الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ (أَوْ) أَنَّهُمْ عَلَى (أَنِّي صَالَحْتهمْ بِكَذَا) مِنْ الْمَالِ (وَدَفَعْته) أَيْ الْمَالَ (إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى الشُّهُودِ (عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ) بِهَذَا الْبَاطِلِ (فَشَهِدُوا) فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَرُدُّوا الْمَالَ عَلَى أَنَّهُمْ أَخْصَامٌ فِي ذَلِكَ (وَمَنْ شَهِدَ وَلَمْ يَبْرَحْ) أَيْ لَمْ يَزُلْ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي (حَتَّى قَالَ، أَوْهَمْت بَعْضَ شَهَادَتِي) مَنْصُوبٌ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ فِي بَعْضِ شَهَادَتِي (قُبِلَ إنْ كَانَ عَدْلًا) وَالْمُرَادُ بِالْقَبُولِ قَبُولُ شَهَادَتِهِ لَا قَبُولُ قَوْلِهِ: أَوْهَمَتْ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ فَإِنْ كَانَ عَدْلًا جَازَتْ شَهَادَتُهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ، أَوْهَمَتْ أَيْ أَخْطَأْت بِنِسْيَانٍ مَا كَانَ بِحَقٍّ عَلَى ذِكْرِهِ، أَوْ بِزِيَادَةٍ كَانَتْ بَاطِلَةً وَوَجْهُهُ أَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يُبْتَلَى بِمِثْلِهِ لِمَهَابَةِ مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ وَاضِحًا فَيُقْبَلُ إذَا تَدَارَكَهُ فِي أَوَانِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ عَدْلٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ عَادَ وَقَالَ: أَوْهَمْت؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الزِّيَادَةَ مِنْ الْمُدَّعِي بِتَلْبِيسٍ وَخِيَانَةٍ فَوَجَبَ الِاحْتِيَاطُ؛ وَلِأَنَّ الْمَجْلِسَ إذَا اتَّحَدَ لَحِقَ الْمُلْحَقُ بِأَصْلِ الشَّهَادَةِ فَصَارَ كَكَلَامٍ وَاحِدٍ وَلَا كَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ وَعَلَى هَذَا إذَا وَقَعَ الْغَلَطُ فِي بَعْضِ الْحُدُودِ، أَوْ فِي بَعْضِ النَّسَبِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ شُبْهَةٍ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الْكَلَامِ أَصْلًا مِثْلُ أَنْ يَدَعَ لَفْظَةَ الشَّهَادَةِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ وَإِنْ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَعَنْ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَجْلِسِ إذَا كَانَ عَدْلًا وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرْنَاهُ انْتَهَى.
وَفِي الدُّرَرِ إذَا تَذَكَّرَ لَفْظًا بَعْدَمَا شَهِدَ فِي شَهَادَتِهِ فَذَكَرَهُ يُقْبَلُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُنَاقَضَةٌ وَأَطْلَقَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمُحِيطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْرَحْ عَنْ مَكَانِهِ جَازَ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَدْلًا وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الْمُنَاقَضَةِ وَأَنَّهُ شَرْطٌ حَسَنٌ ذَكَرَهُ الزَّاهِدِيُّ.
[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]
ِ تَأْخِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ عَنْ اتِّفَاقِهَا مِمَّا يَقْتَضِيه الطَّبْعُ لِكَوْنِ الِاتِّفَاقِ أَصْلًا وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا يُعَارِضُ الْجَهْلَ وَالْكَذِبَ فَأَخَّرَهُ وَضْعًا لِلتَّنَاسُبِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (شَرْطُ مُوَافَقَةِ الشَّهَادَةِ الدَّعْوَى) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ خَالَفَتْهَا فَقَدْ كَذَّبَتْهَا وَالدَّعْوَى الْكَاذِبَةُ لَا يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا وَالشَّرْطُ تَوَافُقُهُمَا فِي الْمَعْنَى دُونَ اللَّفْظِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْمُدَّعِي الْغَصْبَ فَشَهِدَا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ تُقْبَلُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَمَا فِي الْوِقَايَةِ مِنْ أَنَّهُ شَرْطُ مُوَافَقَةِ الشَّهَادَةِ الدَّعْوَى كَاتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ لَفْظًا وَمَعْنًى مُخَالِفٌ لِمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ تَدَبَّرْ ثُمَّ فَرَّعَهُ فَقَالَ (فَلَوْ ادَّعَى دَارًا شِرَاءً، أَوْ إرْثًا وَشَهِدَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (بِمِلْكٍ مُطْلَقٍ رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِأَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى مِلْكًا حَادِثًا وَهُمَا شَهِدَا بِمِلْكٍ قَدِيمٍ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فَإِنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُطْلَقِ يَثْبُتُ مِنْ الْأَصْلِ حَتَّى يَسْتَحِقَّ بِزَوَائِدِهِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْمِلْكِ الْحَادِثِ وَيَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ فِيهِ فَصَارَا غَيْرَيْنِ
(وَفِي عَكْسِهِ) أَيْ ادَّعَى مِلْكًا مُطْلَقًا وَشَهِدَا بِمُلْكٍ بِسَبَبٍ كَالشِّرَاءِ، أَوْ الْإِرْثِ (تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهُمْ شَهِدُوا بِأَقَلَّ مِمَّا ادَّعَاهُ فَلَمْ تُخَالِفْ شَهَادَتُهُمَا الدَّعْوَى لِلْمُطَابِقَةِ مَعْنًى.
(وَكَذَا شَرْطُ اتِّفَاقِ الشَّاهِدِينَ لَفْظًا وَمَعْنًى) ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَهِيَ شَهَادَةُ الْمَثْنَى فَمَا لَمْ يَتَّفِقَا فِيمَا شَهِدَا بِهِ لَا تَثْبُتُ الْحُجَّةُ مُطْلَقًا وَالْمُوَافَقَةُ الْمُطْلَقَةُ بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا الِاتِّفَاقُ فِي الْمَعْنَى هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَا غَيْرُ وَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ فِي اللَّفْظِ تَطَابُقُ اللَّفْظَيْنِ عَلَى إفَادَةِ الْمَعْنَى بِطَرِيقِ الْوَضْعِ لَا بِطَرِيقِ التَّضَمُّنِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَشَهِدَ شَاهِدٌ بِدِرْهَمٍ وَآخَرُ بِدِرْهَمَيْنِ وَآخَرُ بِثَلَاثَةٍ وَآخَرُ بِأَرْبَعَةٍ وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ لَمْ تُقْبَلْ عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ لَفْظًا وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي بِأَرْبَعَةٍ لِاتِّفَاقِ الشَّاهِدِينَ الْأَخِيرِينَ فِيهَا مَعْنًى ثُمَّ فَرَّعَهُ فَقَالَ (فَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ، أَوْ مِائَةٍ، أَوْ طَلْقَةٍ وَ) شَهِدَ (الْآخِرُ بِأَلْفَيْنِ، أَوْ بِمِائَتَيْنِ، أَوْ بِطَلْقَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثٍ) عِنْدَ الْإِمَامِ لِعَدَمِ الِاتِّفَاقِ لَفْظًا وَلِأَنَّ الدَّلَالَةَ عَلَى الْأَقَلِّ بِالتَّضَمُّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتَ خَلِيَّةٌ وَشَهِدَ الْآخِرُ أَنَّهُ قَالَ أَنْتَ بَرِيَّةٌ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ وَإِنْ اتَّفَقَ الْمَعْنَى كَمَا لَوْ ادَّعَى غَصْبًا، أَوْ قَتْلًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِهِ وَالْآخِرُ بِالْإِقْرَارِ بِهِ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ وَكَذَا فِي كُلِّ قَوْلٍ جُمِعَ مَعَ فِعْلٍ لَا تُقْبَلُ كَمَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ دَفَعَ لِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا وَشَهِدَ الْآخِرُ عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا لَا يُجْمَعُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَمَا فِي الْمِنَحِ (وَعِنْدَهُمَا) وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ (تُقْبَلُ عَلَى الْأَقَلِّ) أَيْ عَلَى الْأَلْفِ، أَوْ الْمِائَةِ، أَوْ الطَّلْقَةِ عِنْدَ دَعْوَى الْأَكْثَرِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْأَقَلِّ مَعْنًى مِنْ غَيْرِ قَدْحٍ وَلَوْ ادَّعَى الْأَقَلَّ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ مُكَذِّبٌ لِشَاهِدِ الْأَكْثَرِ وَفِي النِّهَايَةِ إنْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي اللَّفْظِ دُونَ الْمَعْنَى تُقْبَلُ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْهِبَةِ وَالْآخَرُ عَلَى الْعَطِيَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي الشَّهَادَةِ بَلْ الْمَقْصُودُ مَا صَارَ اللَّفْظُ عَلَمًا عَلَيْهِ فَإِذَا وُجِدَتْ الْمُوَافَقَةُ فِي ذَلِكَ لَا يَصِيرُ الْمُخَالَفَةُ فِيمَا سِوَاهَا وَكَذَا إذَا شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ وَالْآخَرُ بِالتَّزْوِيجِ تُقْبَلُ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا.
وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُطَالَعْ (وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي الْأَكْثَرَ) أَيْ أَلْفًا وَمِائَةً (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا (عَلَى الْأَلْفِ اتِّفَاقًا) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْأَلْفِ لَفْظًا وَمَعْنًى وَقَدْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ بِالْعَطْفِ وَالْمَعْطُوفُ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ قَيَّدَ بِدَعْوَى الْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْأَقَلَّ بِأَنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْأَلْفَ، أَوْ سَكَتَ عَنْ دَعْوَى الْمِائَةِ الزَّائِدَةِ لَا تُقْبَلُ لِظُهُورِ تَكْذِيبِهِ الشَّاهِدَ فِي الْأَكْثَرِ إلَّا إذَا ادَّعَى التَّوْفِيقَ بِأَنْ قَالَ كَانَ أَصْلُ حَقِّي أَلْفًا وَمِائَةً وَلَكِنْ أَبْرَأَتْ الْمِائَةَ عَنْهَا، أَوْ اسْتَوْفَيْت قُبِلَتْ لِلتَّوْفِيقِ
(وَكَذَا مِائَةٌ وَمِائَةٌ وَعَشَرَةٌ) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ وَالْآخِرُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٌ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي الْأَكْثَرَ عَلَى مِائَةٍ اتِّفَاقًا.
(وَ) كَذَا (طَلْقَةٌ وَطَلْقَةٌ وَنِصْفٌ) أَيْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِطَلْقَةٍ وَالْآخَرُ بِطَلْقَةٍ وَنِصْفٌ تُقْبَلُ اتِّفَاقًا عَلَى طَلْقَةٍ إنْ ادَّعَى الْأَكْثَرَ بِخِلَافِ الْعَشَرَةِ وَخَمْسَةَ عَشَرَ حَيْثُ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ مَرْكَبٌ كَالْأَلْفَيْنِ إذْ لَيْسَ بَيْنَهُمَا عَطْفٌ.
وَفِي الْبَحْرِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ وَالْآخَرُ عَلَى عَشَرَةٍ وَخَمْسَةٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَل.
(وَلَوْ شَهِدَا بِأَلْفٍ، أَوْ بِقَرْضِ أَلْفٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ (قَضَى مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَلْفِ (كَذَا) أَيْ خَمْسَمِائَةٍ مَثَلًا (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُمَا (عَلَى الْأَلْفِ) لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُجُوبِ الْأَلْفِ (لَا) تُقْبَلُ (عَلَى الْقَضَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ شَهَادَةُ فَرْدٍ (مَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْهَدَ مَعَهُ (آخَرُ) .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَقْضِي بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ شَاهِدَ الْقَضَاءِ مَضْمُونٌ شَهَادَتُهُ أَنْ لَا دَيْنَ إلَّا خَمْسُمِائَةٍ (وَيَنْبَغِي) أَيْ يَجِبُ (لِمَنْ عَلِمَهُ) أَيْ عَلِمَ قَضَاءَ بَعْضِهِ (أَنْ لَا يَشْهَدَ) بِالْأَلْفِ كُلِّهَا (حَتَّى يُقِرَّ الْمُدَّعِي بِهِ) أَيْ بِمَا قَبَضَ كَيْ لَا يَكُونُ مُعِينًا عَلَى الظُّلْمِ.
(وَلَوْ شَهِدَا بِقَتْلِهِ) أَيْ بِقَتْلِ شَخْصٍ (زَيْدًا يَوْمَ النَّحْرِ بِمَكَّةَ وَ) شَهِدَ (آخَرَانِ بِقَتْلِهِ) أَيْ بِقَتْلِ ذَلِكَ الشَّخْصِ (إيَّاهُ) أَيْ زَيْدًا (فِيهِ) أَيْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ (بِكُوفَةَ رُدَّتَا) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا كَاذِبَةٌ بِيَقِينٍ وَلَا مَجَالَ لِلتَّرْجِيحِ؛ لِأَنَّ الْقَتْلَ مِنْ بَابِ الْفِعْلِ وَالْفِعْلُ الْوَاحِدُ لَا يَتَكَرَّرُ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ، أَوْ الْآلَةِ الَّتِي قُتِلَ بِهَا رُدَّتَا أَيْضًا قَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَشْهُودِ بِهِ الْقَتْلَ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا عَلَى إقْرَارِهِمْ الْقَاتِلَ بِذَلِكَ فِي وَقْتَيْنِ، أَوْ مَكَانَيْنِ تُقْبَلُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (فَإِنْ قَضَى بِإِحْدَاهُمَا) أَيْ بِإِحْدَى شَهَادَتَيْنِ (أَوْ لَا بَطَلَتْ) الشَّهَادَةُ (الْأَخِيرَةُ) بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْأُولَى تَرَجَّحَتْ عَلَى الْأُخْرَى بِاتِّصَالِ الْقَضَاءِ بِهَا فَلَا تُنْتَقَضُ بِالثَّانِيَةِ.
(وَلَوْ شَهِدَا بِسَرِقَةِ بَقَرَةٍ وَاخْتَلَفَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (فِي لَوْنِهَا) أَيْ فِي لَوْنِ الْبَقَرَةِ أَطْلَقَ اللَّوْنَ فَشَمِلَ جَمِيعَ الْأَلْوَانِ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَيْ قَالَ أَحَدُهُمَا حَمْرَاءُ وَالْآخَرُ صَفْرَاءُ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَوْدَاءُ وَالْآخَرُ بَيْضَاءُ (قُطِعَ) أَيْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَقُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِيمَا لَيْسَ فِي صُلْبِ الشَّهَادَةِ وَلِذَا لَوْ سَكَتَا عَنْ ذِكْرِ اللَّوْنِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا مَعَ أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ بَيْنَ اللَّوْنَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ تَكُونُ فِي اللَّيَالِي غَالِبًا وَيَكُونُ التَّحَمُّلُ فِيهَا مِنْ بَعِيدٍ فَيَتَشَابَهُ عَلَيْهِمَا اللَّوْنَانِ، أَوْ يَجْتَمِعَانِ بِأَنْ يَكُونَ السَّوَادُ مِنْ جَانِبٍ فَأَحَدُهُمَا يَرَاهُ وَالْبَيَاضُ مِنْ جَانِبٍ وَالْآخَرُ يَرَاهُ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ احْتِيَالٌ فِي إيجَابِ الْحَدِّ وَالْأَصْلُ خِلَافُ ذَلِكَ وَمَا قِيلَ فِي دَفْعِهِ أَنَّهُ صِيَانَةٌ لِلْحُجَّةِ عَنْ التَّعْطِيلِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ ضَرُورَةً ضَعِيفٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَوْ قِيلَ يَثْبُتُ الْمَالُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ لِمَكَانِ الشُّبْهَةِ لَكَانَ، أَوْفَقَ لِلْأُصُولِ
أَقْرَبُ إلَى الْعُقُودِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ) أَيْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ ذَكَرًا وَالْآخَرُ قَالَ أُنْثَى (لَا) يُقْطَعُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ تَطَابُقِ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْمَعْنَى لِاخْتِلَافِهِمَا فِي جِنْسَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ (وَعِنْدَهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (لَا يُقْطَعُ فِيهِمَا) أَيْ فِيمَا اخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا وَفِيمَا اخْتَلَفَا فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَةَ الْبَيْضَاءَ غَيْرُ السَّوْدَاءِ فَكَانَا سَرِقَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ وَلَمْ يَتِمَّ عَلَى وَاحِدٍ نِصَابُ الشَّهَادَةِ فَصَارَ كَالِاخْتِلَافِ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ قِيلَ هَذَا اخْتِلَافٌ فِيمَا إذَا ادَّعَى سَرِقَةَ بَقَرَةٍ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِوَصْفٍ فَإِذَا ادَّعَى سَرِقَةَ بَقَرَةٍ سَوْدَاءَ، أَوْ بَيْضَاءَ فَاخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ لَا تُقْبَلُ إجْمَاعًا كَمَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَرْوَزِيِّ وَالْهَرَوِيِّ فِي سَرِقَةِ الثَّوْبِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ كَذَّبَ أَحَدَهُمَا (وَفِي الْغَصْبِ) يَعْنِي لَوْ شَهِدَا بِغَصْبِ بَقَرَةٍ وَاخْتَلَفَا فِي لَوْنِهَا (لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا) ؛ لِأَنَّ التَّحَمُّلَ فِيهِ بِالنَّهَارِ غَالِبًا عَلَى قُرْبٍ مِنْهُ فَلَا يَشْتَبِهُ عَلَيْهِمَا.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَفِي الْعَيْنِ تُقْبَلُ (وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالشِّرَاءِ، أَوْ الْكِتَابَةِ بِأَلْفٍ) مُتَعَلِّقٌ بِهِمَا.
(وَ) شَهِدَ (الْآخَرُ) بِالشِّرَاءِ، أَوْ الْكِتَابَةِ (بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ السَّبَبِ وَهُوَ الْعَقْدُ فَالْبَيْعُ بِأَلْفٍ غَيْرُ الْبَيْعِ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ فَاخْتَلَفَ الْمَشْهُودُ بِهِ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ فَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ أَقَلَّ الْمَالَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَهُمَا كَمَا سَيَجِيءُ وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِمَا قَرَّرْنَاهُ.
(وَكَذَا الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ وَالصُّلْحُ عَنْ قَوَدٍ وَالرَّهْنُ وَالْخُلْعُ إنْ ادَّعَى الْعَبْدُ) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (وَالْقَاتِلُ) فِي الثَّانِيَةِ (وَالرَّاهِنُ) فِي الثَّالِثَةِ (وَالْمَرْأَةُ) فِي الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَقْصِدُونَ إثْبَاتَ الْمَالِ بَلْ إثْبَاتَ الْعَقْدِ، وَهُوَ مُخْتَلِفٌ فَلَا تُقْبَلُ.
(وَإِنْ ادَّعَى الْآخَرُ) أَيْ الْمَوْلَى فِي الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَوَلِيُّ الْمَقْتُولِ فِي الصُّلْحِ عَنْ قَوَدٍ وَالْمُرْتَهِنُ فِي الرَّهْنِ وَالزَّوْجُ فِي الْخُلْعِ بِأَنْ يَدَّعِيَ مَوْلَى الْعَبْدِ أَنِّي أَعْتَقْتُك عَلَى أَلْفٍ وَمِائَةٍ وَقَالَ الْعَبْدُ: عَلَى أَلْفٍ، أَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الْقِصَاصِ صَالَحْتُك عَلَى أَلْفٍ وَمِائَةٍ وَقَالَ الْقَاتِلُ: عَلَى أَلْفٍ وَكَذَا الْبَاقِيَانِ (كَانَ كَدَعْوَى الدَّيْنِ) فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْوُجُوهِ مِنْ أَنَّهَا تُقْبَلُ عَلَى أَلْفٍ إذَا ادَّعَى أَلْفًا وَمِائَةً بِالِاتِّفَاقِ وَإِذَا ادَّعَى أَلْفَيْنِ لَا تُقْبَلُ عِنْده خِلَافًا لَهُمَا وَإِنْ ادَّعَى الْأَقَلَّ مِنْ الْمَالَيْنِ تُعْتَبَرُ الْوُجُوهُ الثَّلَاثَةُ مِنْ التَّوْفِيقِ وَالتَّكْذِيبِ وَالسُّكُوتِ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ الْعَفْوُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ بِاعْتِرَافِ صَاحِبِ الْحَقِّ فَبَقِيَ الدَّعْوَى فِي الدَّيْنِ وَفِي الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الرَّاهِنُ لَا تُقْبَلُ لِعَدَمِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الرَّهْنَ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ كَانَتْ دَعْوَاهُ غَيْرَ مُفِيدَةٍ فَكَانَتْ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَهِنَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ يُقْضَى بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ إجْمَاعًا، وَفِي الْعِنَايَةِ وَالدُّرَرِ كَلَامٌ فَلْيُطَالَعْ (وَالْإِجَارَةُ كَالْبَيْعِ عِنْدَ أَوَّلِ الْمُدَّةِ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْإِجَارَةِ
فِي أَوَّلِ الْمُدَّةِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ لَا تُقْبَلُ كَمَا لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي الْبَيْعِ لِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُؤَجِّرُ، أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّعْوَى بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ، أَوْ أَكْثَرِهِمَا (وَكَالدَّيْنِ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْمُدَّةِ فَثَبَتَ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ وَهُوَ الْأَقَلُّ أَمَّا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْآجِرُ فَإِنَّهُ لَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى إثْبَاتِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ، فَلِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ اعْتِرَافٌ بِمَالِ الْإِجَارَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى اتِّفَاقِ الشَّاهِدَيْنِ، أَوْ اخْتِلَافِهِمَا وَهَذَا إنْ ادَّعَى الْأَكْثَرَ وَإِنَّ الْأَقَلَّ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ شَهِدَ بِالْأَكْثَرِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يُكَذِّبُهُ وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ فَإِنْ كَانَ الدَّعْوَى مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فَهُوَ دَعْوَى الْعَقْدِ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إذَا كَانَتْ فِي الْعَقْدِ بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ فَيُؤْخَذُ الْمُسْتَأْجِرُ بِاعْتِرَافِهِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (وَفِي النِّكَاحِ تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (بِأَلْفٍ) إذَا اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالنِّكَاحِ بِالْأَلْفِ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ عِنْدَ الْإِمَامِ (اسْتِحْسَانًا) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِي النِّكَاحِ تَابِعٌ وَمِنْ حُكْمِ التَّابِعِ أَنْ لَا يُغَيِّرَ الْأَصْلَ وَلِذَا لَا يَبْطُلُ بِنَفْيِهِ وَلَا يَفْسُدُ بِفَسَادِهِ وَكَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَالْحَلُّ فَيَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِهِ فَيَبْقَى الْمَهْرُ مَالًا مُنْفَرِدًا وَقَضَى بِأَقَلِّ الْمَالَيْنِ (وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ دَعْوَى الْأَقَلِّ، أَوْ الْأَكْثَرِ) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبَيْنَ كَوْنِ الدَّعْوَى مِنْ الزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ هُوَ النِّكَاحُ، وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَهْرِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَقْصُودٍ فَلُزُومُ إكْذَابِ شَاهِدِ الْأَكْثَرِ عِنْدَ دَعْوَى الْأَقَلِّ لَا يَضُرُّ فِي ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَقِيلَ الِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الزَّوْجُ لَا تُقْبَلُ إجْمَاعًا (وَقَالَا) وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (رُدَّتْ) الشَّهَادَةُ (فِيهِ) أَيْ فِي النِّكَاحِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَلَا يُقْضَى بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إثْبَاتُ السَّبَبِ إذْ النِّكَاحُ بِأَلْفٍ غَيْرُ النِّكَاحِ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ وَذَكَرَ فِي الْأَمَالِي قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ قَوْلِ الْإِمَامِ فَالْعَمَلُ بِالِاسْتِحْسَانِ، أَوْلَى وَفِي الشُّمُنِّيِّ وَغَيْرِهِ وَلَوْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْوَكَالَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ وَالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْبَرَاءَةِ وَالْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْقَذْفِ تُقْبَلُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَالْقَتْلِ وَالنِّكَاحِ لَا تُقْبَلُ.
وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ.
(وَلَا بُدَّ مِنْ الْجَرِّ فِي شَهَادَةِ الْإِرْثِ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الْوَارِثُ عَيْنًا فِي يَدِ إنْسَانٍ أَنَّهَا مِيرَاثُ أَبِيهِ وَشَهِدَا أَنَّ هَذِهِ كَانَتْ لِأَبِيهِ لَا يُقْضَى لَهُ حَتَّى يَجُرَّ الْمِيرَاثَ حَقِيقَةً (بِأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ مَاتَ وَتَرَكَهُ مِيرَاثًا لِلْمُدَّعِي) ، أَوْ حُكْمًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ مَاتَ وَهَذَا مِلْكُهُ، أَوْ فِي يَدِهِ) وَتَصَرُّفِهِ أَمَّا إنْ قَالَ إنَّهُ كَانَ لِابْنِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ الْجَرِّ حَقِيقَةً وَحُكْمًا هَذَا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ)
فَإِنَّهُ قَالَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بِلَا جَرٍّ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُوَرِّثِ مِلْكُ الْوَارِثِ لِكَوْنِ الْوِرَاثَةِ خِلَافَةً وَلِهَذَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِهِ فَصَارَتْ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ لَلْمُوَرِّثِ شَهَادَةً بِهِ لِلْوَارِثِ وَلَهُمَا أَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ يَتَجَدَّدُ فِي الْأَعْيَانِ وَإِنْ لَمْ يَتَجَدَّدْ فِي حَقِّ الدُّيُونِ؛ وَلِهَذَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى الْوَارِثِ فِي الْجَارِيَةِ الْمُوَرَّثَةِ وَيَحِلُّ لِلْوَارِثِ الْغَنِيِّ مَا كَانَ صَدَقَةً عَلَى الْمُوَرِّث الْفَقِيرِ، وَالْمُتَجَدِّدُ يَحْتَاجُ إلَى النَّقْلِ لِئَلَّا يَكُونَ اسْتِصْحَابُ الْحَالِ مُثْبَتًا لَكِنْ يُكْتَفَى بِالشَّهَادَةِ عَلَى قِيَامِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ وَقْتَ الْمَوْتِ لِثُبُوتِ الِانْتِقَالِ حِينَئِذٍ ضَرُورَةً وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى قِيَامِ يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْأَيْدِي عِنْدَ الْمَوْتِ تَنْقَلِبُ يَدَ مِلْكٍ بِوَاسِطَةِ الضَّمَانِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَنْ يُسَوِّيَ أَسْبَابَهُ وَيُبَيِّنَ مَا كَانَ مِنْ الْوَدَائِعِ وَالْغُصُوبِ فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنْ فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِلْكَهُ فَجَعَلَ الْيَدَ عِنْدَ الْمَوْتِ دَلِيلَ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ وَالدُّرَرِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَلَا بُدَّ مَعَ الْجَرِّ الْمَذْكُورِ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ الْوِرَاثَةِ، وَإِذَا شَهِدُوا أَنَّهُ أَخُوهُ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّهُ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ قَوْلِ الشَّاهِدِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَوْ قَالَ: لَا وَارِثَ لَهُ بِأَرْضِ كَذَا تُقْبَلُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَذِكْرُ اسْمِ الْمَيِّتِ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ جَدُّهُ أَبُو أَبِيهِ وَوَارِثُهُ وَلَمْ يُسَمَّ الْمَيِّتُ تُقْبَلُ بِدُونِ اسْمِ الْمَيِّتِ (فَإِنْ قَالَ) الشَّاهِدُ (كَانَ هَذَا الشَّيْءُ لِأَبِ الْمُدَّعِي أَعَارَهُ مِنْ ذِي الْيَدِ، أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُبِلَتْ) الشَّهَادَةُ (بِلَا جَرٍّ) ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَأْجِرِ يَدُ الْمَيِّتِ فَصَارَ كَأَنَّهُ شَهِدَ بِأَنَّ أَبَاهُ مَاتَ وَالْمَنْزِلُ فِي يَدِهِ (وَإِنْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي مُنْذُ كَذَا) وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِهِ عِنْدَ الدَّعْوَى (رُدَّتْ) شَهَادَتُهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ الْيَدَ مَقْصُودَةٌ كَالْمِلْكِ.
(وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ قُبِلَتْ) فَكَذَا هَذَا وَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِالْأَخْذِ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْوَجْهُ الظَّاهِرُ وَهُوَ قَوْلُ الطَّرَفَيْنِ إلَّا الشَّهَادَةَ قَامَتْ بِمَجْهُولٍ فَإِنَّ الْيَدَ مُتَنَوِّعَةٌ إلَى يَدِ مِلْكٍ وَأَمَانَةٍ وَضَمَانٍ فَلَا يَمْلِكُ الْقَضَاءَ بِالشَّكِّ بِخِلَافِ الْأَخْذِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ وَحُكْمُهُ مَعْلُومٌ، وَهُوَ وُجُوبُ الرَّدِّ وَبِخِلَافِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ غَيْرُ مُخْتَلِفٍ وَعَنْ هَذَا قَالَ: وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ كَانَ مِلْكَهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِمَا مَرَّ.
(وَلَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي أُمِرَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ.
(وَكَذَا) يُؤْمَرُ بِدَفْعِهِ (لَوْ شَهِدَا بِإِقْرَارِهِ) أَيْ إقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مَعْلُومٌ فَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِهِ.