الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ فَضَلَ غَلَّةُ أَحَدِهِمَا لَا يَشْتَرِكَانِ بِخِلَافِ الدَّارِ الْوَاحِدَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الدَّارَيْنِ مَعْنَى التَّمْيِيزِ وَالْإِفْرَازُ رَاجِحٌ لِاتِّحَادِ زَمَانِ الِاسْتِيفَاءِ وَفِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ يَتَعَاقَبُ الْوُصُولُ فَاعْتُبِرَ فَرْضًا وَجُعِلَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَوْبَتِهِ كَالْوَكِيلِ عَنْ صَاحِبِهِ فَلِذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْفَضْلِ.
(وَ) يَجُوزُ التَّهَايُؤُ (فِي اسْتِغْلَالِ عَبْدَيْنِ هَذَا هَذَا) أَيْ يَسْتَغِلُّ هَذَا الشَّرِيكُ هَذَا الْعَبْدَ وَيَأْخُذُ غَلَّتَهُ (وَهَذَا الْآخَرَ) أَيْ يَسْتَغِلُّ الشَّرِيكُ الْآخَرَ وَيَأْخُذُ غَلَّتَهُ (وَلَا يَجُوزُ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي أَعْيَانِ الرَّقِيقِ أَكْثَرُ مِنْ التَّفَاوُتِ مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَمْتَنِعَ الْجَوَازُ وَالتَّهَايُؤُ فِي الْخِدْمَةِ يَجُوزُ ضَرُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْغَلَّةِ لِإِمْكَانِ قِسْمَتِهَا لِكَوْنِهِ عَيْنًا وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ هُوَ التَّسَامُحُ فِي الْخِدْمَةِ وَالِاسْتِقْصَاءِ فِي الِاسْتِغْلَالِ فَلَا يَتَقَايَسَانِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (خِلَافًا لَهُمَا) أَيْ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ اعْتِبَارًا بِالتَّهَايُؤِ فِي الْمَنَافِعِ (وَعَلَى هَذَا) الْخِلَافِ (الدَّابَّتَانِ) حَيْثُ مَنَعَ الْإِمَامُ الْمُهَايَأَةَ فِي بَغْلَتَيْنِ مَثَلًا وَجَوَّزَهَا صَاحِبَاهُ لِمَا ذُكِرَ.
(وَلَا تَجُوزُ) الْمُهَايَأَةُ (فِي ثَمَرِ شَجَرٍ أَوْ لَبَنِ غَنَمٍ أَوْ أَوْلَادِهَا) ؛ لِأَنَّهَا أَعْيَانٌ بَاقِيَةٌ تَرِدُ عَلَيْهَا الْقِسْمَةُ عِنْدَ حُصُولِهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّهَايُؤِ بِخِلَافِ لَبَنِ ابْنِ آدَمَ حَيْثُ تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ فِيهِ وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَتَانِ مُشْتَرِكَتَانِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَتَهَايَئَا أَنْ تُرْضِعَ إحْدَاهُمَا وَلَدَ أَحَدِهِمَا وَالْأُخْرَى وَلَدَ الْآخَرِ جَازَ؛ لِأَنَّ لَبَنَ ابْنِ آدَمَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَجَرَى مَجْرَى الْمَنَافِعِ وَالْحِيلَةُ فِي الثِّمَارِ وَنَحْوِهِ أَنْ يَشْتَرِيَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ ثُمَّ يَبِيعَ كُلَّهَا بَعْدَ مُضِيِّ نَوْبَتِهِ أَوْ يَنْتَفِعَ بِاللَّبَنِ الْمُقَدَّرِ بِطَرِيقِ الْقَرْضِ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ إذْ قَرْضُ الْمُشَاعِ جَائِزٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَتَجُوزُ) الْمُهَايَأَةُ (فِي عَبْدٍ وَدَارٍ عَلَى السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا تَجُوزُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ أَوْلَى.
(وَكَذَا) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي كُلِّ مُخْتَلِفَيْ الْمَنْفَعَةِ) كَسُكْنَى الدَّارِ وَزَرْعِ الْأَرْضِ وَكَذَا الْحَمَّامُ وَالدَّارُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَنْفَعَتَيْنِ يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهَا بِالْمُهَايَأَةِ.
(وَلَا تَبْطُلُ الْمُهَايَأَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَا بِمَوْتِهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَقَضَ لَاسْتَأْنَفَهُ الْحَاكِمُ فَلَا فَائِدَةَ فِي النَّقْضِ ثُمَّ الِاسْتِئْنَافِ.
(وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ بَطَلَتْ) الْمُهَايَأَةُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ أَقْوَى فِي اسْتِكْمَالِ الْمَنْفَعَةِ.
[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]
ِ لَمَّا كَانَ الْخَارِجُ فِي عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ مِنْ أَنْوَاعِ مَا يَقَعُ فِيهِ الْقِسْمَةُ ذَكَرَ الْمُزَارَعَةَ بَعْدَهَا وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ زَارَعَ مِنْ الزَّرْعِ وَهُوَ إلْقَاءُ الْحَبِّ وَنَحْوِهِ فِي الْأَرْضِ.
وَفِي الشَّرْعِ (هِيَ) أَيْ الْمُزَارَعَةُ (عَقْدٌ عَلَى الزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ) وَيُسَمَّى الْمُخَابَرَةُ وَالْمُحَاقَلَةُ
وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ الْعِرَاقِ الْقِرَاحُ (وَهِيَ) أَيْ الْمُزَارَعَةُ (فَاسِدَةٌ) عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ» وَالْمُخَابَرَةُ هِيَ الزِّرَاعَةُ عَلَى لُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالتَّخْصِيصُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ لِلْعَادَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ بِهِمَا إذْ الْفَسَادُ ثَابِتٌ فِي غَيْرِهِمَا أَيْضًا وَلِذَا قِيلَ فِي التَّعْرِيفِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَلِأَنَّهَا فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ وَلِأَنَّ الْأَجْرَ مَجْهُولٌ أَوْ مَعْدُومٌ وَكُلُّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ وَمُعَامَلَةُ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام أَهْلَ خَيْبَرَ كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ بِطَرِيقِ الْمَنِّ وَالصُّلْحِ وَهُوَ جَائِزٌ (وَعِنْدَهُمَا جَائِزَةٌ) ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ» وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْعَمَلِ بِنَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ وَالْقَادِرُ عَلَى الْعَمَلِ لَا يَجِدُ أَرْضًا وَلَا مَا يَعْمَلُ بِهِ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى جَوَازِهَا دَفْعًا لِلْحَاجَةِ كَالْمُضَارَبَةِ (وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِمَا (يُفْتَى) لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسُ (قَالَ) الْإِمَامُ (الْحَصِيرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ هُوَ الَّذِي فَرَّعَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ عَلَى أُصُولِهِ) أَيْ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ الْمُزَارَعَةَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَفِي الْمَبْسُوطِ ثُمَّ التَّفْرِيغُ بَعْدَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْمُزَارَعَةَ وَعَلَى أُصُولِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ لَوْ كَانَ يَرَى جَوَازَهَا (لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ لَا يَأْخُذُونَ) فِيهَا (بِقَوْلِهِ) لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهَا وَتَعَامُلِهِمْ بِهَا.
(وَيُشْتَرَطُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُزَارَعَةِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُهَا (صَلَاحِيَةُ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَهُوَ الرَّيْعُ لَا يَحْصُلُ بِدُونِ كَوْنِهَا صَالِحَةً لِلزِّرَاعَةِ.
(وَ) يُشْتَرَطُ (أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ عَقْدٌ بِدُونِ الْأَهْلِيَّةِ.
(وَ) يُشْتَرَطُ (تَعَيُّنُ الْمُدَّةِ) لِتَصِيرَ الْمَنَافِعُ مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ ذُكِرَ وَقْتٌ لَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الزِّرَاعَةِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ وَكَذَا ذِكْرُ مُدَّةٍ لَا يَعِيشُ أَحَدُهُمَا إلَى مِثْلِهَا غَالِبًا وَجَوَّزَهُ بَعْضٌ وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّهَا بِلَا ذِكْرِ الْمُدَّةِ جَائِزَةٌ وَتَقَعُ عَلَى سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ.
(وَ) يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ (رَبِّ الْبَذْرِ) قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ.
(وَ) يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ (جِنْسِهِ) أَيْ الْبَذْرِ لِيَصِيرَ الْأَجْرُ مَعْلُومًا إذْ الْأَجْرُ بَعْضُ الْخَارِجِ.
(وَ) يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ (نَصِيبِ الْآخَرِ) أَيْ بَيَانُ نَصِيبِ مَنْ لَا بَذْرَ مِنْ جِهَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ أَوْ أَرْضِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا.
(وَ) يُشْتَرَطُ (التَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالْعَامِلِ) ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ فَصَارَ نَظِيرَ الْمُضَارَبَةِ لَا تَصِحُّ حَتَّى يُسَلِّمَ الْمَالَ إلَيْهِ حَتَّى إذَا شَرَطَ فِي الْعَقْدِ مَا يُفَوِّتُ بِهِ التَّخْلِيَةَ وَهُوَ عَمَلُ رَبِّ الْأَرْضِ مَعَ الْعَامِلِ لَا يَصِحُّ.
(وَ) يُشْتَرَطُ (الشِّرْكَةُ فِي الْخَارِجِ) بَعْدَ حُصُولِهِ لِيَتَحَقَّقَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْمُزَارَعَةِ وَهُوَ الشِّرْكَةُ لِأَنَّهَا تَنْعَقِدُ إجَارَةً فِي الِابْتِدَاءِ وَشِرْكَةً فِي الِانْتِهَاءِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ (فَتَفْسُدُ) أَيْ الْمُزَارَعَةُ (إنْ شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ لِأَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (قُفْزَانٌ) جَمْعُ قَفِيزٍ (مُعَيَّنَةٌ) لِاحْتِمَالِ انْقِطَاعِ الشِّرْكَةِ عِنْدَ إخْرَاجِ الْأَرْضِ مِقْدَارًا
مَذْكُورًا أَوْ قَلِيلًا فَحِينَئِذٍ لَا يُوجَدُ عَلَى مَا عُقِدَ عَلَيْهِ وَهُوَ الِاشْتِرَاكُ فِيمَا يَخْرُجُ عَلَى الشُّيُوعِ (أَوْ) شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا (مَا يَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ) وَكَوْنُ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا لِانْقِطَاعِ الشِّرْكَةِ بِأَنْ لَا يُحَصِّلَ حَبَّةً إلَّا مِنْ مَوْضِعٍ مَذْكُورٍ (كَالْمَاذِيَانَاتِ) جَمْعُ مَاذِيَانِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَهُوَ أَصْغَرُ مِنْ النَّهْرِ وَأَعْظَمُ مِنْ جَدْوَلٍ (وَالسَّوَّاقِي) جَمْعُ سَاقِيَّةٍ وَهِيَ فَوْقَ الْجَدْوَلِ دُونَ النَّهْرِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ فَيَكُونُ الْمَاذِيَانُ وَالسَّاقِيَّةُ مِنْ الْأَلْفَاظِ الْمُتَرَادِفَةِ وَإِنَّمَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَخْرُجَ إلَّا مِنْهَا فَيُؤَدِّيَ إلَى قَطْعِ الشِّرْكَةِ.
(أَوْ) شَرَطَ (أَنْ يَرْفَعَ قَدْرَ الْبَذْرِ) لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَكَوْنَ الْبَاقِي بَيْنَهُمَا (أَوْ) شَرَطَ أَنْ يَرْفَعَ قَدْرَ (الْخَرَاجِ وَيَقْسِمَ مَا يَبْقَى) مِنْ قَدْرِ الْبَذْرِ أَوْ قَدْرِ الْخَرَاجِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشِّرْكَةِ فِي بَعْضٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي الْجَمِيعِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا قَدْرُ الْبَذْرِ أَوْ الْخَرَاجُ وَالْمُرَادُ مِنْ الْخَرَاجِ الْخَرَاجُ الْمُوَظَّفُ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ عَلَى الْأَرْضِ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً وَأَمَّا إذَا كَانَ الْخَرَاجُ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ بِأَنْ كَانَ الْمَوْضُوعُ عَلَيْهَا نِصْفَ الْخَرَاجِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ الْجُزْءِ الشَّائِعِ وَإِنْ اشْتَرَطَا رَفْعَهُ لَا تَفْسُدُ الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشِّرْكَةِ.
(أَوْ) شَرَطَ (أَنْ يَكُونَ التِّبْنُ لِأَحَدِهِمَا وَالْحَبُّ لِلْآخَرِ) ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تُصِيبَهُ آفَةٌ لَا يَحْصُلُ بِهَا الْحَبُّ سِوَى التِّبْنِ فَيُؤَدِّي إلَى انْقِطَاعِ الشِّرْكَةِ فِي الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْحَبُّ (أَوْ يَكُونَ الْحَبُّ بَيْنَهُمَا وَالتِّبْنُ لِغَيْرِ رَبِّ الْبَذْرِ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ (أَوْ يَكُونَ التِّبْنُ بَيْنَهُمَا وَالْحَبُّ لِأَحَدِهِمَا) بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشِّرْكَةِ فِيمَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْحَبُّ.
(وَإِنْ شَرَطَ كَوْنَ الْحَبِّ بَيْنَهُمَا وَالتِّبْنِ لِرَبِّ الْبَذْرِ أَوْ شَرَطَ دَفْعَ الْعُشْرِ) أَيْ عُشْرِ الْخَارِجِ وَالْأَرْضُ عُشْرِيَّةٌ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا (صَحَّتْ) الْمُزَارَعَةُ أَمَّا الْأُولَى فَيَجُوزُ الشِّرْكَةُ لِوُجُودِهَا فِي الْمَقْصُودِ وَلِكَوْنِ التِّبْنِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ عَلَى مَا يَقْتَضِيه حُكْمُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ الْبَذْرِ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ الْعُشْرَ مُشَاعٌ فَلَا يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الشِّرْكَةِ وَكَذَلِكَ إذَا شَرَطَ صَاحِبُ الْبَذْرِ عُشْرَ الْخَارِجِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْآخَرِ وَالْبَاقِي بَيْنَهُمَا.
(وَإِنْ) شَرَطَ كَوْنَ الْحَبِّ بَيْنَهُمَا وَ (لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتِّبْنِ) لِحُصُولِ الشِّرْكَةِ فِيمَا هُوَ الْمَرَامُ (فَهُوَ) أَيْ التِّبْنُ (بَيْنَهُمَا) وَهَذَا قَوْلُ مَشَايِخِ بَلْخِي اعْتِبَارًا لِلْعُرْفِ فِيمَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْعَاقِدَانِ وَلِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْحَبِّ وَالتَّبَعُ يَقُومُ بِشَرْطِ الْأَصْلِ (وَقِيلَ) يَكُونُ التِّبْنُ (لِرَبِّ الْبَذْرِ) ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ قَالَ ابْنُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَفِي دِيَارِنَا لِصَاحِبِ الْبَقَرِ لِكَوْنِهِ عَفَا لَهُ.
(وَأَجْرُ الْحَصَادِ وَالرِّفَاعِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ وَرَبِّ الْأَرْضِ (بِالْخُصُصِ) ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ (فَإِنْ شَرَطَ) الْأَجْرَ (عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ) الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِهِمَا فَتَفْسُدُ (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ) أَيْ الشَّرْطَ عَلَى الْعَامِلِ (يَصِحُّ) لِلتَّعَامُلِ بَيْنَ النَّاسِ
اعْتِبَارًا بِالِاسْتِصْنَاعِ (وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخِي قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي دِيَارِنَا (وَشَرْطُهُ) أَيْ الْأَجْرِ (عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ مُفْسِدٌ اتِّفَاقًا) لِعَدَمِ التَّعَامُلِ بِذَلِكَ.
(وَمَا) كَانَ (قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَالسَّقْيِ وَالْحِفْظِ فَهُوَ عَلَى الْمُزَارِعِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (وَلَمْ يَشْتَرِطْ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ يُزَادُ بِهِ الزَّرْعُ وَلَا يُنْقَصُ.
وَفِي الْهِدَايَةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَالسَّقْيِ وَالْحِفْظِ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ وَمَا كَانَ مِنْهُ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَأَشْبَاهِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَمَا كَانَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا قَالَ فِي الْعِنَايَةِ لَكِنْ فِيمَا هُوَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ وَفِيمَا هُوَ بَعْدَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً لِتَمَيُّزِ مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ مِلْكِ الْآخَرِ.
(وَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ وَالْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْعَمَلُ وَالْبَقَرُ لِلْآخَرِ أَوْ) كَانَتْ (الْأَرْضُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَقِيَّةُ) مِنْ الْعَمَلِ وَالْبَذْرِ وَالْبَقَرِ (لِلْآخَرِ أَوْ) كَانَ الْعَمَلُ (لِأَحَدِهِمَا وَالْبَقِيَّةُ) مِنْ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ (لِلْآخَرِ صَحَّتْ) الْمُزَارَعَةُ فِي الْكُلِّ.
أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الِاسْتِئْجَارَ يَقَعُ عَلَى الْعَمَلِ هُنَا وَالْبَقَرُ آلَةٌ لِلْعَامِلِ كَمَا يَقَعُ الِاسْتِئْجَارُ فِي الْخِيَاطَةِ عَلَى الْخَيْطِ وَيُجْعَلُ إبْرَتُهُ آلَةً لَهَا.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّ صَاحِبَ الْبَذْرِ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْخَارِجِ كَاسْتِئْجَارِهَا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ. وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ اسْتَأْجَرَ الْعَامِلَ لِيَعْمَلَ بِآلَةِ الْمُسْتَأْجِرِ فَصَارَ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَ خَيَّاطًا لِيَخِيطَ ثَوْبَهُ بِإِبْرَتِهِ أَوْ لِيُطَيِّنَ بِمَرِّهِ.
(وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ لِلْآخَرِ بَطَلَتْ) الْمُزَارَعَةُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْبَذْرِ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا بِالْبَذْرِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِكَوْنِ الِانْتِفَاعِ بِالِاسْتِهْلَاكِ أَوْ يَصِيرُ مُسْتَأْجِرًا لِلْبَقَرِ مَعَ الْأَرْضِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّعَامُلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعَادَةِ وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِهِ.
(وَكَذَا) تَبْطُلُ (لَوْ كَانَ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ لِأَحَدِهِمَا وَالْأَرْضُ وَالْعَمَلُ لِلْآخَرِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِهِ (أَوْ) كَانَ (الْبَذْرُ لِأَحَدِهِمَا وَالْبَاقِي) وَهُوَ الْعَمَلُ وَالْبَقَرُ وَالْأَرْضُ (لِلْآخَرِ) وَإِنَّمَا بَطَلَتْ لِأَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تُجْعَلَ الْأَرْضُ تَبَعًا لَهُ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا وَهَهُنَا صُورَةٌ أُخْرَى لَمْ يَذْكُرْهَا وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْبَقَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَالْبَاقِي مِنْ الْآخَرِ قَالُوا هِيَ فَاسِدَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِئْجَارُ الْبَقَرِ بِأَجْرٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا تَعَامُلَ فِي اسْتِئْجَارِ الْبَقَرِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ فَلَا يُعْلَمُ مَا هُوَ أَجْرُهُ بِحَسَبِ التَّعَامُلِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ دَفَعَ رَجُلٌ أَرْضَهُ إلَى آخَرَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا بِنَفْسِهِ وَبَقَرِهِ وَالْبَذْرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَالْخَارِجُ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ فَعَمِلَا عَلَى هَذَا فَالْمُزَارَعَةُ فَاسِدَةٌ وَيَكُونُ الْخَارِجُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ أَجْرٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ نِصْفِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِهَا وَكَذَلِكَ تَفْسُدُ لَوْ كَانَ الْبَذْرُ ثُلُثَاهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَثُلُثُهُ مِنْ الْآخَرِ وَالرَّيْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى
قَدْرِ بَذْرِهِمَا.
(وَإِذَا صَحَّتْ) الْمُزَارَعَةُ (فَالْخَارِجُ عَلَى الشَّرْطِ) أَيْ الْخَارِجُ عَلَى مَا شَرَطَ مِنْ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لِصِحَّةِ الِالْتِزَامِ.
(وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) مِنْ الْأَرْضِ (شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ) ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالشِّرْكَةِ فِي الْخَارِجِ وَلَا شِرْكَةَ فِي الْخَارِجِ.
(وَمَنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ (عَنْ الْمُضِيِّ) عَلَى مُوجِبِ عَقْدِ الْمُزَارَعَةِ (بَعْدَ الْعَقْدِ أُجْبِرَ) مِنْ طَرَفِ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهَا انْعَقَدَتْ إجَارَةً وَهِيَ عَقْدٌ لَازِمٌ (إلَّا رَبَّ الْبَذْرِ) فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عِنْدَ الْإِبَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْمُضِيُّ إلَّا بِإِتْلَافِ مَالِهِ وَهُوَ إلْقَاءُ الْبَذْرِ عَلَى الْأَرْضِ وَلَا يَدْرِي هَلْ يَخْرُجُ أَمْ لَا فَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَهْدِمَ دَارِهِ ثُمَّ امْتَنَعَ الْعَامِلُ أُجْبِرَ عَلَى الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَإِنْ فَسَدَتْ) الْمُزَارَعَةُ (فَالْخَارِجُ لِرَبِّ الْبَذْرِ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (وَلِلْآخَرِ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ) وَإِنْ كَانَ رَبُّ الْبَذْرِ صَاحِبَ الْأَرْضِ (أَوْ) أَجْرُ مِثْلِ (أَرْضِهِ) إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ (وَلَا يُزَادُ) أَجْرُ الْمِثْلِ (عَلَى مَا شُرِطَ) أَيْ عَلَى الْمُسَمَّى عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِوُجُودِ الرِّضَا كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّ عِنْدَهُ تَجِبُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ عِنْدَ الْفَسَادِ تَكُونُ لَغْوًا وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.
(وَإِنْ فَسَدَتْ) الْمُزَارَعَةُ (لِكَوْنِ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ فَقَطْ لِأَحَدِهِمَا لَزِمَ أَجْرُ مِثْلِهِمَا) أَيْ أَجْرُ مِثْلِ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ الْأَرْضِ وَالْبَقَرِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَلْزَمُ أَجْرُ مِثْلِهِمَا (وَهُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازًا عَمَّا قِيلَ يَغْرَمُ لَهُ مِثْلَ أَجْرِ الْأَرْضِ مَكْرُوبَةً وَأَمَّا الْبَقَرُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَحَقَّ بِعَقْدِ الْمُزَارَعَةِ بِحَالٍ فَلَا يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ لَا صَحِيحًا وَلَا فَاسِدًا وَوُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يَكُونُ بِدُونِ انْعِقَادِ الْعَقْدِ وَالْمَنَافِعُ لَا تَتَقَوَّمُ بِدُونِهِ.
(وَإِذَا فَسَدَتْ) الْمُزَارَعَةُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ (وَالْبَذْرُ لِرَبِّ الْأَرْضِ فَالْخَارِجُ كُلُّهُ حِلٌّ لَهُ) أَيْ حِلٌّ لَهُ قَدْرُ الْبَذْرِ وَالْفَضْلُ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ.
(وَإِنْ) فَسَدَتْ وَالْبَذْرُ (لِلْعَامِلِ) لَا يَطِيبُ لَهُ الْخَارِجُ فَحِينَئِذٍ (تَصَدَّقَ بِمَا فَضَلَ عَنْ قَدْرِ بَذْرِهِ، وَ) قَدْرِ (أُجْرَةِ الْأَرْضِ) ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مِنْ بَذْرِهِ لَكِنْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَأَوْجَبَ خَبُثَا فَمَا كَانَ عِوَضَ مَالِهِ طَابَ لَهُ وَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (وَإِذَا أَبَى رَبُّ الْبَذْرِ عَنْ الْمُضِيِّ وَقَدْ كَرَبَ الْعَامِلُ الْأَرْضَ) أَيْ قَلَّبَهَا لِلْحَرْثِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ فِي عَمَلِ الْكِرَابِ (حُكْمًا) أَيْ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ إنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ إنَّمَا يَتَقَوَّمُ بِالْخَارِجِ فَإِذَا انْعَدَمَ الْخَارِجُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ (وَيُسْتَرْضَى) أَيْ الْآبِي فِي عَمَلِهِ (دِيَانَةً) عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ إذْ الْغُرُورُ فِي الْكِرَابِ مِنْ جَانِبِ الْآبِي.
(وَتَبْطُلُ الْمُزَارَعَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ (وَتُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ كَالْإِجَارَةِ) وَقَدْ مَرَّ الْوَجْهُ فِي الْإِجَارَاتِ.
(فَتُفْسَخُ) الْمُزَارَعَةُ (إنْ لَزِمَ دَيْنٌ مُحْوِجٌ إلَى بَيْعِ الْأَرْضِ) بِأَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَضَائِهِ إلَّا بِبَيْعِ الْأَرْضِ (قَبْلَ نَبَاتِ الزَّرْعِ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عُذْرٌ وَهِيَ تَنْفَسِخُ
الْأَعْذَارُ (لَا بَعْدَهُ) أَيْ لَا بَعْدَ نَبَاتِ الزَّرْعِ (مَا لَمْ يُحْصَدْ) أَيْ لَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ أَوْ لَمْ يُسْتَحْصَدْ لَا تُبَاعُ الْأَرْضُ بِالدَّيْنِ حَتَّى يُسْتَحْصَدَ الزَّرْعُ فِي الْبَيْعِ إبْطَالُ حَقِّ الْمُزَارِعِ وَالتَّأْخِيرُ أَهْوَنُ مِنْ الْإِبْطَالِ وَيُخْرِجُ الْقَاضِي مِنْ الْحَبْسِ إنْ كَانَ حَبَسَهُ بِهِ قَالَ صَاحِبُ الدُّرَرِ وَلَوْ دَفَعَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ فَلَمَّا نَبَتَ فِي الْأُولَى وَمَاتَ صَاحِبُ الْأَرْضِ قَبْلَ إدْرَاكِهِ تَرَكَ الزَّرْعَ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ وَقُسِّمَ عَلَى الشَّرْطِ وَبَطَلَتْ الْمُزَارَعَةُ فِي السَّنَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي بَقَاءِ الْعَقْدِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مُرَاعَاةَ حَقِّ الْمُزَارِعِ وَالْوَرَثَةِ وَفِي الْقَطْعِ إبْطَالًا لِحَقِّ الْعَامِلِ أَصْلًا فَكَانَ الْإِبْقَاءُ أَوْلَى وَأَمَّا فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِبْقَاءِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ لِلْمُزَارِعِ فِي شَيْءٍ بَعْدُ فَعَمِلْنَا بِالْقِيَاسِ (وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ إنْ كَانَ كَرَبَ الْأَرْضَ أَوْ حَفَرَ النَّهْرَ) ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَا تَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَتَقْوِيمُهَا بِالْخَارِجِ فَلَا خَارِجَ.
(وَإِنْ تَمَّتْ مُدَّتُهَا) أَيْ الْمُزَارَعَةِ (قَبْلَ إدْرَاكِ الزَّرْعِ فَعَلَى الْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِ حِصَّتِهِ مِنْ الْأَرْضِ حَتَّى يُدْرِكَ) الزَّرْعُ وَيُسْتَحْصَدُ؛ لِأَنَّ فِي قَلْعِهِ ضَرَرًا يَبْقَى بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ وَيَجِبُ عَلَى غَيْرِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ.
(وَنَفَقَةِ الزَّرْعِ) وَمُؤْنَةِ الْحِفْظِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ (بِقَدْرِ حِصَصِهِمَا) أَيْ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى الْعَامِلِ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجَرٌ فِي الْمُدَّةِ فَإِذَا مَضَتْ انْتَهَى الْعَقْدُ فَتَجِبُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مَالٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا (وَأَيُّهُمَا أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِ الْآخَرِ وَلَا أَمْرِ قَاضٍ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الْإِنْفَاقِ وَلَا يُقَالُ هُوَ مُضْطَرٌّ إلَى ذَلِكَ لِإِحْيَاءِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يُنْفِقَ بِأَمْرِ الْقَاضِي فَصَارَ كَالدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ.
(وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُ الزَّرْعِ بَقْلًا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمُزَارِعِ.
(وَإِنْ أَرَادَ الْمُزَارِعُ ذَلِكَ) أَيْ أَخَذَ الزَّرْعَ بَقْلًا (قِيلَ لِرَبِّ الْأَرْضِ اقْلَعْ الزَّرْعَ لِيَكُونَ بَيْنَكُمَا أَوْ أَعْطِهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ) أَيْ الْمُزَارِعِ (أَوْ أَنْفِقْ أَنْتَ عَلَى الزَّرْعِ وَارْجِعْ فِي حِصَّتِهِ) أَيْ ارْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقْته فِي حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُزَارِعَ لَمَّا امْتَنَعَ مِنْ الْعَمَلِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ إبْقَاءَ الْعَقْدِ بَعْدَ وُجُودِ النَّهْيِ نَظَرٌ لِلْعَامِلِ وَقَدْ تَرَكَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ وَرَبُّ الْأَرْضِ بَيْنَ هَذِهِ الْخِيَارَاتِ؛ لِأَنَّ بِكُلِّ ذَلِكَ يُسْتَدْفَعُ الضَّرَرُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَلَوْ مَاتَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فَعَلَى الْعَامِلِ الْعَمَلُ إلَى أَنْ يُدْرِكَ) ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ ثَمَّةَ يَبْقَى فِي مُدَّتِهِ وَمُوجِبُهُ عَلَيْهِ إلَى إدْرَاكِهِ وَحَصَادِهِ.
(وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ) وَالزَّرْعُ بَقْلٌ (فَقَالَ وَارِثُهُ أَنَا أَعْمَلُ إلَى أَنْ يُسْتَحْصَدَ فَلَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ (ذَلِكَ) أَيْ أَنْ يَعْمَلَ مَكَانَهُ نَظَرًا لِلْوَرَثَةِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (أَبَى رَبُّ الْأَرْضِ) وَلَا أَجْرَ لِلْوَارِثِ بِمُقَابَلَةِ عَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ الْعَامِلِ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ فِي الْمُدَّةِ كَأَنَّ الْوَارِثَ وَرِثَهُ مَعَ مَا لَزِمَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فَإِنْ أَرَادَ الْوَارِثُ قَلْعَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْعَمَلِ وَالْعَامِلُ عَلَى