وَالْيَدُ بِخِلَافِ الْغُسْلِ.
وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنْ لَا يُشْتَرَى لِأَجْلِ الْغُسْلِ أَمَةٌ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى خِرْقَةٍ عَلَى الْيَدِ عِنْدَ التَّيَمُّمِ لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَيَمِّمُ مَحْرَمًا فَقَدْ يَتَيَمَّمُ بِالْخِرْقَةِ.
(وَيُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ) كَمَا تُكَفَّنُ
الْمَرْأَةُ فَهُوَ أَحَبُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى (وَلَا يَحْضُرُ بَعْدَمَا رَاهَقَ غُسْلَ رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ) لِاحْتِمَالِ الْحَالَيْنِ (وَنُدِبَ تَسْجِيَةُ قَبْرِهِ) أَيْ سَتْرُهُ بِثَوْبٍ عِنْدَ الدَّفْنِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أُنْثَى وَسَتْرُ قَبْرِهَا وَاجِبٌ (وَيُوضَعُ الرَّجُلُ) أَيْ جِنَازَتُهُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرٌ بِيَقِينٍ (مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ ثُمَّ هُوَ) أَيْ الْخُنْثَى بِقُرْبِ الرَّجُلِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ (ثُمَّ) تُوضَعُ (الْمَرْأَةُ) بِقُرْبِ الْخُنْثَى لِيَبْعُدَ عَنْ النَّظَرِ (إنْ صَلَّى عَلَيْهِمْ جُمْلَةً) رِعَايَةً لِحَقِّ التَّرْتِيبِ.
وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْجَنَائِزِ أَنْ يُصَلَّى عَلَى كُلٍّ مُنْفَرِدًا لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْخِلَافِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (أَخَسُّ النَّصِيبَيْنِ مِنْ الْمِيرَاثِ عِنْدَ الْإِمَامِ) وَأَصْحَابِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَفِي الْكِفَايَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ الْإِمَامِ.
وَفِي النَّظْمِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَهُمَا فِي ظَاهِرِ الْأُصُولِ أَيْ الْأَقَلِّ مِنْ نَصِيبِ الذَّكَرِ وَمِنْ نَصِيبِ الْأُنْثَى فَإِنَّهُ يُنْظَرُ نَصِيبُهُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَعَلَى أَنَّهُ أُنْثَى فَيُعْطَى الْأَقَلَّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ مَحْرُومًا عَلَى أَحَدِ التَّقْدِيرَيْنِ فَلَا شَيْءَ لَهُ ثُمَّ فَرَّعَهُ وَقَالَ (فَلَوْ مَاتَ أَبُوهُ عَنْهُ) أَيْ الْخُنْثَى (وَعَنْ ابْنٍ فَلِلِابْنِ سَهْمَانِ وَلَهُ سَهْمٌ) عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ مُتَيَقَّنٌ وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِ شَكٌّ، وَالْمَالُ لَا يَجِبُ بِالشَّكِّ وَلَوْ تَرَكَهُ وَبِنْتًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَرْضًا وَرَدًّا.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَذَا فِي صُورَتَيْنِ.
الْأُولَى مَا يُفْرَضُ فِيهِ الْخُنْثَى أُنْثَى كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
وَالثَّانِيَةُ مَا يُفْرَضُ فِيهِ ذَكَرًا، وَهَذَا مُشْتَمِلٌ عَلَى صُورَتَيْنِ.
أَحَدُهُمَا مَا يَكُونُ فِيهِ الْخُنْثَى مَحْرُومًا كَمَا إذَا تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخُنْثَى لِأَبٍ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ أُخْتًا فَلَهُ سَهْمٌ هُوَ السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ نِصْفٌ فَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ إلَى سَبْعَةٍ، وَإِنْ كَانَ أَخًا فَمَحْرُومٌ لِأَنَّهُ عَصَبَةٌ لَمْ يَبْقَ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ فَرْضِهِمَا وَهُوَ النِّصْفَانِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ أَخَسُّ الْحَالَيْنِ فَيُفْرَضُ كَوْنُهُ ذَكَرًا.
وَالثَّانِيَةُ مَا يَكُونُ غَيْرَ مَحْرُومٍ كَمَا إذَا تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَخُنْثَى لِأَبٍ وَأُمٍّ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْخُنْثَى أُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَلَهُ نِصْفٌ كَالزَّوْجِ وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ فَتَعُولُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ إلَى ثَمَانِيَةٍ وَإِنْ كَانَ أَخًا فَلَهُ سَهْمٌ وَلِلزَّوْجِ نِصْفٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ أَخَسُّ الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّهْمَ الْوَاحِدَ مِنْ سِتَّةٍ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ مِنْ ثَمَانِيَةٍ فَيُفْرَضُ كَوْنُهُ ذَكَرًا أَيْضًا.
(وَ) فِيمَا إذَا تَرَكَ الْخُنْثَى أَبَاهُ وَابْنًا (عِنْدَ الشَّعْبِيِّ لَهُ نِصْفُ النَّصِيبَيْنِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) تَخْرِيجًا أَوْ مَذْهَبًا، وَذَلِكَ أَنَّ لِلِابْنِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ كُلَّ الْمِيرَاثِ وَلِلْبِنْتِ نِصْفَهُ، فَكَانَ نِصْفُ الْكُلِّ اثْنَيْنِ وَنِصْفٌ وَوَاحِدٌ وَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ فَإِنْ خَرَجَ أَرْبَعَةٌ تَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ فَيُجْعَلُ لِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَالْمَجْمُوعُ يَكُونُ سَبْعَةً (وَخَمْسَةٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) تَخْرِيجًا، وَذَلِكَ إنْ كَانَ ذَكَرًا كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ أُنْثَى كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَيَكُونُ لَهُ نِصْفُ النِّصْفِ أَيْ الرُّبْعَ، وَنِصْفُ الثُّلُثِ أَيْ السُّدُسَ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ فَيُحْتَاجُ إلَى عَدَدٍ لَهُ رُبْعٌ وَسُدُسٌ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ اثْنَيْ عَشَرَ وَرُبْعُهُ ثَلَاثَةٌ وَسُدُسُهُ اثْنَانِ وَالْمَجْمُوعُ خَمْسَةٌ فَهِيَ لِلْخُنْثَى وَالْبَاقِي أَيْ سَبْعَةٌ لِلِابْنِ وَالتَّفَاضُلُ بَيْنَ التَّفْسِيرَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إنَّمَا هُوَ بِثُلُثِ رُبْعِ السُّبُعِ