الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ كَانَ عِدَةً لَجَازَ رُجُوعُهُ (وَالْمَبِيعُ هُوَ الْعَيْنُ لَا عَمَلُهُ) أَيْ عَمَلُ الصَّانِعِ.
وَقَالَ الْبَرْدَعِيُّ: عَمَلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّ الِاسْتِصْنَاعَ مُشْتَقٌّ مِنْ الصُّنْعِ وَهُوَ الْعَمَلُ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْعَيْنُ وَذِكْرُ الصَّنْعَةِ لِبَيَانِ الْوَصْفِ وَالْجِنْسِ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ هُوَ الْعَيْنَ - لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْفَاءِ - لَا الْعَمَلَ، وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهِ الْعَيْنَ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ أَتَى) الصَّانِعُ (بِمَا صَنَعَهُ) قَبْلَ الْعَقْدِ (غَيْرُهُ أَوْ بِمَا صَنَعَهُ هُوَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَأَخَذَهُ) أَيْ الْمُسْتَصْنِعُ الْعَيْنَ (صَحَّ) وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَمَلَهُ لَمَا صَحَّ بَيْعُهُ (وَلَا يَتَعَيَّنُ) الْمُسْتَصْنَعُ بِفَتْحِ النُّونِ (لِلْمُسْتَصْنِعِ) بِكَسْرِ النُّونِ (بِلَا اخْتِيَارِهِ) وَرِضَاهُ (فَيَصِحُّ بَيْعُ الصَّانِعِ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَصْنَعِ بِفَتْحِ النُّونِ (قَبْلَ رُؤْيَتِهِ) وَلَوْ تَعَيَّنَ لَهُ لَمَا صَحَّ بَيْعُهُ (وَلَهُ أَخْذُهُ وَتَرْكُهُ) أَيْ لِلْمُسْتَصْنِعِ بِكَسْرِ النُّونِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ، وَلَا خِيَارَ لِلصَّانِعِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْعَمَلِ.
وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
(وَلَا يَصِحُّ) الِاسْتِصْنَاعُ بِلَا أَجَلٍ (فِيمَا لَمْ يَتَعَارَفْ) هُوَ فِيهِ (كَالثَّوْبِ) يَعْنِي لَوْ أَمَرَ حَائِكًا أَنْ يَنْسِجَ لَهُ ثِيَابًا بِغَزْلٍ مِنْ عِنْدِهِ بِدَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ إذْ لَمْ يَجُزْ فِيهِ التَّعَامُلُ فَيَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ؛ إلَّا إذَا شَرَطَ فِيهِ الْأَجَلَ وَبَيَّنَ شَرَائِطَ السَّلَمِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بِطَرِيقِ السَّلَمِ.
وَفِي الْبَحْرِ دَفَعَ مُصْحَفًا إلَى مُذَهِّبٍ لِيُذَهِّبَهُ بِذَهَبٍ مِنْ عِنْدِهِ وَأَرَاهُ الذَّهَبَ أُنْمُوذَجًا مِنْ الْأَعْشَارِ وَالْأَخْمَاسِ وَرُءُوسِ الْآيِ وَأَوَائِلِ السُّوَرِ، فَأَمَرَهُ رَبُّ الْمُصْحَفِ أَنْ يُذَهِّبَهُ كَذَلِكَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ لَا يَصِحُّ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ اسْتَصْنَعَ رَجُلًا فِي شَيْءٍ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمَصْنُوعِ، فَقَالَ الْمُسْتَصْنِعُ: لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرْتُك وَقَالَ الصَّانِعُ فَعَلْتُ، قَالُوا: لَا يَمِينَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَلَوْ ادَّعَى الصَّانِعُ عَلَى رَجُلٍ: أَنَّك اسْتَصْنَعْتَ إلَيَّ فِي كَذَا كَذَا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَحْلِفُ.
[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]
(مَسَائِلُ)
خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هَذِهِ مَسَائِلُ (شَتَّى) جَمْعُ شَتِيتٍ وَعَبَّرَ عَنْهَا فِي الْهِدَايَةِ بِمَسَائِلَ مَنْثُورَةٍ، وَعَبَّرَ فِي التَّنْوِيرِ بِالْمُتَفَرِّقَاتِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي تَشَتَّتَتْ عَلَى الْأَبْوَابِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَمْ تُذْكَرْ فِيهَا إذَا اُسْتُذْكِرَتْ سُمِّيَتْ بِهَا مُتَفَرِّقَاتٍ مِنْ أَبْوَابِهَا أَوْ مَنْثُورَةً عَلَى أَبْوَابِهَا.
(يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ وَالْفَهْدِ وَسَائِرِ السِّبَاعِ عُلِّمَتْ) الْكَلْبُ وَالْفَهْدُ وَالسِّبَاعُ (أَوْ لَا) عِنْدَنَا لِحُصُولِ الِانْتِفَاعِ بِهِمْ حِرَاسَةً أَوْ اصْطِيَادًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ حِرَاسَةً كَالْهَوَامِّ الْمُؤْذِيَةِ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ، وَقَالَ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهَكَذَا يَقُولُ فِي الْأَسَدِ - إذَا كَانَ يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَيُصَادُ بِهِ -: إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ وَالِاصْطِيَادَ بِهِ لَا يَجُوزُ
وَالْفَهْدُ وَالْبَازِي يَقْبَلَانِ التَّعْلِيمَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا عَلَى كُلِّ حَالٍ انْتَهَى وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِجِلْدِهِ لِأَنَّهُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ، وَيَكُونُ الْمُتْلِفُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام قَضَى فِي كَلْبٍ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِهِ بِنَوْعٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْكَلْبِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
وَأَمَّا اقْتِنَاءُ الْكَلْبِ لِلصَّيْدِ أَوْ لِحِفْظِ الزَّرْعِ أَوْ الْمَوَاشِي أَوْ الْبُيُوتِ فَجَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ وَاخْتَلَفَ الرِّوَايَةُ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْقِرْدِ، وَكُرِهَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَجَازَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالْفِيلُ كَالْهِرَّةِ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَشِرَاءُ السِّبَاعِ جَائِزٌ، وَلَحْمِهَا لَا، وَبَيْعُ الْفِيلِ جَائِزٌ.
وَفِي التَّنْجِيسِ أَنَّ الْمُخْتَارَ لِلْفَتْوَى جَوَازُ بَيْعِ لَحْمِ الْمَذْبُوحِ مِنْ السِّبَاعِ، وَكَذَا الْكَلْبُ وَالْحِمَارُ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي إطْعَامِ سِنَّوْرَةٍ، بِخِلَافِ الْخِنْزِيرِ الْمَذْبُوحِ لِأَنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ، وَفِي التَّخْصِيصِ إشْعَارٌ بِعَدَمِ جَوَازِ هَوَامِّ الْأَرْضِ كَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَدَوَابِّ الْبَحْرِ غَيْرَ السَّمَكِ كَالضِّفْدَعِ وَالسَّرَطَانِ، لِأَنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ يَدُورُ مَعَ حِلِّ الِانْتِفَاعِ وَحُرْمَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ بَيْعَ الْحَيَّةِ يَجُوزُ إذَا اُنْتُفِعَ بِهَا لِلْأَدْوِيَةِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُسْتَدْرَكَةٌ بِمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ وَبَيْعُ غَيْرِ السَّمَكِ مِنْ دَوَابِّ الْبَحْرِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَالسَّقَنْقُورِ وَجُلُودِ الْخَزِّ وَنَحْوِهَا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا.
(وَالذِّمِّيُّ فِي الْبَيْعِ كَالْمُسْلِمِ) لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَحْكَامِ كَالْمُسْلِمِ؛ بِمَعْنَى أَنَّ مَا يَحِلُّ لَنَا يَحِلُّ لَهُمْ وَأَنَّ مَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ فِي الْعُقُودِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فَلَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ» (إلَّا فِي) بَيْعِ (الْخَمْرِ فَإِنَّهَا) أَيْ الْخَمْرَ (فِي حَقِّهِ) أَيْ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ (كَالْخَلِّ) فِي حَقِّنَا.
(وَ) إلَّا فِي (الْخِنْزِيرِ) فَإِنَّهُ (فِي حَقِّهِ كَالشَّاةِ) فِي حَقِّنَا، وَفِي الْبَحْرِ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ بَعْضِ مَشَايِخِنَا فَإِنَّهُ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا شَرْعًا لَهُمْ فَكَانَ مَالًا فِي حَقِّهِمْ.
وَعَنْ الْبَعْضِ حُرْمَتُهُمَا ثَابِتَةٌ عَلَى الْعُمُومِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ فِي الْحُرُمَاتِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا، فَكَانَتْ الْحُرْمَةُ ثَابِتَةً فِي حَقِّهِمْ لَكِنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ عَنْ بَيْعِهِمَا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ حُرْمَتَهُمَا وَيَتَمَوَّلُونَ بِهِمَا وَقَدْ أُمِرْنَا بِتَرْكِهِمْ وَمَا يَدِينُونَ.
(وَمَنْ زَوَّجَ مَشْرِيَّتَهُ) لِآخَرَ (قَبْلَ قَبْضِهَا جَازَ) لِثُبُوتِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمِلْكِ، فَيُجْعَلُ التَّصَرُّفُ بِالتَّزْوِيجِ فِي الْبَيْعِ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ فِي عَدَمِ الِانْفِسَاخِ بِخِلَافِ التَّصَرُّفِ بِمِثْلِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إذْ هُوَ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (فَإِنْ وُطِئَتْ) أَيْ إنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا (كَانَ) الْوَاطِئُ (قَابِضًا لَهَا) لِأَنَّ وَطْءَ الزَّوْجِ حَصَلَ بِتَسْلِيطِ الْمُشْتَرِي فَصَارَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ كَأَنَّهُ فَعَلَهُ بِنَفْسِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا الزَّوْجُ (فَلَا) يَكُونُ قَابِضًا؛ إذْ بِمُجَرَّدِ التَّزْوِيجِ لَا يَتَحَقَّقُ الْقَبْضُ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَتَحَقَّقَ
وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ تَعْيِيبٌ حُكْمِيٌّ فَيُعْتَبَرُ بِالتَّعْيِيبِ الْحَقِيقِيِّ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فِي الْحَقِيقِيِّ اسْتِيلَاءً عَلَى الْمَحَلِّ وَبِهِ يَصِيرُ قَابِضًا وَلَا كَذَلِكَ الْحُكْمِيُّ فَافْتَرَقَا.
وَفِي التَّنْوِيرِ فَلَوْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ بَطَلَ النِّكَاحُ فِي الْمُخْتَارِ.
(وَمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا) مَنْقُولًا (فَغَابَ) الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَنَقَدَ الثَّمَنَ (غَيْبَةً مَعْرُوفَةً) بِأَنْ عُلِمَ مَكَانُهُ فَأَقَامَ بَائِعُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ (لَا يُبَاعُ) ذَلِكَ الشَّيْءُ (فِي دَيْنِ بَائِعِهِ) أَيْ لَمْ يَبِعْهُ الْقَاضِي فِي دَيْنِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَى حَقِّهِ بِالذَّهَابِ إلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى بَيْعِهِ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّ الْمُشْتَرِي فِي الْعَيْنِ.
(وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) غَيْبَةً (مَعْرُوفَةً) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَكَانَهُ وَطَلَبَ بَيْعَهُ بِثَمَنِهِ (يُبَاعُ فِيهِ) أَيْ فِي الثَّمَنِ (إذَا بَرْهَنَ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَائِبِ (إذَا لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ) الْغَائِبُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نُصِبَ لِكُلِّ مَنْ عَجَزَ عَنْ النَّظَرِ، وَنَظَرُهُمَا فِي بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَصِلُ بِهِ إلَى حَقِّهِ وَيَبْرُؤُ مِنْ ضَمَانِهِ، وَالْمُشْتَرِي أَيْضًا يُبْرِئُ ذِمَّتَهُ مِنْ دَيْنِهِ وَمِنْ تَرَاكُمِ نَفَقَتِهِ، فَإِنَّهُ إذَا انْكَشَفَ الْحَالُ عَمِلَ الْقَاضِي بِمُوجَبِ إقْرَارِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى خَصْمٍ حَاضِرٍ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إذَا كَانَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْقَضَاءِ، لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ هُنَا لَيْسَتْ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَإِنَّمَا هِيَ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ وَانْكِشَافِ الْحَالِ، وَهَذَا لِأَنَّ الشَّيْءَ فِي يَدِهِ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ لِلْغَائِبِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ مَشْغُولًا بِحَقِّهِ فَيَظْهَرُ الْمِلْكُ لِلْغَائِبِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ، وَلَا يَقْدِرُ الْبَائِعُ أَنْ يَصِلَ إلَى حَقِّهِ كَالرَّاهِنِ إذَا مَاتَ مُفْلِسًا وَالْمُشْتَرِي إذَا مَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ يُمْسَكُ لِلْغَائِبِ وَإِنْ نَقَصَ يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا ظَفِرَ.
وَقَيَّدْنَا بِالْمَنْقُولِ احْتِرَازًا عَلَى الْعَقَارِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَبِيعُهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (وَإِنْ غَابَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ) بِأَنْ اشْتَرَاهُ رَجُلَانِ فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (فَلِلْحَاضِرِ دَفْعُ كُلِّ الثَّمَنِ وَقَبْضُ الْمَبِيعِ وَحَبْسُهُ) أَيْ حَبْسُ الْمَبِيعِ عَنْ شَرِيكِهِ (إذَا حَضَرَ الْغَائِبُ حَتَّى يَنْقُدَ) شَرِيكُهُ (حِصَّتَهُ) لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إذْ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِنَصِيبِهِ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَهُ حَقُّ الْحَبْسِ مَا بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ وَالْمُضْطَرُّ يَرْجِعُ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ الْحَبْسُ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ وَلَوْ حَبَسَ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَانَ مَقْطُوعًا فِيمَا أَدَّى عَنْ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ الْحَبْسُ، وَيَصِيرُ غَاصِبًا بِهِ فَهَلَكَ بِالْقِيمَةِ.
قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَالًّا أَمَّا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ دَفْعُهُ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى) شَيْئًا (بِأَلْفِ مِثْقَالِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَهُمَا) أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ (نِصْفَانِ) أَيْ يَجِبُ خَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ الذَّهَبِ وَخَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ مِنْ الْفِضَّةِ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمِثْقَالَ إلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ الْفِضَّةِ مِنْ الْجَوْدَةِ وَغَيْرِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الصِّفَةِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْجِيَادِ.
(وَإِنْ قَالَ: بِأَلْفٍ مِنْ الذَّهَبِ
وَالْفِضَّةِ، فَمِنْ الذَّهَبِ خَمْسُمِائَةِ مِثْقَالٍ وَمِنْ الْفِضَّةِ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ) أَيْ كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا وَزْنُ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ لِإِضَافَةِ الْأَلْفِ الْمُبْهَمِ إلَيْهِمَا فَيُصْرَفُ إلَى الْوَزْنِ الْمُتَعَارَفِ الْمَعْهُودِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ، فَإِنَّهُ يَجِبُ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ ثُلُثُ الْكُرِّ، وَهَكَذَا فِي الْمُعَامَلَاتِ كُلِّهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِي الْفَتْحِ فِي الدَّرَاهِمِ يَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمَعْهُودِ، وَيَجِبُ كَوْنُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَعَارَفُ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فِي اسْمِ الدِّرْهَمِ مَا يُوزَنُ سَبْعَةً، وَالْمُتَعَارَفُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الْآنَ كَالشَّامِ وَالْحِجَازِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وَزْنَ رُبُعٍ وَقِيرَاطٍ مِنْ ذَلِكَ الدِّرْهَمِ، وَأَمَّا فِي عُرْفِ مِصْرَ لَفْظُ الدِّرْهَمِ يَنْصَرِفُ الْآنَ إلَى وَزْنِ أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ مِنْ الْفُلُوسِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِالْفِضَّةِ فَيَنْصَرِفَ إلَى دَرَاهِمَ بِوَزْنِ سَبْعَةٍ فَإِنَّ مَا دُونَهُ ثَقُلَ أَوْ خَفَّ يُسَمُّونَهُ نِصْفَ فِضَّةٍ.
(وَمَنْ قَبَضَ زَيْفًا بَدَلَ جَيِّدٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ) أَيْ بِالزَّيْفِ (فَأَنْفَقَهُ أَوْ هَلَكَ فَهُوَ قَضَاءٌ) وَبَرِئَ وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِأَنَّ إيجَابَ رَدِّ الزَّيْفِ لِأَخْذِ الْجَيِّدِ إيجَابٌ لَهُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَمِثْلُ هَذَا التَّكْلِيفِ غَيْرُ مَعْهُودٍ فِي الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الزَّيْفَ بَعْدَ الْإِنْفَاقِ وَالْهَلَاكِ يَنُوبُ مَنَابَ حَقِّهِ الْجَيِّدِ (وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَرُدُّ مِثْلَ الزَّيْفِ وَيَقْتَضِي الْجَيِّدَ) لِأَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الدَّيْنِ يُرَاعَى مِنْ حَيْثُ الْوَصْفُ لَكِنْ لَا يُمْكِنُ رِعَايَتُهُ بِإِيجَابِ الضَّمَانِ فِي الْوَصْفِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِجِنْسِهِ فَيَلْزَمُ الرُّجُوعُ إلَى الرَّدِّ بِمِثْلِ زَيْفِهِ، وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْلَهُمَا قِيَاسٌ وَقَوْلَ أَبِي يُوسُفَ هُوَ الِاسْتِحْسَانُ فَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَقِيلَ قَوْلُهُ الْأَنْسَبُ لِلْفَتْوَى.
وَفِي الْإِصْلَاحِ وَلِمُحَمَّدٍ فِيهِ قَوْلَانِ قَوْلُهُ الْأَوَّلُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَوْلُهُ الْأَخِيرُ مَعَ أَبِي يُوسُفَ قَيَّدَ بِالْإِتْلَافِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَائِمًا يَرُدُّهُ وَيَسْتَرِدُّ الْجَيِّدَ عِنْدَهُمْ، وَقَيَّدَ بِغَيْرِ عَالِمٍ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِهِ عِنْدَ الْقَبْضِ يَسْقُطُ حَقُّهُ بِلَا خِلَافٍ.
(وَإِنْ فَرَّخَ طَيْرٌ أَوْ بَاضَ فِي أَرْضٍ) مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا (أَوْ تَكَنَّسَ ظَبْيٌ) فِيهَا أَيْ تَسَتَّرَ وَمَعْنَاهُ دَخَلَ فِي الْكِنَاسِ وَهُوَ مَوْضِعُ الظَّبْيِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ تَكَسَّرَ أَيْ وَقَعَ فِي أَرْضٍ فَتَكَسَّرَ رِجْلُهُ وَيُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا لَوْ كَسَرَهُ رَجُلٌ فِيهَا فَهُوَ يَكُونُ لِلْكَاسِرِ لَا لِلْآخِذِ (فَهُوَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْفَرْخِ وَالْبَيْضِ وَالظَّبْيِ (لِمَنْ أَخَذَهُ) لِأَنَّهُ مُبَاحٌ سَبَقَتْ يَدُهُ إلَيْهِ فَكَانَ أَوْلَى بِهِ إلَّا إذَا هَيَّأَ أَرْضَهُ لِذَلِكَ فَهُوَ لَهُ أَوْ كَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَرِيبًا مِنْ الصَّيْدِ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ لَوْ مَدَّ يَدَهُ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَهُ كَمَا قَيَّدْنَا لَكَانَ أَوْلَى، تَدَبَّرْ.
(وَكَذَا صَيْدٌ تَعَلَّقَ بِشَبَكَةٍ مَنْصُوبَةٍ لِلْجَفَافِ) لَا لِلِاصْطِيَادِ يَعْنِي يَكُونُ هُوَ لِلْآخِذِ (أَوْ دَخَلَ) الصَّيْدُ (دَارًا) يَكُونُ أَيْضًا لِلْآخِذِ (وَدِرْهَمٌ أَوْ سُكَّرٌ نُثِرَ فَوَقَعَ) الدِّرْهَمُ أَوْ السُّكَّرُ (عَلَى ثَوْبِ) أَحَدٍ (فَإِنْ أَعَدَّهُ) أَيْ الثَّوْبَ (صَاحِبُهُ)
أَيْ صَاحِبُ الثَّوْبِ (لِذَلِكَ) أَيْ لِوُقُوعِ الدِّرْهَمِ أَوْ السُّكَّرِ عَلَيْهِ (أَوْ كَفَّهُ) أَيْ جَمَعَ الثَّوْبَ إلَى نَفْسِهِ (بَعْدَ السُّقُوطِ) عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْدِلْهُ (أَوْ أَغْلَقَ بَابَ الدَّارِ بَعْدَ الدُّخُولِ مَلَكَهُ) أَيْ صَارَ لَهُ بِهَذَا الْفِعْلِ (وَلَيْسَ لِلْغَيْرِ أَخْذُهُ) إذْ بِالْإِعْدَادِ وَالْكَفِّ يَظْهَرُ أَنَّهُ طَالِبٌ الْأَخْذَ فَكَانَ مُسْتَحِقًّا.
وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ إنْ أَغْلَقَ الْبَابَ عَلَى الصَّيْدِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَصِرْ آخِذُهُ مَالِكًا لَهُ حَتَّى لَوْ خَرَجَ الصَّيْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ مَلَكَهُ (كَمَا لَوْ عَسَّلَ النَّحْلُ فِي أَرْضِهِ) أَيْ جَعَلَ عَسَلَهُ فِي أَرْضِ رَجُلٍ (أَوْ نَبَتَ فِيهَا شَجَرٌ أَوْ اجْتَمَعَ تُرَابٌ بِجَرَيَانِ الْمَاءِ) فَهُوَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَرْضُهُ مُعَدَّةً لِذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ إنْزَالِ الْأَرْضِ حَتَّى يَمْلِكَهُ تَبَعًا وَلِهَذَا يَجِبُ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ إذَا أُخِذَ مِنْ أَرْضِ الْعُشْرِ.
إنَّهُ مَهَّدَ هُنَا قَاعِدَةً كُلِّيَّةً فَقَالَ (وَمَا) أَيْ الَّذِي (لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشُّرُوطِ وَيُبْطِلُهُ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ) أَرْبَعَةَ عَشَرَ شَيْئًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْكَنْزِ.
الْأَوَّلُ (الْبَيْعُ) فَإِذَا بَاعَ عَبْدًا وَشَرَطَ اسْتِخْدَامَهُ شَهْرًا مَثَلًا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ.
وَمَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ أَوْ كَانَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهِ، لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ مِنْ بَابِ الرِّبَا وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ الْمَالِيَّةِ وَالتَّبَرُّعَاتِ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ فَقَطْ، وَأَصْلٌ آخَرُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ الْمَحْضِ لَا يَجُوزُ فِي التَّمْلِيكَاتِ، وَيَجُوزُ فِيمَا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَكَذَا مَا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِطْلَاقَاتِ وَالْوِلَايَاتِ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْمُلَائِمِ وَكَذَا التَّحْرِيضَاتُ كَمَا فِي الْبَحْرِ. .
(وَ) الثَّانِي (الْإِجَارَةُ) بِأَنْ آجَرَ دَارِهِ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ يُهْدِيَ إلَيْهِ، أَوْ آجَرَهُ إيَّاهَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ.
(وَ) الثَّالِثُ (الْقِسْمَةُ) بِأَنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ فَاقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ مِنْ الدَّيْنِ وَالْعَيْنِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِأَحَدِهِمْ وَالْعَيْنُ لِلْبَاقِينَ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْبَيْعِ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهَا عَلَى الْإِقْرَارِ فِي الْمُبَادَلَةِ.
(وَ) الرَّابِعُ (الْإِجَازَةُ) بِأَنْ بَاعَ فُضُولِيٌّ عَبْدَهُ، فَقَالَ: أَجَزْته بِشَرْطِ أَنْ تُقْرِضَنِي أَوْ تُهْدِيَ إلَيَّ أَوْ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَعْنًى كَمَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِإِجَازَةِ الْبَيْعِ بَلْ كُلُّ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ إذَا انْعَقَدَ مَوْقُوفًا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إجَازَتِهِ بِالشَّرْطِ حَتَّى النِّكَاحِ.
(وَ) الْخَامِسُ (الرَّجْعَةُ) بِأَنْ قَالَ لِمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ: رَاجَعْتُكِ عَلَى أَنْ تُقْرِضِينِي كَذَا أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرَةً بِابْتِدَائِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُ ابْتِدَائِهِ لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ سَهْوٌ ظَاهِرٌ وَخَطَأٌ صَرِيحٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَفُصِّلَ كُلَّ التَّفْصِيلِ فَلْيُرَاجَعْ.
لَكِنْ يُفَرَّقُ
بَيْنَ النِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا رِضَى الزَّوْجَةِ وَلَا شُهُودٌ وَلَا مَهْرٌ وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ عَوْدُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا بَعْدَمَا طَلَّقَ الْأَمَةَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ. تَدَبَّرْ (وَ) السَّادِسُ (الصُّلْحُ عَنْ مَالٍ) أَيْ بِمَالٍ بِأَنْ قَالَ: صَالَحْتُك عَلَى أَنْ تُسْكِنَنِي فِي الدَّارِ سَنَةً مَثَلًا لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَيَكُونُ بَيْعًا (وَ) السَّابِعُ (الْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ) بِأَنْ قَالَ: أَبْرَأْتُك عَنْ دَيْنِي عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا، أَوْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى يَرْتَدَّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ فَيَكُونُ مُعْتَبَرًا بِالتَّمْلِيكَاتِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ إلَّا إذَا عُلِّقَ بِكَائِنٍ كَمَا قَالَ الْمَدْيُونُ: دَفَعْتُ إلَى فُلَانٍ فَقَالَ إنْ كُنْتَ دَفَعْتَ إلَيْهِ فَقَدْ أَبْرَأْتُك صَحَّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِأَمْرٍ كَائِنٍ، وَفِي الْبَحْرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَوْتِ الدَّائِنِ صَحِيحٌ إلَّا إذَا كَانَ الْمَدْيُونُ وَارِثًا، وَعَلَّقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِإِطْلَاقِ الْكِتَابِ.
(وَ) الثَّامِنُ (عَزْلُ الْوَكِيلِ) بِأَنْ قَالَ لِوَكِيلِهِ: عَزَلْتُك عَلَى أَنْ تُهْدِيَ إلَيَّ شَيْئًا، أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ.
وَفِي الْبَحْرِ وَتَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا، وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا خَطَأٌ أَيْضًا فَإِنَّ عَزْلَ الْوَكِيلِ لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ مَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَكِنْ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، انْتَهَى، وَفِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فَقَدْ بَطَلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الشَّرْطُ لَمْ يَتَرَتَّبْ وُجُودُهُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ، وَهُوَ جَوَابٌ بِعَيْنِهِ عَمَّا يُورَدُ فِي الرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا، تَدَبَّرْ.
(وَ) التَّاسِعُ (الِاعْتِكَافُ) بِأَنْ قَالَ اعْتَكَفْتُ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرَضِي، أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ.
وَفِي الْمِنَحِ نَقْلًا عَنْ الْبَحْرِ: وَعِنْدِي أَنَّ ذِكْرَهُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ كَوْنِهِ يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَمِنْ كَوْنِهِ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ أَمَّا الثَّانِي فَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ شَهْرٍ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ، ثُمَّ دَخَلَ فَعَلَيْهِ اعْتِكَافُ شَهْرٍ عِنْدَ عُلَمَائِنَا فَإِذَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ إيجَابَ الِاعْتِكَافِ مِنْ جُمْلَةِ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ وَيَبْطُلُ بِفَاسِدِهِ، وَذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ فَقَالَ: وَتَعْلِيقُ وُجُوبِ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ، وَقَدْ نَاقَضَ الْكَمَالُ كَلَامَهُ فَإِنَّهُ جَعَلَ إيجَابَ الِاعْتِكَافِ مِمَّا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَعَزَاهُ إلَى الْخُلَاصَةِ وَلَمْ يَقُلْ فِي رِوَايَةٍ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ فِي بَابِ الِاعْتِكَافِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ الْوَاجِبَ هُوَ الْمَنْذُورُ تَنْجِيزًا أَوْ تَعْلِيقًا، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ، وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ يُطْلَبُ مِنْ الْبَحْرِ فَلْيُرَاجَعْ.
لَكِنْ إنَّ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ، وَمَا لَا يَصِحُّ هُوَ مَعَ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ هُوَ الِاعْتِكَافُ نَفْسُهُ لَا النَّذْرُ بِهِ بَلْ النَّذْرُ بِهِ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَيَتَرَتَّبُ لُزُومُهُ عَلَى تَحَقُّقِ الشَّرْطِ فَلَا يُفْسِدُهُ كَالنَّذْرِ بِسَائِرِ
الْعِبَادَاتِ الَّذِي يَصِحُّ النَّذْرُ بِهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ كَمَا عُرِفَ فِي مَحَلِّهِ وَقَدْ ذَكَرُوا بُعَيْدَ هَذَا أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ النَّذْرِ بِهِ فَافْتَرَقَا، تَدَبَّرْ.
(وَ) الْعَاشِرُ (الْمُزَارَعَةُ) بِأَنْ قَالَ: زَارَعْتُك أَرْضِي عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ.
(وَ) الْحَادِيَ عَشَرَ (الْمُعَامَلَةُ) وَهِيَ الْمُسَاقَاةُ بِأَنْ قَالَ: سَاقَيْتُك شَجَرِي أَوْ كَرْمِي عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي كَذَا، أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ أَيْضًا.
(وَ) الثَّانِيَ عَشَرَ (الْإِقْرَارُ) بِأَنْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا إنْ أَقْرَضَنِي كَذَا، أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْجُحُودِ أَوْ دَعْوَى الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ لِلْحَالِّ.
(وَ) الثَّالِثَ عَشَرَ (الْوَقْفُ) بِأَنْ قَالَ: وَقَفْتُ دَارِي إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ أَيْضًا.
وَفِي الْبَحْرِ وَفِي الْجَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَالْوَقْفُ فِي رِوَايَةٍ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ فِي صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ رِوَايَتَيْنِ.
وَفِي الْفَتْحِ: وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ؛ فَلَوْ قَالَ: إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا يَصِيرُ وَقْفًا.
(وَ) الرَّابِعَ عَشَرَ (التَّحْكِيمُ) بِأَنْ يَقُولَ الْمُحَكِّمَانِ: إذَا أَهَلَّ شَهْرٌ، أَوْ قَالَا لِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ: إذَا أُعْتِقْتَ أَوْ أَسْلَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ عِنْدَهُ بِشَرْطٍ، وَإِضَافَتُهُ إلَى زَمَانٍ كَالْوَكَالَةِ وَالْقَضَاءِ، وَلَهُ أَنَّ التَّحْكِيمَ تَوْلِيَةٌ صُورَةً وَصُلْحٌ مَعْنًى فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صُلْحٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَوْلِيَةٌ يَصِحُّ فَلَا يَصِحُّ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ شَارِحِي الْكَنْزِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِقَوْلِ الْإِمَامَيْنِ.
(وَمَا) أَيْ الَّذِي (لَا يُبْطِلُهُ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ) وَهُوَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ شَيْئًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلُ (الْقَرْضُ) بِأَنْ قَالَ: أَقْرَضْتُك هَذِهِ الْمِائَةَ بِشَرْطِ أَنْ تَخْدُمَنِي شَهْرًا مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِهَذَا الشَّرْطِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشُّرُوطَ الْفَاسِدَةَ مِنْ بَابِ الرِّبَا، وَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمُبَادَلَةِ الْمَالِيَّةِ، وَالْعُقُودُ كُلُّهَا لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: وَتَعْلِيقُ الْقَرْضِ حَرَامٌ وَالشَّرْطُ لَا يَلْزَمُ.
(وَ) الثَّانِي (الْهِبَةُ) بِأَنْ قَالَ: وَهَبْتُ لَك هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حَمْلُهَا لِي.
(وَ) الثَّالِثُ (الصَّدَقَةُ) بِأَنْ قَالَ: تَصَدَّقْت عَلَيْك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي جُمُعَةً مَثَلًا.
(وَ) الرَّابِعُ (النِّكَاحُ) بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْتُكِ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَكِ مَهْرٌ كَمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.
(وَ) الْخَامِسُ (الطَّلَاقُ) بِأَنْ قَالَ طَلَّقْتُكِ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجِي غَيْرِي.
(وَ) السَّادِسُ (الْخُلْعُ) بِأَنْ قَالَ: خَالَعْتُكِ عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي الْخِيَارُ مُدَّةً سَمَّاهَا بَطَلَ الشَّرْطُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَوَجَبَ الْمَالُ.
(وَ) السَّابِعُ (الْعِتْقُ) بِأَنْ قَالَ: أَعْتَقْتُك عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ.
(وَ)
الثَّامِنُ (الرَّهْنُ) بِأَنْ قَالَ رَهَنْت عِنْدَك عَبْدِي بِشَرْطِ أَنْ أَسْتَخْدِمَهُ.
(وَ) التَّاسِعُ (الْإِيصَاءُ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْتُ إلَيْك عَلَى شَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجَ ابْنَتِي.
(وَ) الْعَاشِرُ (الْوَصِيَّةُ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَك بِثُلُثِ مَالِي إنْ أَجَازَ فُلَانٌ، ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ.
وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مِثَالُ تَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، انْتَهَى.
لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ يَصْدُقُ مَعَ عَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ وَمَعَ الصِّحَّةِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يَفْسُدُ لَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ التَّعْلِيقُ بِهِ وَهُنَا يَجُوزُ فَلَمْ يَفْسُدْ. تَدَبَّرْ.
(وَ) الْحَادِيَ عَشَرَ (الشَّرِكَةُ) بِأَنْ قَالَ: شَارَكْتُك عَلَى أَنْ تُهْدِيَنِي كَذَا.
(وَ) الثَّانِيَ عَشَرَ (الْمُضَارَبَةُ) بِأَنْ قَالَ: ضَارَبْتُك فِي أَلْفٍ عَلَى النِّصْفِ فِي الرِّبْحِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ.
وَفِي الْبَحْرِ، وَهُوَ مِثَالٌ لِتَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ وَهَذَا الَّذِي وَقَعَ لِلْعَيْنِيِّ دَلِيلٌ عَلَى كَسَلِهِ وَعَدَمِ تَصَفُّحِ كَلَامِهِمْ فَإِنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْأَمْثِلَةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا فِي الْأَبْوَابِ لَكَانَ أَنْسَبَ، انْتَهَى.
لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ قَدْ قَرَّرْنَاهُ فِي الْوَصِيَّةِ، تَدَبَّرْ.
(وَ) الثَّالِثَ عَشَرَ (الْقَضَاءُ) بِأَنْ قَالَ الْخَلِيفَةُ: وَلَّيْتُك قَضَاءَ مَكَّةَ مَثَلًا عَلَى أَنْ لَا تُعْزَلَ أَبَدًا.
(وَ) الرَّابِعَ عَشَرَ (الْإِمَارَةُ) بِأَنْ قَالَ الْخَلِيفَةُ: وَلَّيْتُك إمَارَةَ الشَّامِ مَثَلًا عَلَى أَنْ لَا تَرْكَبَ.
(وَ) الْخَامِسَ عَشَرَ (الْكَفَالَةُ) بِأَنْ قَالَ: كَفَلْتُ غَرِيمَك إنْ أَقْرَضْتَنِي كَذَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ.
وَفِي الْبَحْرِ وَهُوَ مِثَالٌ لِتَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ انْتَهَى وَالْجَوَابُ قَدْ مَرَّ، تَدَبَّرْ.
(وَ) السَّادِسَ عَشَرَ (الْحَوَالَةُ) بِأَنْ قَالَ: أَحَلْتُك عَلَى فُلَانٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَرْجِعَ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّوَى.
(وَ) السَّابِعَ عَشَرَ (الْوَكَالَةُ) بِأَنْ قَالَ: وَكَّلْتُك إنْ أَبْرَأْتَنِي عَمَّا لَك، عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ.
وَفِي الْبَحْرِ وَهُوَ مِثَالُ تَعْلِيقِهَا بِالشَّرْطِ انْتَهَى وَقَدْ مَرَّ الْجَوَابُ، تَدَبَّرْ.
(وَ) الثَّامِنَ عَشَرَ (الْإِقَالَةُ) بِأَنْ قَالَ: أَقَلْتُك عَنْ هَذَا الْبَيْعِ إنْ أَقْرَضْتنِي كَذَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ.
وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْقُنْيَةِ: لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِقَالَةِ بِالشَّرْطِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُمَا لَوْ تَقَايَلَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ لَمْ تَفْسُدْ، وَوَجَبَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَهُوَ مِثَالُ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ فَمِثَالُ تَعْلِيقِهَا، انْتَهَى، وَفِيهِ كَلَامٌ قَدْ مَرَّ مِرَارًا.
(وَ) التَّاسِعَ عَشَرَ (الْكِتَابَةُ) بِأَنْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ: كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى أَنْ تُقَابِلَ فُلَانًا أَوْ عَلَى أَنْ لَا تَعْمَلَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ فَإِنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ تَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّرْطَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَأَمَّا إذَا كَانَ دَاخِلًا بِأَنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْبَدَلِ كَالْكِتَابَةِ عَلَى خَمْرٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا تَفْسُدُ بِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ.
(وَ) الْعِشْرُونَ (إذْنُ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ) بِأَنْ قَالَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ: أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ عَلَى أَنْ تَتَّجِرَ إلَى شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ وَنَحْوِهِمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدٍ بَلْ هُوَ إسْقَاطٌ، وَالْإِسْقَاطَاتُ لَا تَتَوَقَّفُ.
(وَ) الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ (دَعْوَةُ الْوَلَدِ) بِأَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى: إنْ كَانَ لِهَذِهِ الْأَمَةِ حَمْلٌ فَهُوَ مِنِّي لِأَنَّ النَّسَبَ