الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَعْرِفَةٍ.
وَقَالَ الْقُدُورِيُّ: يُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ لِأَنَّ الْمُحْتَجِبَ وَالْمُخَدَّرَةَ قَدْ يُؤْذِي بِالشَّغَبِ عَلَى بَابِهِ فَيَأْمُرُ بَعْضَ وُكَلَائِهِ بِإِرْضَائِهِ وَلَا يَعْرِفُهُ، ثُمَّ يَعْرِفُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَمْكَنَ التَّوْفِيقُ، وَفَرَّعَ عَلَيْهِ فِي النَّهَارِ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الْأَعْمَالَ بِنَفْسِهِ لَا يُقْبَلُ لَكِنْ فِي الْإِصْلَاحِ كَلَامٌ يُمْكِنُ جَوَابُهُ، تَتَبَّعْ.
(وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بَيْعَ أَمَتِهِ مِنْهُ وَأَرَادَ رَدَّهَا) أَيْ رَدَّ الْأَمَةِ (بِعَيْبٍ فَأَنْكَرَ) الْآخَرُ الْبَيْعَ (فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَيْعِ) مِنْهُ (وَ) بَرْهَنَ (الْمُنْكِرُ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ لَا يُسْمَعُ بُرْهَانُ الْمُنْكِرِ) لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَرَاءَةِ تُعْتَبَرُ لِلْعَقْدِ مِنْ اقْتِضَاءِ وَصْفِ السَّلَامَةِ إلَى غَيْرِهِ فَيُقْتَضَى وُجُودُ الْعَقْدِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تُقْبَلُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ بِأَنْ بَاعَهَا وَكِيلُهُ وَأَبْرَأَهُ عَنْ الْعَيْبِ.
وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ، فَلْيُطَالَعْ، وَفِي التَّنْوِيرِ: أَقَرَّ بِبَيْعِ عَبْدِهِ مِنْ فُلَانٍ، ثُمَّ جَحَدَهُ صَحَّ.
(وَذِكْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي آخِرِ صَكٍّ) أَيْ مَنْ كَتَبَ صَكَّ الشِّرَاءِ مَثَلًا وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ مَا أَدْرَكَ فُلَانًا مِنْ دَرَكٍ فَعَلَيَّ خَلَاصُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ وَذِكْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَمْ يَقُلْ وَكَتْبُ لِأَنَّ الْكَتْبَ الْمُجَرَّدَ لَيْسَ كَالذِّكْرِ فِي الْحُكْمِ أَوْ " كَتَبَ " ذِكْرُ إقْرَارٍ عَلَى نَفْسِهِ وَذَكَرَ فِي آخِرِهِ مَنْ قَامَ بِهَذَا الذِّكْرِ فَهُوَ وَلِيُّ مَا فِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (يَبْطُلُ كُلُّهُ) أَيْ كُلُّ الصَّكِّ عِنْدَ الْإِمَامِ قِيَاسًا لِأَنَّ الْكُلَّ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى جَمِيعِهِ بِحُكْمِ الْعَطْفِ فِي أَثْنَائِهِ أَمَّا لَوْ تَرَكَ فُرْجَةً فَقَالُوا لَا يَلْتَحِقُ بِهِ وَيَصِيرُ كَفَاصِلِ السُّكُوتِ (وَعِنْدَهُمَا) يَبْطُلُ (آخِرُهُ) أَيْ مَا يَلِيهِ (فَقَطْ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ) لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيهِ إذْ الصَّكُّ لِلِاسْتِيثَاقِ وَلَوْ صُرِفَ إلَى الْكُلِّ يَكُونُ لِلْإِبْطَالِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا مُتَعَاطِفَةً مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنَّهُ لِلْكُلِّ، وَأَمَّا الِاسْتِثْنَاءُ بِإِلَّا فَإِلَى الْأَخِيرِ.
[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]
ِ ذَكَرَ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ تَتَعَلَّقَانِ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَهُوَ الْحُكْمُ بِثُبُوتِ أَمْرٍ فِي وَقْتٍ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِهِ فِي وَقْتٍ آخَرَ (مَاتَ نَصْرَانِيٌّ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ أَسْلَمْتُ بَعْدَ مَوْتِهِ) وَلِي اسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ (وَقَالَ وَارِثُهُ بَلْ) أَسْلَمْتِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَا مِيرَاثَ لَكِ (فَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لِلْوَارِثِ لَا قَوْلُهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَعِنْدَ زُفَرَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ حَادِثٌ فَيُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ.
وَلَنَا أَنَّ سَبَبَ الْحِرْمَانِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ فَيَثْبُتُ فِيمَا مَضَى تَحْكِيمًا لِلْحَالِ كَمَا فِي جَرَيَانِ مَاءِ الطَّاحُونَةِ، وَالظَّاهِرُ بِلَا حُجَّةٍ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ.
(وَكَذَا لَوْ مَاتَ مُسْلِمٌ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ) النَّصْرَانِيَّةُ (أَسْلَمْتُ قَبْلَ مَوْتِهِ) وَلِي اسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ (وَقَالَ الْوَارِثُ بَلْ) أَسْلَمْتِ (بَعْدَهُ) وَلَيْسَ لَك الْمِيرَاثُ، يَعْنِي يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْوَارِثِ أَيْضًا، وَلَا يُحَكَّمُ
الْحَالُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ، أَمَّا الْوَرَثَةُ فَهُمْ الدَّافِعُونَ وَيَشْهَدُ لَهُمْ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ أَيْضًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِصْحَابِ أَحْسَنُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالظَّاهِرِ فَإِنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ ظَاهِرًا كَإِخْبَارِ الْآحَادِ كَثِيرًا مَا يُوجِبُ اسْتِحْقَاقًا كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَإِنْ قَالَ الْمُودَعُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (هَذَا ابْنُ مُودِعِي) بِكَسْرِ الدَّالِ (الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ) أَيْ لِلْمُودِعِ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ هَذَا الِابْنِ، قَيَّدَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَلَا أَدْرِي أَمَاتَ أَمْ لَا لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِقَوْلِهِ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ (دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الِابْنِ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْوَارِثِ خِلَافَةً عَنْ الْمَيِّتِ.
قَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذَا أَخُوهُ شَقِيقُهُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ يَدَّعِيهِ فَالْقَاضِي يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَخِ بِشَرْطِ عَدَمِ الِابْنِ، لِأَنَّهُ وَارِثٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، قَيَّدَ بِالْوَارِثِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَصِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَإِنْ قَالَ) الْمُودَعُ (لِآخَرَ) بَعْدَ إقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ (هَذَا ابْنُهُ أَيْضًا وَكَذَّبَهُ الْأَوَّلُ) وَقَالَ لَيْسَ لَهُ ابْنٌ غَيْرِي (قُضِيَ لِلْأَوَّلِ) لَا لِلثَّانِي لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ إقْرَارُهُ لِلْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ خَالِيًا عَنْ الْكَذِبِ انْقَطَعَ يَدُ الْمُقِرِّ عَنْ الْوَدِيعَةِ فَلَا عِبْرَةَ لِإِقْرَارِهِ لِلثَّانِي لِكَوْنِهِ إقْرَارًا عَلَى الْغَيْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ضَمَانَ الْمُودَعِ لِلثَّانِي فَفِي الْغَايَةِ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لِلِابْنِ الثَّانِي شَيْئًا بِإِقْرَارِهِ لَهُ.
وَفِي النِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْمُودَعُ هُنَا لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي كَمَا قُلْنَا فِي مُودَعِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ إذَا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ بِمَا فِي يَدِهِ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ سَلَّمَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلْقَاضِي قُلْنَا هَذَا أَيْضًا يَضْمَنُ نَصِيبَهُ إذَا دَفَعَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ رِضَى الْقَاضِي، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(وَلَوْ قُسِمَ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ بِشَهَادَةٍ لَمْ يَقُولُوا) أَيْ الشُّهُودُ (فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ (لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا) آخَرَ (أَوْ غَرِيمًا آخَرَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ (كَفِيلٌ وَهُوَ) أَيْ أَخْذُ الْكَفِيلِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي كَمَا فَعَلَهُ الْبَعْضُ (احْتِيَاطُ ظُلْمٍ) أَيْ مَيْلٍ عَنْ سَوَاءِ الطَّرِيقِ، وَهَذَا يَكْشِفُ عَنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ لَا كَمَا ظَنَّهُ الْبَعْضُ.
وَفِي الْغَايَةِ أَيْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَسْبَقُ الْأَئِمَّةِ وَأَصْحَابَهُ يَبْرَأُ عَنْ مَذْهَبِ الِاعْتِزَالِ حَيْثُ قَالُوا: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، فَلْيُطَالَعْ.
(وَعِنْدَهُمَا يُؤْخَذُ) لِأَنَّ فِي التَّكْفِيلِ نَظَرًا لِلْغَائِبِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ وُجُودَ آخَرَ مَوْهُومٌ، فَلَا يُؤْخَذُ الثَّابِتُ قَطْعًا لَهُ، أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْإِرْثُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَوَّلِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ فِي الثَّانِي وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَشَمِلَ مَا إذَا قَالَ الشُّهُودُ: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَهُنَا لَا يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِعَدَمِ التَّكْفِيلِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا غَرِيمَ
لَهُ آخَرُ اتِّفَاقًا.
(وَمَنْ ادَّعَى) عَلَى آخَرَ (عَقَارًا إرْثًا لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ (وَلِأَخِيهِ الْغَائِبِ وَبَرْهَنَ) الْمُدَّعَى (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ (دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُدَّعِي (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ مَا ادَّعَاهُ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ (وَتُرِكَ بَاقِيهِ) أَيْ تُرِكَ نِصْفُهُ الْبَاقِي وَهُوَ نَصِيبُ الْغَائِبِ (مَعَ ذِي الْيَدِ بِلَا أَخْذِ كَفِيلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذِي الْيَدِ.
(وَلَوْ) كَانَ ذُو الْيَدِ (جَاحِدًا) دَعْوَاهُ عِنْدَ الْإِمَامِ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ وَأَيْضًا فِي صُورَةِ الْجُحُودِ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْ الْغَائِبِ فِي اسْتِيفَاءِ نَصِيبِهِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعَرُّضُ بِلَا خَصْمٍ كَمَا إذَا رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إنْسَانٍ، يَعْلَمُ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ لَا يُنَازِعُهُ بِلَا خَصْمٍ وَقَدْ ارْتَفَعَ جُحُودُهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، إذْ الْقَضِيَّةُ صَارَتْ مَعْلُومَةً فَلَا يَجْحَدُ بَعْدَهُ فَيَصِيرُ جُحُودُهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ فَلَا يَكُونُ خَائِنًا بِهِ، وَلِأَنَّ يَدَ الْجَاحِدِ يَدُ ضَمَانٍ وَيَدَ الْغَيْرِ أَمَانَةٌ، فَالْيَدُ الْأُولَى لِلْحِفْظِ أَوْلَى (وَقَالَا) إنْ لَمْ يَكُنْ جَاحِدًا فَكَذَا (إنْ كَانَ جَاحِدًا أُخِذَ) أَيْ أَخَذَ الْقَاضِي (النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذِي الْيَدِ (وَوُضِعَ عِنْدَ أَمِينٍ) حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ لِخِيَانَتِهِ بِجُحُودِهِ فَلَا نَظَرَ فِي تَرِكَتِهِ (وَفِي الْمَنْقُولِ يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذِي الْيَدِ (بِالِاتِّفَاقِ) أَيْ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ، فَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ إلَى حُضُورِ صَاحِبِهِ اتِّفَاقًا فِي الْأَصَحِّ لِإِمْكَانِ كِتْمَانِ الْمَنْقُولِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ دُونَ بَيْعِ الْعَقَارِ (وَقِيلَ) هَذَا (عَلَى الْخِلَافِ) يَعْنِي عِنْدَ الْإِمَامِ يُتْرَكُ نِصْفُهُ الْبَاقِي مَعَ ذِي الْيَدِ وَلَا يَسْتَوْثِقُ نَفْسَهُ بِكَفِيلٍ وَعِنْدَهُمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، وَقِيلَ يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ بِالِاتِّفَاقِ لِجُحُودِهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ لَوْ مُقِرًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْغَائِبِ (نَصِيبُهُ بِدُونِ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى إعَادَتِهَا، وَإِلَى الْقَضَاءِ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَتَنَصَّبُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ فَيُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمَيِّتِ، ثُمَّ يَكُونُ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ عَنْهُ، وَكَذَا يَقُومُ الْوَاحِدُ مَقَامَهُ فِيمَا عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا فَيَقُومُ مَقَامَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ اخْتِلَافًا وَذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ، وَكَذَا يَنْتَصِبُ أَحَدُهُمْ فِيمَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا إنْ كَانَ دَيْنًا، وَإِنْ كَانَ فِي دَعْوَى عَيْنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا فِي يَدِهِ لِيَكُونَ قَضَاءً عَلَى الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ فِي يَدِهِ نَفَذَ بِقَدْرِهِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا كُلِّهَا فِي يَدِهِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ أَيْضًا وَصَرَّحَ فِي الْفَتْحِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَغَيْرُهُ سَهْوٌ، انْتَهَى.
(وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُوَ) أَيْ الثُّلُثُ يَقَعُ (عَلَى كُلِّ مَالٍ لَهُ) لِأَنَّهَا أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِي الْكُلِّ، وَكَذَا هِيَ.
(وَلَوْ قَالَ: مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُ صَدَقَةٌ فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى مَالِ الزَّكَاةِ) كَالنَّقْدَيْنِ، وَمَالِ السَّوَائِمِ، وَأَمْوَالِ التِّجَارَاتِ، بَلَغَ النِّصَابَ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ جِنْسُ
مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَا قَدْرُهَا وَلَا شَرَائِطُهَا فَإِنْ قَضَى دَيْنَهُ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بَعْدَهُ بِقَدْرِ هَذَا عِنْدَنَا، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ اسْتِوَاؤُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّ اسْمَ الْمَالِ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَا أَوْجَبَهُ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ مُعْتَبَرٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِعَبْدِهِ، إذْ الشَّرْعُ صَرَفَ الصَّدَقَةَ إلَى الْمَالِ الَّذِي فِيهِ الزَّكَاةُ لَا إلَى كُلِّ الْمَالِ، وَكَذَا يَنْصَرِفُ إيجَابُ الْعَبْدِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا تُعْتَبَرُ بِالْمِيرَاثِ فَتَجْرِي فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ (وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي النَّذْرِ (أَرْضُ الْعُشْرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِكَوْنِ مَصْرِفِهَا مَصَارِفَ الزَّكَاةِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ قَالَ لَا تَدْخُلُ أَرْضُ الْعُشْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمَئُونَةِ، وَكَذَا وَجَبَ الْعُشْرُ فِي أَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْمُكَاتَبِ وَالْأَوْقَافِ، وَضَمَّ الْإِمَامُ إلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ وَلَا تَدْخُلُ الْخَرَاجِيَّةُ لِتَمَحُّضِهَا لِلْمَئُونَةِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِهَذَا الشَّخْصِ (مَالٌ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِيجَابِ (أَمْسَكَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ قَدْرَ (قُوتِهِ) أَيْ قُوتِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ (فَإِذَا أَصَابَ) بَعْدَ ذَلِكَ (مَالًا تَصَدَّقَ بِمِثْلِ مَا أَمْسَكَ) لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا مَا أَوْجَبَهُ، وَلَمْ يُقَدِّرْ بِشَيْءٍ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْمُحْتَرِفُ يُمْسِكُ قُوتَهُ لِيَوْمٍ، وَصَاحِبُ الْغَلَّةِ لِشَهْرٍ، وَصَاحِبُ الضِّيَاعِ لِسَنَةٍ عَلَى حَسَبِ التَّفَاوُتِ فِي مُدَّةِ وُصُولِهِمْ إلَى الْمَالِ.
قَيَّدَ بِالْمَالِ وَالْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَيْءٍ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا قَالَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا مِائَةً لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَمَنْ أُوصِيَ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ) الْوَصِيُّ بِالْإِيصَاءِ (فَهُوَ وَصِيٌّ) حَتَّى لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي بِغَيْرِ عِلْمٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا عِلْمِهِ (بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ) أَيْ لَا يَصِحُّ بِدُونِ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ وَلِذَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْمُوَكِّلِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِخْلَافٌ بَعْدَ انْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْمُوصِي فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ كَتَصَرُّفِ الْوَارِثِ، وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فَإِثْبَاتُ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَلَيْسَتْ بِاسْتِخْلَافٍ لِبَقَاءِ وِلَايَةِ الْمَنُوبِ عَنْهُ، فَلَا تَصِحُّ مِمَّنْ تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ (وَقُبِلَ فِي الْإِخْبَارِ بِالتَّوْكِيلِ خَبَرُ فَرْدٍ، وَإِنْ) كَانَ ذَلِكَ الْفَرْدُ (فَاسِقًا) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ خَبَرُ عَدْلٍ بَلْ يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ عَبْدًا أَوْ صَغِيرًا مُمَيِّزًا إذْ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ كَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنْ شَاءَ يَسْتَوْفِي (لَا) يُقْبَلُ (فِي الْعَزْلِ مِنْهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى التَّوْكِيلِ لَكِنْ لَا مَعْنَى لَهُ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَ قَوْلَهُ " مِنْهُ " وَاكْتَفَى فِي الْعَزْلِ أَيْ لَا يُقْبَلُ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ، تَدَبَّرْ.
(إلَّا خَبَرُ عَدْلٍ) أَيْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُ فَاسِقَيْنِ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ (أَوْ مَسْتُورَيْنِ) وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْفَاسِقَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ وَثُبُوتُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ تَأْثِيرَ خَبَرِ الْفَاسِقَيْنِ أَقْوَى مِنْ تَأْثِيرِ خَبَرِ الْعَدْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ عَدْلٍ لَمْ يَنْفُذْ
وَبِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ نَفَذَ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا هُوَ) أَيْ الْعَزْلُ (كَالْأَوَّلِ) أَيْ التَّوْكِيلِ فِي أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْإِخْبَارِ بِالْعَزْلِ خَبَرُ فَرْدٍ، وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا كَالْإِخْبَارِ بِالتَّوْكِيلِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ شُرِطَ فِي الْعَزْلِ وَالنَّصْبِ عَدْلَانِ.
(وَكَذَا الْخِلَافُ) بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ (فِي إخْبَارِ السَّيِّدِ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ) يَعْنِي لَوْ أَخْبَرَ بِهِ فَاسِقٌ لِلسَّيِّدِ بِأَنَّ عَبْدَهُ جَنَى خَطَأً فَبَاعَ أَوْ أَعْتَقَ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَصِيرُ مُخْتَارًا (وَالشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ) يَعْنِي: الشَّفِيعُ إذَا سَكَتَ بَعْدَمَا أَخْبَرَ فَاسِقٌ بِالْبَيْعِ لَا يَكُونُ تَارِكًا لِلشُّفْعَةِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ (وَالْبِكْرِ) الْبَالِغِ (بِالتَّزْوِيجِ) يَعْنِي إذَا أَخْبَرَ فَاسِقٌ الْبِكْرَ الْبَالِغَ بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ لَا تَصِيرُ رَاضِيَةً بِالنِّكَاحِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا (وَمُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ بِالشَّرَائِعِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِخْبَارٍ مُقَدَّرٍ أَيْ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَخْبَرَ بِالشَّرَائِعِ فَاسِقٌ لَا يُؤَاخَذُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ جِنْسِ الْمُعَامَلَاتِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَحَدِ وَصْفَيْ الشَّهَادَةِ، وَلَهُ أَنَّ فِيهَا إلْزَامًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ.
أَمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ فَلَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، وَإِنْ وُجِدَ الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ هَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ غَيْرَ الْخَصْمِ وَرَسُولِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ لَوْ أَخْبَرَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بِنَفْسِهِ وَجَبَ الطَّلَبُ إجْمَاعًا، وَالرَّسُولُ يُعْمَلُ بِخَبَرِهِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا اتِّفَاقًا صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ لَكِنْ فِي الْمِنَحِ تَفْصِيلٌ، فَلْيُطَالَعْ.
(وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ عَبْدًا) لِرَجُلٍ (لِلْغُرَمَاءِ) أَيْ لِأَجْلِ دُيُونِهِمْ (وَأَخَذَ الْمَالَ) أَيْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ الثَّمَنَ (فَضَاعَ) عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ أَمِينِهِ (وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ) وَنُزِعَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي (لَا يَضْمَنُ) الْقَاضِي وَلَا أَمِينُهُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَوْ أَمِينَهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيفَةِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَيْ لَا يَتَقَاعَدَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ فَيَلْزَمُ تَعْطِيلُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَفِي الْبَحْرِ: أَنَّ أَمِينَ الْقَاضِي هُوَ مَنْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي جَعَلْتُك أَمِينًا فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ.
أَمَّا إذَا قَالَ بِعْ هَذَا الْعَبْدَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَلْحَقُهُ عُهْدَةٌ (وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ لَهُمْ فَكَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَعْلِهَا عَلَى الْعَاقِدِ كَمَا يُجْعَلُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَعْلِهَا عَلَى الْوَكِيلِ بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ.
(وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الْوَصِيُّ لِأَجْلِهِمْ) أَيْ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ (بِأَمْرِ الْقَاضِي) لَهُ بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ) الْعَبْدُ (أَوْ مَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَصِيِّ (وَضَاعَ الْمَالُ) أَيْ ثَمَنُ الْعَبْدِ (رَجَعَ الْمُشْتَرِي) بِالثَّمَنِ (عَلَى الْوَصِيِّ) لِأَنَّهُ عَاقِدٌ نِيَابَةً عَنْ الْمَيِّتِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ كَمَا إذَا وَكَّلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ نَصَّبَهُ لِيَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ الْمَيِّتِ (وَهُوَ) أَيْ الْوَصِيُّ يَرْجِعُ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُمْ وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لِغَيْرِهِ وَلَحِقَهُ
بِسَبَبِهِ ضَمَانٌ يَرْجِعُ بِهِ مَنْ يَقَعُ لَهُ الْعَمَلُ.
وَفِي الْبَحْرِ وَالتَّقْيِيدُ بِأَمْرِ الْقَاضِي اتِّفَاقِيٌّ وَلِيُعْلَمَ حُكْمُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ بِالْأَوْلَى وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ الْحَصِيرِيُّ وَأَمْرُ الْقَاضِي وَعَدَمُ أَمْرِهِ سَوَاءٌ.
وَفِي التَّنْوِيرِ أَخْرَجَ الْقَاضِي الثُّلُثَ لِلْفُقَرَاءِ وَلَمْ يُعْطِهِمْ إيَّاهُ حَتَّى هَلَكَ كَانَ الْهَلَاكُ مِنْ مَالِ الْفُقَرَاءِ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ.
(وَلَوْ قَالَ لَك قَاضٍ عَدْلٌ عَالِمٌ: قَضَيْتُ عَلَى هَذَا بِالرَّجْمِ أَوْ الْقَطْعِ أَوْ الضَّرْبِ فَافْعَلْهُ وَسِعَك فِعْلُهُ) وَلَا يُلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
لِأَنَّ طَاعَةَ أُولِي الْأَمْرِ وَاجِبَةٌ، وَتَصْدِيقُهُ طَاعَةٌ لَهُ، وَقَوْلُ مِثْلِ هَذَا الْقَاضِي حُجَّةٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ آخِرًا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَقْبَلُ قَوْلَهُ حَتَّى يُعَايِنَ الْحُجَّةَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَاضِي يَحْتَمِلُ الْغَلَطَ، وَالتَّدَارُكُ لَا يُمْكِنُ، وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِهِ.
وَفِي عُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَبِهِ يُفْتَى لِفَسَادِ أَكْثَرِ قُضَاةِ زَمَانِنَا، وَفِي الْبَحْرِ تَفْصِيلٌ، فَلْيُرَاجَعْ.
(وَكَذَا) وَسِعَك فِعْلُهُ (فِي) الْقَاضِي (الْعَدْلِ غَيْرِ الْعَالِمِ إنْ اُسْتُفْسِرَ فَأَحْسَنَ تَفْسِيرَهُ) أَيْ لَوْ قَالَ قَاضٍ جَاهِلٌ عَادِلٌ يَلْزَمُ أَنْ تَسْأَلَهُ عَنْ سَبَبِهِ فَإِنْ أَحْسَنَ تَفْسِيرَ قَضَائِهِ عَلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا: اسْتَقْصَيْتُ الْمُقَرَّ بِهِ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَحَكَمْتُ عَلَيْهِ بِالرَّجْمِ يَسَعُ لَك فِعْلُ مَا أَمَرَ بِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ تَفْسِيرَهُ (فَلَا) يَسَعُ لَك فِعْلُ مَا أَمَرَ بِهِ لِخَطَئِهِ بِسَبَبِ الْجَهْلِ (وَلَا يَعْمَلُ بِقَوْلِ غَيْرِ الْعَدْلِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا لِتُهْمَةِ الْخِيَانَةِ بِفِسْقِهِ (مَا لَمْ يُعَايِنْ سَبَبَ الْحُكْمِ) أَيْ يُعَايِنْ سَبَبًا شَرْعِيًّا لِلْحُكْمِ فَحِينَئِذٍ يَعْمَلُ بِقَوْلِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ.
(وَلَوْ قَالَ قَاضٍ عُزِلَ لِشَخْصٍ: أَخَذْتُ مِنْك أَلْفًا وَدَفَعْتُهَا إلَى فُلَانٍ قَضَيْتُ بِهَا) أَيْ بِتِلْكَ الْأَلْفِ (عَلَيْك أَوْ قَالَ: قَضَيْتُ بِقَطْعِ يَدِك فِي حَقٍّ فَقَالَ) ذَلِكَ الشَّخْصُ (بَلْ أَخَذْتَهَا) أَيْ تِلْكَ الْأَلْفَ (أَوْ قَطَعْتَ) يَدِي (ظُلْمًا) مُتَعَلِّقٌ بِأَخَذْتَ وَقَطَعْتَ عَلَى التَّنَازُعِ (وَاعْتَرَفَ) ذَلِكَ الشَّخْصُ (بِكَوْنِ ذَلِكَ) أَيْ الْأَخْذِ أَوْ الْقَطْعِ (حَالَ وِلَايَتِهِ) أَيْ وِلَايَةِ الْقَاضِي (صُدِّقَ الْقَاضِي وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِكَوْنِ الْأَخْذِ فِي حَالِ قَضَائِهِ، فَكَأَنَّهُ رَضِيَ بِشَهَادَةِ الظَّاهِرِ، هُوَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَظْلِمُ فِي قَضَائِهِ لِكَوْنِهِ أَمِينًا فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ الْيَمِينُ يَصِيرُ خَصْمًا، وَقَضَاءُ الْخَصْمِ لَا يَنْفُذُ فَتُعَطَّلُ أُمُورُ النَّاسِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: وَقُبِلَ وُجُوبًا قَوْلُ قَاضٍ عُزِلَ قَضَيْتُ أَنَا بِهَذَا الْعَقَارِ لِزَيْدٍ مَثَلًا لِفَقْدِ التُّهْمَةِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ رَجَعَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُقْبَلْ، وَبِهِ أَخَذَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ كَمَا مَرَّ آنِفًا وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ قَضَيْت أَنَا بِهَذَا الْعَقَارِ لِزَيْدٍ أَنَّ الْمَقْضِيَّ أَوْ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَعْلُومَانِ، وَإِلَّا لَا يُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فِي زَمَانِنَا غَيْرُ مُعْتَمَدٍ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَعَلَى هَذَا لَمْ يُقْبَلْ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي فِي شَيْءٍ مَا كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ.
(وَلَوْ قَالَ) ذَلِكَ الشَّخْصُ لِلْقَاضِي (فَعَلْتُهُ قَبْلَ وِلَايَتِك أَوْ بَعْدَ عَزْلِك، وَادَّعَى الْقَاضِي فِعْلَهُ فِي) زَمَانِ