الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ بِصَفْقَةٍ كُلًّا بِخَمْسَةٍ كُرِهَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا مُرَابَحَةً بِخَمْسَةٍ بِلَا بَيَانٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ مَعَ ثَوْبٍ آخَرَ لِأَنَّ الْجَيِّدَ قَدْ يُضَمُّ إلَى الرَّدِيءِ لِتَرْوِيجِهِ وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا لَا يُكْرَهُ، قَيَّدَ بِثَوْبَيْنِ لِأَنَّ الْمُشْتَرَى لَوْ كَانَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بِصَفْقَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَا بِصَفْقَتَيْنِ يَجُوزُ أَيْضًا اتِّفَاقًا، وَقَيَّدَ بِكُلًّا بِخَمْسَةٍ إذْ لَوْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُكْرَهُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِخَمْسَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِالزَّائِدِ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَيْدُ (الْمُرَابَحَةِ) لَيْسَ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ التَّوْلِيَةِ لِأَنَّهَا فِي الْحُكْمِ كَذَلِكَ بَلْ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ مُطْلَقًا لَا يُكْرَهُ اتِّفَاقًا.
(وَمَنْ وَلَّى) أَيْ بَاعَ شَيْئًا بِالتَّوْلِيَةِ (بِمَا قَامَ عَلَيْهِ) أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ (وَلَمْ يَعْلَمْ مُشْتَرِيه قَدْرَهُ) بِكَمْ قَامَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ وَكَذَا الْمُرَابَحَةُ.
(وَإِنْ عَلِمَهُ) أَيْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي قَدْرَهُ (فِي الْمَجْلِسِ خُيِّرَ) بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَرْكِهِ لِأَنَّ الْفَسَادَ لَمْ يَتَقَرَّرْ فَإِذَا حَصَلَ الْعِلْمُ فِي الْمَجْلِسِ جُعِلَ كَابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَصَارَ كَتَأْخِيرِ الْقَبُولِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ فَإِنْ عَلِمَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ يَتَقَرَّرُ الْفَسَادُ.
وَفِي التَّنْوِيرِ لَا رَدَّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيُفْتَى بِالرَّدِّ إنْ غَرَّهُ وَإِلَّا لَا وَتَصَرُّفُهُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ غَيْرُ مَانِعٍ مِنْهُ.
[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]
فَصَلِّ بَيَانِ الْبَيْعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الثَّمَنِ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَجْهُ إيرَادِ الْفَصْلِ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمَسَائِلَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْمُرَابَحَةِ وَوَجْهُ ذِكْرِهِ فِي بَابِهَا لِلِاسْتِطْرَادِ بِاعْتِبَارِ تَقْيِيدِهَا بِقَيْدٍ زَائِدٍ عَلَى الْبَيْعِ الْمُجَرَّدِ (لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ قَبْضِهِ)«لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ» وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ عَلَى اعْتِبَارِ الْهَلَاكِ بِخِلَافِ هِبَتِهِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ وَإِقْرَاضِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى الْأَصَحِّ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا كِتَابَةُ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَوْقُوفَةٌ، وَلِلْبَائِعِ حَبْسُهُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ نَقَدَهُ نَفَذَتْ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهَا بَلْ كُلُّ عَقْدٍ تَقَبَّلَ النَّقْضَ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، وَأَمَّا تَزْوِيجُ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا فَجَائِزٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَزْوِيجِ الْآبِقِ وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَصَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا. وَإِطْلَاقُ الْبَيْعِ شَامِلٌ لِلْإِجَارَةِ وَالصُّلْحِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَقُيِّدَ بِالْمَنْقُولِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَهْرًا أَوْ مِيرَاثًا أَوْ بَدَلَ الْخُلْعِ أَوْ الْعِتْقِ عَنْ مَالٍ أَوْ بَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْأَصْلُ أَنَّ عِوَضَ مِلْكٍ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالتَّصَرُّفُ فِيهِ غَيْرُ جَائِزٍ وَمَا لَا فَجَائِزٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَيَصِحُّ فِي الْعَقَارِ) أَيْ يَصِحُّ بَيْعُ عَقَارٍ لَا يُخْشَى هَلَاكُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ عَمَلًا بِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَاعْتِبَارًا بِالْمَنْقُولِ وَلَهُمَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ عَنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ وَلَا غَرَرَ فِيهِ لِأَنَّ الْهَلَاكَ
بِالْعَقَارِ نَادِرٌ حَتَّى إذَا تُصُوِّرَ هَلَاكُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عُلُوًّا فَعَلَى هَذَا لَوْ قُيِّدَ بِلَا يُخْشَى هَلَاكُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا قَيَّدْنَا لَكَانَ أَوْلَى تَدَبَّرْ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ. وَالْغَرَرُ الْمَنْهِيُّ غَرَرُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ، وَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ بِهِ عَمَلًا بِدَلَائِلِ الْجَوَازِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالصِّحَّةِ دُونَ النَّفَاذِ وَاللُّزُومِ لِأَنَّ النَّفَاذَ وَاللُّزُومَ مَوْقُوفَانِ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ أَوْ رِضَى الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ يَقْبَلُ النَّقْضَ إذَا فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ فَلِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَقْبَلُ النَّقْضَ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَمَنْ اشْتَرَى كَيْلِيًّا كَيْلًا) أَيْ بِشَرْطِ الْكَيْلِ (لَا يَجُوزُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (بَيْعُهُ وَلَا أَكْلُهُ حَتَّى يَكِيلَهُ) ثَانِيًا لِقَوْلِهِ عليه السلام «إذَا ابْتَعْت فَاكْتَلْ وَإِذَا بِعْت فَكِلْ» وَلِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي الْكَيْلِ الْأَوَّلِ إذْ رُبَّمَا يَنْقُصُ أَوْ يَزِيدُ فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ فَيَصِيرُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ حَرَامًا فَيَجِبُ الِاحْتِرَازُ لِكَوْنِهِ رِبَوِيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى مُجَازَفَةً لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فَسَادَ الْبَيْعِ وَنَصَّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى فَسَادِهِ.
وَفِي الْفَتْحِ نَقْلًا عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لَوْ أَكَلَهُ وَقَدْ قَبَضَهُ بِلَا كَيْلٍ لَا يُقَالُ أَنَّهُ أَكَلَهُ حَرَامًا لِأَنَّهُ أَكَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ أَثِمَ لِتَرْكِهِ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ الْكَيْلِ وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ أَصْلًا فِي سَائِرِ الْمَبِيعَاتِ بَيْعًا فَاسِدًا إذَا قَبَضَهَا فَمَلَكهَا فَأَكَلَهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُ مَا اشْتَرَاهُ فَاسِدًا وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ لَيْسَ كُلُّ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ إذَا أَكَلَهُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: أَكَلَ حَرَامًا (وَكَفَى كَيْلُ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِحَضْرَتِهِ) أَيْ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ مَعْلُومًا بِهِ وَتَحَقَّقَ التَّسْلِيمُ وَ (هُوَ الصَّحِيحُ) رَدٌّ لَمَّا قِيلَ شُرِطَ كَيْلَانِ: كَيْلُ الْبَائِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَكِيلُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّصَرُّفِ فِيهِ قُيِّدَ بِبَعْدِ الْعَقْدِ وَبِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ إذَا كَالَهُ قَبْلَ الْعَقْدِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهُ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ كَافِيًا كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْكَيْلِيِّ (الْوَزْنِيُّ وَالْعَدَدِيُّ) غَيْرَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَيْ لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَأْكُلُهُ حَتَّى يَزِنَهُ أَوْ يَعُدَّهُ ثَانِيًا وَيَكْفِي إنْ وَزَنَهُ أَوْ عَدَّهُ بَعْدَ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي.
وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ اشْتَرَى الْمَعْدُودَ عَدًّا كَالْمَوْزُونِ لِحُرْمَةِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْمَذْرُوعِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ لِلْمُصَنِّفِ التَّفْصِيلُ تَدَبَّرْ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِأَنَّهُمَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الْوَزْنِ كَمَا فِي الْإِيضَاحِ هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ بَيْعِ التَّعَاطِي أَمَّا هُوَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى وَزْنِ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا وَإِنْ صَارَ بَيْعًا بِالْقَبْضِ بَعْدَ الْوَزْنِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (لَا الْمَذْرُوعُ) أَيْ لَا يَحْرُمُ بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ إعَادَةِ الذَّرْعِ بَعْضَ الْقَبْضِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ إذْ الذِّرَاعُ وَصْفٌ فِي الثَّوْبِ وَاحْتِمَالُ النَّقْصِ إنَّمَا يُوجِبُ خِيَارَهُ وَقَدْ أُسْقِطَ بِبَيْعِهِ بِخِلَافِ الْمُقَدَّرِ.
وَفِي التَّبْيِينِ هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا وَإِنْ سَمَّى فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَذْرَعَ.
(وَصَحَّ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ) بِبَيْعٍ وَهِبَةٍ
وَإِجَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَتَمْلِيكٍ مِمَّنْ عَلَيْهِ بِعِوَضٍ وَغَيْرِ عِوَضٍ (قَبْلَ قَبْضِهِ) سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ كَالنُّقُودِ أَوْ مِمَّا يَتَعَيَّنُ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ حَتَّى لَوْ بَاعَ إبِلًا بِدَرَاهِمَ أَوْ بِكُرٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ شَيْئًا آخَرَ لِأَنَّ الْمُطْلِقَ لِلتَّصَرُّفِ وَهُوَ الْمِلْكُ قَائِمٌ وَالْمَانِعُ وَهُوَ غَرَرُ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ مُنْتَفٍ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا بِالتَّعْيِينِ أَيْ فِي النُّقُودِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا لَكِنَّ الْمُدَّعَى عَامٌّ وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا لَا يَتَعَيَّنُ أَوْ مِمَّا يَتَعَيَّنُ كَمَا مَرَّ وَالدَّلِيلُ وَهُوَ انْتِفَاءُ غَرَرِ الِانْفِسَاخِ بِالْهَلَاكِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا بِالتَّعْيِينِ فَيَكُونُ الدَّلِيلُ أَخَصَّ مِنْ الْمُدَّعَى تَدَبَّرْ (وَالْحَطُّ مِنْهُ) أَيْ صَحَّ حَطُّ الْبَائِعِ بَعْضَ الثَّمَنِ وَلَوْ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ بِحَالٍ يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْبَدَلِ عَمَّا يُقَابِلُهُ لِكَوْنِهِ إسْقَاطًا وَالْإِسْقَاطُ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ مَا يُقَابِلُهُ فَيَثْبُتُ الْحَطُّ فِي الْحَالِ وَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ اسْتِنَادًا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ حَطَّ كُلِّ الثَّمَنِ غَيْرُ مُلْتَحِقٍ بِالْعَقْدِ اتِّفَاقًا.
(وَ) صَحَّ (الزِّيَادَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الثَّمَنِ (حَالَ قِيَامِ الْمَبِيعِ) إنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ زَادَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ حَتَّى تَفَرَّقَا بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا فَعَلَى الْبَائِعِ هَذَا لَوْ قَيَّدَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ (لَا بَعْدَ هَلَاكِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إذْ لَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ أَوْ تَغَيَّرَ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي فِيهِ حَتَّى خَرَجَ عَنْ إطْلَاقِ اسْمِهِ عَلَيْهِ كَبُرٍّ طُحِنَ أَوْ خَرَجَ عَنْ مَحَلِّيَّةِ الْمَبِيعِ كَعَبْدٍ دُبِّرَ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ إذْ ثُبُوتُهَا مَلْحُوظٌ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ وَهُوَ غَيْرُ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ فَلَمْ يُتَصَوَّرْ التَّقَابُلُ فِيهِ.
(وَكَذَا) صَحَّ (الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ) أَوْ لَزِمَ الْبَائِعَ دَفْعُهَا إنْ قَبِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي حَقِّهِ وَمِلْكِهِ وَيَلْتَحِقُ بِالْعَقْدِ فَيَصِيرُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ تَسْقُطُ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْمَبِيعِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ بَعْدَ هَلَاكِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا إذَا زَادَ فِي الثَّمَنِ عَرَضًا كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ وَتَقَابَضَا ثُمَّ زَادَ الْمُشْتَرِي عَرَضًا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ وَهَلَكَ الْعَرَضُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي ثَلَاثَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ لِلزِّيَادَةِ هُنَا قِيَامُ الْمَبِيعِ فَتَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِهِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بَاشَا وَهَا هُنَا كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْكَافِي أَنَّ الزِّيَادَةَ بَعْدَ تَلَفِ الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ تَصِحُّ فِي رِوَايَةٍ وَلَا تَصِحُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ تُغَيِّرُ الْعَقْدَ مِنْ وَصْفٍ إلَى وَصْفٍ فَتَسْتَدْعِي قِيَامَ الْعَقْدِ وَقِيَامُهُ بِقِيَامِ الْمَبِيعِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ أَوْ الثَّمَنِ إنَّمَا تَجُوزُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَلَا تَجُوزُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ هَالِكًا فَبَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ذُكِرَ مُنَافَاةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي التَّوْفِيقِ.
(وَيَتَعَلَّقُ الِاسْتِحْقَاقُ بِكُلِّ ذَلِكَ) أَيْ اسْتِحْقَاقُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي بِكُلِّ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ وَالزَّائِدِ وَالْمَزِيدِ عَلَيْهِ فَالزِّيَادَةُ وَالْحَطُّ يَلْحَقَانِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ مُسْتَحِقٌّ الْمَبِيعَ
أَوْ الثَّمَنَ فَالِاسْتِحْقَاقُ يَتَعَلَّقُ جَمِيعَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْمَزِيدِ وَالْمَزِيدِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الزَّائِدُ صِلَةً مُبْتَدَأَةً كَمَا هُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ انْتَهَى. وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الدُّرَرِ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَدَارَ هَذَا الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ فَإِنْ ادَّعَى الْمُسْتَحِقُّ مُجَرَّدَ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ ادَّعَاهُ مَعَ الزِّيَادَةِ وَأَثْبَتَهُ أَخَذَهُ وَكَذَا إنْ ادَّعَى الزِّيَادَةَ فَقَطْ، ثُمَّ إنَّ حُكْمَ الِاسْتِحْقَاقِ يَظْهَرُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (فَيُرَابِحُ وَيُوَلِّي) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى صِحَّةِ الزِّيَادَةِ وَالْحَطِّ وَعَلَى إلْحَاقِهِمَا بِأَصْلِ الْعَقْدِ (عَلَى الْكُلِّ أَنْ يَزِيدَ وَعَلَى مَا بَقِيَ إنْ حَطَّ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مُلْتَحِقٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَتُعْتَبَرُ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ (وَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ بِالْأَقَلِّ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فَصْلِ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ وَفَصْلِ الْحَطِّ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى الْإِلْحَاقِ بِالْأَصْلِ أَنْ يَأْخُذَ بِالْكُلِّ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ لِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفِي الزِّيَادَةِ إبْطَالُهُ وَلَيْسَ لَهُمَا إبْطَالُهُ.
(وَمَنْ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ كَذَا) أَيْ مِائَةً مَثَلًا (مِنْ الثَّمَنِ سِوَى الْأَلْفِ أَخَذَ) أَيْ مَوْلَى الْعَبْدِ (الْأَلْفَ مِنْ زَيْدٍ وَالزِّيَادَةَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الضَّامِنِ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَشْرُوطَةَ جُعِلَتْ مِنْ الْأَصْلِ الْمُقَابِلِ لِلْمَبِيعِ فَكَأَنَّهُ الْتَزَمَ بَعْضَ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ الثَّمَنِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ.
(وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الثَّمَنِ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (فَالْأَلْفُ عَلَى زَيْدٍ) لِأَنَّهُ ثَمَنُ الْعَبْدِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْمُقَابِلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ. فَإِنْ قِيلَ فَكَيْفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَعِبَارَتُهُ صَرِيحَةٌ بِالضَّمَانِ قُلْنَا مَبْنَى الْكَلَامِ عَلَى أَنَّهُ قَالَ بِعْ عَبْدَك مِنْ زَيْدٍ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ سِوَى الْأَلْفِ فَالضَّمَانُ إذَنْ غَيْرُ مُتَعَلِّقٍ بِالثَّمَنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَفَارِيعِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ وَفِي ذِكْرِهَا فَائِدَةُ جَوَازِهَا مِنْ الْأَجْنَبِيِّ أَيْضًا وَلِهَذَا ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَقَدْ أَصَابَ وَلَمْ يَذْكُرْهَا صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بَلْ أَوْرَدَهَا بَعْدَ السَّلَمِ.
(وَكُلُّ دَيْنٍ أُجِّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ صَحَّ تَأْجِيلُهُ) وَإِنْ كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنَ مَبِيعٍ أَوْ غَيْرَهُ تَيْسِيرًا عَلَى مَنْ لَهُ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ إبْرَاءَهُ مُطْلَقًا فَكَذَا مُوَقَّتًا وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ بَطَلَ التَّأْخِيرُ فَيَكُونُ حَالًّا. وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ التَّأْجِيلِ بِالشَّرْطِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (إلَّا الْقَرْضَ) اسْتَثْنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ تَأْجِيلُهُ أَيْ فَلَا يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ لِكَوْنِهِ إعَارَةً وَصِلَةً فِي الِابْتِدَاءِ وَمُعَاوَضَةً فِي الِانْتِهَاءِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا يَلْزَمُ التَّأْجِيلُ فِيهِ كَمَا فِي الْإِعَارَةِ إذْ لَا جَبْرَ فِي التَّبَرُّعِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً وَهُوَ رِبًا.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْقَرْضُ الْمَجْحُودُ يَجُوزُ تَأْجِيلُهُ وَفَصَّلَ صَاحِبُ التَّنْوِيرِ مَسْأَلَةَ الْقَرْضِ لِكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَقَالَ الْقَرْضُ هُوَ عَقْدٌ مَخْصُوصٌ يَرِدُ عَلَى دَفْعِ مَالٍ مِثْلِيٍّ لِرَدِّ مِثْلِهِ وَصَحَّ فِي مِثْلِيٍّ لَا فِي غَيْرِهِ فَصَحَّ اسْتِقْرَاضُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَكَذَا مَا يُكَالُ