المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[فصل في اللبس]

أَوْ الصَّبِيُّ هَذِهِ هَدِيَّةٌ أَهْدَاهَا سَيِّدِي أَوْ أَبِي يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّ الْهَدَايَا تُبْعَثُ عَادَةً عَلَى أَيْدِي هَؤُلَاءِ (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُهُمْ فِي (الْأَذَانِ) بِأَنْ قَالَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ أَوْ الصَّبِيُّ الْمُمَيَّزُ أَذِنَ لِي مَوْلَايَ أَوْ الْوَلِيُّ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَ وَيَرَى مُعَامَلَتَهُ مَعَ الْغَيْرِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ مِنْهُ وَإِلَّا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ فِي اسْتِحْضَارِ الشُّهُودِ إلَى مَوَاضِعِ الْعُقُودِ.

(وَشَرْطُ الْعَدْلِ فِي الدِّيَانَاتِ) لِأَنَّهُ لَا يَكْثُرُ وُقُوعًا فَلَا حَرَجَ فِي اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَى قَبُولِ قَوْلِ الْفَاسِقِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِيهَا (كَالْخَبَرِ عَنْ نَجَاسَةِ الْمَاءِ فَيَتَيَمَّمُ) وَلَا يَتَوَضَّأُ، وَ (إنْ أَخْبَرَ بِهَا مُسْلِمٌ عَدْلٌ وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ كَانَ (أُنْثَى أَوْ عَبْدًا) لَتَرَجَّحَ جَانِبُ الصِّدْقِ فِي خَبَرِهِ لِظُهُورِ عَدَالَتِهِ (وَيَتَحَرَّى فِي الْفَاسِقِ) بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ.

(وَ) فِي خَبَرِ (الْمَبْتُورِ ثُمَّ يَعْمَلُ بِغَالِبِ رَأْيِهِ) إنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ يَتَيَمَّمُ وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ كَذِبُهُ يَتَوَضَّأُ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْكَذِبِ (وَلَوْ أَرَاقَ) الْمَاءَ الَّذِي أَخْبَرَ بِنَجَاسَتِهِ فَاسِقٌ أَوْ مَسْتُورٌ (فَتَيَمَّمَ عِنْدَ غَلَبَةِ صِدْقِهِ وَتَوَضَّأَ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَرَاقَ وَالْمَعْنَى لَوْ لَمْ يُرِقْ الْمَاءَ وَتَوَضَّأَ وَتَيَمَّمَ (عِنْدَ غَلَبَةِ كَذِبِهِ كَانَ أَحْوَطَ) كَمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَغَيْرِهِ.

وَفِي الْجَوْهَرَةِ وَهَذَا جَوَابُ الْحُكْمِ أَمَّا فِي الِاحْتِيَاطِ فَيَتَيَمَّمُ بَعْدَ الْوُضُوءِ.

[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

ِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ مُقَدِّمَاتِ مَسَائِلِ الْكَرَاهَةِ ذَكَرَ تَفْصِيلَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْإِنْسَانُ قَدَّمَ اللُّبْسَ لِكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (الْكِسْوَةُ مِنْهَا فَرْضٌ وَهُوَ) أَيْ مَا هُوَ فَرْضٌ (مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ وَيَدْفَعُ ضَرَرَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31] أَيْ مَا يَسْتُرُ عَوْرَاتِكُمْ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ إلَّا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَخِلْقَتُهُ لَا تَتَحَمَّلُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ فَيَحْتَاجُ إلَى دَفْعِ ذَلِكَ بِالْكِسْوَةِ فَصَارَ نَظِيرَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَكَانَ فَرْضًا كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ (وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ مِنْ الْقُطْنِ أَوْ الْكَتَّانِ)

ص: 531

وَهُوَ الْمَأْثُورُ وَهُوَ أَبْعَدُ عَنْ الْخُيَلَاءِ (بَيْنَ النَّفِيسِ وَالْخَسِيسِ) لِئَلَّا يَحْتَقِرَ فِي الدَّنِيءِ وَيَأْخُذَهُ الْخُيَلَاءُ فِي النَّفِيسِ وَعَنْ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام «أَنَّهُ نَهَى عَنْ الشُّهْرَتَيْنِ» وَهُوَ مَا كَانَ فِي نِهَايَةِ النَّفَاسَةِ وَمَا كَانَ فِي نِهَايَةِ الْخَسَاسَةِ وَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَاطُهَا (وَمُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الزَّائِدُ) عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ.

وَفِي الْمِنَحِ وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ الزِّينَةِ فِي الْإِزَارِ وَالرِّدَاءِ وَالْعِمَامَةِ وَالْقَمِيصِ الرَّقِيقِ وَنَحْوِهَا (لِأَخْذِ الزِّينَةِ) الْمَأْمُورِ بِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذُوا زِينَتَكُمْ} [الأعراف: 31] الْآيَةَ (وَإِظْهَارُ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى) خُصُوصًا إذَا كَانَ ذَا عِلْمٍ وَمُرُوءَةٍ.

وَفِي الْقُنْيَةِ الْعِمَامَةُ الطَّوِيلَةُ وَلُبْسُ الثِّيَابِ الْوَاسِعَةِ حَسَنٌ فِي حَقِّ الْفُقَهَاءِ الَّذِينَ هُمْ أَعْلَامُ الْهُدَى دُونَ سَائِرِ النَّاسِ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَلْبَسَ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ لِلصَّلَاةِ.

وَفِي الْحَدِيثِ «صَلَاةٌ مَعَ عِمَامَةٍ خَيْرٌ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً بِغَيْرِ عِمَامَةٍ» وَرُوِيَ «مَنْ صَلَّى وَجَيْبُهُ مَشْدُودٌ كَانَ خَيْرًا مِمَّنْ صَلَّى سَبْعِينَ صَلَاةً وَجَيْبُهُ مَكْشُوفٌ» قَالَ عليه الصلاة والسلام «إنَّ اللَّهَ يُحِبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعَمِهِ عَلَى عَبْدِهِ» (وَمُبَاحٌ وَهُوَ الثَّوْبُ الْجَمِيلُ لِلتَّزَيُّنِ) فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَمَجَامِعِ النَّاسِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْكِبْرِ وَكَذَا جَمْعُ الْمَالِ إذَا كَانَ مِنْ حَلَالٍ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام خَرَجَ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ» وَرُبَّمَا قَامَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام إلَى الصَّلَاةِ وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ قِيمَتُهُ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَكَانَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ يَرْتَدِي بِرِدَاءٍ قِيمَتُهُ أَرْبَعُ مِائَةِ دِرْهَمٍ وَكَانَ يَقُولُ لِتَلَامِذَتِهِ إذَا رَجَعْتُمْ إلَى بِلَادِكُمْ فَعَلَيْكُمْ بِالثِّيَابِ النَّفِيسَةِ فَالسَّرَخْسِيُّ يَلْبَسُ الْغَسِيلَ فِي عَامَّةِ الْأَوْقَاتِ وَيَلْبَسُ الْأَحْسَنَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ إظْهَارًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَا يُؤْذِيَ الْمُحْتَاجِينَ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي الْقُنْيَةِ وَعَنْ النَّخَعِيِّ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ فِي ثِيَابٍ حَسَنَةٍ وَأَصْحَابُهُ يَقُولُونَ نَحْنُ نَعْرِفُ حَقِيقَةً أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ الْآنَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ (وَمَكْرُوهٌ وَهُوَ اللُّبْسُ لِلتَّكَبُّرِ) وَالْخُيَلَاءِ «لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِمِقْدَادِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ كُلْ وَالْبَسْ وَاشْرَبْ مِنْ غَيْرِ مَخِيلَةٍ» .

(وَيُسْتَحَبُّ) الثَّوْبُ (الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الثِّيَابَ الْبِيضَ وَإِنَّهُ خَلَقَ الْجَنَّةَ بَيْضَاءَ» وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ عليه السلام لَبِسَ الْجُبَّةَ السَّوْدَاءَ وَالْعِمَامَةَ السَّوْدَاءَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ» وَلَا بَأْسَ بِالْأَزْرَقِ وَفِي الشِّرْعَةِ وَلُبْسُ الْأَخْضَرِ سُنَّةٌ.

(وَيُكْرَهُ) الثَّوْبُ (الْأَحْمَرُ وَالْمُعَصْفَرُ) لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّهُ عليه السلام «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْأَحْمَرِ وَالْمُعَصْفَرِ» .

وَفِي الْمِنَحِ وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الثَّوْبِ الْأَحْمَرِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْمَكَارِمِ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى خِلَافِ الْأَوْلَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ لَا بَأْسَ تُسْتَعْمَلُ غَالِبًا فِيمَا تَرْكُهُ أَوْلَى كَمَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ لَكِنْ صَرَّحَ صَاحِبُ تُحْفَةِ الْمُلُوكِ بِالْحُرْمَةِ فَأَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمَحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.

(وَالسُّنَّةُ إرْخَاءُ طَرَفِ الْعِمَامَةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ) هَكَذَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام (قَدْرَ شِبْرٍ وَقِيلَ إلَى وَسَطِ الظُّهْرِ وَقِيلَ إلَى مَوْضِعِ الْجُلُوسِ وَإِذَا

ص: 532

أَرَادَ تَجْدِيدَ لَفِّهَا نَقَضَهَا كَمَا لَفَّهَا) وَلَا يُلْقِيهَا عَلَى الْأَرْضِ دَفْعَةً وَاحِدَةً هَكَذَا نَقَلَ مَنْ فَعَلَهُ عليه السلام كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(وَيَحِلُّ لِلنِّسَاءِ لُبْسُ الْحَرِيرِ وَلَا يَحِلُّ لِلرِّجَالِ) وَلَوْ بِحَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَدَنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَقَالَ إنَّمَا يَلْبَسُهُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ أَيْ لَا نَصِيبَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ» وَإِنَّمَا جَازَ لِلنِّسَاءِ بِحَدِيثٍ آخَرَ وَهُوَ مَا رَوَاهُ عِدَّةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْهُمْ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ وَبِإِحْدَى يَدَيْهِ حَرِيرٌ وَبِالْأُخْرَى ذَهَبٌ وَقَالَ هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حَلَالٌ لِإِنَاثِهِمْ» وَيُرْوَى حِلٌّ لِإِنَاثِهِمْ إلَّا أَنَّ الْقَلِيلَ عَفْوٌ وَعَنْ هَذَا قَالَ (الْأَقْدَرُ أَرْبَعُ أَصَابِعَ) مَضْمُومَةٌ فَلَا يَحْرُمُ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ.

وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ أَصَابِعِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَذَلِكَ قَيْسُ شِبْرِنَا يُرَخَّصُ فِيهِ.

وَفِي الْمِنَحِ الْقَلِيلُ مِنْ الْحَرِيرِ عَفْوٌ وَهُوَ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ أَرْبَعِ يَعْنِي مَضْمُونَةً وَذَلِكَ (كَالْعَلَمِ) ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ وَعَلَيْهَا الْأَعْلَامُ وَالطِّرَازُ فِي تِلْكَ الْأَعْصَارِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْبَعِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَ جُبَّةً مَكْفُوفَةً بِالْحَرِيرِ» وَرُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَبِسَ فَرْوَةً أَطْرَافُهَا مِنْ الدِّيبَاجِ» وَكَانَ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّهُ تَبَعٌ كَمَا فِي السِّرَاجِ وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ الْعَلَمُ حَلَالٌ مُطْلَقًا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا انْتَهَى هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ أَوْ أَرْبَعَ وَفِيهِ رُخْصَةٌ عَظِيمَةٌ لِمَنْ اُبْتُلِيَ بِذَلِكَ مِنْ الْأَشْرَافِ وَالْعُظَمَاءِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي طَرَفِ الْقَلَنْسُوَةِ لَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ قَدْرَ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَوْ دُونَهَا فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فِي الْقَلَنْسُوَةِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ أَصَابِعَ وَفِي الْمُجْتَبِي وَإِنَّمَا رَخَّصَ الْإِمَامُ فِي الْعَلَمِ فِي عَرْضِ الثَّوْبِ قُلْت وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَلِيلَ فِي طُولِهِ يُكْرَهُ وَبِهِ جَزَمَ مَوْلَى خُسْرو وَلَكِنَّ إطْلَاقَ الْهِدَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ مُخَالِفٌ.

وَفِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ بُرْهَانِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ أَنَّ عِنْدَ الْإِمَامِ لَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِجِلْدِهِ حَتَّى لَوْ لَبِسَهُ فَوْقَ قَمِيصٍ مِنْ غَزْلٍ أَوْ نَحْوِهِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَهُ فَكَيْفَ إذَا لَبِسَهُ فَوْقَ قَبَاءٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ مَحْشُوًّا وَكَانَتْ جُبَّةً مِنْ حَرِيرٍ بِطَانَتُهَا لَيْسَ بِحَرِيرٍ وَلَوْ لَبِسَهَا فَوْقَ قَمِيصٍ غَزْلِيٍّ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَفِي هَذَا رُخْصَةٌ عَظِيمَةٌ فِي مَوْضِعٍ عَمَّ بِهِ الْبَلْوَى وَلَكِنْ طَلَبْتُ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الْإِمَامِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ فَلَمْ أَجِدْ سِوَى هَذَا ثُمَّ قَالَ نَقْلًا عَنْ الْحَلْوَانِيِّ قَالَ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إنَّمَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْحَرِيرِ إذَا كَانَ يَمَسُّ الْجِلْدَ وَمَا لَا فَلَا وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ حَرِيرٍ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَمَا تَرَى إلَى مَا يَلِي الْجَسَدِ وَكَانَ تَحْتَهُ ثَوْبٌ مِنْ قُطْنٍ ثُمَّ قَالَ إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْكُلَّ حَرَامٌ.

وَفِي الْجَامِعِ لِلْبَزْدَوِيِّ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ أَبَاحَ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ لِلرِّجَالِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هِيَ حَرَامٌ عَلَى النِّسَاءِ

ص: 533

أَيْضًا وَعَامَّةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَحِلُّ لِلنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ انْتَهَى قَالَ عَبْدُ الْبَرِّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ بَعْدَ حِكَايَتِهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُنْيَةِ قُلْت وَفِي حِفْظِي مِنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ مَا لَفْظُهُ قَالَ الْإِمَامُ وَمُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ وَقَلَنْسُوَةِ الثَّعَالِبِ انْتَهَى وَهَذَا مُطْلَقٌ وَفِيهِ زِيَادَةُ مُحَمَّدٍ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْمِنَحِ.

وَفِي التَّنْوِيرِ وَالثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ بِذَهَبٍ يَحِلُّ إذَا كَانَ هَذَا الْمِقْدَارُ وَإِلَّا لَا وَلَا بَأْسَ بِتِكَّةِ دِيبَاجٍ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْتِ وَكَذَا لَا بَأْسَ بِمِلْأَةٍ حَرِيرٍ يُوضَعُ فِي مَهْدِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلُبْسٍ.

وَفِي الْقُنْيَةِ تُكْرَهُ التِّكَّةُ الْمَعْمُولَةُ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ هُوَ الصَّحِيحُ وَكَذَا الْقَلَنْسُوَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ الْعِمَامَةِ وَالْكِيسُ الَّذِي يُعَلَّقُ لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالذَّخِيرَةِ وَشَرْحِ الْقُدُورِيِّ لَا تُكْرَهُ التِّكَّةُ مِنْ الْحَرِيرِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُكْرَهُ.

وَاخْتُلِفَ فِي عُصْبَةِ الْجِرَاحَةِ بِالْحَرِيرِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةُ الْقَمِيصِ وَزِرُّهُ مِنْ الْحَرِيرِ وَهُوَ كَالْعَلَمِ يَكُونُ فِي الثَّوْبِ وَمَعَهُ غَيْرُهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ كَرِهَتْهُ وَأَكْرَهُ تِكَّةَ الْحَرِيرِ لِأَنَّهَا تُلْبَسُ وَحْدَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ فَاللُّبْسُ لَا يَكُونُ مُضَافًا إلَيْهِ بَلْ يَكُونُ تَبَعًا فِي اللُّبْسِ وَالْمُحَرَّمُ هُوَ اللُّبْسُ الْحَرِيرُ كَمَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشُدَّ خِمَارًا أَسْوَدَ مِنْ الْحَرِيرِ عَلَى الْعَيْنِ الرَّامِدَةِ أَوْ النَّاظِرَةِ إلَى الثَّلْجِ وَكَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى سَجَّادَةٍ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ لَمْ يُكْرَهْ فَإِنَّ الْحَرَامَ هُوَ اللُّبْسُ أَمَّا الِانْتِفَاعُ بِسَائِرِ الْوُجُوهِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ.

(وَلَا بَأْسَ) لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (بِتَوَسُّدِهِ) أَيْ بِاِتِّخَاذِ الْحَرِيرِ وِسَادَةً (وَافْتِرَاشِهِ) أَيْ اتِّخَاذِهِ فِرَاشًا وَالنَّوْمِ عَلَيْهِ وَكَذَا سِتْرُ الْحَرِيرِ وَتَعْلِيقُهُ عَلَى الْبَابِ عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) لِعُمُومِ النَّهْيِ وَلِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ الْأَكَاسِرَةِ وَالْجَبَابِرَةِ، وَالتَّشَبُّهُ بِهِمْ حَرَامٌ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إيَّاكُمْ وَزِيَّ الْأَعَاجِمِ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى قَوْلِ الْقُدُورِيِّ وَصَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ وَالْمُجْمَعِ وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْخِلَافَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَهُ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَلَسَ عَلَى مِرْفَقَةِ حَرِيرٍ وَقَدْ كَانَ عَلَى بِسَاطِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -» مِرْفَقَةُ حَرِيرٍ وَلِأَنَّ الْقَلِيلَ مِنْ الْمَلْبُوسِ مُبَاحٌ كَالْأَعْلَامِ فَكَذَا الْقَلِيلُ مِنْ اللُّبْسِ وَهُوَ التَّوَسُّدُ وَالِافْتِرَاشُ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ كَامِلٍ بَلْ اسْتِعْمَالٌ عَلَى سَبِيلِ الِامْتِهَانِ فَكَانَ قَاصِرًا عَنْ مَعْنَى الِاسْتِعْمَالِ وَالتَّزْيِينِ فَلَمْ يَتَعَدَّ حُكْمُ التَّحْرِيمِ مِنْ اللُّبْسِ الَّذِي هُوَ فِي الِاسْتِعْمَالِ إلَيْهِ فَلَمْ يَحْرُمُ بَلْ كَانَ ذَلِكَ تَقْلِيلًا لِلُّبْسِ وَأُنْمُوذَجًا وَتَرْغِيبًا فِي نَعِيمِ الْآخِرَةِ، وَنَظِيرُهُ انْكِشَافُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنْهُ لَا يُفْسِدُ وَكَذَا الْكَثِيرُ فِي الزَّمَانِ الْقَلِيلِ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَغَيْرِهِ.

(وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ مَا سَدَاهُ) بِالْفَتْحِ أَيْ مَا سَدَى مِنْ الثَّوْبِ بِالْفَارِسِيَّةِ " تان وتار "(إبْرَيْسَمٌ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَحَرَكَاتِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ عَرَبِيٍّ أَوْ مُعَرَّبٍ (وَلُحْمَتُهُ) مَا أُدْخِلَ

ص: 534

بَيْنَ السَّدَى (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْإِبْرَيْسَمِ سَوَاءٌ كَانَ مَغْلُوبًا أَوْ غَالِبًا أَوْ مُسَاوِيًا لِلْحَرِيرِ كَالْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ وَالصُّوفِ يَعْنِي فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - كَانُوا يَلْبَسُونَ مِثْلَ هَذَا وَلِأَنَّ الثَّوْبَ يَصِيرُ بِالنَّسْجِ وَالنَّسْجُ بِاللَّحْمَةِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ لِكَوْنِهَا عِلَّةً قَرِيبَةً فَيُضَافُ الْحُكْمُ مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةُ إلَيْهَا دُونَ السَّدَى فَيَكُونُ الْعِبْرَةُ لِمَا يَظْهَرُ دُونَ مَا يَخْفَى وَقِيلَ لَا يَلْبَسُ إلَّا إذَا غَلَبَ اللُّحْمَةُ عَلَى الْحَرِيرِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ (وَعَكْسُهُ) أَيْ مَا لُحْمَتُهُ إبْرَيْسَمٌ وَسَدَاهُ غَيْرُهُ (لَا يُلْبَسُ إلَّا فِي الْحَرْبِ) لَا فِي غَيْرِهِ وَهَذَا أَيْضًا بِالْإِجْمَاعِ لِلضَّرُورَةِ.

(وَيُكْرَهُ لُبْسُ خَالِصِهِ) أَيْ الْحَرِيرِ فِيهَا أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّ عِنْدَهُمَا يَجُوزُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «رَخَّصَ لُبْسَ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فِي الْحَرْبِ» وَلِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً فَإِنَّ الْخَالِصَ مِنْهُ أَدْفَعُ لِمَضَرَّةِ السِّلَاحِ وَأَهْيَبُ فِي عَيْنِ الْعَدُوِّ لِبَرِيقِهِ وَلَهُ إطْلَاقُ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالضَّرُورَةُ انْدَفَعَتْ بِالْمَخْلُوطِ الَّذِي لُحْمَتُهُ حَرِيرٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْخَالِصِ مِنْهُ.

وَفِي الْمِنَحِ هَذَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ صَفِيقًا يَحْصُلُ بِهِ اتِّقَاءُ الْعَدُوِّ فِي الْحَرْبِ أَمَّا إذَا كَانَ رَقِيقًا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ الِاتِّقَاءُ فَإِنَّ لُبْسَهُ لَا يَحِلُّ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْفِرَاءِ كُلِّهَا مِنْ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَيْتَةِ الْمَدْبُوغَةِ وَالذَّكِيَّةِ وَكَذَلِكَ الصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَاللِّبَدِ؛ لِأَنَّهَا عَيْنٌ طَاهِرَةٌ مُبَاحَةٌ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَكْرَهُ ثَوْبَ الْقَزِّ يَكُونُ بَيْنَ الْفَرْوِ وَالظِّهَارَةِ وَلَا أَرَى بِحَشْوِ الْقَزِّ بَأْسًا؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ مَلْبُوسٌ وَالْحَشْوَ غَيْرُ مَلْبُوسٍ.

(وَيَجُوزُ لِلنِّسَاءِ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا) يَجُوزُ (لِلرِّجَالِ) أَمَّا بِالذَّهَبِ فَلِمَا رَوَيْنَا وَأَمَّا بِالْفِضَّةِ فَلِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الذَّهَبِ فِي التَّزَيُّنِ وَوُقُوعُ التَّفَاخُرِ بِهَا (إلَّا الْخَاتَمَ) عَلَى هَيْئَةِ خَاتَمِ الرِّجَالِ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ فَصَّانِ أَوْ أَكْثَرُ فَحَرَامٌ (وَالْمِنْطَقَةَ وَحِلْيَةَ السَّيْفِ مِنْ الْفِضَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِمَّا لَا يَجُوزُ لِلرِّجَالِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى النَّمُوذَجِ وَالْفِضَّةُ أَغْنَتْ عَنْ الذَّهَبِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَقَدْ وَرَدَ آثَارٌ فِي جَوَازِ التَّخَتُّمِ بِالْفِضَّةِ وَكَانَ «النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ وَكَانَ فِي يَدِهِ حَتَّى تُوُفِّيَ» ثُمَّ فِي يَدِ أَبِي بَكْرٍ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ ثُمَّ فِي يَدِ عُمَرَ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ ثُمَّ فِي يَدِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إلَى أَنْ وَقَعَ مِنْ يَدِهِ فِي الْبِئْرِ فَأَنْفَقَ مَالًا عَظِيمًا فِي طَلَبِهِ فَلَمْ يَجِدْهُ وَقَالُوا إنْ قَصَدَ بِالتَّخَتُّمِ التَّجَبُّرَ فَمَكْرُوهٌ.

وَفِي

ص: 535

الِاخْتِيَارِ سُنَّ أَنْ يَكُونَ الْخَاتَمُ عَلَى قَدْرِ مِثْقَالٍ أَوْ دُونِهِ.

(وَ) إلَّا (مِسْمَارَ الذَّهَبِ فِي ثَقْبِ الْفَصِّ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ كَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ وَلَا يُعَدُّ لَابِسًا لَهُ (وَ) إلَّا (كِتَابَةَ الثَّوْبِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلثَّوْبِ وَلَا حُكْمَ لَهُ وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ.

(وَ) إلَّا (شَدَّ السِّنِّ بِالْفِضَّةِ وَلَا يَجُوزُ بِالذَّهَبِ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) .

وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَشُدُّ الْأَسْنَانَ بِالذَّهَبِ وَيَشُدُّ بِالْفِضَّةِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ بِالذَّهَبِ أَيْضًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ مِثْلُ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِهَذَا قَالَ فِي التَّبْيِينِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَا يُبَاحُ إلَّا لِلضَّرُورَةِ وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِالْفِضَّةِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ بِالذَّهَبِ أَيْضًا لِمَا رُوِيَ عَنْ «عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ فَأَمَرَهُ عليه الصلاة والسلام أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ قُلْنَا الْكَلَامُ فِي السِّنِّ وَالْمَرْوِيُّ فِي الْأَنْفِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْإِغْنَاءِ فِي السِّنِّ أَلَا يَرَى التَّخَتُّمَ لِأَجْلِ الْخَتْمِ ثُمَّ لَمَّا وَقَعَ الِاسْتِغْنَاءُ بِالْأَدْنَى لَا يُصَارُ إلَى الْأَعْلَى وَلَا يَجُوزُ قِيَاسُهُ عَلَى الْأَنْفِ فَكَذَا هُنَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام خَصَّ عَرْفَجَةَ بِذَلِكَ كَمَا خَصَّ الزُّبَيْرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - بِلُبْسِ الْحَرِيرِ لِأَجْلِ الْحَكَّةِ فِي جِسْمِهِمَا.

(وَلَا يَتَخَتَّمُ بِحَجَرٍ وَلَا صُفْرٍ وَلَا حَدِيدٍ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام «نَهَى عَنْ التَّخَتُّمِ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ» (وَقِيلَ يُبَاحُ بِالْحَجَرِ الْيَشْبِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَجَرٍ إذَا لَيْسَ لَهُ ثِقَلُ الْحَجَرِ وَإِطْلَاقُ الْجَوَابِ فِي الْكِتَابِ يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي الدُّرَرِ نَقْلًا عَنْ السَّرَخْسِيِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ كَالْعَقِيقِ فَإِنَّهُ عليه السلام «كَانَ يَتَخَتَّمُ بِالْعَقِيقِ وَقَالَ تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ»

وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِذَهَبٍ وَلَا حَدِيدٍ وَلَا صُفْرٍ بَلْ هُوَ حَجَرٌ وَتَمَامُهُ فِيهِ فَلْيُطَالَعْ.

وَفِي الْمِنَحِ؛ لِأَنَّ حِلَّ الْعَقِيقِ لَمَّا ثَبَتَ حَلَّ سَائِرُ الْأَحْجَارِ لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ حَجَرٍ وَحَجَرٍ لَكِنْ يَجُوزُ التَّخَتُّمُ إنْ كَانَتْ الْحَلْقَةُ مِنْ الْفِضَّةِ وَالْفَصُّ مِنْ الْحَجَرِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَقِيقٍ أَوْ زَبَرْجَدٍ أَوْ فَيْرُوزَجِ أَوْ غَيْرِهَا لِكَوْنِهِ تَابِعًا وَلِأَنَّ الْقِوَامَ بِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ بِالْفَصِّ وَيُجْعَلُ الْفَصُّ إلَى بَاطِنِ كَفِّهِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ لِلزِّينَةِ فِي حَقِّهَا وَيَلْبَسُ خَاتَمَهُ فِي الْيُسْرَى لَا فِي الْيُمْنَى وَلَا فِي غَيْرِ خِنْصَرِهِ الْيُسْرَى مِنْ أَصَابِعِهِ وَسَوَّى الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالْيَسَارِ وَهُوَ الْحَقُّ لِاخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ. (وَتَرْكُ التَّخَتُّمِ أَفْضَلُ لِغَيْرِ السُّلْطَانِ وَالْقَاضِي) لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ بِخِلَافِ السُّلْطَانِ وَالْقَاضِي كَمَا فِي الْهِدَايَةِ

ص: 536

وَفِي الْمِنَحِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بَلْ الْحُكْمُ فِي كُلِّ ذِي حَاجَةٍ كَذَلِكَ فَلَوْ قِيلَ وَتَرْكُ التَّخَتُّمِ أَفْضَلُ لِغَيْرِ ذِي حَاجَةٍ إلَيْهِ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمُبَاشِرُ وَمُتَوَلِّي الْأَوْقَافِ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ يَحْتَاجُ إلَى الْخَتْمِ لِضَبْطِ الْمَالِ كَانَ أَعَمَّ فَائِدَةً كَمَا لَا يَخْفَى انْتَهَى لَكِنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ لَا يُنَافِي جَرَيَانَ الْحُكْمِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الشَّيْءِ عِنْدَ وُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْحَاجَةُ وَالضَّرُورَةُ خُصُوصًا فِي أَمْرِ الِاسْتِحْبَابِ تَدَبَّرْ.

(وَيَجُوزُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مِنْ إنَاءٍ مُفَضَّضٍ وَالْجُلُوسُ عَلَى سَرِيرٍ مُفَضَّضٍ بِشَرْطِ اتِّقَاءِ مَوْضِعِ الْفِضَّةِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ الْفِضَّةُ فِي مَوْضِعِ الْفَمِ عِنْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَقِيلَ يَتَّقِي مَوْضِعَ الْفَمِ وَالْيَدِ.

وَفِي مَوْضِعِ الْجُلُوسِ عِنْدَهُ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَيُكْرَهُ) ذَلِكَ (عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) مُطْلَقًا (وَعَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَتَانِ) فِي رِوَايَةٍ مَعَ الْإِمَامِ.

وَفِي رِوَايَةٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِنَاءُ الْمُضَبَّبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْكُرْسِيُّ الْمُضَبَّبُ بِهِمَا وَكَذَا إذَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي السَّقْفِ وَالْمَسْجِدِ وَحَلْقَةِ الْمِرْآةِ أَيْ جَعَلَ الْمُصْحَفَ مُذَهَّبًا أَوْ مُفَضَّضًا كَمَا لَوْ جَعَلَهُ فِي نَصْلِ سَيْفٍ وَسِكِّينٍ أَوْ قَبْضَتِهِمَا أَوْ فِي لِجَامٍ أَوْ رِكَابٍ وَلَمْ يَضَعْ يَدَهُ مَوْضِعَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ

وَفِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَهَذَا الِاخْتِلَافُ فِيمَا يَخْلُصُ وَأَمَّا التَّمْوِيهُ الَّذِي لَا يَخْلُصُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلَكٌ فَلَا عِبْرَةَ لِبَقَائِهِ لَوْنًا لَهُمَا إنَّ مُسْتَعْمِلَ جُزْءٍ مِنْ الْإِنَاءِ مُسْتَعْمِلٌ جَمِيعَ الْأَجْزَاءِ فَيُكْرَهُ كَمَا إذَا اسْتَعْمَلَ مَوْضِعَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ ذَلِكَ تَابِعٌ وَلَا تُعْتَبَرُ بِالتَّوَابِعِ فَلَا يُكْرَهُ كَالْجُبَّةِ الْمَكْفُوفَةِ بِالْحَرِيرِ وَالْعَلَمِ فِي الثَّوْبِ.

(وَيُكْرَهُ إلْبَاسُ الصَّبِيِّ ذَهَبًا أَوْ حَرِيرًا) لِئَلَّا يَعْتَادَهُ وَالْإِثْمُ عَلَى الْمُلْبِسِ كَالْخَمْرِ فَإِنْ سَقْيَهَا الصَّبِيَّ حَرَامٌ كَشُرْبِهَا وَكَذَا الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ

وَالتَّنْوِيرُ لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الصَّبِيِّ اللُّؤْلُؤَ وَكَذَا الْبَالِغُ (وَيُكْرَهُ حَمْلُ خِرْقَةٍ لِمَسْحِ الْعَرَقِ أَوْ الْمُخَاطِ أَوْ) مَاءِ (الْوُضُوءِ إنْ لِلتَّكَبُّرِ وَإِنْ لِلْحَاجَةِ فَلَا هُوَ الصَّحِيحُ) ؛ لِأَنَّهُ نَوْعُ تَجَبُّرٍ لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا (وَالرَّتَمُ) وَهُوَ الْخَيْطُ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَى الْأُصْبُعِ لِتَذَكُّرِ الشَّيْءِ (لَا بَأْسَ بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَبَثٍ لِمَا فِيهِ

ص: 537