الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْقَتْلِ وَنَحْوِهِمَا لِانْعِدَامِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْأَطْرَافِ عِنْدَنَا لِأَنَّهَا يُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ فَيَثْبُتُ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فِي الْقِيمَةِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اعْتِبَارًا لِلْأَطْرَافِ بِالْعَكْسِ لِكَوْنِهَا تَابِعَةً لَهَا (وَلَا فِي قَطْعِ يَدٍ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ) لِمَا سَلَفَ مِنْ عَدَمِ إمْكَانِ الْمُمَاثَلَةِ (وَلَا) قِصَاصَ (فِي جَائِفَةٍ بَرِئَتْ) وَالْجَائِفَةُ هِيَ الطَّعْنَةُ الَّتِي بَلَغَتْ الْجَوْفَ وَإِنَّمَا قَالَ بَرِئَتْ لِأَنَّ الْبُرْءَ فِيهَا نَادِرٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَ يُفْضِي إلَى الْهَلَاكِ فَلَا يُمْكِنُ رِعَايَةُ الْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْرَأْ فَإِنَّهَا إمَّا سَارِيَةٌ فَيَجِبُ الِاقْتِصَاصُ وَإِمَّا أَنْ لَا تَسْرِيَ بَعْدُ فَيُنْتَظَرُ إلَى أَنْ يَظْهَرَ الْحَالُ مِنْ الْبُرْءِ أَوْ السِّرَايَةِ.
(وَلَا) قِصَاصَ (فِي) قَطْعِ (اللِّسَانِ وَلَا فِي الذَّكَرِ) عِنْدَنَا حَيْثُ يَجْرِي فِيهِمَا الِانْقِبَاضُ وَالِانْبِسَاطُ فَلَا يُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الِاسْتِيفَاءِ (إلَّا إنْ قُطِعَتْ الْحَشَفَةُ فَقَطْ) فَحِينَئِذٍ يُقْتَصُّ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ مَعْلُومٌ فَصَارَ كَالْمَفْصِلِ وَلَوْ قَطَعَ بَعْضَ الْحَشَفَةِ أَوْ بَعْضَ الذَّكَرِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْبَعْضَ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ وَالشَّفَةُ إنْ اسْتَقْصَاهَا بِالْقَطْعِ يَجِبُ الْقِصَاصُ لِإِمْكَانِهِ اعْتِبَارَ الْمُسَاوَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ بَعْضَهُمَا لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ اعْتِبَارُهَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ قَطَعَ مِنْ الْأَصْلِ يُقْتَصُّ لِإِمْكَانِ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ.
(وَطَرَفُ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ سَوَاءٌ) لِلتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْأَرْشِ (وَخُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ لَوْ كَانَتْ يَدُ الْقَاطِعِ شَلَّاءَ أَوْ نَاقِصَةَ الْأَصَابِعِ) لِتَعَذُّرِ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِكَمَالِهِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِدُونِ حَقِّهِ فِي الْقَطْعِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْأَرْشَ كَامِلًا كَمَنْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا لِإِنْسَانٍ فَانْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا الرَّدِيُّ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَوْجُودَ نَاقِصًا وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ ثُمَّ إذَا اسْتَوْفَى الْقِصَاصَ سَقَطَ حَقُّهُ فِي الزِّيَادَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُضَمِّنُهُ النُّقْصَانَ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ فَلْيُطَالَعْ (أَوْ) كَانَ (رَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ بِحَيْثُ لَا تَسْتَوْعِبُ الشَّجَّةَ مَا بَيْنَ قَرْنَيْهِ) أَيْ مَا بَيْنَ نَاحِيَتَيْ رَأْسِهِ (وَقَدْ اسْتَوْعَبَتْ) الشَّجَّةُ (مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الْمَشْجُوجِ) فَقَوْلُهُ لَا تَسْتَوْعِبُ إلَى آخِرِهِ قَيْدٌ لِكَوْنِ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ أَكْبَرَ فَإِنَّ الشَّجَّةَ إنَّمَا كَانَتْ مُوجِبَةً لِكَوْنِهَا مُشِينَةً فَيَتَعَذَّرُ الِاسْتِيفَاءُ كَامِلًا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَشْجُوجِ أَكْبَرَ وَرَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الشَّيْنِ فَيُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْشَهَا وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الزِّيَادَةِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ وَرَأْسُ الْمَشْجُوجِ أَصْغَرَ فَإِنَّ الشَّيْنَ يَزْدَادُ بِازْدِيَادِ الشَّجَّةِ فَيَزِيدُ بِالِاسْتِيفَاءِ عَلَى فِعْلِهِ وَبِاسْتِيفَاءِ قَدْرِ حَقِّهِ لَا يَلْحَقُ الشَّاجَّ مِنْ الشَّيْنِ مَا يَلْحَقُ الْمَشْجُوجَ فَلِهَذَا قُلْنَا بِالْخِيَارِ.
[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]
فَصَلِّ لَمَّا كَانَ سُقُوطُ الْقِصَاصِ وَالصُّلْحُ عَنْهُ بَعْدَ تَحْقِيقِ الْجِنَايَةِ وَأَحْكَامِهَا عَقَدَ هَذَا
الْفَصْلَ لِذَلِكَ لِتَمَيُّزِ مَسَائِلِهِ عَمَّا سَبَقَ بَيَانُهُ مِنْ الْجِنَايَاتِ بِأَنْوَاعِهَا فَقَالَ (وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِمَوْتِ الْقَاتِلِ) لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ (وَبِعَفْوِ الْأَوْلِيَاءِ وَبِصُلْحِهِمْ عَلَى مَالٍ وَإِنْ قَلَّ) الْمَالُ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ فَيَجُوزُ تَصَرُّفُهُمْ فِيهِ كَيْفَ شَاءُوا (وَيَجِبُ) الْمَالُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ (حَالًّا) يَعْنِي إذَا صَالَحَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى مَالٍ عَنْ الْقِصَاصِ وَجَبَ الْمَالُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا حَالًّا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا الْحُلُولَ وَالتَّأْجِيلَ لِأَنَّهُ مَالٌ وَاجِبٌ بِالْعَقْدِ وَالْأَصْلُ فِي أَمْثَالِهِ الْحُلُولُ كَالْمَهْرِ وَالثَّمَنِ وَمَشْرُوعِيَّةُ الصُّلْحِ ثَابِتَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} [البقرة: 178] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الصُّلْحِ وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذُوا الْمَالَ وَبَيْنَ أَنْ يَقْتُلُوا» فَالْمُرَادُ أَخْذُ الْمَالِ بِرِضَى الْقَاتِلِ وَهُوَ مَعْنَى الصُّلْحِ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لِلْأَوْلِيَاءِ يَجُوزُ لَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِإِسْقَاطِهِ مَجَّانًا وَهُوَ الْعَفْوُ وَبِعِوَضٍ وَهُوَ مَعْنَى الصُّلْحِ بِخِلَافِ حَدِّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَجْرِي فِيهِ الْعَفْوُ فَكَذَا التَّعْوِيضُ وَإِنَّمَا كَانَ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ فِيهِ سَوَاءً لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا فَيُفَوَّضُ إلَى رِضَاهُمَا كَالْخُلْعِ وَبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَالْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ بِأَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ مُقَدَّرٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] فَيَكُونُ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْهُ رِبًا.
(وَ) يَسْقُطُ الْقِصَاصُ (بِصُلْحِ بَعْضِهِمْ) أَيْ الْأَوْلِيَاءِ (أَوْ عَفْوِهِ) أَيْ الْبَعْضِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي نَصِيبِهِ اسْتِيفَاءً وَإِسْقَاطًا بِالْعَفْوِ أَوْ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي خَالِصِ حَقِّهِ وَمِنْ ضَرُورَةِ سُقُوطِ حَقِّ الْبَعْضِ فِي الْقِصَاصِ سُقُوطُ حَقِّ الْبَاقِينَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ فَعَفَا أَوْلِيَاءُ أَحَدِهِمَا حَيْثُ يَكُونُ لِأَوْلِيَاءِ الْآخَرِ قَتْلُهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ قِصَاصَانِ لِاخْتِلَافِ الْقَتْلِ وَالْمَقْتُولِ فَبِسُقُوطِ أَحَدِهِمَا لَا يَسْقُطُ الْآخَرُ.
(وَلِمَنْ بَقِيَ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى الْقَاتِلِ هُوَ الصَّحِيحُ) لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْقِصَاصِ تَعَذَّرَ لِمَعْنًى فِي الْقَاتِلِ وَهُوَ ثُبُوتُ عِصْمَتِهِ بِعَفْوِ الْبَعْضِ فَيَجِبُ الْمَالُ كَمَا فِي الْخَطَأِ فَإِنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْقِصَاصِ ثَمَّةَ لِمَعْنًى فِي الْقَاتِلِ وَهُوَ كَوْنُهُ خَاطِئًا وَلَا حِصَّةَ لِلْعَافِي لِإِسْقَاطِ حَقِّهِ (وَقِيلَ عَلَى الْعَاقِلَةِ) وَالصَّحِيحُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْقَتْلَ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَتَحَمَّلُ الْعَمْدَ.
(وَلَوْ قَتَلَ حُرٌّ وَعَبْدٌ شَخْصًا فَأَمَرَ الْحُرُّ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ رَجُلًا بِالصُّلْحِ عَنْ دَمِهِمَا بِأَلْفٍ فَصَالَحَ فَهِيَ نِصْفَانِ) يَعْنِي إذَا قَتَلَ حُرٌّ وَعَبْدٌ رَجُلًا عَمْدًا حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِمَا الدَّمُ فَأَمَرَ الْحُرُّ وَمَوْلَى الْعَبْدِ رَجُلًا أَنْ يُصَالِحَ عَنْ دَمِهِمَا عَلَى أَلْفٍ فَفَعَلَ فَالْأَلْفُ عَلَى الْحُرِّ وَمَوْلَى الْعَبْدِ نِصْفَانِ لِأَنَّهُ مُقَابَلٌ بِالْقِصَاصِ وَهُوَ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ فَيُقْسَمُ بَدَلُهُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ.
وَلِأَنَّ الْأَلْفَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ وَهُوَ مُضَافٌ إلَيْهِمَا فَيَتَنَصَّفُ مُوجَبُهُ وَهُوَ الْأَلْفُ.
(وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِالْفَرْدِ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُقْتَلُ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَتَرْكُ الْقِيَاسِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - رُوِيَ أَنَّ سَبْعَةً مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ قَتَلُوا وَاحِدًا فَقَتَلَهُمْ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَالَ لَوْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ وَلِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ لَا يَتَجَزَّأُ وَاشْتِرَاكَ الْجَمَاعَةِ فِيمَا لَا يَتَجَزَّأُ يُوجِبُ التَّكَامُلَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُضَافُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَامِلًا كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ كَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ فِي بَابِ النِّكَاحِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمَتْنِ مِنْ قَيْدَانِ يُجْرَحُ كُلُّ وَاحِدٍ جَرْحًا مُهْلِكًا لِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ يَتَحَقَّقُ بِالْمُسَاوَاةِ فِيهِ كَمَا فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ لِلشَّيْخِ قَاسِمٍ حَتَّى إذَا لَمْ يُجْرَحْ كُلُّ وَاحِدٍ جُرْحًا مُهْلِكًا لَا يُقْتَلُ قَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي الْمُجْتَبَى إنَّمَا يُقْتَلُ جَمِيعُهُمْ إذَا وُجِدَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جُرْحٌ يَصْلُحُ لِزَهُوقِ الرُّوحِ فَأَمَّا إذَا كَانُوا نُظَّارَةً أَوْ مُغْرِيِّينَ أَوْ مُعِينِينَ بِالْإِمْسَاكِ وَالْأَخْذِ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِمْ انْتَهَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ فِي تَعْلِيلِ وُجُوبِ قَتْلِ الْجَمْعِ بِالْفَرْدِ لِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ لَا يَتَجَزَّأُ وَاشْتِرَاكَ الْجَمَاعَةِ فِيمَا لَا يَتَجَزَّأُ يُوجِبُ التَّكَامُلَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَيُضَافُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ.
(وَ) يُقْتَلُ (الْفَرْدُ بِالْجَمْعِ اكْتِفَاءً إنْ حَضَرَ أَوْلِيَاؤُهُمْ) أَيْ يُكْتَفَى بِقَتْلِ الْفَرْدِ حَيْثُ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ يُقْتَلُ بِالْأَوَّلِ وَيَجِبُ الْمَالُ لِلْبَاقِينَ إنْ عُلِمَ أَوَّلُ مَنْ قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَوَّلُ الْمَقْتُولِينَ يُقْتَلُ لَهُمْ وَقُسِمَتْ الدِّيَاتُ بَيْنَهُمْ وَقِيلَ يُقْرَعُ فَيُقْتَلُ لِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ فَيَجِبُ الْمَالُ لِلْبَاقِينَ.
(وَإِنْ حَضَرَ وَاحِدٌ) مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (قُتِلَ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْوَاحِدِ الْحَاضِرِ (وَسَقَطَ حَقُّ) أَوْلِيَاءِ (الْبَقِيَّةِ) وَهُوَ الْقِصَاصُ عِنْدَنَا لِفَوَاتِ الْمَحِلِّ فَصَارَ كَمَوْتِ الْعَبْدِ الْجَانِي.
(وَلَا تُقْطَعُ يَدَانِ بِيَدٍ وَإِنْ أَمَرَّا سِكِّينًا فَقُطِعَا مَعًا بَلْ يَضْمَنَانِ دِيَتَهَا) يَعْنِي لَا تُقْطَعُ يَدَا رَجُلَيْنِ بِيَدِ رَجُلٍ أَمَرَّا سِكِّينًا وَاحِدًا عَلَى يَدٍ فَقُطِعَتْ وَضَمِنَا دِيَةً وَاحِدَةً عَلَى الْمُنَاصَفَةِ عِنْدَنَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَاطِعٌ بَعْضَ الْيَدِ فَلَا مُمَاثَلَةَ لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ حَصَلَ بِاعْتِمَادِ يَدَيْهِمَا عَلَى السِّكِّينِ عِنْدَ الْإِمْرَارِ وَالْمَحِلُّ مُتَجَزٍّ فَيُضَافُ الْبَعْضُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِخِلَافِ النَّفْسِ لِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ لَا يَتَجَزَّأُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْطَعُ يَدَاهُمَا قِيَاسًا بِالْأَنْفُسِ لِكَوْنِ الطَّرَفِ تَابِعًا لَهَا أَوْ زَجْرًا لَهُمَا وَقِيلَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْطَعُ يَدُ أَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ وَعَلَى الْآخَرِ الدِّيَةُ قِيلَ لَوْ وَضَعَ أَحَدُهُمَا السِّكِّينَ مِنْ جَانِبٍ وَالْآخَرُ وَضَعَ السِّكِّينَ الْآخَرَ مِنْ جَانِبٍ وَأَمَرَا حَتَّى الْتَقَى السِّكِّينَانِ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَاطِعٌ لِلْبَعْضِ.
(فَإِنْ قَطَعَ رَجُلٌ يَمِينَيْ رَجُلَيْنِ) سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ (فَلَهُمَا قَطْعُ يَمِينِهِ وَدِيَةُ يَدٍ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ نِصْفُ دِيَةِ النَّفْسِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ (إنْ حَضَرَا مَعًا) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَرْعِيَّةٌ بِالْقِيمَةِ فِي الْأَطْرَافِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ.