الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي عِبَارَتِهِ لَا فِي حَقِّ رَبِّ الْعَبْدِ إنْ كَذَّبَهُمَا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَمَرَهُ فَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّهِ يُطَالِبُ الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي لِبَرَاءَتِهِ بِالتَّصَادُقِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ فَإِذَا أَدَّى رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى بَرَاءَةِ الْوَكِيلِ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ فَلْيُرَاجَعْ.
(وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا مِنْ فُضُولِيٍّ وَأَدْخَلَهَا) الْمُشْتَرِي (فِي بِنَائِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفُضُولِيِّ) عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ آخِرًا (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا.
وَفِي الْبَحْرِ يَعْنِي إذَا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِالْغَصْبِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَصْدُقُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ حَتَّى يَأْخُذَهَا فَإِذَا لَمْ يُقِمْ الْمُسْتَحِقُّ وَهُوَ صَاحِبُ الدَّارِ الْبَيِّنَةَ كَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى عَجْزِهِ عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا إلَى عَقْدِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَعَلَى هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَدْخَلَهَا الْمُشْتَرِي فِي بِنَائِهِ اتِّفَاقِيٌّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُعْلَمَ حُكْمُ غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى وَأَرَادَ بِالدَّارِ الْعَرْصَةَ بِقَرِينَةِ أَدْخَلَهَا فِي بِنَائِهِ.
[بَابُ السَّلَمِ]
ِ لَمَّا كَانَ مِنْ أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ وَلَكِنْ شُرِطَ فِيهِ الْقَبْضُ كَالصَّرْفِ أَخَّرَهُمَا وَقَدَّمَهُ عَلَى الصَّرْفِ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِي الصَّرْفِ قَبْضُهُمَا.
وَفِي السَّلَمِ قَبْضُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُفْرَدِ مِنْ الْمُرَكَّبِ، وَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ نَوْعِ بَيْعٍ يُعَجَّلُ فِيهِ الثَّمَنُ.
قِيلَ وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ أَخْذُ عَاجِلٍ بِآجِلٍ، وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْفَتْحِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِصِدْقِهِ عَلَى الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَعَرَّفَهُ أَوَّلًا بَيْعُ آجِلٍ بِعَاجِلٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُمْ: أَخْذُ عَاجِلٍ بِآجِلٍ تَحْرِيفٌ مِنْ النُّسَّاخِ الْجَهَلَةِ، فَاسْتَمَرَّ النَّقْلُ عَلَى هَذَا التَّحْرِيفِ. انْتَهَى.
وَعَنْ هَذَا قَالَ (هُوَ بَيْعُ آجِلٍ بِعَاجِلٍ) لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَخْذُ ثَمَنٍ عَاجِلٍ بِآجِلٍ بِقَرِينَةِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ التَّغْيِيرِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِدَلِيلٍ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ.
وَفِي الدُّرَرِ وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} [البقرة: 282] الْآيَةَ، فَإِنَّهَا تَشْمَلُ السَّلَمَ وَالْبَيْعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَتَأْجِيلَهُ بَعْدَ الْحُلُولِ، وَالسُّنَّةِ وَهِيَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» ، وَبِالْإِجْمَاعِ وَيَأْبَاهُ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْدُومٍ لَكِنَّهُ تُرِكَ لِمَا ذُكِرَ وَلَمْ يُسْتَدَلَّ بِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ» لِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْعِزِّ الْحَنَفِيَّ قَالَ فِي حَوَاشِي الْهِدَايَةِ هَذَا اللَّفْظُ هَكَذَا لَمْ يُرْوَ مِنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَكَأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ، انْتَهَى.
[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]
(وَيَصِحُّ) السَّلَمُ (فِيمَا أَمْكَنَ ضَبْطُ صِفَتِهِ) أَيْ جَوْدَتِهِ وَرَدَاءَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَمَعْرِفَةُ قَدْرِهِ) أَيْ مِقْدَارُهُ أَعَمُّ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالذَّرْعِ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَفِي الْبَحْرِ: السَّلَمُ فِي الْعِنَبِ الْفُلَانِيِّ فِي وَقْتِ كَوْنِهِ حِصْرِمًا لَا يَصِحُّ وَالسَّلَمُ فِي التُّفَّاحِ الشَّامِيِّ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ يَصِحُّ
لِأَنَّهُ يُسَمَّى تُفَّاحًا (لَا فِي غَيْرِهِ) أَيْ وَمَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُ صِفَتِهِ وَمَعْرِفَةُ قَدْرِهِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَهَذِهِ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ تُبْتَنَى عَلَيْهَا كَثِيرُ مَسَائِلِ السَّلَمِ.
فَشَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذِكْرِ بَعْضِهَا لِتَعْرِفَ بَاقِيَهَا بِالتَّأَمُّلِ فِيهَا فَقَالَ مُفَرِّعًا بِمَا عَلَيْهَا (فَيَصِحُّ) السَّلَمُ كَمَا فِي الْفَرَائِدِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمُصَنِّفُ شَرَعَ أَنْ يُبَيِّنَ الْفَصْلَيْنِ بِالْفَاءِ فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ تَفْصِيلِيَّةً، تَدَبَّرْ (فِي الْمَكِيلِ) كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ (وَالْمَوْزُونِ) كَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ (سِوَى النَّقْدَيْنِ) مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا لِأَنَّهُمَا مَوْزُونَةٌ وَلَكِنَّهُمَا غَيْرُ مُثَمَّنَيْنِ بَلْ خُلِقَا ثَمَنَيْنِ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا.
(وَ) يَصِحُّ (فِي الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ) وَهُوَ مَا لَا يَتَفَاوَتُ آحَادُهُ (كَالْجَوْزِ وَالْبَيْضِ عَدَدًا وَكَيْلًا) لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مَضْبُوطٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ، وَمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاوُتِ يُهْدَرُ عُرْفًا وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ عَدَدًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيهِ كَيْلًا؛ فَعِنْدَنَا يَجُوزُ كَيْلًا وَمَنَعَهُ زُفَرُ كَيْلًا وَعَنْهُ مَنْعُهُ عَدَدًا أَيْضًا لِلتَّفَاوُتِ وَإِنَّمَا جَازَ كَيْلًا عِنْدَنَا لِوُجُودِ الضَّبْطِ فِيهِ.
قَيَّدَ بِالْمُتَقَارِبِ - وَمِنْهُ الْكُمَّثْرَى وَالْمِشْمِشُ وَالتِّينُ - لِأَنَّ الْعَدَدِيَّ الْمُتَفَاوِتَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ، وَمَا تَفَاوَتَتْ مَالِيَّتُهُ مُتَفَاوِتٌ، كَالْبِطِّيخِ وَالْقَرْعِ وَالرُّمَّانِ وَالسَّفَرْجَلِ وَغَيْرِهَا؛ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عَدَدًا لِلتَّفَاوُتِ إلَّا إذَا ذَكَرَ ضَابِطًا غَيْرَ مُجَرَّدِ الْعَدَدِ كَطُولٍ وَغِلَظٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.
لَكِنْ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَذُكِرَ فِي الْمُخْتَلِفِ: يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ وَالْبَيْضِ عَدَدًا وَكَيْلًا وَوَزْنًا.
وَقَالَ زُفَرُ يَجُوزُ كَيْلًا وَوَزْنًا، وَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي فَتَاوَى الْأَفْطَسِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السَّلَمَ يَجُوزُ فِي الْجَوْزِ كَيْلًا، وَفِي الْبَيْضِ وَزْنًا. انْتَهَى، فَعَلَى هَذَا يَظْهَرُ مُخَالَفَةُ مَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ مَنَعَهُ زُفَرُ كَيْلًا تَدَبَّرْ.
(وَكَذَا) فِي (الْفُلُوسِ) أَيْ يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا عَدَدًا لِأَنَّ الثَّمَنِيَّةَ فِيهَا لَيْسَتْ خِلْقِيَّةً، وَإِنَّمَا الْجَوَازُ فِيهَا بِالِاصْطِلَاحِ فَلِلْعَاقِدِينَ إبْطَالُهَا (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) لِأَنَّهَا أَثْمَانٌ.
وَفِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ الْكُلِّ الْجَوَازُ، وَإِذَا بَطَلَتْ ثَمَنِيَّتُهَا لَا تَخْرُجُ عَنْ الْعَدِّ إلَى الْوَزْنِ لِلْعُرْفِ، إلَّا أَنْ يُهْدِرَهُ أَهْلُ الْعُرْفِ كَمَا هُوَ فِي دِيَارِنَا فِي زَمَانِنَا، وَقَدْ كَانَتْ قَبْلَ هَذِهِ الْأَعْصَارِ عَدَدِيَّةً فِي دِيَارِنَا أَيْضًا. انْتَهَى، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ اخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ غَيْرَ الظَّاهِرِ فَلِهَذَا قَالَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ تَدَبَّرْ.
(وَفِي اللَّبِنِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْبَاءِ: وَهُوَ الطُّوبُ الْأَحْمَزَ، وَشَرَطَ فِي الْخُلَاصَةِ ذِكْرَ الْمَكَانِ الَّذِي يُعْمَلُ فِيهِ اللَّبِنُ (وَالْآجُرِّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ مَعَ الْمَدِّ اللَّبِنُ إذَا طُبِخَ (إذَا سُمِّيَ مِلْبَنٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ قَالِبُهُمَا (مَعْلُومٌ) لِأَنَّ التَّفَاوُتَ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَقَلَّ.
(وَ) يَصِحُّ السَّلَمُ (فِي الْمَذْرُوعِ كَالثَّوْبِ إنْ بُيِّنَ طُولُهُ وَعَرْضُهُ وَرُقْعَتُهُ) أَيْ غِلَظُهُ وَرِقَّتُهُ.
وَفِي الْمِنَحِ: وَصِفَتُهُ أَيْ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ مُرَكَّبٍ مِنْهُمَا - وَهُوَ الْمُلْحَمُ - أَوْ حَرِيرٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَصَنْعَةٌ كَعَمَلِ الشَّامِ أَوْ الرُّومِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ.
قِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ غَيْرَ الْحَرِيرِ إذْ لَوْ كَانَ حَرِيرًا لَا بُدَّ
أَيْضًا مِنْ بَيَانِ وَزْنِهِ.
(وَ) يَصِحُّ (فِي السَّمَكِ الْمَلِيحِ) أَيْ الْقَدِيدِ بِالْمِلْحِ (وَزْنًا وَنَوْعًا مَعْلُومَيْنِ) لِأَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ يُمْكِنُ ضَبْطُهُ بِبَيَانِ قَدْرِهِ بِالْوَزْنِ، وَبَيَانِ نَوْعِهِ.
(وَكَذَا الطَّرِيُّ فِي حِينِهِ فَقَطْ) أَيْ يَصِحُّ فِي سَمَكٍ طَرِيٍّ حِينَ يُوجَدُ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ حَتَّى كَانَ فِي بَلَدٍ لَا يَنْقَطِعُ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَزْنًا وَنَوْعًا (وَلَا يَجُوزُ) السَّلَمُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَلِيحِ وَالطَّرِيِّ (عَدَدًا) لِتَفَاوُتِ آحَادِهِ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ.
وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ السَّمَكَ لَا يَصِحُّ فِيهِ السَّلَمُ لَا طَرِيًّا وَلَا مَلِيحًا لِأَنَّهُ لَحْمٌ فَصَارَ كَالسَّلَمِ فِي اللَّحْمِ.
وَفِي الْإِيضَاحِ: وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ السَّمَكَ الصِّغَارَ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَيْلًا وَوَزْنًا، وَفِي الْكِبَارِ رِوَايَتَانِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّرِيِّ وَالْمَلِيحِ.
(وَلَا) يَصِحُّ السَّلَمُ (فِي الْحَيَوَانِ) طَائِرًا أَوْ غَيْرَهُ لِتَفَاوُتِ آحَادِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ إذْ عِنْدَهُ يَجُوزُ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا لِإِمْكَانِ الضَّبْطِ بِمَعْرِفَةِ النَّوْعِ وَاللَّوْنِ وَالْوَصْفِ وَالسِّنِّ (وَأَطْرَافِهِ) كَالرُّءُوسِ وَالْأَكَارِعِ (وَلَا فِي جُلُودِهِ عَدَدًا) لِكَوْنِ التَّفَاوُتِ فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ فَاحِشًا، وَعِنْدَ مَالِكٍ يَجُوزُ فِي الرُّءُوسِ وَالْجُلُودِ عَدَدًا لِلتَّقَارُبِ.
وَفِي الْعِنَايَةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَزْنًا لِقَيْدِ عَدَدًا؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَدَدِيٌّ فَحَيْثُ لَمْ يَجُزْ عَدَدًا لَمْ يَجُزْ وَزْنًا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يُوزَنُ عَدَدًا، وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ بَيَّنَ لِلْجُلُودِ ضَرْبًا مَعْلُومًا يَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْمُنَازَعَةِ حِينَئِذٍ.
(وَلَا) يَصِحُّ (فِي الْحَطَبِ حُزَمًا، وَ) لَا (الرَّطْبَةِ جُرَزًا) لِأَنَّ هَذَا مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ طُولُهُ وَغِلَظُهُ حَتَّى إذَا عُرِفَ ذَلِكَ بِأَنْ بَيَّنَ الْحَبْلَ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الْحَطَبُ وَالرَّطْبَةُ وَبُيِّنَ طُولُهُ وَضُبِطَ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ جَازَ وَلَوْ قُيِّدَ الْوَزْنُ فِي الْكُلِّ صَحَّ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (فِي الْجَوْهَرِ وَالْخَرَزِ) بِالتَّحْرِيكِ الَّذِي يُنَظَّمُ، لِتَفَاوُتِ آحَادِهِ إلَّا صِغَارَ اللُّؤْلُؤِ لَوْ كَانَتْ تُبَاعُ وَزْنًا فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهَا وَزْنًا لِأَنَّ الصِّغَارَ إنَّمَا يُعْلَمُ بِهِ.
(وَلَا) يَصِحُّ (فِي اللَّحْمِ طَرِيًّا) عِنْدَ الْإِمَامِ (وَقَالَا يَصِحُّ إذَا وُصِفَ مَوْضِعٌ مَعْلُومٌ مِنْهُ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ) .
وَفِي الْبَحْرِ وَقَالَا: يَجُوزُ إذَا بُيِّنَ جِنْسُهُ وَنَوْعُهُ وَسِنُّهُ وَمَوْضِعُهُ وَصِفَتُهُ وَقَدْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ مَضْبُوطُ الْوَصْفِ كَالْأَلْيَةِ وَالشَّحْمِ بِخِلَافِ لَحْمِ الطُّيُورِ فَإِنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَصْفِ مَوْضِعٍ مِنْهُ
وَلِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ كِبَرِ الْعَظْمِ وَصِغَرِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَفِي مَنْزُوعِ الْعَظْمِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ عَدَمُهُ وَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ.
وَفِي الْحَقَائِقِ وَالْعُيُونِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا، وَهَذَا عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ، وَقَدْ قِيلَ لَا خِلَافَ فَمَنَعَ الْإِمَامُ فِيمَا إذَا أُطْلِقَ السَّلَمُ فِي اللَّحْمِ، وَقَوْلُهُمَا فِيمَا إذَا بَيَّنَّا وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِجَوَازِهِ صَحَّ اتِّفَاقًا.
(وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِكَيْلٍ أَوْ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ) قَيْدٌ لِلْكَيْلِ وَالذِّرَاعِ (لَا يُدْرَى قَدْرُهُ) أَيْ قَدْرُ ذَلِكَ الصَّاعِ وَالذِّرَاعِ لِاحْتِمَالِ الضَّيَاعِ فَيَقَعُ النِّزَاعُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِهِ (حَالًّا) قُيِّدَ بِكَوْنِهِ لَمْ يُدْرَ قَدْرُهُ لِأَنَّهُمَا لَوْ كَانَا مَعْلُومَيْ الْمِقْدَارِ جَازَ (وَلَا) يَجُوزُ (فِي طَعَامِ قَرْيَةٍ أَوْ تَمْرِ نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ) إذْ رُبَّمَا تَعْرِضُهُمَا