المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب ما يحدث في الطريق] - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[باب ما يحدث في الطريق]

[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْكَامِ الْقَتْلِ مُبَاشَرَةً عَقَّبَهُ بِذِكْرِ أَحْكَامِهِ تَسَبُّبًا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ لِأَنَّهُ قَتْلٌ بِلَا وَاسِطَةٍ وَلِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ (مَنْ أَحْدَثَ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ كَنِيفًا أَوْ مِيزَابًا أَوْ جُرْصُنًا) الْجُرْصُنُ قِيلَ: هُوَ الْبُرْجُ وَقِيلَ: جِذْعٌ يُخْرِجُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ الْحَائِطِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ وَقِيلَ هُوَ مَجْرَى مَاءٍ يُرَكَّبُ فِي الْحَائِطِ وَهُوَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ (أَوْ دُكَّانًا وَسِعَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِهِمْ) أَيْ بِالْعَامَّةِ لِأَنَّ الطَّرِيقَ مُعَدٌّ لِلتَّطَرُّقِ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ مَا لَمْ تَتَضَرَّرْ الْعَامَّةُ بِهِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فِي الْإِسْلَامِ فَمَا تَحَقَّقَ فِيهِ الضَّرَرُ يَأْثَمُ بِأَحْدَاثِهِ (وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ) أَيْ الْعَامَّةِ (نَزْعُهُ) وَمُطَالَبَتُهُ بِالنَّقْضِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَهُ حَقٌّ فِيهِ بِالْمُرُورِ بِنَفْسِهِ وَبِدَوَابِّهِ فَكَانَ لَهُ حَقُّ النَّقْضِ كَمَا فِي الْمِلْكِ الْمُشْتَرَكِ فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَقَّ النَّقْضِ لَوْ أَحْدَثَ غَيْرُهُمْ فِيهِ شَيْئًا هَذَا إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ وَأَمَّا إذَا بَنَى لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يُنْقَضُ كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَتَفْصِيلُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ أَنَّهُ هَلْ لَهُ إحْدَاثُهُ فِي الطَّرِيقِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ لِأَحَدٍ الْخُصُومَةُ فِي مَنْعِهِ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهِ وَرَفْعِهِ بَعْدَهُ؟ وَهَلْ يَضْمَنُ فِيمَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْإِحْدَاثِ؟ أَمَّا الْإِحْدَاثُ فَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ: إنْ كَانَ الْإِحْدَاثُ يَضُرُّ بِأَهْلِ الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّ بِأَحَدٍ لِسَعَةِ الطَّرِيقِ جَازَ إحْدَاثُهُ فِيهِ وَعَلَى هَذَا الْقُعُودُ فِي الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ يَجُوزُ إنْ لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ وَإِنْ أَضَرَّ لَمْ يَجُزْ وَأَمَّا الْخُصُومَةُ فِيهِ فَقَالَ الْإِمَامُ: لِكُلِّ أَحَدٍ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْوَضْعِ وَأَنْ يُكَلِّفَهُ الرَّفْعَ أَضَرَّ أَوْ لَمْ يُضِرَّ إنْ كَانَ الْوَضْعُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ فِي أُمُورِ الْعَامَّةِ مُفَوِّضٌ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْوَضْعِ قَبْلَ الْوَضْعِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الرَّفْعَ بَعْدَ الْوَضْعِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَلَا بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بِالنَّاسِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي إحْدَاثِهِ شَرْعًا وَأَمَّا الضَّمَانُ بِالْإِتْلَافِ فَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ مَشْرُوحًا (وَفِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ لَا يَسَعُهُ بِلَا إذْنِ الشُّرَكَاءِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ) لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُمْ وَلِهَذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لَهُمْ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ أَضَرَّ بِهِمْ أَوْ لَمْ يَضُرَّ إلَّا بِإِذْنِهِمْ بِخِلَافِ الْعَامِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ مِلْكٌ فَيَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَا لَمْ يَضُرَّ بِأَحَدٍ (وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ مَنْ مَاتَ بِسُقُوطِهَا فِيهِمَا) كَمَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ خَاصٍّ أَوْ عَامٍّ أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِيهِ فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ فَتَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ

ص: 651

دِيَتُهُ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ لِهَلَاكِهِ مُتَعَدٍّ فِي إحْدَاثِهِ (وَكَذَا لَوْ عَثَرَ بِنَقْضِهِ إنْسَانٌ) فَيَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِمَا ذَكَرَ مِنْ التَّسَبُّبِ.

(وَإِنْ وَقَعَ الْعَاثِرُ عَلَى آخَرَ فَمَاتَا فَالضَّمَانُ عَلَى مَنْ أَحْدَثَهُ) يَعْنِي إذَا مَاتَ الْعَاثِرُ وَالْآخَرُ الَّذِي مَاتَ بِوُقُوعِهِ عَلَيْهِمَا فَضَمَانُ دِيَتِهِمَا عَلَى الْمُحْدِثِ فِي الطَّرِيقِ مَا بِهِ الْإِتْلَافُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّافِعِ فَكَأَنَّهُ دَفَعَهُ بِيَدِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي عَثَرَ لِأَنَّهُ مَدْفُوعٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَكَانَ كَالْآلَةِ.

(وَإِنْ أَصَابَهُ طَرَفُ الْمِيزَابِ الَّذِي فِي الْحَائِطِ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ) أَصَابَهُ (الطَّرَفُ الْخَارِجُ ضَمِنَ) يَعْنِي إذَا سَقَطَ عَلَيْهِ طَرَفُ الْمِيزَابِ فَقَتَلَهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الطَّرَفُ مُتَمَكِّنًا فِي الْحَائِطِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْمِيزَابِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ لِمَا أَنَّهُ وَضَعَهُ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَصَابَهُ هُوَ الطَّرَفُ الْخَارِجُ مِنْ الْحَائِطِ ضَمِنَ الَّذِي وَضَعَهُ لِكَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا فِيهِ وَلَا ضَرُورَةَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرَكِّبَهُ فِي الْحَائِطِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَا يُحْرَمُ مِنْ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَاتِلٍ حَقِيقَةً وَلَوْ أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا وَعَلِمَ ذَلِكَ وَجَبَ النِّصْفُ وَهَدَرَ النِّصْفُ كَمَا إذَا جَرَحَهُ سَبُعٌ وَإِنْسَانٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ النِّصْفَ اعْتِبَارًا لِلْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ يَضْمَنُ فِي حَالٍ وَلَا يَضْمَنُ فِي حَالٍ فَيَتَوَزَّعُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَحْوَالِ لِأَنَّ فِيهِ النَّظَرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

(كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ) قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ مُتَعَلِّقٌ بِحَفَرَ وَوُضِعَ عَلَى التَّنَازُعِ وَقَوْلُهُ: فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ أَيْ يَضْمَنُ الدِّيَةَ عَاقِلَتُهُ يَعْنِي كَمَا أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا أَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي طَرِيقٍ فَتَلِفَ بِهِ إنْسَانٌ تَكُونُ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحَافِرِ أَوْ الْوَاضِعِ فَكَذَا تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ تَسَبَّبَ لِتَلَفِ إنْسَانٍ بِسُقُوطِ مَا أَحْدَثَ مِنْ الْكَنِيفِ وَالْمِيزَابِ وَالْجُرْصُنِ وَالدُّكَّانِ.

(وَإِنْ تَلِفَ بِهِ بَهِيمَةٌ فَضَمَانُهَا فِي مَالِهِ) أَيْ إذَا تَلِفَ بِالْحَفْرِ أَوْ الْوَضْعِ أَوْ السُّقُوطِ بَهِيمَةٌ فَضَمَانُ تِلْكَ الْبَهِيمَةِ فِي مَالِ الْمُتَسَبِّبِ بِمَا ذُكِرَ أَمَّا الضَّمَانُ فَلِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ فَيَضْمَنُ وَأَمَّا عَدَمُ تَضْمِينِ الْعَاقِلَةِ فَلِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَتَحَمَّلُ ضَمَانَ الْمَالِ وَإِنَّمَا تَتَحَمَّلُ ضَمَانَ النَّفْسِ.

(وَإِلْقَاءُ التُّرَابِ وَاِتِّخَاذُ الطِّينِ) فِي الطَّرِيقِ (كَوَضْعِ الْحَجَرِ) فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ تَسَبُّبٌ بِنَوْعٍ مِنْ التَّعَدِّي (وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ الضَّمَانِ (إذَا فَعَلَهُ) أَيْ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ (بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِوُجُودِ التَّعَدِّي (فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ (فَلَا ضَمَانَ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ حَيْثُ فَعَلَ بِأَمْرِ مَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ فِي حُقُوقِ الْعَامَّةِ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ إمَّا بِالتَّصَرُّفِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْ بِالِافْتِيَاتِ عَلَى رَأْيِ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالِافْتِيَاتُ الِاسْتِبْدَادُ بِالرَّأْيِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَكَذَا لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ وَكَذَلِكَ إذَا حَفَرَ فِي فِنَاءِ دَارِهِ لِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ دَارِهِ وَالْفِنَاءُ فِي تَصَرُّفِهِ

ص: 652

وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الْفِنَاءُ مَمْلُوكًا لَهُ إذَا كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَفْرِ فِيهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (وَلَوْ مَاتَ الْوَاقِعُ فِي الْبِئْرِ جُوعًا أَوْ غَمًّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى حَافِرِهِ وَإِنْ) وَصْلِيَّةَ حَفْرٍ (بِلَا إذْنِ) الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مَاتَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْجُوعُ وَالْغَمُّ وَالضَّمَانُ إنَّمَا يَجِبُ إذَا مَاتَ مِنْ الْوُقُوعِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الضَّمَانُ) فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لِأَنَّ ذَلِكَ حَصَلَ بِسَبَبِ الْوُقُوعِ فِي الْبِئْرِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا مَاتَ جُوعًا وَلَا غَمًّا.

(وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) عَلَيْهِ الضَّمَانُ (فِي الْغَمِّ لَا فِي الْجُوعِ) لِأَنَّهُ لَا سَبَبَ لِلْغَمِّ سِوَى الْوُقُوعِ فِيهِ وَأَمَّا الْجُوعُ وَالْعَطَشُ فَلَا يَخْتَصَّانِ بِالْبِئْرِ.

(وَإِنْ وَضَعَ حَجَرًا فَنَحَّاهُ آخَرُ فَضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ عَلَى الثَّانِي) لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ قَدْ انْتَسَخَ فَكَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَحَّاهُ لِفَرَاغِ مَا شَغَلَهُ وَإِنَّمَا اشْتَغَلَ بِفِعْلِ الثَّانِي مَوْضِعَ آخَرَ.

(وَلَوْ)(أَشْرَعَ) أَيْ أَخْرَجَ (جَنَاحًا) إلَى الطَّرِيقِ قَالَ صَاحِبُ الْقَامُوسِ الْجُنَاحُ الرَّوْشَنُ ثُمَّ قَالَ الرَّوْشَنُ الْكُوَّةُ.

وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ الرَّوْشَنُ الْمَمَرُّ عَلَى الْعُلُوِّ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْكِفَايَةِ: الرَّوْشَنُ هُوَ الْخَشَبَةُ الْمَوْضُوعَةُ عَلَى جِدَارِ السَّطْحَيْنِ تَتَمَكَّنُ مِنْ الْمُرُورِ.

وَقَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ: أَشْرَاعُ الْجَنَاحِ إخْرَاجُ الْجُذُوعِ إلَى الطَّرِيقِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ إنْ يُرَادَ هُنَا (فِي دَارٍ ثُمَّ بَاعَهَا) أَيْ الدَّارَ (فَضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهِ) أَيْ بِالْجَنَاحِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ فِعْلَهُ وَهُوَ الْإِشْرَاعُ لَمْ يَنْفَسِخْ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ.

(وَكَذَا لَوْ وَضَعَ خَشَبَةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَهَا) أَيْ الْخَشَبَةَ (وَبَرِئَ) الْبَائِعُ (الْمُشْتَرِي) مُتَعَلِّقٌ بِبَرِئَ عَلَى تَضْمِينِ مَعْنَى الِانْتِهَاءِ كَمَا فِي أَحْمَدُ اللَّهَ تَعَالَى إلَيْك (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْخَشَبَةِ (فَتَرَكَهَا) أَيْ الْخَشَبَةَ (الْمُشْتَرِي فَضَمَانُ مَا تَلِفَ بِهَا) أَيْ بِالْخَشَبَةِ (عَلَى الْبَائِعِ) أَيْضًا لِأَنَّ فِعْلَهُ وَهُوَ الْوَضْعُ لَمْ يَنْفَسِخْ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَهُوَ أَعْنِي الْوَضْعَ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ.

(وَلَوْ وَضَعَ فِي طَرِيقٍ جَمْرًا فَأَحْرَقَ) ذَلِكَ الْجَمْرُ (شَيْئًا ضَمِنَهُ) أَيْ يَضْمَنُ الْوَاضِعُ مَا أَحْرَقَهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي ذَلِكَ الْوَضْعِ.

(وَلَوْ أَحْرَقَ بَعْدَمَا حَرَّكَتْهُ) أَيْ الْجَمْرَ (الرِّيحُ إلَى مَوْضِعٍ) آخَرَ (لَا يَضْمَنُ) لِنَسْخِ الرِّيحِ فِعْلَهُ (إنْ كَانَتْ) أَيْ الرِّيحُ (سَاكِنَةً عِنْدَ وَضْعِهِ) أَيْ الْجَمْرِ.

وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ حَرَّكَتْ الرِّيحُ عَيْنَ الْجَمْرِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الرِّيحَ إذَا هَبَّتْ بِشَرَرِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الرِّيحَ إذَا هَبَّتْ بِشَرَرِهَا وَلَمْ تَذْهَبْ بِعَيْنِهَا فَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ فِي مَكَانِهَا فَكَانَتْ الْجِنَايَةُ بَاقِيَةً فَيَكُونُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ مُفَصَّلًا وَقِيلَ: إذَا كَانَ الْيَوْمُ رِيحًا يَضْمَنُهُ هَذَا اخْتِيَارُ السَّرَخْسِيِّ وَكَانَ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَقُولُ بِالضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.

(وَيَضْمَنُ مَنْ حَمَلَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ) أَيْ الْمَحْمُولِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَامِلِ يَعْنِي مَنْ حَمَلَ شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ الْمَحْمُولُ عَلَى إنْسَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فَتَلِفَ ضَمِنَ الْحَامِلُ لِأَنَّ حَمْلَ الْمَتَاعِ فِي الطَّرِيقِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ مُبَاحٌ لَهُ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ بِمَنْزِلَةِ الرَّمْيِ إلَى الْهَدَفِ أَوْ الصَّيْدِ.

ص: 653

(وَكَذَا) يَضْمَنُ (مَنْ أَدْخَلَ حَصِيرًا أَوْ قِنْدِيلًا أَوْ حَصَاةً إلَى مَسْجِدِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ حَيِّهِ (بِلَا إذْنٍ فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ) هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ تَدْبِيرَ أُمُورِ الْمَسْجِدِ مُسَلَّمٌ إلَى أَهْلٍ دُونَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ فِعْلُ الْغَيْرِ تَعَدِّيًا أَوْ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فَقَصْدُ الْقُرْبَةِ وَالْخَيْرِ لَا يُنَافِي الْغُرْمَ إذَا أَخْطَأَ الطَّرِيقَ (خِلَافًا لَهُمَا) لِأَنَّ عِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْقُرْبَةَ لَا تَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ.

(وَلَوْ أَدْخَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَى مَسْجِدِ حَيِّهِ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا) لِأَنَّ هَذِهِ مِنْ الْقُرَبِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مَأْذُونٌ فِي إقَامَةِ ذَلِكَ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ فَكَانَ فِعْلُهُمْ مُبَاحًا مُطْلَقًا.

(وَكَذَا) لَا يَضْمَنُ (لَوْ تَلِفَ شَيْءٌ بِسُقُوطِ رِدَاءٍ هُوَ لَابِسُهُ) إذَا اللَّابِسُ لَا يَقْصِدُ حِفْظَ مَا يَلْبَسُهُ فَيَقَعُ الْحَرَجُ بِالتَّقْيِيدِ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا لَبِسَ مَا لَا يُلْبَسُ عَادَةً كَدُرُوعِ الْحَرْبِ وَالْجَوَالِقِ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَتَلِفَ يَضْمَنُ لِأَنَّ هَذَا اللُّبْسَ بِمَنْزِلَةِ الْحِمْلِ وَفِي الْحِمْلِ يَضْمَنُ.

(وَمَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ مُصَلٍّ فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ ضَمِنَهُ) عِنْدَ الْإِمَامِ (خِلَافًا لَهُمَا) فَإِنَّهُمَا قَالَا: لَا يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ جُلُوسِهِ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ أَوْ لِلتَّعْلِيمِ أَوْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ أَوْ نَامَ فِيهِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ وَبَيْنَ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ) لِحَاجَةٍ مِنْ الْحَوَائِجِ (أَوْ يَقْعُدَ لِلْحَدِيثِ) وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا قَالَاهُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ إنَّمَا بُنِيَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَدَاءُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ إلَّا بِانْتِظَارِهَا فَكَانَ الْجُلُوسُ مُبَاحًا لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ مُلْحَقًا بِهَا لِأَنَّ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً لِلشَّيْءِ يَكُونُ حُكْمُهُ كَحُكْمِهِ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِلصَّلَاةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ مُلْحَقَةٌ بِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ إظْهَارِ التَّفَاوُتِ فَجَعَلْنَا الْجُلُوسَ لِلْأَصْلِ مُبَاحًا مُطْلَقًا وَالْجُلُوسُ لِمَا يَلْحَقُ بِهِ مُبَاحًا مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَلَا ضَرَرَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُبَاحًا أَوْ مَنْدُوبًا إلَيْهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَالرَّمْيِ إلَى الْكَافِرِ وَإِلَى الصَّيْدِ وَالْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَشْيِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا وَطِئَ غَيْرَهُ وَالنَّوْمِ فِيهِ إذَا انْقَلَبَ عَلَى غَيْرِهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَنَّ الْجَالِسَ لِلِانْتِظَارِ لَا يَضْمَنُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي عَمَلٍ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدَرْسِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ (وَلَا) فَرْقَ أَيْضًا (بَيْنَ مَسْجِدِ حَيِّهِ وَغَيْرِهِ) فِي الصَّحِيحِ (أَمَّا الْمُعْتَكِفُ فَقِيلَ: عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ) وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ

ص: 654

سَمِعْت أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: إنْ جَلَسَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ مُعْتَكِفًا لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي الْمِنَحِ (وَفِي الْجَالِسِ مُصَلِّيًا لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَإِنْ كَانَ) الْجَالِسُ (مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ) لِأَنَّ الْمَسْجِدَ بُنِيَ لِلصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِذَلِكَ.

(وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ عَمَلَةً) جَمْعُ عَامِلٍ (لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ أَوْ الظُّلَّةِ) مِنْ الدَّارِ (فَتَلِفَ بِهِ) أَيْ بِالْإِخْرَاجِ شَيْءٌ (فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ إنْ) كَانَ التَّلَفُ (قَبْلَ فَرَاغِ عَمَلِهِمْ) لِأَنَّ التَّلَفَ بِفِعْلِهِمْ وَمَا لَمْ يَفْرُغُوا لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ مُسَلَّمًا إلَى رَبِّ الدَّارِ وَهَذَا لِأَنَّهُ انْقَلَبَ فِعْلُهُمْ قَتْلًا حَتَّى وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ وَالْقَتْلُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عَقْدِهِ فَلَمْ يَتَسَلَّمْ فِعْلُهُمْ إلَيْهِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِمْ (وَإِنْ) كَانَ التَّلَفُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ عَمَلِهِ (فَعَلَيْهِ) أَيْ الضَّمَانُ يَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ صَحَّ الِاسْتِئْجَارُ حَتَّى لَوْ اسْتَحَقُّوا الْأَجْرَ وَوَقَعَ فِعْلُهُمْ عِمَارَةً وَإِصْلَاحًا فَانْتَقَلَ فِعْلُهُمْ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ فَعَلَ بِنَفْسِهِ فَلِهَذَا يَضْمَنُهُ.

(وَيَضْمَنُ مَنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ مَا عَطِبَ بِهِ) لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِيهِ بِإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمَارَّةِ.

(وَكَذَا إذَا رَشَّهُ) أَيْ رَشَّ الْمَاءَ (بِحَيْثُ يُزْلَقُ فِيهِ) مَنْ مَشَى عَلَيْهِ (أَوْ تَوَضَّأَ بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ فِي الطَّرِيقِ (وَاسْتَوْعَبَ) الْمَاءُ (الطَّرِيقَ) فَعَطِبَ بِهِ أَحَدٌ لِمَا سَبَقَ أَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ بِإِلْحَاقِ الضَّرَرِ بِالْمَارَّةِ.

(وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ الصَّبِّ وَالرَّشِّ وَالْوُضُوءِ (فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَهُوَ) أَيْ الْفَاعِلُ (مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ مِنْ أَهْلِ تِلْكَ السِّكَّةِ (أَوْ قَعَدَ فِيهَا) أَيْ فِي تِلْكَ السِّكَّةِ (أَوْ وَضَعَ مَتَاعَهُ) فِيهَا (لَا يَضْمَنُ) لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فِيهَا لِكَوْنِهِ مِنْ ضَرُورَاتِ السُّكْنَى كَمَا فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَفْعَلَ فِيهَا مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَةِ السُّكْنَى.

(وَكَذَا) لَا يَضْمَنُ (إنْ رَشَّ مَا لَا يُزْلَقُ بِهِ عَادَةً أَوْ) تَوَضَّأَ بِهِ وَاسْتَوْعَبَ الْمَاءَ (بَعْضُ الطَّرِيقِ) لَا كُلُّهُ (فَتَعَمَّدَ الْمَارُّ الْمُرُورَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى بَعْضِ الطَّرِيقِ الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ مَعَ إمْكَانِ أَنْ لَا يَمُرَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَاطَرَ بِنَفْسِهِ فَصَارَ كَمَنْ وَثَبَ عَلَى الْبِئْرِ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ فَوَقَعَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَوَقَعَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِأَنْ كَانَ الْمُرُورُ لَيْلًا أَوْ كَانَ الْمَارُّ أَعْمَى فَإِنَّهُ يَضْمَنُ.

(وَوَضْعُ الْخَشَبَةِ) فِي الطَّرِيقِ (كَالرَّشِّ فِي اسْتِيعَابِ الطَّرِيقِ وَعَدَمِهِ) يَعْنِي إذَا اسْتَوْعَبَتْ الْخَشَبَةُ الطَّرِيقَ يَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ تَسْتَوْعِبْهُ لَا يَضْمَنُ.

وَفِي الْمِنَحِ وَلَوْ حَفَرَ فِي مَفَازَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الطَّرِيقِ فِي غَيْرِ الْأَمْصَارِ أَوْ ضَرَبَ فُسْطَاطًا أَوْ نَصَبَ تَنُّورًا أَوْ رَبَطَ دَابَّةً لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْفُقَهَاءِ وَفِيهِ حَفَرَ بِئْرًا فِي طَرِيقِ مَكَّةَ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْفَيَافِي لَمْ يَضْمَنْ بِخِلَافِ الْأَمْصَارِ دُونَ الْفَيَافِي وَالصَّحَارِي لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي الْأَمْصَارِ دُونَ الصَّحَارِي.

(وَإِنْ رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ

ص: 655

فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ اسْتِحْسَانًا كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْأَجِيرُ (لِيَبْنِيَ لَهُ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ فَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ) فَإِنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ دُونَ الْأَجِيرِ (وَلَوْ كَانَ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ) لِفَسَادِ الْأَمْرِ.

(وَلَوْ كَنَسَ الطَّرِيقَ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِمَوْضِعِ كَنْسِهِ) وَفِي الْكَافِي وَإِنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَبْنِيَ لَهُ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ فَتَعَلَّقَ بِهِ إنْسَانٌ بَعْدَ فَرَاغِهِ فَمَاتَ يَضْمَنُ الْآمِرُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْبِنَاءِ فِي وَسَطِ الطَّرِيقِ ضَمِنَ الْأَجِيرُ لِفَسَادِ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ فِي فِنَاءِ حَانُوتِهِ لِأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ إحْدَاثُ مِثْلِ ذَلِكَ فِي فِنَائِهِ إذَا كَانَ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ غَيْرُهُ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ فَاعْتُبِرَ أَمْرُهُ فِي ذَلِكَ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْبِنَاءُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لَهُ يَتَقَيَّدُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَلَوْ كَنَسَ الطَّرِيقَ فَعَطِبَ بِمَوْضِعِ كَنْسِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ مَا أَحْدَثَ فِي الطَّرِيقِ شَيْئًا وَإِنَّمَا كَنَسَ الطَّرِيقَ لِئَلَّا يَتَضَرَّرُ بِهِ الْمَارَّةُ وَلَا يُؤْذِيهِمْ التُّرَابُ وَلَا يَكُونُ هُوَ مُتَعَدِّيًا فِي هَذَا التَّسَبُّبِ (وَلَوْ جَمَعَ الْكُنَاسَةَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا) أَيْ بِالْكُنَاسَةِ لِتَعَدِّيهِ بِوَضْعِ مَا شَغَلَ الطَّرِيقَ.

(وَلَا ضَمَانَ فِيمَا تَلِفَ بِشَيْءٍ فُعِلَ فِي الْمِلْكِ) لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ شَرْعًا فَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا (أَوْ فِي فِنَاءِ) عَطْفٌ عَلَى تَلِفَ (لَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (فِيهِ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْفِنَاءِ (حَقُّ التَّصَرُّفِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَامَّةِ وَلَا مُشْتَرَكًا لِأَهْلِ سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةِ دَارِهِ وَالْفِنَاءُ فِي تَصَرُّفِهِ.

وَفِي الْهِدَايَةِ أَمَّا إذَا كَانَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مُشْتَرَكًا بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ مُسَبِّبٌ مُتَعَدٍّ لِفِعْلِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ.

(وَإِنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ حَفَرَ لَهُ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ) لَا عَلَى الْأَجِيرِ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَجِيرُ أَنَّهُ غَيْرُ فِنَائِهِ) لِأَنَّ الْأَجِيرَ يَعْمَلُ لَهُ وَلِهَذَا يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهِ وَقَدْ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ لَمْ يُعْلِمْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ فِنَائِهِ وَإِنَّمَا حَفَرَ اعْتِمَادًا عَلَى أَمْرِهِ فَلِدَفْعِ ضَرَرِ الْغُرُورِ نُقِلَ فِعْلُهُ إلَى الْآخَرِ.

(وَإِنْ عَلِمَ) الْأَجِيرُ أَنَّهُ غَيْرُ فِنَائِهِ (فَعَلَى الْأَجِيرِ) أَيْ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ لَمْ يَصِحَّ أَمْرُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَلَا غُرُورَ مِنْ جِهَتِهِ لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ فَبَقِيَ مُضَافًا إلَيْهِ.

(وَإِنْ قَالَ) الْمُسْتَأْجِرُ: (هُوَ فِنَائِي وَلَيْسَ لِي فِيهِ حَقُّ الْحَفْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ قِيَاسًا) لِعِلْمِهِ بِفَسَادِ الْأَمْرِ فَلَمْ يُوجَدْ الْغُرُورُ (وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اسْتِحْسَانًا) لِأَنَّ كَوْنَهُ فِنَاءً لَهُ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لَهُ لِانْطِلَاقِ يَدِهِ فِي التَّصَرُّفِ مِنْ إلْقَاءِ الطِّينِ وَالْحَطَبِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ وَالرُّكُوبِ وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ فَكَانَ أَمْرًا بِالْحَفْرِ فِي مِلْكِهِ ظَاهِرًا بِالنَّظَرِ إلَى مَا ذَكَرْنَا فَكَفَى ذَلِكَ

ص: 656