المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَاب الْبُيُوع]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا بِغَيْرِ تَسْمِيَةٍ وَمَا لَا لَا يَدْخُلُ]

- ‌[بَابُ الْخِيَارَاتِ]

- ‌[خِيَار الشَّرْط]

- ‌[فَصَلِّ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ]

- ‌[بَيْع الطَّيْر فِي الْهَوَاء]

- ‌[بَيْع الْحَمْل أَوْ النِّتَاج]

- ‌[بَيْع اللَّبَن فِي الضَّرْع]

- ‌[بَيْع اللُّؤْلُؤ فِي الصَّدَف]

- ‌[بَيْع اللَّحْم فِي الشَّاة]

- ‌[بَيْع الْمُزَابَنَة]

- ‌[بَيْع الْمُحَاقَلَة]

- ‌[بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ وَإِلْقَاءِ الْحَجَرِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي قبض الْمُشْتَرِي الْمَبِيع بَيْعًا بَاطِلًا بِإِذْنِ بَائِعَة]

- ‌[بَيْع النَّجْش]

- ‌[بَاب الْإِقَالَة]

- ‌[بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان الْبَيْع قَبْل قبض الْمَبِيع]

- ‌[بَاب الربا]

- ‌[عِلَّة الربا]

- ‌[بَابُ الْحُقُوقِ وَالِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِحْقَاق]

- ‌[بَابُ السَّلَمِ]

- ‌[مَا يَصِحّ فِيهِ السَّلَم]

- ‌[شَرْط جَوَازِ السَّلَم]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى فِي الْبَيْع]

- ‌[كِتَاب الصَّرْف]

- ‌[كِتَاب الْكِفَالَة]

- ‌[أَرْكَان الْكِفَالَة]

- ‌[أَنْوَاع الْكِفَالَة]

- ‌[فَصَلِّ دَفْعِ الْأَصِيل الْمَال إلَى كَفِيلِهِ]

- ‌[بَابُ كَفَالَةِ الرَّجُلَيْنِ وَالْعَبْدَيْنِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[مَا تَصِحّ فِيهِ الْحَوَالَةِ]

- ‌[حُكْم السَّفْتَجَة]

- ‌[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كِتَابِ الْقَاضِي]

- ‌[فَصَلِّ قَضَاء الْمَرْأَة فِي غَيْر حَدّ وقود]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّحْكِيمِ]

- ‌[مَسَائِلُ شَتَّى مِنْ كِتَاب الْقَضَاء]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقَضَاءِ بِالْمَوَارِيثِ]

- ‌[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ مَا يَتَحَمَّلُهُ الشَّاهِدُ]

- ‌[بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ]

- ‌[بَابُ الِاخْتِلَافِ فِي الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[شُرُوط الْوَكَالَة]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام مِنْ يَجُوز لِلْوَكِيلِ أَنْ يَعْقِد مَعَهُ وَمنْ لَا يَجُوز]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ بِالْخُصُومَةِ وَالْقَبْضِ]

- ‌[بَابُ عَزْلِ الْوَكِيلِ]

- ‌[كِتَابُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابُ التَّحَالُف فِي الدَّعْوَى]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام دَفْعِ الدَّعَاوَى]

- ‌[بَابُ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي التَّنَازُعِ بِالْأَيْدِي]

- ‌[بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ]

- ‌[بَابُ إقْرَارِ الْمَرِيضِ]

- ‌[كِتَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي حُكْم الصُّلْح عَنْ وَعَلَى مجهول]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ فِي الدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ وَالتَّخَارِيجِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ]

- ‌[بَابٌ الْمُضَارِب يُضَارِب مَعَ آخِر]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ]

- ‌[كِتَاب الْوَدِيعَة]

- ‌[كِتَاب الْعَارِيَّةِ]

- ‌[كِتَاب الْهِبَة]

- ‌[شُرُوط صِحَّة الْهِبَة]

- ‌[أَرْكَان الْهِبَة]

- ‌[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الْهِبَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ مَسَائِلَ مُتَفَرِّقَة فِي الْهِبَة]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[فَصَلِّ أَحْكَام الْأَجِير وَأَنْوَاعه]

- ‌[بَاب فَسْخ الْإِجَارَة]

- ‌[مَسَائِل مَنْثُورَة فِي الْإِجَارَة]

- ‌[كِتَابُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[بَابُ تَصَرُّفِ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[فَصَلِّ إذَا وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَة مِنْ مَوْلَاهَا]

- ‌[بَابُ كِتَابَةِ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ]

- ‌[بَابُ الْعَجْزِ وَالْمَوْتِ]

- ‌[كِتَابُ الْوَلَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ وَلَاء المولاة]

- ‌[كِتَابُ الْإِكْرَاهِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْبُلُوغِ]

- ‌[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ]

- ‌[كِتَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[فَصَلِّ غَيْر الْغَاصِب مَا غَصْبه بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ مَسَائِلَ تَتَّصِلُ بِمَسَائِلِ الْغَصْبِ]

- ‌[كِتَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَصَلِّ اخْتِلَاف الشَّفِيع وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَن]

- ‌[بَاب مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَة وَمَالًا تجب]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا تَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَة]

- ‌[كِتَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُهَايَأَةِ]

- ‌[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[كِتَاب الْمُسَاقَاة]

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْمُسَاقَاة]

- ‌[كِتَابُ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَحِلُّ]

- ‌[كِتَاب الْأُضْحِيَّة]

- ‌[كِتَابُ الْكَرَاهِيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَكْلِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَسْبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام النَّظَر وَنَحْوه]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيَان أَحْكَام الِاسْتِبْرَاء]

- ‌[فَصَلِّ فِي بَيْع العذرة]

- ‌[الِاحْتِكَار فِي أقوات الْآدَمِيِّينَ]

- ‌[حُكْم التَّسْعِير]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُتَفَرِّقَات]

- ‌[كِتَاب إحْيَاء الْمَوَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الشُّرْب]

- ‌[فَصَلِّ فِي كري الْأَنْهَار]

- ‌[كِتَاب الْأَشْرِبَة]

- ‌[كِتَاب الصَّيْد]

- ‌[كِتَاب الرَّهْن]

- ‌[بَاب مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَالرَّهْنُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ]

- ‌[بَاب الرَّهْن يُوضَع عِنْد عَدْل]

- ‌[بَاب التَّصَرُّف فِي الرَّهْن وَجِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ مَسَائِل مُتَفَرِّقَة فِي الرَّهْن]

- ‌[كِتَاب الْجِنَايَات]

- ‌[بَاب مَا يُوجِبُ الْقِصَاص وَمَا لَا يُوجِبهُ]

- ‌[بَاب الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَسْقُط بِهِ الْقِصَاص]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَنْ قطع يَد رَجُل ثُمَّ قتله]

- ‌[بَابُ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ وَاعْتِبَارِ حَالِهِ]

- ‌[كِتَابُ الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة النَّفْس]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَام الشِّجَاجِ]

- ‌[فَصَلِّ فِي دِيَة الْجَنِين]

- ‌[بَاب مَا يَحْدُثُ فِي الطَّرِيق]

- ‌[فَصْل أَحْكَامِ الْقَتْلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَمَادِ]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الْبَهِيمَة وَالْجِنَايَة عَلَيْهَا]

- ‌[بَاب فِي جِنَايَة الرَّقِيق وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ]

- ‌[فَصَلِّ دِيَة الْعَبْد]

- ‌[فَصَلِّ جِنَايَة المدبر أَوْ أُمّ وَلَد]

- ‌[بَاب غَصْب الْعَبْد وَالصَّبِيّ والمدبر وَالْجِنَايَة فِي ذَلِكَ]

- ‌[بَاب الْقَسَامَة]

- ‌[كِتَاب الْمَعَاقِلِ]

- ‌[كِتَاب الْوَصَايَا]

- ‌[شَرَائِط الْوَصِيَّة]

- ‌[أَرْكَان الْوَصِيَّة]

- ‌[بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ]

- ‌[بَاب الْعِتْق فِي الْمَرَض]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة لِلْأَقَارِبِ وَغَيْرهمْ]

- ‌[بَاب الْوَصِيَّة بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَالثَّمَرَة]

- ‌[بَاب وَصِيَّة الذِّمِّيّ]

- ‌[بَاب الْوَصِيّ]

- ‌[فَصَلِّ شَهِدَ الْوَصِيَّانِ أَنْ الْمَيِّت أَوْصَى إلَى زَيْد مَعَهُمَا]

- ‌[كِتَاب الْخُنْثَى]

- ‌[مَسَائِل شَتَّى]

- ‌[كِتَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعُصُبَات]

- ‌[فَصَلِّ فِي الحجب]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْعَوْل]

- ‌[فَصَلِّ فِي ذَوِي الْأَرْحَام]

- ‌[فَصَلِّ فِي مِيرَاث الْغَرْقَى والهدمى]

- ‌[فَصَلِّ فِي الْمُنَاسَخَة]

- ‌[حِسَاب الْفَرَائِض]

- ‌[فَصَلِّ فِيمَا يَعْرِف بِهِ تداخل الْعَدَدَيْنِ]

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌[فصل في الحبس]

أَوْ جُوعٌ أَوْ عَطَشٌ أَوْ حَاجَةٌ) بِشَرْبَةٍ (كَفَّ عَنْ الْقَضَاءِ) قَالَ عليه الصلاة والسلام «لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ» .

وَفِي رِوَايَةٍ «وَهُوَ شَبْعَانُ» وَلِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى التَّفَكُّرِ، وَهَذِهِ الْأَعْرَاضُ تَمْنَعُ صِحَّةَ التَّفَكُّرِ فَلَا يُؤْمَنُ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْخَطَأِ وَيُكْرَهُ لَهُ صَوْمُ التَّطَوُّعِ يَوْمَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْجُوعِ، وَلَا يُتْعِبُ نَفْسَهُ بِطُولِ الْجُلُوسِ وَيَقْعُدُ طَرَفَيْ النَّهَارِ، وَإِذَا طَمِعَ فِي إرْضَاءِ الْخُصُومِ رَدَّهُمَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ أَنْفَذَ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ بَعْدَمَا ثَبَتَ ظُلْمٌ.

وَفِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ الْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَى الْقَاضِي بَعْدَ ظُهُورِ عَدَالَةِ الشُّهُودِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ يَأْثَمُ وَيَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ، وَيُعَزَّرُ وَيُكَفَّرُ إنْ لَمْ يَعْتَقِدْ افْتِرَاضَ الْقَضَاءِ بَعْدَ تَوَفُّرِ شَرَائِطِهِ.

(، وَإِذَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ الْخَصْمَانِ فَإِنْ شَاءَ قَالَ لَهُمَا) أَيْ لِلْخَصْمَيْنِ (مَا لَكُمَا، وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ) وَالسُّكُوتُ أَحْسَنُ كَيْ لَا يَكُونَ تَهْيِيجًا لِلْخُصُومَةِ وَقَدْ قَعَدَ لِقَطْعِهَا (وَإِذَا تَكَلَّمَ أَحَدُهُمَا أَسْكَتَ الْآخَرَ) لِأَنَّهُمَا إذَا تَكَلَّمَا جُمْلَةً لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَهْمِ.

[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]

فَصَلِّ لَمَّا كَانَ الْحَبْسُ مِنْ أَحْكَامِ الْقَضَاءِ وَتَعَلَّقَ بِهِ أَحْكَامٌ أَفْرَدَهُ فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ (وَإِذَا ثَبَتَ الْحَقُّ لِلْمُدَّعِي وَطَلَبَ) الْمُدَّعِي (حَبْسَ خَصْمِهِ فَإِنْ ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ لَا يَحْبِسُهُ) أَيْ لَمْ يُعَجِّلْ بِحَبْسِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْ كَوْنَهُ مُمَاطِلًا فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ فَلَعَلَّهُ طَمِعَ فِي الْإِمْهَالِ فَلَمْ يَسْتَصْحِبْ الْمَالَ (إلَّا إذَا أَمَرَهُ بِالْأَدَاءِ فَأَبَى) فَحِينَئِذٍ يَحْبِسُهُ لِظُهُورِ الْمُمَاطَلَةِ.

(وَإِنْ ثَبَتَ) أَيْ الْحَقُّ الَّذِي ادَّعَاهُ وَلَوْ دَانِقًا (بِالْبَيِّنَةِ حَبَسَهُ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالدَّفْعِ) إنْ طَلَبَ الْخَصْمُ حَبْسَهُ لِظُهُورِ الْمَطْلِ بِالْإِنْكَارِ.

وَقَالَ شُرَيْحٌ: يَحْبِسُهُ مِنْ غَيْرِ طَلَبِهِ (وَقِيلَ لَا) يُحْبَسُ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالدَّفْعِ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ رُبَّمَا تَعَلَّلَ بِهِ، وَيَقُولُ: مَا عَلِمْتُ إلَّا السَّاعَةَ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَصِفَةُ الْحَبْسِ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ بِهِ فِرَاشٌ وَلَا طَاقٌ وَلَا يُمَكِّنُ أَحَدًا أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ لِلِاسْتِئْنَاسِ إلَّا أَقَارِبَهُ وَجِيرَانَهُ وَلَا يَمْكُثُونَ عِنْدَهُ طَوِيلًا وَلَا يَخْرُجُ لِجُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَلَا لِجَمَاعَةٍ وَلَا لِحَجِّ فَرْضٍ وَلَا لِحُضُورِ جِنَازَةٍ وَلَوْ بِكَفِيلٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ يَخْرُجُ بِالْكَفِيلِ لِجِنَازَةِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَفِي غَيْرِهِمْ لَا يَخْرُجُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَلَا يَخْرُجُ لِمَوْتِ قَرِيبِهِ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُغَسِّلُهُ وَيُكَفِّنُهُ فَيَخْرُجُ حِينَئِذٍ لِقَرَابَةِ الْوِلَادِ.

وَفِي رِوَايَةٍ يَخْرُجُ وَإِنْ وُجِدَ مَنْ يُجَهِّزُهُ، وَلَا يُضْرَبُ الْمَحْبُوسُ لِأَجْلِ الدَّيْنِ إلَّا إذَا امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى قَرِيبِهِ فَيُضْرَبُ، وَلَا يُغَلُّ إلَّا إذَا خِيفَ أَنَّهُ يَفِرُّ فَيُقَيِّدُهُ، وَلَا يُجَرَّدُ وَلَا يُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِ الْحَقِّ إهَانَةً، وَتَعْيِينُ مَكَانِ الْحَبْسِ لِلْقَاضِي إلَّا إذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مَكَانًا آخَرَ (فَإِنْ ادَّعَى الْفَقْرَ حَبَسَهُ فِي كُلِّ مَا لَزِمَهُ

ص: 160

بَدَلَ مَالٍ) وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِ (كَالثَّمَنِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ الْأُجْرَةَ الْوَاجِبَةَ لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْمَنَافِعِ، وَشَمِلَ مَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَا عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ فَسْخِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا بِإِقَالَةٍ أَوْ خِيَارٍ، وَشَمِلَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَمَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَالْقَرْضِ) لِثُبُوتِ غَنَائِهِ بِحُصُولِ الْمَالِ فِي الصُّورَتَيْنِ (أَوْ) لَزِمَهُ (بِالْتِزَامِهِ كَالْمَهْرِ الْمُعَجَّلِ) قَيَّدَ بِالْمُعَجَّلِ لِأَنَّهُ لَا يُحْبَسُ فِي الْمُؤَجَّلِ وَيُصَدَّقُ فِي الْإِعْسَارِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَفِي الْأَصْلِ لَا يُصَدَّقُ فِي الصَّدَاقِ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَ مُؤَجَّلِهِ وَمُعَجَّلِهِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (وَالْكَفَالَةِ) إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الِالْتِزَامِ دَلِيلُ الْيَسَارِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَيَتَمَكَّنُ الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ حَبْسِ الْكَفِيلِ وَالْأَصِيلِ وَكَفِيلِ الْكَفِيلِ وَإِنْ كَثُرَ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: رَجَّحَ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ وَاجِبًا بَدَلًا عَمَّا هُوَ مَالٌ كَالْقَرْضِ وَثَمَنِ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْيَسَارِ، مَرْوِيٌّ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ خِلَافُ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ، وَذَكَرَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْإِفْتَاءُ فِيمَا الْتَزَمَهُ بِعَقْدٍ وَلَمْ يَكُنْ بَدَلَ مَالٍ، وَالْعَمَلُ عَلَى مَا فِي الْمُتُونِ لِأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالْفَتَاوَى فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمُتُونِ وَكَذَا يُقَدَّمُ مَا فِي الشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى، وَقِيلَ الْقَوْلُ لِلْمَدْيُونِ فِي الْكُلِّ، وَقِيلَ لِلدَّائِنِ فِي الْكُلِّ، وَقِيلَ يُحْكَمُ بِالزِّيِّ إلَّا فِي الْفُقَهَاءِ وَالْعَلَوِيَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (لَا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ) أَيْ لَا يُحْبَسُ الْمَدْيُونُ فِيمَا سِوَى تِلْكَ الْمَذْكُورَاتِ كَبَدَلِ الْغَصْبِ، وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ، وَأَرْشِ الْجِنَايَاتِ، وَالسَّرِقَةِ، وَالنَّفَقَةِ، وَإِعْتَاقِ الْإِمَاءِ الْمُشْتَرَكَاتِ، وَبَدَلِ الْكِتَابَاتِ إنْ ادَّعَى الْمَدْيُونُ الْفَقْرَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْآدَمِيِّ الْعُسْرَةُ، وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي أَمْرًا عَارِضًا وَهُوَ الْغَنَاءُ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ (إلَّا إذَا بَرْهَنَ خَصْمُهُ أَنَّ لَهُ مَالًا وَيَحْبِسُهُ) أَيْ الْقَاضِي الْمَدْيُونَ حِينَئِذٍ (مُدَّةً يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمَدْيُونِ (مَالٌ لَأَظْهَرَهُ هُوَ الصَّحِيحُ) وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الشَّخْصِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْمَالِ فَلَا مَعْنَى لِتَقْدِيرِهِ وَمَا جَاءَ مِنْ التَّقْدِيرِ بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ أَوْ شَهْرٍ اتِّفَاقِيٌّ وَلَيْسَ بِتَقْدِيرٍ حَتْمًا (وَقِيلَ) يَحْبِسُهُ (شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً) وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِمَا بَيَّنَّاهُ وَلَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ: حَلِّفْهُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنِّي مُعْسِرٌ يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَى ذَلِكَ، وَيُحَلِّفُهُ أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ إعْسَارَهُ فَإِنْ حَلَفَ حَبَسَهُ بِطَلَبِهِ، وَإِنْ نَكَلَ لَا يَحْبِسُهُ وَالْمُرَادُ مِنْ الْغَنَاءِ قُدْرَةٌ الْآنَ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ فَلَوْ كَانَ لِلْمَحْبُوسِ مَالٌ فِي بَلَدٍ آخَرَ يُطْلِقُهُ بِكَفِيلٍ، وَإِنْ عَلِمَ الْقَاضِي عُسْرَةً لَكِنْ لَهُ مَالٌ عَلَى آخَرَ يَتَقَاضَى غَرِيمَهُ فَإِنْ حَبَسَ غَرِيمَهُ الْمُوسِرَ لَا يَحْبِسُهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.

وَفِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْبِسُ الْمَدْيُونَ إذَا عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا غَائِبًا أَوْ مَحْبُوسًا مُوسِرًا، وَأَنَّهُ يُطْلِقُهُ إذَا عَلِمَ بِأَحَدِهِمَا، ثُمَّ يَسْأَلُ الْقَاضِي عَنْ الْمَحْبُوسِ بَعْدَ حَبْسِهِ بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ مِنْ جِيرَانِهِ فَإِنْ قَامَتْ عَلَى إعْسَارِهِ أَطْلَقَهُ وَلَا يَحْتَاجُ

ص: 161

إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَشَرْطِهِ.

وَالصُّغْرَى: فِي الْعَدْلِ الْوَاحِدُ يَكْفِي وَالِاثْنَانِ أَحْوَطُ، وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُخْبِرُ: إنَّ حَالُ الْمُعْسِرِينَ فِي نَفَقَتِهِ وَكِسْوَتِهِ وَقَدْ اخْتَبَرْنَا فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِسَمَاعِهَا حُضُورُ رَبِّ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا سَمِعَهَا وَأَطْلَقَهُ بِكَفِيلٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ) أَيْ لِلْمَحْبُوسِ (مَالٌ) بَعْدَ سُؤَالِهِ عَنْهُ (خَلَّى سَبِيلَهُ) أَيْ خَلَّى الْقَاضِي الْمَحْبُوسَ، لِأَنَّ عُسْرَتَهُ ثَبَتَتْ عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّ النَّظَرَ إلَى الْمَيْسَرَةِ لِلْآيَةِ، فَحَبْسُهُ بَعْدَهُ يَكُونُ ظُلْمًا (إلَّا أَنْ يُبَرْهِنَ خَصْمُهُ عَلَى يَسَارِهِ) بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَنَّهُ مُوسِرٌ قَادِرٌ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَالِ (فَيُؤَبِّدَ حَبْسَهُ) لِظُهُورِ أَنَّهُ يُصِرُّ عَلَى ظُلْمِهِ مِنْ مَنْعِ حَقِّ أَخِيهِ فَيُجَازَى بِتَأْبِيدِ حَبْسِهِ (وَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ عَلَى إعْسَارِهِ قَبْلَ حَبْسِهِ، عَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ) هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِلْإِثْبَاتِ لَا لِلنَّفْيِ إلَّا إذَا قَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ زَمَانٍ عَلَى عُسْرَةٍ فَتُقْبَلُ، لِأَنَّ الْعَسَارَ بَعْدَ الْيَسَارِ أَمْرٌ عَارِضٌ أَيْضًا فَيُخَلِّيهِ الْقَاضِي بِلَا كَفِيلٍ إلَّا فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَمَالِ الْوَقْفِ وَمَالِ الْغَائِبِ فَلَا يُطْلِقُهُ إلَّا بِكَفِيلٍ كَمَا فِي الْمِنَحِ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَطْلَقَ الْقَاضِي الْمَحْبُوسَ لِإِفْلَاسِهِ، ثُمَّ ادَّعَى آخَرُ مَالًا وَادَّعَى أَنَّهُ مُوسِرٌ لَا يَحْبِسُهُ حَتَّى يَعْلَمَ غِنَاهُ.

(وَيُحْبَسُ الرَّجُلُ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ) لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ الْإِنْفَاقِ فَلَا يُحْبَسُ فِي النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَلَكِنْ لَا تَسْقُطُ إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا أَوْ اصْطَلَحَ الزَّوْجَانِ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَدَلٍ عَنْ مَالٍ، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ بِعَقْدٍ (لَا وَالِدٌ فِي دَيْنِ وَلَدِهِ) أَيْ لَا يُحْبَسُ أَصْلٌ فِي دَيْنِ فَرْعِهِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِسَبَبِ وَلَدِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَهُ بِشَيْءٍ، وَهُوَ إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَامْتَنَعَ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِ وَلَدِهِ، وَقُلْنَا لَا يُحْبَسُ فَالْقَاضِي يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ، وَإِلَّا بَاعَهُ لِلْقَضَاءِ كَبَيْعِهِ مَالَ الْمَحْبُوسِ الْمُمْتَنِعِ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمَا بَيْعُ عَقَارِهِ كَمَنْقُولِهِ.

وَلَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ: أَبِيعُ عَرَضِي وَأَقْضِي دَيْنِي أَجَّلَهُ الْقَاضِي ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَوْ لَهُ عَقَارٌ يَحْبِسُهُ وَلْيَبِعْهُ، وَيَقْضِي الدَّيْنَ وَلَوْ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ.

قَيَّدَ بِدَيْنِ الْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يُحْبَسُ بِدَيْنِ أَصْلِهِ، وَيُحْبَسُ الْقَرِيبُ بِدَيْنِ قَرِيبِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (إلَّا إنْ أَبَى) الْوَالِدُ (مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَلَدِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُحْبَسُ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِحَاجَةِ الْوَقْتِ وَهُوَ بِالْمَنْعِ قَصَدَ إهْلَاكَهُ فَيُحْبَسُ لِدَفْعِ الْهَلَاكِ عَنْهُ، وَكَذَا الْمَوْلَى لَا يُحْبَسُ بِدَيْنِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، وَلَا يُحْبَسُ الْعَبْدُ لِدَيْنِ

ص: 162

الْمَوْلَى، وَالْمَوْلَى يُحْبَسُ بِدَيْنِ مُكَاتَبِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِنْسِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُحْبَسُ الْمُكَاتَبُ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ، وَيُحْبَسُ بِدَيْنٍ آخَرَ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ مَرِضَ) الْمَحْبُوسُ (فِي الْحَبْسِ لَا يُخْرَجُ) مِنْ الْحَبْسِ (إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْحَبْسِ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِيُضْجِرَ قَلْبَهُ فَيَتَسَارَعَ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَبِالْمَرَضِ يَزْدَادُ ضَجَرُهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَخْدُمُهُ فِيهِ (أُخْرِجَ) مِنْ الْحَبْسِ بِكَفِيلٍ لِئَلَّا يَهْلِكَ كَمَا لَوْ مَرِضَ مَرَضًا أَضْنَاهُ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُخْرِجُهُ، وَالْهَلَاكُ فِي السِّجْنِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ (وَلَا يُمَكَّنُ الْمُحْتَرِفُ مِنْ اشْتِغَالِهِ) بِالْحِرْفَةِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْحَبْسِ (هُوَ الصَّحِيحُ) وَقِيلَ: لَا يُمْنَعُ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَنَفَقَةَ عِيَالِهِ عَسَى تَكُونُ مِنْ ذَلِكَ.

وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَلَا يُؤَاجِرُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ آجَرَهُ وَأَدَّى دَيْنَهُ بِمَا سِوَى قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ (وَيُمَكَّنُ مِنْ وَطْءِ جَارِيَتِهِ إنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِي السِّجْنِ (خَلْوَةٌ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ: إنْ احْتَاجَ إلَى الْجِمَاعِ لَا يُمْنَعُ مِنْ دُخُولِ امْرَأَتِهِ أَوْ جَارِيَتِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِي السِّجْنِ مَوْضِعُ سُتْرَةٍ لِأَنَّ اقْتِضَاءَ شَهْوَةِ الْفَرْجِ كَاقْتِضَاءِ شَهْوَةِ الْبَطْنِ، وَقِيلَ يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ مِنْ فُضُولِ الْحَوَائِجِ، انْتَهَى.

فَعَلَى هَذَا الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يَقْتَصِرَ عَلَى الْجَارِيَةِ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وُصُولِ امْرَأَتِهِ كَذَلِكَ تَدَبَّرْ.

(وَإِذَا تَمَّتْ الْمُدَّةُ) لِلْحَبْسِ عَلَى الِاخْتِلَافِ (وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ خَلَّى سَبِيلَهُ) هَذَا تَكْرَارٌ لَكِنْ ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ) بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحَبْسِ عِنْدَ الْإِمَامِ (بَلْ يُلَازِمُونَهُ) لِأَنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ إلَى زَمَانِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْإِيفَاءِ وَذَلِكَ مُمْكِنٌ فِي كُلِّ سَاعَةٍ فَيُلَازِمُونَهُ كَيْ لَا يُخْفِيَهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَكْتَسِبُ فَوْقَ حَاجَتِهِ الدَّارَّةِ فَيَأْخُذُونَ مِنْهُ فَضْلَ كَسْبِهِ (وَلَا يَمْنَعُونَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالسَّفَرِ) تَفْسِيرٌ لِلْمُلَازَمَةِ يَعْنِي أَنَّهُمْ يَدُورُونَ مَعَهُ أَيْنَمَا دَارَ وَلَا يَمْنَعُونَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالسَّفَرِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ (وَيَأْخُذُونَ فَضْلَ كَسْبِهِ) بِلَا اخْتِيَارِهِ أَوْ يَأْخُذُهُ الْقَاضِي (وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ) لِاسْتِوَاءِ حُقُوقِهِمْ فِي الْقُوَّةِ لَكِنَّ الْمَدْيُونَ لَوْ آثَرَ أَحَدَ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بِاخْتِيَارِهِ فَلَهُ ذَلِكَ (وَالْمُلَازَمَةُ أَنْ يَدُورُوا مَعَهُ حَيْثُ دَارَ فَإِنْ دَخَلَ دَارِهِ) لَا يَدْخُلُونَ مَعَهُ، وَ (جَلَسُوا عَلَى الْبَابِ) إلَى أَنْ يَخْرُجَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَوْضِعُ خَلْوَةٍ.

(وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ لِرَجُلٍ عَلَى امْرَأَةٍ) وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا (لَا يُلَازِمُهَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ (بَلْ يَبْعَثُ امْرَأَةً) أَمِينَةً (تُلَازِمُهَا وَقَالَا إذَا فَلَّسَهُ الْحَاكِمُ) أَيْ إذَا حَكَمَ بِإِفْلَاسِهِ (يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَائِهِ) أَيْ يَأْمُرُهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا مُلَازَمَتَهُ (إلَى أَنْ يُبَرْهِنُوا أَنَّ لَهُ مَالًا) لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالْإِفْلَاسِ عِنْدَهُمَا يَصِحُّ فَتَثْبُتُ الْعُسْرَةُ

ص: 163