الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آفَةٌ فَلَا يُمْكِنُ التَّسْلِيمُ، قَيَّدَ بِقَرْيَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي طَعَامِ وِلَايَةٍ يَجُوزُ، لِأَنَّ وُصُولَ الْآفَةِ لِطَعَامِ كُلِّ الْوِلَايَةِ نَادِرٌ، وَهَذَا إذَا نُسِبَ إلَى قَرْيَةٍ لِيُؤَدِّيَ مِنْ طَعَامِهَا، وَأَمَّا إذَا نُسِبَ إلَيْهَا لِبَيَانِ وَصْفِ الطَّعَامِ فَالسَّلَمُ جَائِزٌ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
(وَلَا) يَجُوزُ (فِيمَا لَا يَبْقَى) فِي الْأَسْوَاقِ وَالْبُيُوتِ (مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَصْدَرُ قَوْلِهِمْ حَلَّ الدَّيْنُ أَيْ إلَى حِينِ حُلُولِ الْأَجَلِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مُنْقَطِعًا عِنْدَ الْعَقْدِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَحِلِّ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ مُنْقَطِعًا فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا تُسْلِفُوا فِي الْأَثْمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا» ، وَلِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْمَحِلَّ، إذْ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَيَلْزَمُ التَّسْلِيمُ، وَالِاحْتِمَالُ فِي هَذَا الْعَقْدِ مُلْحَقٌ بِالْحَقِيقَةِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ إذْ عِنْدَهُ يَجُوزُ إنْ وُجِدَ وَقْتَ الْحُلُولِ فَلَا يَلْزَمُ الِاسْتِمْرَارُ.
[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]
(وَشَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ جَوَازِ السَّلَمِ تِسْعَةُ أَشْيَاءَ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا ثَمَانِيَةً الْأَوَّلُ (بَيَانُ الْجِنْسِ كَبُرٍّ أَوْ شَعِيرٍ، وَ) الثَّانِي بَيَانُ (النَّوْعِ كَسَقِيَّةٍ) بِفَتْحِ السِّينِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مَسْقِيَّةٍ وَهِيَ مَا تُسْقَى سَيْحًا (أَوْ بَخْسِيَّةٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ مَا تُسْقَى بِالْمَطَرِ نِسْبَةً إلَى الْبَخْسِ؛ لِأَنَّهَا مَبْخُوسَةُ الْحَظِّ مِنْ الْمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إلَى السَّيْحِ غَالِبًا.
(وَ) الثَّالِثُ بَيَانُ (الصِّفَةِ كَجَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ، وَ) الرَّابِعُ بَيَانُ (الْقَدْرِ نَحْوُ كَذَا رِطْلًا أَوْ كَيْلًا بِمَا لَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ) فَلَا يُجْعَلُ مِثْلُ الزِّنْبِيلِ كَيْلًا لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، وَيُجْعَلُ مِثْلُ قِرْبَةِ الْمَاءِ كَيْلًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلتَّعَامُلِ.
(وَ) الْخَامِسُ بَيَانُ (أَجَلٍ مَعْلُومٍ) إذْ السَّلَمُ لَا يَجُوزُ إلَّا مُؤَجَّلًا عِنْدَنَا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْأَجَلُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام رَخَّصَ فِيهِ مُطْلَقًا وَلَنَا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِي آخِرِ الْحَدِيثِ «إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» وَلِأَنَّهُ شُرِعَ رُخْصَةً لِلْفُقَرَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُدَّةٍ لِيَقْدِرَ عَلَى التَّحْصِيلِ وَالتَّتْمِيمِ وَالْإِيصَالِ وَالتَّسْلِيمِ.
(وَأَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ الْأَجَلِ فِي السَّلَمِ (شَهْرٌ فِي الْأَصَحِّ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِأَنَّ مَا دُونَهُ عَاجِلٌ، وَالشَّهْرُ وَمَا فَوْقَهُ آجِلٌ، بِدَلِيلِ مَسْأَلَةِ الْيَمِينِ: حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ دَيْنَهُ عَاجِلًا فَقَضَاهُ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ بَرَّ، وَقِيلَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ عَشَرَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ.
وَقَالَ صَدْرُ الشَّهِيدِ: وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَا يُمْكِنُ فِيهِ تَحْصِيلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ.
وَفِي الْفَتْحِ وَهُوَ جَدِيرٌ أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهُ لَا ضَابِطَ يَتَحَقَّقُ فِيهِ، وَكَذَا مِنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مِقْدَارِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَإِلَى عُرْفِ النَّاسِ فِي تَأْجِيلِ مِثْلِهِ، كُلُّ هَذَا تَنْفَتِحُ فِيهِ الْمُنَازَعَاتُ بِخِلَافِ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الزَّمَانِ، انْتَهَى، وَفِي الْبَحْرِ هُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ يَصِحَّ وَيُعَوَّلَ عَلَيْهِ فَقَطْ لِأَنَّ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ فِي شَهْرٍ فَيُؤَدِّي التَّقْدِيرُ بِهِ إلَى عَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْأَجَلِ وَهُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ، انْتَهَى هَذَا مُسَلَّمٌ إنْ كَانَ التَّقْدِيرُ مَخْصُوصًا بِالشَّهْرِ
لَا بِالزِّيَادَةِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ أَقَلُّ بَيَانِ الْأَجَلِ لَا أَكْثَرُهُ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنَّ مِنْ الْأَشْيَاءِ مَا لَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّهُ إنْ حُصِّلَ فِي الشَّهْرِ فَبِهَا وَإِنْ لَمْ يُحَصَّلْ فِيهِ وَاتَّفَقَا عَلَى زِيَادَةٍ عَلَيْهِ جَازَ بِلَا مَانِعٍ، تَدَبَّرْ.
(وَ) السَّادِسُ بَيَانُ (قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ إنْ كَانَ كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا) أَيْ وَشَرْطُهُ بَيَانُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ الْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ عَلَى مِقْدَارِهِ وَإِنْ كَانَ مُشَارًا إلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ (فَلَا يَجُوزُ فِي جِنْسَيْنِ بِلَا بَيَانِ رَأْسِ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا) يَعْنِي إذَا أَسْلَمَ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ بُرٍّ وَكُرِّ شَعِيرٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ رَأْسَ مَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا يَصِحُّ عِنْدَهُ لِأَنَّ إعْلَامَ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ شَرْطٌ فَيَقْسِمُ الْمِائَةَ عَلَى الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَهِيَ تُعْرَفُ بِالظَّنِّ فَتَكُونُ مَجْهُولَةً حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ يَصِحُّ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ (وَلَا) يَجُوزُ السَّلَمُ (بِنَقْدَيْنِ بِلَا بَيَانِ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ) كَمَا فِي الْوِقَايَةِ يَعْنِي إذَا أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي عَشَرَةِ أَقْفُزِ بُرٍّ لَمْ تَجُزْ عِنْدَهُ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَذْكُورَةَ إذَا لَمْ تُعْلَمْ وَزْنًا يَلْزَمُ عَدَمُ بَيَانِ حِصَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَكَذَا إذَا عُلِمَ وَزْنُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ حَيْثُ يَلْزَمُ بُطْلَانُ الْعَقْدِ فِي حِصَّةِ مَا لَمْ يُعْلَمْ، وَيَبْطُلُ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ لِلْجَهَالَةِ وَلِكَوْنِ الصَّفْقَةِ وَاحِدَةً، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا التَّصْوِيرَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ قَالُوا: لَوْ أَسْلَمَ جِنْسَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ أَحَدِهِمَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ غَيْرُ الْمُبَيَّنِ رَأْسَ الْمَالِ، وَأَمَّا فِي عِبَارَةِ الْوِقَايَةِ فَلِكَوْنِ الظَّاهِرِ أَنَّ غَيْرَ الْمُبَيَّنِ هُوَ حِصَّةُ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَبَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ ظَاهِرَةٌ، انْتَهَى.
وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ بَيَانَ الْحِصَّةِ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بَيَانُ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَا يَخْفَى. تَأَمَّلْ.
(وَ) السَّابِعُ بَيَانُ (مَكَانِ إيفَائِهِ) أَيْ إيفَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (إنْ كَانَ لَهُ حَمْلٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الثِّقَلُ (وَمُؤْنَةٌ) كَالْحِنْطَةِ، قِيلَ: مَا لَا يُحْمَلُ إلَى مَجْلِسِ الْقَضَاءِ مَجَّانًا، وَقِيلَ: مَا لَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا) لِأَنَّهُ صَارَ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ كَمَا فِي الثَّمَنِ وَالْأُجْرَةِ.
وَلَهُ أَنَّ جَهَالَةَ قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ قَدْ يُفْضِي إلَى جَهَالَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِأَنْ يُنْفِقَ بَعْضَهُ، ثُمَّ يَجِدَ بِالْبَاقِي عَيْبًا فَيَرُدَّهُ، وَلَا يَتَّفِقُ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِي الْمَرْدُودِ وَيَبْقَى فِي غَيْرِهِ، وَلَا يَدْرِي قَدْرَهُ فَيُفْضِي إلَى جَهَالَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْ مِثْلِهِ، وَالْمَوْهُومُ فِي هَذَا الْعَقْدِ كَالْمُتَحَقَّقِ لِشَرْعِهِ مَعَ الْمُنَافِي.
وَفِي الْبَحْرِ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلَّلَ لِلْإِمَامِ بِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إلَى رَدِّ رَأْسِ الْمَالِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا، وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ فَيَنْدَفِعُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الِانْتِقَادَ شَرْطٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ثَوْبًا لِأَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ فِيهِ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ عَلَى مِقْدَارِهِ (وَلَا) يُشْتَرَطُ بَيَانُ
(مَكَانِ الْإِيفَاءِ وَيُوفِيهِ فِي مَكَانِ عَقْدِهِ) عِنْدَهُمَا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَجَبَ بِالْعَقْدِ فَتَعَيَّنَ مَكَانُهُ لَهُ، وَلِأَنَّهُ لَا يُزَاحِمُهُ مَكَانٌ آخَرُ فِيهِ؛ فَيَصِيرُ نَظِيرَ أَوَّلِ أَوْقَاتِ الْإِمْكَانِ فِي الْأَوَامِرِ وَصَارَ كَالْقَرْضِ وَالْغَصْبِ، وَلِلْإِمَامِ أَنَّ التَّسْلِيمَ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْحَالِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بِخِلَافِ الْقَرْضِ وَالْغَصْبِ وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فَالْجَهَالَةُ فِيهِ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِأَنَّ قِيَمَ الْأَشْيَاءِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ، وَصَارَ كَجَهَالَةِ الصِّفَةِ وَعَنْ هَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ إنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَهُ يُوجِبُ التَّحَالُفَ كَمَا فِي الصِّفَةِ: وَقِيلَ عَلَى عَكْسِهِ لِأَنَّ تَعْيِينَ الْمَكَانِ مِنْ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ (الثَّمَنُ) الْمُؤَجَّلُ الَّذِي لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ كَمَا إذَا بَاعَ ثَوْبًا بِمُدِّ حِنْطَةٍ مُؤَجَّلَةٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ إيفَاءِ الْحِنْطَةِ عِنْدَهُ فِي الصَّحِيحِ، وَعِنْدَهُمَا يَتَعَيَّنُ لِلْإِيفَاءِ مَكَانُ الْعَقْدِ فِي الثَّمَنِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكُلِّ (وَالْأُجْرَةُ) كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ دَابَّةً بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ مَوْصُوفٍ بِالذِّمَّةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَيَتَعَيَّنُ فِي إجَارَةِ الدَّارِ مَوْضِعُ الدَّارِ لِلْإِيفَاءِ وَمَوْضِعُ تَسْلِيمِ الدَّابَّةِ فِي إجَارَةِ الدَّابَّةِ (وَالْقِسْمَةُ) بِأَنْ اقْتَسَمَا دَارًا، وَجَعَلَا مَعَ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا شَيْئًا لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ فَعِنْدَهُ يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَكَانِ الْإِيفَاءِ وَعِنْدَهُمَا يَتَعَيَّنُ مَكَانُ الْعَقْدِ.
(وَمَا لَا حَمْلَ لَهُ) وَلَا مُؤْنَةَ كَالْمِسْكِ وَالْكَافُورِ وَنَحْوِهِمَا (يُوفِيهِ حَيْثُ شَاءَ فِي الْأَصَحِّ اتِّفَاقًا) قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى بَيَانِ مَكَانِ الْإِيفَاءِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ وَيُوفِيهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي الْبُيُوعِ، وَذُكِرَ فِي الْإِجَارَاتِ يُوفِيهِ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، لِأَنَّ الْأَمَاكِنَ كُلَّهَا سَوَاءٌ وَلَا وُجُوبَ فِي الْحَالِ، وَلَوْ عَيَّنَا مَكَانًا قِيلَ: لَا يَتَعَيَّنُ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ، وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ سُقُوطَ خَطَرِ الطَّرِيقِ، انْتَهَى، فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَصَحِّ احْتِرَازٌ عَنْ رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَقَوْلُهُ اتِّفَاقًا قَيْدٌ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى بَيَانِ الْإِيفَاءِ وَتَعْيِينِهِ إذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَمْلٌ وَلَا مُؤْنَةٌ؛ فَلَا وَجْهَ لِمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ يُوفِيهِ حَيْثُ شَاءَ فِي الْأَصَحِّ اتِّفَاقًا لَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْإِيفَاءَ حَيْثُ شَاءَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، تَدَبَّرْ، قِيلَ هَذَا إذَا أَمْكَنَ الْإِيفَاءُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ إذْ لَوْ كَانَ الْعَقْدُ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ أَوْ قُلَّةِ الْجِبَالِ يُوفِيهِ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ مِنْ مَكَانِ الْعَقْدِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ: شَرَطَ الْإِيفَاءَ فِي مَدِينَةٍ فَكُلُّ مَحَلَّاتِهَا سَوَاءٌ فِي الْإِيفَاءِ حَتَّى لَوْ أَوْفَاهُ فِي مَحَلَّةٍ مِنْهَا بَرِئَ.
(وَ) الثَّامِنُ (قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ) وَلَوْ غَيْرَ نَقْدٍ بِالتَّخْلِيَةِ (قَبْلَ التَّفَرُّقِ) أَيْ قَبْلَ تَفَرُّقِ الْعَاقِدَيْنِ بِالْبَدَنِ لِأَنَّ السَّلَمَ أَخْذُ آجِلٍ بِعَاجِلٍ وَذَلِكَ بِالْقَبْضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ، فَلَا يَضُرُّ الْقَبْضُ بَعْدَ مَشْيِهِمَا فَرْسَخًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ نَوْمِهِمَا، وَالِافْتِرَاقُ أَنْ يَتَوَارَى أَحَدُهُمَا
صَاحِبَهُ حَتَّى لَوْ دَخَلَ رَبُّ السَّلَمِ بَيْتَهُ لِإِخْرَاجِ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يَغِبْ عَنْ عَيْنِ صَاحِبِهِ لَا يَكُونُ افْتِرَاقًا.
(شَرْطُ بَقَائِهِ) أَيْ بَقَاءِ الْعَقْدِ عَلَى الصِّحَّةِ لَا شَرْطُ انْعِقَادِهِ فَيَنْعَقِدُ صَحِيحًا بِدُونِهِ، ثُمَّ يَفْسُدُ بِالِافْتِرَاقِ بِلَا قَبْضٍ
فَلَوْ أَبَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْضَهُ فِي الْمَجْلِسِ أُجْبِرَ عَلَيْهِ
وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ مُفْسِدٌ لِلسَّلَمِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَمَامَ الْقَبْضِ.
وَالشَّرْطُ التَّاسِعُ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَزَادَ صَاحِبُ الْبَحْرِ تِسْعًا أُخَرَ فَلْيُطَالَعْ.
(فَلَوْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ (أَسْلَمَ) رَجُلٌ إلَى آخَرَ (مِائَةً نَقْدًا وَمِائَةً دَيْنًا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي كُرٍّ بَطَلَ) السَّلَمُ (فِي حِصَّةِ الدَّيْنِ فَقَطْ) سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ: أَسْلَمْتُ إلَيْك مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِي كُرِّ حِنْطَةٍ، ثُمَّ جَعَلَا مِائَةً مِنْ رَأْسِ الْمَالِ تَقَاصَّا بِالدَّيْنِ، أَوْ مُقَيَّدًا بِأَنْ أَسْلَمْتُ إلَيْك فِي مِائَةٍ نَقْدٍ وَمِائَةٍ دَيْنٍ لِي عَلَيْكَ وَسَوَاءٌ أُضِيفَ إلَى دَرَاهِمَ بِعَيْنِهَا أَوْ لَا وَذَلِكَ لِفِقْدَانِ الْقَبْضِ.
وَإِنَّمَا قَالَ دَيْنًا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي حَقِّ الْكُلِّ حَتَّى لَوْ نَقَدَ الْكُلَّ مِنْ مَالِهِ فِي الْمَجْلِسِ لَمْ يَنْقَلِبْ جَائِزًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ بِالنَّقْدِ فِي الْمَجْلِسِ يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ.
وَعِنْدَ زُفَرَ السَّلَمُ بَاطِلٌ فِي الْكُلِّ لِسَرَيَانِ الْفَسَادِ (وَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي رَأْسِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ وَقَبْلَ قَبْضِ رَبِّ السَّلَمِ الْمُسْلَمَ فِيهِ (بِشَرِكَةٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ) لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ وَالتَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ، وَلِرَأْسِ الْمَالِ شَبَهٌ بِالْمَبِيعِ فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَفِي التَّوْلِيَةِ تَمْلِيكُهُ بِعِوَضٍ وَفِي الشَّرِكَةِ تَمْلِيكُ بَعْضِهِ بِعِوَضٍ فَلَا يَجُوزُ.
وَصُورَةُ الشَّرِكَةِ فِيهِ أَنْ يَقُولَ رَبُّ السَّلَمِ لِآخَرَ: أَعْطِنِي نِصْفَ رَأْسِ الْمَالِ لِيَكُونَ نِصْفُ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَكَ.
وَصُورَةُ التَّوْلِيَةِ أَنْ يَقُولَ: أَعْطِنِي مِثْلَ مَا أَعْطَيْت الْمُسْلَمَ إلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ لَكَ وَإِنْ خَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمَا أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْ غَيْرِهِمَا.
(وَلَا) يَجُوزُ لِرَبِّ السَّلَمِ (شِرَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ التَّقَابُلِ) فِي عَقْدِ السَّلَمِ الصَّحِيحِ بَعْدَ وُقُوعِهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) بِحُكْمِ الْإِقَالَةِ اسْتِحْسَانًا لِقَوْلِهِ عليه السلام «لَا تَأْخُذْ إلَّا سَلَمَك أَوْ رَأْسَ مَالِكِ» أَيْ لَا تَأْخُذْ إلَّا مَا أَسْلَمْتَ فِيهِ حَالَ قِيَامِ الْعَقْدِ أَوْ رَأْسَ مَالِكِ بَعْدَ الِانْفِسَاخِ فَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ عَمَلًا بِهِ لِأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام جَعَلَ حَقَّ رَبِّ السَّلَمِ أَخْذَ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ الْإِقَالَةِ، وَأَخْذَ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَهَا، ثُمَّ لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ قَبْلَ الْإِقَالَةِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ لِئَلَّا يَصِيرَ قَابِضًا حَقَّ غَيْرِهِ فَكَذَا بَعْدَهَا بِرَأْسِ الْمَالِ.
وَعِنْدَ زُفَرَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ رَبِّ السَّلَمِ بِهِ شَيْئًا مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قِيَاسًا بِاعْتِبَارِ سَائِرِ الدُّيُونِ.
(وَلَوْ اشْتَرَى) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (كُرًّا، وَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ) أَيْ بِقَبْضِ الْكُرِّ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الْبَائِعِ (قَضَاءً) أَيْ لِأَجْلِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ مِنْ الْكُرِّ الْمُسْلَمِ فِيهِ (لَمْ يَصِحَّ) لِأَنَّهُ اجْتَمَعَتْ
صَفْقَتَانِ: السَّلَمُ وَهَذَا الشِّرَاءُ فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُجْرَى فِيهِ الْكَيْلَانِ (وَلَوْ أَمَرَ مُقْرِضَهُ بِذَلِكَ صَحَّ) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْكُرُّ قَرْضًا لَا سَلَمًا فَاشْتَرَى الْمُسْتَقْرِضُ كُرًّا مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَرَ مُقْرِضَهُ بِقَبْضِهِ قَضَاءً لِحَقِّهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْكَيْلَ لِأَنَّ الْقَرْضَ إعَارَةٌ وَكَانَ الْمَقْبُوضُ عَيْنَ حَقِّهِ تَقْدِيرًا فَلَمْ يَكُنْ اسْتِبْدَالًا.
(وَكَذَا لَوْ أَمَرَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (رَبَّ سَلَمِهِ بِقَبْضِهِ) أَيْ بِقَبْضِ الْكُرِّ مِنْهُ (لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ مُسْلَمٍ إلَيْهِ (ثُمَّ) بِقَبْضِهِ ثَانِيًا (لِنَفْسِهِ) أَيْ لِنَفْسِ رَبِّ السَّلَمِ (فَاكْتَالَهُ) أَيْ رَبُّ السَّلَمِ (لِأَجْلِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، ثُمَّ) اكْتَالَهُ (لِنَفْسِهِ صَحَّ) لِاجْتِمَاعِ الْكَيْلَيْنِ.
(وَلَوْ اكْتَالَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي ظَرْفِ رَبِّ السَّلَمِ بِأَمْرِهِ) أَيْ بِأَمْرِ رَبِّ السَّلَمِ (وَهُوَ) وَالْحَالُ أَنَّهُ (غَائِبٌ لَا يَكُونُ قَبْضًا) لِأَنَّ فِي السَّلَمِ لَمْ يَصِحُّ أَمْرُ رَبِّ السَّلَمِ بِالْكَيْلِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الدَّيْنِ لَا فِي الْعَيْنِ فَأَمْرُهُ لَمْ يُصَادِفْ مِلْكَهُ فَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ جَعَلَ مِلْكَهُ فِي ظَرْفٍ اسْتَعَارَهُ مِنْ رَبِّ السَّلَمِ.
قَيَّدَ بِغَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَكَالَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِحَضْرَتِهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّعَامِ يَصِيرُ قَابِضًا لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ تَسْلِيمٌ.
(وَلَوْ اكْتَالَ الْبَائِعُ كَذَلِكَ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ طَعَامًا وَدَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ ظَرْفًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَكِيلَهُ وَيَجْعَلَهُ فِي الظَّرْفِ فَفَعَلَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي غَائِبٌ (كَانَ قَبْضًا) لِأَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لِلْعَيْنِ بِالشِّرَاءِ، فَأَمْرُهُ صَادَفَ مِلْكَهُ فَيَكُونُ قَابِضًا بِوَضْعِهِ فِي ظَرْفِهِ، وَكَانَ الْبَائِعُ وَكِيلًا فِي إمْسَاكِ الظَّرْفِ فَجُعِلَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي حُكْمًا لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي الْقَبْضِ كَالْمُوَكِّلِ.
(بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَالَهُ) الْبَائِعُ (فِي ظَرْفِ نَفْسِهِ) لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ صَارَ مُسْتَعِيرًا ظَرْفَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَمْ تَصِحَّ الْعَارِيَّةُ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ فَلَا يَتِمُّ بِلَا قَبْضٍ فَلَا يَصِيرُ الْوَاقِعُ فِيهِ وَاقِعًا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي (أَوْ) اكْتَالَهُ (فِي نَاحِيَةِ بَيْتِهِ) أَيْ بَيْتِ الْبَائِعِ لِأَنَّ الْبَيْتَ وَنَوَاحِيَهُ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَصِرْ الْمُشْتَرِي قَابِضًا.
(وَلَوْ اكْتَالَ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي) بِأَنْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ آخَرَ كُرًّا بِعَقْدِ السَّلَمِ وَكُرًّا مُعَيَّنًا بِالْبَيْعِ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْكُرَّيْنِ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي (إنْ بَدَأَ) الْبَائِعُ هُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (بِالْعَيْنِ كَانَ قَبْضًا) أَيْ كَانَ الْمُشْتَرِي - هُوَ رَبُّ السَّلَمِ - قَابِضًا لَهُمَا.
أَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلِصِحَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ فَلِاتِّصَالِهِ بِمِلْكِ الْمُشْتَرِي كَمَنْ اسْتَقْرَضَ حِنْطَةً وَأَمَرَهُ أَنْ يَزْرَعَهَا فِي أَرْضِهِ. وَكَمَنْ دَفَعَ إلَى صَائِغٍ خَاتَمًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِهِ نِصْفَ دِينَارٍ (وَإِنْ بَدَأَ) الْبَائِعُ (بِالدَّيْنِ فَلَا) يَكُونُ قَابِضًا لَهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ.
أَمَّا فِي الدَّيْنِ فَلِعَدَمِ صِحَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ. وَأَمَّا فِي الْعَيْنِ فَلِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمِلْكِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَصَارَ مُسْتَهْلَكًا عِنْدَهُ فَيَنْتَقِضُ الْبَيْعُ مَعَ أَنَّ الْخَلْطَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْآمِرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ الْبِدَايَةَ بِالْعَيْنِ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ رِضَاهُ حَتَّى يَكُونَ شَرِيكًا لَهُ (وَعِنْدَهُمَا صَحَّ قَبْضُ الْعَيْنِ فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِالشَّرِكَةِ) فِي الْمَخْلُوطِ.
(وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ) لِأَنَّ الْخَلْطَ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَخَصَّهُ قَاضِي خَانْ
بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا بَدَأَهَا بِالدَّيْنِ يَصِيرُ قَابِضًا لَهُمَا كَمَا لَوْ بَدَأَ بِالْعَيْنِ ضَرُورَةَ اتِّصَالِهِ بِمِلْكِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ إذْ الْخَلْطُ لَيْسَ بِاسْتِهْلَاكٍ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِيرُ قَابِضًا لِلْعَيْنِ دُونَ الدَّيْنِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهِ وَلَمْ يَبْرَأْ عَنْ الدَّيْنِ، وَكَذَا لَوْ اسْتَقْرَضَ رَجُلٌ كُرًّا وَدَفَعَ إلَيْهِ غَرَائِرَهُ لِيَكِيلَهُ فِيهَا فَفَعَلَ - وَهُوَ غَائِبٌ - لَمْ يَكُنْ قَبْضًا كَمَا فِي الْمِنَحِ.
(وَلَوْ)(أَسْلَمَ أَمَةً فِي كُرٍّ) مِنْ بُرٍّ مَثَلًا أَيْ جَعَلَ أَمَةً رَأْسَ الْمَالِ فِي اشْتِرَاءِ كُرٍّ بِعَقْدِ السَّلَمِ (وَقُبِضَتْ) الْأَمَةُ أَيْ قَبَضَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (ثُمَّ تَقَايَلَا) عَقْدَ السَّلَمِ (فَمَاتَتْ) أَيْ، ثُمَّ مَاتَتْ الْأَمَةُ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَبْلَ رَدِّهَا) أَيْ الْأَمَةِ إلَى رَبِّ السَّلَمِ (بَقِيَ التَّقَايُلُ) عَلَى حَالِهِ وَلَمْ يَبْطُلْ بِهَلَاكِهَا (وَتَجِبُ) عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قِيمَتُهَا) أَيْ الْأَمَةِ (يَوْمَ قَبَضَهَا) أَيْ الْأَمَةَ.
(وَلَوْ مَاتَتْ) الْأَمَةُ قَبْلَ الْإِقَالَةِ (ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّ التَّقَايُلُ) أَيْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِقَالَةِ بَقَاءُ الْعَقْدِ، وَهُوَ يَبْقَى بِبَقَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِيهِ، وَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ هَلَاكِهَا فَإِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا وَقَدْ عَجَزَ بِمَوْتِهَا فَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ تَقَابَضَا، ثُمَّ تَقَايَلَا بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِهِمَا أَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِقَالَةِ. وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ يَوْمُ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الضَّمَانِ كَالْغَصْبِ.
(وَكَذَا الْمُقَايَضَةُ) وَهِيَ بَيْعُ سِلْعَةٍ بِسِلْعَةٍ (فِي الْوَجْهَيْنِ) هُوَ الْمَوْتُ بَعْدَ التَّقَايُلِ وَالتَّقَايُلُ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ مِنْ وَجْهٍ وَثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ، فَفِي الْبَاقِي يُعْتَبَرُ الْمَبِيعَةُ وَفِي الْهَلَاكِ الثَّمَنِيَّةُ (بِخِلَافِ الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ فِيهِمَا) أَيْ إذَا اشْتَرَى أَمَةً بِأَلْفٍ، ثُمَّ تَقَايَلَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ وَلَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ الْأَمَةُ وَلَا يَبْقَى الْعَقْدُ بَعْدَ هَلَاكِهَا فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ ابْتِدَاءً وَلَا تَبْقَى انْتِهَاءً لِانْعِدَامِ مَحَلِّهَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَفِي التَّنْوِيرِ: تَقَايَلَا الْبَيْعَ فِي عَبْدٍ فَأَبَقَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِهِ بَطَلَتْ الْإِقَالَةُ، وَالْبَيْعُ بِحَالِهِ.
(وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُ عَاقِدَيْ السَّلَمِ بَيَانَ الْأَجَلِ أَوْ) ادَّعَى (اشْتِرَاطَ الرَّدَاءَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ) يَعْنِي لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: شَرَطْنَا التَّأْجِيلَ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ نَشْتَرِطْ شَيْئًا، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: شَرَطْنَا طَعَامًا رَدِيًّا وَقَالَ الْآخَرُ لَمْ نَشْتَرِطْ (فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِمَا) أَيْ لِمُدَّعِي الْأَجَلِ وَالرَّدَاءَةِ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيهِمَا رَبَّ السَّلَمِ أَوْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِمَامِ، لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَدَّعِي الصِّحَّةَ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ وَإِنْ أَنْكَرَ خَصْمُهُ إذْ الظَّاهِرُ شَاهِدٌ لَهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ مَعْصِيَةٌ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ التَّحَرُّزُ عَنْهُ.
(وَقَالَا لِلْمُنْكِرِ إنْ كَانَ) الْمُنْكِرُ (رَبَّ السَّلَمِ فِي) الصُّورَةِ (الْأُولَى) أَيْ الْقَوْلُ لِرَبِّ السَّلَمِ عِنْدَهُمَا إذَا ادَّعَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ التَّأْجِيلَ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ حَقًّا عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَجَلُ (أَوْ) كَانَ الْمُنْكِرُ (الْمُسْلَمَ إلَيْهِ فِي) الصُّورَةِ (الثَّانِيَةِ) وَهِيَ الرَّدَاءَةُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَالْأَصْلُ أَنَّ مَنْ خَرَجَ كَلَامُهُ تَعَنُّتًا
فَالْقَوْلُ لِصَاحِبِهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ خَرَجَ خُصُومَةً بِأَنْ يُنْكِرَ مَا يَضُرُّهُ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَقْدٍ وَاحِدٍ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا الْقَوْلُ لِلْمُنْكِرِ سَوَاءٌ أَنْكَرَ الصِّحَّةَ أَوْ غَيْرَهَا.
وَفِي التَّنْوِيرِ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِهِ فَالْقَوْلُ لِلطَّالِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ بَرْهَنَ قُبِلَ، وَإِنْ بَرْهَنَا قَضَى بِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ، وَاخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ فَالْقَوْلُ لِلْمَطْلُوبِ لِإِنْكَارِهِ تَوَجُّهَ الْمُطَالَبَةِ، وَإِنْ بَرْهَنَا قَضَى بِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ.
(وَالِاسْتِصْنَاعُ) لُغَةً طَلَبُ الْعَمَلِ، مُتَعَدٍّ إلَى مَفْعُولَيْنِ وَشَرْعًا بَيْعُ مَا يَصْنَعُهُ عَيْنًا فَيَطْلُبُ فِيهِ مِنْ الصَّانِعِ الْعَمَلَ وَالْعَيْنَ جَمِيعًا فَلَوْ كَانَ الْعَيْنُ مِنْ الْمُسْتَصْنِعِ كَانَ إجَارَةً لَا اسْتِصْنَاعًا، وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَقُولَ لِصَانِعٍ كَخَفَّافٍ مَثَلًا: اصْنَعْ لِي مِنْ مَالِكِ خُفًّا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ بِعِشْرِينَ (بِأَجَلٍ) مَعْلُومٍ كَأَنْ يَقُولَ شَهْرًا مَثَلًا (سَلَمٌ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِ شَرَائِطُهُ (فَيَصِحُّ فِيمَا أَمْكَنَ ضَبْطُ صِفَتِهِ وَقَدْرِهِ تُعُورِفَ) الِاسْتِصْنَاعُ فِيهِ (أَوْ لَا) عِنْدَ الْإِمَامِ لِأَنَّ السَّلَمَ بِالْأَجَلِ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ مُطْلَقًا، وَالِاسْتِصْنَاعُ بِالْأَجَلِ فِي عُرْفِهِمْ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ، وَعِنْدَهُمَا إنْ ضُرِبَ الْأَجَلُ فِيمَا تُعُورِفَ فَهُوَ اسْتِصْنَاعٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ فِيهِ فَيُحْفَظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ، وَإِنْ ضُرِبَ فِيمَا لَا يُتَعَارَفُ فِيهِ فَهُوَ سَلَمٌ لِتَعَذُّرِ، جَعْلِهِ اسْتِصْنَاعًا، وَيُحْمَلُ الْأَجَلُ فِيمَا فِيهِ تَعَامُلٌ عَلَى الِاسْتِعْجَالِ، هَذَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِمْهَالِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعْجَالِ بِأَنْ اُسْتُصْنِعَ عَلَى أَنْ يَفْرُغَ عَنْهُ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ لَا يَصِيرُ سَلَمًا بِالْإِجْمَاعِ، وَحُكِيَ عَنْ الْهِنْدُوَانِيِّ أَنَّهُ إنْ ذَكَرَهُ الْمُسْتَصْنِعُ فَلَيْسَ بِسَلَمٍ، وَإِنْ ذَكَرَ الصَّانِعُ فَسَلَمٌ، وَقِيلَ إنْ ذَكَرَ أَدْنَى مُدَّةٍ تُمَكِّنُ فِيهِ مِنْ الْعَمَلِ فَاسْتِصْنَاعٌ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَسَلَمٌ يُرَاعَى شَرَائِطُهُ.
(، وَ) الِاسْتِصْنَاعُ (بِلَا أَجَلٍ) مَعْلُومٍ (يَصِحُّ اسْتِحْسَانًا فِيمَا تُعُورِفَ فِيهِ كَخُفٍّ وَطَسْتٍ وَقُمْقُمَةٍ) وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَوَانِي (وَهُوَ بَيْعٌ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْمُسْتَصْنَعَ فِيهِ الْمَعْدُومَ يُجْعَلُ مَوْجُودًا حُكْمًا كَطَهَارَةِ الْمَعْذُورِ فَنُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْإِجْمَاعِ لِلتَّعَامُلِ مِنْ زَمَنِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام إلَى يَوْمِنَا هَذَا، وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ وَقَدْ اسْتَصْنَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاتَمًا وَمِنْبَرًا فَصَارَ كَدُخُولِ الْحَمَّامِ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ جَازَ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ، وَإِنْ أَبَى الْقِيَاسُ جَوَازَهُ لِأَنَّ مِقْدَارَ الْمُكْثِ وَمَا يُصَبُّ مِنْ الْمَاءِ مَجْهُولٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِسَقَّاءٍ: أَعْطِنِي شَرْبَةَ مَاءٍ بِفَلْسٍ أَوْ احْتَجَمَ بِأَجْرٍ (لَا عِدَةً) كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ قَائِلًا: إذَا جَاءَ مَفْرُوغًا عَنْهُ يَنْعَقِدُ بِالتَّعَاطِي وَلِذَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَكِنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ جَوَازُهُ بَيْعًا لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِيهِ الْقِيَاسَ وَالِاسْتِحْسَانَ، وَهُمَا لَا يُجْرَيَانِ فِي الْمُوَاعَدَةِ.
وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهِ بَيْعًا بِقَوْلِهِ (فَيُجْبَرُ الصَّانِعُ عَلَى عَمَلِهِ) وَلَوْ كَانَ عِدَةً لَمْ يُجْبَرْ (وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَصْنِعُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ أَمْرِهِ