الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ الدِّيَاتِ]
وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ فِي ذِكْرِ الدِّيَاتِ بَعْدَ الْجِنَايَاتِ كَوْنُ الدِّيَةِ إحْدَى مُوجِبَيْ الْجِنَايَةِ الْمَشْرُوعَيْنِ لِلصِّيَانَةِ وَلَمَّا كَانَ الْقِصَاصُ أَشَدَّ صِيَانَةً قُدِّمَ مُوجِبُهُ وَالدِّيَاتُ جَمْعُ دِيَةٍ وَهُوَ مَصْدَرٌ وَدَى الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ إذَا أَعْطَى وَلِيَّهُ الْمَالَ الَّذِي هُوَ بَدَلُ النَّفْسِ قَالَ الْمَوْلَى الْمَعْرُوفُ بِأَخِي جَلْبِي: ثُمَّ قِيلَ لِذَلِكَ الْمَالِ دِيَةٌ تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ وَوَاوُهَا مَحْذُوفَةٌ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ (الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ مِنْ الْإِبِلِ مِائَةٌ أَرْبَاعًا) يَعْنِي أَنَّ الدِّيَةَ الْمُغَلَّظَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ تَكُونُ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ بَيْنَهَا بِقَوْلِهِ (بَنَاتُ مَخَاضٍ وَبَنَاتُ لَبُونٍ وَحِقَاقٌ وَجِذَاعٌ) قَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُ الْكُلِّ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ (مِنْ كُلٍّ) أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا (خَمْسٌ وَعِشْرُونَ) فَيَكُونُ جُمْلَتُهَا مِائَةً هَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ) وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ (ثَلَاثُونَ حِقَّةٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ ثَنِيَّةً) قَدْ سَبَقَ تَفْسِيرُهَا فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ أَيْضًا (كُلُّهَا) أَيْ كُلُّ الثَّنِيَّاتِ (خَلِفَاتٌ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَالْفَاءِ جَمْعُ خِلْفَةٍ وَهِيَ الْحَامِلُ مِنْ النُّوقِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ (فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ تَغْلِيظَ الدِّيَةِ مَرْوِيٌّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّغْلِيظِ فَعِنْدَ الشَّيْخَيْنِ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ مَا ذُكِرَ ثَانِيًا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إلَّا أَنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» وَلِأَنَّ دِيَةَ شِبْهِ الْعَمْدِ أَغْلَظُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَأِ الْمَحْضِ وَدَلِيلُ الشَّيْخَيْنِ قَوْلُهُ عليه السلام «فِي نَفْسِ الْمُؤْمِنِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ الثَّابِتَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ هَذَا وَمَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ غَيْرُ ثَابِتٍ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - فِي صِفَةِ التَّغْلِيظِ فَإِنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَالْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَا وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: تَجِبُ أَثْلَاثًا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ خَلِفَةً وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مِثْلَ مَا قُلْنَا وَلَا مَدْخَلَ لِلرَّأْيِ فِي الْمَقَادِيرِ فَكَانَ كَالْمَرْفُوعِ وَصَارَ مُعَارِضًا بِمَا رَوَيَاهُ وَإِذَا تَعَارَضَا كَانَ الْأَخْذُ بِالْأَدْنَى وَهُوَ الْمُتَيَقَّنُ أَوْلَى.
وَفِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ احْتَجَّا بِحَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِي الدِّيَةِ بِمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ أَرْبَاعًا» وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَطَأَ لِأَنَّهَا فِي الْخَطَأِ تَجِبُ أَخْمَاسًا فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ شِبْهُ الْعَمْدِ عَلَى أَنَّهُ قَالَ عليه الصلاة والسلام «فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» وَالْمُرَادُ أَدْنَى مَا يَكُونُ مِنْهُ
فَكَانَ مَا قُلْنَاهُ أَوْلَى وَلِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَجِبُ عِوَضًا وَالْحَامِلُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَسْتَحِقَّ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ صِفَةَ الْحَمْلِ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْجَنِينَ مِنْ وَجْهٍ كَالْمُنْفَصِلِ فَيَكُونُ هَذَا فِي مَعْنَى إيجَابِ الزَّائِدِ عَلَى الْمِائَةِ عَدَدًا وَبِالِاتِّفَاقِ لَيْسَ التَّغْلِيظُ مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ بَلْ مِنْ حَيْثُ السِّنُّ ثُمَّ إنَّ الدِّيَاتِ تُعْتَبَرُ بِالصَّدَقَاتِ وَالشَّرْعُ نَهَى عَنْ أَخْذِ الْحَوَامِلِ فِي الصَّدَقَاتِ لِأَنَّهَا كَرَائِمُ أَمْوَالِ النَّاسِ فَكَذَلِكَ فِي الدِّيَاتِ (وَلَا تَغْلِيظَ فِي غَيْرِ الْإِبِلِ) يَعْنِي لَا يُزَادُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عَلَى عَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفِ دِينَارٍ (وَهِيَ) أَيْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ (فِي شِبْهِ الْعَمْدِ) لِمَا رُوِيَ مِنْ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «إلَّا أَنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا وَالْحَجَرِ فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ» .
(وَ) الدِّيَةُ (الْمُخَفَّفَةُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ أَلْفُ دِينَارٍ (وَهِيَ) أَيْ الدِّيَةُ الْمُخَفَّفَةُ (فِي الْخَطَأِ وَمَا بَعْدَهُ) مِمَّا أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَأِ وَالْقَتْلِ بِتَسَبُّبٍ (مِنْ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ) قِيمَةُ كُلِّ دِينَارٍ عَشْرَةُ دَرَاهِمَ فَقَوْلُهُ مِنْ الذَّهَبِ حَالٌ مِنْ أَلْفٍ قُدِّمَتْ عَلَى صَاحِبِهَا (وَمِنْ الْوَرِقِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْفِضَّةُ (عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ) وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ «رَجُلًا قُتِلَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قَضَى بِالدِّيَةِ فِي قَتِيلٍ بِعَشْرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ» وَمَا قُلْنَاهُ أَوْلَى لِلتَّيَقُّنِ بِهِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ وَيُحْمَلُ مَا رَوَاهُ عَلَى وَزْنِ خَمْسَةٍ وَمَا رَوَيْنَاهُ عَلَى وَزْنِ سِتَّةٍ وَهَكَذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ مِنْ زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إلَى زَمَانِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَلَى مَا حَكَاهُ الْخَبَّازِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ: كَانَتْ الدَّرَاهِمُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ثَلَاثَةً الْوَاحِدُ مِنْهَا وَزْنُ عَشْرَةٍ أَيْ الْعَشَرَةُ مِنْهَا وَزْنُ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ الْوَاحِدَةُ قَدْرَ دِينَارٍ وَالثَّانِي وَزْنُ سِتَّةٍ أَيْ الْعَشَرَةُ مِنْهَا وَزْنُ سِتَّةِ دَنَانِيرَ وَالثَّالِثُ وَزْنُ خَمْسَةِ أَيْ الْعَشَرَةُ مِنْهَا وَزْنُ خَمْسَةِ دَنَانِيرَ فَجَمَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَخَلَطَهُ فَجَعَلَهُ ثُلُثَ دِرْهَمٍ فَصَارَ ثُلُثَ الْمَجْمُوعِ وَتَمَامُهُ فِي التَّبْيِينِ فَلْيُرَاجَعْ (وَمِنْ الْإِبِلِ مِائَةٌ) قِيمَةُ كُلِّ إبِلٍ مِائَةُ دِرْهَمٍ حَالَ كَوْنِهَا (أَخْمَاسًا مِنْ ابْنِ مَخَاضٍ) ذَكَرٍ (وَبِنْتِ مَخَاضٍ وَبِنْتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٍ وَجَذَعَةٍ مِنْ كُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهَا (عِشْرُونَ) لِمَا رَوَى ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي دِيَةِ الْخَطَأِ عِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ أَخْذًا بِمَذْهَبِنَا غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ عِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ مَكَانَ ابْنِ مَخَاضٍ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ (وَلَا دِيَةَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ) أَيْ مِنْ النَّقْدَيْنِ وَالْإِبِلِ عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ مَالِيَّةَ
الْغَيْرِ مَجْهُولَةٌ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيرُ وَأَمَّا التَّقْدِيرُ فَمَعْرُوفٌ بِالْآثَارِ الْمَشْهُورَةِ (وَقَالَا مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ (وَمِنْ الْبَقَرِ أَيْضًا مِائَتَا بَقَرَةٍ) قِيمَةُ كُلِّ بَقَرَةٍ خَمْسُونَ (وَمِنْ الْغَنَمِ أَلْفَا شَاةٍ) كُلُّ شَاةٍ خَمْسٌ (وَمِنْ الْحُلَلِ مِائَتَا حُلَّةٍ كُلُّ حُلَّةٍ ثَوْبَانِ) أَيْ إزَارٌ وَرِدَاءٌ قِيمَةُ كُلِّ حُلَّةٍ خَمْسُونَ لِأَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَكَذَا جَعَلَ عَلَى أَهْلِ كُلِّ مَالٍ مِنْهَا.
(وَكَفَّارَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ) وَمَا أُجْرِيَ مَجْرَى الْخَطَأِ (عِتْقُ) أَيْ إعْتَاقُ (رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْإِعْتَاقِ (فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: 92] وَشِبْهُ الْعَمْدِ خَطَأٌ فِي حَقِّ الْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فِي حَقِّ الضَّرْبِ فَتَتَنَاوَلُهُمَا الْآيَةُ (وَلَا إطْعَامَ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ لِعَدَمِ وُرُودِ النَّصِّ بِهِ وَالْمَقَادِيرُ لَا تَجِبُ إلَّا سَمَاعًا (وَصَحَّ إعْتَاقُ رَضِيعٍ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ) لِلْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُؤْمِنًا بِالتَّبَعِيَّةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا» وَلَا يُقَالُ كَيْفَ اكْتَفَى هُنَا بِالظَّاهِرِ فِي سَلَامَةِ أَطْرَافِهِ حَتَّى أَجَازَ التَّكْفِيرَ بِهِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ فِي حَقِّ وُجُوبِ الضَّمَانِ بِإِتْلَافِ أَطْرَافِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: الْحَاجَةُ فِي التَّكْفِيرِ إلَى دَفْع الْوَاجِبِ وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ حُجَّةً لِلدَّفْعِ وَالْحَاجَةِ فِي الْإِتْلَافِ إلَى إلْزَامِ الضَّمَانِ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً فِيهِ وَلِأَنَّهُ يُظْهِرُ حَالَ الْأَطْرَافِ فِيمَا بَعْدَ التَّكْفِيرِ إذَا عَاشَ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْإِتْلَافِ فَافْتَرَقَا (لَا) إعْتَاقُ (الْجَنِينِ) لِأَنَّهُ لَمْ تُعْرَفْ حَيَاتُهُ وَلَا سَلَامَتُهُ بَعْدُ.
(وَ) الدِّيَةُ (لِلْمَرْأَةِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا نِصْفُ مَا لِلرَّجُلِ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْتَصِفُ الثُّلُثُ وَمَا دُونَهُ يَعْنِي إذَا كَانَ الْأَرْشُ بِقَدْرِ ثُلُثِ الدِّيَةِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ فَالْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِيهِ سَوَاءٌ وَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَحَالُهَا فِيهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ حَالِ الرَّجُلِ (وَ) يَجِبُ (لِلذِّمِّيِّ مِثْلُ مَا لِلْمُسْلِمِ) فِي النَّفْسِ وَالْأَطْرَافِ عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «دِيَةُ كُلِّ ذِي عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ أَلْفُ دِينَارٍ وَلِتَسَاوِيهِمَا فِي الْحَيَاةِ وَالْعِصْمَةِ» وَكَذَا حُكْمُ الْمُسْتَأْمَنِ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَعَلَ دِيَتَهُ كَالذِّمِّيِّ» وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ دِيَةُ الْكِتَابِيِّ دِيَةُ ثُلُثِ الْمُسْلِمِ وَهِيَ أَرْبَعُ آلَافِ دِرْهَمٍ إذْ دِيَةُ