الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمُسْتَأْجِرَ بَاقِيَانِ فَلَا يَلْزَمُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ لِانْعِدَامِ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بَطَلَتْ.
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْمُسْتَأْجَرِينَ أَوْ أَحَدُ الْمُؤَجِّرَيْنِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ فِي نَصِيبِهِ وَبَقِيَتْ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ.
وَقَالَ زُفَرُ: تَبْطُلُ فِي نَصِيبِ الْحَيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ الْمَشَاعِ، وَلَنَا أَنَّ عَدَمَ الشُّيُوعِ شَرْطٌ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ لَا فِي بَقَائِهِ
[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]
مَسَائِل مَنْثُورَة أَيْ هَذِهِ مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى أَبْوَابِ الْإِجَارَةِ قَدْ تَدَارَكَهَا وَجَمَعَهَا فِي آخِرِ الْكِتَابِ (وَلَوْ أَحْرَقَ) الْمُسْتَأْجِرُ (حَصَائِدَ أَرْضٍ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُسْتَعَارَةٍ) وَهِيَ جَمْعُ حَصِيدَةٍ وَهِيَ مَا يُحْصَدُ مِنْ الزَّرْعِ، وَالنَّبْتِ، وَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَبْقَى مِنْ أُصُولِ الْقَصَبِ الْمَحْصُودِ فِي الْأَرْضِ (فَاحْتَرَقَ) بِسَبَبِهِ (شَيْءٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ لَمْ يَضْمَنْ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي التَّسْبِيبِ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ وَقَعَ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ فَوَقَعَ إنْسَانٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (إنْ كَانَتْ الرِّيحُ هَادِئَةً) حِينَ أَوْقَدَ النَّارَ ثُمَّ تَحَرَّكَتْ؛ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ، وَالْهَادِئَةُ مِنْ هَدَأَ بِالْهَمْزَةِ أَيْ سَكَنَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ هَادِنَةً مِنْ هَدَنَ أَيْ سَكَنَ.
(وَإِنْ) كَانَتْ الرِّيحُ (مُضْطَرِبَةً ضَمِنَ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَعَ عِلْمِهِ بِعَاقِبَتِهِ فَأَفْضَى إلَيْهَا فَجُعِلَ كَمُبَاشِرٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ تَفْصِيلِ الْهَادِئَةِ، وَالْمُضْطَرِبَةِ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ بَنَى الْمُسْتَأْجِرُ تَنُّورًا أَوْ دُكَّانًا فِي الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَاحْتَرَقَ بِهِ بَعْضُ بُيُوتِ الْجِيرَانِ أَوْ الدَّارِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ بَنَى بِإِذْنِ صَاحِبِ الدَّارِ أَوْ لَا إلَّا أَنْ يُجَاوِزَ مَا يَصْنَعُهُ النَّاسُ.
وَفِي التَّبْيِينِ لَوْ وَضَعَ جَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْوَضْعِ، وَلَوْ رَفَعَتْهُ الرِّيحُ إلَى شَيْءٍ فَأَحْرَقَتْهُ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرِّيحَ نَسَخَتْ فِعْلَهُ، وَلَوْ أَخْرَجَ الْحَدَّادُ الْحَدِيدَ مِنْ الْكُورِ فِي دُكَّانِهِ فَوَضَعَهُ عَلَى الْعَلَاةِ وَضَرَبَهُ بِمِطْرَقَةٍ وَخَرَجَ شَرَارُ النَّارِ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ وَأَحْرَقَ شَيْئًا ضَمِنَ، وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْهُ وَلَكِنْ أَخْرَجَ الرِّيحُ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ سَقْيًا لَا يَحْتَمِلُهُ الْأَرْضُ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ ضَمِنَ.
(وَلَوْ أَقْعَدَ خَيَّاطٌ أَوْ صَبَّاغٌ فِي حَانُوتِهِ مَنْ يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ صَحَّ) هَذَا الْفِعْلُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الدُّكَّانِ قَدْ يَكُونُ ذَا جَاهٍ وَحُرْمَةٍ وَلَا يَكُونُ حَاذِقًا فِي الْعَمَلِ فَيُقْعِدَ عِنْدَهُ حَاذِقًا يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لَكِنَّهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَقْبَلُ الْعَمَلَ بِالْوَجَاهَةِ، وَالْآخَرُ يَعْمَلُ بِالْحَذَاقَةِ فَبِذَلِكَ تَنْتَظِمُ الْمَصْلَحَةُ وَلَا تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْكَسْبِ قِيلَ: لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا لَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْعَمَلِ عَنْ الْآخَرِ، فَإِذَا تَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا الْعَمَلَ، وَالْآخَرُ يَعْمَلُ
يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ فِي شَرِكَةِ الصَّنَائِعِ، وَالتَّقَبُّلُ لِعَدَمِ الْجَهَالَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى النِّزَاعِ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ: هَذِهِ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ.
وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ أَنْ يَشْتَرِكَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَيَبِيعَا وَلَيْسَ شَيْءٌ فِي هَذِهِ مِنْ بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ انْتَهَى. لَكِنْ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ بِشَرِكَةِ الْوُجُوهِ لَيْسَ مَا هُوَ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ الْمَارُّ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ بَلْ مُرَادُهُ بِهَا هَهُنَا مَا وَقَعَ فِيهِ تَقَبُّلُ الْعَمَلِ بِالْوَجَاهَةِ يُرْشِدُك إلَيْهِ قَوْلُهُ: هَذَا بِوَجَاهَتِهِ يَقْبَلُ، وَهَذَا بِحَذَاقَتِهِ يَعْمَلُ وَيُمْكِنُ بِوَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ أَطْلَقَ عَلَيْهِ شَرِكَةَ الْوُجُوهِ تَغْلِيبًا لِجِهَةِ الْوَجَاهَةِ عَلَى جِهَةِ الْعَمَلِ لِكَوْنِهَا سَبَبًا تَأَمَّلْ.
(وَكَذَا) صَحَّ (لَوْ اسْتَأْجَرَ جَمَلًا يَحْمِلُ عَلَيْهِ مَحْمَلًا وَرَاكِبَيْنِ) يَقْعُدَانِ فِيهِ (إلَى مَكَّةَ) اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الرَّاكِبُ وَهُوَ مَعْلُومٌ، وَالْمَحْمَلُ تَابِعٌ وَمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ تَزُولُ بِالصَّرْفِ إلَى الْمُعْتَادِ فَلِهَذَا قَالَ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (الْمَحْمَلُ الْمُعْتَادُ بَيْنَ النَّاسِ) ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِجَهَالَتِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (وَإِنْ شَاهَدَ الْجَمَّالُ الْمَحْمَلَ فَهُوَ أَجْوَدُ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِحُصُولِ الرِّضَى.
(وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْجَمَلَ (لِحَمْلِ زَادٍ فَأَكَلَ) الْمُسْتَأْجِرُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّادِ فِي الطَّرِيقِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ (رَدُّ عِوَضِهِ) أَيْ عِوَضِ مَا أَكَلَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ حَمْلٌ مَعْلُومٌ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهُ.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأَظْهَرِ لَا يَرُدُّهُ، وَلَوْ شَرَطَ رَدَّهُ صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ شَرَطَ عَدَمَهُ لَا يَصِحُّ بِالْإِجْمَاعِ.
(وَلَوْ قَالَ لِغَاصِبِ دَارِهِ: فَرِّغْهَا) أَيْ الدَّارَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُفَرِّغْ (فَأَجْرُهَا كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَلَمْ يُفَرِّغْ) الْغَاصِبُ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ مَكَثَ فِيهَا أَيَّامًا (فَعَلَيْهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (الْمُسَمَّى) أَيْ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ الْمَالِكُ مِنْ الْأَجْرِ لِوُجُودِ الِالْتِزَامِ بِسَبَبِ عَدَمِ التَّفْرِيعِ (فَإِنْ جَحَدَ الْغَاصِبُ مِلْكَهُ) أَيْ كَوْنَ الدَّارِ مِلْكَ مَنْ يَدَّعِيهَا (أَوْ لَمْ يَجْحَدْ لَكِنْ قَالَ: لَا أُرِيدُهَا) أَيْ الدَّارَ (بِالْأَجْرِ فَلَا) عَلَيْهِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَكُونُ مُلْتَزِمًا بِالْإِجَارَةِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (بَرْهَنَ) الْمُدَّعِي (عَلَى مِلْكِهِ بَعْدَ جَحْدِهِ) أَيْ بَعْدَ جَحْدِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُفِيدُ فِي حَقِّ الْإِجَارَةِ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ إذَا أَقَرَّ بِالْمِلْكِ لَهُ لَكِنْ قَالَ لَهُ: لَا أُرِيدُ بِالْإِقْرَارِ الْأَجْرَ لِعَدَمِ رِضَاهُ صَرِيحًا بِالْإِجَارَةِ (وَمَنْ آجَرَ مَا اسْتَأْجَرَهُ بِأَكْثَرَ) مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ (يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ) ؛ لِأَنَّهُ رِبْحُ
مَا لَمْ يَقْبِضْهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ جِنْسِهَا طَابَ الْفَضْلُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ قَالَ الْمَوْلَى خُسْرو: جَازَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْأَجِيرَ مِنْ غَيْرِ مُؤَجِّرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ لِمُؤَجِّرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ فِي حَقِّ الْمَنْفَعَةِ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُؤَجِّرِ فَيَلْزَمُ تَمْلِيكُ الْمَالِكِ، وَفِي الْمِنَحِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ.
وَفِي الْغُرَرِ وَكَّلَهُ لِاسْتِئْجَارِ دَارٍ فَفَعَلَ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَى الْمُوَكِّلِ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ رَجَعَ الْوَكِيلُ بِالْأَجْرِ عَلَى الْآمِرِ كَذَا إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ وَقَبَضَ الْوَكِيلُ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطْلُبْ الْآمِرُ، وَإِنْ طَلَبَ الْآمِرُ وَأَبَى لِيُعَجِّلَ لَا يَرْجِعُ.
(وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ) حَالَ كَوْنِهَا (مُضَافَةً) إلَى زَمَانٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ آجَرْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ بِكَذَا إلَى سَنَةٍ هَذَا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهَا يَقَعُ مُضَافًا؛ لِأَنَّ انْعِقَادَهَا يَتَجَدَّدُ بِحَسَبِ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مَا عُرِفَ فَوُقُوعُ الْمُقَيَّدِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ عِنْدَهُ كَالْعَيْنِ فَأَشْبَهَ بَيْعَ الْعَيْنِ.
(وَكَذَا) يَصِحُّ (فَسْخُهَا) أَيْ فَسْخُ الْإِجَارَةِ كَمَا إذَا قَالَ: فَاسَخْتُك هَذِهِ الْإِجَارَةَ رَأْسَ الشَّهْرِ الْآتِي، وَلَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُهُ فَقَدْ فَاسَخْتُكَ لَمْ يَجُزْ.
وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ: جَازَ، وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ، وَفِي الْعِمَادِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إجْمَاعًا.
(وَ) كَذَا تَصِحُّ (الْمُزَارَعَةُ، وَالْمُعَامَلَةُ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ أَيْضًا بِالْإِضَافَةِ كَمَا إذَا قَالَ: دَفَعْتُ إلَيْك هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ الْأَشْجَارَ لِلزِّرَاعَةِ أَوْ الْعَمَلِ فِيهَا بَعْدَ شَهْرٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إجَارَةٌ (وَ) كَذَا (الْمُضَارَبَةُ) كَمَا إذَا دَفَعَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ إلَى فُلَانٍ وَقَالَ بَعْدَ مَا صَارَتْ بِالْعَشَرَةِ عِشْرِينَ: اعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُضَارِبًا إلَّا عِنْدَ صَيْرُورَتِهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا (وَالْوَكَالَةُ) كَمَا إذَا قَالَ: بِعْ عَبْدِي غَدًا، فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَكِيلًا لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ إلَّا بَعْدَ الْغَدِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعَزْلِ قَبْلَهُ وَصَحَّ الرُّجُوعُ إجْمَاعًا بِشَرْطِ عِلْمِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقِ كَالطَّلَاقِ، وَالْعِتْقِ، وَالْوَقْفِ (وَالْكَفَالَةُ) بِأَنْ قَالَ: مَا ثَبَتَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ؛ لِأَنَّهَا الْتِزَامُ الْمَالِ ابْتِدَاءً فَتَجُوزُ إضَافَتُهَا (وَالْإِيصَاءُ) أَيْ جَعْلُ الْغَيْرِ وَصِيًّا بِأَنْ قَالَ: إذَا مِتُّ فَأَنْتَ وَصِيٌّ فِيمَا أَخْلُفُ إذْ الْإِيصَاءُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْحَالِ إلَّا إذَا جُعِلَ مَجَازًا عَنْ الْوَكَالَةِ (وَالْوَصِيَّةُ) بِأَنْ قَالَ: فَثُلُثُ مَالِي لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَهُ (وَالْقَضَاءُ، وَالْإِمَارَةُ) كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْقَضَاءِ (وَالطَّلَاقُ) بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ (وَالْعِتْقُ) بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ (وَالْوَقْفُ) كَمَا إذَا قَالَ: أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ غَدًا.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَتَصِحُّ الْعَارِيَّةُ، وَالْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ مُضَافَيْنِ كَمَا فِي الْعِمَادِيِّ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُ كُلٍّ مِنْهَا وَقَدْ صَحَّ تَعْلِيقُ الْمُزَارَعَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فَسْخُ كُلٍّ مِنْهَا