المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

غَيْرَ الْإِجَارَةِ مُضَافًا انْتَهَى.   (لَا) يَصِحُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ (الْبَيْعِ وَإِجَازَتِهِ - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: غَيْرَ الْإِجَارَةِ مُضَافًا انْتَهَى.   (لَا) يَصِحُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ (الْبَيْعِ وَإِجَازَتِهِ

غَيْرَ الْإِجَارَةِ مُضَافًا انْتَهَى.

(لَا) يَصِحُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ (الْبَيْعِ وَإِجَازَتِهِ وَفَسْخِهِ، وَالْقِسْمَةِ، وَالشَّرِكَةِ، وَالْهِبَةِ، وَالنِّكَاحِ، وَالرَّجْعَةِ، وَالصُّلْحِ عَنْ مَالٍ وَإِبْرَاءِ الدَّيْنِ) حَالَ كَوْنِهِ مُضَافًا إلَى زَمَانٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَمْلِيكٌ، وَقَدْ أَمْكَنَ تَنْجِيزُهَا لِلْحَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِضَافَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

وَفِي التَّنْوِيرِ فَسْخُ الْعَقْدِ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْبَدَلِ فَلِلْمُعَجِّلِ حَبْسُ الْبَدَلِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَالَ الْبَدَلِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ اسْتَأْجَرَ مَشْغُولًا وَفَارِغًا صَحَّ فِي الْفَارِغِ فَقَطْ الْمُسْتَأْجَرُ فَاسِدًا إذَا أَجَازَ صَحِيحًا جَازَتْ وَقِيلَ لَا.

وَفِي الْغُرَرِ: الْمُسْتَأْجِرُ لَا يَكُونُ خَصْمًا لِمُدَّعِي الْإِجَارَةِ، وَالرَّهْنِ، وَالشِّرَاءِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي.

[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

ِ أَوْرَدَ عَقْدَ الْكِتَابَةِ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ لِمُنَاسَبَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ عَقْدٌ يُسْتَفَادُ بِهِ الْمَالُ بِمُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ عَلَى وَجْهٍ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذِكْرِ الْعِوَضِ بِالْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ، وَبِهَذَا وَقَعَ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ، وَالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ يَعْنِي قَوْلَنَا بِمُقَابَلَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ خَرَجَ بِهِ الْبَيْعُ، وَالْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ، وَقَوْلُنَا بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ خَرَجَ بِهِ النِّكَاحُ، وَالْعَتَاقُ عَلَى مَالٍ، فَإِنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ فِيهَا لَيْسَ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ قِيلَ: الْأَنْسَبُ أَنْ يُذْكَرَ عَقِيبَ الْعَتَاقِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مَآلُهَا الْوَلَاءُ، وَالْوَلَاءُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْعِتْقِ أَيْضًا لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إخْرَاجُ الرَّقَبَةِ عَنْ الْمِلْكِ بِلَا عِوَضٍ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بَلْ فِيهَا مِلْكٌ لِشَخْصٍ وَمَنْفَعَةٌ لِغَيْرِهِ وَهُوَ أَنْسَبُ لِلْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الذَّاتِيَّاتِ أَوْلَى مِنْ الْعَرَضِيَّاتِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْمَوْلَى سَعْدِيٍّ كَلَامٌ فَلْيُطَالَعْ، وَالْمُكَاتَبُ هُوَ مَفْعُولٌ مِنْ كَاتَبَ مُكَاتَبَةً، وَالْمَوْلَى مُكَاتِبٌ بِكَسْرِ التَّاءِ، وَأَصْلُهُ مِنْ الْكَتْبِ وَهُوَ الْجَمْعُ وَمِنْهُ كَتَبْت الْقَرْيَةَ إذَا أَحْرَزْتُهَا، وَالْكَتِيبَةُ هِيَ الطَّائِفَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنْ الْجَيْشِ، وَالْكِتَابُ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الْأَبْوَابَ، وَالْفُصُولَ، وَالْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ الْحُرُوفَ وَيُسَمَّى هَذَا الْعَقْدُ كِتَابَةً وَمُكَاتَبَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَمَّ حُرِّيَّةِ الْيَدِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ أَوْ؛ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا أَوْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكْتُبُ الْوَثِيقَةَ (الْكِتَابَةُ) فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ كَتَبَ.

وَفِي الشَّرْعِ (تَحْرِيرُ الْمَمْلُوكِ يَدًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْيَدِ (فِي الْحَالِ وَرَقَبَةً) أَيْ مِنْ جِهَةِ الرَّقَبَةِ (فِي الْمَآلِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَتَحَرَّرُ رَقَبَةً إلَّا إذَا أَدَّى بَدَلَ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا فِي الْحَالِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ جِهَةِ الْيَدِ فَقَطْ حَتَّى يَكُونَ أَحَقَّ بِكَسْبِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى الضَّمَانُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ وَلِهَذَا قِيلَ الْمُكَاتَبُ طَارَ عَنْ ذُلِّ الْعُبُودِيَّةِ وَلَمْ يَنْزِلْ فِي سَاحَةِ الْحُرِّيَّةِ فَصَارَ كَالنَّعَامَةِ إنْ اُسْتُطِيرَ تَبَاعَرَ، وَإِنْ اُسْتُحْمِلَ تَطَايَرَ، ثُمَّ شَرْطُ الْكِتَابَةِ أَنْ يَكُونَ الرِّقُّ قَائِمًا بِالْمَحَلِّ وَأَنْ يَكُونَ الْبَدَلُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ، وَسَبَبُهَا رَغْبَةُ الْمَوْلَى فِي بَدَلِ

ص: 405

الْكِتَابَةِ عَاجِلًا، وَفِي ثَوَابِ الْعِتْقِ آجِلًا. وَرَقَبَةُ الْعَبْدِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ، وَالْقَبُولُ وَحُكْمُهَا مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ فِكَاكُ الْحَجْرِ وَثُبُوتُ حُرِّيَّةِ الْيَدِ فِي الْحَالِ حَتَّى يَكُونَ الْعَبْدُ أَخَصَّ بِنَفْسِهِ وَكَسْبِهِ مِنْ مَوْلَاهُ وَأَلْفَاظُهَا كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ (فَمَنْ كَاتَبَ مَمْلُوكَهُ، وَلَوْ) وَصْلِيَّةٌ (صَغِيرًا يَعْقِلُ) قَيَّدَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْقِلْ الْعَقْدَ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْقَبُولِ، وَالْعَقْدُ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ (بِمَالٍ حَالٍّ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ الْبَدَلَ عَقِيبَ الْعَقْدِ (أَوْ) بِمَالٍ (مُؤَجَّلٍ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ كُلَّهُ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ (أَوْ) بِمَالٍ (مُنَجَّمٍ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا مِنْ الْبَدَلِ الْأَوْلَى بِالْوَاوِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ حَيْثُ قَالَ: وَكَوْنُ بَدَلِهَا مُنَجَّمًا وَمُؤَجَّلًا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا تَدَبَّرْ (فَقِبَلَ) : الْمَمْلُوكُ ذَلِكَ (صَحَّ) الْعَقْدُ عِنْدَنَا لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] الْآيَةَ فَتَنَاوَلَتْ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْحَالِّ، وَالْمُؤَجَّلِ، وَالْمُنَجَّمِ، وَالصَّغِيرِ، وَالْكَبِيرِ وَكُلِّ مَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الطَّلَبُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَالْبَدَلُ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الثَّمَنَ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَوَهُّمَ الْقُدْرَةِ كَافٍ هُنَا كَمَا فِي الْبَيْعِ وَقِيلَ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ فَيَقْدِرُ عَلَى الْأَدَاءِ، وَلَوْ كَانَ مَدْيُونًا لِلْغَيْرِ،.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا تَجُوزُ كِتَابَةُ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلتَّصَرُّفِ، وَكَذَا لَا تَجُوزُ عِنْدَهُ إلَّا مُنَجَّمًا وَأَقَلُّهُ نَجْمَانِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّحْصِيلِ إذْ الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ لَكِنَّ قَيْدَ التَّأْجِيلِ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ فَرُدَّ كَمَا فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ، وَالْأَمْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَيْسَ أَمْرَ إيجَابٍ بِإِجْمَاعٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرُ نَدْبٍ هُوَ الصَّحِيحُ، وَفِي الْحَمْلِ عَلَى الْإِبَاحَةِ أَلْغَى الشَّرْطَ إذْ هُوَ مُبَاحٌ بِدُونِهِ، وَأَمَّا نالندبية فَمُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْخَيْرِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَا قِيلَ أَنْ لَا يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ بَعْدَ الْعِتْقِ، فَإِنْ كَانَ يَضُرُّ بِهِمْ فَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُكَاتِبَهُ، وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ لَوْ فَعَلَهُ

وَأَمَّا اشْتِرَاطُ قَبُولِ الْعَبْدِ فَلِأَنَّهُ مَالٌ يَلْزَمُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ وَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ كُلِّ الْبَدَلِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «أَيُّمَا عَبْدٍ كُوتِبَ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَأَدَّاهَا إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَبْدٌ» وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ» ، وَفِيهِ اخْتِلَافُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَمَا اخْتَرْنَاهُ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَيَعْتِقُ بِأَدَائِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْمَوْلَى: إذَا أَدَّيْتَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْعَقْدِ يَثْبُتُ مِنْ غَيْرِ التَّصْرِيحِ كَمَا فِي الْبَيْعِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَلَا يَجِبُ حَطُّ شَيْءٍ مِنْ الْبَدَلِ اعْتِبَارًا بِالْبَيْعِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يَجِبُ عَلَيْهِ حَطُّ رُبُعِ الْبَدَلِ.

(وَكَذَا لَوْ قَالَ) الْمَوْلَى: (جَعَلْتُ عَلَيْك أَلْفًا تُؤَدِّيهِ نُجُومًا) أَيْ مُتَفَرِّقًا عَلَى النَّجْمِ (أَوَّلُهَا) أَيْ أَوَّلُ النُّجُومِ (كَذَا) مِنْ الدِّرْهَمِ (وَآخِرُهَا كَذَا) مِنْهَا (فَإِذَا أَدَّيْتَهُ) أَيْ الْأَلْفَ (فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنْ عَجَزْتَ فَقِنٌّ) أَيْ فَأَنْتَ قِنٌّ عَلَى حَالِك (فَقَبِلَ) الْعَبْدُ ذَلِكَ صَحَّ الْعَقْدُ وَصَارَ مُكَاتَبًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْلِيقَ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْمَالِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْكِتَابَةَ وَجْهُ

ص: 406

الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي، وَقَدْ أَتَى بِمَعْنَى الْكِتَابَةِ مُفَسَّرًا فَيَنْعَقِدُ بِهِ

قِيلَ قَوْلُهُ جَعَلْتُ عَلَيْك يَحْتَمِلُ عَقْدَ الْكِتَابَةِ وَيَحْتَمِلُ الضَّرِيبَةَ عَلَى الْعَبْدِ فَلَا تَتَعَيَّنُ جِهَةُ الْكِتَابَةِ إلَّا بِقَوْلِهِ: فَإِنْ أَدَّيْتَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزْتَ فَقِنٌّ حَثًّا لِلْعَبْدِ عَلَى الْأَدَاءِ.

(وَلَوْ قَالَ) الْمَوْلَى: (إذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ أَلْفًا كُلَّ شَهْرٍ مِائَةٌ فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ تَعْلِيقٌ) يَعْنِي يَكُونُ إعْتَاقًا بِالْمَالِ لَا بِالْمُكَاتَبَةِ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ التَّنْجِيمَ لَيْسَ مِنْ خَوَاصِّ الْكِتَابَةُ حَتَّى يُجْعَلَ تَفْسِيرًا لَهَا؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي سَائِرِ الدُّيُونِ وَقَدْ تَخْلُو الْكِتَابَةُ عَنْهُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَفْظٌ يَخْتَصُّ بِالْكِتَابَةِ لِيَكُونَ تَفْسِيرًا لَهَا فَلَا يَكُونُ مُكَاتَبًا (وَقِيلَ مُكَاتَبَةٌ) وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ؛ لِأَنَّ التَّنْجِيمَ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ لِلتَّيْسِيرِ، وَذَلِكَ فِي الْمَالِ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ إلَّا بِالْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا إلَّا فِي الْكِتَابَةِ (وَإِذَا صَحَّتْ الْكِتَابَةُ خَرَجَ) الْمُكَاتَبُ (عَنْ يَدِ الْمَوْلَى) ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْكِتَابَةِ مَالِكِيَّةُ الْيَدِ فِي حَقِّ الْمُكَاتَبِ وَلِهَذَا لَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ مِنْ الْخُرُوجِ، وَالسَّفَرِ (دُونَ مِلْكِهِ) أَيْ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ الْمَوْلَى لِمَا رَوَيْنَاهُ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(فَإِنْ أَتْلَفَ) الْمَوْلَى (مَالَهُ) أَيْ مَالَ الْمُكَاتَبِ (ضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْمَوْلَى مَا أَتْلَفَهُ لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا فِي مَالِ كَسْبِهِ.

(وَكَذَا) ضَمِنَهُ (إنْ وَطِئَ) الْمَوْلَى (الْمُكَاتَبَةَ) أَيْ يَغْرَمُ الْعُقْرَ؛ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حَقِّ نَفْسِهَا (أَوْ جَنَى) الْمَوْلَى (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ (أَوْ عَلَى وَلَدِهَا) أَيْ يَغْرَمُ الْمَوْلَى أَرْشَ الْجِنَايَةِ لَهَا وَلِوَلَدِهَا لِكَوْنِهِ أَجْنَبِيًّا فِي حَقِّهَا وَوَلَدِهَا.

(وَإِنْ كَاتَبَهُ) أَيْ إنْ كَاتَبَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ (عَلَى قِيمَتِهِ) بِأَنْ قَالَ: كَاتَبْتُك عَلَى قِيمَتِك (فَسَدَتْ) الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ مَجْهُولَةٌ قَدْرًا وَجِنْسًا وَوَصْفًا فَتَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ، وَصَارَ كَمَا إذَا كَاتَبَ عَلَى ثَوْبٍ أَوْ دَابَّةٍ وَلِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَلَى الْقِيمَةِ تَنْصِيصٌ عَلَى مَا هُوَ مُوجِبُ الْعَقْدِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْقِيمَةِ (فَإِنْ أَدَّاهَا) أَيْ الْقِيمَةَ (عَتَقَ) الْعَبْدُ لِكَوْنِهَا بَدَلًا مَعْنًى.

(وَكَذَا تَفْسُدُ) الْكِتَابَةُ (لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عَيْنٍ لِغَيْرِهِ) بِأَنْ قَالَ: كَاتَبْتُك عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ (يَتَعَيَّنُ) صِفَةُ عَيْنٍ (بِالتَّعْيِينِ) كَالثَّوْبِ، وَالْعَبْدِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْمَكِيلِ، وَالْمَوْزُونِ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِ مِلْكِ الْغَيْرِ.

وَعَنْ الْإِمَامِ يَجُوزُ إنْ قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا بِأَنْ يَمْلِكَهَا، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَاتَبَ عَلَى دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِعَيْنِهَا وَهِيَ لِغَيْرِهِ جَازَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَيَتَعَلَّقُ بِدَرَاهِمَ دَيْنٍ فِي الذِّمَّةِ لَا بِدَرَاهِمِ الْغَيْرِ فَيَجُوزُ (أَوْ عَلَى مِائَةِ) دِينَارٍ (وَيَرُدُّ) السَّيِّدُ (عَلَيْهِ) أَيْ الْعَبْدِ (عَبْدًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنْ يَرُدَّهُ سَيِّدُهُ عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِأَنْ قَالَ: أَدِّ إلَيَّ مِائَةَ دِينَارٍ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مِنِّي عَبْدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْعَبْدِ

ص: 407

مِنْ الْمِائَةِ لَا يَصِحُّ لِانْعِدَامِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْمُجَانَسَةُ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ قِيمَتِهِ وَلَكِنَّهَا مَجْهُولَةٌ لِاخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ فِيهَا (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجُوزُ) الْكِتَابَةُ (وَتُقَسَّمُ الْمِائَةُ عَلَى قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ وَقِيمَةِ عَبْدٍ وَسَطٍ فَيَسْقُطُ قِسْطُ الْعَبْدِ) أَيْ حِصَّتُهُ

(وَالْبَاقِي) مِنْ الْمِائَةِ بَعْدَ حِصَّتِهِ (بَدَلُ الْكِتَابَةِ) يَعْنِي إذَا كَانَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ مِائَةً وَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ خَمْسِينَ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ خَمْسِينَ يَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَدَاءُ خَمْسِينَ وَيَسْقُطُ خَمْسُونَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ وَتَجُوزُ الْكِتَابَةُ عَلَى عَبْدٍ فَكَذَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ هَذَا فِي عَبْدٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ حَتَّى لَوْ شَرَطَهُ أَنْ يَرُدَّ عَبْدًا مُعَيَّنًا صَحَّ اتِّفَاقًا.

(وَإِنْ كَاتَبَ الْمُسْلِمُ) عَبْدَهُ (بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَسَدَ) الْعَقْدُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ فَلَا يَصْلُحَانِ لِلْعِوَضِ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمَوْلَى ذِمِّيًّا، وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّ إسْلَامَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ (فَإِنْ أَدَّاهُ) أَيْ إنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ (عَتَقَ) الْعَبْدُ (وَلَزِمَهُ قِيمَةُ نَفْسِهِ) هَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ سَوَاءٌ أَتَى بِالشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ: إنْ أَدَّيْتَ الْخَمْرَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِهِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ.

وَقَالَ زُفَرُ لَا يَعْتِقُ إلَّا بِأَدَاءِ قِيمَةِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ هُوَ الْقِيمَةُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ صُورَةً وَيَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْبَدَلُ مَعْنًى.

وَعَنْ الطَّرَفَيْنِ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِأَدَاءِ عَيْنِ الْخَمْرِ إذَا قَالَ: إنْ أَدَّيْتَهَا إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالشَّرْطِ وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ (، وَالْكِتَابَةُ عَلَى مَيِّتَةٍ أَوْ دَمٍ بَاطِلَةٌ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَالٍ أَصْلًا عِنْدَ أَحَدٍ (فَلَا يَعْتِقُ بِأَدَاءِ الْمُسَمَّى) لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْكِتَابَةِ بِبُطْلَانِهَا فَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ.

وَفِي الِاخْتِيَارِ، وَلَوْ عَلَّقَ الْعِتْقَ بِأَدَائِهَا عَتَقَ بِالْأَدَاءِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ (وَتَجِبُ الْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْعَبْدِ (فِي) الْكِتَابَةِ (الْفَاسِدَةِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ رَقَبَتِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ وَقَدْ تَعَذَّرَ بِالْعِتْقِ فَوَجَبَ رَدُّ قِيمَتِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَرْضَ بِالنُّقْصَانِ، وَالْعَبْدُ رَضِيَ بِالزِّيَادَةِ لِئَلَّا يُبْطِلَ حَقَّهُ فِي الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ أَوْلَى لَهُ مِنْ الرَّقَبَةِ إلَى آخِرِ عُمُرِهِ وَعَنْ هَذَا قَالَ (وَلَا تَنْقُصُ) الْقِيمَةُ (عَنْ الْمُسَمَّى) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَوْلَى لَمْ يَرْضَ بِالنُّقْصَانِ (وَتُزَادُ) الْقِيمَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُسَمَّى إنْ كَانَتْ زَائِدَةً عَلَيْهِ فَيَسْعَى فِي قِيمَةِ نَفْسِهِ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ لِمَا مَرَّ قِيلَ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَسْأَلَةِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ بَدَلَ الْكِتَابَةِ فِي الْفَاسِدَةِ هُوَ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ وَقِيلَ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِمَسْأَلَةِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا كَاتَبَ: عَبْدَهُ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهُ أَبَدًا فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ، فَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً عَنْ أَلْفٍ لَا تَنْقُصُ، وَإِنْ زَائِدَةً زِيدَتْ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ لَهَا نَوْعُ تَعَلُّقٍ بِمَا قَبْلَهَا غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ مِنْ جِنْسِ الْمُسَمَّى فَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَتْ نَاقِصَةً عَنْ الْمُسَمَّى لَا تَنْقُصُ مِنْهُ، وَإِنْ

ص: 408