الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخِيَارَاتِ الثَّلَاثِ لِمَا بَيَّنَّا لَكِنْ لَوْ رَجَعَ الْمَالِكُ بِالنَّفَقَةِ يَرْجِعُ بِكُلِّهَا إذْ الْعَمَلُ عَلَى الْعَامِلِ مُسْتَحَقٌّ لِبَقَاءِ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَفِي التَّنْوِيرِ الْغَلَّةُ فِي الْمُزَارَعَةِ مُطْلَقًا أَيْ صَحِيحَةً أَوْ فَاسِدَةً أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُزَارِعِ فَلَا ضَمَانَ لَوْ هَلَكَتْ وَمِثْلُهُ الْمُعَامَلَةُ وَإِذَا قَصَّرَ الْمُزَارِعُ فِي سَقْيِ الزَّرْعِ حَتَّى هَلَكَ الزَّرْعُ لَمْ يَضْمَنْ فِي الْفَاسِدَةِ وَيَضْمَنُ فِي الصَّحِيحَةِ.
[كِتَاب الْمُسَاقَاة]
لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَدِّمَ الْمُسَاقَاةَ عَلَى الْمُزَارَعَةِ لِكَثْرَةِ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِهَا وَلَوْ وَرَدَتْ الْأَحَادِيثُ فِي مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام بِأَهْلِ خَيْبَرَ غَيْرَ أَنَّ اعْتِرَاضَ مُوجِبَيْنِ صَوَّبَ إيرَادَ الْمُزَارَعَةِ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ أَحَدُهُمَا شِدَّةُ الِاحْتِيَاجِ إلَى مَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَالثَّانِي كَثْرَةُ تَفْرِيعِ مَسَائِلِ الْمُزَارَعَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُسَاقَاةِ وَالْمُسَاقَاةِ مِنْ الْمُزَارَعَةِ كَمَا فِي النَّتْفِ وَإِنَّمَا آثَرَ عَلَى الْمُعَامَلَةِ الَّتِي هِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّهَا أَوْفَقُ بِحَسَبِ الِاشْتِقَاقِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيِّ وَالشَّرْعِيِّ فَالتَّفْرِقَةُ مِنْ الظَّنِّ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (هِيَ دَفْعُ الشَّجَرِ إلَى مَنْ يُصْلِحُهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ) أَيْ الشَّجَرِ (وَهِيَ) الْمُسَاقَاةُ (كَالْمُزَارَعَةِ حُكْمًا) حَيْثُ يُفْتِي عَلَى صِحَّتِهَا (وَخِلَافًا) حَيْثُ تَبْطُلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَتَصِحُّ عِنْدَهُمَا كَالْمُزَارَعَةِ وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ.
(وَشُرُوطًا) يُمْكِنُ اشْتِرَاطُهَا فِي الْمُسَاقَاةِ كَذِكْرِ نَصِيبِ الْعَامِلِ وَالشَّرِكَةِ فِي الثَّمَرِ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ الْعَامِلِ وَالشَّجَرِ وَأَمَّا بَيَانُ الْبَذْرِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُمْكِنُ فِي الْمُسَاقَاةِ (إلَّا لِمُدَّةٍ فَإِنَّهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةَ (تَصِحُّ بِلَا ذِكْرِهَا) أَيْ بِلَا بَيَانِ الْمُدَّةِ اسْتِحْسَانًا فَإِنَّ لِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ وَقْتًا مَعْلُومًا وَقَلَّ مَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا هُوَ الْمُتَيَقَّنُ بِهِ وَإِدْرَاكُ الْبَذْرِ فِي أُصُولِ الرَّطْبَةِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ إدْرَاكِ الثِّمَارِ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً مَعْلُومَةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ يَخْتَلِفُ كَثِيرًا خَرِيفًا وَصَيْفًا وَرَبِيعًا وَالِانْتِهَاءَ بِنَاءً عَلَيْهِ فَتَدْخُلُهُ الْجَهَالَةُ الْفَاحِشَةُ قَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَغَيْرُهُ وَشُرُوطًا إلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا إذَا امْتَنَعَ أَحَدُهُمَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِي الْمَعْنَى بِخِلَافِ الْمُزَارَعَةِ وَالثَّانِي إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ يَتْرُكُ بِلَا أَجْرٍ وَيَعْمَلُ بِلَا أَجْرٍ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِأَجْرٍ وَالثَّالِثُ إذَا اسْتَحَقَّ النَّخِيلَ يَرْجِعُ الْعَامِلُ بِأَجْرِ مِثْلِهِ وَفِي الْمُزَارَعَةِ بِقِيمَةِ الزَّرْعِ وَالرَّابِعُ مَا بُيِّنَ فِي الْمَتْنِ.
(وَتَقَعُ) مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ (عَلَى) مُدَّةِ (أَوَّلِ ثَمَرَةٍ تَخْرُجُ) فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَأَوَّلُ الْمُدَّةِ وَقْتُ الْعَمَلِ فِي الثَّمَرِ الْمَعْلُومِ وَآخِرُهَا وَقْتُ إدْرَاكِهِ الْمَعْلُومُ فَتَجُوزُ.
وَفِي الْمِنَحِ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ فَتَكُونُ لَهُ ثَمَرَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ فِيهَا انْتَقَضَتْ الْمُسَاقَاةُ.
(وَ) تَقَعُ (فِي الرَّطْبَةِ عَلَى إدْرَاكِ بَذْرِهَا) أَيْ دَفْعِ الرَّطْبَةِ لِإِدْرَاكِ الْبَذْرِ كَدَفْعِ الشَّجَرِ لِإِدْرَاكِ الثَّمَرِ
يَعْنِي إذَا دَفَعَهَا بَعْدَ مَا تَنَاهَى نَبَاتُهَا وَلَمْ يَخْرُجْ بَذْرُهَا فَيَقُومُ عَلَيْهَا لِيَخْرُجَ الْبَذْرُ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَلَوْ دَفَعَ نَخِيلًا أَوْ أُصُولَ رَطْبَةٍ لِيَقُومَ عَلَيْهَا) مَعْنَاهَا حَتَّى يَذْهَبَ أُصُولُهَا أَوْ يَنْقَطِعُ نَبَاتُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ مَتَى ذَلِكَ (أَوْ أَطْلَقَ فِي الرَّطْبَةِ) يَعْنِي لَمْ يَقُلْ حَتَّى يَذْهَبَ أُصُولُهَا (فَسَدَتْ) الْمُعَامَلَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَيَّ وَقْتٍ أَوْ جُزْءٍ مِنْهَا حَتَّى لَوْ عَرَفَ جَازَ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ فِي النَّخْلِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الثَّمَرَةِ الْأُولَى.
(وَيُفْسِدُهَا) أَيْ الْمُسَاقَاةَ (ذِكْرُ مُدَّةٍ لَا يَخْرُجُ الثَّمَرُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الشَّرِكَةُ فِي الْخَارِجِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ.
(وَإِنْ اُحْتُمِلَ خُرُوجُهَا) أَيْ خُرُوجُ الثَّمَرِ فِيهَا (وَعَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ خُرُوجِهَا فِيهَا (جَازَتْ) الْمُسَاقَاةُ لِاحْتِمَالِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ (فَإِنْ خَرَجَ) الثَّمَرُ (فِيهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (فَعَلَى الشَّرْطِ) الَّذِي شَرَطَاهُ لِتَحْقِيقِ الْمَرَامِ.
(وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْمُدَّةِ (فَسَدَتْ) الْمُسَاقَاةُ (وَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ) لِفَسَادِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ الْخَطَأَ فِي الْمُدَّةِ الْمُسَمَّاةِ فَصَارَ كَمَا إذَا عَلِمَ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْمِنَحِ كَلَامٌ فَإِنْ شِئْت فَارْجِعْ إلَيْهِ (وَكَذَا) أَيْ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلٍ (كُلُّ مَوْضِعٍ فَسَدَتْ) الْمُسَاقَاةُ (فِيهِ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ) مِنْ الثَّمَرِ (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ أَنْ لَا يَخْرُجَ أَبَدًا لِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَمْ يَتَبَيَّنُ الْخَطَأُ فِي الْمُدَّةِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ هَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَا لَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ.
(وَتَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَالشَّجَرِ وَالرِّطَابِ) يَعْنِي الْبُقُولَ كَالْكُرَّاثِ وَالْإِسْفَانَاخِ وَنَحْوِهِمَا (وَأُصُولِ الْبَاذِنْجَانِ) عِنْدَنَا لِحَاجَةِ النَّاسِ فِي كُلِّهَا لَا فِي بَعْضِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّجَرَ هُنَا مَعَ انْفِهَامِهِ مِمَّا سَبَقَ وَذَكَرَ النَّخْلَ مَعَ دُخُولِهِ فِي الشَّجَرِ رَدًّا لِلشَّافِعِيِّ إذْ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ فِي الشَّجَرِ وَيَجُوزُ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ لِوُقُوعِ الْأَثَرِ فِيهِمَا لَا فِي غَيْرِهِمَا (فَإِنْ كَانَ فِي الشَّجَرِ ثَمَرٌ إنْ كَانَ) الثَّمَرُ (يَزِيدُ بِالْعَمَلِ صَحَّتْ) الْمُسَاقَاةُ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَزِدْ بِالْعَمَلِ بِأَنْ انْتَهَى الثَّمَرُ (فَلَا) تَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ إلَّا بِالْعَمَلِ وَلَا أَثَرَ لِلْعَمَلِ بَعْدَ التَّنَاهِي؛ لِأَنَّ جَوَازَهُ قَبْلَ التَّنَاهِي لِلْحَاجَةِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَلَا حَاجَةَ إلَى مِثْلِهِ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ.
(وَكَذَا فِي الْمُزَارَعَةِ لَوْ دَفَعَ أَرْضًا فِيهَا بَقْلٌ) فَإِنَّهَا تَجُوزُ وَإِنْ اسْتَحْصَدَ وَأَدْرَكَ لَمْ تَجُزْ لِمَا قَرَّرْنَاهُ قُبَيْلَهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَتَى عُقِدَتْ عَلَى مَا هُوَ فِي حَدِّ النُّمُوِّ وَالزِّيَادَةِ صَحَّتْ وَإِذَا عُقِدَتْ عَلَى مَا تَنَاهَى عِظَمُهُ وَصَارَ بِحَالٍ لَا يَزِيدُ فِي نَفْسِهِ بِسَبَبِ عَمَلِ الْعَامِلِ لَا تَصِحُّ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ خُرُوجُ الْأَشْجَارِ عَنْ حَدِّ الزِّيَادَةِ إذَا بَلَغَتْ وَأَثْمَرَتْ كَمَا فِي الْمِنَحِ (وَمَا قَبْلَ الْإِدْرَاكِ كَالسَّقْيِ وَالتَّلْقِيحِ وَالْحِفْظِ فَعَلَى الْعَامِلِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ عَمَلِهِ (وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ (كَالْجِذَاذِ) أَيْ الْقَطْعِ (وَالْحِفْظِ) بَعْدَ الْجِذَاذِ (فَعَلَيْهِمَا) ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ صَارَ مِلْكًا مُشْتَرَكًا فِيهِ فَيَشْتَرِكَانِ فِي نَحْوِ هَذَا الْعَمَلِ بِقَدْرِ الْحِصَصِ
(وَلَوْ شَرَطَ) أَيْ مَا يُعْمَلُ بَعْدَهُ (عَلَى الْعَامِلِ فَسَدَتْ)