الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إرْفَاقًا لَهَا (وَالنَّخْعُ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ أَنْ يَصِلَ إلَى النُّخَاعِ وَهُوَ خَيْطٌ أَبْيَضُ فِي جَوْفِ عَظْمِ الرَّقَبَةِ لِزِيَادَةِ أَلَمٍ بِلَا حَاجَةٍ إلَيْهِ وَقِيلَ أَنْ يَمُدَّ رَأْسَهَا حَتَّى يَظْهَرَ مَذْبَحَهَا وَقِيلَ أَنْ يَكْسِرَ رَقَبَتَهَا قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ مِنْ الِاضْطِرَابِ.
(وَ) كُرِهَ (قَطْعُ الرَّأْسِ وَالسَّلْخُ قَبْلَ أَنْ تَبْرُدَ وَالذَّبْحُ مِنْ الْقَفَاءِ) إذْ هُوَ عَذَابٌ فَوْقَ الْعَذَابِ.
(وَتَحِلُّ) الذَّبِيحَةُ لَوْ ذَبَحَهَا مِنْ الْقَفَاءِ (إنْ بَقِيَتْ حَيَّةً حَتَّى قُطِعَتْ الْعُرُوقُ) لِيَتَحَقَّقَ الْمَوْتُ بِمَا هُوَ ذَكَاةٌ كَمَا إذَا جَرَحَهَا ثُمَّ قَطَعَ الْأَوْدَاجَ (وَإِلَّا) أَيْ لَمْ تَبْقَ بَلْ مَاتَتْ قَبْلَ قَطْعِ الْعُرُوقِ (فَلَا) تَحِلُّ وَلَا تُؤْكَلُ لِوُجُودِ مَا لَيْسَ بِذَكْوَةٍ كَمَا لَوْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا (وَلَزِمَ ذَبْحُ صَيْدٍ اُسْتُؤْنِسَ) كَالظَّبْيِ إذَا تَأَلَّفَ فِي الْبَيْتِ فَإِنَّهُ يُذْبَحُ لِإِمْكَانِهِ.
(وَجَازَ جَرْحُ نَعَمٍ) بِفَتْحَتَيْنِ مِثْلُ الْغَنَمِ وَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ (تَوَحَّشَ) بِأَنْ نَدَّ عَنْ أَهْلِهِ وَدَخَلَ فِي الْبَادِيَةِ وَصَارَ وَحْشِيًّا؛ لِأَنَّ الذَّكْوَةَ الِاخْتِيَارِيَّةَ تَعَذَّرَتْ فَيُذَكَّى بِالْجُرْحِ فِي بَدَنِهِ حَيْثُ اتَّفَقَ كَالصَّيْدِ (أَوْ تَرَدَّى) حَيَوَانٌ (فِي بِئْرٍ إذَا لَمْ يُمْكِنْ ذَبْحُهُ) فَإِنَّهُ يُجْرَحُ وَيُؤْكَلُ إذَا عَلِمَ بِمَوْتِهِ مِنْ الْجُرْحِ وَإِلَّا لَا وَإِنْ أَشْكَلَ ذَلِكَ أَكَلَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْهُ
وَكَذَا الدَّجَاجَةُ إذَا تَعَلَّقَتْ عَلَى شَجَرَةٍ وَخِيفَ مَوْتُهَا صَارَتْ ذَكْوَتُهَا الْجُرْحَ
ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ الْجَوَابَ فِيمَا تَوَحَّشَ مِنْ الْغَنَمِ وَكَذَا فِيمَا تَرَدَّى وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الشَّاةَ إذَا نَدَّتْ فِي الْمِصْرِ لَا تَحِلُّ بِالْعَقْرِ وَإِنْ نَدَّتْ فِي الصَّحْرَاءِ تَحِلُّ بِالْعَقْرِ وَفِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ فِي الْمِصْرِ وَالصَّحْرَاءِ فَتَحِلُّ بِالْعَقْرِ.
وَقَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُ الذَّبْحُ فِي الْوَجْهَيْنِ لَا الْجُرْحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ وَلَا عِبْرَةَ لِلنَّادِرِ فِي الْأَحْكَامِ.
(وَلَا يَحِلُّ الْجَنِينُ بِذَكْوَةِ أُمِّهِ أَشْعَرَ أَوْ لَا) حَتَّى لَوْ نَحَرَ نَاقَةً أَوْ ذَبَحَ بَقَرَةً أَوْ شَاةً فَخَرَجَ مِنْ بَطْنِهَا جَنِينٌ مَيِّتٌ لَمْ تُؤْكَلْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَزُفَرَ وَحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ فِي حَيَاتِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ ذَكْوَةٌ اسْتِقْلَالِيَّةٌ (وَقَالَا يَحِلُّ إنْ تَمَّ خَلْقُهُ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.
[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]
ُّ (وَيَحْرُمُ أَكْلُ كُلِّ ذِي) أَيْ صَاحِبِ (نَابٍ) هُوَ كُلُّ حَيَوَانٍ يَنْتَهِبُ بِالنَّابِ كَالذِّئْبِ مِنْ سَبُعٍ هُوَ كُلُّ جَارِحٍ مُنْتَهِبٍ قَاتِلٍ (أَوْ) يَحْرُمُ كُلُّ ذِي (مِخْلَبٍ) يَخْتَطِفُ بِالْمِخْلَبِ كَالْبَازِي مِنْ الطَّيْرِ فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الْإِيذَاءُ بِالنَّابِ وَالْمِخْلَبِ وَهُوَ الْمُؤَثِّرُ فِي الْحُرْمَةِ وَقَوْلُهُ (مِنْ سَبُعٍ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ ذِي نَابٍ وَقَوْلُهُ (أَوْ طَيْرٍ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ ذِي مِخْلَبٍ وَالْمُرَادُ مِنْ ذِي نَابٍ الَّذِي يَصِيدُ بِنَابِهِ وَمِنْ ذِي مِخْلَبٍ الَّذِي يَصِيدُ بِمِخْلَبِهِ لِأَكْلِ ذِي نَابٍ وَمِخْلَبٍ فَإِنَّ الْحَمَامَةَ لَهَا مِخْلَبٌ وَالْبَعِيرُ لَهُ نَابٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ» .
(وَلَوْ ضَبُعًا أَوْ ثَعْلَبًا) لِأَنَّهُمَا مِنْ السِّبَاعِ فَلَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُمَا كَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ
أَهْلِيًّا أَوْ بَرِّيًّا فَيَكُونُ الْحَدِيثُ حُجَّةً عَلَى الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي إبَاحَةِ أَكْلِهِمَا.
(وَ) يَحْرُمُ أَكْلُ (الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام «حَرَّمَ لُحُومَ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ» بِخِلَافِ الْوَحْشِيَّةِ فَإِنَّهَا يَحِلُّ أَكْلُهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ يَحِلُّ أَيْضًا فِي الْأَهْلِيَّةِ (وَالْبِغَالِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْحِمَارِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ فَرَسًا كَانَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ بَقَرَةً لَا يُؤْكَلُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ الْأُمُّ فِيمَا تُولَدُ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِ مَأْكُولٍ (وَالْفِيلِ) ؛ لِأَنَّهُ ذُو نَابٍ (وَالضَّبِّ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السِّبَاعِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (وَالْيَرْبُوعِ وَابْنِ عُرْسٍ) يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيِّ راسو؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سِبَاعِ الْهَوَامِّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَالزُّنْبُورِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُؤْذِيَاتِ (وَالسُّلَحْفَاةِ) الْبَرِّيَّةِ وَالْبَحْرِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْخَبَائِثِ (وَالْحَشَرَاتِ) الصِّغَارِ مِنْ الدَّوَابِّ جَمْعُ الْحَشَرَةِ كَالْفَأْرَةِ وَالْوَزَغَةِ وَسَامِّ أَبْرَصَ وَالْقُنْفُذِ وَالْحَيَّةِ وَالضِّفْدَعِ وَالْبُرْغُوثِ وَالْقَمْلِ وَالذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ وَالْقُرَادِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْخَبَائِثِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَمَا رُوِيَ مِنْ إبَاحَةِ الضَّبِّ مَحْمُولٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَبَائِثِ فَالْمُؤَثِّرُ فِي الْحُرْمَةِ الْخُبْثُ الْخُلُقِيِّ كَمَا فِي الْهَوَامِّ أَوْ بِعَارِضٍ كَمَا فِي الْجَلَّالَةِ كَبَقَرَةٍ تَتْبَعُ النَّجَسَ
قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي حُرْمِيَّةِ هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ كَرَامَةُ بَنِي آدَمَ كَيْ لَا يَتَعَدَّى شَيْءٌ مِنْ الْأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ إلَيْهِمْ بِالْأَكْلِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ لَا بَأْسَ بِدُودِ الزُّنْبُورِ قَبْلَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا لَا رُوحَ لَهُ لَا يُسَمَّى مَيْتَةً
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَشَرَاتِ مُحَرَّمَةٌ عِنْدَنَا حَلَالٌ مَكْرُوهٌ عِنْدَ غَيْرِنَا وَإِنَّ شَاةً لَوْ حَمَلَتْ مِنْ كَلْبٍ وَرَأْسُ وَلَدِهَا رَأْسُ الْكَلْبِ أُكِلَ إلَّا رَأْسَهُ إنْ أَكَلَ الْعَلَفَ دُونَ اللَّحْمِ أَوْ صَاحَ صِيَاحَ الْغَنَمِ لَا الْكَلْبِ أَوْ أَتَى بِالصُّورَتَيْنِ وَكَانَ لَهُ الْكَرِشُ لَا الْأَمْعَاءُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (وَيُكْرَهُ الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ) الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ (وَالْغُدَافُ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي آخِرِهِ فَاءٌ نَوْعٌ مِنْ الْغُرَابِ لِأَكْلِهِمَا الْجِيَفَ (وَالرَّخَمُ) جَمْعُ رَخَمَةٍ وَهُوَ طَيْرٌ أَبْلَقُ يُشْبِهُ النَّسْرَ فِي الْخِلْقَةِ (وَالْبُغَاثُ) وَهُوَ طَائِرٌ صَغِيرٌ يُشْبِهُ الْعُصْفُورَ؛ لِأَنَّهُمَا يَأْكُلَانِ الْجِيَفَ.
(وَ) يُكْرَهُ أَكْلُ لَحْمُ (الْخَيْلِ تَحْرِيمًا) أَيْ كَرَاهَةَ تَحْرِيمٍ عِنْدَ الْإِمَامِ (فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام «نَهَى عَنْ لَحْمِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ» كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَحُكِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْكَرْمِينِيِّ أَنَّهُ قَالَ كُنْت مُتَرَدِّدًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَرَأَيْت أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْمَنَامِ يَقُولُ لِي هُوَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ يَا عَبْدَ الرَّحِيمِ
وَقِيلَ إنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عَنْ حُرْمَةِ لَحْمِهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي كِفَايَةِ الْبَيْهَقِيّ ثُمَّ إنَّهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ (وَعِنْدَهُمَا) وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ
(لَا يُكْرَهُ) لَحْمُ (الْخَيْلِ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «وَأَذِنَ فِي لَحْمِ الْخَيْلِ يَوْمَ خَيْبَرَ» .
(وَحَلَّ الْعَقْعَقُ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْلِطُ فِي أَكْلِهِ فَأَشْبَهَ الدَّجَاجَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّ غَالِبَ مَأْكُولِهِ الْجِيَفُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ (وَغُرَابُ الزَّرْعِ) ؛ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ الْحَبَّ وَلَيْسَ مِنْ سِبَاعِ الطَّيْرِ وَلَا مِنْ الْخَبَائِثِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْغُرَابَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ نَوْعٌ يَأْكُلُ الْحَبَّ فَقَطْ وَهُوَ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَنَوْعٌ يَأْكُلُ الْجِيَفَ فَقَطْ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَنَوْعٌ يَأْكُلُ الْحَبَّ مَرَّةً وَالْجِيَفَ أُخْرَى وَهُوَ غَيْرُ مَكْرُوهٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ (وَالْأَرْنَبُ)«لِأَنَّهُ عليه السلام أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَأْكُلُوهُ حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ مَشْوِيًّا» وَكَذَا الْوَبَرُ كَمَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ.
وَفِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنَّ الْخُفَّاشَ يُؤْكَلُ وَذَكَرَ فِي بَعْضِهَا لَا يُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ لَهُ نَابًا.
(وَلَا يُؤْكَلُ مِنْ حَيَوَانِ الْمَاءِ) وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مَثْوَاهُ وَعَيْشُهُ فِي الْمَاءِ عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157](إلَّا السَّمَكُ بِأَنْوَاعِهِ) غَيْرَ الطَّافِي.
وَقَالَ مَالِكٌ وَجَمَاعَةٌ بِإِطْلَاقِ جَمِيعِ مَا فِي الْبَحْرِ وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ الْخِنْزِيرَ وَالْكَلْبَ وَالْإِنْسَانَ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَطْلَقَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَالْخِلَافُ فِي الْأَكْلِ وَالْبَيْعِ وَاحِدٌ لَهُمْ قَوْله تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ وَالْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَلِأَنَّهُ لَا دَمَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذْ الدَّمَوِيُّ لَا يَسْكُنُ فِي الْمَاءِ وَالْمُحَرَّمُ هُوَ الدَّمُ فَأَشْبَهَ السَّمَكَ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] وَمَا سِوَى السَّمَكِ خَبِيثٌ «وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ دَوَاءٍ يُتَّخَذُ فِيهِ الضِّفْدَعُ وَنَهَى عَنْ بَيْعِ السَّرَطَانِ» وَالصَّيْدِ الْمَذْكُورِ فِيمَا تَلَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاصْطِيَادِ وَهُوَ مُبَاحٌ فِيمَا لَا يَحِلُّ وَالْمَيْتَةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا رُوِيَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَكِ وَهُوَ حَلَالٌ مُسْتَثْنًى عَنْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أُحِلَّتْ لَنَا مَيِّتَتَانِ وَدَمَانِ أَمَّا الْمَيِّتَتَانِ فَالسَّمَكُ وَالْجَرَادُ وَأَمَّا الدَّمَانِ فَالْكَبِدُ وَالطِّحَالُ» (كَالْجِرِّيثِ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ نَوْعٌ مِنْ السَّمَكِ غَيْرِ الْمَارْمَاهِيِّ (وَالْمَارْمَاهِيِّ) وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُمَا بِالذِّكْرِ لِمَكَانِ الْخَفَاءِ فِي كَوْنِهِمَا مِنْ جِنْسِ السَّمَكِ وَلِمَكَانِ الْخِلَافِ فِيهِمَا لِمُحَمَّدٍ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْرِبِ
وَمَا قِيلَ أَنَّ الْجِرِّيثَ كَانَ دَيُّوثًا يَدْعُو النَّاسَ إلَى حَلِيلَتِهِ فَمَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَمَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الْمَمْسُوخَ لَا نَسْلَ لَهُ وَلَا يَقَعُ بَاقِيًا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِنَّ الْمَارْمَاهِيَّ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الْحَيَّةِ لَيْسَ بِوَاقِعٍ بَلْ هُوَ جِنْسٌ شَبِيهٌ بِهَا صُورَةً (وَلَا يُؤْكَلُ الطَّافِي مِنْهُ) هُوَ السَّمَكُ الَّذِي يَمُوتُ فِي الْمَاءِ حَتْفَ أَنْفِهِ بِلَا سَبَبٍ ثُمَّ يَعْلُو فَيَظْهَرُ حَتَّى إذَا انْحَسَرَ عَنْهُ الْمَاءُ يَجُوزُ أَكْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَا انْحَسَرَ عَنْهُ الْمَاءُ فَكُلْ»
وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا انْحَسَرَ الْمَاءُ عَنْ بَعْضِهِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُهُ فِي الْمَاءِ فَمَاتَ لَا يُؤْكَلُ وَإِنْ كَانَ ذَنَبُهُ فِي الْمَاءِ فَمَاتَ يُؤْكَلُ إذْ هَذَا سَبَبٌ لِمَوْتِهِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا وُجِدَ السَّمَكُ مَيْتًا عَلَى الْمَاءِ وَبَطْنُهُ مِنْ فَوْقٍ لَمْ يُؤْكَلْ؛ لِأَنَّهُ طَافَ.