الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى قَوْلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَاضِيًا عَلَى الرُّسْتَاقِ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَلَوْ عَلِمَ بِحَادِثَةٍ فِي مِصْرٍ فَعُزِلَ، ثُمَّ أُعِيدَ فَعِنْدَهُ لَا يَقْضِي وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي.
[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]
فَصَلِّ قَالَ فِي النِّهَايَةِ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ كِتَابَ الْقَاضِي إذَا كَانَ سِجِلًّا اتَّصَلَ بِهِ قَضَاؤُهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ إمْضَاؤُهُ إذَا كَانَ فِي مَحَلٍّ مُجْتَهَدٍ فِيهِ، بِخِلَافِ الْكِتَابِ الْحُكْمِيِّ فَإِنَّ الرَّأْيَ لَهُ فِي التَّنْفِيذِ وَالرَّدِّ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى بَيَانِ تَعْدَادِ مَحَالِّ الِاجْتِهَادِ بِذِكْرِ أَصْلٍ يَجْمَعُهَا، وَهَذَا الْفَصْلُ لِبَيَانِ ذَلِكَ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ.
(وَيَجُوزُ قَضَاءُ الْمَرْأَةِ) فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ لِكَوْنِهَا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ لَكِنْ أَثِمَ الْمُوَلِّي لَهَا لِلْحَدِيثِ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» (فِي غَيْرِ حَدٍّ وَقَوَدٍ) إذْ لَا يَجْرِي فِيهَا شَهَادَتُهَا، وَكَذَا قَضَاؤُهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَلَوْ قَضَتْ فِي حَدٍّ وَقَوَدٍ فَرُفِعَ إلَى قَاضٍ آخَرَ فَأَمْضَاهُ لَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُبْطِلَهُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَأَمَّا قَضَاءُ الْخُنْثَى فَيَصِحُّ بِالْأَوْلَى وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ فِي الْحُدُودِ وَالْقَوَدِ لِشُبْهَةِ الْأُنُوثَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَلَا يُسْتَخْلَفُ قَاضٍ) عَلَى الْقَضَاءِ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ خَلِيفَتِهِ وَلَوْ مَرِيضًا.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: إنَّهُ نَافِذٌ فَلَا يُبْطِلُهُ حَاكِمٌ اعْتِبَارًا بِالْحُكْمِ (إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ) الِاسْتِخْلَافُ بِأَنْ قِيلَ مِنْ قِبَلِ الْمُقَلِّدِ: وَلِّ مَنْ شِئْتَ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ بِالْإِذْنِ دَلَالَةً كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، فَلَوْ جُعِلَ قَاضِيَ الْقُضَاةِ كَانَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْقَضَاءِ تَقْلِيدًا وَعَزْلًا.
وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْخَلِيفَةُ إذَا أَذِنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا وَأَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ جَازَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ ثُمَّ وَثُمَّ، فَلَوْ اسْتَخْلَفَ الْمَأْمُورُ بِالِاسْتِخْلَافِ رَجُلًا فَقَضَى لِلْقَاضِي الَّذِي اسْتَنَابَهُ أَوْ وَلِيَهُ مُسْتَنِيبُهُ جَازَ قَضَاؤُهُ وَيَقْضِي النَّائِبُ بِمَا شَهِدُوا بِهِ عِنْدَ الْأَصْلِ، وَعَكْسُهُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَا يَقْضِي الْقَاضِي بِالْحُرْمَةِ الْغَلِيظَةِ بِكَلَامِ النَّائِبِ، أَمَّا النَّائِبُ يَقْضِي بِكَلَامِ الْقَاضِي إذَا أَخْبَرَهُ (بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِالْجُمُعَةِ) فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ لِكَوْنِهَا عَلَى شَرَفِ الْفَوَاتِ لِتَوَقُّتِهِ فَكَانَ الْأَمْرُ بِهِ إذْنًا فِي الِاسْتِخْلَافِ دَلَالَةً، وَكَذَلِكَ الْقَضَاءُ (وَإِذَا اسْتَخْلَفَ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ) الِاسْتِخْلَافُ (فَنَائِبُهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ) أَيْ بِعَزْلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ إيَّاهُ لِأَنَّهُ صَارَ نَائِبًا عَنْ الْأَصِيلِ إلَّا إذَا فُوِّضَ إلَيْهِ ذَلِكَ بِأَنْ قِيلَ لَهُ مِنْ قِبَلِ السُّلْطَانِ: اسْتَبْدِلْ مَنْ شِئْت فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ الْعَزْلُ (وَلَا) يَنْعَزِلُ (بِمَوْتِهِ) أَيْ بِمَوْتِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ (بَلْ هُوَ نَائِبُ الْأَصْلِ) حَقِيقَةً، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي انْعَزَلَ بِمَوْتِهِ كَمَا فِي هِدَايَةِ النَّاطِفِيِّ وَلَمْ يَنْعَزِلْ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَإِلَى أَنَّ قَاضِيَ أَمِيرِ النَّاحِيَةِ انْعَزَلَ بِمَوْتِهِ بِخِلَافِ مَوْتِ الْخَلِيفَةِ حَيْثُ لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي كَمَا لَا يَنْعَزِلُ أُمَرَاؤُهُ.
وَفِي الْفَوَاكِهِ الْبَدْرِيَّةِ: وَنَائِبُ الْقَاضِي فِي زَمَانِنَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَبِمَوْتِهِ فَإِنَّهُ نَائِبُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.
وَفِي الْمُحِيطِ: إذَا عُزِلَ السُّلْطَانُ انْعَزَلَ نَائِبُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ
الْقَاضِي حَيْثُ لَا يَنْعَزِلُ نَائِبُهُ هَكَذَا قِيلَ وَلَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي إذَا عُزِلَ السُّلْطَانُ مَا لَمْ يَصِلْ الْخَبَرُ إلَيْهِ كَالْوَكِيلِ وَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَائِبِهِ الْقَاضِي، وَالْقَاضِي إذَا قَالَ: عَزَلْتُ نَفْسِي أَوْ أَخْرَجْتُ نَفْسِي وَسَمِعَ السُّلْطَانُ يَنْعَزِلُ، وَإِلَّا لَا، وَقِيلَ لَا يَنْعَزِلُ أَصْلًا لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْعَامَّةِ فَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ (وَغَيْرُ الْمُفَوَّضِ) إلَيْهِ الِاسْتِخْلَافُ (إنْ قَضَى نَائِبُهُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ) قَضَى (بِغَيْبَتِهِ فَأَجَازَهُ) الْأَصِيلُ عِنْدَ اسْتِمَاعِهِ (جَازَ) قَضَاؤُهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَخْلَفُ أَهْلًا لِلْقَضَاءِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ رَأْيِ الْأَوَّلِ وَقَدْ وُجِدَ (كَمَا فِي الْوَكَالَةِ) أَيْ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَا وَكَّلَ غَيْرَهُ فَبَاشَرَ وَكِيلُهُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِغَيْبَتِهِ فَأَجَازَ عَمَلَهُ جَازَ.
(وَإِذَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي حُكْمُ قَاضٍ آخَرَ فِي أَمْرٍ اُخْتُلِفَ فِيهِ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ) قِيلَ هُوَ زَمَانُ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ مَا يَعُمُّ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ الْمُجْتَهِدِينَ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - فِي الْأَصَحِّ (أَمْضَاهُ) الْقَاضِي الْمَرْفُوعُ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُوَافِقًا لِرَأْيِهِ أَوْ مُخَالِفًا لِأَنَّ الْقَضَاءَ مَتَى لَاقَى مُجْتَهَدًا فِيهِ يَنْفُذُ وَلَا يُنْقَضُ بِاجْتِهَادٍ آخَرَ لِأَنَّ اجْتِهَادَ الثَّانِي كَاجْتِهَادِ الْأَوَّلِ وَقَدْ تَرَجَّحَ الْأَوَّلُ بِالْقَضَاءِ بِهِ، وَلَا يُنْقَضُ بِمَا دُونَهُ (إنْ لَمْ يُخَالِفْ الْكِتَابَ) كَالْقَضَاءِ بِحِلِّ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا إذْ هُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ} [الأنعام: 121] كَمَا فِي الْمِنَحِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُمَثَّلَ الْقَضَاءُ بِتَقْدِيمِ الْوَارِثِ عَلَى الْمَدْيُونِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ نَافِذٌ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (أَوْ السُّنَّةَ الْمَشْهُورَةَ) كَالْقَضَاءِ بِحِلِّ الْمُطَلَّقَةِ الثَّلَاثَةَ بِنِكَاحِ الثَّانِي بِلَا وَطْءٍ، إذْ هُوَ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ حَدِيثُ الْعُسَيْلَةِ (أَوْ الْإِجْمَاعَ) كَالْقَضَاءِ بِحِلِّ مُتْعَةِ النِّسَاءِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى فَسَادِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْقَاضِي عَالِمًا بِاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ حَتَّى لَوْ قَضَى بِفَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ وَاتَّفَقَ وُقُوعُ قَضَائِهِ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ لَا يَجِبُ عَلَى الثَّانِي تَنْفِيذُهُ.
وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ - يَعْنِي كَوْنَهُ عَالِمًا بِالِاخْتِلَافِ - وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ لَكِنْ يُفْتَى بِخِلَافِهِ، انْتَهَى.
فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ فِي زَمَانِنَا لِأَنَّ قُضَاةَ زَمَانِنَا غَالِبًا لَا مَعْرِفَةَ لَهُمْ بِمَذَاهِبِهِمْ فَضْلًا عَنْ عِلْمِهِمْ بِمَذَاهِبِ بَقِيَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ.
وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ.
(وَمَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ خِلَافُ الْبَعْضِ) كَالْحُكْمِ بِجَوَازِ بَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ لِأَنَّ هَذَا حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - لَكِنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنْكَرُوا وَرَدُّوا عَلَيْهِ.
قِيلَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ يُعْتَبَرُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَلِّ فِي مُقَابَلَةِ اتِّفَاقِ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْ الصَّحَابَةِ رُبَّمَا خَالَفَ الْجَمْعَ الْكَثِيرَ، وَلَمْ يَقُولُوا نَحْنُ أَكْثَرُ مِنْكُمْ، يُقَالُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْكِتَابِ خِلَافٌ، وَفِي الْأُصُولِ اخْتِلَافٌ فَافْتَرَقَا، وَذَلِكَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ إذَا خَالَفَهُمْ إنْ جَوَّزُوا لَهُ يَكُونُ اخْتِلَافًا، وَإِنْ لَمْ يُجَوِّزُوا
يَكُونُ خِلَافًا.
وَفِي الْمِنَحِ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْأَدَبِ: لَوْ قَضَى فِي مَوْضِعِ الِاخْتِلَافِ يَجُوزُ وَفِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ لَا يَجُوزُ، أَرَادَ بِالْأَوَّلِ مَا كَانَ فِيهِ خِلَافٌ مُعْتَبَرٌ كَالْخِلَافِ بَيْنَ السَّلَفِ، وَأَرَادَ بِمَوْضِعِ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا، وَلَمْ يُعْتَبَرْ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ الْخِلَافُ عِبَارَةٌ عَنْ الْقَوْلِ الْمَهْجُورِ لِكَوْنِهِ مُقَابِلًا لِقَوْلِ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ الْخِلَافُ قَوْلٌ بِلَا دَلِيلٍ مُقَرِّرٍ، وَالِاخْتِلَافُ قَوْلٌ بِدَلِيلٍ مُعْتَبَرٍ، وَقِيلَ الْخِلَافُ مِنْ آثَارِ الْبِدْعَةِ، وَالِاخْتِلَافُ مِنْ آثَارِ الرَّحْمَةِ.
(وَالْقَضَاءُ بِحِلٍّ أَوْ حُرْمَةٍ يَنْفُذُ ظَاهِرًا) أَيْ فِيمَا بَيْنَنَا (وَبَاطِنًا) أَيْ فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بِشَهَادَةِ زُورٍ إذَا اُدُّعِيَ بِسَبَبٍ مُعَيَّنٍ) مِنْ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ كَالنِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْإِقَالَةِ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالنَّسَبِ، وَفِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ رِوَايَتَانِ (وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا بِشَهَادَةِ الزُّورِ) وَإِنْ نَفَذَ ظَاهِرًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ فَرَّعَ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةَ زُورٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَحَكَمَ بِهِ حَلَّ لَهَا تَمْكِينُهُ) أَيْ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجُلِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةَ زُورٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَحَلَّ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ الْوَطْءِ عِنْدَ الْإِمَامِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا - كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ - قَضَى بِالنِّكَاحِ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ فَزَوِّجْنِي، فَقَالَ عَلِيٌّ: شَاهِدَاك زَوَّجَاك، وَلَمْ يَلْتَفِتْ لِقَوْلِهَا مِنْ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ مَعَ كَوْنِ الشُّهُودِ زُورًا بِدَلَالَةِ الْقِصَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ إنْشَاءِ عَقْدٍ صَحِيحٍ، وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ مُكَلَّفٌ بِحَسَبِ الْوُسْعِ فَيَجِبُ التَّعْدِيلُ عَلَيْهِ، إذْ الْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ الصِّدْقِ مُتَعَذِّرٌ بِخِلَافِ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْكُفَّارِ وَالْعَبِيدِ، وَالْحُكْمِ عَلَى نِكَاحِ الْمَنْكُوحَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ، إذْ الْوُقُوفُ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُمْكِنٌ وَلَا يَلْزَمُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِي إنْشَاءِ الْقَاضِي بِالْحُكْمِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ حُضُورُ الِاثْنَيْنِ فِي خُصُوصِ النِّكَاحِ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ فِي ضِمْنِ صِحَّةِ الْقَضَاءِ ثَبَتَ اقْتِضَاءً لَا صَرِيحًا فَلَا تُرَاعَى شَرَائِطُهُ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ شَهَادَةَ الزُّورِ حُجَّةٌ فِي الظَّاهِرِ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ بِقَدْرِ الْحُجَّةِ وَلَا يَكُونُ حُجَّةً فِي الْبَاطِنِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا ذَلِكَ عِنْدَهُمَا.
وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَأَثِمَ الشَّاهِدَانِ إثْمًا عَظِيمًا، وَلَا بُدَّ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ زِيَادَةِ قَيْدٍ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَحَلِّ مَانِعٌ لِإِنْشَاءِ الْعَقْدِ لِأَنَّ قَضَاءَهُ فِيمَا لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ إنْشَائِهِ أَصْلًا لَا يُفِيدُ الْحِلَّ بِالْإِجْمَاعِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: إذَا قَضَى الْقَاضِي بِشُهُودِ زُورٍ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُطَلِّقْهَا لَا يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَحِلُّ لَهُ وَلَا يَحِلُّ لِلثَّانِي إذَا عَلِمَ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ سِرًّا.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَحِلُّ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الثَّانِي (وَفِي الْأَمْلَاكِ الْمُرْسَلَةِ) أَيْ الْمُطْلَقَةِ وَهِيَ الَّتِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا سَبَبٌ مُعَيَّنٌ (لَا يَنْفُذُ بَاطِنًا اتِّفَاقًا) لِعَدَمِ احْتِمَالِ الْإِنْشَاءِ
فِي نَفْسِ الْمِلْكِ بِدُونِ السَّبَبِ كَمَا فِي الصَّرِيحِ كَمَنْ ادَّعَى أَمَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ مُطْلَقًا، وَلَمْ يَقُلْ اشْتَرَيْتهَا مَثَلًا وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةَ زُورٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِهَا لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِالْإِجْمَاعِ.
(وَالْقَضَاءُ فِي مُجْتَهَدٍ فِيهِ بِخِلَافِ رَأْيِهِ) وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ مُتَعَلِّقٌ بِالْقَضَاءِ (نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا)(لَا يَنْفُذُ عِنْدَهُمَا) لِأَنَّهُ قَضَاءٌ بِمَا هُوَ خَطَأٌ عِنْدَهُ (وَبِهِ يُفْتَى) كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَالْهِدَايَةِ (وَعِنْدَ الْإِمَامِ يَنْفُذُ لَوْ) قَضَى (نَاسِيًا.
وَفِي الْعَمْدِ رِوَايَتَانِ) عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ لَا يَنْفُذُ.
وَفِي رِوَايَةٍ يَنْفُذُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَطَأٍ بِيَقِينٍ، فَفِي الْخَانِيَّةِ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ نَفَاذُ قَضَائِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
وَفِي الْفَتْحِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْفَتْوَى، وَالْوَجْهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ يُفْتَى بِقَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّ التَّارِكَ لِمَذْهَبِهِ عَمْدًا لَا يَفْعَلُهُ إلَّا لِهَوًى بَاطِلٍ لَا لِقَصْدٍ جَمِيلٍ، وَأَمَّا النَّاسِي فَلِأَنَّ الْمُقَلِّدَ إنَّمَا وَلَّاهُ لِيَحْكُمَ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ فَلَا يَمْلِكُ الْمُخَالَفَةَ فَيَكُونُ مَعْزُولًا بِالنِّسْبَةِ إلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ أَمَرَ السُّلْطَانُ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُ سَمَاعِهَا وَلَوْ سَمِعَهَا وَقَضَى لَا يَنْفُذُ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا بِالنِّسْبَةِ إلَى تِلْكَ الْحَادِثَةِ كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي قَضِيَّةٍ فِي عَصْرٍ، ثُمَّ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي عَصْرٍ آخَرَ هَلْ يَرْتَفِعُ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ أَمْ لَا؟
فَعِنْدَهُ يَرْتَفِعُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَرْتَفِعُ فَيَكُونُ الْخِلَافُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ.
(وَلَا يَقْضِي) الْقَاضِي أَيْ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ (عَلَى غَائِبٍ) وَلَا يَقْضِي لَهُ عِنْدَنَا لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْبَيِّنَةِ وَهِيَ لَمْ تَعْمَلْ إلَّا إذَا سَلِمَتْ عَنْ الطَّعْنِ، وَالطَّاعِنُ غَائِبٌ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: قَضَى لِلْغَائِبِ أَوْ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ خَصْمٍ حَاضِرٍ، قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ: وَلِذَا فَسَّرْنَا بِعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِعَدَمِ النَّفَاذِ لِقَوْلِهِمْ إذَا نَفَّذَهُ قَاضٍ آخَرُ يَرَاهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَاخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي نَفَاذِهِ، فَقِيلَ: لَا يَنْفُذُ، وَقِيلَ يَنْفُذُ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ فِي الْفَتْحِ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي نَفْسِ الْقَضَاءِ، قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ: فِي نَفَاذِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ رِوَايَتَانِ، وَنَحْنُ نُفْتِي بِعَدَمِ النَّفَاذِ كَيْ لَا يَتَطَرَّقُوا إلَى إبْطَالِ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا، وَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ خُوَاهَرْ زَادَهْ، لَكِنْ اشْتَبَهَ عَلَى كَثِيرٍ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْفَتْوَى عَلَى النَّفَاذِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي شَافِعِيًّا يَرَاهُ أَوْ حَنَفِيًّا لَا يَرَاهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ فِي حَقٍّ لَمْ يَرَاهُ لِاجْتِمَاعِ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ، وَلَوْ كَانَ أَعَمَّ لَزِمَ هَدْمُ مَذْهَبِنَا (إلَّا بِحَضْرَةِ نَائِبِهِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَقْضِي عَلَى غَائِبٍ أَيْ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَا لَهُ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ (حَقِيقَةً كَوَكِيلِهِ) وَأَبِيهِ، وَوَصِيِّ الْمَيِّتِ، وَمُتَوَلِّي الْوَقْفِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ بِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَحْكُمُ عَلَى الْغَائِبِ وَعَلَى الْمَيِّتِ وَيَكْتُبُ فِي السِّجِلِّ أَنَّهُ حَكَمَ عَلَى الْغَائِبِ بِحَضْرَةِ وَكِيلِهِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ بِحَضْرَةِ وَصِيِّهِ (أَوْ شَرْعًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَقِيقَةً أَيْ بِإِقَامَةِ الشَّرْعِ عَنْهُ (كَوَصِيٍّ نَصَّبَهُ
الْقَاضِي) كَمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَيِّتًا وَلَهُ صَغِيرٌ قَدْ نَصَّبَ لَهُ وَصِيًّا (أَوْ حُكْمًا) لِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ (بِأَنْ كَانَ مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا) لَازِمًا (لِمَا يَدَّعِي عَلَى الْحَاضِرِ) مِنْ نَحْوِ الْمِلْكِ كَمَا إذَا ادَّعَى دَارًا عَلَى حَاضِرٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَائِبِ فَإِنَّهُ إنْ صَدَّقَهُ الْحَاضِرُ لَا يُسَلِّمُهَا الْقَاضِي إلَى الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ وَهَذَا حِيلَةٌ لِدَفْعِ دَعْوَى الْخَارِجِ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ الْحَاضِرُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ قَضَى الْقَاضِي بِهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا وَلِذَا لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ، فَالْحَاضِرُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ شُفْعَةَ دَارٍ بِشِرَائِهِ مِنْ الْغَائِبِ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْكَفَالَةَ بِأَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ كَذَا وَهَذَا كَفِيلٌ عَنْهُ بِأَمْرِهِ يَقْضِي الْقَاضِي عَلَى الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِأَمْرِهِ لَا يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى حَدَّ الْقَذْفِ عَلَى قَاذِفِهِ، فَقَالَ الْقَاذِفُ: أَنَا عَبْدٌ، وَقَالَ الْمَقْذُوفُ: أَعْتَقَك مَوْلَاك، وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ قَضَى عَلَيْهِمَا أَوْ ادَّعَى الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ الشَّاهِدَ عَبْدٌ لِفُلَانٍ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمَالِكَ الْغَائِبَ أَعْتَقَهُ تُقْبَلُ وَيَقْضِي عَلَيْهِمَا، وَهِيَ حِيلَةُ إثْبَاتِ الْعِتْقِ عَلَى الْغَائِبِ، وَلَوْ قَالَ الْقَاذِفُ: إنَّ أُمَّ الْمَقْذُوفِ أَمَةُ فُلَانٍ وَقَدْ قَذَفَهُ بِابْنِ الزَّانِيَةِ، فَأَقَامَ الْمَقْذُوفُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ أُمَّهُ بِنْتُ فُلَانٍ الْقُرَيْشِيَّةُ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْحَدِّ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالنَّسَبِ أَيْضًا كَمَا فِي أَكْثَرِ الشُّرُوحِ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ أُمِّهِ بِنْتَ فُلَانٍ الْقُرَيْشِيَّةَ لَا يُنَافِي كَوْنَهَا أَمَةً لِجَوَازِ أَنَّ أُمَّهَا أَمَةٌ فَتَكُونُ أَمَةً تَبَعَةً لِلْأُمِّ، تَدَبَّرْ.
وَفِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ نَظَائِرُ كَثِيرَةٌ فَلْيُرْجَعْ إلَيْهِمَا (فَإِنْ كَانَ) مَا يَدَّعِي عَلَى الْغَائِبِ وَالْأَوْلَى، وَإِنْ كَانَ بِالْوَاوِ (شَرْطًا) لِمَا يَدَّعِيهِ عَلَى الْحَاضِرِ (لَا يَصِحُّ) وَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى الْحَاضِرِ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ، هَذَا قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ كَالسَّبَبِ لِجَامِعِ التَّوَقُّفِ، وَأَطْلَقَ ذِكْرَ الشَّرْطِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ فِي الْكَافِي إنَّ الْأَصَحَّ هُوَ أَنَّ الشَّرْطَ إنْ تَضَمَّنَ ضَرَرَ الْغَائِبِ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ السَّبَبِ قَالَ قَاضِي خَانْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ طَلَّقَ فُلَانٌ زَوْجَتَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ فَهُوَ كَالسَّبَبِ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ امْرَأَتَهُ بِدُخُولِ فُلَانٍ الدَّارَ فَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ عَلَى الدُّخُولِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا.
وَفِي الْمِنَحِ: وَأَمَّا حِيلَةُ إثْبَاتِ طَلَاقِ الْغَائِبِ الْمَذْكُورَةُ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ فَكُلُّهَا الضَّعْفُ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ كَالسَّبَبِ.
فَمِنْهَا حِيلَةُ الْكَفَالَةِ بِمَهْرِهَا مُعَلَّقَةً بِطَلَاقِهِ.
وَمِنْهَا دَعْوَاهَا كَفَالَةً بِنَفَقَةِ الْعِدَّةِ مُعَلَّقَةً بِالطَّلَاقِ وَمَعَ هَذَا لَوْ حَكَمَ بِحُرْمَةٍ نَفَذَ لِاخْتِلَافِ الْمَشَايِخِ.
(وَيُقْرِضُ الْقَاضِي مَالَ الْيَتِيمِ) وَكَذَا مَالُ الْوَقْفِ وَالْغَائِبِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِخْرَاجِهِ مَتَى شَاءَ، مَعَ حُصُولِ مَنْفَعَةِ الْحِفْظِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ (وَيَكْتُبُ ذِكْرَ الْحَقِّ) أَيْ يَكْتُبُ الصَّكَّ