الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَقَرَّ أَنَّهُ بَالِغٌ وَقَاسَمَ وَصِيَّ الْمَيِّتِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُرَاهِقًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَيَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَاهِقًا وَيُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَحْتَلِمُ لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَكْذِبُ ظَاهِرًا
وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ بَعْدَ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إذَا كَانَ بِحَالٍ لَا يَحْتَلِمُ مِثْلُهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (وَكَانَا) أَيْ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ (كَالْبَالِغِ حُكْمًا) أَيْ أَحْكَامُهُمَا حُكْمُ الْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ إلَّا مِنْ جِهَتِهِمَا فَيُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُهُمَا بِالضَّرُورَةِ.
[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]
ِ إيرَادُ الْمَأْذُونِ بَعْدَ الْحَجْرِ ظَاهِرُ الْمُنَاسَبَةِ إذْ الْإِذْنُ يَقْتَضِي سَبْقَ الْحَجْرِ وَفِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِعْلَامِ وَفِي الشَّرْعِ (الْإِذْنُ فَكُّ الْحَجْرِ) الثَّابِتِ شَرْعًا (وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ حَقُّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَعْتُوهِ أَوْ حَقُّ مَوْلَى عَبْدٍ وَقَدْ ذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى تَخْصِيصِ الْإِسْقَاطِ بِحَقِّ مَوْلَى الْعَبْدِ هُنَا وَهُوَ التَّصَرُّفُ وَالْخِدْمَةُ لِمَوْلَاهُ إذْ هَذَا الْحَقُّ يَمْنَعُ تَصَرُّفَ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ فَإِذَا أَسْقَطَ الْمَوْلَى حَقَّهُ هَذَا يَقْدِرُ الْعَبْدُ إلَى الِاكْتِسَابِ بِالْإِضَافَةِ إلَى نَفْسِهِ لِيَتَعَلَّقَ حَقُّ مَنْ يُعَامِلُهُ بِذِمَّتِهِ وَلَا يَقْدِرُ إلَى دَفْعِ يَدِ مَوْلَاهُ عَمَّا اكْتَسَبَهُ كَالْحُرِّ فَيَأْخُذُ مِنْ كَسْبِ عَبْدِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ لِابْنِ الشَّيْخِ.
وَفِي الدُّرَرِ وَالْإِذْنُ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا إذْنُ الْعَبْدِ وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ بِالرِّقِّ الثَّابِتِ شَرْعًا عَلَى الْعَبْدِ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ فَيَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ لِأَهْلِيَّتِهِ وَالنَّوْعُ الثَّانِي إذْنُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ وَإِثْبَاتُ الْوِلَايَةِ لَهُمَا (ثُمَّ يَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ) بَعْدَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ (بِأَهْلِيَّتِهِ) الْقَدِيمَةِ
فَقَوْلُهُ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ عُطِفَ عَلَى مَحْذُوفٍ فَإِنَّ قَوْلَهُ الْإِذْنُ فَكُّ الْحَجْرِ مَعْنَاهُ إذَا أَذِنَ الْمَوْلَى يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْ الْعَبْدِ فَعُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ يَنْفَكُّ قَوْلُهُ ثُمَّ يَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ فَقَوْلُهُ وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ فَكُّ الْحَجْرِ (فَلَا يَلْزَمُ) تَفْرِيعٌ عَلَى كَوْنِ تَصَرُّفِ الْعَبْدِ لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ (سَيِّدَهُ عُهْدَتُهُ) أَيْ عُهْدَةُ التَّصَرُّفِ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَلَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهُ يُطْلَبُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ لَا لِسَيِّدِهِ وَالْوَكِيلُ عَكْسُ هَذَا إذَا الثَّمَنُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لَا مِنْ الْوَكِيلِ.
(وَلَا يَتَوَقَّتُ) الْإِذْنُ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان (فَلَوْ أَذِنَ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (يَوْمًا) وَنَحْوَهُ مِنْ الْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ وَاللَّيْلِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ أَوْ مَكَانًا (فَهُوَ مَأْذُونٌ دَائِمًا إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّتُ
فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ الْحَجْرِ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ قُلْت بَقَاءُ وِلَايَةِ الْحَجْرِ بِاعْتِبَارِ بَقَاءِ الرِّقِّ فَكَانَ فِي الْحَجْرِ امْتِنَاعٌ عَنْ الْإِسْقَاطِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ إلَّا أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ تَعَلُّقَ الْإِذْنِ بِالشَّرْطِ جَائِزٌ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَلَا يَتَخَصَّصُ) بِنَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ (فَإِذَا أُذِنَ فِي نَوْعٍ مِنْ التِّجَارَةِ كَانَ مَأْذُونًا فِي سَائِرِ الْأَنْوَاعِ) حَتَّى لَوْ أُذِنَ بِشِرَاءِ الْخَزِّ وَنُهِيَ عَنْ شِرَاءِ الْبَزِّ كَانَ إذْنًا بِشِرَاءِ الْبَزِّ وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ مُهْتَدِيًا إلَى التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ الْخَزِّ وَالسَّيِّدُ عَالِمٌ بِهِ فَإِنْ قُلْت إنَّهُ أَزَالَ الْحَجْرَ فِي حَقِّ تَصَرُّفٍ خَاصٍّ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنَّهُ يُوجِبُ الرِّضَى بِتَعْطِيلِ مَنَافِعِهِ مُطْلَقًا وَالتَّخْصِيصُ لَغْوٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
وَقَالَ زُفَرُ الْإِذْنُ عِبَارَةٌ عَنْ تَوْكِيلٍ وَإِبَانَةٍ فَيَتَقَيَّدُ بِمَا قَيَّدَ بِهِ الْمَوْلَى وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ.
(وَيَثْبُتُ) الْإِذْنُ (صَرِيحًا) كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَذِنْت لَك بِالتِّجَارَةَ (وَدَلَالَةً بِأَنْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ) وَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ فَسُكُوتُهُ إذْنٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ سُكُوتِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ لَكِنْ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ؛ لِأَنَّهُ وَسِيلَةُ الْإِذْنِ وَوَسِيلَةُ الشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ (سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ) بَيْعًا (صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا) .
وَفِي التَّبْيِينِ هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا لَهُ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا رَأَى الرَّاهِنَ يَبِيعُ الرَّهْنَ فَسَكَتَ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنْ التَّوْفِيقُ بَيْنَ كَلَامِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ مُرَادَ قَاضِي خَانْ بِقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إذْنًا لَهُ هُوَ أَنَّ سُكُوتَ الْمَالِكِ فِيمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِ الْمَوْلَى لَا يَصِيرُ إذْنًا فِي حَقِّ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ لَا فِي حَقِّ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِ ذَلِكَ الْعَبْدِ فِي بَابِ التِّجَارَةِ مُطْلَقًا وَيَرْشُدُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إلَى آخِرِهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَاكَ عَدَمُ صِحَّةِ التَّصَرُّفِ الَّذِي صَادَفَهُ السُّكُوتُ لَا مَحَالَةَ وَكَذَا يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَيَصِحُّ تَصَرُّفَاتُهُ فِيهِ لَا فِيمَا يَبِيعُ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى مِنْ مَالِهِ فَعَلَى هَذَا أَنَّ مَا فِي الدُّرَرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ تَتَبَّعْ وَعِنْدَ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ لَا يَثْبُتُ الْإِذْنُ بِسُكُوتِ الْمَوْلَى عِنْدَمَا يَرَاهُ يَبِيعُ أَوْ يَشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الرِّضَى وَالسَّخَطَ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ وَلَنَا أَنَّ الْعَادَةَ قَدْ جَرَتْ بِذَلِكَ لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ.
(وَلِلْمَأْذُونِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ (إذْنًا عَامًا لَا بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ) شِرَاءِ (طَعَامِ الْأَكْلِ أَوْ) شِرَاءِ (ثِيَابِ الْكِسْوَةِ) يَعْنِي لِلْعَبْدِ الَّذِي قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ قَدْ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِشِرَاءِ طَعَامِ الْأَكْلِ أَوْ ثِيَابِ الْكِسْوَةِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ أَيْضًا بِنَوْعٍ
مِنْ التِّجَارَةِ (أَنْ يَبِيعَ) مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (وَيَشْتَرِيَ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ وَأَمَّا إذَا أَمَرَهُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَالطَّعَامِ، وَالسُّكُوتُ لَا يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَلَوْ صَارَ مَأْذُونًا لَهُ لَتَضَرَّرَ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ إذَا قَالَ لَهُ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ أَيْ فِي كُلِّ تِجَارَةٍ أَوْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي ثَوْبًا أَوْ بِعْهُ أَوْ قَالَ لَهُ آجِرْ نَفْسَك مِنْ النَّاسِ فَإِنَّهُ صَارَ مَأْذُونًا لِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْعُقُودِ الْمُتَكَرِّرَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي ثَوْبًا لِلْكِسْوَةِ أَوْ آجِرْ نَفْسَك مِنْ فُلَانٍ فِي عَمَلِ كَذَا فَإِنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَأْذُونًا لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَقَدْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ اسْتِخْدَامًا فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ لِلِاسْتِخْدَامِ صَارَ مَأْذُونًا وَإِنْ أَمَرَهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ كَمَا إذَا غَصَبَ الْعَبْدُ مَتَاعًا وَأَمَرَهُ السَّيِّدُ أَنْ يَبِيعَهُ فَإِنَّهُ صَارَ مَأْذُونًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ أَنْ يَجْعَلَ اسْتِخْدَامًا لَا لِلسَّيِّدِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَا لِلْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ لَهُ وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ يَخْرُجُ جِنْسُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ (وَيُوَكِّلُ بِهِمَا) أَيْ لَهُ التَّوْكِيلُ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ فَلَعَلَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْكُلِّ فَيَحْتَاجُ إلَى مُعِينٍ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يُسْلِمَ) أَيْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ رَبَّ السَّلَمِ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَقْبَلَ السَّلَمَ) أَيْ يَجْعَلَ نَفْسَهُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يُرْهِنَ وَيَرْتَهِنَ) ؛ لِأَنَّهُمَا إيفَاءٌ وَاسْتِيفَاءٌ وَهُمَا مِنْ تَوَابِعِ التِّجَارَةِ (وَيُزَارِعَ) أَيْ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْضَ مُزَارَعَةً وَيَأْخُذَهَا مُزَارَعَةً لِأَنَّهَا مِنْ عَمَلِ التِّجَارَةِ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَشْتَرِيَ بَذْرًا يَزْرَعُهُ) ؛ لَأَنْ يَرْبَحَ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يُشَارِكَ عِنَانًا) ؛ لِأَنَّهُ وَكَالَةٌ وَلَيْسَ أَنْ يُشَارِكَ مُفَاوَضَةً لِأَنَّهَا كَفَالَةٌ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَسْتَأْجِرَ) الْأَجِيرَ وَالْبَيْتَ وَغَيْرَهُمَا (وَيُؤَجِّرَ وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (نَفْسَهُ) فَإِنَّ إجَارَةَ نَفْسِهِ بَيْعُ مَنَافِعِهِ وَلَيْسَ كَبَيْعِ نَفْسِهِ فَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَنْتَظِمُهُ الْإِذْنُ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يُضَارِبَ) أَيْ يَأْخُذَ الْمَالَ مُضَارَبَةً (وَيَدْفَعَ الْمَالَ مُضَارَبَةً) ؛ لِأَنَّهُ إنْ دَفَعَ يَكُونُ مُسْتَأْجِرًا وَإِنْ أَخَذَ يَكُونُ مُؤَجِّرًا نَفْسَهُ وَهُمَا مِنْ التِّجَارَةِ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يُبْضِعَ) أَيْ يَدْفَعَ الْمَالَ بِضَاعَةً يَعْنِي لَهُ أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا قَدْرَ رَأْسِ الْمَالِ لِيَتَّجِرَ بِهِ وَيَكُونَ الرِّبْحُ لَهُ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يُعِيرَ وَ) لَهُ أَنْ (يُقِرَّ بِدَيْنٍ) إذْ لَوْ لَمْ يَجُزْ الْإِقْرَارُ لَمْ يُعَامِلْهُ أَحَدٌ فَيَكُونُ مِنْ لَوَازِمِ الْمُعَامَلَةِ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ كَذَّبَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَدْيُونًا أَوْ لَا
هَذَا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ فِي صِحَّتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ قُدِّمَ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ كَمَا فِي الْحُرِّ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَقَطْ وَإِذَا أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ وَوَالِدِهِ وَوَلَدِهِ بَطَلَ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا (الْوَدِيعَةٍ) لِأَنَّ الْإِيدَاعَ وَقَبُولَ الْوَدِيعَةِ مِنْ عَادَةِ التُّجَّارِ فَلَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهَا (وَغَصْبٍ) ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الْغَصْبِ مُفَاوَضَةٌ فَيَمْلِكُ الْمَغْصُوبَ بِالضَّمَانِ فَلَهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ.
(وَلَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِغَبْنٍ فَاحِشٍ جَازَ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ مُتَصَرِّفٌ بِأَهْلِيَّةِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ فَيَصِحُّ عَقْدُهُ بِالْفَاحِشِ وَلَوْ نُهِيَ عَنْ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ
الْفَاحِشِ كَمَا فِي الْمِنَحِ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِذْنِ الِاسْتِرْبَاحُ وَالْعَقْدُ بِالْفَاحِشِ إتْلَافٌ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِذْنِ فَلَا يَجُوزُ قَيْدٌ بِالْفَاحِشِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ وَشِرَاءَهُ بِغَبْنٍ يَسِيرٍ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ.
(وَلَوْ حَابَى) الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَيْ بَاعَ شَيْئًا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْمُحَابَاةُ الْغَبْنُ بِالرِّضَى (فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَأْذُونِ (دَيْنٌ) فَيَنْفُذُ وَإِنْ زَادَتْ الْمُحَابَاةُ عَلَى الثُّلُثِ (وَإِنْ كَانَ) عَلَيْهِ دَيْنٌ (فَمِنْ جَمِيعِ مَا بَقِيَ) بَعْدَ الدَّيْنِ يَعْنِي يُؤَدِّي دَيْنَهُ أَوَّلًا فَمَا بَقِيَ يَكُونُ الْمُحَابَاةُ مِنْ جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّ الِاقْتِصَارَ فِي الْحُرِّ عَلَى الثُّلُثِ لِحَقِّ الْوَارِثِ وَلَا وَارِثَ لِلْعَبْدِ وَالْمَوْلَى وَإِنْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْوَارِثِ إلَّا أَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالْإِذْنِ فَصَارَ كَالْوَارِثِ إذَا أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ.
(وَإِنْ لَمْ يَبْقَ) شَيْءٌ بَعْدَ الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ مُحِيطًا بِمَا فِي يَدِهِ (أَدَّى الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الْمُحَابَاةِ أَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ) أَيْ يُقَالُ لَهُ أَدِّ جَمِيعَ الْمُحَابَاةِ وَإِلَّا فَأَرْدُدْ الْبَيْعَ كَمَا فِي الْحُرِّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَوْلَى صَحِيحًا وَإِنْ مَرِيضًا لَا تَصِحُّ مُحَابَاةُ الْعَبْدِ إلَّا مِنْ ثُلُثِ مَالِ الْمَوْلَى كَتَصَرُّفِ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَأْذُونِ (أَنْ يُضَيِّفَ مُعَامِلَهُ) لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ بَيْنَ التُّجَّارِ لِاسْتِجْلَابِ الْقُلُوبِ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَيَتَّخِذَ الضِّيَافَةَ الْيَسِيرَةَ لَا الْكَثِيرَةَ وَذَا بِقَدْرِ الْمَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ فَبِعَشْرَةٍ يَسِيرَةٌ وَلَوْ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ فِي يَدِهِ فَبِدَانَقٍ كَثِيرَةٌ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ) قَدْرَ مَا يَحُطُّ التُّجَّارُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ أَكْثَرَهُ مِنْ الْعَادَةِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ (بِعَيْبٍ) أَيْ بِسَبَبِ عَيْبٍ ظَهَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ صَنِيعِ التُّجَّارِ قُيِّدَ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحُطُّ بِدُونِهِ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ.
(وَ) لَهُ أَنْ (يَأْذَنَ لِرَقِيقِهِ فِي التِّجَارَةِ) لِأَنَّهُ نَوْعُ تِجَارَةٍ وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ يَصِحُّ إذْنُهُ لِلْعَبْدِ فِيهَا كَالْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَالْمُضَارِبِ وَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْقَاضِي وَشَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ وَالْعِنَانِ وَالْوَصِيِّ وَلَا يَجُوزُ لِلْأُمِّ وَالْأَخِ وَالْعَمِّ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ وِلَايَةُ التِّجَارَةِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (لَا أَنْ يَتَزَوَّجَ) أَيْ لَيْسَ لِلْمَأْذُونِ أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ وَلَا أَنْ يَتَسَرَّى جَارِيَةً اشْتَرَاهَا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ كَمَا فِي جَوَاهِرِ الْفِقْهِ (أَوْ يُزَوِّجَ عَبْدَهُ) ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ لَيْسَ بِتِجَارَةٍ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى.
(وَكَذَا) لَا يُزَوِّجُ (أَمَتَهُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ يُزَوِّجُ الْأَمَةَ دُونَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا تَحْصِيلُ مَالٍ بِإِسْقَاطِ النَّفَقَةِ وَإِيجَابِ الْمَهْرِ فَيَصِيرُ كَإِجَارَتِهَا وَلَهُمَا أَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ غَيْرَ التِّجَارَةِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ التَّزْوِيجَ لَيْسَ مِنْهَا (وَلَا أَنْ يُكَاتِبَ) رَقِيقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتِجَارَةٍ إذْ هِيَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ مُقَابَلٌ بِفَكِّ الْحَجْرِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ (أَوْ يُعْتِقَ وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بِمَالٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ فَوْقَ الْكِتَابَةِ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ هَذَا لَا يَمْلِكْ الْأَعْلَى وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِحُرٍّ فَلَا يَمْلِكُ التَّحْرِيرَ وَهَذَا إذَا لَمْ يُجِزْ الْمَوْلَى فَإِنْ أَجَازَ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ جَازَ وَكَذَا
إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَهُمَا لَكِنْ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِلْغُرَمَاءِ (أَوْ يُقْرِضَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقْرِضَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً (أَوْ يَهَبَ وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ (أَوْ يُهْدِيَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْإِهْدَاءُ (إلَّا) إهْدَاءُ الشَّيْءِ (الْيَسِيرِ مِنْ الطَّعَامِ) كَالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ لِاسْتِجْلَابِ الْقُلُوبِ لَا الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (وَالْمَحْجُورُ لَا يُهْدِي الْيَسِيرَ أَيْضًا) لِعَدَمِ الْإِذْنِ (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا دَفَعَ الْمَوْلَى إلَى) الْعَبْدِ (الْمَحْجُورِ قُوتَ يَوْمِهِ فَدَعَا بَعْضَ رُفَقَائِهِ) عَلَى ذَلِكَ الطَّعَامِ (لِلْأَكْلِ مَعَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ الضَّرَرِ عَلَى الْمَوْلَى (بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْعَبْدِ الْمَحْجُورِ (قُوتَ شَهْرٍ) لِمَا فِي أَكْلِهِمْ حِينَئِذٍ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِلْمَوْلَى (قَالُوا وَلَا بَأْسَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِالْيَسِيرِ كَالرَّغِيفِ وَنَحْوِهِ) بِدُونِ اسْتِطْلَاعِ رَأْيِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَمْنُوعَةٍ مِنْ قِبَلِهِ عَادَةً وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ فَيَكُونُ ذِكْرُهَا لِمُنَاسِبَةٍ هِيَ كَوْنُهَا مَأْذُونَةً عَادَةً وَفِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ لَا يَمْلِكَانِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ مَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ اتِّخَاذِ الضِّيَافَةِ الْيَسِيرَةِ وَالصَّدَقَةِ.
(وَمَا لَزِمَ الْمَأْذُونُ مِنْ الدَّيْنِ بِسَبَبِ تِجَارَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا) أَيْ فِي حُكْمِ التِّجَارَةِ (كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ) نَظِيرٌ لِلتِّجَارَةِ قِيلَ صُورَةُ وُجُوبِ الدَّيْنِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَنْ يَبِيعَ وَيَسْتَحِقَّ الْمَبِيعَ وَيَهْلَكَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ (وَإِجَارَةٍ وَاسْتِئْجَارٍ وَغَصْبٍ وَجَحْدِ أَمَانَةٍ وَعُقْرِ أَمَةٍ شَرَاهَا فَوَطِئَهَا فَاسْتُحِقَّتْ) نَظِيرٌ لِمَا هُوَ فِي مَعْنَى التِّجَارَةِ قِيلَ صُورَةُ وُجُوبِ الدَّيْنِ بِالْإِجَارَةِ أَنْ يَأْخُذَ الْمَأْذُونُ الْأُجْرَةَ مُعَجَّلًا ثُمَّ يَهْلَكَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ يُسْتَحَقَّ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ (يَتَعَلَّقُ) ذَلِكَ الدَّيْنُ (بِرَقَبَتِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَوْلَاهُ بَعْدَ الدَّيْنِ كَانَ بَاطِلًا فَقِيلَ مَعْنَاهُ سَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْغُرَمَاءِ وَقِيلَ إنَّهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ يَصِحُّ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ فَلَا يَكُونُ مَوْقُوفًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (فَيُبَاعُ) فِيهِ أَيْ يَبِيعُ الْقَاضِي الْمَأْذُونَ مَرَّةً فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ بِطَلَبِ الْغُرَمَاءِ بِحَضْرَةِ مَوْلَاهُ أَوْ نَائِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ مَوْلَاهُ (إنْ لَمْ يَفْدِهِ) أَيْ الدَّيْنِ (الْمَوْلَى) .
وَقَالَ زُفَرُ يَتَعَلَّقُ بِالْكَسْبِ لَا بِالرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي التِّجَارَةِ لَا فِي التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّ غَرَضَ الْمَوْلَى مِنْ إذْنِهِ تَحْصِيلُ مَالٍ لَمْ يَكُنْ لَا تَفْوِيتُ مَالٍ قَدْ كَانَ بِخِلَافِ دَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ لِجِنَايَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْإِذْنِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَعَنْ أَحْمَدَ يَتَعَلَّقُ بِذِمَّةِ مَوْلَاهُ وَلَنَا أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْمَوْلَى بِسَبَبِ الْإِذْنِ وَكُلُّ دَيْنٍ يَظْهَرُ فِي حَقِّهِ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَحَلٍّ يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَأَقْرَبُ الْمَحَالِّ إلَيْهِ نَفْسُهُ فَصَارَ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَالْجَامِعُ دَفْعُ ضَرَرِ النَّاسِ (وَيَقْسِمُ) الْقَاضِي (ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنَ الْعَبْدِ (وَمَا فِي يَدِهِ) أَيْ يَدِ الْمَأْذُونِ (مِنْ كَسْبِهِ) بَيْنَ الْغُرَمَاءِ (بِالْحِصَصِ) أَيْ بِمِقْدَارِ نَصِيبِ دَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ دُيُونَهُمْ مُتَعَلِّقَةٌ بِرَقَبَتِهِ فَيَتَحَاصَصُونَ
فِي الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْبَدَلِ كَمَا فِي التَّرِكَةِ (سَوَاءٌ) كَانَ (كَسْبُهُ) أَيْ كَسْبُ الْمَأْذُونِ مَا فِي يَدِهِ (قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ اتَّهَبَهُ) وَحَاصِلُهُ سَوَاءٌ كَانَ كَسْبُهُ قَبْلَ الدَّيْنِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْمُبَايَعَةِ أَوْ بِقَبُولِ الْهِبَةِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمَأْذُونِ فِي بَيْعِ كَسْبِهِ؛ لِأَنَّهُ الْخَصْمُ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ وَلَا حُضُورُ مَوْلَاهُ (وَمَا بَقِيَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَهُ مَا اقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ ثَمَنَهُ (يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ) وَلَا يُطَالَبُ بِهِ لِلْحَالِ إذْ لَهُمْ الْخِيَارُ فِي الْقَلِيلِ الْعَاجِلِ بِالْبَيْعِ وَالْكَثِيرِ الْآجِلِ بِالسِّعَايَةِ لَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَا فِي الطَّلَبِ مِنْ الْمَوْلَى لِانْقِطَاعِ تَعَلُّقِهِ بِهِ (وَمَا أَخَذَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ كَسْبِهِ (قَبْلَ) ظُهُورِ (الدَّيْنِ لَا يُسْتَرَدُّ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ حِينَ كَانَ فَارِغًا عَنْ حَاجَةِ الْعَبْدِ فَخَلَصَ لَهُ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (أَخْذُ غَلَّةِ) أَيْ أُجْرَةِ (مِثْلِهِ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْمَوْلَى يَأْخُذُ مِنْ الْعَبْدِ كُلَّ شَهْرٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مَثَلًا قَبْلَ لُحُوقِ الدَّيْنِ يَكُونُ لَهُ أَخْذُ غَلَّةٍ بَعْدَ وُجُودِ الدَّيْنِ مِثْلُ مَا أَخَذَهُ قَبْلَ الدَّيْنِ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْخُذَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمَوْلَى فِي الْكَسْبِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فِي أَخْذِهِ الْغَلَّةَ مَنْفَعَةٌ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ لِأَجْلِ مَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَيَنْسَدُّ عَلَيْهِمْ بَابُ الِاكْتِسَابِ (وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى غَلَّةِ مِثْلِهِ (لِلْغُرَمَاءِ) لِعَدَمِ ضَرُورَةٍ فِيهِ وَتَقَدُّمِ حَقِّهِمْ.
(وَيَنْحَجِرُ الْمَأْذُونُ) غَيْرُ الْمُدَبَّرِ (إنْ أَبَقَ) لِأَنَّ الْإِبَاقَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الْإِذْنِ عِنْدَنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَكَذَا يَمْنَعُ بَقَاءَهُ فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ كَالْبَيْعِ وَعِنْدَ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَبْقَى مَأْذُونًا؛ لِأَنَّ الْإِبَاقَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ الْإِذْنِ فَلَا يُنَافِي دَوَامَهُ وَهَلْ يَعُودُ الْإِذْنُ إنْ عَادَ مِنْ الْإِبَاقِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَعُودُ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ لَوْ أَذِنَ الْآبِقُ لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ لَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّ إذْنُهُ كَإِذْنِ الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّهُ قَدْ صَحَّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ إذْنُهُ بِهِ وَفَصَّلَ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ إنْ أَقَرَّ الْغَاصِبُ أَوْ كَانَ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ عَادِلَةٌ فَقَدْ صَحَّ الْإِذْنُ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ مَاتَ سَيِّدُهُ أَوْ جُنَّ مُطْبَقًا أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ) حَالَ كَوْنِهِ (مُرْتَدًّا) عَلِمَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَمَّا الْمَوْتُ فَلِأَنَّهُ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَأَمَّا الْجُنُونُ فَلِأَنَّهُ يُزِيلُ الْأَهْلِيَّةَ وَأَمَّا اللَّحَاقُ فَلِأَنَّهُ مَوْتٌ حُكْمًا (أَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ يَصِيرُ مَحْجُورًا إنْ حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ حَجَرْتُك عَنْ التَّصَرُّفِ أَوْ بِإِيصَالِ خَبَرِ الْحَجْرِ إلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْذُونُ حَجْرَ نَفْسِهِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الضَّرَرِ هُوَ قَضَاءُ الدَّيْنِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ (وَعَلِمَ بِهِ أَكْثَرُ أَهْلُ سُوقِهِ) أَيْ سُوقِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْأَكْثَرَ قَائِمٌ مَقَامَ الْكُلِّ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ شَائِعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا الْعَبْدُ فَيَكْفِي عِلْمُهُ حَجْرَهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ حَجْرُهُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ سُوقِهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ.
(وَ) تَنْحَجِرُ (الْأَمَةُ) الْمَأْذُونَةُ (إنْ اسْتَوْلَدَهَا سَيِّدُهَا) عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنْ أَنْ تَخْرُجَ إلَى النَّاسِ لِتُعَامِلَ مَعَهُمْ فَيَكُونُ الِاسْتِيلَادُ إحْصَانًا دَالًّا عَلَى الْحَجْرِ عَادَةً إلَّا إذَا أَذِنَهَا صَرِيحًا وَهُوَ يَتَفَوَّقُ دَلَالَةً.
وَقَالَ زُفَرُ لَا يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهَا اعْتِبَارًا لِلْبَقَاءِ بِالِابْتِدَاءِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَأْذَنَ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَالْبَقَاءُ أَسْهَلُ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (لَا) تَنْحَجِرُ الْأَمَةُ الْمَأْذُونُ (إنْ دَبَّرَهَا) الْمَوْلَى وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ لِانْعِدَامِ دَلَالَةِ الْحَجْرِ (وَيَضْمَنُ) الْمَوْلَى (الْقِيمَةَ فَقَطْ لِلْغَرِيمِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ بِهِمَا مَحَلًّا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ الْمَحْبُوسَةُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ بِفِعْلِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُمَا وَبِالْبَيْعِ يَقْضِي حَقَّهُمْ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَضْمَنُ.
(وَإِقْرَارُهُ) أَيْ الْمَأْذُونِ وَهُوَ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ (بَعْدَ الْحَجْرِ بِدَيْنٍ أَوْ بِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ) لِغَيْرِهِ (أَوْ غَصْبٌ) مِنْهُ (صَحِيحٌ) فَيَقْضِي مِمَّا فِي يَدِهِ لَا مِنْ رَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ بَلْ مِنْ كَسْبِ مَوْلَاهُ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُمَا قَالَا لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ هُوَ الْإِذْنُ وَقَدْ زَالَ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمُصَحِّحَ هُوَ الْيَدُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ حَقِيقَةً وَبُطْلَانُ الْيَدِ حُكْمًا بِالْحَجْرِ فَرَاغُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْإِكْسَابِ عَنْ حَاجَتِهِ وَإِقْرَارُهُ دَلِيلٌ عَلَى تَحَقُّقِهَا.
(وَإِنْ اسْتَغْرَقَ دَيْنُهُ) أَيْ دَيْنُ الْمَأْذُونِ (رَقَبَتَهُ مَا فِي يَدِهِ لَا يَمْلِكُ سَيِّدُهُ مَا فِي يَدِهِ) مِنْ اكْتِسَابِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا مِمَّا فِي يَدِهِ لَا يَصِحُّ) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا) وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (يَمْلِكُ) السَّيِّدُ مَا فِي يَدِهِ (فَيَصِحُّ عِتْقُهُ) فِي عَبْدِهِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ لِوُجُودِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي كَسْبِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مَالِكًا لِرَقَبَتِهِ وَلِهَذَا يَحِلُّ وَطْءُ الْمَأْذُونَةِ وَلَهُ أَنَّ مِلْكَ الْمَوْلَى إنَّمَا يَثْبُتُ خِلَافَةً عَنْ الْعَبْدِ عِنْدَ فَرَاغِهِ عَنْ حَاجَتِهِ وَالْمُحِيطُ بِهِ الدَّيْنُ مَشْغُولٌ بِهَا فَلَا يَخْلُفُهُ فِيهِ وَالْعِتْقُ وَعَدَمُهُ فَرْعُ ثُبُوتِ الْمِلْكِ وَعَدَمِهِ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَلَوْ اشْتَرَى ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَوْلَى لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى يَمْلِكُ مَا مَعَهُ لَعَتَقَ وَلَوْ أَتْلَفَ الْمَوْلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ الرَّقِيقِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى يَمْلِكُ مَا مَعَهُ لَمْ يَضْمَنْ.
(وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ) دَيْنُهُ رَقَبَتَهُ (صَحَّ) إعْتَاقُ عَبْدِهِ (اتِّفَاقًا) أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّهُ لَا يَعْرَى عَنْ دَيْنٍ قَلِيلٍ فَلَوْ جُعِلَ مَانِعًا لَا يَبْقَى الِانْتِفَاعُ بِكَسْبِهِ فَيَفُوتُ الْغَرَضُ مِنْ الْإِذْنِ (وَيَصِحُّ بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ هَذَا الْمَأْذُونِ (مِنْ سَيِّدِهِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ) أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا تُهْمَةَ فِي الْبَيْعِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ فَيَصِحُّ (لَا) يَصِحُّ بَيْعُهُ (بِأَقَلَّ) مِنْ الْقِيمَةِ وَلَوْ يَسِيرًا لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِالْمَالِيَّةِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ حَقَّهُمْ أَمَّا لَوْ كَانَ دَيْنُهُ أَقَلَّ بِحَيْثُ لَا يُحِيطُ فَجَازَ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَهَذَا عِنْدَهُ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَبِيعُ مِنْ سَيِّدِهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ السَّيِّدَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إزَالَةِ الْغَبْنِ وَبَيْنَ نَقْضِ الْبَيْعِ وَيَبِيعُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ
لَا الْفَاحِشِ وَقِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ كَقَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْكَافِي.
(وَ) يَصِحُّ (بَيْعُ سَيِّدِهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ هَذَا الْمَأْذُونِ (بِمِثْلِهَا) أَيْ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ وَبِالْأَقَلِّ مِنْهَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى أَجْنَبِيٌّ عَنْ كَسْبِ عَبْدِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْكَلَامُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ كَسْبَهُ فَيَخْرُجُ الْمَبِيعُ عَنْ مِلْكِهِ فَيَصِحُّ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ وَعِنْدَهُمَا جَوَازُ الْبَيْعِ يَعْتَمِدُ عَلَى الْفَائِدَةِ وَقَدْ وُجِدَتْ فَإِنَّ الْمَوْلَى يَسْتَحِقُّ أَخْذَ الثَّمَنِ وَالْعَبْدِ الْمَبِيعِ فَثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا قَبْلَ ذَلِكَ فَأَفَادَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (لَا) يَصِحُّ (بِأَكْثَرَ) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تَعَلَّقَ بِهَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ (فَلَوْ بَاعَ) الْمَوْلَى مِنْهُ (بِأَكْثَرَ) مِنْ قِيمَةِ الْمِثْلِ (يَحُطُّ) الْمَوْلَى (الزَّائِدَ) عَنْ الْقِيمَةِ (أَوْ يَنْقُصُ الْبَيْعُ صِيَانَةً لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ) كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ بِلَا ذِكْرِ الْخِلَافِ لَكِنْ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ عِنْدَهُمَا وَأَمَّا عِنْدَهُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ وَإِنْ أَسْقَطَ الْمُحَابَاةَ وَكَانَ الْغَبْنُ يَسِيرًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (فَإِنْ سَلَّمَ سَيِّدُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْعَبْدِ (الْمَبِيعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ سَقَطَ) عَنْ ذِمَّةِ هَذَا الْمَأْذُونِ (الثَّمَنُ) أَيْ ثَمَنُ مَبِيعٍ بَاعَهُ سَيِّدُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمَّا سَلَّمَ الْمَبِيعَ فَقَدْ أَبْطَلَ حَقَّهُ مِنْ الْعَيْنِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ إلَّا فِي الدَّيْنِ مَعَ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا فَيَبْطُلُ الثَّمَنُ أَيْضًا فَيَخْرُجُ مَجَّانًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا حَيْثُ يَكُونُ الْمَوْلَى أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ بِالْعَيْنِ بِالْعَقْدِ فَمَلَكَهُ بِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِعَيْنِهِ فَكَانَ أَحَقَّ بِهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْعَبْدُ مِنْ سَيِّدِهِ فَسَلَّمَ إلَيْهِ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا فِي يَدِ الْعَبْدِ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (حَتَّى يَأْخُذَ ثَمَنَهُ) لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُزِيلُ مِلْكَ الْيَدِ مَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ الثَّمَنُ فَيَبْقَى لِلْمَوْلَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ وَلِذَا يَكُونُ أَخَصَّ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (وَيَضْمَنُ السَّيِّدُ) لِلْغُرَمَاءِ (بِإِعْتَاقِهِ) الْعَبْدَ (الْمَأْذُونَ) حَالَ كَوْنِهِ (مَدْيُونًا الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ الْعَبْدِ (وَمِنْ الدَّيْنِ) أَيْ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَأْذُونِ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ ضَمِنَ سَيِّدُهُ لِلْغُرَمَاءِ الْقِيمَةَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِرَقَبَتِهِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ ضَمِنَ الدَّيْنَ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ إلَّا فِيهِ وَقَدْ وَصَلُوا إلَيْهِ وَصَارَ هَذَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ الرَّاهِنُ الْمَرْهُونَ (وَمَا زَادَ مِنْ دَيْنِهِ عَلَى قِيمَتِهِ طُولِبَ بِهِ مُعْتَقًا) أَيْ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُطَالِبُوهُ بَعْدَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُسْتَقِرٌّ فِي ذِمَّتِهِ لِوُجُوبِ سَبَبِهِ وَالْمَوْلَى لَمْ يُتْلِفْ إلَّا قَدْرَ الْقِيمَةِ فَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَيْهِ كَمَا كَانَ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ يُؤْخَذُ مِنْ كَسْبِهِ وَإِلَّا طُولِبَ بَعْدَ عِتْقِهِ قِيلَ الْغُرَمَاءُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا اتَّبَعُوا الْمُعْتَقَ بِالدَّيْنِ وَإِنْ شَاءُوا اتَّبَعُوا الْمَوْلَى بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ.
(وَإِنْ بَاعَهُ) الْمَوْلَى (وَهُوَ) أَيْ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ (مَدْيُونٌ مُسْتَغْرِقٌ) بِرَقَبَتِهِ (وَغَيَّبَهُ مُشْتَرِيهِ) أَيْ جَعَلَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَبْضِهِ غَائِبًا (فَلِلْغُرَمَاءِ إجَازَةُ بَيْعِهِ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ) أَيْ إنْ شَاءَ الْغُرَمَاءُ أَجَازُوا الْبَيْعَ
وَأَخَذُوا ثَمَنَ الْعَبْدِ وَحِينَئِذٍ لَا يُضَمِّنُونَ أَحَدًا الْقِيمَةَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ
وَالْإِجَازَةُ اللَّاحِقَةُ كَالْإِذْنِ السَّابِقِ (أَوْ تَضْمِينُ أَيٍّ شَاءُوا مِنْ السَّيِّدِ أَوْ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ) أَيْ قِيمَةَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِبَيْعِهِ وَتَسْلِيمِهِ إلَى الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَغَيَّبَهُ؛ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ إذَا قَدَرُوا عَلَى الْعَبْدِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُبْطِلُوا الْبَيْعَ إلَّا أَنْ يَقْضِيَ الْمَوْلَى دُيُونَهُمْ (فَإِنْ ضَمَّنُوا السَّيِّدَ) أَيْ إنْ اخْتَارُوا تَضْمِينَ قِيمَتِهِ إيَّاهُ (ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ) أَيْ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ بِقَضَاءٍ (بِعَيْبٍ) أَيْ بِسَبَبِ عَيْبٍ بَعْدَمَا ضَمَّنَهُ الْغُرَمَاءُ قِيمَتَهُ (رَجَعَ) الْمَوْلَى (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْغُرَمَاءِ (بِالْقِيمَةِ وَعَادَ حَقُّهُمْ) أَيْ الْغُرَمَاءِ (فِي الْعَبْدِ) لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ قَدْ زَالَ وَهُوَ الْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ هَذَا إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَكَذَا إذَا رَدَّهُ عَلَيْهِ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الشَّرْطِ وَإِنْ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَلَا سَبِيلَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا لِلْمَوْلَى عَلَى الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالتَّرَاضِي إقَالَةٌ وَهِيَ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِهِمْ رَجَعُوا بِهِ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ.
(وَإِنْ بَاعَهُ) الْمَوْلَى (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (أَعْلَمَ) الْمُشْتَرِيَ (بِكَوْنِهِ مَدْيُونًا فَلِلْغُرَمَاءِ رَدُّ الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَصِلْ ثَمَنُهُ إلَيْهِمْ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمْ تَعَلَّقَ بِهِ وَهُوَ حَقُّ الِاسْتِسْعَاءِ أَوْ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ رَقَبَتِهِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَائِدَةٌ فَالْأَوَّلُ تَامٌّ مُؤَخَّرٌ وَالثَّانِي نَاقِصٌ مُعَجَّلٌ وَبِالْبَيْعِ تَفُوتُ هَذِهِ الْخِيرَةُ فَلِهَذَا لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ.
(وَإِنْ وَصَلَ) ثَمَنُهُ إلَيْهِمْ (وَلَا مُحَابَاةَ فِي الْبَيْعِ فَلَا) أَيْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ لِوُصُولِ حَقِّهِمْ إلَيْهِمْ فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَكَانَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِ الْغُرَمَاءِ وَالثَّمَنُ لَا يَفِي بِدَيْنِهِمْ فَأَمَّا إذَا كَانَ دَيْنُهُمْ مُؤَجَّلًا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ مُتَأَخِّرٌ وَكَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِطَلَبِهِمْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ لِأَجْلِهِمْ وَكَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ يَفِي بِدَيْنِهِمْ (فَإِنْ غَابَ الْبَائِعُ) بَعْدَ بَيْعِ الْمَوْلَى الْمَأْذُونِ وَقَبْضِ الْمُشْتَرِي (فَالْمُشْتَرِي لَيْسَ خَصْمًا لَهُمْ إنْ أَنْكَرَ) الْمُشْتَرِي (الدَّيْنَ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هُوَ خَصْمٌ وَيَقْضِي لَهُمْ بِالدَّيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الْمِلْكَ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ خَصْمًا لِكُلِّ مَنْ يُنَازِعُهُ وَلَهُمَا أَنَّ الدَّعْوَى تَتَضَمَّنُ فَسْخَ الْعَقْدِ وَقَدْ قَامَ بِهِمَا فَيَكُونُ الْفَسْخُ قَضَاءً عَلَى الْغَائِبِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَوَهَبَهَا وَسَلَّمَهَا وَغَابَ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَالْمَوْهُوبُ لَهُ لَيْسَ بِخَصْمٍ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا وَالْمُشْتَرِي غَائِبًا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ إجْمَاعًا.
(وَمَنْ قَالَ) عِنْدَ قُدُومِهِ مِصْرًا (أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَاشْتَرَى وَبَاعَ) سَاكِتًا عَنْ إذْنِهِ وَحَجْرِهِ أَوْ سَاكِتًا (فَحُكْمُهُ كَالْمَأْذُونِ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الصَّلَاحِ وَالْجَوَازُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِذْنِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْعَمَلَ بِالظَّاهِرِ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ أَوْ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ وَإِقْدَامَهُ