الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زَائِدَةً زِيدَتْ عَلَيْهِ.
(وَصَحَّتْ) الْكِتَابَةُ (عَلَى حَيَوَانٍ ذُكِرَ جِنْسُهُ فَقَطْ) كَالْعَبْدِ، وَالْفَرَسِ (لَا وَصْفُهُ) كَالْجَيِّدِ، وَالرَّدِيءِ وَلَا بُدَّ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ النَّوْعَ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَا نَوْعُهُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ بِدُونِ ذِكْرِ النَّوْعِ كَالتُّرْكِيِّ، وَالْهِنْدِيِّ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى، وَمُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَتَقَعُ الْكِتَابَةُ بَيْنَ الْجَوَازِ وَالْفَسَادِ فَحُمِلَ عَلَى الْجَوَازِ فَالْجَهَالَةُ بَعْدَ ذِكْرِ الْجِنْسِ لَا تَضُرُّ لِكَوْنِهَا يَسِيرَةً؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْعَقْدُ لِلْجَهَالَةِ (وَلَزِمَ) الْمُكَاتَبَ (الْوَسَطُ) أَيْ الْحَيَوَانُ الْوَسَطُ (أَوْ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْوَسَطِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ فَالْعَيْنُ أَصْلُ تَسْمِيَةٍ، وَالْقِيمَةُ أَصْلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْوَسَطَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِهَا فَاسْتَوَيَا فَيُخَيَّرُ وَيُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِ مَا أَدَّى.
(وَصَحَّ كِتَابَةُ كَافِرٍ عَبْدَهُ الْكَافِرَ بِخَمْرٍ مُقَدَّرٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِّ عِنْدَنَا، وَإِنَّمَا قَالَ: مُقَدَّرٍ، وَلَمْ يَقُلْ: مُقَدَّرَةٍ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ: إنَّهُ قَدْ يُذَكَّرُ (وَأَيٌّ) مِنْ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ (أَسْلَمَ فَلِلسَّيِّدِ قِيمَتُهَا) أَيْ قِيمَةُ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مَمْنُوعٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْخَمْرِ وَتَمَلُّكِهَا (وَعَتَقَ) الْعَبْدُ (بِأَدَاءِ عَيْنِهَا) أَيْ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَسَلَامَةُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِأَحَدِهِمَا يُوجِبُ سَلَامَةَ الْعِوَضِ الْآخَرِ لِلْآخَرِ، وَإِذَا أَدَّى الْخَمْرَ عَتَقَ أَيْضًا لِتَضَمُّنِ الْكِتَابَةِ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ إذْ هِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْعَقْدِ كَمَا فِي الرَّمْزِ.
وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالتُّمُرْتَاشِيّ لَوْ أَدَّى الْخَمْرَ لَا يَعْتِقُ، وَلَوْ أَدَّى الْقِيمَةَ يَعْتِقُ.
وَفِي الْغُرَرِ وَصَحَّتْ عَلَى خِدْمَةِ شَهْرٍ لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ بِنَاءِ دَارٍ إذَا بَيَّنَ قَدْرَ الْمَعْمُولِ وَالْأَجْرِ بِمَا يَرْفَعُ النِّزَاعَ وَلَا تَفْسُدُ الْكِتَابَةُ بِشَرْطٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ.
[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]
(لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ (أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ وَيُسَافِرَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ الْبَدَلِ إلَّا بِهَا وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (شَرَطَ عَدَمَهُ) أَيْ عَدَمَ سَفَرِ الْمُكَاتَبِ مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ أَيْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الْمَوْلَى أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ اسْتِحْسَانًا لِكَوْنِهِ شَرْطًا مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى عَقْدِ الْكِتَابَةِ.
وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي قَوْلٍ لَا يُسَافِرُ إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ (وَيُزَوِّجَ أَمَتَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِاكْتِسَابِ بِأَخْذِ الْمَهْرِ، وَالْخَلَاصِ عَنْ نَفَقَتِهَا.
(وَ) لَهُ أَنْ (يُكَاتِبَ عَبْدَهُ) أَوْ أَمَتَهُ اسْتِحْسَانًا لِكَوْنِهَا اكْتِسَابًا بِأَخْذِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ أَيْضًا فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي الْعَقْدِ كَالْبَيْعِ بَلْ هُوَ أَنْفَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ إلَّا بَعْدَ وُصُولِ الْبَدَلِ، وَالْبَيْعُ يُزِيلُ قَبْلَ وُصُولِهِ.
وَقَالَ زُفَرُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ
لِأَنَّ الْمَآلَ هُوَ الْعِتْقُ، وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ (فَإِنْ أَدَّى) الْمُكَاتَبُ الثَّانِي بَدَلَ الْكِتَابَةِ (بَعْدَ عِتْقِ) الْمُكَاتَبِ (الْأَوَّلِ فَوَلَاؤُهُ) أَيْ الْمُكَاتَبِ الثَّانِي (لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَهْلًا بَعْدَ الْعِتْقِ.
(وَإِنْ) أَدَّى الْمُكَاتَبُ الثَّانِي بَدَلَ الْكِتَابَةِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ (فَلِلسَّيِّدِ) أَيْ وَلَاءُ الْمُكَاتَبِ الثَّانِي لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ جَعْلِ الْمُكَاتَبِ مُعْتِقًا لَهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ الْإِعْتَاقَ فَيَخْلُفُهُ فِيهِ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ وَهُوَ مَوْلَاهُ
وَلَوْ أَدَّى الْأَوَّلُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى جُعِلَ مُعْتِقًا، وَالْوَلَاءُ لَا يَتَحَوَّلُ عَنْ الْمُعْتِقِ إلَى غَيْرِهِ، وَلَوْ أَدَّيَا مَعًا فَوَلَاؤُهُمَا لِلْمَوْلَى لِكَوْنِهِ أَصْلًا.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ (أَنْ يَتَزَوَّجَ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الِاكْتِسَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ شَغْلِ ذِمَّتِهِ بِالْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ وَيَجُوزُ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ لِأَجْلِهِ فَإِذَا أَذِنَ جَازَ (وَلَا) أَنْ (يَهَبَ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ.
(وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بِعِوَضٍ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً (وَلَا يَتَصَدَّقُ) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ أَيْضًا (إلَّا بِيَسِيرٍ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ (وَلَا يَكْفُلُ) مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَالِ أَوْ فِي النَّفْسِ بِأَمْرٍ أَوْ بِغَيْرِ أَمْرٍ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ مَحْضٌ (وَلَا يُقْرِضُ وَلَا يُعْتِقُ، وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (بِمَالٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ (وَلَا يُزَوِّجُ عَبْدَهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَعْيِيبٌ لَهُ وَنَقْصٌ لِمَالِيَّتِهِ لِكَوْنِهِ شَاغِلًا لِرَقَبَتِهِ بِالْمَهْرِ، وَالنَّفَقَةِ (وَلَا يَبِيعُهُ مِنْ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إعْتَاقٌ فَلَا يَمْلِكُهُ.
(، وَالْأَبُ، وَالْوَصِيُّ فِي رَقِيقِ الصَّغِيرِ) الَّذِي تَحْتَ حَجْرِهِمَا (كَالْمُكَاتَبِ) فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ وَكِتَابَةِ رَقِيقِ الصَّغِيرِ لَا عَلَى إعْتَاقِهِ عَلَى مَالٍ وَلَا بَيْعِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا تَزْوِيجِ عَبْدِهِ (وَلَا يَمْلِكُ) الْعَبْدُ (الْمَأْذُونُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ
(وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ) أَيْ لِلْمَأْذُونِ (تَزْوِيجُ أَمَتِهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْمُضَارِبُ، وَالشَّرِيكُ) شَرِكَةَ عِنَانٍ وَمُفَاوَضَةٍ لَهُمَا أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُونَ التِّجَارَةَ، وَالتَّزْوِيجُ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَا مِنْهَا وَهَذَا؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ، وَالْبُضْعُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مُقَابِلٌ بِفَكِّ الْحَجْرِ فِي الْحَالِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَمْلِكُونَهُ، وَلَهُ أَنَّهُمْ يَمْلِكُونَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَنْفَعَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا.
(وَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ قَرِيبَهُ وِلَادًا دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يُكَاتِبَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلْعِتْقِ فَيُجْعَلُ مُكَاتَبًا مَعَهُ تَحْقِيقًا لِلصِّلَةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَيَدْخُلُونَ فِي كِتَابَتِهِ تَبَعًا لَهُ
وَأَقْوَاهُمْ دُخُولًا الْوَلَدُ الْمَوْلُودُ فِي الْكِتَابَةِ ثُمَّ الْوَلَدُ الْمُشْتَرَى ثُمَّ الْوَالِدَانِ، وَعَنْ هَذَا يَتَفَاوَتُونَ فِي الْأَحْكَامِ، فَإِنَّ الْوَلَدَ الْمَوْلُودَ فِي الْكِتَابَةِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِ أَبِيهِ حَتَّى إذَا مَاتَ أَبُوهُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً يَسْعَى عَلَى نُجُومِ أَبِيهِ، وَالْوَلَدُ الْمُشْتَرَى يُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ حَالًّا وَإِلَّا يُرَدُّ فِي الرِّقِّ، وَالْوَالِدَانِ يُرَدَّانِ فِي الرِّقِّ كَمَا مَاتَ وَلَا يُؤَدِّيَانِ حَالًّا وَلَا مُؤَجَّلًا.
(وَلَوْ اشْتَرَى) الْمُكَاتَبُ (ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ غَيْرَ الْوِلَادِ) كَالْأَخِ وَابْنِهِ، وَالْعَمِّ وَابْنِهِ
(لَا يَدْخُلُ) فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا مِلْكَ لَهُ حَقِيقَةً إلَّا أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ فَالْمُكَاتَبُ فَقِيرٌ كَاسِبٌ، وَهَذِهِ الْقُدْرَةُ تَكْفِي لِلصِّلَةِ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادِ لَا فِي غَيْرِهَا وَلِذَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ، وَالْوَالِدَيْنِ عَلَى مَنْ يَقْدِرُ الْكَسْبَ، وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْأَخِ، وَالْعَمِّ فَتَجِبُ عَلَى الْغَنِيِّ لَا عَلَى الْكَاسِبِ الْفَقِيرِ (خِلَافًا لَهُمَا)، فَإِنَّهُمَا قَالَا: يَدْخُلُ فِي كِتَابَتِهِ بِالشِّرَاءِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الصِّلَةِ يَشْمَلُ الْقَرَابَةَ الْمَحْرَمِيَّةَ وَلِذَا يَعْتِقُ عَلَى الْحُرِّ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَهُ لَهُمْ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ إذَا سَرَقَ مِنْهُمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَوْ اشْتَرَى بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ لَا يُكَاتَبُ وَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَبِالْإِذْنِ يَصِحُّ، هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُذْكَرُ فِي الْعَتَاقِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَاهُمَا لَكَانَ أَخَصْرَ.
(وَإِنْ اشْتَرَى) الْمُكَاتَبُ (أُمَّ وَلَدِهِ) أَيْ امْرَأَتَهُ الْمَنْكُوحَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِلْغَيْرِ (مَعَ وَلَدِهَا) مِنْهُ (دَخَلَ الْوَلَدُ فِي الْكِتَابَةِ) تَحْقِيقًا لِلصِّلَةِ كَمَا مَرَّ (وَلَا تُبَاعُ الْأُمُّ) ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَمَّا دَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ امْتَنَعَ بَيْعُهُ فَتَتْبَعُهُ أُمُّهُ فِي امْتِنَاعِ الْبَيْعِ فَامْتَنَعَ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ قَالَ عليه الصلاة والسلام: «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَلَا تَدْخُلُ فِي كِتَابَتِهِ حَتَّى لَا تَعْتِقَ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا فَجَازَ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِمِلْكِ النِّكَاحِ، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ إذَا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا غَيْرَ أَنَّهَا لَهَا أَنْ تَبِيعَهُ كَيْفَ مَا كَانَ؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَثْبُتْ مِنْ جِهَتِهَا كَمَا فِي التَّبْيِينِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْوَلَدُ (مَعَهَا) أَيْ مَعَ أُمِّ الْوَلَدِ (جَازَ بَيْعُهَا) لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي كِتَابَتِهِ قِيَاسًا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ مَا كَسَبَهُ الْمُكَاتَبُ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ وَبَيْنَ أَنْ يَعْجِزَ، فَإِنْ أَدَّى الْكُلَّ يَتَقَرَّرُ لَهُ، وَإِنْ عَجَزَ يَتَقَرَّرُ لَهُ لِلْمَوْلَى فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَهُوَ أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ (خِلَافًا لَهُمَا) ، فَإِنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا لِكَوْنِهَا أُمَّ وَلَدِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلٍ (وَوَلَدُهُ) أَيْ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ (مِنْ أَمَتِهِ يَدْخُلُ فِي كِتَابَتِهِ) ؛ لِأَنَّهُ بِالدَّعْوَةِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ فَيَتْبَعُهُ فِي الْكِتَابَةِ (وَكَسْبُهُ) أَيْ كَسْبُ الْوَلَدِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَمْلُوكِهِ وَكَانَ كَسْبُهُ لَهُ، وَكَذَا الْمُكَاتَبَةُ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا فَالْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ.
(وَلَوْ زَوَّجَ) الْمُكَاتَبُ (أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ ثُمَّ كَاتَبَهُمَا) أَيْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ الْعَبْدَ، وَالْأَمَةَ (فَوَلَدَتْ) الْأَمَةُ (يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي كِتَابَةِ الْأُمِّ وَكَسْبُهُ) أَيْ كَسْبُ الْوَلَدِ (لَهَا) أَيْ لِلْأُمِّ؛ لِأَنَّ تَبَعِيَّةَ الْأُمِّ أَرْجَحُ وَلِهَذَا يَتْبَعُهَا فِي الْكِتَابَةِ، وَالرِّقِّ كَمَا مَرَّ فِي الْعَتَاقِ حَتَّى لَوْ قُتِلَ الْوَلَدُ تَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ.
(وَلَوْ نَكَحَ) أَيْ تَزَوَّجَ (مُكَاتَبٌ بِالْإِذْنِ) أَيْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى (امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ) مِنْ الْمُكَاتَبِ (فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِوَلَدِهَا (فَوَلَدُهَا عَبْدٌ) ، وَكَذَا إنْ وَلَدَتْ مِنْ عَبْدٍ فَوَلَدُهَا عَبْدٌ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِكَوْنِهِ مَوْلُودًا مِنْ الْمَمْلُوكَيْنِ فَيَكُونُ رَقِيقًا إذْ الْوَلَدُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمَا مَرَّ مِرَارًا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَتَرَكْنَا هَذَا فِي وَلَدِ الْحُرِّ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -؛ لِأَنَّ حَقَّ
الْمَوْلَى مَجْبُورٌ بِقِيمَةٍ وَاجِبَةٍ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبِ، وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهُ مُتَأَخِّرَةٌ إلَى الْعِتْقِ هَكَذَا ذَكَرُوا هُنَا لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ هَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا، فَإِنَّ دَيْنَ الْعَبْدِ إذَا لَزِمَهُ بِسَبَبٍ أَذِنَ فِيهِ الْمَوْلَى يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَيُطَالَبُ بِهِ لِلْحَالِ، وَالْمَوْضُوعُ هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا إذَا كَانَ التَّزَوُّجُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ الدَّيْنُ فِيهِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَلَا يَلْزَمُ الْمَهْرُ وَلَا قِيمَةُ الْوَلَدِ فِي الْحَالِ انْتَهَى. لَكِنْ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَيْنٌ كَسَائِرِ الدُّيُونِ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى أَذِنَ بِالتَّزَوُّجِ الْمُقَيَّدِ بِكَوْنِهَا حُرَّةً لَا مُطْلَقًا فَالْمَغْرُورُ حِينَئِذٍ هُوَ الْعَبْدُ فَلَا يُوجِبُ أَنْ يَلْزَمَ عَلَى الْمَوْلَى مَا يَلْزَمُ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَ كَوْنِ ابْنِهِ حُرًّا؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ وَلَا غُنْمَ لِلْمَوْلَى حَتَّى يَجِبَ الضَّمَانُ، وَلِأَنَّ وَلَدَ الْمُكَاتَبِ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ خُلِقَ مِنْ مَاءِ الرَّقِيقِ، وَوَلَدُ الْحُرِّ خُلِقَ مِنْ مَاءِ الْحُرِّ فَافْتَرَقَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَلَا يَلْحَقُ بِوَلَدِ الْحُرِّ الْمَغْرُورِ بِالْقِيَاسِ، وَالدَّلَالَةِ تَدَبَّرْ.
(وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَزُفَرَ، وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ (حُرٌّ) بِالْقِيمَةِ (وَتُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُكَاتَبِ (قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْوَلَدِ (بَعْدَ عِتْقِهِ) ؛ لِأَنَّهُ شَارَكَ الْحُرَّ فِي سَبَبِ ثُبُوتِ هَذَا الْحَقِّ، وَهُوَ الْغُرُورُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرْغَبْ فِي نِكَاحِهَا إلَّا لِيَنَالَ حُرِّيَّةَ الْأَوْلَادِ فَيَلْحَقُ بِوَلَدِ الْحُرِّ، وَالْمَغْرُورِ إلَّا أَنَّ قِيمَتَهُ تُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ وَلَدُهَا حُرٌّ بِالْقِيمَةِ يُعْطِيهَا لِلْمُسْتَحِقِّ فِي الْحَالِ إذَا كَانَ التَّزَوُّجُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِ يُعْطِيهَا بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ بِمَا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْأَمَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ بَعْدَ الْعِتْقِ إنْ كَانَتْ هِيَ الْغَارَّةَ لَهُ انْتَهَى. فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ الْمُصَنِّفَ التَّفْصِيلُ تَتَبَّعْ.
(وَإِنْ وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَةً بِمِلْكٍ) أَيْ إذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ فَوَطِئَهَا (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى حَالِهَا مَعَ الْإِذْنِ لِيُفْهَمَ مِنْهُ مَا إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ الْأَمَةُ (أَخَذَ مِنْهُ) أَوْ مِنْ الْمُكَاتَبِ (عُقْرَهَا فِي الْحَالِ) مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَى الْعِتْقِ.
(وَكَذَا إنْ شَرَاهَا) أَيْ شَرَى الْمُكَاتَبُ أَمَةً شِرَاءً (فَاسِدًا فَوَطِئَهَا فَرُدَّتْ) بِحُكْمِ الْفَسَادِ أُخِذَ مِنْهُ عُقْرُهَا فِي الْحَالِ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَى الْعِتْقِ (، وَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ الْمُكَاتَبُ الْأَمَةَ (بِنِكَاحٍ) بِأَنْ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَاسْتُحِقَّتْ (لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) الْعُقْرُ (إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ) بِالْإِجْمَاعِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ظَهَرَ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ وَتَوَابِعَهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكِتَابَةِ، وَالْعُقْرُ مِنْ تَوَابِعِهَا.
وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَمْ يَظْهَرْ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَيْسَ مِنْ الِاكْتِسَابِ فِي شَيْءٍ فَلَا تَنْتَظِمُهُ الْكِتَابَةُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْعُقْرَ ثَبَتَ بِالْوَطْءِ لَا بِالشِّرَاءِ، وَالْإِذْنُ بِالشِّرَاءِ لَيْسَ إذْنًا بِالْوَطْءِ وَالْوَطْءُ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ فِي شَيْءٍ فَلَا يَكُونُ الْعُقْرُ ثَابِتًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى انْتَهَى.
وَقَالَ يَعْقُوبُ بَاشَا: هَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْعُقْرِ مَبْنِيٌّ عَلَى