الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْجُثَّةَ اعْتِبَارًا لِلْآدَمِيَّةِ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا قَالَاهُ لِأَنَّ فِيمَا قَالَاهُ اعْتِبَارُ جَانِبِ الْمَالِيَّةِ فَقَطْ.
[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]
فَصَلِّ (وَإِنْ جَنَى مُدَبَّرٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ ضَمِنَ السَّيِّدُ الْأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِنْ الْأَرْشِ) إذْ لَا حَقَّ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَرْشِ وَلَا مَنْعَ مِنْ الْمَوْلَى فِي أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْكَثِيرِ وَالْقَلِيلِ فِي مُتَّحِدِ الْجِنْسِ لِاخْتِيَارِهِ الْأَقَلَّ بِلَا شُبْهَةٍ (فَإِنْ جَنَى) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَيْنِ جِنَايَةً (أُخْرَى) فَعِنْدَ الْإِمَامِ (شَارَكَ وَلِيُّ) الْجِنَايَةِ (الثَّانِيَةِ وَلِيَّ) الْجِنَايَةِ (الْأُولَى فِي الْقِيمَةِ إنْ دُفِعَتْ) أَيْ الْقِيمَةُ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى وَلِيِّ الْأُولَى (بِقَضَاءٍ) وَلَا يَطْلُبُ وَلِيُّ الثَّانِيَةِ مِنْ الْمَوْلَى شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا تَعَدِّي مِنْ الْمَوْلَى بِدَفْعِهَا إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الدَّفْعِ بِالْقَضَاءِ فَيَتْبَعُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَيُشَارِكُهُ فِيهَا وَيَقْتَسِمَانِهِ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى بِقَضَاءٍ بَلْ بِرِضًى (فَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ) وَلِيُّ الثَّانِيَةِ (وَلِيَّ) الْجِنَايَةِ (الْأُولَى وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَوْلَى) لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إنَّمَا تُوجِبُ قِيمَةً وَاحِدَةً فَإِذَا دَفَعَهَا إلَى الْأَوَّلِ بِاخْتِيَارِهِ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِي حَقِّ الثَّانِي لِأَنَّ حِصَّتَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَنْفُذَ هَذَا الدَّفْعُ فِي حَقِّهِ وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ دَفَعَ الْمَوْلَى فِي حَقِّ الثَّانِي فَالثَّانِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ اتَّبَعَ وَلِيَّ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ ظُلْمًا فَصَارَ بِهِ ضَامِنًا فَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ تَعَدَّى بِدَفْعِ حَقِّهِ اخْتِيَارًا مِنْهُ لَا جَبْرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي عَلَى مَا بُيِّنَ آنِفًا هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا يَتْبَعُ) وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ (وَلِيَّ الْأُولَى بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دَفَعَ الْمَوْلَى بِقَضَاءِ الْقَاضِي أَوْ بِرِضَاهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا فَعَلَهُ بِالْقَضَاءِ لِأَنَّهُ إيصَالُ حَقٍّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ مَوْجُودَةً حِينَئِذٍ حَتَّى يُجْعَلَ مُتَعَدِّيًا بِالدَّفْعِ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمُدَبَّرَ وَقَدْ جَنَى جِنَايَاتٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ) لِأَنَّ دَفْعَ الْقِيمَةِ فِيهِ كَدَفْعِ الْعَيْنِ وَدَفْعَ الْعَيْنِ لَا يَتَكَرَّرُ فَكَذَا مَا قَامَ مَقَامَهُ وَأَمُّ الْوَلَدِ كَالْمُدَبَّرِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحْكَامِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ الْمُدَبَّرُ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ عِتْقِهِ) لِأَنَّ مُوجِبَ جِنَايَاتِهِ عَلَى الْمَوْلَى لَا عَلَى نَفْسِهِ وَإِقْرَارُهُ عَلَى الْمَوْلَى غَيْرُ نَافِذٍ.
[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]
َ لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ الْمُدَبَّرِ فِي الْجِنَايَةِ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُرَدُّ عَلَيْهِ وَمَا يُرَدُّ مِنْهُ وَذَكَرَ حُكْمَ مَنْ يَلْحَقُ بِهِ.
(وَلَوْ قَطَعَ سَيِّدٌ يَدَ عَبْدِهِ فَغُصِبَ) أَيْ الْعَبْدُ بِأَنْ غَصَبَهُ آخَرُ (فَمَاتَ مِنْ الْقَطْعِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ ضَمِنَ) الْغَاصِبُ (قِيمَتَهُ) أَيْ الْعَبْدِ (مَقْطُوعًا)
لِأَنَّ الْغَصْبَ قَاطِعٌ لِلسِّرَايَةِ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ فَصُيِّرَ كَأَنَّهُ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ إنْ قُطِعَ.
(وَإِنْ قَطَعَ سَيِّدُهُ) أَيْ الْعَبْدِ يَدَهُ (عِنْدَ الْغَاصِبِ فَمَاتَ) مِنْ الْقَطْعِ (بَرِئَ الْغَاصِبُ) مِنْ الضَّمَانِ لِأَنَّ السِّرَايَةَ مُضَافَةٌ إلَى الْبِدَايَةِ فَصَارَ الْمَوْلَى مُتْلِفًا فَيَصِيرُ مُسْتَرِدًّا. وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَقَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ بِحَيْثُ قَطَعَ يَدَهُ وَهُوَ اسْتِرْدَادٌ فَبَرِئَ الْغَاصِبُ مِنْ الضَّمَانِ.
(وَلَوْ غَصَبَ) عَبْدٌ (مَحْجُورٌ) عَبْدًا مَحْجُورًا (مِثْلَهُ فَمَاتَ) الْمَغْصُوبُ (فِي يَدِهِ) أَيْ الْغَاصِبِ (ضَمِنَ) لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ وَهَذَا مِنْهَا فَيَضْمَنُ حَتَّى لَوْ ثَبَتَ الْغَصْبُ بِالْبَيِّنَةِ يُبَاعُ فِيهِ بِالْحَالِ بِخِلَافِ أَقْوَالِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ لَا يُبَاعُ بَلْ يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ.
(وَلَوْ غُصِبَ) عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ (مُدَبَّرٌ فَجَنَى) ذَلِكَ الْمُدَبَّرُ (عِنْدَ غَاصِبِهِ ثُمَّ) رَدَّهُ إلَى مَوْلَاهُ فَجَنَى (عِنْدَ سَيِّدِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ جَنَى عِنْدَ سَيِّدِهِ جِنَايَةً ثُمَّ جَنَى عِنْدَ غَاصِبِهِ جِنَايَةً أُخْرَى (ضَمِنَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ لَهُمَا) أَيْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْمُدَبَّرِ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي السَّبَبِ (وَرَجَعَ) السَّيِّدُ (بِنِصْفِهَا) أَيْ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ الَّتِي ضَمِنَهَا (عَلَى الْغَاصِبِ) ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ بِالْجِنَايَتَيْنِ نِصْفَهَا بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَنِصْفَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ وُجِدَ عِنْدَهُ، فَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِالسَّبَبِ الَّذِي لَحِقَهُ مِنْ جِهَةِ الْغَاصِبِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ نِصْفَ الْعَبْدِ (وَدَفَعَهُ إلَى رَبِّ) الْجِنَايَةِ (الْأُولَى فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) وَهِيَ مَا إذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ عِنْدَ غَاصِبِهِ ثُمَّ عِنْدَ مَوْلَاهُ (ثُمَّ رَجَعَ بِهِ ثَانِيًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْأُولَى فِي جَمِيعِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ جَنَى فِي حَقِّهِ لَا يُزَاحِمُهُ أَحَدٌ وَإِنَّمَا انْتَقَصَ بِاعْتِبَارِ مُزَاحَمَةِ الثَّانِي، فَإِذَا وَجَدَ الْأَوَّلُ شَيْئًا مِنْ بَدَلِ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَارِغًا يَأْخُذُهُ لِيَتِمَّ حَقُّهُ، فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ يَرْجِعُ الْمَوْلَى ثَانِيًا بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ عَلَى الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَ الْغَاصِبِ. وَهَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ (وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَدْفَعُهُ) أَيْ نِصْفَ الْقِيمَةِ الَّذِي رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى بَلْ هُوَ مُسَلَّمٌ لِلْمَوْلَى إذْ هُوَ عِوَضُ مَا أَخَذَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَلَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ (وَلَا يَرْجِعُ ثَانِيًا) ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ عِوَضُ مَا سُلِّمَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَلَا يَرْجِعُ كَيْ لَا يَتَكَرَّرَ الِاسْتِحْقَاقُ (وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ عِنْدَ مَوْلَاهُ جِنَايَةً ثُمَّ عِنْدَ غَاصِبِهِ أُخْرَى (يَدْفَعُهُ) أَيْ يَدْفَعُ الْمَوْلَى مَا رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى (وَلَا يَرْجِعُ) الْمَوْلَى عَلَى الْغَاصِبِ (ثَانِيًا) بِمَا دَفَعَهُ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى (بِالْإِجْمَاعِ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى صَدَرَتْ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَهُوَ فِي يَدِ الْمَوْلَى (وَالْقِنُّ فِي الْفَصْلَيْنِ) أَيْ فِيمَا إذَا جَنَى عِنْدَ غَاصِبِهِ ثُمَّ عِنْدَ مَوْلَاهُ (كَالْمُدَبَّرِ إلَّا) أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا (أَنَّهُ)
أَيْ الْمَوْلَى (يَدْفَعُهُ) أَيْ الْقِنَّ نَفْسَهُ (وَفِي الْمُدَبَّرِ يَدْفَعُ الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ (وَحُكْمُ تَكْرَارِ الرُّجُوعِ وَالدَّفْعِ كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ اخْتِلَافًا وَاتِّفَاقًا) فَإِنَّهُ إذَا دَفَعَ الْقِنَّ إلَيْهِمَا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ، وَسُلِّمَ لِلْمَالِكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَلْ يَدْفَعُهُ إلَى الْأَوَّلِ وَإِذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ يَرْجِعُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْغَاصِبِ ثَانِيًا وَفِي الْفَصْلِ الثَّانِي لَا يَرْجِعُ.
(وَلَوْ غَصَبَ رَجُلٌ مُدَبَّرًا مَرَّتَيْنِ فَجَنَى) الْمُدَبَّرُ (عِنْدَهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَرَّتَيْنِ (غَرِمَ سَيِّدُهُ قِيمَتَهُ لَهُمَا) أَيْ لِوَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ (وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ وَدَفَعَ نِصْفَهَا) أَيْ الْقِيمَةِ (إلَى وَلِيِّ) الْجِنَايَةِ (الْأُولَى وَرَجَعَ بِهِ) أَيْ بِالنِّصْفِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ (ثَانِيًا اتِّفَاقًا) ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَصَبَ رَجُلٌ مُدَبَّرًا فَجَنَى عِنْدَهُ خَطَأً ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى الْمَوْلَى فَغَصَبَهُ ثَانِيًا ثُمَّ جَنَى ذَلِكَ الْمُدَبَّرُ عِنْدَهُ مَرَّةً أُخْرَى يَضْمَنُ الْمَوْلَى قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَتَيْنِ بِأَنْ يَجْعَلَ الْقِيمَةَ نِصْفَيْنِ لِمَنْعِهِ رَقَبَتَهُ بِالتَّدْبِيرِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ بَدَلَ الرَّقَبَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ عَلَى الْغَاصِبِ لِحُصُولِ كُلٍّ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ عِنْدَهُ، ثُمَّ قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الِاخْتِلَافِ السَّابِقِ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَقِيلَ عَلَى الِاتِّفَاقِ. وَإِلَى الْقَوْلِ بِالِاخْتِلَافِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَقِيلَ فِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ) وَالْفَرْقُ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ فِي الْأُولَى الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ عِوَضٌ عَمَّا سُلِّمَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ كَانَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ فَلَوْ دُفِعَ إلَيْهِ ثَانِيًا يَتَكَرَّرُ الِاسْتِحْقَاقُ أَمَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ عِوَضًا عَنْ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ لِحُصُولِهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى مَا ذُكِرَ.
(وَمَنْ)(غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا) أَيْ ذَهَبَ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَذِكْرُهُ بِلَفْظِ الْغَصْبِ مُشَاكِلُهُ إذْ الْغَصْبُ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ وَالْحُرُّ لَيْسَ كَذَلِكَ (فَمَاتَ) أَيْ الصَّبِيُّ (فِي يَدِهِ) أَيْ فِي يَدِ الذَّاهِبِ بِهِ (فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ) مَاتَ (بِصَاعِقَةٍ) أَوْ نَهْشِ حَيَّةٍ (فَعَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الذَّاهِبِ (دِيَتُهُ) أَيْ دِيَةُ الصَّبِيِّ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَضْمَنَ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ فِي الْحَدِّ لَا يَتَحَقَّقُ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ ضَمَانَهُ لَيْسَ لِكَوْنِهِ غَاصِبًا بَلْ لِتَسَبُّبِهِ لِإِتْلَافِهِ بِنَقْلِهِ إلَى مَكَان فِيهِ الصَّوَاعِقُ وَالْحَيَّاتُ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَجْأَةً أَوْ بِحُمَّى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ حَتَّى لَوْ نَقَلَهُ إلَى مَكَان تَغْلِبُ فِيهِ الْحُمَّى وَالْأَمْرَاضُ كَالطَّاعُونِ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَتَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِقَتْلِهِ بِالنَّقْلِ تَسَبُّبًا قَالَ فِي الْغَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ فَمَا حُكْمُ الْحُرِّ الْكَبِيرِ إذَا نُقِلَ إلَى هَذِهِ الْأَمَاكِنِ تَعَدِّيًا فَأَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ؟ أُجِيبَ: حُكْمُهُ أَنْ يَنْظُرَ إنْ كَانَ النَّاقِلُ قَيَّدَهُ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحَرُّزُ عَنْهُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ عَجَزَ عَنْ حِفْظِ نَفْسِهِ بِمَا فَعَلَ بِهِ فَيَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْغَاصِبِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ حِفْظِ نَفْسِهِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ إذَا لَمْ يَحْفَظْ نَفْسَهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْحِفْظِ كَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَى تَقْصِيرِهِ لَا إلَى الْغَاصِبِ فَلَا يَضْمَنُ فَكَانَ حُكْمُ الْحُرِّ الصَّغِيرِ حُكْمَ الْحُرِّ الْكَبِيرِ الْمُقَيَّدِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ