المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسائل شتى من كتاب القضاء] - مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر - جـ ٢

[داماد أفندي عبد الرحمن شيخي زاده]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[مسائل شتى من كتاب القضاء]

(وَإِذَا رُفِعَ حُكْمُهُ) أَيْ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ (إلَى قَاضٍ أَمْضَاهُ إنْ وَافَقَ مَذْهَبَهُ) لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي نَقْضِهِ، ثُمَّ فَائِدَةُ هَذَا الْإِمْضَاءِ أَنْ لَا يَكُونَ لِقَاضٍ آخَرَ - يَرَى خِلَافَهُ - نَقْضُهُ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ لِأَنَّ إمْضَاءَهُ بِمَنْزِلَةِ قَضَائِهِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ مَذْهَبَهُ (نَقَضَهُ) أَيْ لَمْ يُمْضِهِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ وِلَايَةٍ عَامَّةٍ فَلَمْ يُلْزِمْ الْقَاضِيَ إذَا خَالَفَ رَأْيَهُ.

(وَلَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ فِي حَدٍّ) إذْ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى (وَقَوَدٍ) لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ إبَاحَةَ دَمِهِمَا فَلَا يَجُوزُ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ فِيهِمَا لِتَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى صِحَّةِ تَحْكِيمِهِمَا، وَقِيلَ: إنَّ حُكْمَهُ بِمَنْزِلَةِ الصُّلْحِ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ الِاسْتِيفَاءُ بِالصُّلْحِ، وَاسْتِيفَاءُ الْحَدِّ وَالْقَوَدِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بِالصُّلْحِ فَلَا يَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِيهِمَا (وَيَصِحُّ) التَّحْكِيمُ (فِي سَائِرِ الْمُجْتَهَدَاتِ) وَغَيْرِهَا الَّذِي هُوَ الثَّابِتُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى (قَالُوا) أَيْ مَشَايِخُنَا (وَلَا يُفْتَى بِهِ) أَيْ بِالتَّحْكِيمِ (دَفْعًا لِتَجَاسُرِ الْعَوَامّ) .

وَفِي الْبَحْرِ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ " لَا يُفْتَى بِهِ ": لَا يُكْتَبُ عَلَى الْفَتْوَى أَوْ لَا يُجَابُ بِاللِّسَانِ بِالْحِلِّ، وَإِنَّمَا يَسْكُتُ الْمُفْتِي كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى بِقَوْلِهِ: نَكْتُمُ هَذَا الْفَصْلَ وَلَا نُفْتِي بِهِ، وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُفْتِيَ يُجِيبُ بِقَوْلِهِ بِلَا يَحِلُّ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ، انْتَهَى.

(وَلَوْ حَكَّمَاهُ فِي دَمِ خَطَأٍ فَحَكَمَ بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَا يَنْفُذُ) لِأَنَّ حُكْمَ الْمُحَكَّمِ لَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُحَكِّمَيْنِ وَلَا يَنْفُذُ إذًا فِي حَقِّ الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُمْ مَا رَضُوا بِحُكْمِهِ كَمَا لَوْ حَكَّمَا فِي عَيْبِ مَبِيعٍ فَقَضَى بِرَدِّهِ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَالْمُشْتَرِي بِتَحْكِيمِهِ.

قَيَّدَ بِكَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ يَنْفُذُ فِيهِ عَلَى الْقَاتِلِ مِنْ مَالِهِ إذَا أَقَرَّ بِالْقَتْلِ خَطَأً، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ لَا يَنْفُذُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِهَا لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ وَهُوَ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْأَوْلِيَاءِ قُومُوا فَدُوهُ» (وَلَا يَصِحُّ حُكْمُ الْمُحَكَّمِ وَلَا الْمُوَلَّى) أَيْ الْقَاضِي مِنْ جِهَةِ السُّلْطَانِ (لِأَبَوَيْهِ) وَإِنْ عَلَا (وَوَلَدِهِ) وَإِنْ سَفَلَ (وَزَوْجَتِهِ) لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِحُكْمِهِ لَهُمْ (وَيَصِحُّ) حُكْمُهُمَا (عَلَيْهِمْ) كَالشَّهَادَةِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ لَهُمْ وَتَجُوزُ عَلَيْهِمْ (وَيَصِحُّ لِمَنْ وَلَّاهُ وَعَلَيْهِ) لِأَنَّ مَنْ جَازَ شَهَادَتُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ جَازَ قَضَاؤُهُ لَهُ وَعَلَيْهِمْ.

[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

مَسَائِلُ شَتَّى جَمْعُ شَتِيتٍ أَيْ مُتَفَرِّقَةٌ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ وَهُوَ هُنَا مَرْفُوعٌ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ لِلْمَسَائِلِ، وَالْمَسَائِلُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، فَإِذَا قُلْتَ: جَاءَنِي الْقَوْمُ شَتَّى نَصَبْتَ عَلَى الْحَالِ أَيْ مُتَفَرِّقِينَ (لَيْسَ لِذِي سُفْلٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السُّفْلِ (عُلُوٌّ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتِدَ) أَيْ لَا يَدُقَّ وَتَدًا (فِي سُفْلِهِ أَوْ يَنْقُبَ كُوَّةً) بِضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ، وَهِيَ الطَّاقَةُ،.

وَفِي الدِّيوَانِ بِالْفَتْحِ الرَّوْزَنَةُ.

وَفِي الْبَحْرِ بِفَتْحِ الْكَافِّ نَقْبُ الْبَيْتِ وَيُجْمَعُ

ص: 174

عَلَى كُوًى بِالْكَسْرِ وَقَدْ تُضَمُّ الْكَافُ فِي الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ، وَيُسْتَعَارُ لِمَفَاتِيحِ الْمَاءِ إلَى الْمَزَارِعِ وَالْجَدَاوِلِ.

وَفِي الصِّحَاحِ أَنَّ الْجَمْعَ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ (بِلَا رِضَى ذِي الْعُلُوِّ وَلَا لِذِي الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ) أَوْ يَضَعَ جِذْعًا لَمْ يَكُنْ قَبْلُ أَوْ يُحْدِثَ كَنِيفًا بِلَا رِضَى ذِي سُفْلٍ عِنْدَ الْإِمَامِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَسْبَابِ الضَّرَرِ فَيَمْنَعُهُ الْقَاضِي (وَعِنْدَهُمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْعُلُوِّ (فِعْلُ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ بِلَا رِضَى الْآخَرِ) إذْ هُوَ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ (وَقِيلَ: قَوْلُهُمَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ) أَيْ لِقَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ مَا فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ إذْ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَهُمْ، وَقِيلَ: لَا بَلْ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ وَهُوَ فِي مَحَلِّ وُقُوعِ الشَّكِّ، فَمَا لَا شَكَّ فِي عَدَمِ ضَرَرِهِ كَوَضْعِ مِسْمَارٍ صَغِيرٍ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَمَا فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ كَفَتْحِ الْبَابِ يَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ اتِّفَاقًا، وَمَا يُشَكُّ فِي التَّضَرُّرِ بِهِ كَدَقِّ الْوَتَدِ فِي الْجِدَارِ أَوْ السَّقْفِ فَعِنْدَهُمَا لَا يُمْنَعُ لِأَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْإِبَاحَةُ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ يَقْتَضِي الْإِطْلَاقَ، وَالْأَصْلُ عِنْدَهُ الْحَظْرُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ مُحْتَرَمٌ لِلْغَيْرِ، وَالْإِطْلَاقُ يُعَارِضُهُ الرِّضَى فَإِذَا أَشْكَلَ لَا يَزُولُ الْمَنْعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعَرَّى عَنْ نَوْعِ ضَرَرٍ بِالْعُلُوِّ مِنْ تَوْهِينِ الْبِنَاءِ أَوْ نَقْضِهِ فَيُمْنَعُ عَنْهُ، وَلِذَا لَا يَمْلِكُ صَاحِبُ السُّفْلِ أَنْ يَهْدِمَ كَالْجِدَارِ وَالسَّقْفِ فَكَذَا نَقْضُهُ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ قِيَاسٌ وَهَلْ يُمْنَعُ صَاحِبُ الْعُلُوِّ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْعُلُوِّ؟

اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ قَالَ صَدْرُ الشَّهِيدِ: الْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا أَشْكَلَ أَنَّهُ يَضُرُّ أَمْ لَا لَا يَمْلِكُ، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ يَمْلِكُ.

وَفِي الْبَحْرِ لَوْ انْهَدَمَ السُّفْلُ بِغَيْرِ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي، وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ أَنْ يَبْنِيَ إنْ شَاءَ، وَيَبْنِي عَلَيْهِ عُلُوَّهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ وَيَمْنَعُهُ مِنْ الِانْتِفَاعِ وَالسُّكْنَى حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ لِكَوْنِهِ مُضْطَرًّا.

(وَلَيْسَ لِأَهْلِ زَائِغَةٍ) أَيْ سِكَّةٍ (مُسْتَطِيلَةٍ) صِفَةٌ لِزَائِغَةٍ أَيْ طَوِيلَةٍ (تَنْشَعِبُ) أَيْ تَتَفَرَّعُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّائِغَةِ الْمُسْتَطِيلَةِ (مُسْتَطِيلَةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ) إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَا لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ طَرِيقِ الزَّائِغَةِ الْمُسْتَطِيلَةِ (فَتْحُ بَابٍ) فِي حَائِطِ دَارِهِمْ (فِي) السِّكَّةِ (الْمُنْشَعِبَةِ) لِأَنَّ فَتْحَهُ لِلْمُرُورِ وَلَيْسَ لَهُمْ حَقُّ الْمُرُورِ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ السِّكَّةِ الْمُنْشَعِبَةِ لِأَنَّهَا مِلْكٌ لَهَا بِأَجْزَائِهَا، فَمَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ الْأُولَى فَتْحَ بَابٍ فَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ طَرِيقًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَيُحْدِثَ لِنَفْسِهِ حَقَّ الشُّفْعَةِ فِيهَا فَيُمْنَعَ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا لِلرِّيحِ أَوْ الضَّوْءِ فَلَا يُمْنَعَ (وَفِي النَّافِذَةِ) الْمُنْشَعِبَةِ (وَمُسْتَدِيرَةٍ) هِيَ الَّتِي (لَزِقَ طَرَفَاهَا) يَعْنِي سِكَّةً فِيهَا اعْوِجَاجٌ حَتَّى بَلَغَ عِوَجُهَا رَأْسَ السِّكَّةِ، وَالسِّكَّةُ غَيْرُ نَافِذَةٍ (لَهُمْ) أَيْ لِأَهْلِ السِّكَّةِ الْأُولَى (ذَلِكَ) أَيْ فَتْحُ بَابٍ فِي الْمُنْشَعِبَةِ، أَمَّا النَّافِذَةُ فَلِأَنَّ الْمُرُورَ حَقُّ الْعَامَّةِ وَهُمْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَأَمَّا الْمُسْتَدِيرَةُ الَّتِي وُصِلَ طَرَفَاهَا بِهَا فَلِأَنَّهَا سِكَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ أَوَّلِهَا إلَى آخِرِهَا فَكَانَ الصَّحْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ حَتَّى لَوْ بِيعَتْ دَارٌ فِي الْمُسْتَدِيرَةِ تَكُونُ

ص: 175

الشُّفْعَةُ لِجَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ، قِيلَ هَذَا إذَا كَانَتْ مِثْلَ نِصْفِ دَائِرَةٍ أَوْ أَقَلَّ، أَمَّا إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَا يَفْتَحُ أَهْلُ الْأُولَى بَابًا فِيهَا لِكَوْنِهَا سِكَّةً عَلَى حِدَةٍ.

(وَمَنْ ادَّعَى هِبَةً فِي وَقْتٍ) يَعْنِي ادَّعَى رَجُلٌ شَيْئًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ وَهَبَ لَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي وَقْتِ كَذَا (فَسُئِلَ بَيِّنَةً) أَيْ فَسَأَلَهُ الْقَاضِي بَيِّنَةً لِإِنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَقَالَ) الْمُدَّعِي (جَحَدَنِي) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (الْهِبَةَ فَاشْتَرَيْته مِنْهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ) الْمُدَّعِي (ذَلِكَ) أَيْ جَحَدَنِي الْهِبَةَ (فَبَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ بَعْدَ وَقْتِ الْهِبَةِ يُقْبَلُ) بُرْهَانُهُ فِي الْفَصْلَيْنِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى فِي الْحَقِيقَةِ هُوَ الشِّرَاءُ بَعْدَ الْهِبَةِ.

(وَلَوْ) بَرْهَنَ عَلَى الشِّرَاءِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ وَقْتِ الْهِبَةِ (لَا يُقْبَلُ) بُرْهَانُهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَوَّلًا أَنَّهَا - أَيْ الدَّارَ مَثَلًا - وَقْفٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ أَوْ ادَّعَاهَا لِغَيْرِهِ، ثُمَّ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ بِخِلَافِ مَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ أَوَّلًا، ثُمَّ ادَّعَى الْوَقْفَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّوْفِيقَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مُمْكِنٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ لِجَوَازِ أَنْ يَقُولَ: وَهَبَ لِي مُنْذُ شَهْرٍ، ثُمَّ جَحَدَنِي الْهِبَةَ فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ مُنْذُ أُسْبُوعٍ، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ فَيَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ لِأَنَّ دَعْوَى الْهِبَةِ إقْرَارٌ بِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مِلْكُ الْوَاهِبِ قَبْلَ الْهِبَةِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى الشِّرَاءِ قَبْلَ وَقْتِ الْهِبَةِ، وَفِي التَّبْيِينِ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُمَا تَارِيخًا أَوْ ذَكَرَ لِأَحَدِهِمَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يُجْعَلَ الشِّرَاءُ مُتَأَخِّرًا.

وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ قَوْلَهُ " جَحَدَنِي الْهِبَةَ " إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَوْفِيقِهِ.

(وَمَنْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا اشْتَرَى جَارِيَتَهُ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ وَتَرَكَ هُوَ) أَيْ الْمُدَّعِي (خُصُومَتَهُ حَلَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعِي (وَطْؤُهَا) أَيْ وَطْءُ الْجَارِيَةِ وَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِإِقْرَارِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ، وَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا جَحَدَ الشِّرَاءَ كَانَ جُحُودُهُ لِلْبَيْعِ فَسْخًا مِنْ جِهَتِهِ، إذْ الْفَسْخُ رَفْعُ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ، وَالْجُحُودُ إنْكَارُ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ، وَبِهَذِهِ الْمُشَابَهَةِ جُعِلَ الْجُحُودُ مَجَازًا عَنْ الْفَسْخِ، لِمَا فِي التَّنْوِيرِ: جُحُودُ مَا عَدَا النِّكَاحَ فَسْخٌ فَلَوْ جَحَدَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ ادَّعَاهُ وَبَرْهَنَ يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ.

(وَمَنْ أَقَرَّ بِقَبْضِ عَشَرَةِ) دَرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ (وَادَّعَى أَنَّهَا) أَيْ الْعَشَرَةَ (زُيُوفٌ أَوْ نَبَهْرَجَةٌ صُدِّقَ) مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ تَقَعُ عَلَيْهِمَا، أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا بَيَّنَ ذَلِكَ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا (لَا) يُصَدَّقُ (إنْ ادَّعَى أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ) لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ لَا تَقَعُ عَلَيْهَا.

وَقَالَ صَاحِبُ الْمِنَحِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا سَتُّوقَةٌ لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ الْبَيَانُ مِنْهُ مَفْصُولًا وَصُدِّقَ إنْ كَانَ الْبَيَانُ مِنْهُ مَوْصُولًا (وَلَا) يُصَدَّقُ (إنْ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْجِيَادِ أَوْ حَقِّهِ أَوْ الثَّمَنِ أَوْ بِالِاسْتِيفَاءِ) لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ عِبَارَةٌ عَنْ قَبْضِ الْحَقِّ بِوَصْفِ التَّمَامِ، ثُمَّ فِي قَوْلِهِ قَبَضْتُ دَرَاهِمَ جِيَادًا لَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الزُّيُوفَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُولًا أَوْ مَفْصُولًا، وَفِيمَا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الثَّمَنَ أَوْ حَقَّهُ أَوْ اسْتَوْفَى، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ زُيُوفًا يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا صُدِّقَ

ص: 176

لِإِمْكَانِ التَّأْوِيلِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ - إنْ كَانَ مَوْصُولًا - صَحِيحٌ فِي الْكُلِّ، وَالتَّفْصِيلُ فِي الْمَفْصُولِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ أَقَرَّ بِقَبْضِ الْقَدْرِ وَالْجَوْدَةِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا اسْتَثْنَى كَانَ اسْتِثْنَاءَ الْبَعْضِ مِنْ الْكُلِّ فَصَحَّ مَوْصُولًا، كَقَوْلِهِ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا مِائَةً، أَمَّا إذَا أَقَرَّ بِقَبْضِ عَشَرَةٍ جِيَادٍ، فَقَدْ أَقَرَّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِلَفْظٍ عَلَى حِدَةٍ، فَإِذَا قَالَ: إلَّا أَنَّهَا زُيُوفٌ فَقَدْ اسْتَثْنَى الْكُلَّ مِنْ الْكُلِّ فِي حَقِّ الْجَوْدَةِ، كَقَوْلِهِ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ إلَّا دِينَارًا كَانَ بَاطِلًا، وَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا كَمَا فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ النِّهَايَةِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ لِلْمُصَنِّفِ التَّفْصِيلُ، تَدَبَّرْ.

(وَالزَّيْفُ مَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ) لِلْقُصُورِ فِي الْجَوْدَةِ إلَّا أَنَّهُ مَقْبُولٌ بَيْنَ التُّجَّارِ (وَالنَّبَهْرَجَةُ مَا يَرُدُّهُ التُّجَّارُ أَيْضًا) كَمَا يَرُدُّهُ بَيْتُ الْمَالِ لِلرَّدَاءَةِ، وَمَقْبُولَةٌ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ (وَالسَّتُّوقَةُ مَا غَلَبَ غِشُّهُ) أَيْ ظَاهِرُهَا فِضَّةٌ، وَوَسَطُهَا نُحَاسٌ أَوْ رَصَاصٌ وَهُوَ مُعَرَّبُ ستويه.

قَيَّدَ بِدَعْوَى الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ مَاتَ فَادَّعَى وَارِثُهُ أَنَّهَا زُيُوفٌ لَمْ تُقْبَلْ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْمُضَارَبَةِ أَوْ الْغَصْبِ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهَا زُيُوفٌ لَمْ يُصَدَّقْ الْوَارِثُ.

وَفِي التَّنْوِيرِ أَقَرَّ بِدَيْنٍ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَعْضَهُ قَرْضٌ وَبَعْضَهُ رِبًا وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ قُبِلَ بُرْهَانُهُ.

(وَمَنْ)(قَالَ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ) أَوْ قَالَ بَلْ هُوَ لَك أَوْ لِفُلَانٍ (ثُمَّ قَالَ) لَهُ (فِي مَجْلِسِهِ) ذَلِكَ (نَعَمْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ)(لَا يُقْبَلُ مِنْهُ بِلَا حُجَّةٍ) لِأَنَّ الْإِقْرَارَ قَدْ ارْتَدَّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ، وَالثَّانِيَ دَعْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُجَّةِ أَوْ تَصْدِيقِ الْخَصْمِ (بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَ مَنْ قَالَ لَهُ: اشْتَرَيْتَ مِنِّي هَذَا، ثُمَّ صَدَّقَهُ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ لَا يَنْفَرِدُ بِالْفَسْخِ فَلَا يَنْفَرِدُ بِالْعَقْدِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ حَقُّهُمَا فَبَقِيَ الْعَقْدُ فَعَمِلَ التَّصْدِيقُ أَمَّا الْمُقَرُّ لَهُ يَنْفَرِدُ بِرَدِّ الْإِقْرَارِ فَافْتَرَقَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَكِنْ أَوْرَدَ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ سُؤَالًا وَجَوَابًا فِي هَذَا الْمَحَلِّ، فَلْيُطَالَعْ.

(وَمَنْ قَالَ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا: مَا كَانَ عَلَيَّ شَيْءٌ قَطُّ فَبَرْهَنَ) الْمُدَّعَى (عَلَيْهِ بِهِ فَبَرْهَنَ هُوَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ قُبِلَ بُرْهَانُهُ) .

وَقَالَ زُفَرُ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُودِ، وَكَذَا الْإِبْرَاءُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ فَيَكُونُ مُنَاقِضًا.

وَلَنَا أَنَّ التَّوْفِيقَ مُمْكِنٌ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ قَدْ يُقْضَى وَيَبْرَأُ مِنْهُ، يُقَالُ قَضَى بِبَاطِلٍ، وَقَدْ يُصَالِحُ عَلَى شَيْءٍ فَيَثْبُتُ ظَاهِرًا، ثُمَّ يُقْضَى كَمَا يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ لَوْ ادَّعَى الْقِصَاصَ عَلَى آخَرَ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْقِصَاصِ، ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْعَفْوِ أَوْ الصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ، وَكَذَا فِي دَعْوَى الرِّقِّ بِأَنْ ادَّعَى عُبُودِيَّةَ شَخْصٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ، ثُمَّ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إعْتَاقَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ.

(وَإِنْ زَادَ عَلَى إنْكَارِهِ: وَلَا أَعْرِفُك) أَوْ لَا رَأَيْتُك أَوْ لَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَك مُعَامَلَةٌ أَوْ مُخَالَطَةٌ أَوْ مَا اجْتَمَعْتُ مَعَك فِي مَكَان (فَلَا) يُقْبَلُ بُرْهَانُهُ عَلَى الْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ بَيْنَ كَلَامَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُعَامَلَةٌ مِنْ غَيْرِ

ص: 177