الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِ (رِبْحٌ) لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْأَجْرَ فَعَلَيْهِ عَمَلُ الطَّلَبِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ (فَلَا) يَلْزَمُ الِاقْتِضَاءُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَحْضٌ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ فَلَا جَبْرَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ (وَيُوَكِّلُ) الْمُضَارِبُ (الْمَالِكَ بِهِ) أَيْ بِالِاقْتِضَاءِ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ هُوَ الْعَاقِدُ، وَحُقُوقَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِدِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْكِيلِهِ الْمَالِكَ فِي الطَّلَبِ إذَا امْتَنَعَ كَيْ لَا يَضِيعَ حَقُّ رَبِّ الْمَالِ حَيْثُ لَا يَدْفَعُ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ إلَى مَنْ عَقَدَ مَعَهُ أَوْ إلَى وَكِيلِهِ.
(وَكَذَا) أَيْ مِثْلُ هَذَا حُكْمُ (سَائِرِ الْوُكَلَاءِ) فَإِنَّهُمْ إذَا امْتَنَعُوا عَنْ الِاقْتِضَاءِ يُوَكِّلُونَ الْمُلَّاكَ (، وَالْبَيَّاعُ) مَنْ بَاعَ النَّاسَ بِأَجْرٍ (وَالسِّمْسَارُ) بِالْكَسْرِ: الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يَبِيعُ وَيَشْتَرِي لِلنَّاسِ بِأَجْرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ (يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِاقْتِضَاءِ لِوُجُودِ سَبَبِ الْإِجْبَارِ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِأُجْرَةٍ عَادَةً فَجُعِلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِجَارَةِ الصَّحِيحَةِ بِحُكْمِ الْعَادَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا التَّقَاضِي وَالِاسْتِيفَاءُ، لِأَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِمَا بَدَلُ عَمَلِهِمَا فَصَارَ كَالْمُضَارِبِ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ.
(وَمَا هَلَكَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ صُرِفَ إلَى الرِّبْحِ أَوَّلًا) دُونَ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ، وَرَأْسُ الْمَالِ أَصْلٌ فَيَنْصَرِفُ الْهَالِكُ إلَى التَّابِعِ كَمَا فِي مَالِ الزَّكَاةِ إلَى الْعَفْوِ ابْتِدَاءً (فَإِنْ زَادَ) الْهَالِكُ (عَلَى الرِّبْحِ لَا يَضْمَنُ الْمُضَارِبُ) لِكَوْنِهِ أَمِينًا، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ لَا، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ كَمَا قِيلَ فِي الْوَدِيعَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُضَارَبَةُ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً فَهِيَ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَتْ فَاسِدَةً فَالْمَالُ مَضْمُونٌ كَمَا فِي الْمِنَحِ وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ الضَّمَانِ فِي الْكُلِّ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ فِيهَا.
(فَإِنْ اقْتَسَمَاهُ) أَيْ الْمُضَارِبُ وَالْمَالِكُ الرِّبْحَ (وَفُسِخَتْ) الْمُضَارَبَةُ (ثُمَّ عُقِدَتْ) الْمُضَارَبَةُ جَدِيدًا (فَهَلَكَ الْمَالُ أَوْ بَعْضُهُ) فِي يَدِ الْمُضَارِبِ (لَا يَتَرَادَّانِ) أَيْ الْمُضَارِبُ وَالْمَالِكُ (الرِّبْحَ) الْمَقْسُومَ لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ الْأُولَى قَدْ انْتَهَتْ، وَثُبُوتُ الثَّانِيَةِ بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَهَلَاكُ الْمَالِ فِي الثَّانِي لَا يُوجِبُ انْتِقَاضَ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا آخَرَ.
(وَإِنْ اقْتَسَمَاهُ مِنْ غَيْرِ فَسْخِ) ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ (تَرَادَّاهُ) أَيْ الْمُضَارِبُ وَالْمَالِكُ الرِّبْحَ الْمَقْسُومَ (حَتَّى يَتِمَّ رَأْسُ الْمَالِ) لِأَنَّ الرِّبْحَ تَابِعٌ فَلَا يَسْلَمُ بِدُونِ سَلَامَةِ الْأَصْلِ (فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ) مِنْ الرِّبْحِ بَعْدَمَا اسْتَوْفَى رَأْسَ الْمَالِ (اقْتَسَمَاهُ) أَيْ مَا فَضَلَ لِأَنَّهُ رِبْحٌ.
(وَإِنْ لَمْ يَفِ) أَيْ رِبْحُ مَا هَلَكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُضَارِبِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ.
[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]
ِ (وَلَا يُنْفِقُ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهَا) أَيْ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ (فِي مِصْرِهِ) الَّذِي
وَلَدَ فِيهِ (أَوْ فِي مِصْرٍ اتَّخَذَهُ دَارًا) أَيْ وَطَنًا إذْ لَا يَحْتَبِسُ فِيهِ لِعَمَلِ الْمُضَارَبَةِ بَلْ يَسْكُنُ فِيهِ بِالسُّكْنَى الْأَصْلِيِّ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ قَيَّدَ بِاتَّخَذَهُ وَطَنًا لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ فِي مِصْرٍ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ وَطَنًا فَنَفَقَتُهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ.
(وَلَا) يُنْفِقُ (فِي) الْمُضَارَبَةِ (الْفَاسِدَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَلَا نَفَقَةَ لَهُ (فَإِنْ سَافَرَ) الْمُضَارِبُ لِلتِّجَارَةِ فِي الْمُضَارَبَةِ (فَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ مِنْ مَالِهَا) أَيْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِسَبَبِ الِاحْتِبَاسِ كَنَفَقَةِ الْقَاضِي وَالزَّوْجَةِ، فَإِذَا سَافَرَ صَارَ مَحْبُوسًا بِهِ فَتَجِبُ مُؤْنَتُهُ الرَّاتِبَةُ فِيهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُعَدُّ مِثْلُ هَذَا الْإِنْفَاقِ فِي عُرْفِهِمْ إسْرَافًا.
(وَكَذَا كِسْوَتُهُ) بِالْمَعْرُوفِ (وَرَكُوبُهُ شِرَاءً وَاسْتِئْجَارًا) ، وَعَلَفُ الدَّابَّةِ الَّتِي يَرْكَبُهَا فِي سَفَرِهِ، وَحَوَائِجُهُ وَالرَّكُوبُ بِالْفَتْحِ الْمَرْكُوبُ.
(وَكَذَا أُجْرَةُ خَادِمِهِ) أَيْ خَابِزُهُ وَطَابِخُهُ وَغَاسِلُ ثِيَابِهِ وَعَامِلُ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ اعْتِبَارًا لِعَادَةِ التُّجَّارِ (وَفِرَاشٌ يَنَامُ عَلَيْهِ وَغَسْلُ ثِيَابِهِ) مُسْتَدْرَكٌ بِقَوْلِهِ، وَخَادِمُهُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ ثَمَنُ مَا يَغْسِلُ بِهِ مِثْلُ الْحُرْضِ وَالصَّابُونِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ.
(وَ) كَذَا (الدَّهْنُ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَسُكُونِ الْهَاءِ بِمَعْنَى الْأَدْهَانِ (فِي مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الدَّهْنِ كَالْحِجَازِ، وَكَذَا أُجْرَةُ الْحَمَّامِ وَالْحَلَّاقِ وَدَهْنُ السِّرَاجِ وَالْحَطَبِ وَإِنَّمَا قُلْنَا اعْتِبَارًا لِعَادَةِ التُّجَّارِ؛ لِأَنَّ غَسْلَ الثِّيَابِ وَنَحْوِهِ لَيْسَ مِمَّا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ كَأُجْرَةِ الْحَمَّامِ وَلَكِنْ فِي عَادَةِ التِّجَارَةِ لَا بُدَّ مِنْهُ لِيَزْدَادَ رَغَبَاتُ النَّاسِ فِي مُعَامَلَتِهِمْ وَلَا يَعُدُّونَهُمْ فِي عِدَادِ الْمَفَالِيسِ (وَضَمِنَ) الْمُضَارِبُ (مَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْعَادَةِ) لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ.
(وَنَفَقَتُهُ) أَيْ الْمُضَارِبِ (فِي مِصْرِهِ مِنْ مَالِهِ) لِمَا مَرَّ أَنَّهَا جَزَاءُ الِاحْتِبَاسِ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ ضِمْنًا فِي قَوْلِهِ: وَلَا يُنْفِقُ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهَا فِي مِصْرِهِ فَلَوْ اقْتَصَرَ لَكَانَ أَحْصَرَ (كَالدَّوَاءِ) ، فَإِنَّهُ مِنْ مَالِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى النَّفَقَةِ دَائِمَةٌ بِخِلَافِ الدَّوَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ، وَقَدْ لَا يَمْرَضُ فَلَا يُعَدُّ مِنْ جُمْلَةِ النَّفَقَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي السَّفَرِ أَوْ الْحَضَرِ فَيَكُونُ مِنْ مَالِهِ كَزَوْجَةٍ يَكُونُ دَوَاؤُهَا مِنْ مَالِهَا.
وَعَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الدَّوَاءَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التِّجَارَةِ إلَّا بِهِ فَيَصِيرُ كَالنَّفَقَةِ (وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ كِسْوَةٍ وَغَيْرِهَا) كَالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ (إذَا قَدِمَ) مِنْ السَّفَرِ إلَى مَسْكَنِهِ (إلَى رَأْسِ الْمَالِ) لِانْتِهَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ بِانْتِهَاءِ السَّفَرِ (وَمَا دُونَ السَّفَرِ كَسُوقِ الْمِصْرِ) فِي كَوْنِ نَفَقَتِهِ فِي مَالِهِ لَا فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ (إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَغْدُوَ وَيَبِيتَ فِي أَهْلِهِ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ السُّوقِ يَتَّجِرُونَ فِي أَسْوَاقِ الْمِصْرِ وَيَبِيتُونَ فِي مَنَازِلِهِمْ مَعَ أَنَّ ذَهَابَهُمْ وَإِيَابَهُمْ لِمَصَالِحِ أَنْفُسِهِمْ لَا لِلْغَيْرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَغْدُوَ وَيَبِيتَ بِأَهْلِهِ (فَكَالسَّفَرِ) فِي كَوْنِ نَفَقَتِهِ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ لَا فِي مَالِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَهَابَهُ قَدْ صَارَ لِلْمُضَارَبَةِ يَقِينًا (وَلَيْسَ لِلْمُسْتَبْضِعِ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِهَا) أَيْ مِنْ مَالِ الْبِضَاعَةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ
فَيَكُونُ مُتَبَرِّعًا فَلَا تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ.
(وَيُؤْخَذُ مَا أَنْفَقَهُ الْمُضَارِبُ مِنْ الرِّبْحِ أَوَّلًا) يُرِيدُ أَنَّ الْمُضَارِبَ إذَا أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ فَرَبِحَ يَأْخُذُ الْمَالِكُ مِنْ الرِّبْحِ مِقْدَارَ مَا أَنْفَقَهُ الْمُضَارِبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِيُكْمِلَ رَأْسَ الْمَالِ (وَمَا فَضَلَ) مِنْ الرِّبْحِ (قُسِمَ) بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا فَتَكُونُ النَّفَقَةُ مَصْرُوفَةً إلَى الرِّبْحِ لَا إلَى رَأْسِ الْمَالِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْبَحْ تَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا فِي الْفَرَائِدِ وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ.
(وَإِنْ سَافَرَ) الْمُضَارِبُ (بِمَالِهِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ) أَوْ خَلَطَ مَالَهُ بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ (أَوْ) سَافَرَ (بِمَالَيْنِ لِرَجُلَيْنِ أَنْفَقَ بِالْحِصَّةِ) أَيْ تُوَزَّعُ النَّفَقَةُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ مِنْ الْمَالِ.
(وَإِنْ بَاعَ) الْمُضَارِبُ (مَتَاعَ الْمُضَارَبَةِ مُرَابَحَةً حَسِبَ مَا أَنْفَقَهُ) أَيْ الْمُضَارِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَتَاعِ (مِنْ) أُجْرَةِ (حَمْلٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بَيْنَ التُّجَّارِ بِضَمِّهِ كَأُجْرَةِ السِّمْسَارِ وَالْقَصَّارِ وَالصَّبَّاغِ وَقَالَ قَامَ عَلِيٌّ بِكَذَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ وَتَعَارَفَ التُّجَّارُ إلْحَاقَهَا إلَى رَأْسِ الْمَالِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَلِهَذَا قَالَ فِي التَّنْوِيرِ وَكَذَا يَضُمُّ إلَى رَأْسِ الْمَالِ مَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِيهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا أَوْ اعْتَقَدَهُ التُّجَّارَ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (لَا) يَحْسِبُ (نَفَقَةَ نَفْسِهِ) أَيْ الْمُضَارِبِ فِي سَفَرِهِ إذَا بَاعَ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ فِي الْقِيمَةِ.
(وَلَوْ شَرَى مُضَارِبٌ بِالنِّصْفِ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ بَزًّا وَبَاعَهُ) أَيْ الْبَزَّ (بِأَلْفَيْنِ وَاشْتَرَى بِهِمَا عَبْدًا فَضَاعَا) أَيْ الْأَلْفَانِ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْمُضَارِبِ (قَبْلَ نَقْدِهِمَا) أَيْ أَلْفَيْنِ (يَغْرَمُ الْمُضَارِبُ رُبْعَهُمَا) أَيْ رُبْعَ الْأَلْفَيْنِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةٍ (وَ) يَغْرَمُ (الْمَالِكُ الْبَاقِيَ) وَهُوَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَمَّا صَارَ أَلْفَيْنِ ظَهَرَ الرِّبْحُ فِي الْمَالِ وَهُوَ أَلْفٌ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَنَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْهُ خَمْسُمِائَةٍ، فَإِذَا اشْتَرَى بِالْأَلْفَيْنِ عَبْدًا صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، فَرُبْعُهُ لِلْمُضَارِبِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ لِلْمَالِكِ، ثُمَّ إذَا ضَاعَ الْأَلْفَانِ قَبْلَ النَّقْدِ كَانَ عَلَيْهِمَا ضَمَانُ ثَمَنِ الْعَبْدِ عَلَى قَدْرِ مِلْكِهِمَا فِي الْعَبْدِ فَرُبْعُهُ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ عَلَى الْمَالِكِ (وَرُبْعُ الْعَبْدِ لِلْمُضَارِبِ وَبَاقِيهِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ (لِلْمُضَارَبَةِ) ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُضَارِبِ خَرَجَ عَنْ الْمُضَارَبَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَمَالُ الْمُضَارَبَةِ أَمَانَةٌ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ وَنَصِيبُ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لِعَدَمِ مَا يُنَافِيهَا (وَرَأْسُ الْمَالِ) وَهُوَ جَمِيعُ مَا دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ (أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهِ مَرَّةً أَلْفًا وَأُخْرَى أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ (وَلَا يَبِيعُهُ) أَيْ الْمُضَارِبُ الْعَبْدَ (مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى أَلْفَيْنِ) وَلَا يَقُولُ: قَامَ عَلِيٌّ بِأَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ إذْ الشِّرَاءُ وَقَعَ بِأَلْفَيْنِ فَلَا تُضَمُّ الْوَضِيعَةُ الَّتِي وَقَعَتْ بِسَبَبِ الْهَلَاكِ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ (فَلَوْ بِيعَ) الْعَبْدُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ ذَلِكَ (بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَحِصَّةُ الْمُضَارَبَةِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ) بَعْدَ رَفْعِ الْمُضَارِبِ حِصَّتَهُ وَهِيَ
الْأَلْفُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ رُبْعَ الْعَبْدِ كَانَ رُبْعُهُ مِلْكَهُ خَاصَّةً فَالْأَلْفُ رُبْعُهُ لِكَوْنِ ثَمَنِهِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ، ثُمَّ يَرْفَعُ مِنْهَا رَأْسَ الْمَالِ وَهُوَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ (وَالرِّبْحُ مِنْهَا خَمْسُمِائَةٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُضَارِبِ وَالْمَالِكِ فَتَكُونُ حِصَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ.
(وَلَوْ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفٍ لَا يَبِيعُهُ) الْمُضَارِبُ الْعَبْدَ (مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى خَمْسِمِائَةٍ) وَلَا يَقُولُ قَامَ عَلِيٌّ بِأَلْفٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ الْمُضَارِبِ كَبَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ فَيَكُونُ بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ فَيَكُونُ كَالْمَعْدُومِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ اشْتَرَى الْمُضَارِبُ عَبْدًا بِخَمْسِمِائَةٍ فَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِأَلْفٍ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى خَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْجَارِيَ بَيْنَهُمَا كَالْمَعْدُومِ.
(وَلَوْ اشْتَرَى مُضَارِبٌ بِالنِّصْفِ بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدًا يَعْدِلُ) أَيْ تُسَاوِي قِيمَتُهُ (أَلْفَيْنِ فَقَتَلَ) ذَلِكَ الْعَبْدُ (رَجُلًا) قَتْلًا (خَطَأً) فَأُمِرَ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، فَإِذَا دَفَعَا الْعَبْدَ إلَى وَلِيِّ الْمَقْتُولِ انْتَهَتْ الْمُضَارَبَةُ بِهَلَاكِ مَالِهِمَا بِالدَّفْعِ بِلَا دَلِيلٍ، وَكَذَا إنْ فَدَيَا خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ الْمُضَارَبَةِ أَمَّا خُرُوجُ حِصَّةِ الْمُضَارِبِ فَلِتَقَرُّرِ مِلْكِهِ فِي الْعَبْدِ بِالْفِدَاءِ فَصَارَ كَالْقِسْمَةِ وَأَمَّا خُرُوجُ حِصَّةِ الْمَالِكِ فَلِسَلَامَةِ الْحِصَّةِ مِنْهُ بِضَمَانِ الْفِدَاءِ (فَرُبْعُ الْفِدَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُضَارِبِ (وَبَاقِيهِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ (عَلَى الْمَالِكِ) ؛ لِأَنَّ الْفِدَاءَ مُؤْنَةُ الْمِلْكِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ، وَقَدْ كَانَ الْمِلْكُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا فَكَذَا الْفِدَاءُ (وَإِذَا فُدِيَ) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ يَعْنِي إذَا فَدَيَا صَارَ الْعَبْدُ لَهُمَا وَلَكِنْ (خَرَجَ عَنْ الْمُضَارَبَةِ) فَبَقِيَ أَرْبَاعًا (فَيَخْدُمُ) الْمُضَارِبَ (يَوْمًا وَالْمَالِكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) بِحُكْمِ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الْفِدَاءِ كَأَنَّهُمَا اشْتَرَيَاهُ، وَلَوْ اخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ الدَّفْعَ وَاخْتَارَ الْمُضَارِبُ الْفِدَاءَ مَعَ ذَلِكَ فَلَهُ الْفِدَاءُ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَى فِي الْمُضَارَبَةِ إذَا جَنَى خَطَأً لَا يَدْفَعُ بِهَا حَتَّى يَحْضُرَ الْمُضَارِبُ وَالْمَالِكُ سَوَاءٌ كَانَ الْإِرْثُ مِثْلَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا لَا غَيْرُ لَا يَدْفَعُ إلَّا بِحَضْرَتِهِمَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تُشْتَرَطُ حَضْرَةُ الْمَالِكِ وَالْمُضَارِبِ لِلدَّفْعِ دُونَ الْفِدَاءِ إلَّا إذَا أَبَى الْمُضَارِبُ الدَّفْعَ وَالْفِدَاءَ، وَقِيمَتُهُ مِثْلُ رَأْسِ الْمَالِ فَلِرَبِّ الْمَالِ دَفْعُهُ لِتَعَيُّنِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفَا دِرْهَمٍ فَفِدَاءُ الْحَاضِرِ كَانَ مُتَطَوَّعًا كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّ الْمُضَارِبَ لَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ وَالْفِدَاءُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ الْمُضَارَبَةِ فَلِهَذَا كَانَ إلَيْهِمَا.
(وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفِ الْمُضَارَبَةِ عَبْدًا وَهَلَكَ الْأَلْفُ قَبْلَ نَقْدِهِ) أَيْ قَبْلَ دَفْعِهِ إلَى الْبَائِعِ (دَفَعَ الْمَالِكُ الثَّمَنَ) يَعْنِي أَلْفًا آخَرَ (ثُمَّ) إذَا جَهَّزَ الْمَالِكُ أَلْفًا آخَرَ لِيَدْفَعَهُ، وَهَلَكَتْ قَبْلَ النَّقْدِ يَدْفَعُ إلَيْهِ نَقْدًا آخَرَ (وَثُمَّ) كَذَلِكَ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى حَتَّى يَصِلَ الثَّمَنُ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْأَمَانَةِ كَهَلَاكِهَا فِي يَدِ الْمَالِكِ (وَجَمِيعُ مَا دَفَعَ) الْمَالِكُ مِنْ الْأَلْفَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْأَكْثَرِ (رَأْسُ الْمَالِ) ؛ لِأَنَّ الْمَالَ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ أَمَانَةٌ دُونَ اسْتِيفَاءٍ
لِأَنَّ حُكْمَ الْأَمَانَةِ يُنَافِيهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَضْيِيعُ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِرَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ هَلَاكِ الثَّمَنِ بَعْدَ الشِّرَاءِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ اسْتِيفَاءً فَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوَكِّلِ مَرَّةً أُخْرَى.
(وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُضَارِبِ أَلْفَانِ فَقَالَ) الْمُضَارِبُ لِرَبِّ الْمَالِ (دَفَعْت إلَيَّ أَلْفًا وَرَبِحْتُ أَلْفًا، وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ دَفَعْت إلَيْك أَلْفَيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ) .
وَقَالَ زُفَرُ: الْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ يَدَّعِي الرِّبْحَ وَالشَّرِكَةَ فِيهِ، وَرَبُّ الْمَالِ يُنْكِرُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ، ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُضَارِبِ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمَقْبُوضِ، وَالْقَوْلُ فِي مِقْدَارِهِ لِلْقَابِضِ وَلَوْ ضَمِينًا اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ أَنْكَرَهُ أَصْلًا، فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهُ.
(وَلَوْ اخْتَلَفَ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِي رَأْسِ الْمَالِ (فِي قَدْرِ الرِّبْحِ فَلِمَالِكٍ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يُسْتَحَقُّ بِالشَّرْطِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ جِهَتِهِ فَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ فَضْلٍ قُبِلَتْ، وَإِنْ أَقَامَاهَا فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ فِي دَعْوَاهُ الزِّيَادَةَ فِي رَأْسِ الْمَالِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ فِي دَعْوَاهُ الزِّيَادَةَ فِي الرِّبْحِ.
(وَلَوْ قَالَ: مَنْ مَعَهُ أَلْفٌ قَدْ رَبِحَ فِيهَا) الْجُمْلَةُ حَالٌ، أَوْ صِفَةُ أَلْفٍ (هِيَ مُضَارَبَةُ زَيْدٍ، وَقَالَ زَيْدٌ بَلْ بِضَاعَةٌ) أَبْضَعْته لَك (فَالْقَوْلُ لِزَيْدٍ) ؛ لِأَنَّ مَنْ مَعَهُ أَلْفٌ يَدَّعِي عَلَيْهِ تَقْوِيمَ عَمَلِهِ أَوْ شَرْطًا مِنْ جِهَتِهِ أَوْ الشَّرِكَةَ فِي مَالِهِ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ.
(وَكَذَا لَوْ قَالَ ذُو الْيَدِ: هِيَ قَرْضٌ وَقَالَ زَيْدٌ) : بَلْ (بِضَاعَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ مُضَارَبَةٌ) يَكُونُ الْقَوْلُ لِزَيْدٍ وَهُوَ رَبُّ الْمَالِ وَالْبَيِّنَةُ لِلَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ تَمْلِيكَ الرِّبْحِ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ الْقَرْضَ وَالْمُضَارِبُ الْمُضَارَبَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُضَارِبِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ يَدَّعِي عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَهُوَ يُنْكِرُ، وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ قُبِلَتْ، وَإِنْ أَقَامَاهَا فَبَيِّنَةُ رَبِّ الْمَالِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ لِلضَّمَانِ.
(وَلَوْ قَالَ الْمُضَارِبُ) لِرَبِّ الْمَالِ (أَطْلَقْتَ وَقَالَ الْمَالِكُ عَيَّنْتُ نَوْعًا) مِنْ التِّجَارَةِ (فَالْقَوْلُ لِلْمُضَارِبِ) مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْعُمُومُ وَالْإِطْلَاقُ، وَالتَّخْصِيصُ يَصِيرُ لِعَارِضِ الشَّرْطِ، وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ مَنْ أَقَامَهَا، فَإِنْ أَقَامَاهَا، فَإِنْ وَقَّتَا وَقْتًا قَبْلَ صَاحِبِهَا يَقْضِي بِالْمُتَأَخِّرَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوَقِّتَا أَوْ وَقَّتَا عَلَى السَّوَاءِ أَوْ وَقَّتَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى قَضَى بِبَيِّنَةِ رَبِّ الْمَالِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَلَوْ ادَّعَى كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالِكِ وَالْمُضَارِبِ (نَوْعًا) مُغَايِرًا لِمَا يَدَّعِيهِ الْآخَرُ (فَلِلْمَالِكِ) أَيْ الْقَوْلُ لِلْمَالِكِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى التَّخْصِيصِ، وَالْإِذْنُ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ، وَالْبَيِّنَةُ لِلْمُضَارِبِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى نَفْيِ الضَّمَانِ، وَلَوْ وَقَّتَ الْبَيِّنَتَانِ وَقْتًا فَصَاحِبُ الْوَقْتِ الْأَخِيرِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ آخَرَ الشَّرْطَيْنِ يَنْقُضُ الْأَوَّلَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْإِثْبَاتِ لَا لِلنَّفْيِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ وَيَلْزَمُهَا نَفْيُ الضَّمَانِ فَأَقَامَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ