الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ يُقَاتِلَ بِالسِّلَاحِ لِأَنَّهُ قَالَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَاتِلَهُ بِغَيْرِ سِلَاحٍ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً فَصَارَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْزِيرِ.
[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]
(وَكَرْيُ الْأَنْهَارِ الْعِظَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) خَبَرُ كَرْيِ الْأَنْهَارِ.
وَفِي الْهِدَايَةِ الْأَنْهَارُ ثَلَاثَةٌ نَهْرٌ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ وَلَمْ يَدْخُلْ مَاؤُهُ فِي الْمَقَاسِمِ بَعْدُ أَيْ قَطُّ كَالْفُرَاتِ وَنَحْوِهِ وَنَهْرٌ مَمْلُوكٌ دَخَلَ مَاؤُهُ تَحْتَ الْقِسْمَةِ إلَّا أَنَّهُ عَامٌّ وَنَهْرٌ مَمْلُوكٌ دَخَلَ مَاؤُهُ فِي الْقِسْمَةِ وَهُوَ خَاصٌّ وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا اسْتِحْقَاقُ الشَّفَةِ بِهِ وَعَدَمُهُ وَالْأَوَّلُ كَرْيُهُ عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْكَرْيِ لَهُمْ فَتَكُونُ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِمْ وَيَصْرِفُ إلَيْهِمْ مِنْ مُؤْنَةِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ دُونَ الْعُشُورِ وَالصَّدَقَاتِ لِأَنَّ الثَّانِيَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْأَوَّلَ لِلنَّوَائِبِ.
(وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ) أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ (شَيْءٌ فَعَلَى الْعَامَّةِ) أَيْ فَالْإِمَامُ يُجْبِرُ النَّاسَ عَلَى كَرْيِهِ إحْيَاءً لِمَصْلَحَةِ الْعَامِّ إذْ هُمْ لَا يَجْتَمِعُونَ وَلَا يُنْفِقُونَ عَلَيْهَا بِأَنْفُسِهِمْ وَلَا يُقِيمُونَهَا إنْ لَمْ يُجْبِرْهُمْ الْإِمَامُ عَلَيْهِ وَفِي مِثْلِهِ قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَوْ تُرِكْتُمْ لَبِعْتُمْ أَوْلَادَكُمْ إلَّا أَنَّهُ يُخْرَجُ لِلْكَرْيِ مَنْ كَانَ يُطِيقُهُ وَتُجْعَلُ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمَيَاسِيرِ الَّذِينَ لَا يُطِيقُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ كَمَا يَفْعَلُهُ فِي تَجْهِيزِ الْجُيُوشِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مَنْ كَانَ يُطِيقُ عَلَى الْقِتَالِ وَتُجْعَلُ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ.
(وَكَرْيُ مَا مُلِكَ) وَدَخَلَ مَاؤُهُ فِي الْمُقَاسِمِ قَوْلُهُ مُلِكَ عَلَى صِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى أَرْبَابِهِ) وَهَذَا النَّوْعُ اثْنَانِ أَنْ يَكُونَ عَامًّا مِنْ وَجْهٍ وَخَاصًّا مِنْ وَجْهٍ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ خَاصًّا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَالْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الشَّفَةَ فَهُوَ خَاصٌّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمَا لَا يَسْتَحِقُّ فَهُوَ عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ فَكَرْيُهُ عَلَى أَهْلِهَا لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهُمْ عَلَى الْخُصُوصِ فَتَكُونُ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالْغُنْمِ (لَا عَلَى أَهْلِ الشَّفَةِ) لِأَنَّهُمْ لَا يُخَصُّونَ أَوْ لِأَهْلِ الدُّنْيَا كُلِّهِمْ حَقُّ الشَّفَةِ وَلِأَنَّهُمْ أَتْبَاعٌ وَالْمُؤْنَةُ تَجِبُ عَلَى الْأُصُولِ دُونَ الْأَتْبَاعِ.
(وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى) عَنْ الْكَرْيِ دَفْعًا لِضَرَرِ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ فِي الْمَمْلُوكِ الْخَاصِّ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الضَّرَرَيْنِ خَاصٌّ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِالْكَرْيِ بِأَمْرِ الْقَاضِي ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْآبِي وَلَا كَذَلِكَ الْأَوَّلُ (وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ مُؤْنَةُ الْكَرْيِ الْمُشْتَرَكِ (عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْأَرْبَابِ (مِنْ أَعْلَاهُ) أَيْ مِنْ أَعْلَى النَّهْرِ.
(وَإِذَا جَاوَزَ) الْكَرْيُ (أَرْضَ رَجُلٍ) مِنْ الشُّرَكَاءِ (سَقَطَتْ) الْمُؤْنَةُ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الرَّجُلِ عِنْدَ الْإِمَامِ وَفِي الْخَانِيَّةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ.
(وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (سَقْيُ أَرْضِهِ مَا لَمْ يَفْرُغْ شُرَكَاؤُهُ) عَنْ الْكَرْيِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالِانْتِفَاعِ بِالْمَاءِ دُونَ شُرَكَائِهِ (وَقِيلَ لَهُ) أَيْ لِلرَّجُلِ (ذَلِكَ) أَيْ السَّقْيُ قَبْلَ فَرَاغِهِمْ (وَعِنْدَهُمَا هِيَ) أَيْ الْمُؤْنَةُ (عَلَيْهِمْ) عَلَى الْأَرْبَابِ (جَمِيعًا
مِنْ أَوَّلِهِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ النَّهْرِ (إلَى آخِرِهِ بِحِصَصِ الشِّرْبِ) وَبَيَانُهُ أَنَّ الشُّرَكَاءَ فِي النَّهْرِ إذَا كَانُوا عَشَرَةً مَثَلًا فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عُشْرُ مُؤْنَةِ الْكَرْيِ فَإِذَا جَاوَزَ عَنْ أَرْضِ أَحَدِهِمْ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَاقِينَ تُسْعُهَا وَإِذَا تَجَاوَزَ عَنْ أَرْضِ الْأُخْرَى فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ ثُمُنُهَا هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَقَالَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَعْشَارٌ مِنْ أَوَّلِ الْكَرْيِ إلَى آخِرِهِ لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى حَقًّا فِي الْأَسْفَلِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَسْيِيلِ مَا فَضَلَ مِنْ الْمَاءِ فِيهِ وَلَهُ أَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ الْكَرْيِ الِانْتِفَاعُ بِالسَّقْيِ وَقَدْ حَصَلَ لِصَاحِبِ الْأَعْلَى فَلَا يَلْزَمُهُ انْتِفَاعُ غَيْرِهِ وَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِ الْمَسِيلِ عِمَارَتُهُ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ مَسِيلٌ عَلَى سَطْحِ غَيْرِهِ كَيْفَ وَأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَفْعُ الْمَاءِ عَنْ أَرْضِهِ بِسَدِّهِ مِنْ أَعْلَاهُ ثُمَّ إنَّمَا يَرْفَعُ عَنْهُ إذَا جَاوَزَ أَرْضَهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَقِيلَ إذَا جَاوَزَ فُوَّهَةَ نَهْرِهِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ لَهُ رَأْيًا فِي اتِّخَاذِ الْفُوَّهَةِ مِنْ أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ إذَا جَاوَزَ الْكَرْيُ أَرْضَهُ حَتَّى سَقَطَتْ عَنْهُ مُؤْنَتُهُ قِيلَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ الْمَاءَ لِيَسْقِيَ أَرْضَهُ لِانْتِهَاءِ الْكَرْيِ فِي حَقِّهِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَفْرُغْ شُرَكَاؤُهُ نَفْيًا لِاخْتِصَاصِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
(وَتَصِحُّ دَعْوَى الشِّرْبِ بِلَا أَرْضٍ) اسْتِحْسَانًا لِأَنَّ الشِّرْبَ قَدْ يُمْلَكَ بِلَا أَرْضٍ إرْثًا وَوَصِيَّةً وَقَدْ يُبَاعُ الْأَرْضُ بِدُونِ الشِّرْبِ فَيَبْقَى لَهُ الشِّرْبُ وَحْدَهُ فَصَارَ هُوَ مَرْغُوبًا مُنْتَفَعًا بِهِ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى وَتُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ.
وَفِي الْقِيَاسِ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ بِدُونِهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِ صِحَّةِ الدَّعْوَى وَهُوَ الْإِعْلَامُ وَالشِّرْبُ لَا يَقْبَلُ الْإِعْلَامَ لِجَهَالَةِ الْمَقَامِ.
(وَمَنْ كَانَ لَهُ نَهْرٌ يَجْرِي فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ مَنْعَ الْإِجْرَاءِ) فِي أَرْضِهِ (فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلرَّبِّ (ذَلِكَ) أَيْ الْمَنْعُ وَيُتْرَكُ عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ مَوْضِعَ النَّهْرِ مُسْتَعْمَلٌ لَهُ بِإِجْرَاءِ مَائِهِ فَيَكُونُ فِي يَدِهِ فَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي أَنَّهُ مِلْكُهُ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ النَّهْرُ (فِي يَدِهِ) أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَشْجَارٌ وَلَا طِينٌ مُلْقًى عَلَى جَانِبَيْ النَّهْرِ (أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا فَادَّعَى أَنَّهُ) أَيْ النَّهْرَ (لَهُ وَقَصَدَ إجْرَاءَهُ لَا يُسْمَعُ بِلَا بَيِّنَةٍ أَنَّهُ) أَيْ النَّهْرَ (لَهُ أَوْ أَنَّهُ كَانَ لَهُ حَقُّ الْإِجْرَاءِ) فِي هَذَا النَّهْرِ يَسُوقُهُ إلَى أَرْضِهِ لِسَقْيِهَا فَيُقْضَى لَهُ بِهِ لِإِثْبَاتِهِ بِالْحُجَّةِ مِلْكَ الرَّقَبَةِ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِيهِ أَوْ حَقَّ الْإِجْرَاءِ بِإِثْبَاتِ الْجَرْيِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْمِلْكِ (وَعَلَى هَذَا الْمَصَبُّ فِي نَهْرٍ أَوْ سَطْحٍ وَالْمِيزَابُ وَالْمَمْشَى فِي دَارِ الْغَيْرِ) فَحُكْمُ الِاخْتِلَافِ فِيهَا نَظِيرُهُ فِي الشِّرْبِ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ بِالْوَاوِ فِي الْمِيزَابِ وَالْمَمْشَى لَكِنَّ الظَّاهِرَ بِأَوْ فِيهِمَا تَدَبَّرْ.
(وَإِنْ اخْتَصَمَ جَمَاعَةٌ فِي شِرْبٍ) أَيْ نَهْرٍ بَيْنَ قَوْمٍ اخْتَصَمُوا فِي الشِّرْبِ فَالنَّهْرُ (بَيْنَهُمْ قُسِّمَ) الشِّرْبُ (عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيِهِمْ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالشِّرْبِ سَقْيُ الْأَرَاضِي وَالْحَاجَةُ إلَى ذَلِكَ تَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْأَرَاضِي وَكَثْرَتِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الشِّرْبِ بِقَدْرِ أَرَاضِيِهِ وَبِقَدْرِ حَاجَتِهِ بِخِلَافِ الطَّرِيقِ إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ الشُّرَكَاءُ حَيْثُ يَسْتَوُونَ فِي مِلْكِ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ
سَعَةُ الدَّارِ وَضِيقُهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهِ التَّطَرُّقُ وَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الدَّارِ الْوَاسِعَةِ وَالضَّيِّقَةِ.
(وَيُمْنَعُ الْأَعْلَى) مِنْهُمْ (مِنْ سَكْرِ النَّهْرِ) أَيْ مِنْ سَدِّهِ يَعْنِي إذَا كَانَ أَرْضُ الْأَعْلَى مِنْهُمْ مُرْتَفِعَةً وَالْمَاءُ قَلِيلًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ سَقْيُ أَرْضِهِ بِتَمَامِهَا إلَّا بِسَدِّهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَاءَ يَكُونُ مَحْبُوسًا عَنْ الْبَاقِينَ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ وَفِيهِ مَنْعٌ لِحَقِّهِمْ فَلَوْ انْحَدَرَ الْمَاءُ مِنْ الْجَبَلِ إلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَانْتَشَرَ لَا يُمْنَعُ الْأَعْلَى مِنْهُ بَلْ يَكُونُ لِمَنْ سَبَقَ إلَيْهِ يَدُهُ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ يَشْرَبُ بِقَدْرِ مَا يَدْخُلُ فِي أَرْضِهِ بِدُونِ السَّكْرِ انْتَهَى (بِلَا رِضَاهُمْ) أَيْ بِلَا رِضَى الشُّرَكَاءِ الْبَاقِيَةِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ تَشْرَبْ أَرْضُهُ) أَيْ الْأَعْلَى (بِدُونِهِ) أَيْ السَّكْرِ فَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى أَنْ يَسْكُرَ الْأَعْلَى النَّهْرَ حَتَّى يَشْرَبَ بِحِصَّتِهِ أَوْ اصْطَلَحُوا عَلَى أَنْ يَسْكُرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فِي نَوْبَتِهِ جَازَ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْكُرَ بِلَوْحٍ أَوْ بَابٍ لَا يَسْكُرُ بِمَا يَنْكَبِسُ بِهِ النَّهْرُ كَالطِّينِ وَالتُّرَابِ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ لِكَوْنِهِ إضْرَارًا بِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَسْكُرْ بِاللَّوْحِ فَبِالتُّرَابِ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي النَّهْرِ بِحَيْثُ لَا يَجْرِي إلَى أَرْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا بِالسَّكْرِ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِأَهْلِ الْأَسْفَلِ حَتَّى يَرْوُوا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْأَعْلَى أَنْ يَسْكُرُوا لِيَرْتَفِعَ الْمَاءُ إلَى أَرَاضِيِهِمْ.
(وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الشُّرَكَاءِ (أَنْ يَشُقَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ (نَهْرًا أَوْ يَنْصِبَ عَلَيْهِ رَحًى أَوْ) يَنْصِبَ عَلَيْهِ (دَالِيَةً) وَهِيَ بِالْفَارِسِيَّةِ " جرخ آب "(أَوْ) يَنْصِبَ عَلَيْهِ (جِسْرًا) وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُتَّخَذُ مِنْ الْخَشَبَةِ وَالْأَلْوَاحِ عَلَى النَّهْرِ (بِلَا إذْنِ الْبَقِيَّةِ) إذْ بِالشَّقِّ يَكْسِرُ ضِفَّةَ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ وَبِالنَّصْبِ يَتَغَيَّرُ عَنْ سَنَنِهِ الَّذِي كَانَ يَجْرِي عَلَيْهِ وَتَسُدُّ جَانِبَ النَّهْرِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ شَرِيكِهِ (إلَّا رَحًى فِي مِلْكِهِ وَلَا تَضُرُّ بِالنَّهْرِ وَلَا بِمَائِهِ) أَيْ إلَّا إذَا وَضَعَ رَحًى فِي مِلْكِهِ بِأَنْ وَقَعَ فِي بَطْنِ النَّهْرِ وَكَانَ جَانِبَاهُ مِلْكًا لَهُ وَلِلْآخَرِ حَقُّ التَّسْيِيلِ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ مُضِرٍّ بِالنَّهْرِ مِنْ كَسْرِ ضِفَّتِهِ وَلَا بِالْمَاءِ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ سَنَنِهِ فَيَجُوزُ كَمَا ذُكِرَ آنِفًا (وَلَا أَنْ يُوَسِّعَ فَمَ النَّهْرِ) أَيْ نَهْرَهُ فِي أَرْضِهِ لِأَنَّهُ يَكْسِرُ طَرَفَ أَصْلِ النَّهْرِ وَيَزِيدُ عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِ فِي أَخْذِ الْمَاءِ (وَلَا أَنْ يَقْسِمَ بِالْأَيَّامِ أَوْ مُنَاصَفَةً بَعْدَ كَوْنِ الْقِسْمَةِ) مِنْ الْقَدِيمِ (بِالْكِوَى) بِكَسْرِ الْكَافِ جَمْعُ كَوَّةٍ بِفَتْحِهَا وَقَدْ يُضَمُّ الْكَافُ فِي الْمُفْرَدِ فَالْجَمْعُ كُوًى كَعُرْوَةٍ وَعُرًى وَيَجُوزُ فِيهِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَالْمُرَادُ ثَقْبٌ فِي الْخَشَبِ أَوْ الْحَجَرِ لِيَجْرِيَ الْمَاءُ إلَى الْمَزَارِعِ أَوْ الْجَدَاوِلِ أَيْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقْسِمَ بِالْأَيَّامِ وَلَا مُنَاصَفَةَ مَعَ أَنَّ الْقِسْمَةَ قَدْ كَانَتْ مِنْ الْقَدِيمِ بِالْكِوَى وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَ بِالْكِوَى وَقَدْ كَانَتْ بِالْأَيَّامِ لِأَنَّ الْقَدِيمَ يُتْرَكُ عَلَى قِدَمِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْكُلُّ (وَلَا أَنْ يَزِيدَ كَوَّةً) أَيْ لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كُوًى مُسَمَّاةً فِي نَهْرٍ خَاصٍّ لَيْسَ لِوَاحِدٍ أَنْ يَزِيدَ كَوَّةً.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (لَمْ يَضُرَّ بِالْبَاقِينَ) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ خَاصَّةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْكُوَى فِي النَّهْرِ الْأَعْظَمِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَشُقَّ
نَهْرًا مِنْهُ ابْتِدَاءً فَكَانَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي الْكُوَى بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْهِدَايَةِ (وَلَا أَنْ يَنْقُصَ بَعْضٌ كُوَاهُ) .
وَفِي التَّبْيِينِ وَلَوْ أَرَادَ الْأَعْلَى مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مِنْ النَّهْرِ الْخَاصِّ وَفِيهِ كُوًى بَيْنَهُمَا أَنْ يَسُدَّ بَعْضَهَا دَفْعًا لِفَيْضِ الْمَاءِ عَنْهَا كَيْ لَا تَنْزِلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْآخَرِ وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْسِمَ النَّهْرَ مُنَاصَفَةً لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِالْكِوَى تَقَدَّمَتْ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا.
(وَلَا) أَيْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ (أَنْ يَسُوقَ شِرْبَهُ إلَى أَرْضٍ أُخْرَى لَهُ لَيْسَ لَهَا) أَيْ لِلْأَرْضِ الْأُخْرَى (مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ (شِرْبٌ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَدَّعِيَ رَبُّ الْأَرْضِ بِتَقَادُمِ الْعَهْدِ حَقًّا لِتِلْكَ الْأَرْضِ فِي الشِّرْبِ وَكَذَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَسُوقَ شِرْبَهُ فِي أَرْضِهِ الْأُولَى حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى هَذِهِ الْأَرْضِ الْأُخْرَى لِأَنَّهُ يَسْتَوْفِي زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ إذْ الْأَرْضُ الْأُولَى تُنَشِّفُ بَعْضَ الْمَالِ قَبْلَ أَنْ يَسْقِيَ الْأُخْرَى (فَإِنْ رَضِيَ الْبَقِيَّةُ) أَيْ بَقِيَّةُ الشُّرَكَاءِ (بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ مِنْ النَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ وَالْقِسْمَةِ مِنْ الْأَيَّامِ وَغَيْرِهَا (جَازَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ وَلَهُمْ إسْقَاطُهُ (وَلَهُمْ) أَيْ لِلْبَقِيَّةِ (نَقْضُهُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَلِوَرَثَتِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ) لِأَنَّهُ إعَارَةُ الشِّرْبِ لَا مُبَادَلَةً لِأَنَّ مُبَادَلَةَ الشِّرْبِ بِالشِّرْبِ بَاطِلَةٌ وَكَذَا إجَارَةُ الشِّرْبِ لَا تَجُوزُ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَتَعَيَّنَتْ الْإِعَارَةُ وَهَذَا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ بِالْكِوَى قَدْ تَمَّتْ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْقُضَ تِلْكَ الْقِسْمَةِ فَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ يَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعِيرًا نَصِيبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ فَيَرْجِعُ فِيهَا هُوَ وَوَرَثَتُهُ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
(وَالشِّرْبُ يُورَثُ) لِكَوْنِهِ حَقًّا مَالِيًّا فَيَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ (وَيُوصَى بِالِانْتِفَاعِ بِهِ) أَيْ بِعَيْنِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ إذْ الْوَصِيَّةُ كَالْإِرْثِ فِي الثُّبُوتِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَصِيرُ حُكْمُهَا كَحُكْمِهِ وَجَهَالَةُ الْمُوصَى بِهِ لَا تَمْنَعُ الْوَصِيَّةَ لِأَنَّهَا مِنْ أَوْسَعِ الْعُقُودِ حَتَّى جَازَتْ لِلْمَعْدُومِ بِالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الْمِنَحِ.
(وَلَا يُبَاعُ) الشِّرْبُ (وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُوجَرُ وَلَا يُتَصَدَّقُ بِهِ) بِلَا أَرْضٍ لِلْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ وَعَدَمِ تَصَوُّرِ الْقَبْضِ وَلِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ حَتَّى لَوْ أَتْلَفَ شِرْبَ إنْسَانٍ بِأَنْ سَقَى أَرْضَهُ مِنْ شِرْبِ غَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ عَلَى رِوَايَةِ الْأَصْلِ وَفِي الْهِدَايَةِ وَلَا يُبَاعُ الشِّرْبُ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِدُونِ أَرْضٍ كَمَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَكَيْفَ يَصْنَعُ الْإِمَامُ وَالْأَصَحُّ أَنْ يُضَمَّ إلَى أَرْضٍ لَا شِرْبَ لَهُ فَيَبِيعُهَا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ مَعَ الشِّرْبِ وَبِدُونِهِ فَيَصْرِفُ التَّفَاوُتَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ذَلِكَ اشْتَرَى عَلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ شِرْبٍ ثُمَّ ضَمَّ الشِّرْبَ إلَيْهَا وَبَاعَهَا فَيَصْرِفُ الثَّمَنَ إلَى ثَمَنِ الْأَرْضِ وَالْفَاضِلَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ.
(وَلَا يُجْعَلُ) الشِّرْبُ (مَهْرًا) حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنْ يَكُونَ الشِّرْبُ مَهْرًا لَهَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَيْهِ لَا الشِّرْبُ (وَلَا) يُجْعَلُ (بَدَلُ صُلْحٍ) فَيَكُونُ الْمُدَّعِي عَلَى دَعْوَاهُ (وَلَا يَضْمَنُ مَنْ مَلَأَ أَرْضَهُ فَنَزَّتْ