الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَرْغُوبٌ بِهِ فَيُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ وَيَثْبُتُ بِفَوَاتِهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَبْدِ دُونَهُ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ اخْتِلَافُ نَوْعٍ لَا اخْتِلَافُ جِنْسٍ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِعَدَمِهِ بِخِلَافِ شِرَائِهِ شَاةً عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ تَحْلُبُ كَذَا رِطْلًا أَوْ عَبْدًا يَكْتُبُ كَذَا وَكَذَا حَيْثُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ مَجْهُولٌ لَا وَصْفٌ مَرْغُوبٌ حَتَّى لَوْ شَرَطَ أَنَّهَا حَلُوبٌ أَوْ لَبُونٌ لَا يَفْسُدُ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ عَلَى سَبِيلِ الْوَصْفِ دُونَ الشَّرْطِ كَمَا إذَا اشْتَرَى فَرَسًا عَلَى أَنَّهُ هِمْلَاجٌ أَوْ كَلْبًا عَلَى أَنَّهُ صَيُودٌ أَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، قَيَّدْنَا بِأَنْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ إنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالنُّقْصَانِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَفِي الْمِنَحِ لَوْ قَالَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ شَرَطْنَا الْخِيَارَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا فِي دَعْوَى الْأَجَلِ وَالْمُضِيِّ فَإِنَّ الْقَوْلَ لِلْمُنْكِرِ.
اشْتَرَى جَارِيَةً بِالْخِيَارِ فَرَدَّ غَيْرَهَا بَدَلَهَا قَائِلًا بِأَنَّهَا الْمُشْتَرَاةُ فَتَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ غَيَّرْت وَالْمَبِيعَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي التَّغْيِيرَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ الْيَمِينِ وَجَازَ لِلْبَائِعِ وَطْؤُهَا وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ رَدِّهِ كَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ نَسِيَ عِنْدَك فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ كَتْبِهِ وَخَبْزِهِ وَكَانَ يُحْسِنُ ذَلِكَ فَنَسِيَهُ فِي يَدِ الْبَائِعِ رَدَّهُ عَلَيْهِ.
[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]
ِ (مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ جَازَ) أَيْ صَحَّ الْبَيْعُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَوْلِ الْجَدِيدِ لَا يَصِحُّ.
وَفِي الْكِفَايَةِ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا بَيْنَ يَدَيْهِمَا مَوْجُودًا كَمَا إذَا اشْتَرَى زَيْتًا فِي زِقٍّ أَوْ بُرًّا فِي جَوَالِقَ أَوْ ثَوْبًا فِي كُمٍّ أَوْ شَيْئًا مُسَمًّى مَوْصُوفًا أَوْ مُشَارًا إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ وَلَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَمْ يُشِرْ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا وَمَوْضِعُ الْخِلَافِ فِي الْمَبِيعِ إذْ لَا خِيَارَ فِي الثَّمَنِ الدَّيْنِ وَأَمَّا الثَّمَنُ الْعَيْنُ فَفِيهِ الْخِيَارُ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ لَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ مَجْهُولُ الْوَصْفِ وَجَهَالَتُهُ تَمْنَعُ الْجَوَازَ وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَآهُ» .
وَفِي الْبَحْرِ وَأَرَادَ بِمَا لَمْ يَرَهُ مَا لَمْ يَرَهُ وَقْتَ الْعَقْدِ وَلَا قَبْلَهُ وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ الْعِلْمُ بِالْمَقْصُودِ مِنْ بَابِ عُمُومِ الْمَجَازِ فَصَارَتْ الرُّؤْيَةُ مِنْ أَفْرَادِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُعْرَفُ بِالشَّمِّ كَالْمِسْكِ وَمَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ رُؤْيَةٍ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا وَمَا اشْتَرَاهُ الْأَعْمَى وَفِي الْقُنْيَةِ اشْتَرَى مَا يُذَاقُ فَذَاقَهُ لَيْلًا وَلَمْ يَرَهُ سَقَطَ خِيَارُهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّهُ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَرَهُ (إذَا رَآهُ
مَا لَمْ يُوجَدْ)
مِنْ الْمُشْتَرِي (مَا يُبْطِلُهُ) أَيْ الْخِيَارَ وَفِي الْبَحْرِ اخْتَلَفُوا هَلْ هُوَ مُطْلَقٌ أَوْ مُؤَقَّتٌ فَقِيلَ مُؤَقَّتٌ بِوَقْتِ إمْكَانِ الْفَسْخِ بَعْدَهَا حَتَّى لَوْ تَمَكَّنَ مِنْهُ وَلَمْ يَفْسَخْ سَقَطَ خِيَارُهُ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْإِجَازَةُ صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً وَقِيلَ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُ مُطْلَقًا فَيَكُونُ لَهُ الْفَسْخُ فِي جَمِيعِ عُمْرِهِ مَا لَمْ يَسْقُطْ بِالْقَوْلِ أَوْ بِفِعْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى وَهُوَ الصَّحِيحُ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَالْعِبْرَةُ لِعَيْنِ النَّصِّ لَا لِمَعْنَاهُ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (رَضِيَ قَبْلَهَا) أَيْ لَهُ الرَّدُّ إذَا رَآهُ وَإِنْ قَالَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ رَضِيت لِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ شَرْعًا فَلَا يَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِمَا بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ.
وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ثُمَّ إنْ أَجَازَهُ بِالْقَوْلِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لَا يَزَالُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَلَا يَبْطُلُ قَبْلَ وَقْتِهَا وَإِنْ أَجَازَهُ بِالْفِعْلِ بِأَنْ تَصَرَّفَ فِيهِ يَزُولُ كَمَا سَيَجِيءُ وَأَمَّا الْفَسْخُ بِالْقَوْلِ فَجَائِزٌ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْعَقْدِ لِأَنَّ اللُّزُومَ يُفِيدُ تَمَامَ الرِّضَى وَتَمَامُهُ بِالْعِلْمِ بِأَوْصَافٍ مَقْصُودَةٍ وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ (وَلَا خِيَارَ لِمَنْ بَاعَ مَا لَمْ يَرَهُ) لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام أَثْبَتَ الْخِيَارَ فِي الشِّرَاءِ لَا فِي الْبَيْعِ وَلِقَضَاءِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ بِمَحْضَرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الشِّرَاءِ لَا فِي الْبَيْعِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ آخِرًا رَجَعَ إلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهُ الْخِيَارُ اعْتِبَارًا بِالْمُشْتَرِي كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالشَّرْطِ.
(وَيُبْطِلُ) مِنْ الْإِبْطَالِ (خِيَارَ الرُّؤْيَةِ مَا يُبْطِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ) مِنْ صَرِيحٍ وَدَلَالَةٍ وَضَرُورَةٍ فَمَا يُفْعَلُ لِلِامْتِحَانِ لَا يُبْطِلُهَا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّهُ قَيْدٌ يَحْتَاجُ إلَى التَّكْرَارِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ بِالْمَرَّةِ الْأُولَى تَدَبَّرْ (مِنْ تَسْبِيبٍ فِي يَدِهِ وَتَعَيُّبٍ) قَبْلَ الرُّؤْيَةِ بِعَيْبٍ لَا يَرْتَفِعُ كَقَطْعِ الْيَدِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ سَلِيمًا فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَرُدَّهُ مَعِيبًا (وَتَعَذُّرٍ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَيُّبٍ (رَدِّ بَعْضِهِ) بِسَبَبِ هَلَاكِ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ بَعْضَهُ الْبَاقِيَ لَزِمَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ (وَتَصَرُّفٌ) مِنْ الْمُشْتَرِي (لَا يَفْسَخُ) صِفَةُ تَصَرُّفٍ (كَالْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ) مِنْ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ (أَوْ) تَصَرُّفٌ مِنْ الْمُشْتَرِي (يُوجِبُ حَقًّا لِلْغَيْرِ كَالْبَيْعِ الْمُطْلَقِ) أَيْ كَالْبَيْعِ بِغَيْرِ قَيْدِ الْخِيَارِ (وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ) وَالْهِبَةِ بِتَسْلِيمٍ (قَبْلَ الرُّؤْيَةِ وَبَعْدَهَا) لِأَنَّ هَذِهِ الْحُقُوقَ تَمْنَعُ الْفَسْخَ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِبُطْلَانِ الْخِيَارِ فَمَعْنَى الْبُطْلَانِ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ خُرُوجُهُ عَنْ صَلَاحِيَةِ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ (وَمَا) أَيْ التَّصَرُّفُ الَّذِي (لَا يُوجِبُ حَقًّا لِلْغَيْرِ كَالْبَيْعِ بِالْخِيَارِ وَالْمُسَاوَمَةِ) أَيْ الْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ (وَالْهِبَةُ بِلَا تَسْلِيمٍ يَبْطُلُ) خِيَارَ الرُّؤْيَةِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ (لَا قَبْلَهَا) لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا تَزِيدُ عَلَى صَرِيحِ الرِّضَى فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ قَبْلَهَا بَلْ بَعْدَهَا وَهُنَا لَا يُوجَدُ إلَّا الدَّلَالَةُ عَلَى الرِّضَى الْمُجَرَّدِ بِخِلَافِ الْأَفْعَالِ السَّابِقَةِ فَإِنَّ فِيهَا تُوجَدُ مَعَ الرِّضَى حُقُوقٌ زَائِدَةٌ، فَيَبْطُلُ بَعْدَهَا وَقَبْلَهَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ يُبْطِلُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ مَا يُبْطِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ
غَيْرُ مُنْعَكِسٍ فَلَا يُقَالُ مَا لَا يُبْطِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يُبْطِلُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لِانْتِقَاضِهِ بِالْقَبْضِ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ لَا الشَّرْطِ، وَهَلَاكُ بَعْضِ الْمَبِيعِ لَا يُبْطِلُ خِيَارَ الشَّرْطِ وَالْعَيْبِ وَيُبْطِلُ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ وَأَوْرَدَ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَلَى الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَلْيُطَالَعْ.
(وَكَفَتْ رُؤْيَةُ وَجْهِ الرَّقِيقِ) فِي سُقُوطِ الْخِيَارِ سَوَاءٌ كَانَ أَمَةً أَوْ عَبْدًا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الرَّقِيقِ وَجْهُهُ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَعْضَاءِ فِيهِ تَبَعٌ لِوَجْهِهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِيهِ تَتَفَاوَتُ بِتَفَاوُتِهِ مَعَ التَّسَاوِي فِي سَائِرِ الْأَعْضَاءِ.
(وَ) رُؤْيَةُ وَجْهِ (الدَّابَّةِ وَكَفَلِهَا) أَيْ لَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ بِرُؤْيَةِ وَجْهِهَا حَتَّى يَنْظُرَ إلَى كَفَلِهَا لِأَنَّهُ مَوْضِعٌ مَقْصُودٌ مِنْهُ كَالْوَجْهِ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَاكْتَفَى مُحَمَّدٌ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا اعْتِبَارًا بِالْآدَمِيِّ، وَشَرَطَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ رُؤْيَةَ الْقَوَائِمِ وَعَنْ الْإِمَامِ فِي الْبِرْذَوْنِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ يَكْفِي أَنْ يَرَى شَيْئًا مِنْهُ إلَّا الْحَافِرَ وَالذَّنَبَ وَالنَّاصِيَةَ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَفِي شَاةِ اللَّحْمِ) أَيْ الشَّاة الَّتِي لَحْمُهَا مَقْصُودٌ (لَا بُدَّ مِنْ الْجَسِّ) وَهُوَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِهِ اللَّحْمُ الْمَقْصُودُ (وَفِي شَاةِ الْقَنِيَّةِ) هِيَ الَّتِي تُحْبَسُ لِأَجْلِ النِّتَاجِ (لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الضَّرْعِ) لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا.
وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَلَوْ اشْتَرَى بَقَرَةً حَلُوبًا فَرَأَى كُلَّهَا وَلَمْ يَرَ ضَرْعَهَا فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّ الضَّرْعَ هُوَ الْمَقْصُودُ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ لَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى ضَرْعِهَا وَسَائِرِ جَسَدِهَا فَلْيُحْفَظْ. فَإِنَّ فِي بَعْضِ الْعِبَادَاتِ مَا يُوهِمُ الِاقْتِصَارَ عَلَى رُؤْيَةِ ضَرْعِهَا انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الضَّرْعِ مَعَ جَمِيعِ جَسَدِهَا كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ.
(وَرُؤْيَةُ ظَاهِرِ الثَّوْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا كَافِيَةٌ) لِأَنَّ بِرُؤْيَةِ ظَاهِرِهِ يُعْلَمُ حَالُ الْبَقِيَّةِ إذْ لَا تَتَفَاوَتُ أَطْرَافُ الثَّوْبِ الْوَاحِدِ إلَّا يَسِيرًا (وَرُؤْيَةُ عَلَمِهِ) كَافِيَةٌ (إنْ) كَانَ (مُعَلَّمًا) لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ تَتَفَاوَتُ بِحَسَبِ عَلَمِهِ أُطْلِقَ فِي هَذَا، لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَطْوِيًّا هَذَا إذَا لَمْ يُخَالِفْ بَاطِنُ الثَّوْبِ ظَاهِرَهُ أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْبَاطِنِ قِيلَ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ أَمَّا فِي عُرْفِنَا فَمَا لَمْ يَرَ الْبَاطِنَ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمِثْلِيٍّ فَلَا يُعْرَفُ كُلُّهُ بِدُونِ نَشْرِهِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ الْجَوَابُ عَلَى مَا قَالَ زُفَرُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَ زُفَرَ وَيُرَجِّحَهُ تَأَمَّلْ.
(وَرُؤْيَةُ دَاخِلِ الدَّارِ) كَافِيَةٌ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (لَمْ يُشَاهِدْ بُيُوتَهَا) عِنْدَ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ (وَعِنْدَ زُفَرَ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْبُيُوتِ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ (الْفَتْوَى الْيَوْمَ) قَالَ فِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ وَفِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ
إذَا رَأَى صَحْنَ الدَّارِ أَوْ خَارِجَهَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ لَكِنْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ فَإِنَّ دُورَهُمْ كَانَتْ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ لَا تَخْتَلِفُ وَذَلِكَ يَظْهَرُ بِرُؤْيَةِ خَارِجِهَا وَأَمَّا فِي زَمَانِنَا الْيَوْمَ فَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى دَاخِلِهَا لِتَفَاوُتِ بُيُوتُهَا وَمَرَافِقُهَا قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ فِي الدُّورِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي الدَّارِ بَيْتَانِ شَتْوِيَّانِ وَبَيْتَانِ صَيْفِيَّانِ فَتُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْكُلِّ مَعَ رُؤْيَةِ الصَّحْنِ فَلَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَطْبَخِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْعُلُوِّ إلَّا فِي بَلَدٍ يَكُونُ مَقْصُودًا وَبَعْضُهُمْ اشْتَرَطُوا رُؤْيَةَ الْكُلِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالْأَشْبَهُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي دِيَارِنَا.
وَفِي الْخِزَانَةِ أَنَّ الْفَتْوَى فِي بَيْتِ الْغَلَّةِ عَلَى أَنَّهُ تَكْفِي رُؤْيَةُ خَارِجِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَفَاوِتٍ وَتَكْفِي فِي الْبُسْتَانِ رُؤْيَةُ خَارِجِهِ وَرُءُوسُ أَشْجَارِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ قَالُوا لَا بُدَّ فِي الْبُسْتَانِ مِنْ رُؤْيَةِ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَفِي الْكَرْمِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ عِنَبِ الْكَرْمِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ شَيْئًا وَفِي الرُّمَّانِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْحُلْوِ وَالْحَامِضِ.
وَلَوْ اشْتَرَى دُهْنًا فِي زُجَاجَةٍ وَرُؤْيَتُهُ مِنْ خَارِجِ الزُّجَاجَةِ لَا تَكْفِي حَتَّى يَصُبَّهُ فِي كَفِّهِ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ الدُّهْنَ حَقِيقَةً لِوُجُودِ الْحَائِلِ.
وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى سَمَكًا فِي مَاءٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْ غَيْرِ اصْطِيَادٍ فَرَآهُ فِي الْمَاءِ فَرُؤْيَتُهُ لَا تَكْفِي عَلَى الصَّحِيحِ.
(وَإِنْ رَأَى بَعْضَ الْمَبِيعِ فَلَهُ الْخِيَارُ إذَا رَأَى بَاقِيَهُ) لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ يَكُونُ إلْزَامًا لِلْبَيْعِ فِيمَا لَمْ يَرَهُ وَأَنَّهُ خِلَافُ النَّصِّ وَكَذَا الْإِجَازَةُ فِي الْبَعْضِ لَا يَكُونُ إجَازَةٌ فِي الْكُلِّ وَلَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ فِي الْبَعْضِ وَرَدُّ الْبَاقِي كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (وَمَا يُعْرَضُ بِالنَّمُوذَجِ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ كَرُؤْيَةِ كُلِّهِ) .
وَفِي الِاخْتِيَارِ وَالْأَصْلُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَشْيَاءَ إنْ كَانَ مِنْ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهَا لَا يَسْقُطُ الْخِيَارُ إلَّا بِرُؤْيَةِ الْكُلِّ لِأَنَّهَا تَتَفَاوَتُ وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَهُوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِالنَّمُوذَجِ أَوْ مَعْدُودًا مُتَقَارِبًا كَالْجَوْزِ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ يُبْطِلُ الْخِيَارَ فِي كُلِّهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ الصِّفَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ وَعَلَيْهِ التَّعَارُفُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ أَرْدَأَ مِنْ النَّمُوذَجِ فَيَكُونُ لَهُ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مَغِيبًا تَحْتَ الْأَرْضِ كَالْبَصَلِ وَالثُّومِ بَعْدَ النَّبَاتِ إنْ عُرِفَ وُجُودُهُ تَحْتَ الْأَرْضِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا فَإِذَا بَاعَهُ ثُمَّ قَلَعَ مِنْهُ أُنْمُوذَجًا وَرَضِيَ بِهِ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ كَيْلًا كَالْبَصَلِ أَوْ وَزْنًا كَالْبَقْلِ بَطَلَ خِيَارُهُ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِلْحَاجَةِ وَجَرَيَانِ التَّعَامُلِ بِهِ وَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُبَاعُ عَدَدًا كَالْفُجْلِ فَرُؤْيَةُ بَعْضِهِ لَا تُسْقِطُ خِيَارَهُ لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَفِيمَا يُطْعَمُ لَا بُدَّ مِنْ الذَّوْقِ) لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ لِلْمَقْصُودِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُشَمُّ فَلَا بُدَّ مِنْ شَمِّهِ كَالْمِسْكِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجِيَّةِ اشْتَرَى نَافِجَةَ مِسْكٍ فَأَخْرَجَ الْمِسْكَ مِنْهَا لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ عَيْبًا ظَاهِرًا حَتَّى لَوْ لَمْ يُدْخِلْ، كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ جَمِيعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَنَظَرُ الْوَكِيلِ
بِالشِّرَاءِ أَوْ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْضِ الْمَبِيعِ (كَافٍ لَا نَظَرُ الرَّسُولِ) .
وَفِي الدُّرَرِ اعْلَمْ أَنَّ هُنَا وَكِيلًا بِالشِّرَاءِ وَوَكِيلًا بِالْقَبْضِ وَرَسُولًا. صُورَةُ التَّوْكِيلِ بِالشِّرَاءِ أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ كُنْ وَكِيلًا عَنِّي بِشِرَاءِ كَذَا أَوْ صُورَةُ التَّوْكِيلِ بِالْقَبْضِ أَنْ يَقُولَ كُنْ وَكِيلًا عَنِّي بِقَبْضِ مَا اشْتَرَيْته وَمَا رَأَيْته وَصُورَةُ الرِّسَالَةِ أَنْ يَقُولَ كُنْ رَسُولًا عَنِّي بِقَبْضِهِ فَرُؤْيَةُ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ تُسْقِطُ الْخِيَارَ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَرْجِعُ إلَيْهِ وَرُؤْيَةُ الْوَكِيلِ الثَّانِي تُسْقِطُ عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا قَبَضَهُ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ وَلَا لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا مِنْ عَيْبٍ وَأَمَّا إذَا قَبَضَهُ مَسْتُورًا ثُمَّ رَآهُ فَأَسْقَطَ الْخِيَارَ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ لِأَنَّهُ إذَا قُبِضَ مَسْتُورًا يَنْتَهِي التَّوْكِيلُ بِالْقَبْضِ النَّاقِصِ فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ قَصْدًا لِصَيْرُورَتِهِ أَجْنَبِيًّا بَلْ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ وَرُؤْيَةُ الرَّسُولِ لَا تُسْقِطُ الْخِيَارَ بِالْإِجْمَاعِ (وَعِنْدَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (هُوَ) أَيْ الرَّسُولُ (كَالْوَكِيلِ) .
وَفِي الْفَرَائِدِ هَذَا سَهْوٌ مِنْ قَلَمِ النَّاسِخِ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ وَعِنْدَهُمَا الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ كَالرَّسُولِ فِي عَدَمِ إسْقَاطِ رُؤْيَةِ الْخِيَارِ لِأَنَّ عَدَمَ إسْقَاطِ رُؤْيَةِ الرَّسُولِ الْخِيَارَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ إذَا قَبَضَهُ نَاظِرًا إلَيْهِ فَإِنَّ رُؤْيَتَهُ تُسْقِطُ الْخِيَارَ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ وَكِيلٌ بِإِتْمَامِ الْعَقْدِ وَتَمَامُهُ بِتَمَامِ الصَّفْقَةِ وَتَمَامُهَا بِسُقُوطِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ فَصَارَ قَبْضُهُ كَقَبْضِ الْمُوَكِّلِ مَعَ الرُّؤْيَةِ بِخِلَافِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ غَيْرُ نَائِبٍ عَنْ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ بِرُؤْيَةِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْقَبْضِ لَا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ فَلَا يَمْلِكُهُ مَا لَمْ يَصِرْ وَكِيلًا. وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا تَقْبَلُ الْإِصْلَاحَ أَصْلًا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْقَبْضِ كَالرَّسُولِ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَخْفَى فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ انْتَهَى. هَذَا ظَاهِرٌ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ وَعِنْدَهُمَا كَالْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ عِنْدَهُمَا أَيْ هُمَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ إسْقَاطِ رُؤْيَتِهِمَا الْخِيَارَ تَأَمَّلْ.
(وَبَيْعُ الْأَعْمَى وَشِرَاؤُهُ صَحِيحٌ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ لَا يَصِحُّ لَكِنْ لَا وَجْهَ لَهُ إذْ يَلْزَمُ أَنْ يَمُوتَ جُوعًا لَوْ لَمْ يَجِدْ وَكِيلًا بِشِرَاءِ مَا يُطْعَمُ بِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْأَعْمَى (الْخِيَارُ إذَا اشْتَرَى) لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ وَمَنْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَلَهُ الْخِيَارُ إذْ رَأَى بِالْحَدِيثِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام مَا لَمْ يَرَهُ سُلِبَ وَهُوَ يَقْتَضِي تَصَوُّرَ الْإِيجَابِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْبَصِيرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَدِلَّ بِمُعَامَلَةِ النَّاسِ الْعُمْيَانِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ بِمَنْزِلَةِ الْإِجْمَاعِ انْتَهَى لَكِنْ إنْ أَرَادَ بِتَصَوُّرِ الْإِيجَابِ وُقُوعَهُ فَغَيْرُ لَازِمٍ إذْ غَايَةُ كَوْنِ التَّقَابُلِ بَيْنَهُمَا تَقَابُلُ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ وَيَكْفِي فِيهَا إمْكَانُ الرُّؤْيَةِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ وَذَلِكَ يَتَحَقَّقُ بِالْآدَمِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ دَائِمًا فَيَنْدَفِعُ بِهِ النَّظَرُ (وَيَسْقُطُ بِجَسِّهِ) أَيْ بِجَسِّ الْأَعْمَى (الْمَبِيعَ) إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِالْجَسِّ كَالْغَنَمِ مَثَلًا (أَوْ شَمِّهِ) إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِالشَّمِّ كَالْمِسْكِ
(أَوْ ذَوْقِهِ) إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِالذَّوْقِ كَالْعَسَلِ (فِيمَا يُعْرَفُ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْجَسِّ أَوْ بِالشَّمِّ أَوْ بِالذَّوْقِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ لِأَنَّ هَذِهِ تُفِيدُ الْعِلْمَ كَالْبَصِيرِ فَيَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ (وَبِوَصْفِ الْعَقَارِ لَهُ) أَيْ لِلْأَعْمَى لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ إلَّا بِهِ حَتَّى يَسْقُطَ خِيَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ اشْتَرَطَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُوقَفَ فِي مَكَان لَوْ كَانَ بَصِيرًا لَرَآهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ يُوَكِّلُ وَكِيلًا لِقَبْضِهِ لَهُ وَهُوَ يَرَاهُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِقَوْلِ الْإِمَامِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ بَلْخِي يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمَسِّ الْحِيطَانِ وَالْأَشْجَارِ مَعَ الْوَصْفِ وَإِنْ أَبْصَرَ بَعْدَ الْوَصْفِ وَبَعْدَمَا وَجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى فَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَمَّ وَلَوْ اشْتَرَى الْبَصِيرُ ثُمَّ عَمِيَ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ انْتَقَلَ إلَى الْوَصْفِ لِوُجُودِ الْعَجْزِ قَبْلَ الْعِلْمِ هَذَا كُلُّهُ إذَا وُجِدَتْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الشَّمِّ وَالذَّوْقِ وَالْجَسِّ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَعْمَى قَبْلَ شِرَائِهِ وَلَوْ وُجِدَتْ بَعْدَهُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ بِالْمَذْكُورَاتِ فَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَى مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فِي الصَّحِيحِ.
(وَمَنْ رَأَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ فَشَرَاهُمَا ثُمَّ رَأَى) الثَّوْبَ (الْآخَرَ) فَوَجَدَهُ (مَعِيبًا فَلَهُ أَخْذُهُمَا أَوْ رَدُّهُمَا) أَيْ رَدُّ الثَّوْبَيْنِ إنْ شَاءَ لِأَنَّ رُؤْيَةَ أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ رُؤْيَةَ الْآخَرِ لِلتَّفَاوُتِ فِي الثِّيَابِ فَيَبْقَى الْخِيَارُ فِيمَا لَمْ يَرَهُ (لَا رَدُّ أَحَدِهِمَا) أَيْ لَا رَدُّ الْمَعِيبِ وَحْدَهُ لِئَلَّا يَكُونَ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتِمُّ مَعَ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ إنْ قَبَضَهُ مَسْتُورًا وَلِهَذَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَلَا رِضًى فَيَكُونُ فَسْخًا مِنْ الْأَصْلِ.
(وَمَنْ رَأَى شَيْئًا) قَاصِدًا لِشِرَائِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَرْئِيَّةٌ وَقْتَ الشِّرَاءِ (ثُمَّ شَرَاهُ) بَعْدَ زَمَانٍ (فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا تَخَيَّرَ) لِأَنَّ تِلْكَ الرُّؤْيَةَ لَمْ تَقَعْ مُعَلَّمَةً بِأَوْصَافِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ الصِّفَةِ الَّتِي رَآهَا عَلَيْهَا (فَلَا) يَتَخَيَّرُ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْمَبِيعِ قَدْ حَصَلَ بِالرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ وَقَدْ رَضِيَ بِهِ مَا دَامَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا قَاصِدًا لِشِرَائِهِ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ رَآهُ لَا لِقَصْدِ الشِّرَاءِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ إذَا رَأَى لَا لِقَصْدِ الشِّرَاءِ لَا يَتَأَمَّلُ كُلَّ التَّأَمُّلِ فَلَمْ يَقَعْ مَعْرِفَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا عَالِمًا بِأَنَّهُ مَرْئِيَّةٌ وَقْتَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ رَآهُ مِنْ قَبْلُ فَحِينَئِذٍ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ الرِّضَى بِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ فَعَلَى هَذَا إنَّ الْمُصَنِّفَ لَوْ قَيَّدَ بِهَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ كَمَا فِي قَيْدِنَا لَكَانَ أَوْلَى تَأَمَّلْ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِهِ) فَقَالَ الْمُشْتَرِي قَدْ تَغَيَّرَ وَقَالَ الْبَائِعُ لَمْ يَتَغَيَّرْ (فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ) مَعَ يَمِينِهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ التَّغَيُّرَ حَادِثٌ وَسَبَبُ اللُّزُومِ ظَاهِرٌ هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ قَرِيبَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ بَعِيدَةً فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لَهُ.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّغَيُّرِ إلَّا بِحُجَّةٍ إلَّا أَنْ تَطُولَ وَالشَّهْرُ طَوِيلٌ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ.
وَفِي الْفَتْحِ جَعْلُ الشَّهْرِ قَلِيلًا (وَإِنْ) اخْتَلَفَا (فِي الرُّؤْيَةِ) فَقَالَ الْبَائِعُ لَهُ رَأَيْت قَبْلَ