المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

مِمَّا يُتَكَلَّفُ وَيُحْتَاطُ فِي ثُبُوتِهِ. (وَ) الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ (الصُّلْحُ عَنْ دَمِ - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: مِمَّا يُتَكَلَّفُ وَيُحْتَاطُ فِي ثُبُوتِهِ. (وَ) الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ (الصُّلْحُ عَنْ دَمِ

مِمَّا يُتَكَلَّفُ وَيُحْتَاطُ فِي ثُبُوتِهِ.

(وَ) الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ (الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) بِأَنْ صَالَحَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ عَمْدًا الْقَاتِلَ عَلَى شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ أَوْ يُهْدِيَ إلَيْهِ شَيْئًا فَإِنَّ الصُّلْحَ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ وَيَسْقُطُ الدَّمُ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِسْقَاطَاتِ، وَلَا يَحْتَمِلُ الشَّرْطَ وَكَذَا الْإِبْرَاءُ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ اكْتِفَاءً بِهِ (وَ) الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ (الْجِرَاحَةُ) بِأَنْ صَالَحَ عَنْهَا بِشَرْطِ إقْرَاضِ شَيْءٍ أَوْ إهْدَائِهِ.

وَقَيَّدَ صَاحِبُ الدُّرَرِ بِاَلَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ فَإِنَّ الصُّلْحَ إذَا كَانَ عَنْ الْجِرَاحَةِ الَّتِي فِيهَا الْأَرْشُ كَانَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَكَذَا إذَا كَانَ عَنْ الْقَتْلِ الْخَطَأِ يَكُونُ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.

(وَ) الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ (عَقْدُ الذِّمَّةِ) بِأَنْ قَالَ الْإِمَامُ لِحَرْبِيٍّ يَطْلُبُ عَقْدَ الذِّمَّةِ: ضَرَبْتُ عَلَيْك الْجِزْيَةَ إنْ شَاءَ فُلَانٌ مَثَلًا فَإِنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ كَمَا لَا يَخْفَى مِثَالٌ لِتَعْلِيقِ عَقْدِ الذِّمَّةِ بِالشَّرْطِ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ اعْتَرَضَ الْعَيْنِيَّ مِرَارًا فَغَفَلَ عَنْهُ. تَأَمَّلْ (وَ) الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ (تَعْلِيقُ الرَّدِّ بِعَيْبٍ) بِأَنْ يُقَالَ: إنْ وَجَدْت بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَرُدُّهُ عَلَيْك إنْ شَاءَ فُلَانٌ مَثَلًا (أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ) وَهُوَ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ أَيْ، وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِهِ بِأَنْ قَالَ مَنْ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ: رَدَدْتُ الْبَيْعَ أَوْ قَالَ أَسْقَطْتُ خِيَارِي إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَفِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بَاطِلٌ وَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ، وَفِي خِيَارِ الشَّرْطِ صَحَّ مَا شُرِطَ، وَمَثَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يُقَالَ: إنْ لَمْ أَرُدَّ هَذَا الثَّوْبَ الْمَعِيبَ الْيَوْمَ عَلَيْك فَقَدْ رَضِيتُ بِالْعَيْبِ، وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ لَوْ قَالَ: أَبْطَلْت خِيَارِي إذَا جَاءَ غَدٌ انْتَهَى وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ بَطَلَ خِيَارُهُ إذَا جَاءَ غَدٌ، فَقَوْلُ صَاحِبِ الْبَحْرِ يَبْطُلُ الشَّرْطُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، تَدَبَّرْ.

(وَ) السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ (عَزْلُ الْقَاضِي) بِأَنْ قَالَ الْخَلِيفَةُ: لِلْقَاضِي عَزَلْتُك عَنْ الْقَضَاءِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يَنْعَزِلُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ كَمَا فِي الْبَحْرِ لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا مِثَالٌ لِلتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ مَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ وَمَا لَا تَصِحُّ، وَاقْتَصَرَ مِنْ الْقَاعِدَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لَكِنْ قَالَ فِي التَّنْوِيرِ: وَالْغَرَرُ وَمَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ: الْإِجَارَةُ، وَفَسْخُهَا، وَالْمُزَارَعَةُ، وَالْمُعَامَلَةُ، وَالْمُضَارَبَةُ، وَالْوَكَالَةُ، وَالْكَفَالَةُ، وَالْإِيصَاءُ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ، وَالْقَضَاءُ، وَالْإِمَارَةُ، وَالطَّلَاقُ، وَالْعَتَاقُ، وَالْوَقْفُ، وَمَا لَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ عَشَرَةٌ الْبَيْعُ، وَإِجَارَتُهُ، وَفَسْخُهُ، وَالْقِسْمَةُ، وَالشَّرِكَةُ، وَالْهِبَةُ، وَالنِّكَاحُ، وَالرَّجْعَةُ، وَالصُّلْحُ عَنْ مَالٍ، وَالْإِبْرَاءُ عَنْ الدَّيْنِ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَمْلِيكَاتٌ فَلَا تَجُوزُ إضَافَتُهَا إلَى الزَّمَانِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْقِمَارِ.

[كِتَاب الصَّرْف]

ص: 115

وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ بِالْبَيْعِ وَتَأْخِيرِهِ ظَاهِرٌ (هُوَ) لُغَةً النَّقْلُ وَالزِّيَادَةُ وَشَرْعًا هُوَ (بَيْعُ ثَمَنٍ بِثَمَنٍ) أَيْ مَا خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ (تَجَانُسًا) كَبَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ (أَوْ لَا) كَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ، وَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِنَا مَا خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ بَيْعُ الْمَصُوغِ بِالْمَصُوغِ أَوْ بِالنَّقْدِ، فَإِنَّ الْمَصُوغَ بِسَبَبِ مَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الصَّنْعَةِ لَمْ يَبْقَ ثَمَنًا صَرِيحًا وَلِهَذَا يَتَعَيَّنُ فِي الْعَقْدِ، وَمَعَ ذَلِكَ بَيْعُهُ صَرْفٌ لِأَنَّهُ خُلِقَ لِلثَّمَنِيَّةِ.

(وَشُرِطَ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّرْفِ أَيْ شَرْطُ بَقَائِهِ عَلَى الصِّحَّةِ لَا شَرْطُ انْعِقَادِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (التَّقَابُضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ) بِالْأَبْدَانِ حَتَّى لَوْ قَامَا وَذَهَبَا مَعًا فَرْسَخًا مَثَلًا فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ تَقَابَضَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ صَحَّ، وَكَذَا لَوْ طَالَ قُعُودُهُمَا فِي مَجْلِسِ الصَّرْفِ أَوْ نَامَا أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِمَا فِيهِ، ثُمَّ تَقَابَضَا، بِخِلَافِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ إذْ التَّخْيِيرُ تَمْلِيكٌ فَيَبْطُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ وَالْقِيَامُ دَلِيلُهُ، وَالْمُعْتَبَرُ افْتِرَاقُ الْعَاقِدَيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ دَيْنٌ فَأَرْسَلَ رَسُولًا فَقَالَ: بِعْتُك الدَّنَانِيرَ الَّتِي لِي عَلَيْك بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي لَك عَلَيَّ، وَقَالَ: قَبِلْتُ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُرْسِلِ لَا بِالرَّسُولِ وَكَذَا لَوْ نَادَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَادَاهُ مِنْ بَعِيدٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُمَا مُتَفَرِّقَانِ بِأَبْدَانِهِمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَصَحَّ بَيْعُ الْجِنْسِ بِغَيْرِهِ) يَعْنِي الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ أَوْ بِالْعَكْسِ (مُجَازَفَةً وَبِفَضْلٍ) إنْ تَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ هُوَ الْقَبْضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ دُونَ التَّسْوِيَةِ فَلَا يَضُرُّهُ الْجُزَافُ وَلَوْ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ، وَالْمُرَادُ بِالْقَبْضِ الْقَبْضُ بِالْبَرَاجِمِ لَا بِالتَّخْلِيَةِ (لَا بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ الْجِنْسِ (بِجِنْسِهِ) لَا مُجَازَفَةً وَلَا بِفَضْلٍ (إلَّا مُتَسَاوِيًا) لِمَا مَرَّ فِي الرِّبَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ» ، وَالْفَضْلُ رِبًا وَفِي الْمُجَازَفَةِ احْتِمَالُ الرِّبَا فَلَا يَجُوزُ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَصِيَاغَةً) لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي الْأَوْصَافِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ» وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَالْمَصُوغِ وَالتِّبْرِ أَوْ لَا يَتَعَيَّنَانِ كَالْمَضْرُوبِ، أَوْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ.

وَفِي الْبَحْرِ إذَا بَاعَ دِرْهَمًا كَبِيرًا بِدِرْهَمٍ صَغِيرٍ أَوْ دِرْهَمًا جَيِّدًا بِدِرْهَمٍ رَدِيءٍ يَجُوزُ لِأَنَّ لَهُمَا فِيهِ غَرَضًا صَحِيحًا، ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ بِيعَ) الْجِنْسُ بِالْجِنْسِ (مُجَازَفَةً، ثُمَّ عُلِمَ التَّسَاوِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ) وَإِلَّا فَلَا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا فَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا لَكِنَّهُمْ اسْتَحْسَنُوا جَوَازَهُ لِأَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ.

وَقَالَ زُفَرُ إذَا عُرِفَ التَّسَاوِي بِالْوَزْنِ جَازَ سَوَاءٌ

ص: 116

كَانَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: بِيعَ الْجِنْسُ بِالْجِنْسِ لِأَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِيهِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ: لَوْ بَاعَ الْجِنْسَ بِالْجِنْسِ مُجَازَفَةً فَإِنْ عَلِمَا تَسَاوِيَهُمَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ صَحَّ، وَبَعْدَهُ لَا، عَلَى أَنَّ مَسْأَلَةَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ قَدْ تَقَدَّمَتْ آنِفًا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّكْرَارِ، فَعَلَى هَذَا ظَهَرَ فَسَادُ مَا قِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ فَإِنْ بِيعَ أَيْ الذَّهَبُ بِالْفِضَّةِ مُجَازَفَةً، ثُمَّ عُلِمَ التَّسَاوِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، تَدَبَّرْ.

(وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ) إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهَذَا الْقَدْرُ يَكْفِي فِي سَلْبِ الْجَوَازِ لِأَنَّ الشُّبُهَاتِ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ، ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ بَاعَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَاشْتَرَى بِهَا) أَيْ بِالْفِضَّةِ (ثَوْبًا قَبْلَ قَبْضِهَا فَسَدَ بَيْعُ الثَّوْبِ) لِفَوَاتِ الْقَبْضِ الْوَاجِبِ فِي بَدَلَيْ الصَّرْفِ، وَلِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الصَّرْفِ مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ، وَالتَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ عَدَمَ الْأَوْلَوِيَّةِ فَإِنَّ مَا دَخَلَهُ الْبَاءُ أَوْلَى بِالثَّمَنِيَّةِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْأَثْمَانِ الْجَعْلِيَّةِ لَا فِي الْأَثْمَانِ خِلْقِيَّةً، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي جَوَازَهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ زُفَرَ.

(وَلَوْ اشْتَرَى أَمَةً تُسَاوِي أَلْفًا مَعَ طَوْقٍ) مِنْ فِضَّةٍ (قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتَرَى (وَنَقَدَ) الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ أَلْفًا (فَهُوَ ثَمَنُ الطَّوْقِ) لِأَنَّ قَبْضَ ثَمَنِ الصَّرْفِ وَاجِبٌ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَقَبْضَ ثَمَنِ الْأَمَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَالظَّاهِرُ هُوَ الْإِتْيَانُ بِالْوَاجِبِ.

(وَلَوْ اشْتَرَاهَا) أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي مَعَهَا طَوْقٌ (بِأَلْفَيْنِ أَلْفٍ نَقْدٍ وَأَلْفٍ نَسِيئَةٍ فَالنَّقْدُ ثَمَنُ الطَّوْقِ) لِأَنَّ التَّأْجِيلَ فِي الصَّرْفِ بَاطِلٌ، وَفِي الْمَبِيعِ جَائِزٌ فَيُصْرَفُ الْأَجَلُ إلَى الْأَمَةِ دُونَ الطَّوْقِ؛ إذْ الْمُبَاشَرَةُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ لَا عَلَى وَجْهِ الْبُطْلَانِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفَيْنِ نَسِيئَةً فَسَدَ فِي الْكُلِّ قَيَّدَ بِتَأْجِيلِ الْبَعْضِ لِأَنَّهُ لَوْ أُجِّلَ الْكُلُّ فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَا يَفْسُدُ فِي الطَّوْقِ دُونَ الْأَمَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَإِنْ اشْتَرَى سَيْفًا حِلْيَتُهُ خَمْسُونَ) أَيْ تُسَاوِي خَمْسِينَ دِرْهَمًا (بِمِائَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِاشْتَرَى (وَنَقَدَ خَمْسِينَ فَهِيَ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ، وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يُبَيِّنْ) الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْحِلْيَةِ لِأَنَّ حِصَّةَ الْحِلْيَةِ يَجِبُ قَبْضُهَا فِي الْمَجْلِسِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْوَاجِبَ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ وَلَمْ يَنْوِهِ (أَوْ قَالَ هِيَ مِنْ ثَمَنِهِمَا) لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُشْتَرِي " خُذْ هَذَا مِنْ ثَمَنِهِمَا ": خُذْ بَعْضًا مِنْ ثَمَنِ مَجْمُوعِهِمَا، وَثَمَنُ الْحِلْيَةِ بَعْضُ ثَمَنِ الْمَجْمُوعِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ طَلَبًا لِلْجَوَازِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ خُذْ هَذَا عَلَى أَنَّهُ ثَمَنُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَيْسَ الْحَالُ كَذَلِكَ، فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ الِاثْنَيْنِ، وَإِرَادَةِ الْوَاحِدِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {نَسِيَا حُوتَهُمَا} [الكهف: 61] وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وَالْمُرَادُ أَحَدُهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْمَفْعُولَ بِهِ لِلْإِمْكَانِ، وَهُنَا صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يُبَيِّنَ وَيَقُولَ: خُذْ هَذَا، نِصْفُهُ مِنْ ثَمَنِ الْحِلْيَةِ وَنِصْفُهُ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَجْعَلَ الْكُلَّ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ، وَفِيهِمَا يَكُونُ الْمَقْبُوضُ ثَمَنَ الْحِلْيَةِ لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَيُجْعَلُ عَنْ الْحِلْيَةِ لِحُصُولِ مُرَادِهِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.

وَفِي الْبَحْرِ وَفِي الْمِعْرَاجِ مَعْزِيًّا

ص: 117

إلَى الْمَبْسُوطِ: لَوْ قَالَ خُذْ هَذِهِ الْخَمْسِينَ مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ خَاصَّةً وَقَالَ الْآخَرُ نَعَمْ أَوْ قَالَ لَا وَتَفَرَّقَا عَلَى ذَلِكَ انْتَقَضَ الْبَيْعُ فِي الْحِلْيَةِ لِأَنَّ التَّرَجُّحَ بِالِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْعَقْدِ أَوْ الْإِضَافَةِ، وَلَا مُسَاوَاةَ بَعْدَ تَصْرِيحِ الدَّافِعِ بِكَوْنِ الْمَدْفُوعِ بِثَمَنِ السَّيْفِ خَاصَّةً، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُمَلِّكُ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي بَيَانِ جِهَتِهِ.

وَفِي السِّرَاجِ لَوْ قَالَ: هَذَا الَّذِي عَجَّلْته حِصَّةُ السَّيْفِ كَانَ عَنْ الْحِلْيَةِ وَجَازَ الْبَيْعُ لِأَنَّ السَّيْفَ اسْمٌ لِلْحِلْيَةِ أَيْضًا لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ تَبَعًا، وَلَوْ قَالَ: هَذَا مِنْ ثَمَنِ النَّصْلِ وَالْجِفْنِ خَاصَّةً فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَأَزَالَ الِاحْتِمَالَ فَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى الصِّحَّةِ، انْتَهَى، وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يُحْمَلَ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَلَى مَا إذَا قَالَ: مِنْ ثَمَنِ السَّيْفِ، وَلَمْ يَقُلْ خَاصَّةً فَيُوَافِقُ مَا فِي السِّرَاجِ، وَأَمَّا مَا فِي الْمَبْسُوطِ فَإِنَّمَا قَالَ خَاصَّةً وَحِينَئِذٍ كَأَنَّهُ قَالَ خُذْ هَذَا عَنْ النَّصْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ، انْتَهَى.

قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِمِائَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِخَمْسِينَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُمَا لَمْ يَجُزْ لِلرِّبَا، وَإِنْ بَاعَهُ بِفِضَّةٍ لَمْ يَدْرِ وَزْنَهَا لَمْ يَجُزْ أَيْضًا لِشُبْهَةِ الرِّبَا خِلَافًا لِزُفَرَ، فَفِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَفِي وَاحِدٍ يَجُوزُ وَهُوَ مَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الثَّمَنَ أَزْيَدُ مِمَّا فِي الْحِلْيَةِ لِيَكُونَ مَا كَانَ قَدْرُهَا مُقَابِلًا لَهَا، وَالْبَاقِي فِي مُقَابَلَةِ النَّصْلِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، هَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ الْحِلْيَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِهَا جَازَ كَيْفَ مَا كَانَ لِجَوَازِ التَّفَاضُلِ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْحِلْيَةِ مَعَ السَّيْفِ بَلْ الْمُرَادُ إذَا جَمَعَ مَعَ الصَّرْفِ غَيْرَهُ فَإِنَّ النَّقْدَ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ صَرْفًا بِانْضِمَامِ غَيْرِهِ إلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا بَيْعُ الْمُزَرْكَشِ وَالْمُطَرَّزِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ بَيْعَهُ بِجِنْسِهِ وَبِهِ نَأْخُذُ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ، وَالْأَوْلَى بَيْعُهُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ، انْتَهَى.

(وَإِنْ تَفَرَّقَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (بِلَا قَبْضِ) شَيْءٍ (صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي السَّيْفِ دُونَهَا) أَيْ دُونَ الْحِلْيَةِ.

(وَإِنْ تَخَلَّصَ) السَّيْفُ عَنْ الْحِلْيَةِ (بِلَا ضَرَرٍ) لِأَنَّهُ أَمْكَنَ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فَصَارَ كَالطَّوْقِ وَالْأَمَةِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّصْ بِلَا ضَرَرٍ (بَطَلَ) الْبَيْعُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي السَّيْفِ وَالْحِلْيَةِ لِأَنَّ حِصَّةَ الصَّرْفِ يَجِبُ قَبْضُهَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فَإِذَا لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى افْتَرَقَا فَسَدَ فِيهِ لِفَقْدِ شَرْطِهِ، وَكَذَا فِي السَّيْفِ إنْ كَانَ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا بِضَرَرٍ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ بِدُونِ الضَّرَرِ كَالْجِذْعِ فِي السَّقْفِ، وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ.

(وَإِنْ بَاعَ إنَاءَ فِضَّةٍ) بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ (وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهِ وَافْتَرَقَا) قَبْلَ قَبْضِ الْبَاقِي (صَحَّ) الْعَقْدُ (فِيمَا قُبِضَ فَقَطْ) لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْقَبْضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَبَطَلَ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ (وَالْإِنَاءُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ وَقَعَ عَلَى كُلِّهِ أَوَّلًا، ثُمَّ طَرَأَ الْفَسَادُ عَلَى مَا لَمْ يُقْبَضْ وَهُوَ لَا يَشِيعُ عَلَى مَا وُجِدَ فِيهِ الْقَبْضُ فَحَصَلَتْ الشَّرِكَةُ فِي الْكُلِّ بِالتَّرَاضِي وَلَمْ يَلْزَمْ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ قَبْلَ التَّمَامِ لِأَنَّ صَفْقَةَ الصَّرْفِ تَمَّتْ بِالتَّقَابُضِ وَلَوْ فِي الْبَعْضِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِ هَلَاكِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْبَحْرِ

ص: 118

(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ) أَيْ بَعْضُ الْإِنَاءِ (أَخَذَ الْمُشْتَرِي مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ أَوْ رَدَّهُ) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَيْبٌ فِي الْإِنَاءِ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ يَضُرُّهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ صُنْعِهِ فَيَتَخَيَّرُ بِخِلَافِ مَا مَرَّ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ وَقَعَتْ بِصُنْعِهِ وَهُوَ الِافْتِرَاقُ قَبْلَ نَقْدِ كُلِّ الثَّمَنِ، فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ قَبْلَ فَسْخِ الْحَاكِمِ الْعَقْدَ جَازَ الْعَقْدُ وَكَانَ الثَّمَنُ لَهُ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيُسَلِّمُهُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَفْتَرِقَا بَعْدَ الْإِجَازَةِ، وَيَصِيرُ الْعَاقِدُ وَكِيلًا لِلْمُجِيزِ فَتَتَعَلَّقُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِهِ دُونَ الْمُجِيزِ.

أَطْلَقَ فِي الْخِيَارِ فَشَمِلَ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ قِطْعَةِ نُقْرَةٍ) وَهِيَ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (اشْتَرَاهَا أَخَذَ) الْمُشْتَرِي (الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ بِلَا خِيَارٍ) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ فِي النُّقْرَةِ إذْ لَا يَلْزَمُ الِانْتِقَاصُ بِالتَّبْعِيضِ فَلَمْ يَتَضَرَّرْ الْمُشْتَرِي بِالشَّرِكَةِ فِيهَا، هَذَا لَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِهَا أَمَّا لَوْ كَانَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّمَامِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَالدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ نَظِيرُ النُّقْرَةِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ فِي ذَلِكَ لَا تُعَدُّ عَيْبًا.

(وَصَحَّ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمٍ) اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا بِصَرْفِ الْجِنْسِ إلَى خِلَافِهِ فَيُقَابَلُ الدِّرْهَمَانِ بِالدِّينَارَيْنِ وَالدِّينَارُ بِالدِّرْهَمِ.

وَقَالَ زُفَرُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْعَقْدُ أَصْلًا.

(وَ) صَحَّ أَيْضًا (بَيْعُ كُرِّ بُرٍّ وَكُرِّ شَعِيرٍ بِكُرَّيْ بُرٍّ وَكُرَّيْ شَعِيرٍ) بِأَنْ يُجْعَلَ كُرَّا بُرٍّ بِكُرِّ شَعِيرٍ، وَكُرَّا شَعِيرٍ بِكُرِّ بُرٍّ، وَلَوْ صُرِفَا إلَى جِنْسِهِ فَسَدَ وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُطَالَعْ.

(وَ) صَحَّ (بَيْعُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَدِينَارٍ) بِأَنْ يُجْعَلَ الْعَشَرَةُ بِمِثْلِهَا وَالدِّينَارُ بِدِرْهَمٍ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ بَعْدَ الَّتِي قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ عُلِمَتْ مِمَّا قَبْلَهَا لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْجِنْسَانِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ بَلْ إنْ كَانَا فِي طَرَفٍ وَاحِدٍ فَكَذَلِكَ.

(وَ) صَحَّ (بَيْعُ دِرْهَمٍ صَحِيحٍ وَدِرْهَمَيْنِ غَلَّةٍ بِدِرْهَمَيْنِ صَحِيحَيْنِ وَدِرْهَمٍ غَلَّةٍ) لِلتَّسَاوِي فِي الْوَزْنِ وَسُقُوطِ اعْتِبَارِ الْجَوْدَةِ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا.

وَفِي الْإِصْلَاحِ قَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْوِقَايَةِ هُنَا مَسَائِلَ مِنْ مَسَائِلِ الرِّبَا وَرَدَدْنَاهَا إلَى بَابِهَا. انْتَهَى.

وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَالَ قَدْ شُرِطَ التَّمَاثُلُ فِي الصَّرْفِ فِرَارًا عَنْ الْفَضْلِ الْمُؤَدِّي إلَى الرِّبَا فَذَكَرَ مَسْأَلَةَ بَيْعِ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ وَبَيْعِ كُرِّ بُرٍّ وَبَيْعِ دِرْهَمٍ صَحِيحٍ فِي الصَّرْفِ، لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْجَوَازِ لَا فِي بَابِ الرِّبَا لِكَوْنِ مَبْنَاهُ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ.

(وَ) صَحَّ بِالْإِجْمَاعِ (بَيْعُ دِينَارٍ بِعَشَرَةٍ هِيَ) أَيْ الْعَشَرَةُ (عَلَيْهِ) وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يَجِبْ بِعَقْدٍ بَلْ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَهُ وَسَقَطَ بِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَلَا رِبَا فِي دَيْنٍ سَقَطَ (أَوْ بِعَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ) أَيْ صَحَّ اسْتِحْسَانًا عِنْدَنَا إنْ بَاعَ الدِّينَارَ مِمَّنْ عَلَيْهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَلَكِنْ لَمْ يُضِفْ الْعَقْدَ إلَى مَا فِي ذِمَّتِهِ بَلْ إلَى عَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ غَيْرِ مُقَيَّدَةٍ بِكَوْنِهَا عَلَيْهِ (إنْ دَفَعَ الدِّينَارَ وَيَتَقَاصَّانِ الْعَشَرَةَ بِالْعَشَرَةِ) وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْجَوَازِ

ص: 119

وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِكَوْنِهِ اسْتِبْدَالًا، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمَا لَمَّا تَقَاصَّا انْفَسَخَ الْأَوَّلُ وَانْعَقَدَ صَرْفٌ آخَرُ مُضَافًا فَتَثْبُتُ الْإِضَافَةُ اقْتِضَاءً، كَمَا لَوْ جُدِّدَ الْبَيْعُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا أَمَّا إذَا كَانَ لَاحِقًا فَكَذَلِكَ يَجُوزُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَذَلِكَ بِأَنْ بَاعَ دِينَارًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، ثُمَّ بَاعَ مُشْتَرِي الدِّينَارِ ثَوْبًا مِنْهُ بِعَشَرَةٍ وَتَقَاصَّا.

ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَيَتَقَاصَّانِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ دَفَعَ فَيَقْتَضِي سُقُوطَ نُونِ التَّثْنِيَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ اسْتِئْنَافٌ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ، وَلَوْ قَالَ " وَتَقَاصَّا " بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ كَمَا وَقَعَ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ لَكَانَ أَسْلَمَ، تَدَبَّرْ.

(وَمَا غَالِبُهُ الْفِضَّةُ أَوْ الذَّهَبُ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ حُكْمًا، إذْ الْحُكْمُ فِي الشَّرْعِ لِلْغَالِبِ لِأَنَّ الْغِشَّ الْقَلِيلَ لَا يُخْرِجُ الدَّرَاهِمَ عَنْ الدِّرْهَمِيَّةِ، وَالدِّينَارَ عَنْ الدِّينَارِيَّةِ لِأَنَّ النُّقُودَ الْمُسْتَعْمَلَةَ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَخْلُو مِنْهُ، ثُمَّ فَرَّعَ بِقَوْلِهِ (فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْخَالِصِ بِهِ) أَيْ بِغَالِبِ الْفِضَّةِ أَوْ بِغَالِبِ الذَّهَبِ (وَلَا بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلَّا مُتَسَاوِيًا وَزْنًا) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَجْمُوعِ مَا فِي حَيِّزِ قَوْلِهِ: فَلَا يَجُوزُ (وَلَا) يَجُوزُ (اسْتِقْرَاضُهُ إلَّا وَزْنًا) كَمَا فِي الْجِيَادِ (وَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْغِشُّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْ الْغِشِّ إلَّا بِضَرَرٍ (فَهُوَ فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ) لَا فِي حُكْمِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ إذْ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ فِي الشَّرْعِ، ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَبَيْعُهُ) أَيْ مَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْغِشُّ (بِالْخَالِصِ عَلَى وُجُوهِ حِلْيَةِ السَّيْفِ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ زِيَادَةُ الْخَالِصَةِ مَعْلُومَةً يَجُوزُ الْبَيْعُ لَوْ تَقَابَضَا قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، وَتَكُونُ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالزِّيَادَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْغِشِّ هُوَ النُّحَاسُ وَغَيْرُهُ عَلَى مِثَالِ بَيْعِ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْخَالِصَةُ مِثْلَ مَا فِي الْمَغْشُوشِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا أَقَلُّ فَلَا يَجُوزُ كَمَا هُوَ حُكْمُ حِلْيَةِ السَّيْفِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ (وَيَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ الَّذِي غَلَبَ غِشُّهُ (بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا) صَرْفًا لِلْجِنْسِ إلَى خِلَافِهِ (بِشَرْطِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ) فِي الصُّورَتَيْنِ لِوُجُودِ الْفِضَّةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَمَتَى شُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْفِضَّةِ اُعْتُبِرَ فِي النُّحَاسِ لِعَدَمِ التَّمَيُّزِ عَنْهُ إلَّا بِضَرَرٍ، هَذَا إذَا عُرِفَ أَنَّ الْفِضَّةَ تَجْتَمِعُ عِنْدَ إذَابَةِ الْمَغْشُوشَةِ وَلَا تَحْتَرِقُ، أَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهَا تَحْتَرِقُ وَتَهْلِكُ كَانَ حُكْمُهَا حُكْمَ النُّحَاسِ الْخَالِصِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلًا.

(وَ) يَصِحُّ (التَّبَايُعُ وَالِاسْتِقْرَاضُ بِمَا يَرُوجُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الَّذِي غَلَبَ غِشُّهُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (وَزْنًا) إنْ كَانَ يَرُوجُ وَزْنًا (أَوْ عَدَدًا) إنْ كَانَ يَرُوجُ عَدَدًا (أَوْ بِهِمَا) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إنْ كَانَ يَرُوجُ بِهِمَا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيمَا لَا نَصَّ فِيهِ الْعَادَةُ (وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ) مَا دَامَ يَرُوجُ (لِكَوْنِهِ ثَمَنًا) بِالِاصْطِلَاحِ فَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ مِثْلُهُ.

(وَلَوْ اشْتَرَى بِهِ) أَيْ بِاَلَّذِي غَلَبَ غِشُّهُ وَهُوَ نَافِقٌ (فَكَسَدَ) قَبْلَ النَّقْدِ (بَطَلَ الْبَيْعُ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الثَّمَنِيَّةَ ثَبَتَتْ لَهَا بِعَارِضِ الِاصْطِلَاحِ فَإِذَا كَسَدَتْ رَجَعَتْ

ص: 120

إلَى أَصْلِهَا وَلَمْ تَبْقَ ثَمَنًا فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ لِبَقَائِهِ بِلَا ثَمَنٍ، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ - إنْ كَانَ قَائِمًا - وَمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ هَالِكًا (وَقَالَا لَا يَبْطُلُ) الْبَيْعُ لِأَنَّ الثَّمَنَ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ، وَالْكَسَادُ عَرَضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ دُونَ الذِّمَّةِ وَلَمَّا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ لِكَسَادِهِ تَجِبُ قِيمَتُهُ وَعَنْ هَذَا قَالَ (وَتَجِبُ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الَّذِي غَلَبَ غِشُّهُ (يَوْمَ الْبَيْعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْبَيْعِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَالْمَغْصُوبِ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ (وَ) قِيمَتُهُ (آخِرَ مَا تُعُومِلَ بِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) أَيْ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَرَكَ النَّاسُ الْمُعَامَلَةَ لِأَنَّ التَّحَوُّلَ مِنْ رَدِّ الْمُسَمَّى إلَى قِيمَتِهِ إنَّمَا صَارَ بِالِانْقِطَاعِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمُهُ.

وَحَدُّ الْكَسَادِ أَنْ تُتْرَكَ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، وَإِنْ كَانَتْ يَرُوجُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لَا يَبْطُلُ لَكِنَّهُ يَتَعَيَّبُ فَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي يَدِ الصَّيَارِفَةِ أَوْ فِي الْبُيُوتِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيمَا نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ غَلَبَ.

وَفِي التَّنْوِيرِ وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ فَالْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ وَعَكْسُهُ لَوْ غَلَتْ قِيمَتُهَا وَازْدَادَتْ فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، وَيُطَالَبُ بِنَقْدِ ذَلِكَ الْعِيَارِ الَّذِي كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ.

(وَمَا لَا يَرُوجُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الَّذِي غَلَبَ غِشُّهُ كَالرَّصَاصَةِ وَالسَّتُّوقَةِ (يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِلثَّمَنِيَّةِ وَهُوَ الِاصْطِلَاحُ وَيَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ عَقِيبَ قَوْلِهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لِكَوْنِهِ ثَمَنًا كَمَا وَقَعَ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ. تَتَبَّعْ.

(وَالْمُتَسَاوِي الْغِشُّ كَمَغْلُوبِهِ فِي التَّبَايُعِ وَالِاسْتِقْرَاضِ) فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ وَلَا إقْرَاضُهُ إلَّا بِالْوَزْنِ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الرَّدِيئَةِ، وَلَا يَنْتَقِضُ الْعَقْدُ لِأَنَّ الْخَالِصَ فِيهِ مَوْجُودٌ حَقِيقَةً، وَلَمْ يَصِرْ مَغْلُوبًا فَيَجِبُ الِاعْتِبَارُ بِالْوَزْنِ شَرْعًا، وَإِذَا أُشِيرَ إلَيْهِ فِي الْمُبَايَعَةِ كَانَ بَيَانًا لِقَدْرِهِ وَوَصْفِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَيُعْطِيهِ مِثْلَهُ لِكَوْنِهِ ثَمَنًا لَمْ يَتَعَيَّنْ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَكَذَا فِي الصَّرْفِ) يَعْنِي: الْمُتَسَاوِي الْغِشُّ كَمَغْلُوبِهِ فِي الصَّرْفِ أَيْضًا حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا (وَقِيلَ كَغَالِبِهِ) أَيْ كَغَالِبِ الْغِشِّ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا وَلَوْ بَاعَهُ بِالْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِيهِ الْفِضَّةُ لِأَنَّهُ لَا غَلَبَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَيَجِبُ اعْتِبَارُهُمَا (وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ تَتَعَيَّنْ) لِأَنَّهَا أَحْوَالٌ مَعْلُومَةٌ وَصَارَتْ أَثْمَانًا بِالِاصْطِلَاحِ فَجَازَ بِهَا الْبَيْعُ فَوَجَبَتْ فِي الذِّمَّةِ كَالنَّقْدَيْنِ وَلَا تَتَعَيَّنُ وَإِنْ عَيَّنَهَا كَالنَّقْدِ، إلَّا إذَا قَالَ: أَرَدْنَا تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِعَيْنِهَا فَحِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ فَلْسًا بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَفَسَدَ الْبَيْعُ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يَتَعَيَّنُ وَإِنْ صَرَّحَاهُ، وَأَصْلُهُ أَنَّ اصْطِلَاحَ الْعَامَّةِ لَا يَبْطُلُ بِاصْطِلَاحِهِمَا عَلَى خِلَافِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ فِي حَقِّهِمَا

ص: 121

كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَإِنْ كَسَدَتْ) أَيْ اشْتَرَى بِهَا شَيْئًا فَكَسَدَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ (فَالْخِلَافُ كَمَا فِي كَسَادِ الْمَغْشُوشِ) يَعْنِي يَبْطُلُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ الْخِلَافَ.

وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَسْرَارِ الْبُطْلَانُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ سِوَى خِلَافِ زُفَرَ كَمَا فِي أَكْثَرِ شُرُوحِ الْهِدَايَةِ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ جَوَابٌ فَحَاصِلُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَسَادِ الْمَغْشُوشَةِ وَكَسَادِ الْفُلُوسِ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ ثَمَنٌ بِالِاصْطِلَاحِ، فَإِنَّ غَالِبَةَ الْغِشِّ الْحُكْمُ فِيهَا لِلْغَالِبِ وَهُوَ النُّحَاسُ مَثَلًا فَلَوْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْفُلُوسِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ.

(وَلَوْ اسْتَقْرَضَهَا) أَيْ الْفُلُوسَ (فَكَسَدَتْ يَرُدُّ مِثْلَهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ هَالِكَةً عِنْدَ الْإِمَامِ، وَإِذَا كَانَتْ قَائِمَةً فَيَرُدُّ عَيْنَهَا بِالْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ الْمَرْدُودَ فِي الْقَرْضِ جُعِلَ عَيْنَ الْمَقْبُوضِ حُكْمًا، وَإِلَّا يَلْزَمُ مُبَادَلَةُ جِنْسٍ بِجِنْسٍ نَسِيئَةً، وَإِنَّهُ حَرَامٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الرَّوَاجُ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قِيمَتَهَا) أَيْ قِيمَةَ الْفُلُوسِ (يَوْمَ الْقَرْضِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الْكَسَادِ) وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَيْسَرُ لِلْفَتْوَى لِأَنَّ يَوْمَ الْقَبْضِ يُعْلَمُ بِلَا كُلْفَةٍ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَنْظَرُ فِي حَقِّ الْمُسْتَقْرِضِ لِأَنَّ قِيمَتَهَا يَوْمَ الِانْقِطَاعِ أَقَلُّ، وَكَذَا فِي حَقِّ الْمُقْرِضِ بِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا إلَى الْمُفْتِي لِأَنَّ يَوْمَ الْكَسَادِ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِحَرَجٍ (وَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِغَيْرِ النَّافِقَةِ مَا لَمْ تُعَيَّنْ) لِأَنَّهَا سِلْعَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا.

(وَمَنْ اشْتَرَى بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسٍ أَوْ دَانِقٍ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا سُدُسُ الدِّرْهَمِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَطْفًا عَلَى دِرْهَمٍ أَوْ عَلَى نِصْفِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (فُلُوسٍ أَوْ قِيرَاطٍ) وَهُوَ نِصْفُ الدَّانِقِ (فُلُوسٍ جَازَ الْبَيْعُ) عِنْدَنَا وَكَذَا بِثُلُثِ دِرْهَمٍ أَوْ رُبُعِهِ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي (مَا يُبَاعُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ أَوْ قِيرَاطٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْفُلُوسِ فَقَوْلُهُ مِنْ الْفُلُوسِ بَيَانٌ لِمَا يُبَاعُ؛ لِأَنَّ التَّبَايُعَ بِهَذَا الطَّرِيقِ مُتَعَارَفٌ فِي الْقَلِيلِ مَعْلُومٌ بَيْنَ النَّاسِ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا دُونَ الدِّرْهَمِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ فُلُوسٍ أَوْ بِدِرْهَمَيْنِ فُلُوسٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِعَدَمِ الْعُرْفِ وَجَوَّزَهُ أَبُو يُوسُفَ لِلْعُرْفِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْكَافِي.

(وَلَوْ دَفَعَ إلَى صَيْرَفِيٍّ) وَهُوَ مَنْ يُمَيِّزُ الْجَوْدَةَ مِنْ الرَّدَاءَةِ (دِرْهَمًا وَقَالَ: أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ فُلُوسًا وَبِنِصْفِهِ نِصْفًا) أَيْ مَا ضُرِبَ مِنْ الْفِضَّةِ مَا يُسَاوِي وَزْنَ نِصْفِ دِرْهَمٍ (إلَّا حَبَّةً فَسَدَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْفَسَادَ قَوِيٌّ فِي الْبَعْضِ وَهُوَ قَوْلُهُ نِصْفَ دِرْهَمٍ إلَّا حَبَّةً لِتَحَقُّقِ الرِّبَا لِأَنَّهُ بَاعَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلًا وَزْنَ الْحَبَّةِ فَيَسْرِي إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ وَهُوَ الْفُلُوسُ لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ (وَعِنْدَهُمَا صَحَّ) الْبَيْعُ (فِي الْفُلُوسِ) وَبَطَلَ فِيمَا يُقَابِلُ الْفِضَّةَ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ الْعَقْدَ يَتَكَرَّرُ عِنْدَهُ بِتَكْرَارِ اللَّفْظِ وَعِنْدَهُمَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: أَعْطِنِي بِنِصْفِهِ فُلُوسًا وَأَعْطِنِي بِنِصْفِهِ نِصْفًا إلَّا حَبَّةً جَازَ الْبَيْعُ فِي الْفُلُوسِ

ص: 122