المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْمُقِرُّ عَلَى أَخِيهِ لَرَجَعَ أَخُوهُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ مِنْ - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: الْمُقِرُّ عَلَى أَخِيهِ لَرَجَعَ أَخُوهُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ مِنْ

الْمُقِرُّ عَلَى أَخِيهِ لَرَجَعَ أَخُوهُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى زَعْمِهِ، ثُمَّ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْمُقِرِّ بِمَا زَادَ عَلَى خَمْسِينَ مِمَّا أَخَذَهُ مِنْ أَخِيهِ الْمُكَذِّبِ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَيُؤَدِّي إلَى الدَّوْرِ.

وَقَالَ صَاحِبُ الدُّرَرِ فِي غَرَرِهِ حُرَّةٌ أَقَرَّتْ بِدَيْنٍ لِآخَرَ فَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا صَحَّ فِي حَقِّ زَوْجِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ حَتَّى تُحْبَسَ وَتُلَازَمَ وَعِنْدَهُمَا لَا.

مَجْهُولَةُ النَّسَبِ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ، وَلَهَا زَوْجٌ وَأَوْلَادٌ مِنْهُ، وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ صَحَّ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ وَحَقِّ الْأَوْلَادِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ النِّكَاحُ، وَأَوْلَادٌ حَصَلَتْ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَمَا فِي بَطْنِهَا وَقْتَ الْإِقْرَارِ أَحْرَارٌ مَجْهُولُ النَّسَبِ حَرَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ، وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ صَحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّهِ حَتَّى صَارَ رَقِيقًا لَهُ دُونَ إبْطَالِ الْعِتْقِ حَقًّا، بَقِيَ مُعْتَقُهُ حُرًّا فَإِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ يَرِثُهُ وَارِثُهُ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ، وَإِلَّا فَالْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُقِرُّ ثُمَّ الْعَتِيقُ فَإِرْثُهُ لِعَصَبَةِ الْمُقِرِّ.

[كِتَابُ الصُّلْحِ]

ِ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ فِي إيرَادِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ أَنَّ إنْكَارَ الْمُقِرِّ سَبَبٌ لِلْخُصُومَةِ وَهِيَ تَسْتَدْعِي الصُّلْحَ، هُوَ - لُغَةً - اسْمٌ بِمَعْنَى الْمُصَالَحَةِ وَهِيَ الْمُسَالَمَةُ، خِلَافُ الْمُخَاصَمَةِ، وَأَصْلُهُ مِنْ الصَّلَاحِ ضِدِّ الْفَسَادِ.

وَفِي الشَّرْعِ (هُوَ) أَيْ الصُّلْحُ (عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ)

ص: 307

مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَسَبَبُهُ تَعَلُّقُ الْبَقَاءِ الْمَقْدُورِ بِتَعَاطِيهِ، وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ الْمَوْضُوعَانِ لَهُ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَفِي الْعِنَايَةِ الْإِيجَابُ مُطْلَقًا، وَالْقَبُولُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَقَالَ: وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الدَّعْوَى فِي الدَّرَاهِمِ، وَطَلَبَ الصُّلْحَ عَلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ فَقَدْ تَمَّ الصُّلْحُ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي: فَعَلْت، وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَشَرْطُهُ الْعَقْلُ لَا الْبُلُوغُ، وَالْحُرِّيَّةُ وَصَحَّ مِنْ صَبِيٍّ مَأْذُونٍ إنْ عُرِّيَ عَنْ ضَرَرٍ بَيِّنٍ، وَمِنْ عَبْدٍ مَأْذُونٍ وَمُكَاتَبٍ، وَشُرِطَ أَيْضًا كَوْنُ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ مَعْلُومًا، إنْ كَانَ يُحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ، وَكَوْنُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ حَقًّا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ كَالْقِصَاصِ وَالتَّعْزِيرِ، مَعْلُومًا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ أَوْ مَجْهُولًا لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ، أَوْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِمَّا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَحَدِّ الْقَذْفِ، وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ وَحُكْمُهُ وُقُوعُ الْبَرَاءَةِ عَنْ الدَّعْوَى كَمَا فِي الْمِنَحِ وَالْبَحْرِ.

(وَيَجُوزُ) الصُّلْحُ (مَعَ إقْرَارٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَسُكُوتٍ) مِنْهُ بِأَنْ لَا يُقِرَّ وَلَا يُنْكِرَ (وَإِنْكَارٍ) وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] عَرَّفَهُ بِاللَّامِ فَالظَّاهِرُ الْعُمُومُ، وَلِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الصُّلْحُ جَائِزٌ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا وَحَرَّمَ حَلَالًا» .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ مَعَ الْإِنْكَارِ وَالسُّكُوتِ، لِأَنَّهُمَا صُلْحٌ أَحَلَّ حَرَامًا لِأَنَّهُ أَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي فَكَانَ رِشْوَةً وَلَنَا مَا تَلَوْنَا وَأَوَّلُ مَا رَوَيْنَا بِتَأْوِيلٍ آخَرَ: أَحَلَّ حَرَامًا لِعَيْنِهِ كَالْخَمْرِ، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا لِعَيْنِهِ كَالصُّلْحِ عَلَى أَنْ لَا يَطَأَ الضَّرَّةَ.

وَفِي الْعِنَايَةِ تَفْصِيلٌ فَلْيُرَاجَعْ (فَالْأَوَّلُ) أَيْ الصُّلْحُ بِالْإِقْرَارِ (كَالْبَيْعِ) فِي أَحْكَامِهِ (إنْ وَقَعَ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ) لِوُجُودِ مَعْنَى الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَتَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ) أَيْ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِي الصُّلْحِ عَنْ عَقَارٍ أَوْ عَلَى عَقَارٍ كَمَا يَثْبُتُ فِي الْمَبِيعِ فَلِلشَّفِيعِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ) بِأَنْ كَانَ بَدَلُ الصُّلْحِ عَبْدًا مَثَلًا فَوَجَدَ الْمُدَّعِي فِيهِ عَيْبًا لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ (وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ) بِأَنْ لَمْ يَرَ الْمُصَالِحُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَقْتَ الصُّلْحِ ثُمَّ رَآهُ فَلَهُ الْخِيَارُ فِيهِ (وَالشَّرْطِ) بِأَنْ يُصَالِحَ عَلَى شَيْءٍ فَشَرَطَ أَحَدُهُمَا الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ (وَتُفْسِدُهُ) أَيْ الصُّلْحَ (جَهَالَةُ الْبَدَلِ) أَيْ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَصَارَ كَجَهَالَةِ الثَّمَنِ لَا تُفْسِدُهُ (جَهَالَةُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ) لِأَنَّهُ يَسْقُطُ، وَجَهَالَةُ السَّاقِطِ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.

وَفِي الْعِنَايَةِ تَفْصِيلٌ فَلْيُطَالَعْ.

(وَتُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَلِ) لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصُّلْحِ كَكَوْنِ مَعْلُومِيَّةِ الْبَدَلِ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ.

(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) فِي صُلْحٍ مَعَ إقْرَارٍ (بَعْضُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ أَوْ) اُسْتُحِقَّ (كُلُّهُ رَجَعَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي (بِكُلِّ الْبَدَلِ أَوْ بَعْضِهِ) صُورَتُهُ: ادَّعَى زَيْدٌ دَارًا مَثَلًا فِي يَدِ عَمْرٍو فَأَقَرَّ عَمْرٌو وَصَالَحَ زَيْدًا عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ الْمِائَةُ فِي يَدِ زَيْدٍ

ص: 308

وَالدَّارُ فِي يَدِ عَمْرٍو، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ مَثَلًا أَوْ كُلُّهَا يَرْجِعُ عَمْرٌو عَلَى زَيْدٍ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فِي الْأُولَى وَبِمِائَةِ دِرْهَمٍ فِي الثَّانِيَةِ وَفِي تَحْرِيرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْغَيْرِ مُرَتَّبٍ، وَأَمَّا تَصْوِيرُ صَاحِبِ الدُّرَرِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ لَا يُوَافِقُ مَتْنَهُ بَلْ الصَّوَابُ مَا صَوَّرْنَاهُ يُتْبَعُ.

(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْبَدَلِ أَوْ كُلُّهُ رَجَعَ) الْمُدَّعِي - وَهُوَ زَيْدٌ - عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ عَمْرٌو (بِكُلِّ الْمُصَالَحِ عَنْهُ أَوْ بَعْضِهِ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِوَضٌ عَنْ الْآخَرِ، فَأَيُّهُمَا أُخِذَ مِنْهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ رَجَعَ بِمَا دَفَعَ، إنْ كُلًّا فَبِالْكُلِّ وَإِنْ بَعْضًا فَبِالْبَعْضِ.

(وَإِنْ وَقَعَ) الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ (عَنْ مَالٍ بِمَنْفَعَةٍ اُعْتُبِرَ) هَذَا الصُّلْحُ (إجَارَةً) صُورَتُهُ: ادَّعَى رَجُلٌ شَيْئًا وَاعْتَرَفَ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى سُكْنَى دَارِهِ سَنَةً أَوْ عَلَى رُكُوبِ دَابَّتِهِ مَعْلُومَةً، أَوْ عَلَى لُبْسِ ثَوْبِهِ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي، وَالْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَهَذَا الصُّلْحُ كَذَلِكَ ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّوْقِيتُ) لَكِنَّ هَذَا فِي الْأَجِيرِ الْخَاصِّ بِأَنْ ادَّعَى شَيْئًا فَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى خِدْمَةِ الْعَبْدِ أَوْ سُكْنَى سَنَةٍ، وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ التَّوْقِيفُ كَمَا إذَا صَالَحَهُ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ، أَوْ رُكُوبِ الدَّابَّةِ، أَوْ حَمْلِ الطَّعَامِ إلَى مَوْضِعٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَيَبْطُلُ) الصُّلْحُ (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمُتَصَالِحَيْنِ لِأَنَّهُمَا كَالْمُؤَجِّرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَكَذَا يَبْطُلُ بِفَوَاتِ الْمَنْفَعَةِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَيَعُودُ إلَى الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ بَطَلَ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ فَيَرْجِعُ فِي دَعْوَاهُ بِقَدْرِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ، وَهِيَ تَبْطُلُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمَوْتِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ الْمُدَّعِي يَسْتَوْفِي الْمَنْفَعَةَ عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ مَاتَ الْمُدَّعِي فَكَذَلِكَ فِي خِدْمَةِ الْعَبْدِ، وَسُكْنَى الدَّارِ، وَالْوَارِثُ يَقُومُ مَقَامَهُ وَيَبْطُلُ فِيمَا يُتَفَاوَتُ فِيهِ كَلُبْسِ الثِّيَابِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ.

(وَالْأَخِيرَانِ) أَيْ الصُّلْحُ عَنْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ (مُعَاوَضَةٌ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ مَا أَخَذَهُ كَانَ عِوَضًا عَمَّا يَدَّعِيهِ (وَفِدَاءُ الْيَمِينِ وَقَطْعُ الْمُنَازَعَةِ فِي حَقِّ الْآخَرِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مُفْتَرٍ وَمُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ، وَإِنَّمَا دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ لِئَلَّا يُحَلَّفَ وَلِتُقْطَعَ الْخُصُومَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ حُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ بِاعْتِبَارِ شَخْصَيْنِ كَالنِّكَاحِ: مُوجَبُهُ الْحِلُّ فِي الْمُتَنَاكِحَيْنِ، وَالْحُرْمَةُ فِي أُصُولِهِمَا فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا يَزْعُمُ ثُمَّ فَرَّعَهُ بِقَوْلِهِ (فَلَا شُفْعَةَ فِي دَارٍ صُولِحَ عَنْهَا) أَيْ الدَّارِ (مَعَ أَحَدِهِمَا) أَيْ مَعَ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ، صُورَتُهُ: ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ دَارِهِ فَسَكَتَ الْآخَرُ أَوْ أَنْكَرَ فَصَالَحَ عَنْهَا بِدَفْعِ شَيْءٍ آخَرَ لَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَأْخُذُهَا عَلَى أَصْلِ حَقِّهِ وَيُعْطِي الْمَالَ دَفْعًا لِلْخُصُومَةِ لَا أَنَّهُ يَشْتَرِيهَا وَلَا يَلْزَمُهُ زَعْمُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ

ص: 309

الْمَرْءَ لَا يُؤَاخَذُ إلَّا بِزَعْمِهِ (وَتَجِبُ) الشُّفْعَةُ (فِي دَارٍ صُولِحَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّارِ فِيمَا ادَّعَى مَالًا عَلَى آخَرَ فَسَكَتَ، أَوْ أَنْكَرَ فَصَالَحَ بِدَفْعِ الدَّارِ بَدَلَهُ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُهَا عِوَضًا عَنْ مَالِهِ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ (وَمَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْمُدَّعَى كُلًّا أَوْ بَعْضًا) فِي صُورَةِ الصُّلْحِ مَعَ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ (يَرُدُّ الْمُدَّعِي) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيهَا (حِصَّتَهُ) أَيْ مَا اُسْتُحِقَّ (مِنْ الْبَدَلِ) لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ بَذَلَ الْعِوَضَ لِدَفْعِ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي، فَبِالِاسْتِحْقَاقِ ظَهَرَ عَدَمُ خُصُومَةِ الْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَرُدُّ مَا أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْخُصُومَةِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.

(وَيَرْجِعُ) الْمُدَّعِي (بِالْخُصُومَةِ) مَعَ الْمُسْتَحَقِّ (فِيهِ) أَيْ فِيمَا اسْتَحَقَّهُ بَعْضًا كَانَ أَوْ كُلًّا (وَمَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الْبَدَلِ بَعْضًا أَوْ كُلًّا يَرْجِعُ الْمُدَّعِي إلَى دَعْوَاهُ فِي قَدْرِهِ) أَيْ فِي قَدْرِ الْبَدَلِ أَيْ رَجَعَ الْمُدَّعِي إلَى الدَّعْوَى فِي الْكُلِّ إنْ اُسْتُحِقَّ الْكُلُّ، وَفِي قَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ إنْ اُسْتُحِقَّ الْبَعْضُ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَمْ يَتْرُكْ الدَّعْوَى إلَّا لِيَسْلَمَ لَهُ الْبَدَلُ فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ لَهُ رَجَعَ بِالْبَدَلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: بِعْتُك هَذَا الشَّيْءَ بِهَذَا، وَقَالَ الْآخَرُ: اشْتَرَيْت حَيْثُ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى نَفْسِهِ لَا بِالدَّعْوَى كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(وَهَلَاكُ الْبَدَلِ) أَيْ بَدَلِ الصُّلْحِ (قَبْلَ التَّسْلِيمِ) إلَى الْمُدَّعِي كَاسْتِحْقَاقِهِ أَيْ كَاسْتِحْقَاقِ بَدَلِ الصُّلْحِ، فَيَبْطُلُ بِهِ لِأَنَّ هَلَاكَ الْبَدَلِ فِي الْبَيْعِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ، فَكَذَا هَذَا إذَا كَانَ الْبَدَلُ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَالنَّقْدَيْنِ لَا يَبْطُلُ بِهَلَاكِهِ (فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِي فَصْلِ الْإِقْرَارِ، وَفِي فَصْلِ الْإِنْكَارِ وَالسُّكُوتِ فَفِي الْإِقْرَارِ يَرْجِعُ بِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَفِي الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ بِالدَّعْوَى.

(وَلَوْ صَالَحَ عَلَى بَعْضِ دَارٍ يَدَّعِيهَا) يَعْنِي: إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى آخَرَ دَارًا فَصَالَحَهُ عَلَى قِطْعَةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْهَا (لَا يَصِحُّ) الصُّلْحُ وَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ فِي الْبَاقِي لِأَنَّ الْبَعْضَ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا عَنْ الْكُلِّ لِلُزُومِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ عِوَضًا عَنْ نَفْسِهِ، إذْ الْبَعْضُ دَاخِلٌ فِي ضِمْنِ الْكُلِّ، وَلِأَنَّ مَا قَبَضَهُ مِنْ عَيْنِ حَقِّهِ فَيَكُونُ عَلَى طَلَبِهِ فِي بَاقِي الدَّارِ، إذْ الْإِسْقَاطُ لَا يَقَعُ عَنْ الْأَعْيَانِ لِكَوْنِهِ مَخْصُوصًا بِالدُّيُونِ.

(وَحِيلَتُهُ) أَيْ حِيلَةُ جَوَازِ هَذَا الصُّلْحِ (أَنْ يَزِيدَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي الْبَدَلِ شَيْئًا) فَيَصِيرَ الزَّائِدُ عَنْ الْبَاقِي (أَوْ يُبْرَأَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ أَيْ يُبْرَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، أَوْ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ

ص: 310